شرح الأربعين المكية (3)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف وفقنا الله وإياه لما يحبه ويرضاه: "عن الحارث بن مالك بن برصاء في الحديث الحادي عشر، قال سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا تغزى هذه بعد اليوم إلى يوم القيامة»" لا تغزى هذه بعد اليوم إلى يوم القيامة يقول أخرجه أحمد والترمذي وصححه الألباني، وأيضًا خرجه الحاكم والبيهقي والحميدي والطبراني وغيرهم، والراوي الحارث بن مالك الليثي المعروف بابن برصاء صحابي له حديث واحد، صحابي مقل ليس له إلا حديث واحد، ومثل هذا الصحابي كأبيض بن حمّال المأربي وغيرهما من المقلين لا تجدون من يقدح فيهم من المغرضين لا تجد المستشرقين ولا أذناب المستشرقين يقدحون في مثل هؤلاء المقلين، إنما يقدحون في المكثرين في أبي هريرة ونظرائه لماذا؟ لأنه يحتاج أن يقدح في ألف صحابي من المقلين ليكونوا بمثابة أبي هريرة فإذا قدحوا في واحد قدحوا في مروياته وقدحوا ما تضمنته هذه المرويات من الدين؛ لأن الهدف واضح القصد واضح وهو هدم الدين والقضاء عليه فهذا مثل هذا الراوي المقل ونظراؤه المقلون كثر من يروي إلا حديث أو حديثين فالمستشرقون ركزوا على أبي هريرة، وغيرهم من المبتدعة ركزوا على أبي هريرة، لماذا؟ لأنه ليس الهدف ليس الهدف أبا هريرة وإنما الهدف ما يرويه أبو هريرة وما تتضمنه هذه المرويات من الدين، فالهدف من القدح في أبي هريرة القدح في الدين لا أكثر ولا أقل، ولذلك ما تجد أحد يتعرض لمثل هذا لمثل هذا الصحابي، يقول: "«لا تغزى»" بصيغة المجهول ولا هذه نافية ولو كانت ناهية لحذف..، لحذفت الألف يقول: "«لا تغزى هذه»" يعني مكة "«بعد اليوم»" يعني الفتح يقول أهل العلم أن المراد أنها لا تعود دار كفر يغزى عليه ومن أجله أو لا يغزوها الكفار أبدًا إذ المسلمون قد غزوها مرات، يعني لماذا نحتاج إلى مثل هذا التأويل؟ أي لا تعود دار كفر فتغزى من قبل المسلمين أو أن الكفار لا يغزونها أبدًا احتجنا إلى مثل هذا لأن المسلمين قد غزوها مرات في زمن يزيد بن معاوية بعد وقعة الحرة وزمن عبد الملك بن مروان مع الحجاج وبعده، أيضًا في أوائل القرن الرابع في على يد القرامطة وحصل لها غزو، الذين غزوها من قبل الخلفاء من بني أمية من أجل أميرها ابن الزبير ولم يقصدوا من ذلك غزو مكة ولا غزو الكعبة؛ لأنهم مسلمون فغزيت مرارًا في زمن يزيد بن معاوية بعد وقعة الحرة وزمن عبد الملك بن مروان مع الحجاج، على أن من غزاها من المسلمين لم يقصدوها ولم يقصدوا البيت وإنما قصدوا ابن الزبير، ولو كانت الرواية لا تغز بحذف حرف العلة على النهي لم يُحتج إلى هذا التأويل، لم يحتج إلى هذا التأويل؛ لأنه يكون نهي لأن النفي ارتباطه بالإرادة الكونية والنهي ارتباطه بالإرادة الشرعية والإرادة الكونية لا بد من تحقق ما تعلق بها، وأما بالنسبة للإرادة الشرعية قد يتحقق وقد لا يتحقق، فلو كانت لا تغز بالنهي صارت إرادة شرعية وقد تغزى وقد لا تغزى كغيرها من المخالفات، ولو كان خبرًا بالنفي فإن الخبر لا يتخلف، والمحقق هنا أنه نفي يراد به النهي يراد به النهي، في المحلَّى لابن حزم قال: لا خلاف بين أحد من الأمة في أن مكة أعزها الله وحرسها لو غلب عليها الكفار أو المحاربون أو البغاة فمنعوا فمنعوا فيها من إظهار الحق أن فرضًا على الأمة غزوهم لا غزو مكة لا غزو مكة فإن انقادوا أو خرجوا فذاك فإن انقادوا أو خرجوا فذاك وإن لم يمتنعوا وإن لم يمتنعوا فإنهم يخرجون منها، يعني إذا كان بالمقدور إخراجهم فإنهم يخرجون منها فإن امتنعوا يعني لا يمكن أن يخرجوا منها فإنهم حينئذٍ يقاتَلون ولا خلاف في أنهم يقاتلون فيها وعند الكعبة يعني لو احتموا بالبيت نفسه فإنهم يقاتلون، يقول فكانت هذه الإجماعات وهذه النصوص وإنذار النبي -صلى الله عليه وسلم- بهدم ذي السويقتين للكعبة وبالضروري ندري أن ذلك لا يكون ألبتة إلا بعد غزو منه، وقد غزاها الحصين بن نمير والحجاج بن يوسف وسليمان بن الحسن القرمطي يقول: لعنهم الله أجمعين، وألحدوا فيها وهتكوا حرمة البيت، وهتكوا حرمة البيت.. إلى أن قال: ..فكان إخباره بما أخبر يعني في حديث بأن ذلك عن نفسه -صلى الله عليه وسلم- يعني لا تغزى من قبله -عليه الصلاة والسلام- هذا تأويل ابن حزم ولكن ابن حزم ضعف الحديث في موضع آخر من المحلى بالانقطاع وقال: لو صح لكان المراد بذلك أنه -عليه الصلاة والسلام- لا يغزوها أبدًا ولا يقتل هو قرشيًا بعد ذلك اليوم صبرًا فهذا من أعلام نبوته -صلى الله عليه وسلم- يقول: وبرهان صحة هذا التأويل هو قوله –تعالى:{وَلَا تُقَٰتِلُوهُمۡ عِندَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِيهِۖ فَإِن قَٰتَلُوكُمۡ فَٱقۡتُلُوهُمۡۗ كَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ } البقرة: ١٩١ فأخبر سبحانه أننا سنقاتَل فيه ونقتل ونُقتل فإذا لا تغزى هذه البلدة يعني مكة بعد اليوم إلى القيامة والتآويل التي ذكرها أهل العلم إما لكونها صارت بلد إسلام فلا يغزوها المسلمون، أو أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يغزوها وإلا فلو احتمى بها كفار أو محاربون أو بغاة فإنهم إن لم يخرجوا فإنهم يقاتَلوا والآية صريحة في هذا{ وَلَا تُقَٰتِلُوهُمۡ عِندَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِيهِ } البقرة: ١٩١ يعني لا تبدأوا أحدًا بالقتال لا تبدأوا أحدا بالتقال حتى يقاتل فإن قاتل فإنه يقتل، في الحديث الثاني عشر يقول: "عن المسور بن مخرمة ومروان قالا: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زمن الحديبية". مروان لا صحبة له فروايته مرسلة والمسور لم يحضر القصة فهي مرسل صحابي ومرسل الصحابي حجة وحكمه الوصل.
أما الذي أرسله الصحابي |
|
فحكمه الوصل على الصواب |
ونقل عليه الاتفاق وإن خالف أبو إسحاق الإسفراييني مع أن مروان والمسور صرحا في رواية بروايتها عن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووقع في بعض طرق الحديث ما يدل على أنه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يعني أنهما سمعا ذلك من عمر بن الخطاب "خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زمن الحديبية" الحديبية بالتخفيف وقد تشدد الحديبيّة لكن المعروف التخفيف يقول: قرية قريبة من مكة أكثرها في الحرم أكثرها في الحرم وجاء أن النبي -عليه الصلاة والسلام- في وقت الصلح كان سكنُه خارج الحرم فإذا أراد الصلاة دخل وهذا مما يستدل به الجمهور على أن المضاعفة في جميع الحرم هذا من أدلتهم، يقول: "حتى إذا كانوا ببعض الطريق" جاء في بعض الروايات حتى كانوا بغدير الأشطاط قريبًا من عُسفان "قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إن خالد بن الوليد بالغَميم»" بفتح المعجمة وحكى عياض فيها التصغير «الغُميم» وهل هو كراع الغميم أو غيره قولان للشُّراح "«في خيل لقريش»" بين ابن سعد أنه كان في مائتي فارس فيهم عكرمة بن أبي جهل "طليعةٌ"..، الطليعة مقدمة الجيش "فخذوا ذات اليمين" أي الطريق التي فيها خالد وأصحابه "فوالله ما شعر بهم خالد" فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة الجيش" القترة بفتح القاف والمثناة الغبار الأسود "فانطلق يركض نذيرًا لقريش" يعني خالد بن الوليد انطلق يركض مسرعًا نذيرًا لقريش يحذرهم مما رأى وينذرهم "وسار النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى إذا كان بالثنية" ثنيةُ المِرار مهبط الحديبية بالثنية "التي يُهبط عليهم منها بركت به راحلته" بركت به راحلته فقال الناس: حل حل وهي كلمة تُزجر بها الناقة إذا بركت لتسير "فألحت" بتشديد الحاء أي تمادت على عدم القيام من الإلحاح هم يزجرونها بقولهم حل حل وهي باركة لا تستجيب لزجرهم "فقالوا: خلأت القصواء" الخلاء بالمد كالحران للخيل، إذا قيل حرن الخيل يعني برك ورفض أن يقوم ويمشي، وكذلك الحران أيضًا يكون للحمير أيضًا وهو معروف إذا قيل حرن وقد يستعمله بعض الناس للصبي إذا رفض أن يستجيب لوالده ويمشي معه يقول حرن، وما زالت مستعملة إلى الآن، لكن خلأت الخلاء هذا للإبل «القصواء» بالمد اسم ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قيل كان طرف أذنها مقطوعًا والقصو قطع طرف الأذن وقيل سميت بذلك لأنها تسبق النوق تسبق الإبل وتكون بالنسبة للإبل في أقصى مكان عنها يعني بعيدة عنها لسبقها "فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ما خلأت القصواء وما ذلك لها بخلق»" يعني ليس من عادتها أنها تبرك ولا تستجيب «ما ذلك لها بخلق» يعني ليس بعادة لها، يقول أهل العلم وفيه جواز الحكم على الشيء بما عرف من عادته فيه جواز الحكم على الشيء بما عرف من عادته وإن جاز أن يطرأ عليه غيره يعني نظير القواعد هناك قواعد تسمى قاعدة ومنها ما هو قاعدة كلية لا يخرج عنها من أفرادها شيء ومن القواعد ما هو قواعد أغلبية القاعدة تضم فروع كثيرة جدًا لكن قد يخرج عنها شيء وهذا لا يخرجها عن كونها قاعدة، وهنا قالوا هي خلأت يعني حرنت، بركت، زُجرت ما ازدجرت حاولوا فيها ما استطاعوا، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: "«ما خلأت القصواء وما ذلك لها بخلق»" يعني هل يقال أنه خالف الواقع؟ لا الحكم للغالب "«ما ذلك لها بخلق»" يعني بعادة، ويقول أهل العلم في ذلك جواز الحكم على الشيء بما عرف من عادته وإن جاز أن يطرأ عليه غيره فإذا وقع من شخص هفوة لا يُعهد منه مثلها لا ينسب إليها ويرد على من نسبه إليها، يعني لو أن عالمًا من أهل العلم عُرف بذلك زمنًا طويلاً وعلى الجادة على طريقة واضحة وخط واضح مستقيم لا يعرف له شذوذ ولا ما يستنكر ولا مخالفة لأهل العلم ثم بعد ذلك خالف مرة من المرات شذّ بقول من الأقوال هل يمكن أن يقال أنه صاحب شواذ؟ أو رجل شاذ تفرد عن أهل العلم بسبب مسألة واحدة؟ لا، إنما ينظر إلى العادة والقاعدة المطّردة عنده ولا بد أن يحصل شيء لأنهم وإن كانوا على هدى مستقيم من الله -جلَّ وعلا- وعلى صراطه المستقيم إلا أنهم ليسوا بمعصومين تحصل الهفوة تحصل الزلة وقد تكون هذه الهفوة لحكمة إلهية لأن بعض العلم يترقى في العلم والعمل وفي نظر الناس إليه والاقتداء به بحيث يصل إلى ما يقرب من الافتتان ثم تحصل منه هفوة لطفًا به وبغيره يعني نعرف الأئمة الكبار حصل لهم ما حصل يعني في القديم والحديث لماذا؟ من أجل هذا، خشية أن يُفتن أو يفتتن به، لماذا عزل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- خالد بن الوليد من القيادة وولى أبا عبيدة؟ لأن خالد ما دخل في معركة إلا ينتصر فهذا يخشى عليه أولاً قبل الناس ثم يخشى على الناس أن يفتتنوا به فعمر أراد أن يحسم هذه المادة ورأينا من من الشيوخ ممن هم على الجادة وعلى خير عظيم في العمل والعمل ومع ذلك يحصل منهم ما يجزم به طلاب العلم أن هذا السنة الإلهية إنما هي رفقًا به ورفقًا بغيره، بخلاف من من عرف منه تتبع الشواذ من الفتاوى ومخالفة الناس ليعرف وليقال مثل هذا ينسب إلى الشذوذ ما فيه مانع، لكن الشأن فيمن كان على الجادة وحصلت منه هفوة أو زلة لحكمة وإرادة إلهية، يقول: "«ولكن حبسها حابس الفيل»" ولكن حبسها حابس الفيل، من حابس الفيل؟ الله -جلَّ وعلا- وهل يجوز أن نقول من أسمائه الحسنى حابس الفيل؟ لماذا؟ لأن هذا خبر والأسماء توقيفية دائرة الإخبار معروف أنها أوسع من دائرة الصفات والصفات أوسع من الأسماء فالأسماء أضيق من الصفات والصفات أضيق من الإخبار ولذلك من باب الإخبار يقول أهل العلم في تعريف النية: النية في اللغة: القصد يقال نواك الله بخيرٍ أي قصدك، ويتتابعون هذا الكلام لأنه من باب الإخبار يتناقلون هذا الكلام ولا يستنكرونه لأنه من باب الإخبار لكن هل نقول أن الله يوصف بأنه ينوي من خلال هذا الكلام؟ أو يسمى بأنه الناوي؟ لا، "«ولكن حبسها حابس الفيل»" أي حبسها الله -عزَّ وجل- عن مكة كما حبس الفيل عن دخولها واستبعد المهلب جواز هذه الكلمة حابس الفيل يعني لأن الأسماء توقيفية استبعد هذه الكلمة حابس الفيل وتُعقب بجواز ذلك بجواز ذلك؛ لأنه من باب الإخبار ولكن الممنوع التسمية بهذا، وفي ذلك أن التسمية والتشبيه لا يلزم فيه مساواة المشبه بالمشبه به، القصواء حبست والفيل حبس، ووجه الشبه في الحبس بين هاتين الدابتين وإن كان النبي -عليه الصلاة والسلام- وأصحابه على الحق وأصحاب الفيل على باطل يعني ما يلزم من ذلك مساواة المشبه للمشبه به من كل وجه فالنبي -عليه الصلاة والسلام- على الحق وأبرهة وأصحابه على الباطل أصحاب الفيل لكن وجه الشبه في القصتين الحبس كلاهما حبس عن هذا البلد المعظم، ثم قال -عليه الصلاة والسلام-: "«والذي نفسي بيده»" وفيه إثبات اليد لله -جلَّ وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته وكثير من الشراح يقولون روحي في تصرفه، روحي في تصرفه والكلام بحده ذاته لكن إن كان الهدف منه الفرار من إثبات الصفة وهو مردود وإن كان مع إثبات الصفة فهو صحيح لأنه لا يوجد أحد روحه ليست في تصرف الله -جلَّ وعلا- فإذا عرفنا من كلام من يشرح هذه الجملة بروحي في تصرفه أنه لا يثبت الصفات قلنا كلامك مردود، كلامك مردود؛ لأنك بهذا تفرد من إثبات الصفة وإذا عرفنا أنه ممن يثبت الصفات قلنا الكلام صحيح ما فيه أحد روحه ليست في تصرف الله -جلَّ وعلا- لكن في الخبر إثبات اليد لله -جلَّ وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته، وفيه تأكيد القول باليمين فيه تأكيد القول باليمين، ليكون أدعى للقبول وقد حفظ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- الحلف في أكثر من ثمانين موضعًا كما قاله ابن القيم في الهدي في زاد المعاد "«والذي نفسي بيده لا يسألوني»" وفي رواية: "«لا يسألونني»" بنون الوقاية "«خطة»" بضم الخاء أي خصلة أو قضية أو أمر من الأمور "«يعظمون فيها حرمات الله»" يعني التي منها تعظيم هذا البيت المعظم شرعًا "«يعظمون فيها حرمات الله»" أي من ترك القتال في الحرم وفي رواية «يسألونني فيها صلة الرحم» وهي من جملة حرمات الله "«إلا أعطيتهم إياها» أي أجبتهم إليها "ثم زجرها فوثبت" زجرها النبي -عليه الصلاة والسلام- فوثبت، فصار بروكها سببًا لهذا القول صار بروكها سببًا لهذا القول فلما انتهى ما يراد من السبب زجرها النبي -عليه الصلاة والسلام- فوثبت يعني قامت بقوة وشدة، ثم بعد هذا قال في الحديث الثالث عشر "عن عياش بن أبي ربيعة قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة حق تعظيمها فإذا تركوها وضيعوها هلكوا»" أخرجه الإمام أحمد وابن ماجه وحسنه الحافظ ابن حجر، "«لا تزال هذه الأمة»" المراد أمة الإجابة المراد أمة الإجابة أن أمة النبي -عليه الصلاة والسلام- جميع الثقلين من بعثته إلى قيام الساعة لكنهم ينقسمون إلى قسمين: أمة دعوة وأمة إجابة، فالذين استجابوا له ودخلوا في دينه هم أمة الاستجابة، وأمة الإجابة هو المراد هم المرادون هنا بخير يعني «بخير» عظيم فالتنوين للتعظيم فالتنوين للتعظيم "«ما عظموا»" ما: مصدرية يعني مدة تعظيمهم مدة تعظيمهم "«هذه الحرمة»" أي: حرمة مكة وحرمة حرمها المعهودة عند العرب "«حق تعظيمها»" حق تعظيمها يعني عظموها بكل ما جاء في النصوص من الحقوق وما يقاس عليها مما لا يخرج ذلك إلى حد الغلو المنهي عنه شرعًا أو فعل ما لا يليق إلا بالله -جلَّ وعلا- من صرف بعض أنواع العبادة لهذه البلدة ولهذا البيت المعظم، "«فإذا ضيعوا ذلك»" تركوها وضيعوا تركوا ذلك التعظيم وما ذكر من الحرمة «هلكوا» بالإهانة لأنهم بتركهم للتعظيم أهانوا..، بتركهم تعظيم هذه الحرمة أهانوها، فإذا أهانوا ما يستحق التعظيم عند الله -جلَّ وعلا- عابقهم بجنس عملهم الجزاء من جنس العمل بالإهانة { جَزَآءٗ وِفَاقًا } النبأ: ٢٦ ، بعد هذا في الحديث الرابع عشر "عن عبد الله بن زيد بن عاصم"، عبد الله بن زيد عبد الله بن زيد، فيه ابن عاصم وفيه ابن عبد ربه، عبد الله بن زيد بن عبد ربه هذا راوي الأذان راوي الأذان وعبد الله بن زيد بن عاصم هذا راوي الوضوء وبينهما فرق ووهم من جعلهما واحدًا، "عن عبد الله بن زيد بن عاصم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن إبراهيم حرم مكة ودعا لأهلها»" إن إبراهيم حرم مكة يقول النووي يقول النووي: هذا دليل لمن يقول أن تحريم مكة إنما كان في زمن إبراهيم -عليه السلام- دليل لمن يقول أن تحريم مكة إنما كان في زمن إبراهيم -عليه السلام- والصحيح أنه كان كما تقدم يوم خلق الله السموات والأرض، وعلى هذا فيحمل ما جاء في حديث الباب "«إن إبراهيم حرم مكة»" على أمرين أو على أحد أمرين أحدهما: أنه حرمها بأمر الله تعالى بذلك لا باجتهاده فلهذا أضاف التحريم إليه تارة وإلى الله تارة، مرة يضاف التحريم إلى إبراهيم ومرة إلى الله -جلَّ وعلا- لأنه بأمر الله -جلَّ وعلا- والثاني: أنه دعا لها فحرمها الله تعالى بدعوته فأضيف التحريم إليه لذلك، كذا قال النووي، لكن هذان الاحتمالان لا يتفقان مع كون الله -جلَّ وعلا- حرمها يوم خلق السموات والأرض اللهم إلا أن يكون قد قدر ذلك قدر ذلك يوم خلق السموات والأرض ولكنه لم ينزل هذا التحريم ولم يبلغ هذا التحريم إلا على يد خليله -عليه السلام- في الحديث الذي تقدم في الحديث الثامن: «فإن هذا بلد حرّمه الله يوم خلق السموات والأرض وهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة» وقلنا بالأمس أن الجمع يمكن بأن الله حرمها كما في هذا الحديث يوم خلق السموات والأرض قبل زمن إبراهيم لكنه قبل زمن إبراهيم أيضًا اندرس هذا التحريم فأظهره إبراهيم-عليه السلام- وشهره، فالحديث محمول على أن تحريمها السابق يوم خلق السموات والأرض استمر التحريم في الأمم من لدن آدم إلى نوح إلى أن قرب وقت إبراهيم اندرس هذا التحريم ونسي بين الأمم ثم أحياه إبراهيم -عليه السلام- يعني كما في حديث: «من سن في الإسلام سنة حسنة» من سن في الإسلام سنة حسنة، يعني سنة مقررة في شرع الله وكلام الله وكلام نبيه -عليه الصلاة والسلام- يعني سبق لها شرعية في الكتاب والسنة، لكن هذه السنة اندرست ونسيها الناس ثم أحياها فيكون كأنه قد سنها وإلا من يسن سنة ويبتكر طريقة لم يسبق لها شرعية من الكتاب والسنة هذا مبتدع لا يمدح بقوله فله أجرها وأجر من عمل بها، لكنها سنة ثابتة ثابتة بالنص فاندرست ونسيها الناس وعفا عليها الزمن ثم بعد ذلك يحييها من يحييها، "«وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة»" وهذا الحديث حجة للجمهور في تحريم صيد المدينة وشجرها وأباح ذلك أبو حنيفة رحم الله الجميع، واحتج له بحديث: «يا أبا عمير ما فعل النغير» يا أبا عمير ما فعل النغير طائر مع صبي صغير أخٍ لأنس بن مالك من أمه، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يداعبه ويقول: «يا أبا عمير ما فعل النغير» وترك بيده أجيب عن هذا الحديث بجوابين أحدهما أنه يحتمل أن يكون قبل تحريم صيد المدينة وشجر المدينة والثاني يحتمل أنه صاده من الحل لا من حرم المدينة صيد من الحل وأدخل الحرم على خلاف بين أهل العلم فيما يصاد من الحل أو يشتى من الحل ثم يدخل الحرم هل يجوز قتله أو لا يجوز؟ مسألة معروفة، والمشهور عند الجمهور أنه لا ضمان في صيد المدينة وشجرها بل هو حرام بلا ضمان يعني ليس مثل صيد مكة أو شجر مكة وقيل: يُضمن كحرم مكة وقيل: يسلب القاتل للصيد والقاطع للشجر كما في حديث سعد بن أبي وقاص وفي الحديث: "«وإني دعوت في صاعها ومدها»" أي: فيما يستعمل فيه الكيل أي فيما يكال لأن الصاع والمد مكيالان معروفان وقد ألغي الكيل وأقيم مقامه الوزن على أن الوزن لا يكفي في انتفاء الربا ولو تساوت الموزونات في المكيل يعني لو بعت كيلو تمر بكيلو تمر نقول هذا مثلا بمثل أو كيلو بر قمح بكيلو قمح، هل نقول هذا مثل بمثل؟ لا، لا، لأن الحبوب التمر والقمح وغيرها مكيلة فلا يكال الموزون ولا يوزن المكيل ولا تتحقق المساواة في المكيلات إلا بالكيل ولا في الموزونات إلا بالوزن لأنك تأتي بكيلو تمر من نوع ثقيل وكيلو تمر من نوع خفيف أو عيش فيتساوى يتساويان في الوزن لكن إذا كلت صار أحدهما أقل من الآخر والعكس في الموزونات وألغيت المكاييل اتفق الأمم والشعوب على إلغائها وإنزال الموازين مكانها ورتب على ذلك عقوبات في بعض الأنضمة في بعض الدول والشيخ علي الطنطاوي في مذكراته يقول أنه كان قاضيًا في جهة من الجهات فجيء بشخص اتُّهم بحيازة صاع هذه دعوى المدعي العام يدعي عليه أنه قبض عليه وهو في بيته صاع، يقول الشيخ فقلت له هل أنت تستعمل هذا الصاع في الكيل أو على أساس أنه إناء من الأواني مثل القدر ومثل غيره ومثل الإناء يطبخ فيه والإناء الذي يشرب فيه يريد أن يلقنه حجة تعفيه من العقوبة ولا شك أن وجود مثل هذا لا سيما في قضاء يدعى أنه شرعي من استحكام الغربة، من استحكام الغربة يعني الشيخ علي عفا الله عنا وعنه قاضي شرعي ومع ذلك يلقن المتهم بأن ينكر أن يكون هذا الصاع يستعمله في الكيل وإنما يستعمله فيما تستعمل فيه الأواني هذه غربة مستحكمة، نسأل الله -جلَّ وعلا- أن يعز دينه وينصر جنده "«بمثلي أو بمثلَي ما دعا إبراهيم لأهل مكة»" أي بضعف ما دعا به إبراهيم لأهل مكة والبركة في ثمار المدينة وفي أطعمتها شيء مشاهد ومحسوس ببركة دعوته -عليه الصلاة والسلام-، يقول بعضهم: المراد بالتحريم المنسوب لإبراهيم ومحمد «إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة»، المراد بالتحريم المنسوب لإبراهيم ومحمد -عليهما الصلاة والسلام- التبليغ، يعني تبليغ الحكم حكم الله -جلَّ وعلا- كما ينسب الحكم للقاضي؛ لأنه منفذه والحكم لله العلي الكبير بحكم الأصالة والحقيقة، فالحاكم حقيقة هو الله -جلَّ وعلا- ومن عداه من أنبيائه ورسله ومن يقوم مقامهم للفصل بين الناس إنما ينسب إليهم لأنهم يبلغون حكم الله -جلَّ وعلا-.
في الحديث الخامس عشر: "عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «استمتعوا بهذا البيت فقد هدم مرتين ويرفع في الثالثة»" أخرجه البزار وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والطبراني "«استمتعوا بهذا البيت»" وفي رواية: «من هذا البيت» ومن بمعنى الباء هنا و«هذا البيت» الكعبة غلب عليها هذا الاسم كالنجم للثريا والمراد من الاستمتاع به إكثار الطواف والحج والاعتمار والاعتكاف وغيرها «استمتعوا بهذا البيت» يعني من يتسنى له الإكثار من الترداد وزيارة هذا البيت فليفعل من تيسر له ذلك فليفعل ممن لا يطالب بحد معين أو تمنعه حكومات أو حدود أو ما أشبه ذلك يستغل هذه الفرصة من كان قريبًا منه فليستغل هذه الفرصة ومن كان مجاورًا له يستغل فرصة وجوده في هذا البلد وأنتم تلاحظون الزحام في مثل هذه الأيام وفي المواسم في رمضان وفي الحج فعلى ساكن هذه البلاد أن يستمتع من البيت في وقت قلة الناس، يعني الناس يقلون في بعض الأوقات فساكن هذا البلا عليه أن يستمتع بهذا البيت قبل أن يكثر الناس ويزاحموه لأن الطواف في هذه الأيام فيه مشقة يعني المكث في المسجد هذه الأيام مع كثرة الناس قد يشق على بعض الناس ومع ذلك هو لبعض الناس متعة لأن هذا من أيسر هذا بالنسبة لهم متيسر، لكن من سكن هذه البلدة لا شك أنه يمر بهم شهور ليس فيها زحام يستطيع أن يقبل الحجر يستطيع أن يطوف بالأسبوع بأقصر مدة، يستطيع أن يكرر الطواف مرارًا من غير مشقة، يستطيع أن يجلس بين صلاتين وهذا هو الرباط من غير أدنى مشقة فيه أوقات تستغل من ساكن هذه البلاد وما قرب منها ولذا الأمر بالاستمتاع بهذا البيت يعني استغلال الفرص استغلال الفرص وبعض الناس يفرط موجود في مكة ومع ذلك لا يتردد على هذا البيت ومع أنه في سعة، أوقات سعة، نعم في أوقات الزحام قد يعذر وقد يقال له أنت لو تركت المجيء إلى هذا البيت إلى وقت يقل فيه الناس لئلا تضيق على الناس ويضيقون عليك يعني المسألة لها وجه، لكن فيه أوقات وجئنا في بعض الأوقات يعني في هذه السنة وقبلها في السنة الماضية واستطعنا أن نقبل الحجر بسهولة، لكن الآن هل يستطيع أحد أن يقبل الحجر أو يقرب منه ما يستطيع فالذي يسكن في هذه البلدة على أن يستغل مثل هذه الأوقات ومثل هذه الغفلات ومثل هذه الغرات؛ لأنه قد يأتي يوم ما تستطيع إما لأمر في نفسك..، الآن أنت في قوة وفي شباب وفتوة لكن يأتي وقت من الأوقات قد لا تجد من يحملك ولا بوسيلة في وقت من الأوقات، فالوصية كما في هذا الحديث «استمتعوا بهذا البيت» «استمتعوا بهذا البيت» يقول: "«فقد هدم مرتين»" يقول ابن حجر: اختلف في عدد بناء الكعبة والذي تحصّل أنها بنيت عشر مرات يعني إلى زمنه أنها بنيت عشر مرات وفي زمنه -عليه الصلاة والسلام- هدمت مرتين وبنيت. «يرفع في الثالثة بهدم ذي السويقتين» والمراد بهدم حجارته ورفع ركنه الاقتصار على مرتين في الحديث قالوا: أراد هدمها عند الطوفان لأن الطوفان سوى ما على وجه الأرض إلى أن بناها إبراهيم -عليه السلام- وأريد هدمها في أيام قريش وإعادة بنائها وعمره -صلى الله عليه وسلم- خمس وثلاثون سنة، يعني عندما اختلفوا في وضع الحجر من يضعه في مكانه من القبائل ثم اتفقوا على أن على أن الذي يضعه أول داخل فكان النبي -عليه الصلاة والسلام- أول الداخل، فأمر بوضعه في رداء وأمر من كل قبيلة من يحمل هذا الرداء فوضعه في مكانه -عليه الصلاة والسلام- ما حصل بعد ذلك من هدم ابن الزبير وتشييد الكعبة على قواعد إبراهيم وإدخال الحجر ثم بعد ذلك هدمها في زمن الحجاج وإعادتها إلى ما كانت عليه في بناية قريش ثم بعد ذلك حصل لها ما حصل من تصدعات وترميمات إلى أن رممت قبل بضع سنوات كما هو معروف، فهذه الوصية على طالب العلم أن يحرص عليها لأنه ليس في كل عمر الإنسان يتيسر له مثل هذا الأمر بل عليه أن يغتنم الفرص في هذه العبادة وفي غيرها من العبادات عليه أن يغتنم خمسًا قبل خمس يغتنم الصحة قبل المرض يغتنم الشباب قبل الهرم يغتنم الحياة قبل الموت.
وفي الحديث السادس عشر: يقول: "عن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يولها ظهره شرقوا أو غربوا»" الحديث متفق عليه "«إذا أتى أحدكم»" في رواية: "«إذا أتيتم الغائط»" هو محل قضاء الحاجة الأصل فيه أنه المكان المطمئن المكان المنخفض وهو محل قضاء الحاجة لأن الناس يقصدونه لئلا يروا إذا نزلوا فيه حينما كان الناس يقضون حوائجهم في الخلاء ولم توجد الكنف في البيوت، محل قضاء الحاجة كني به عن الحاجة نفسها من بول أو غائط كراهية لاسمه فصار حقيقة عرفية غلبت على الحقيقة اللغوية غلبت على الحقيقة اللغوية "«فلا يستقبل القبلة»" المراد الكعبة "«لا يستقبل القبلة»" والمراد الجهة التي تستقبل في الصلاة "«ولا يولها»" بحذف الياء للجزم "«ظهره»" أي لا يجعلها مقابل ظهره ولمسلم: «لا يستدبرها» "«شرقوا أو غربوا»" يعني توجهوا إلى جهة الشرق أو الغرب توجهوا إلى جهة الشرق أو الغرب وهو خطاب لأهل المدينة ومن قبلتهم على سمتهم كالشام واليمن يعني من قبلته إلى الشمال أو إلى الجنوب هذا عليه أن يشرق أو يغرب، لكن من كانت قبلته إلى المشرق أو المغرب هذا عليه أن يجنب أو يشمل يعني يتجه إلى جهة المشال أو الجنوب يعني من كان في مصر يقال له شرق أو غرب؟ لا، من كان في نجد يقال له شرق أو غرب؟ لا، لأنه إن شرق أو غرب أصاب القبلة لكن من كان جهة المدينة ومن على سمتها هذا يقال لهم شرقوا أو غربوا وكذلك من كان في اليمن أو كان على سمتهم. المسألة مسألة استقبال القبلة وما جاء فيها من نصوص ومن خلاف لأهل العلم والتفريق بين الصحاري والبنيان والتفريق بين الاستقبال والاستدبار مسألة طويلة الذيول وكثيرة المناقشات بين أهل العلم ولكن حديث ابن عمر يدل على أن الاستدبار في البنيان جائز، الاستدبار؛ لأنه رأى النبي -عليه الصلاة والسلام- في بيت حفصة يبول مستقبل الشام مستدبر الكعبة منهم من يقول أن هذا ناسخ فيجوز الاستقبال والاستدبار مطلقًا ومنهم من يقول أن هذا خاص في البنيان لأنه في بيت حفصة ويبقى النهي للفضاء حينما لا يكون هناك ساتر ومنهم من يقول أن هذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ويبقى النهي لسائر الأمة لكن هذا لا يسلم من ضعف لماذا؟ لأن الاستقبال والاستدبار أكمل أو عدمه أكمل؟ أيهما أقرب إلى الكمال؟ عدمه يعني احترام هذه الجهة هو الكمال في هذه المسألة وكل كمال يطلب من الأمة فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به، لذا القول بأن هذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام- قول ضعيف، وأقرب الأقوال التفريق بين الفضاء والبنيان، ولكن هذا القول لا يعني أن الإنسان يستوي عنده الاستقبال والاستدبار في البنيان وعدمه لأن مثل هذا القول جعل بعض الناس لا يهتم عند بناء مسكن أن يجعل جهة قضاء الحاجة إلى القبلة أو أو استقبالاً أو استدبارًا لأنه مادام الراجح التفريق بين الفضاء والبنيان وهذا لا يعني إهدار الأقوال الأخرى لكن التحريم والإثم والمنع لا يلحق من استقبل أو استدبر في البنيان، لكن لا يعني هذا أن الأقوال الأخرى والأحاديث المطلقة ملغاة بالكلية، يعني الخروج من عهدة النص بيقين هو المطلوب من المكلف لكن لا يعني أنه يأثم إذا قضى حاجته مستقبلاً أو مستدبرًا في البنيان ولذا تجدون أثر الخلاف موجود في البلدان التي تتبع هؤلاء الأئمة الذين اختلفوا فمثلاً من يقول بالتفريق تجد عوام الناس لا يكترثون في بيوتهم بنوا هذه المراحيض إلى جهة القبلة أو إلى غيرها بينما من يرى أن المنع مطلق في البنيان وغيره تجد عوام الناس يتقون مثل هذا كالحنفية مثلاً، وعلى كل حال المسألة مسألة حكم شرعي حلال وحرام، في البنيان ليس بحرام، لكن ينبغي أن يتقى يعني لا يعني أن القول الآخر مهدر بالكلية لا حظ له من النظر فينبغي أن يتقى بقدر الإمكان، ولذلك يقول أبو أيوب: فوجدنا مراحيض في الشام بنيت نحو القبلة فننحرف قليلاً ونستغفر الله ونستغفر الله.
في الحديث الذي يليه في السابع عشر: "عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من لم يستقبل القبلة ولم يستدبرها في الغائط كتب له حسنة ومحي عنه سيئة»" أخرجه الطبراني في الأوسط وصححه الألباني، المراد من ذلك كما يفهم من سابقه تعظيم الجهة تعظيم الجهة في حالة الاستقبال والاستدبار النهي السابق يقتضي التحريم وتارك المحرم مثاب يعني منطوق هذا الحديث مؤكِّد لمفهوم الحديث السابق منطوق هذا الحديث مؤكد لمفهوم الحديث السابق لأن النهي يقتضي التحريم وتارك المحرم مثاب كما هو مقرر عند أهل العلم في حده في حد المحرم وهو أنه: ما يثاب تاركه يعاقب فاعله لكن يثاب تاركه فإذا ترك الاستقبال والاستدبار أثيب، وهذا ما يدل عليه منطوق هذا الحديث يعني مفهوم الحديث السابق أن تارك الاستقبال والاستدبار مثاب تارك المحرم مثاب، ومنطوق هذا الحديث صراحة يدل على أن من لم يستقبل ولم يستدبر في الغائط وكذلك البول فإنه يكتب له حسنة ويمحى عنه يعني أنه يثاب فمنطوق هذا الخبر مؤكد لمفهوم الذي قبله وفي الحديث الثامن عشر: يقول "عن حذيفة بن اليمان قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة تفله بين عينيه»" أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان وابن خزيمة والألباني، يقول المؤلف وقد جزم النووي الإمام بالمنع في كل حالة داخل الصلاة وخارجها سواء كان ذلك في المسجد أو غيره التفل إلى جهة القبلة بهذا الحديث ممنوع تعظيمًا لهذه القبلة وإكرامًا لها سواء كان داخل الصلاة أو خارجها داخل المسجد أو خارجه مع أنه جاء ما يدل على داخل الصلاة وجاء ما يدل على المنع في المسجد في الصحيح من حديث أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق أمامه» يعني إلى جهة القبلة «في الصلاة فإنما يناجي الله مادام في مصلاه ولا عن يمينه فإن عن يمينه ملكا وليبصق عن يساره أو تحت قدمه فيدفنها» وجاء في معناه أحاديث فمنها ما علل المنع بكونه يناجي الله -عزَّ وجل- ومنها ما كان علته كونه في المسجد البصاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها ومنها ما كان علته جهة القبلة كحديث الباب الذي معنا تعظيما لهذه الجهة ولذا جزم النووي بالمنع في كل حالة إلى جهة القبلة في كل حالة سواء كان داخل الصلاة وخارجها وسواء كان في المسجد أو غيره، يعني من الطرائف مسألة المناديل المناديل المستعملة في إزالة المخاط والبصاق وما أشبه ذلك كونها توضع في جهة القبلة هذا داخل في المنع نجد النفايات في بعض المساجد في جهة القبلة هذا بالنسبة لجهة القبلة أيضًا جهة اليمين «فإن عن يمينه ملكًا» يعني ينبغي للإنسان أن يجعل المناديل النظيفة في الجهة اليمنى فإذا استعملها وضعها في الجهة اليسرى اتقاء لمثل هذا وبعض الناس لا يفرق يضع نظيف والا مستعمل يمين والا شمال هذا ما يعنيه فينبغي أن يفرق بين هذه الجهات تبعًا لهذه النصوص الواردة في مثل هذا.
في الحديث التاسع عشر: يقول "عن أسامة بن زيد قال: دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البيت" عن أسامة بن زيد..، دخل أسامة بن زيد مع النبي -عليه الصلاة والسلام- البيت الكعبة فالنبي -عليه الصلاة والسلام- دخلها كما ثبت في الصحيحين وغيرهما دخل الكعبة وصلى فيها جاعلاً ساريتين عن يمينه والثالثة عن يساره وجعل الباب وراء ظهره -عليه الصلاة والسلام- وهذا أمر ما فيه إشكال ومتفق عليه، ثم بعد ذلك ندم -عليه الصلاة والسلام- على دخولها؛ لأنه إذا فعل فعلاً والمسلمون يقتدون به وقد لا يتيسر لكثير منهم الدخول فيجد في نفسه من الحرج ما يدعوه إلى المزاحمة أو يقع في نفسه شيء من الانكسار حيث لم يستطع أن يصنع ما صنعه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا من رفعه -عليه الصلاة والسلام- ورأفته بأمته ندم عند دخوله البيت من دخل معه؟ دخل معه أسامة بن زيد مولى ابن مولى هذا يدل على أن الإسلام هو النسب الصحيح والدين بقدر تمسك الإنسان به تكون قيمته فيه فأسامة بن زيد هو حِب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وابن حبه، قال "دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البيت فجلس فحمد الله وأثنى عليه" أردف أسامة من من الموقف من عرفة إلى جمع وفيهم من هو من هو أفضل منه من كبار الصحابة، ومنهم من هو أقرب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ومع ذلك يختصه بهذه المزايا ليبين أنه لا فرق لأحد على أحد إلا بالتقوى وهذا مولى ابن مولى وهو حبه وابن حبه، حتى حبس الناس في الانصراف من عرفة إلى أن جاء أسامة فرآه بعض من جاء من جهة اليمن فقالوا أمن أجل هذا الأسود الذي فيه ما فيه يحبس الناس؟ فابتلي من قال هذه المقالة بما ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب أن بعضهم ارتد، المقصود أن مثل هذه الأمور يعني هي الميزان الشرعي، هذا هو الميزان الشرعي لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى قال "دخلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البيت فجلس فحمد الله وأثنى عليه وكبر وهلل ثم مال إلى ما بين يديه من البيت فوضع صدره عليه وخده ويديه ثم كبر وهلل ودعا فعل ذلك بالأركان كلها ثم خرج فأقبل على القبلة وهو على الباب فقال: «هذه القبلة هذه القبلة»" يقول: خرجاه أبو داود مع أنه يعني من خلال البحث العاجل لا يوجد في سنن أبي داود إلا أن كان في بعض الروايات غير المتداولة لأن الروايات المتداولة معروفة يعني رواية ابن عبد رواية ابن داسا، رواية اللؤلؤي يعني في بعضها ما لا يوجد في بعض فالحديث في المسند وفي النسائي وابن خزيمة وصححه الألباني، أما دخوله -عليه الصلاة والسلام- البيت فمتفق عليه ودعاؤه فيه كذلك وصلاته فيه معروفة لكن وضع الصدر والخد واليدين في أركانه وهذا مما تفرد به زياد عن مجاهد قالوا وهو صدوق لا يحتمل تفرده، وجميع الرواة الثقات الأثبات الأئمة الأعلام ممن روى هذا الحديث لم يذكروا هذا الأمر فالذي يظهر أن هذا اللفظ شاذ، أما ما جاء بالنسبة للملتزم لم يثبت فيه حديث مرفوع يعني ما بين الركن والباب إلصاق الصدر واليدين لم يثبت فيه حديث مرفوع وإنما جاء عن ابن عمر وابن عباس فاستحبه جمع من أهل العلم لذلك في الحديث الأخير العشرين: "عن جبير بن مطعم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «يا بني عبد مناف يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار»" «يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار» أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه ابن ماجه وصححه الألباني والحاكم وابن خزيمة وابن حبان، يعني صححه جمع من أهل العلم قوله: "«يا بني عبد مناف»" خصهم بالخطاب دون سائر قريش لأن لعلمه بأن ولاية الأمر والخلافة ستؤول إليهم مع أنهم رؤساء مكة ومنهم وفيهم كانت السدانة والحجابة والسقاية والرفادة قاله الطيبي، "«يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت»" يعني بيت الله المراد به الكعبة "«وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار»" والمراد بذلك صلاة الطواف، ركعتي الطواف أو مطلقًا فيخص البيت من عموم أحاديث النهي فيصلي أو يطوف ثم يصلي لأن الصلاة هنا إما أن تحمل على ركعتي الطواف أو الصلاة المطلقة فيكون هذا مخصص للبيت من أحاديث النهي مع أن هذا الحديث قابلٌ للتقييد بأوقات النهي لأن عندنا "«أية ساعة شاء»" بما في ذلك أوقات النهي أية ساعة شاء» بما في ذلك أوقات النهي ولقائل أن يقول أن تقييد أحاديث النهي أو تخصيص أحاديث النهي بهذا الحديث ليس بأولى من تخصيص هذا الحديث بأحاديث النهي، ولذا الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- لما ترجم باب الطواف بعد الصبح وبعد العصر قال: وصلى عمر ركعتي الطواف بذي طوى معناه أنه طاف بعد صلاة الصبح وما صلى في وقت النهي ما صلى حتى خرج وقت النهي ولم يصلها إلا بذي طوى، وأورد الإمام البخاري تحت هذه الترجمة باب الطواف بعد الصبح وبعد العصر أحاديث النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر، فكأنه يرى عدم الصلاة في هذه الأوقات حتى بعد الطواف وقلنا أن تقييد أحاديث النهي أو تخصيص أحاديث النهي بهذا الحديث ليس بأولى من تخصيص هذا الحديث بأحاديث النهي لا سيما وأن أحاديث النهي أقوى وأصح من هذا الحديث وأقول لا سيما في الأوقات المغلظة الثلاثة فيه أوقات قصيرة مغلظة ثلاثة عقبة بن عامر يقول: ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول وحين تتظيف الشمس للغروب حتى تغرب هذه الأوقات مضيقة فيتقيها الإنسان بقدر الإمكان، ماذا عن الطواف وقت الخطبة خطبة الجمعة؟ يعني نجد أفراد من الناس يطوفون والإمام يخطب مع أن من في المسجد يلزمه الإنصات ويلزمه أن يستمع لهذه الخطبة ولا يمس الحصى مع أنه في الطواف سوف يزاول أذكار ويكبر كلما حاذى مع أنه لو طاف دار حول البيت سبع مرات ولم يتكلم بكلمة واحدة طوافه صحيح، فماذا عن الطواف وقت الخطبة؟ حديث: «أية ساعة شاء من ليل أو نهار» يقتضي أنه لا يمنع حتى في وقت الخطبة ما جاء في التشديد في شأن الخطبة يدل على أن الأمر أخص مما جاء في هذا الحديث، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
طالب: .....................
يعني ما احتيج إليه لا داعي له، يعني كف القدم تعظيم لكن إن احتيج إلى ذلك إن احتيج يعني الإنسان ما يستطيع يعني...
"
لا، القبر، الحجرة هو الذي أدخلها في المسجد في مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام-.
يقول: ولاقا معارضة من العلماء لكنه أنفذ أمره بقوة السلطة..
نعم خولف وعورض ومع ذلك لما استتب الأمر له وفعل ما فعل، تتابع العلماء والأئمة على الصلاة في المسجد النبوي من غير خلاف، فالصلاة صحيحة ولا إشكال فيها، ومنهم من يقول أنه مادام القبر..، لأن القاعدة عند أهل العلم أنه إذا كان المسجد أوّل ثم دفن فيه ينبش القبر وإذا كان القبر أولاً ثم بني عليه المسجد يهدم المسجد، وهنا لا هذا ولا هذا يعني ليست..، ليس القبر في المسجد بعد عمارته وليس المسجد على القبر بعد الدفن فيه وإنما ضم مكان إلى مكان، فعلى كل حال لو لو وفق الوليد ولم يفعل هذا ووفق من بعده وأخرج الحجرة عن المسجد كان هذا هو المطلوب ولو لم يكن فيه إلا سد الذريعة وجميع الأقطار الإسلامية التي فيها القبور في المساجد يتذرعون بهذا مع أن الفرق كبير يعني مساجدهم بنيت على قبور أو دفن الموتى فيها، وعلى كل حال لو لم يكن في المسألة إلا أن أئمة المسلمين كلهم صلوا في هذا المسجد من غير نكير ومن غير اختلاف ولم يتردد أحد منهم في صحة الصلاة فيه.
أنت مادمت في حدود الحرم وأنت في بلد الحرام وفي مسجده الحرام والمضاعفات حاصلة، لكن غشيانك لهذه البقعة المشرفة المعظمة لبيت الله -جلَّ وعلا- بالطواف والذكر والصلاة هذا أمر شرعي ومطلوب وتثاب عليه، فلا تهجر البيت فشكر هذه النعمة بغشيان هذه البقعة ومزاولة الأعمال الصالحة فيها.
نعم هكذا هذا ما توارثه الناس إلى يومنا هذا فتواتر العمل والتوارث على هذا على أن هذا هو أثر قدم إبراهيم -عليه السلام- ولهذا يسمى مقامه يعني الذي قام عليه.
إذا كانت عند أهل العلم مسافة قصر فهي تحتاج إلى شد رحل فيمنع في غير المساجد الثلاثة.
لا شك أن الموسيقى محرمة عند أهل العلم وفيه فتوى من اللجنة الدائمة في تحريمها ومنعها لا سيما في المساجد ومع الأسف أن نجد مثل هذه الموسيقى الداخلة في المنع مع بعض من ينتسب إلى العلم وينازعون في كونها من الموسيقى وبعضهم يحاج ويقول أن الموسيقى فيها خلاف بين أهل العلم، المقصود أن الفتوى على تحريمها وجاء في المعازف ما جاء من النصوص والنزاع في كون هذه النغمة موسيقية أو غير موسيقية يمكن أن يكون الحكم في هذه المسألة جرس الدواب الذي جاء النهي عنه فإن كانت مثله في الإطراب فتمنع وإن كانت دونه فالأمر فيه سعة.
الفرق كبير جدًا بين بلاد المسلمين مع ما فيها مع ما فيها من مخالفات وشيء من التضييق فرق شاسع بينها وبين بلاد الكفر، يعني بلاد الكفر تربية الأولاد على على المناظر الكفرية ومع صحبة أولاد اليهود والنصارى هذا أمر خطير جدًا، وكيفية تعليمهم والمحافظة عليهم وكثير من أولاد المسلمين ارتد عن الإسلام -نسأل الله السلامة والعافية- بسبب مخالطة الكفار والافتتان بهم. نكتفي بهذا القدر.
الجمع بين الاجتماع وعمل الطعام هذا هو النياحة، والعلة مركبة من الأمرين وأما الاجتماع بمفرده للتيسير على المعزين فهذا لا يظهر أنه من من النياحة، وصنع الطعام لأهل الميت لأهل الميت لا لغيرهم إنما هو لأهل الميت لأنهم جاءهم ما يشغلهم له أصل في الحديث الصحيح لكن التوسع في مثل هذا غير مرضي.
التفريق في أثر لا على مدخولها فإن كان ما دخلت عليه مرفوعًا فهي نافية، وإن كان مجزومًا فهي ناهية.
إن كانت الحاجة عامة للمسلمين فهذه تزال وإن كانت خاصة فمن احتاج إلى إزالتها يفدي يدفع ما قرر فيها.
إنما هو السبب يعني الحمام هذا هو السبب الذي اصطدم في السيارة أو القط هو الذي اعترض في الطريق إذا لم يقصد الإنسان الأذية فالإثم مرفوع عنه؛ لأن هذا من غير قصد ولا إرادة، لكن لو قتل حمامة ولو كان مخطئًا فعند أهل العلم هذا إتلاف وهي صيد في الحرم صيد تفدى إلا أن الآية تدل على أن من قتل الصيد متعمدًا متعمدًا فغير القاصد هذا غير متعمد، وأكثر أهل العلم على أنه يفدي لأن فيه إتلاف.
ما يغرسه بنوا آدم هذه مسألة معروفة عند أهل العلم وأن لهم أن يقطعوا ما غرسوا وأن يقطعوا منه ما شاؤوا، ومن أهل العلم من يطرد المنع في جميع الشجر ولا شك أن هذا أحوط إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك.
لا لا يدخل في التبني، والاحترام مطلوب من المسلمين كلهم ولا بد أن يسود التقدير والاحترام بين أفراد الأمة فالكبير أب والنظير أخ والصغير ابن.
هذا الحديث ضعيف، وما يذكر من قصة سعد بن عبادة وأنه بال في جحر فأصيب من قبل الجن.
نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة رميناه بسهم فلم نخطئ فؤاده
القصة أيضًا ضعيفة، وعلى كل حال إذا اطرد أنها مساكن الجن فتتقى ولو لم يرد فيها نص.
يعني يذكر عن ابن عباس أنه ترك مكة إلى الطائف لهذا السبب.
وهل هذا حجة للبعض في العدول عن المسجد الحرام إلى غيره؟
نعم هذه حجة لبعض من يرى أنه إذا صلى في المسجد الحرام تعرض لبعض الفتن ورأى بعض المنكرات فيصلي في مسجد الحي الذي لا يوجد فيه مثل هذا، وهذا عذر بلا شك لأن المسألة مسألة كسب حسنات أو كسب سيئات والإنسان بصدد كسب الحسنات فلا يضيع ما اكتسبه بهذه المناظر التي لا يستطيع تغييرها هذه حجة لبعض الناس والذي يستطيع أن ينكر يلزمه أن ينكر يتعين عليه أن يغشى هذه المحافل وينكر فيها لا يتذرع مثل ما قال بعض المنافقين لما أريد للغزو أنه إذا رأى بنات بني الأصفر يخشى ألا يصبر لا يجوز أن يتذرع بهذا ﮋ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨﭩ ﮊ التوبة: ٤٩ هذه ذريعة المنافقين إذا صدتهم عن الواجب يعني لو قيل لشخص لم لا تحج الفريضة قال والله أنا أخشى أن أفتتن، نقول والله عذرك مثل عذر المنافقين لكن في نفل الأمر فيه سعة في نفل يعني نفل مقابل التعرض لمثل هذه الفتن المسألة مسألة موازنة.
هذه تحتاج إلى مجاهدة تحتاج إلى مجاهدة وتصفية وتحتاج أيضًا إلى سد المنافذ الموصلة إلى القلب ومن أهمها طيب المطعم طيب المطعم، ومنها أيضًا التقليل بقدر الإمكان من الخلطة والفضول فضول الأكل فضول النوم فضول الكلام فضول الاستماع هذه من أعظم ما يستصلح به القلب كما قرر ذلك ابن القيم وغيره.
النبي -عليه الصلاة والسلام- ترك مكة لله -جلَّ وعلا- بأمره عز وجل، والهجرة تقتضي ألا يعود المهاجر إلى ما تركه لله -عزَّ وجل- وحدد النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد بعد حجته ثلاثة أيام لكل مهاجر لا يجوز له أن يبقى أكثر من ذلك فهذا شيء ترك لله فلا يجوز الرجوع فيه.