شرح مقدمة صحيح مسلم (10)

 

سم.

 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال الإمام مسلم- رحمه الله تعالى-:

حدثني عمرو بن علي وحسن الحلواني كلاهما عن عفان بن مسلم قال كنا عند إسماعيل بن علية فحدث رجل عن رجل فقلت إن هذا ليس بثبت قال فقال الرجل اغتبته فقال إسماعيل ما أغتابه ولكنه حكم أنه ليس بثبْت، وحدثني أبو جعفر الدارمي قال حدثنا بشر بن عمر قال سألت مالك بن أنس عن محمد بن عبد الرحمن الذي يروي عن سعيد بن المسيَّب فقال ليس بثقة، وسألت مالكا عن شعبة الذي روى عنه ابن أبي ذئب فقال ليس بثقة، وسألته عن صالح مولى التوأمة فقال ليس بثقة، وسألته عن أبي عن أبي الحويرث فقال ليس بثقة، وسألته عن حرام بن عثمان فقال ليس بثقة، وسألت مالك بن أنس عن هؤلاء الخمسة فقال ليسوا بثقة في حديثهم، وسألته عن رجل آخر نسيت اسمه فقال هل رأيته في كتبي قلت لا، قال لو كان ثقة لرأيتَه في كتبي، وحدثني الفضل بن سهل قال حدثني يحيى بن معين قال حدثنا حجاج قال حدثنا ابن أبي ذئب عن شرحبيل بن سعد قال وكان متهما، وحدثني محمد بن عبد الله بن قهزاذ قال سمعت أبا إسحاق الطالقاني يقول سمعت عبد الله بن المبارك يقول لو خيّرت بين أن أدخل الجنة وبين أن ألقى عبد الله بن محرر لاخترت أن ألقاه ثم أدخل الجنة فلما رأيته كان بعرة أحب إلي منه، وحدثني الفضل بن سهل قال حدثنا وليد بن صالح قال عبد الله بن عمرو قال زيد يعني بن أبي أنيسة لا تأخذوا عن أخي، وحدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي قال حدثني عبد السلام الوابصي قال حدثني عبد الله بن جعفر حدثني عبد الله بن جعفر الرقي عن عبيد الله بن عمرو قال كان يحيى بن أبي أنيسة كذابا، وحدثني أحمد بن إبراهيم قال حدثني سليمان بن حرب عن حماد بن زيد قال ذكر فرقد عند أيوب فقال إن فرقدا ليس بصاحب حديث، وحدثني عبد الرحمن بن بشر العبدي قال سمعت يحيى بن سعيد القطان ذكر عنده محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي فضعفه جدا فقيل ليحيى أضعف من يعقوب بن عطاء قال نعم ثم قال ما كنت أُرى أن أحدا يروي عن محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، حدثني بشر بن الحكم قال سمعت يحيى بن سعيد القطان ضعف حكيم بن جبير وعبد الأعلى وضعف يحيى بن موسى بن دينار وضعف يحيى بن موسى بن دينار.

عندك ابن؟

نعم.

الصواب حذفها وضعف يحيى بن سعيد القطان موسى بن دينار، عندك وحدثني بشر بن الحكم قال سمعت يحيى بن سعيد القطان ضعف حكيم بن جبير وعبد الأعلى، وضعَّف يحيى موسى بن دينار كلها فيها ابن؟ الذي يظهر أنها موجودة من القِدم كلمة ابن لكن يقول الشارح هكذا وقع في الأصول كلها وضعف يحيى بن موسى بإثبات لفظة ابن بين يحيى وموسى وهو غلط بلا شك، والصواب حذفها كذا قاله الحفاظ منهم أبو علي الغساني وجماعات آخرون، والغلط فيه من رواة كتاب مسلم لا من مسلم، ويحيى هو ابن سعيد القطان المذكور أولا فضعف يحيى بن سعيد حكيم بن جبير وعبد الأعلى وموسى بن دينار وموسى بن الدقان إلى آخره.

حدثنا بشر بن الحكم قال سمعت يحيى بن سعيد القطان ضعف حكيم بن جبير وعبد الأعلى وضعف يحيى موسى بن دينار وقال حديثه ريح، وضعف موسى بن الدهقان وعيسى بن أبي عيسى المدني قال وسمعت الحسن بن عيسى يقول قال لي لابن المبارك إذا قدمت على جرير فاكتب علمه كله إلا حديث ثلاثة لا تكتب حديث عبيدة بن معتب والسري بن إسماعيل ومحمد بن سالم.

يعني لا كتبت عنه حديث هؤلاء، إذا قدمت على جرير فاكتب علمه كله إلا حديث ثلاثة: لا تكتب حديث عبيدة بن معتب، والسري بن عثمان، ومحمد بن سالم يعني وجودهم مثل عدمهم المعنى واضح.

قال مسلم وأشباه ما ذكرنا من كلام أهل العلم في متهم رواة الحديث وأخبارهم وإخبارهم عن معايبهم كثير يطول الكتاب بذكره على استقصائه وفيما ذكرنا كفاية لمن تفهم وعقل مذهب القوم فيما قالوا من ذلك وبيّنوا، وإنما ألزموا أنفسهم الكشف عن معايب رواة الحديث وناقلي الأخبار وأفتوا بذلك حين سئلوا لما فيه من عظيم الخطر؛ إذ الأخبار في أمر الدين إنما تأتي بتحليل أو تحريم أو أمر أو نهي أو ترغيب أو ترهيب، فإذا كان الراوي لها ليس بمعدن للصدق والأمانة ثم أقدم على الرواية عنه من قد عرفه ولم يبين ما فيه لغيره ممن جهل معرفته كان آثما بفعله ذلك وغاشا لعوام المسلمين؛ إذ لا يؤمن على بعض من سمع تلك الأخبار أن يستعملها أو يستعمل بعضها ولعلها أو أكثرها أكاذيب لا أصل لها مع أن الأخبار الصحاح من رواية الثقات وأهل القناعة أكثر من أن يضطر إلى نقل من ليس بثقة ولا مقنع، ولا أحسب كثيرا ممن يعرج ممن يعرج من الناس على ما وصفنا من هذه الأحاديث الضعاف والأسانيد المجهولة ويعتد بروايتها بعد معرفته بما فيها من التوهن والضعف إلا أن الذي يحمله على روايتها والاعتداد بها إرادة التكثر بذلك عند العوام، ولئن يقال ما أكثر ما جمع فلان من الحديث وألف من العدد ومن ذهب ومن ذهب في العلم هذا المذهب وسلك هذا الطريق فلا نصيب له فيه وكان بأن يسمى جاهلا أولى من أن ينسب إلى علم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فيقول المؤلف- رحمه الله تعالى- في معرض كلامه عن الرواة الضعفاء منهم والثقات وأن الكلام فيهم ليس من الغيبة المحرمة بل هو مما أوجبه الله على من عرف ذلك لأنه عين النصيحة للدين وأهله؛ ولأن فيه حماية للشريعة، وحفظا للسنة، ودفاعا عنها فالقدح في الرواة واجب؛ لأن معرفة السنة معرفة صحيحها من ضعيفها مما أوجب الله تعالى على هذه الأمة، ولا يمكن حفظ الدين إلا بمعرفة السنة فتعلمها فرض كفاية، وحفظها وتبليغها فرض كفاية، ولا يتم هذا الفرض إلا بمعرفة نقلتها، وما يستحقه كل واحد من هؤلاء النقلة مما يمدح به أو يذم مما تقبل به روايته أو ترد، فقال- رحمه الله تعالى- "حدثني عمرو بن علي وحسن الحلواني كلاهما عن عفان بن مسلم" عفان مصروف أو غير مصروف؟ عفّان ما أصله؟

طالب: ...............

نعم لماذا؟ لأنه من العفة لا من العفن؛ لأنه إذا كانت النون زائدة منع من الصرف، وإذا كانت النون أصلية صرف، وكونه من العفة هو الأصل لا من العفن بخلاف أبان فأخذه من الإبانة وهو القطع أولى من أخذه من الإباء وهو الامتناع فصرف "كلاهما عن عفان بن مسلم قال كنا عند إسماعيل بن علية" بن إبراهيم المعروف بابن علية "فحدث رجل عن رجل فقلت إن هذا ليس بثبت" الثبت سيأتي في ألفاظ التعديل أن الثبت هو الثقة وهو الحافظ ثبْت بإسكان الباء، أما ثبَت بفتحها فهو الكتاب الذي يذكر فيه مؤلفه أسانيده الذي يذكره فيه أسانيده هذا يسمى ثبَت ثبَت فلان يعني أسانيد فلان "قال فقال الرجل اغتبته اغتبته" لأنك ذكرته بما يكره وهذه هي الغيبة، "قال إسماعيل ما اغتابه ولكنه حكم أنه ليس بثبت" وهذه مصلحة راجحة يغتفر فيها الكلام في عرضه؛ لأن الكلام في عرضه لا شك أنه إنما منع صيانة له وطلبه صيانة للدين، ولا شك أن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة، "وقال أبو جعفر الدارمي حدثنا بشر بن عمر قال سألت مالك بن أنس عن محمد بن عبد الرحمن الذي يروي عن سعيد بن المسيب قال: ليس بثقة"، سألت مالك بن أنس الإمام نجم السنن إمام دار الهجرة عن هذا الراوي والجرح صدر من أئمة أهل تحري وأهل تثبت وأهل ورع فالورع في مثل هذا الباب مذموم؛ لأنه كيف يتورع عن واجب فالإمام مالك نجم السنن إمام دار الهجرة يُسأل عن محمد بن عبد الرحمن الذي يروي عن سعيد بن المسيب فقال ليس بثقة، "وسألت عن صالح مولى التوأمة فقال ليس بثقة، وسألته عن أبي الحويرث فقال ليس بثقة، وسألته عن شعبة الذي روى عنه ابن أبي ذئب فقال ليس بثقة"، وشعبة هذا ليس هو أمير المؤمنين في الحديث شعبة بن الحجاج غيره الذي روى عنه ابن أبي ذئب فقال ليس بثقة، "وسألت عن حرام بن عثمان فقال ليس بثقة" ومن أهل العلم من يقول أن الرواية عن حرام حرام، ومثل هذا لا يتورع عنه أهل العلم الناصحون لدينهم ولنبيهم ولسنة نبيهم، إنما قد يتورع عنه بعض الجهال من العباد وهؤلاء في هذا الباب لا عبرة بهم، يعني كمن يتورع عن أكل الطعام من الحبوب مثلا لماذا؟ يقول لأن بعض المزارع أوقاف ومن مصارفها الصرف على الأيتام والأيتام قد يُظلمون فنحن نتورع عن أكل مثل هذا؛ لأن الأيتام الذين هم من مصارف بعض هذه المزارع الموقوفة قد يُظلمون فنحن نتورع لا نأكل، هذه وسوسة مع أن الذي يتورع عن مثل هذا ويحرم نفسه ولا يحرم ذلك على الناس أمره سهل، لكن يبقى أن كل شيء له وزنه في الشرع، يعني الذي يحرم يمنع من مثل هذه الأمور التي لا حقيقة لها وإن وجد احتمال فهو احتمال ضعيف يوجد نظيره وأكثر منه في كثير من نواحي الحياة، ما من شيء إلا وفيه احتمالات فالذي يتورع لا شك أنه لا نصيب له في التحقيق، أما من يتورع عن نقد الرجال والتوثيق والتضعيف مثل هذا لا التفات إليه ولا عبرة به؛ لأن أئمة هذا الشأن وهم أهل الحديث وهم الطائفة المنصورة والفرقة الناجية في قول الإمام أحمد هؤلاء فيهم مقنع وإقدامهم على مثل هذا العمل واتفاقهم عليه يدل على أنه لا يدخل في الغيبة المحرمة، "وسألته عن حرام بن عثمان فقال ليس بثقة، وسألت مالكا عن هؤلاء الخمسة فقال ليسوا بثقة في حديثهم، وسألته عن رجل آخر نسيت اسمه فقال هل رأيته في كتبي؟ قلت لا، قال لو كان ثقة لرأيته في كتبي" فمن هذا الكلام العام يؤخذ أن كل من روى عنه الإمام مالك فهو ثقة، وما يوجد في الأسانيد من أولها إلى آخرها من خلال هذا الكلام من خلال هذا التقعيد أن جميع ما في الموطأ من الرواة كلهم ثقاة؛ لأنه لو قال لو كان هل رأيته في كتبي هذا لا يختص بشيوخه إنما يشمل جميع الأسانيد في كتبه، فإذا روى له الإمام مالك وخرج له حديثا فإنه حينئذ يكون ثقة، قد يشذ عن هذه القاعدة مثل عبد الكريم بن أبي المخارق أبي أمية الذي سبق الكلام فيه وأنه ضعيف وقد روى عنه الإمام مالك- رحمه الله تعالى-.

طالب: توثيق لكل الرجال.

توثيق إجمالي على الإجمال.

طالب: إجمالي.

إجمالي نعم؛ لأن الإنسان حينما يقعد قاعدة تجده أحيانا يطبقها بقوة وبكل دقة، وأحيانا يغفل عنها فيقع في أثناء كتابه وفي ثناياه لاسيما إذا كان الكتاب كبيرا ما ينخرم عن هذه القاعدة، والأئمة الكبار ألفوا في الجرح والتعديل، ومن مثل الإمام أحمد- رحمه الله- في ورعه وعلمه وزهده واتباعه يتورع عن الكلام في الناس حتى أنه سأله ابنه عن يزيد فتكلم عنه بما يستحق وقال له هلا تلعنه؟ قال هل سمعت أباك لعّانا؟! الإمام أحمد يتورع عن الكلام فيمن يستحق الكلام، لكن الكلام فيه لا أثر له، يعني فرق بين أن تتكلم في شخص تقدح في شخص بكلام له أثره في الواقع الكلام في راوي يترتب عليه صحة هذا الخبر أو ضعفه، لكن الكلام في والي مثلا من الولاة الآن هو فرض نفسه على الناس وهو ممن لا يجوز الخروج عليه لأنه يصلي أو ما يرى كفرا بواحا الكلام فيه هل له من الأثر مثل الكلام في الرواة؟! ويزيد بن معاوية الكلام فيه كثير لأهل العلم ولو لم يكن من ذلك إلا استباحة المدينة فالكلام فيه تورع عنه الإمام أحمد، يعني ما تورع عنه طائفة من السلف لكن يبقى أن الكلام فيه له وجه، بعض الناس يتورع عن الكلام في الحجاج لماذا؟ لأنه ليس براوي تقول والله يضعف حديثه أو يصحح والي وظالم وغاشم وأذل الصحابة وقتل من قتل لكن ما الأثر المترتب على القدح فيه؟ نعم مدحه لا يجوز لأنه من الغش للوالي الثناء الكاذب عليه؛ لأنه يغرره ويغرر به هذا يشرع أقواله وأفعاله للعامة لكن القدح فيه لا أثر له.

طالب: ...............

يأتينا في ألفاظ الجرح والتعديل لكن إذا عرفت طريقة الإمام ومنهجه وبين منهجه وعرف عنه وحفظ واطرد فلا إشكال لأنه بدلا من أن يقول يجرحه بجرح عظيم يقول سكتوا عنه، والناس يعرفون ما معنى سكتوا عنه، أو فيه نظر على ما سيأتي، أقول إن الكلام في أعراض الناس لاسيما ممن هو في دائرة الإسلام يقرر ابن دقيق العيد وغيره أنه حفرة من حفر النار، أعراض المسلمين مصونة والكلام فيهم والوقوع في أعراضهم أعراض المسلمين حفرة من حفر النار يقول ابن دقيق العيد وقف على شفيرها العلماء والحكام، وفهم هذا الكلام يمكن أن يفهم على جهين هم على شفير هذه الحفرة لأنهم يحتاجون إلى الكلام في الناس، فقد يزيدون في الكلام على المطلوب فخطر عليهم أن يقعوا في هذه الحفرة؛ لأنهم على شفيرها، أو هم بصدد كثرة كلام الناس فيهم يكون على شفيرها يدفعون فيها من يتكلم فيهم فيمكن فهم الكلام على الوجهين، المقصود أن الإنسان عليه أن يحفظ لسانه ويحفظ أعماله التي تعب عليها إلا فيما يترتب عليه فائدة عملية، شخص خطب من أناس بنتا صينة دينة عفيفة وخطب منهم شخص وجاء أبوها يستشير وأنت تعرف عنه شيئا لا يناسب هذه البنت يعني من النصيحة أن تقول والله هذا الرجل ابحثوا عن غيره ولا تقع في عرضه إلا عند الحاجة إلى التصريح وهكذا، فعلى الإنسان أن يحتاج لنفسه "قال لو كان ثقة لرأيته في كتبي" فدل على أن من يخرج له الإمام مالك أنه ثقة عنده وعند من يقلده يعني عند المالكية، قال: "وحدثني الفضل بن سهل قال حدثني يحيى بن معين قال حدثنا حجاج قال حدثنا ابن أبي ذئب عن شرحبيل بن سعد وكان متهما" وعرفنا متى يتهم الراوي بالكذب إذا اشتهر عنه أنه يكذب في كلامه العادي أو جاء حديث مخالف للقواعد العامة ولرواية الثقات ومع ذلك لا يروى إلا عن طريقه، هو قال: "وحدثنا محمد بن عبد الله بن قهزاذ قال حدثنا أبو إسحاق الطالقاني يقول سمعت ابن المبارك يقول: لو خيرت بين أن أدخل الجنة وبين أن ألقى عبد الله بن محرر لاخترت أن ألقاه ثم أدخل الجنة فلما رأيته كانت بعرة أحب إلي منه" يعني من اهتم بشيء مثل ابن المبارك وعنايته بالرواية أو شخص له اهتمام سواء كان في أمر من أمور الدنيا أو في أمر من أمور الآخرة والله- جل وعلا- يقول:     الليل: ٤  له عناية بقراءة القرآن يتمنى أن يقرآن القرآن بعد وفاته في البرزخ وفي الجنة ومن له عناية بالصلاة من له عناية يتمنى أن يستمر في هذا، هذا له عناية بالرواية يتمنى أن يلقى هذا الراوي لأنه يسمع عنه أحاديث لا توجد عند غيره فيتمنى أن يلقاه، وبعض الناس في أمور دنياه يتمنى أن تستمر هذه الأمور في الآخرة، بعض الناس يتمنى الإبل في الآخرة لأنه مفتون بالإبل، بعض الناس يتمنى سيارات وبعضهم يتمنى أن توجد هذه في الجنة ومعلوم أن فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين لكن التكاليف مرفوعة كما هو معلوم، قال: "لاخترت أن ألقاه ثم أدخل الجنة فلما رأيته كانت بعرةٌ أحبَّ إلي منه" البعرة رجيع الغنم والإبل والحمر هذه هي البعر، "وحدثني الفضل بن سهل حدثنا وليد بن صالح قال قال عبيد الله بن عمرو قال زيد- يعني ابن أبي أنيسة- لا تأخذوا عن أخي- يعني أخاه يحيى بن أبي أنيسة- فقد كان كذابا" كما قال عبيد الله بن عمرو، على ما سيأتي، قال: "حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي قال حدثني عبد السلام الوابصي" يعني من نسل وابصة بن معبد الصحابة المعروف "الوابصي قال حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي عن عبيد الله بن عمرو قال كان يحيى بن أبي أنيسة كذابا" وهو أخو زيد الذي تقدم ذكره، قال بعد ذلك: "حدثني أحمد بن إبراهيم قال حدثنا سليمان بن حرب عن حماد بن زيد قال ذكر فرقد" فرقد بن يعقوب السبخي من عباد التابعين لكنه ليس بصاحب حديث فلا يؤخذ عنه الحديث مضعف بل ذكر في أضعف الأسانيد لكنه من حديث الديانة ديّن وليس بكذاب لكنه ممن غفل عن هذا العلم فضُعِّف بسبب ذلك، "فقال إن فرقدا ليس صاحب حديث" ثم قال: "وحدثني عبد الرحمن بن بشر العبدي قال سمعت يحيى بن سعيد القطان ذُكر عنده محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي فضعفه جدا فقيل ليحيى أضعف من يعقوب بن عطاء؟ قال نعم" فهم يضعفون على سبيل الاستقلال ويضعفون أيضا ويوثقون على سبيل المقارنة، يعني يقارنون الرواة بعضهم ببعض وذلك ينفع عند الترجيح بين الروايات، "قال نعم ثم قال: ما كنت أرى أن أحدا يروي عن محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير" يعني ما كنت أظن أن أحدا يروي عنه ويخفى أمره عليه، قال: "حدثني بشر بن الحكم قال سمعت يحيى بن سعيد القطان ضعف حكيم بن جبير وعبد الأعلى وضعف يحيى موسى بن دينار" هذا هو الصواب كما قال الشراح وجزموا به وقطعوا به، وفي مثل هذه الحالة إذا وجد في الأصل مما يظن أنه من النساخ مما يوجد في بعض النسخ دون بعض هذا يكتب الصواب ويشار إلى الخطأ أن فيه خطأ في الحاشية، لكن إذا وجد في جميع الأصول كما هنا من أهل العلم من يقول يكتب على الخطأ ولا يتصرف فيه وينبَّه على الصواب في الحاشية، ومنهم من يقول: إذا كان الخطأ مقطوعا به يصحح في الصلب ويبيَّن في الحاشية أنه يوجد في الأصول كذا، "وضعف يحيى موسى بن دينار قال حديثه ريح" يعني لا شيء الريح هل تستطيع أن تمسك منها بشيء؟ لا، إنما ريح لا تمسك منها بشيء؛ ولذا قالوا عن مراسيل الحسن أنها شبه الريح، وأحاديث موسى بن دينار ريح، "وضعف موسى بن دهقان وعيسى بن أبي عيسى المدني قال وسمعت الحسن بن عيسى يقول قال لي ابن المبارك إذا قدمت على جرير" جرير ابن عبد الحميد أو من؟ نعم هو الظاهر أنه عبد الحميد "إذا قدمت على جرير فاكتب علمه كله" كل من يروي عنه من الرواة اكتبه "إلا حديث ثلاثة لا تكتب حديث عبيدة بن معتّب والسريّ بن إسماعيل ومحمد بن سالم" والسريّ مذكور أيضا في أضعف الأسانيد، ومحمد بن سالم، السَّري هكذا ينطق وليس سُرّي أوغيره لا، السري في الأصل ماذا   مريم: ٢٤  منهم من يقول أن المراد به عيسى والسري هو السيد، أو السري الجدول الصغير من الماء الذي تشرب منه، وعلى كل حال هذا نطقه السري يعني السيد في الأصل وجمعهم سراة.

لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم

 

ولا سراة إذا جهالهم سادوا

"والسري بن إسماعيل ومحمد بن سالم" قال مسلم الآن مسلم- رحمه الله- ذكر أمثلة ومن أراد الاستزادة والإفاضة في ذلك فكتب الرجال مبسوطة، يعني كتاب التاريخ للإمام البخاري مملوء بالرواة، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم مشحون، والثقاة والمجروحين لابن حبان، والكامل لابن عدي وما تفرع عنه، والكمال وما تفرع عنه، كتب مبسوطة ومختصرة والكلام في الرواة كثير، يعني لو أن طالب العلم يُعنى بهذا الباب أفاد كثيرا لاسيما الرواة المكثرين من الرواية يستفيد، وبالنسبة لمعرفة الرواة بطرق: فإما أن يحفظ كتابا مختصرا من المختصرات وهذا نافع لكنه فيه صعوبة مثل التقريب لكن فيه صعوبة، أو يجعل التقريب محور بحث، يأتي مثل ما قلنا في كتب الفقه يأتي للتقريب وينظر في حكم الحافظ عليه ضعيف يراجع الكتب المطولة ماذا قال أهل العلم؟ يوازن بين أقوالهم على ضوء القواعد التي تعلمها في تعارض الجرح والتعديل، ثم بعد ذلك يتحرر له القول الراجح ويرسخ في ذهنه هذا الراوي وما قيل فيه، والعلم يحتاج إلى تعب ومشقة ما يلزم أن تنتهي بسنة من كتب الرجال لا، كما قلنا في كتب متون السنة وطريقة التفقه وغيرها، لا يعني أن الإنسان يضمن أنه يكمل هذه الكتب لا، يكفيه أنه يموت وهو طالب علم مواصل لا ينقطع لأن مثل هذه الطرق تضمن له المواصلة والاستمرار مشاريع طويلة المدى، أما إذا بدأ بمشروع ينتهي بشهر أو شهرين ثم يحتاج إلى شهرين أوثلاثة يستأنف موضوعا ثانيا ينقطع إذا مسك مثل هذه المشاريع طويلة المدى استفاد فهذه طريقة لدراسة كتب الرجال، إما أن يحفظ أو يعاني الكتب بمراجعة أصولها أو يقرأ في الشروح- شروح كتب السنة- يعني من يقرأ في إرشاد الساري مثلا ما ينتهي من إرشاد الساري إلا ورواة البخاري في ذهنه؛ لأنه يكرر الكلام في الرواة وضبطهم في كل مناسبة ففي هذه الطريقة يثبت عنده قدر كبير من الرواة، ويقبح بطالب العلم ألا يعرف من أحوال الرواة شيئا وهذا موجود، أو يصحف أسماء الرواة وألقابهم هذا قبيح جدا، وقد سمعت بعض الكبار يقرأ سلمة بن كهْبَل يعني يصلح أن يُسمع هذا اللفظ من طالب علم؟! فضلا عن كونه ممن تقدمت بهم السن في طلب العلم سلمة بن كهبل، يمكن يأتي من يسمعه يحرفها كنبل أيضا هذه مشكلة، لا بد من العناية بجميع فروع المعرفة مما يتعلق بالعلم الشرعي، قال مسلم: "وأشباه ما ذكرنا من كلام أهل العلم في متهم رواة الحديث وأخبارهم عن معايبهم كثير يطول الكتاب بذكره" لأنه إذا أراد أن يستقصي يلزمه أن يكتب كل كتب الرجال لاسيما ما لا تكرار فيه، فلو اقتصر على تهذيب الكمال المطبوع في خمسة وثلاثين مجلدا لا شك أن هذا سيطول الكتاب جدا فضلا عن أن يكتب التاريخ الكبير، والجرح والتعديل، والكامل، والكمال، وما تفرع عنهما هذه تحتاج إلى كتب متخصصة، وبإمكان طالب العلم وهو يتمرّن على حفظ الأسانيد والمتون أن يراجع كتب الرجال وهو يقرأ في صحيح مسلم يعني مثل الرجال الذين مروا علينا لو أن الإنسان ينشرهم يراجع فيهم كتب الرجال وما قيل فيهم يستفيد فائدة عظيمة، "يطول الكتاب بذكره على استقصائه وفيما ذكرنا كفاية" يعني أمثلة تكفي، "كفاية لمن تفهم وعقل مذهب القوم فيما قالوا من ذلك وبيّنوا، وإنما ألزموا أنفسهم الكشف عن معايب رواة الحديث وناقلي الأخبار وأفتوا بذلك حين سئلوا لما فيه من عظيم الخطر؛ إذ الأخبار في أمر الدين إنما تأتي بتحليل أو تحريم أو أمر أو نهي أو ترغيب أو ترهيب، فإذا كان الراوي لها ليس بمعدن للصدق والأمانة ثم أقدم على الرواية عنه من قد عرفه ولم يبين ما فيه لغيره ممن جهل معرفته كان آثما بفعله ذلك غاشًّا لعوام المسلمين" كلام الإمام مسلم في غاية الوضوح؛ لأن هؤلاء يروون أخبارا وهذه الأخبار فيها أحكام إذا لم تبيَّن أحوالهم انتشرت أخبارهم وأخذت عنهم وعمل بمضمونها وما يستنبط منها فالذي يعرف ولا يبيِّن لا شك أنه غاش للأمة "كان آثما بفعله ذلك غاشا لعوام المسلمين؛ إذ لا يؤمن على بعض من سمع تلك الأخبار أن يستعملها ويستعمل بعضها ولعلها أو أكثرها أكاذيب لا أصل لها مع أن الأخبار الصحاح" يعني الإنسان قد يقول أننا نجمع هذه الأحاديث ونعمل بها في الترغيب والفضائل أو نبحث عما يقويها يا أخي العمر ينقطع عن احتواء واستيعاب ما صح من الأخبار، يعني لو الإنسان يقتصر على القرآن وما صح من السنة يعني العمر قد لا يستوعب هذا فكيف يضيع العمر بأخبار ضعيفة ورواة هلكى عله أن يجد لها ما يرقيها، "ولعلها أو أكثرها أكاذيب لا أصل لها، مع أن الأخبار الصحاح من رواية الثقات وأهل القناعة" يعني الذين يقنع بهم الذين هم مقنع من قبل أئمة الشأن "وأهل القناعة أكثر من أن يضطر إلى نقل من ليس بثقة ولا مقنع" يعني في القرآن وما صح من السنة وثبت من السنة كفاية "ولا أحسب كثيرا ممن يعرج من الناس على ما وصفنا من هذه الأحاديث الضعاف والأسانيد المجهولة ويعتد بروايتها بعد معرفته بما فيها من التوهن والضعف إلا أن الذي يحمله على روايتها والاعتداد بها إرادة التكثر بذلك عند العوام ولأن يقال -ولكي يقال- ما أكثر ما جمع فلان يعني فلان ألف موسوعة في السنة تبلغ خمسين مجلدا ستين مجلدا ويكون مع ذلك حاطب ليل فيها الصحيح والضعيف والموضوع والواهي ولا يبين هذا ليقال إنه ألف هذه الموسوعة ولا شك إن كان هذا هدف فإنها حقيقة مرة.

ومن يكن ليقال الناس يطلبه

 

أخسر بصفقته في موقف الندم

"ولأن يقال ما أكثر ما جمع فلان من الحديث وألف من العدد ومن ذهب في العلم هذا المذهب وسلك هذا الطريق فلا نصيب له فيه" لأن العلم ما نفع وهذا يضر إذا كان ليقال فهذا من الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار، يؤتى بالعالم فيقال ما فعلت؟ قال: تعلمت وعلمت يقال كذبت، إنما تعلمت وعلمت ليقال عالم- نسأل الله السلامة والعافية- "وسلك هذا الطريق فلا نصيب له فيه وكان بأن يسمى جاهلا أولى من أن ينسب إلى علم" نعم العلم الذي يضر لا شك أن الجهل أفضل منه، والحافظ الذهبي رحمه الله يقول:

      إن العيش خلف أذناب البقر      خير من علم كعلم ابن عربي ونحوه.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

انتظروا يا إخوان الآن بقي في مسلم درسان وفي الألفية ثلاثة، فإن رأيتم أن نجعل درسي مسلم في الفجر غدا وبعده لنكمل الكلام على السند المعنعن ويحتاج إلى شيء من البسط يعني لا يكفي ساعة ويكون استقلالا صحيح مسلم الفجر والأيام الثلاثة الباقية اليوم وغدا وبعده لدروس الألفية إن رأيتم هذا حتى تكون الأمور منضبطة؛ لأننا نأخذ شيئا من الألفية لا يكمل وشيء من مسلم لا يكمل إما على سبيل الاستقلال نقسم قسمة مناسبة وواضحة فالأمر إليكم، وإن أردتم أن نستمر في الدرسين في الفجر اليوم وغدا نأخذ من الألفية نصيبا يعني ثلثي الباقي ويبقى ثلث ونأخذ من مسلم درسي المعنعن وإن احتجنا إلى مزيد من الوقت أضفنا يعني زدنا لنا ربع ساعة أو نصف ساعة ولا يبقى عندنا إلا مغرب واحد لنكمل به درس الألفية فالأمر إليكم والعصر يبقى لابن ماجه، أو تريدون أن يمشي الجدول على ما هو عليه والباقي ينظر له وقت ثاني أيهما أفضل؟

طالب: ...............

يعني هل خرج أحد من رواد الألفية قبل مسلم بحيث يخفى عليه هذا الأمر وله حق أن يراعى.

طالب: ...............

أنا أقول القسمة المناسبة مثلا أن يكون السند المعنعن غدا وبعده الفجر ما بقي إلا يومين والألفية بقي فيها ثلاثة دروس فتكون المغرب اليوم وغدا وبعده هذه قسمة واضحة ومتميزة بالنسبة لما بقي.

طالب: ...............

درس مسلم نعم أو نقول نأخذ نصيبنا من الألفية ونأخذ مسلما وينتهي مسلم غدا وبعده، ولو زدنا من الوقت قليلا والألفية لها درس واحد نلقيه يعني إما مغرب الخميس أو عصر الجمعة كما تريدون.

طالب: ...............

نعم لكن من يضمن أنه لا أحد من رواد الألفية خرج بعد نهاية درسنا.

طالب: ...............

نعم لهم حق لا بد من مراعاتهم.

طالب: ...............

لا لا، هي القسمة ما بدأت اليوم لأن عندنا ثلاث مغارب وثلاثة دروس في الألفية وعندنا يومان الصبح مناسبة جدا للسند المعنعن، فإن ما بدأنا من الغد ما نفع، على كل حال سيبقى درس في الألفية إما أن يكون مغرب الخميس أو عصر الجمعة نتفق عليه- إن شاء الله تعالى- ويبقى الجدول على ما هو عليه.

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.