شرح أبواب الطهارة من سنن الترمذي (26)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في الحائض أنها لا تقضي الصلاة:

حدثنا قتيبة قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن معاذة أن امرأة سألت عائشة -رضي الله عنها- قالت: أتقضي إحدانا صلاتها أيام محيضها؟ فقالت: أحرورية أنتِ؟! قد كانت إحدانا تحيض فلا تؤمر بقضاء.

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وقد روي عن عائشة من غير وجه أن الحائض لا تقضي الصلاة، وهو قول عامة الفقهاء لا اختلاف بينهم في أن الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب: ما جاء في الحائض أنها لا تقضي الصلاة" الحائض لفظ يطلق ويراد به المتلبسة بهذا الوصف، ويطلق ويراد به من بلغت سن المحيض، يطلق ويراد به المتلبسة بالحدث المعروف كما أنه يطلق ويراد به من بلغت سن المحيض "أتقضي إحدانا صلاتها أيام محيضها؟" يعني أيام تلبسها بالحيض، ولا نزاع في ذلك، وفي قوله -عليه الصلاة والسلام-: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» معناه المتلبسة بالمحيض، والمراد هنا الحائض...، «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» المراد من بلغت سنة المحيض، ولا يقال: إن الصلاة مطلوبة من الحائض لكنها لا بد أن تختمر، المراد بالحائض من بلغت سنة المحيض المكلفة، وليست المتلبسة بحيض، فالصلاة والصيام لا يصحان منها، يعني المتلبسة بالحيض، بل يحرمان عليها أثناء حيضها، وإذا طهرت من محيضها لزمها قضاء الصوم ولا تقضي الصلاة كما هو مفاد هذا الحديث وغيره.

قال -رحمه الله تعالى-: "حدثنا قتيبة قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب" السختياني "عن أبي قلابة" عبد الله بن زيد الجرمي، وكلهم الثقات الذين مروا "عن معاذة" ثقة أيضاً، بنت عبد الله العدوية "أن امرأة سألت عائشة" امرأة هذا مبهم، يسمونه في علوم الحديث مبهم، والمبهم فيه المؤلفات سواء كان الإبهام في الإسناد أو في المتن، وهنا الإبهام في المتن، ومن أجمع هذه المؤلفات: (المستفاد من مبهمات المتن والإسناد) للحافظ أبي زرعة ابن الحافظ العراقي، جاء تسمية المرأة وبيان هذا المبهم بأنها هي معاذة "عن معاذة أن امرأة سألت عائشة" فأحياناً تقول: سألت عائشة، وأحياناً تقول: إن امرأة سألت عائشة، والإبهام له فوائد: منها: الستر على هذا المبهم؛ لأن الجواب فيه شدة، فأحياناً ينشرح صدرها لتسمية نفسها، وأن هذا لا يؤثر عليها مثل هذا الجواب القوي، وأحياناً تكون النفس دون ذلك، فلا تصرح باسمها، والتسمية أيضاً والبحث عن المبهم عند أهل العلم مهم جداً، ولو لم يكن من فوائده إلا معرفة تقدم هذا الذي ورد ذكره في الخبر أو تأخره، وأحياناً يكون فيه من الصفات والأحوال ما يحمل عليه الخبر، لا سيما إذا عورض، المقصود أن المبهمات بيانها وتمييزها مهم عند أهل العلم "قالت: إن امرأة سألت عائشة قالت" يعني في سؤالها "أتقضي إحدانا صلاتها أيام محيضها؟" لأنها تجزم أنها لا تصلي وقت المحيض ولا تصوم، وأنها تقضي الصيام، عندها خبر أنها تقضي الصيام، لكن هل الصيام يقاس عليه الصلاة أو أن هذا الحكم يخصه؟ وهي تسأل سؤال المتعلم لا سؤال المتعنت، وإن كان الجواب كأنها عوملت معاملة من يطلب الدليل على ذلك، ويتعنت في سؤاله "فقالت عائشة -رضي الله عنها-: أحرورية أنت؟!" استفهام إنكاري، تنكر عليها هذا السؤال، ولا شك أن مثل هذا السؤال محتمل؛ لئن يكون للإفادة وطلب العلم، وأن يكون للتعجيز، أو يكون لطلب الدليل، أو يكون لأي أمر من الأمور، أو لأن السائل ممن يعتقد ما سأل عنه، ولذا قالت: أحرورية أنت؟! نسبة إلى حروراء بلدة على ميلين من الكوفة، أول ما خرج الخوارج منها، الخوارج انبعثوا في أول الأمر على علي -رضي الله تعالى عنه- منها، فصارت نسبة الخوارج إليها، ولو عاشوا في غيرها، ولو نشأوا ووجود في غيرها بناء على أن الأصل منها، أحرورية أنت؟! لأن الخوارج يرون أن الحائض تقضي الصلاة كالصوم، ولا شك أن الذي يشم من سؤاله موافقة المبتدعة يمكن أن يشد عليه في القول، وإن كانت المسألة مسألة دعوة حتى في جانب المبتدع فإن كان إغلاظ القول له أجدى وأنفع وأردع له ولغيره اتجه وإلا فالأصل اللين في الدعوة والرفق بالمدعو كما هي عادته وديدنه -عليه الصلاة والسلام-، "فقالت: أحرورية أنت؟!" وفي بعض الروايات: "قالت: لا" لكني أسأل سؤالاً مجرداً من أجل العلم والفقه في هذه المسألة، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما جاءه من يستأذنه في الزنا رفق به -عليه الصلاة والسلام-، فقال: «أترضى أن يزنى بأمك؟» قال: لا، «بأختك؟» قال: لا «ببنتك؟» قال: لا، لكن مثل ما ذكرنا أن المسألة مسألة علاج لهذا السائل ولهذا المدعو، وأُمرنا أن ننزل الناس منازلهم، فإذا فهمنا أن هذا متعنت لا شك أنه يعامل معاملة تختلف عما إذا كان متعلماً مستفهماً، فلكل مقام مقال، ثم قالت عائشة: "قد كانت إحدانا تحيض" يعني في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- "فلا تؤمر بقضاء" أي لا يأمرها النبي -عليه الصلاة والسلام- بقضاء، وفي رواية مسلم: "فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة" لا نؤمر بقضاء الصلاة؛ لأن الصلاة كما قال أهل العلم تتكرر فيشق قضاؤها، وأما بالنسبة للصوم فإنه لا يتكرر فلا يشق قضاؤه، هذا ما ذكره أهل العلم، والأصل في هذا كله ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام-، وليس لأحد كلام ولا نزاع في أن يقول: لماذا هذا يقضى وهذا لا يقضى؟ وإن كنا نسمع ونقرأ بعض من ينبِّش عن هذه الأمور، ويرى أن الشرع جاء بالتفريق بين المتماثلات والجمع بين المختلفات على حد زعمهم، ونبتت نابتة من يستعملون العقول ويحكمونها في النصوص، هؤلاء لا يلتفت إليهم، هؤلاء قوم مفتونون، لا يلتفت إليهم وإلا فالأصل أن قدم الإسلام لا تثبت إلا على قنطرة التسليم، إذا صح الخبر عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام-، لا مجال للكلام، سمعنا واطعنا، وأما الذين يتبعون المتشابه من أهل الزيغ، ويرون أن هذه المسألة نظيرها كذا وهذه أبيحت وهذه منعت، هذا لا شك أنهم هم أهل الزيغ الذين يتبعون المتشابه، ولذلك تجدوهم في النصوص المحكمة ما يناقشون؛ لأن الرد عليهم سهل، وأما بالنصوص المتشابهة فإنهم يعمدون إليها ويضربون بها المحكم، وهذه طريقة أهل الزيغ من الصدر الأول.

"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" وهو مُخرج في الصحيحين وغيرهما "وقد روي عن عائشة من غير وجه أن الحائض لا تقضي الصلاة" يعني الحكم مجمع عليه، نقل عليه ابن المنذر وغيره الإجماع وأن الحائض تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة إلا ما يذكر عن الخوارج، ولا يعتد بقولهم لا بموافقتهم ولا بمخالفتهم "وهو قول عامة الفقهاء لا اختلاف بينهم في أن الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة".

ذكر عبد الرزاق عن معمر أنه سأل الزهري عن ذلك فقال: اجتمع الناس عليه، ولا يعرف مخالف إلا عن الخوارج فيما نقله ابن عبد البر وغيره، وأما سمرة بن جندب فكان يقول بالقضاء حتى بلغه الخبر، وهذا لا شك أنه شأن مريد الحق، أنه قد يقول بقول بناء على الأوامر العامة ثم إذا بلغه ما يُخرِج عن هذه الأمور من نصوص خاصة وقف عنده.

سم.

قال -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرآن القرآن:

حدثنا علي بن حجر والحسن بن عرفة قالا: حدثنا إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن».

قال: وفي الباب عن علي.

قال أبو عيسى: حديث ابن عمر لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يقرأ الجنب ولا الحائض» وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين ومن بعدهم مثل سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق قالوا: لا تقرأ الحائض ولا الجنب من القرآن شيئاً إلا طرف الآية والحرف ونحو ذلك، ورخصوا للجنب والحائض في التسبيح والتهليل، قال: وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: إن إسماعيل بن عياش يروي عن أهل الحجاز وأهل العراق أحاديث مناكير كأنه ضعف روايته عنهم فيما ينفرد به، وقال: إنما حديث إسماعيل بن عياش عن أهل الشام، وقال أحمد بن حنبل: إسماعيل بن عياش أصلح من بقية ولبقية أحاديث مناكير عن الثقات، قال أبو عيسى: حدثني بذلك أحمد بن الحسن قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول ذلك.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرأن القرآن" في حال الحيض والجنابة؛ لأن هذا حدث أكبر يمنع عن أشياء أكثر مما يمنع منه الحدث الأصغر، وهذا معروف مفصل في كتب الفروع، وهنا يقول -رحمه الله تعالى-: "حدثنا علي بن حجر والحسن بن عرفة" بن يزيد العبدي، وهو صدوق "قالا: حدثنا إسماعيل بن عياش" بن سليم الحمصي، حديثه عن الشاميين قوي بخلاف حديثه عن غيرهم من الحجازيين والعراقيين ففيه ضعف، والحديث هنا عن حجازي "عن موسى بن عقبة" إمام أهل المغازي "عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تقرأ الحائض» لا تقرأِ الحائض بناء على أن (لا) ناهية تجزم المضارع، ويكسر هنا من أجل التقاء الساكنين {يَرْفَعِ اللَّهُ} [(11) سورة المجادلة] وإلا فالأصل أن الجر لا يدخل الأفعال، بل هو من علامات الأسماء، والكسر هنا إنما هو لالتقاء الساكنين، وفي بعض النسخ بالرفع: «لا تقرأُ الحائض» وعلى أن (لا) نافية، وهو خبر يراد به النهي، وهو أبلغ من النهي الصريح عند أهل العلم «لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن» شيئاً نكرة في سياق النهي أو النفي فتعم القليل والكثير، شيئاً لا قليل ولا كثير.

قال -رحمه الله-: "وفي الباب عن علي" في المسند وفي السنن الأربعة، قال علي -رضي الله تعالى عنه-: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرؤنا القرآن ما لم نكن جنباً" وهو في المسند وفي السنن الأربعة، رواه الخمسة، وفي هذا دليل على أنه لا يجوز للجنب ولا الحائض قراءة شيءٍ من القرآن، وفي الباب عدة أحاديث لا تسلم من مقال، ولا شك أن ما جاء في الجنب أكثر مما جاء في الحائض.

قال أبو عيسى....، قبل ذلك حديث علي الذي أشار إليه الترمذي عند الخمسة، مخرج عند الخمسة "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرؤنا القرآن ما لم نكن جنباً" مداره على عبد الله بن سلمة وقد ضعف، لكن الذي رجحه ابن حجر أن الحديث لا ينزل عن درجة الحسن، وكما هو واضح لا يدخل فيه الحائض، بل هو خاص بالجُنب، والحائض في حديث ابن عمر حديث الباب.

"قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة" موسى بن عقبة حجازي، ورواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين وروايته فيها ضعف، ورجح أبو حاتم وقفه، يعني عن ابن عمر يعني من قوله، قال -رحمه الله-: "وهو قول أكثر أهل العلم" يعني منع الجنب والحائض من القراءة هو قول أكثر أهل العلم "من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين ومن بعدهم مثل سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق" هؤلاء كلهم يقولون: لا تقرأ الحائض ولا الجنب من القرآن شيئاً، وذلكم لأن الحدث أكبر، والكلام عظيم، ولا يناسبه الظرف والحال حال من تلبس بجنابة أو حيض لا يناسب قراءة القرآن هذا الكلام العظيم الذي من قام يقرأه كأنما خاطب الرحمن، فهذا الكلام إنما يليق به الكمال من الطهارة وحسن الهيئة وغير ذلك مما كان يفعله سلف هذه الأمة، مع الحديث فضلاً عن القرآن، الإمام الترمذي -رحمه الله- ما ذكر الإمام مالك مع من يقول بأن الحائض والجنب لا تقرأ القرآن مع أن الإمام مالك معروف أنه كان يتطهر ويتطيب ويستاك ويلبس نظيف الثياب من أجل التحديث، كونه ما ذكر هل يلزم من ذلك أن يكون مذهبه أن الحائض والجنب لا يقرأن القرآن؟ نعم؟

طالب:.......

لكن أنا أقول: ما دام الإمام مالك احتاط هذا الاحتياط للسنة -للحديث- فماذا عن القرآن؟ والقرآن أعظم كما قال الإمام مالك -رحمه الله-؟ يعني لما جاءه من يطلب منه أن يُحدثه من لفظه قال: العرض يجزيك في القرآن ولا يجزيك في الحديث والقرآن أعظم؟! فدل على أن الإمام مالك ما دام يتحرى للسنة –للحديث- فلئن يتحرى للقرآن من باب أعظم، لكن يبقى أنه يمكن أن يقال: إنه يتنظف ويتطيب ويتطهر لقراءة القرآن أكثر مما يحتاط للسنة لكنه لا يوجب ذلك؛ لأن مسألة التعظيم في القلب غير مسألة الحكم بالإلزام والوجوب، وتأثيم الناس بذلك هذا يختلف، يعني كون الإنسان يعظم غير كونه يوجب أو يحرم، يعني عند أهل العلم يجب تعظيم القرآن، هذا أمر مجمع عليه، لكن عندهم أيضاً يجوز وضعه على الأرض، يجوز وضعه على الأرض، ففرق بين هذا وهذا "قالوا: لا تقرأ الحائض ولا الجنب من القرآن شيئاً إلا طرف الآية والحرف ونحو ذلك" يعني بعض آية لا بأس لماذا؟ لأن بعض الآية قد يوافق الكلام العادي، كلام الناس العادي، الناس في كلامهم يقولون: بسم الله، أو بسم الله الرحمن الرحيم، وهي من القرآن، ويوافقون القرآن في كلامهم العادي لكن لا يوافقون في آية كاملة، ولهذا قالوا: لا بأس أن يقرأ شيئاً من الآية طرف الآية بعض الآية طرف الحرف ونحو ذلك، أما قراءة الآية بتمامها فلا يجوز البتة عند هؤلاء "ورخّصوا للجنب والحائض والتسبيح والتهليل" الرسول -عليه الصلاة والسلام- كان يذكر الله في سائر أحواله وفي أحيانه كلها، وفرّق جماعة بين الجنب والحائض، فقالوا: الحائض تقرأ القرآن والجنب لا يقرأ القرآن؛ لأن الحائض إذا لم تقرأ القرآن نسيته؛ لأن مدة الحيض تطول بخلاف الجنابة إذا احتاج إلى القراءة يغتسل، لكن إذا احتاجت إلى القراءة هل بيدها أن تغتسل قبل أن ينقطع؟ ليس بيدها أن تغتسل بخلاف الجنابة فمدته -مدة الجنابة- بيد المجنب، وهذا الآن يفتى به أنه إذا احتيج للقرآن من قبل الحائض إما معلمة أو متعلمة أو نسيت خشيت تنسى القرآن فإنهم يرخصون لها بذلك، والحديث دليل على المنع في الطرفين، ومنهم من يرى أن الحائض أولى بالمنع من الجنب، والحيض حدث أشد من الجنابة، كلاهما حدث أكبر لكنه أشد، وجاء في الجنب ما هو أكثر مما جاء في الحائض، لكن يكون الحائض من باب قياس الأولى إن لم يثبت خبر الباب، من باب قياس الأولى، ويروى عن سعيد بن المسيب وعكرمة أنهما كانا لا يريان بأساً بقراءة الجنب القرآن، ولا شك أن أكثر العلماء على تحريم قراءة الجنب للقرآن، وعقد الإمام البخاري -رحمه الله تعالي- في صحيحه باباً يدل على أنه يقول بجواز قراءة القرآن للجنب والحائض، فإنه قال: باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، فدل هذا على أنها تقرأ القرآن؛ لأن «افعلي ما يفعل الحاج» الحاج يقرأ القرآن، ولم يستثنَ من ذلك إلا الطواف بالبيت.

قال: وقال إبراهيم: لا بأس أن تقرأ الآية ولم يرَ ابن عباس في القراءة للجنب بأساً، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يذكر الله على كل أحيانه، قال ابن بطال: مراد البخاري الاستدلال على جواز قراءة الحائض والجنب بحديث عائشة -رضي الله عنها-؛ لأن لم يستثنِ إلا الطواف «افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت» ومعروف أن الحاج يقرأ القرآن ويذكر الله، لم يستثنِ إلا الطواف وكذلك الجنب؛ لأن حدثها أغلظ من حدثه، شوف الآن لأن حدثها أغلظ من حدثه، يعني يستدل بهذا الكلام للوجهين وللقولين، استدل البخاري على أن الحائض تقرأ القرآن بحديث عائشة: «افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت» وقال: من باب أولى الجنب، يعني النص عنده في الحائض الجواز والجنب من باب أولى، وأهل العلم عندهم النص في الجنب في المنع أكثر والحائض من باب أولى؛ لأن حدثها أغلظ، شوف الآن الاستدلال من الطرفين الإمام البخاري عنده خبر الباب لا يثبت لأنه معارض بما هو أقوى منه وليس على شرطه، واستدل لقراءة الحائض القران بحديث عائشة: «افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت» وإذا جاز هذه للحائض جاز للجنب من باب أولى؛ لأن حدثها أغلظ، الطرف الآخر الذين يمنعون قراءة الجنب والحائض للقرآن قالوا: حديث الباب دليل على ذلك، وعلى فرض عدم ثبوته فإنه جاء في الجنب أكثر من ذلك مما يدل على أن الجنب ممنوع وهو قول جماهير أهل العلم، والحائض أغلظ منه فتمنع من باب أولى، إذا رجعنا إلى حديث عائشة الذي استدل به البخاري على أن الحائض تقرأ القرآن «افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت» أهل العلم يُقسِّمون الدلالات إلى دلالة أصلية ودلالة تبعية، دلالة أصلية التي سيق من أجلها الخبر، ودلالة تبعية قد تؤخذ من الخبر ولو من بعد كما هنا، الدلالة الأصلية لا شك أنها هي موضع الاحتجاج من الخبر، والدلالة التبعية يختلف أهل العلم في إفادتها على حكم المدلول، والذي قرره الشاطبي في الموافقات أنه لا يتسدل بها ولا يحتج بها الدلالة التبعية ننتبه لهذا؛ لأنه يأتي من يستدل بشيء لا يخطر على البال، يعني حينما قال: «افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت» هل يخطر ببال إنسان أنها تقرأ القرآن من هذا النص؟ ليست دلالة أصلية دلالة تبعية من بعد، يعني مثلما قال الحنفية: إن وقت صلاة الظهر يمتد إلى أن يصير ظل الشيء مثليه، يعني النص الصريح من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: "ووقت صلاة الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله" قال الحنفية: لا إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه بدليل: «إنما مثلكم ومثل من قبلكم كمثل من استأجر أجيراً إلى منتصف النهار بدينار، ثم استأجر أجيراً إلى العصر بدينار، ثم استأجر أجيراً من العصر إلى الغروب بدينارين» فقال أهل الكتاب -احتجوا- قالوا: نحن أكثر عملاً وأقل أجراً، نعم اليهود الذين عملوا من طلوع الشمس إلى الزوال أكثر عملاً بلا شك من وقت العصر، والذين عملوا من الزوال إلى وقت العصر وهم في الحديث المراد بهم النصارى، قالوا: نحن أكثر عملاً يعني من المسلمين الذين عملوا العصر وأقل أجراً نحن دينار وهم دينارين، ولا يكون الظهر أطول من العصر إلا إذا قلنا: إلى إن يصير ظل الشيء مثليه، فهذا دليل على أن وقت الظهر يمتد إلى أن يصير ظل الشيء مثليه، هل هذه دلالة أصلية أو تبعية؟ تبعية، هذا إذا سلمنا أن وقت الظهر إلى مصير ظل الشيء مثله أقصر من وقت العصر، مع أنه حتى على التنزل معهم أنه يصير لما يصير ظل كل شيء مثله هو أطول أيضاً في كل زمان وفي كل مكان، أطول، فكون الإنسان يستدل بمثل هذه الأمور التي في غاية البعد ويترك أمور أقرب منها هذا ممنوع عند جمع من أهل العلم، والشاطبي يقرر هذا وبقوة أن الدلالة التبعية التي لم يسق الخبر من أجلها لا دليل فيها ولا مستمسك، ونقول: إن فيها دليل، لكن إذا لم تُعارض بما هو أقوى منها وأصرح فيها دليل، إذا لم يوجد معارض ففي حديث: «إنما مثلكم» معارض بحديث عبد الله بن عمرو في مسلم: "ووقت الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل الشيء مثله" يعني حتى لو افترضنا أن العصر أطول ما قلنا بقول الحنفية لأن حديث عبد الله بن عمرو صريح، ونص في الباب، سيق لبيان المواقيت، وهنا كون عائشة يقول لها النبي -عليه الصلاة والسلام-: «افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت» أنها تقرأ القرآن الحاج يصلي نقول: صلِ؟ نعم؟ فهذه الدلالات التبعية البعيدة إذا عورضت بما أقوى وأصرح منها لا يلتفت إليها، وإذا لم تعارض فيحتج بها لأنها كلام من لا يخفي عليه المفاهيم ولو بعدت، يعني كلام البشر العلماء يقررون أن لازم المذهب ليس بمذهب لماذا؟ لأن الإنسان قد يتكلم بكلام لا يحسب لمفهومه حساب، فلا يلزم به، بينما الذي تكلم بالآية وتكلم بالحديث الآية من الله -جل وعلا-، والحديث عما لا ينطق عن الهوى {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [(4) سورة النجم] فلا يقال: إنه غفل عن مثل هذا لا، لكن مع ذلك يكون هنا من باب التعارض والترجيح، فيقدم الأقوى ويقدم الأصرح، يقدم ما يساق الخبر من أجله، فالاستدلال بـ«افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت» على أن الحائض تقرأ القرآن هذا الكلام فيه ضعف؛ لأنه استدلال بالتبعية، بالدلالة التبعية لا بالأصلية، وهذه مسألة كبرى يحتاج إليها في جميع أبواب الدين، فينبغي أن تكون على ذكر من طالب العلم، يعني من استدل بهذا الحديث: «إنما مثلكم ومثل من قبلكم من الأمم كمثل من استأجر أجيراً»... إلى أخره، قال: إن مدة الدنيا تنتهي سنة ألف وأربعمائة من الهجرة لماذا؟ قالوا: لأن وقت العصر الخُمس وخمس السبعة الآلف التي هي عمر الدنيا ألف وأربعمائة، يعني هل نقول بثمل هذا؟ بمثل هذه الدلالة؟ مع أن النصوص القطعية في قيام الساعة من الكتاب والسنة لا تحصى، والله -جل وعلا- يقول: {أَكَادُ أُخْفِيهَا} [(15) سورة طـه] يعني حتى من نفسي أكاد أخفيها، وإلا فعن غيري فهذا أمر مقطوع فيه لا يعلمها إلا هو، يعني هل هذه دلالة أصلية حينما يساق الحديث ثم يأتي من يقول: إن القيامة تقوم سنة ألف وأربعمائة أو من يقول: إن القيامة تقوم سنة ألف وأربعمائة وسبعة لماذا؟ لأن بغتة {لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً} [(187) سورة الأعراف] بغتة في حساب الجمل ألف وأربعمائة وسبعة، كل هذا لا يلتفت إليه، بل هو مردود بالنصوص الصحيحة الصريحة، مجموع ما جاء في الباب لا سيما في الجنب يعارض، مجموع ما جاء في الجنب يثبت، الحائض جاء في هذا الخبر وفيه كلام، ومن أهل العلم من أثبته؛ لأن إسماعيل بن عياش وإن ضعف في الحجازيين والعراقيين ليس معنى أنه فاقد للحفظ، فاقد للضبط، فاقد للتوثيق لا لكنه كثرت أخطاؤه في حديث العراقيين وحديث الحجازيين فتُرك من أجل هذا يعني ضعف من أجل هذا، لكن لا يعني أنه ما يضبط أي شيء يمر به، لا يلزم منه هذا.

"قال الترمذي: وسمعت محمد بن إسماعيل..." الآن الجنب والحائض في أذكار وأوراد الصباح والمساء فيها آيات فعلى القول بالمنع يقرؤون هذه الأذكار أو لا يقرؤونها؟ ما تقرأ؛ لأن القرآن قرآن سواء قرئ من المصحف بالتتابع أو قرئ على أساس أنه ذكر، ومنهم من يتسمح في باب الأذكار لا سيما وأن الباب فيه الخلاف الذي سمعتم، والأذكار مهمة ورتب عليها أجور عظيمة، ورتب عليها حفظ للإنسان، فلا ينبغي أن يتركها ولو كانت من القرآن.

قصة عبد الله بن رواحة حينما وقع على جاريته وهي صحيحة، فرأته زوجته بعينها رأته فأنكر، وقالت: إن كنت صادقاً فاقرأ القرآن؟ لأنه متقرر عندهم أن الجنب لا يقرأ القرآن، فجاء بالأبيات المشهورة وصدقته قالت: صدق الله وكذبت عيني، فهذا يدل على أن امتناع الجنب ومنع الجنب من قراءة القرآن أمر معروف ومتقرر عندهم.

"قال الترمذي: وسمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: إن إسماعيل بن عياش يروي عن أهل الحجاز وأهل العراق أحاديث مناكير" كأنه ضعف روايته عنهم فيما ينفرد به، يعني ما لم يتابع عليه، وقال: إنما حديث إسماعيل بن عياش عن أهل الشام يعني إنما حديثه الصحيح المحتج به إنما هو عن أهل الشام، عن أهل بلده لماذا يُضعَّف الشخص في بلد ويوثق في بلد؟ يعني هل نقول: إن فلان ثقة في نجد وضعيف في الحجاز والعكس، لا شك أن الإنسان في بلده وبين كتبه لا سيما من حفظه حفظ كتاب أضبط منه في غير بلده، وهذا أمر معروف أن الشخص الذي اعتمد علي كتبه يعني مثل أي شيخ من المشايخ قرأ كتب وعلّق عليها ودون فوائدها ومرت مسألة بحثت مثلاً وهو من أهل القصيم أو من أهل الرياض وكتبه في نجد، وبحثت هذه المسألة في مكة مثلاً أو في المدينة فقيل: ما تقول يا فلان قال: أنا أذكر والله إني معلق على كتابي كذا نسيت الآن، لكن إذا رحت أعطيتكم الخبر، وهذا يحصل كثير، يعني أحياناً يطلب فائدة في مسألة ماء ونقول: ذكرها ابن حجر في فتح الباري أو ابن كثير أو غيره، يقول: لو تكرمت نبي الجزء والصفحة، الجزء والصفحة والله على نسختي بالرياض ما هو بالآن، فمن هذه الحيثية الذي ضبطه ضبط كتاب ما هو بضبط صدر حفظه في بلده أكثر من حفظه في غيره، لماذا؟ لأنه يعتمد على الكتب، ما يعتمد على حفظ الصدر، أما الأئمة الحفاظ الذين أناجيلهم في صدورهم ومحفوظاتهم في جنباتهم هؤلاء لا يتأثرون سواء كانوا في بلادهم أو في غيرها.

"وقال أحمد بن حنبل: إسماعيل بن عياش أصلح من بقية" ولبقية بقية بن الوليد أحاديثه كما يقول أهل العلم: "ليست نقية فكن منها على تقية" "ولبقية أحاديث مناكير عن الثقات" هكذا نقل الترمذي عن الإمام أحمد، والذي في الميزان للحافظ الذهبي في ترجمة إسماعيل بن عياش عن الإمام أحمد: "بقية أحب إلي" عكس ما هنا، وكذلك في ترجمة بقية، قال: "بقية أحب إلي" يعني من إسماعيل بن عياش فهو مناقض لما نقله الترمذي.

"قال أبو عيسى: حدثني أحمد بن الحسن قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول ذلك" الترمذي يروي بالأسانيد، وإذا أضاف إلى أحد قولاً فإنما يرويه بإسناده، يعني إذا قال: وبذلك يقول أحمد وإسحاق ما يأتي من بالقول مقطوع هكذا إنما يرويه بإسناده عن أحمد وإسحاق هذه طريقته، وقد بين أسانيده، المقصود أن الأقوال لا تثبت لأربابها إلا بالأسانيد، ولذا يكثر الوهم في النقول عن الأئمة لا سيما إذا نقلها من لا خبرة له ولا دربة له بالمذهب، فكم من قول ينسب للإمام أحمد أو قول ينسب للشافعي أو قول تجد مثلاً العيني وهو حنفي يقول: قال أحمد، أو يقول الشافعي، وهذا القول ليس بمعروف عند الحنابلة ولا الشافعية، والعكس تجد مثلاً الحنابلة ينسبون لأبي حنيفة قول موجود عند الحنفية لكن ليس هو قول الإمام وهكذا، فالأقوال إنما تتلقى عن كتب أصحابها، يعني إن أردت أن تنقل قول للإمام أحمد اذهب إلى كتب الحنابلة، للشافعي إذهب إلى كتب الشافعي فهم أعرف بمذاهبهم، والأئمة كان معولهم على الأسانيد ما يعولون على كتب، ولذلك قال: قال أبو عيسى: حدثنا أحمد بن حسن قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول ذلك.

سم.

طالب: عفا الله عنك يا شيخ في مسألة قراءة بعض آية ذكرتم يا شيخ أن التعليل أنه قد يوافق كلام الناس ألا يمكن أن يقيد....؟

ولذلك الآية الكاملة ما جاء التحدي بها.

طالب: ألا يمكن أن يقيد بالقصد أحسن الله إليكم يا شيخ يعني إذا قصد القرآن يعني ربما قد يقرأ الإنسان بعض آية...

نصف آية الدين.

طالب: ويقصد به القرآن.

نصف آية الدين.

طالب: نصف آية الدين، نعم.

هذا ما يمكن أن يوفق لكن الغالب أنهم إذا قالوا مثل هذا قالوا: آية متوسطة، يقرأ بعض آية متوسطة.

طالب: لو قرأ بعض...

يعني لو قرأ آية كاملة لو قال: {ثُمَّ نَظَرَ} [(21) سورة المدثر] ما أحد يقول: إنه خالف في هذا؛ لأن الناس في كلامهم العادي يقولون: ثم نظر، ولذلك لم يقع التحدي بآية، أقل ما وقع به التحدي سورة؛ لأن الآية قد تتفق مع كلام الناس.

طالب: لكن قد يقرأ -أحسن الله إليكم- في أية متوسطة ويقصد به القراءة كما لو قرأ عنده إنسان وأخطأ فرد عليه هو يقصد القرآن بذاته وهي بعض آية؟

من شعور أو من لا شعور؟

طالب: من شعور.

أحياناً يكون الرد من لا شعور فتجد الإنسان يقضي حاجته فيسمع القارئ ويخطي يرد عليه، هذا غير مقصود هذا بلا شك، فإن قصد القراءة لا سيما إذا كانت القراءة متضمنة دعاء، وأراد أن يدعو بها ولا يكملها، يدعو بما يحتاجه منها، الدعاء في نصف الآية مثلاً، وأراد أن يدعو به؛ لأن الأدعية في القرآن منها ما جاء في آية كاملة، ومنها ما جاء في آيات، ومنها ما جاء في بعض آية، لو قال: {رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [(114) سورة طـه]  يدعو بهذا، لا شك أن القصد مؤثر والأعمال بالنيات هذا أمر ما يختلف فيه، لكن إن قرأ من غير قصد بعض آية هذا يتجاوز عنه.

سم.

عفا الله عنك.

قال -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في مباشرة الحائض:

حدثنا بندار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا حضت يأمرني أن أتزر ثم يباشرني.

قال: وفي الباب عن أم سلمة وميمونة.

قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح، وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في مباشرة الحائض" المباشرة الأصل فيها مس البشرة للبشرة مفاعلة من الطرفين بشرة الرجل تمس بشرة المرأة والعكس، فهي مفاعلة ما حكمه إذا كانت المرأة حائض وأرادها زوجها هل يستمتع بها أو لا؟

قال -رحمه الله-: "حدثنا بندار" وهو محمد بن بشار "قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان" وهو الثوري، وذكرنا مراراً القاعدة في تمييز سفيان وهي قاعدة أغلبية بحيث إذا كان بين المؤلف وبين سفيان واحد فهو ابن عيينة، وإن كان بينهما اثنان فهو الثوري؛ لأن الثوري أقدم من ابن عيينة "عن سفيان عن منصور" وهو ابن المعتمر "عن إبراهيم" بن يزيد النخعي "عن الأسود عن عائشة قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا حضت يأمرني أن أتزر ثم يباشرني" والحديث في الصحيحين وغيرهما.

"كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا حضت" كان تدل على الاستمرار هذا الأصل فيها "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرني إذا حضت يأمرني أن أتزر" أصله ائتزر، الإزار مهموز ائتزر، يقول صاحب المفصل: الإدغام خطأ أتز، لكنه محكي عن مذهب الكوفيين، وعائشة -رضي الله عنها- من فصحاء العرب، فلا ينبغي أن يقال مثل هذا الكلام خطأ، وهناك شيء يقال له: الفك والإدغام المتصل مثلاً أصله المؤتصل، المتصل إدغام، والأصل المؤتصل بالهمز، والعلماء قاطبة إذا وصفوا حديث قالوا: متصل، ولغة الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- وهو إمام حجة في هذا الباب الفك، الهمز مؤتصل، وابن الحاجب في شافيته يقول: مؤتعد ومؤتسر لغة الإمام الشافعي، فكونه ينص على أنها لغة الإمام الشافعي يدل على أن الإدغام أكثر عند أهل العلم أليس كذلك؟ يعني كون الفك والهمز ينسب يقال: هذه لغة الإمام الشافعي ما قالوا: لغة العرب ولا قالوا: لغة قريش، ولا قالوا: لغة تميم، قالوا: لغة الإمام الشافعي؛ لأنه استعملها في كلامه كثيراً، فيدل على أن من عداه من أهل العلم لغتهم الإدغام، فقول صاحب المفصل: الإدغام خطأ، المفصل لمن؟ الزمخشري، من أشهر كتب النحو، من أشهر كتب النحو، وعليه الشروح الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى، ومن أعظم هذه الشروح شرح المفصل لابن يعيش، وهذا مطبوع في عشرة أجزاء قديماً ما هو ابن يعيش الموجودين عندنا هنا لا، ابن يعيش من الأندلس، شرح مطول جداً ومتقن ومضبوط، وفيه فوائد لا توجد في غيره، لكن دون تحصيله خرط القتاد، كتاب طويل ومن أين للإنسان أن يقرأ في فن واحد هذا المقدار؟ وإن كان المتخصص لا يستغني عنه، والمُفصَّل أيضاً فيه جودة يعني من بين مختصرات النحو يمكن أن يكون من أفضلها.

"كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا حضت يأمرني أن أتز" يعني أشد الإزار "ثم يباشرني" والحديث معروف أن الإزار إنما يشد على النصف الأسفل من البدن، الإزار إنما يشد على النصف الأسفل من البدن، ولذا يقول أبو حنفية ومالك والشافعي: يحرم ما بين السرة والركبة، ما بين السرة والركبة حرام من الحائض لهذا الحديث؛ لأن هذه موضع الإزار، وعند الحنابلة ووجه عند الشافعية وهو قول صحابي أبي حنفية المُحرَّم الجماع فقط، لحديث: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح» ونسب هذا القول ابن حجر في فتح الباري إلى كثير من السلف والثوري وأحمد وإسحاق، وحملوا حديث الباب على الاستحباب جمعاً بين الأدلة، ورجحه النووي والعيني، ومعروف أن النووي شافعي والعيني حنفي، فرجحوا جواز الاستمتاع بما فوق الركبة على ألا يصل إلى الحمى، ولا شك أن الابتعاد عن مواطن الشبة هذا هو المطلوب، لكن لا يقال بتحريمه، إنما المحرم الجماع في محل الحرث، وقد أمرنا باعتزال النساء في المحيض يعني في مكان الحيض.

قال: "وفي الباب عن أم سلمة" عند البخاري وميمونة كذلك مخرج في الصحيح "قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح" وأخرجه الشيخان وغيرهما "وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق" لكن المرجح جواز الاستمتاع بالحائض بكل شيء إلا الجماع.

اليهود كانوا إذا حاضت المرأة اعتزلوها فلم يؤاكلوها ولم يشاربوها فضلاً عن كونهم يباشرونها، والنصارى بالعكس، وسيأتي في باب مواكلة الحائض ما هو رد على اليهود، وفي منع وطأ الحائض من نصوص الكتاب والسنة ما يرد على النصارى، وديننا وسط ولله الحمد، نعم.

قال -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في مواكلة الحائض وسؤرها:

حدثنا عباس العنبري ومحمد بن عبد الأعلى قالا: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن حرام بن معاوية عن عمه عبد الله بن سعد قال: سألت النبي –صلى الله عليه وسلم- عن مواكلة الحائض فقال: «واكلها».

قال: وفي الباب عن عائشة وأنس.

قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن سعد حديث حسن غريب، وهو قول عامة أهل العلم لم يروا بمواكلة الحائض بأساً، واختلفوا في فضل وضوئها فرخص في ذلك بعضهم، وكره بعضهم فضل طهورها.

يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في مواكلة الحائض وسؤرها" مواكلة الحائض الأكل معها، الأكل معها وسؤرها البقية من الشراب الذي تشرب منه، بقية شرابها، قال –رحمه الله-: "حدثنا عباس -بن عبد العظيم- العنبري" البصري "ومحمد بن الأعلى" بصري أيضاً الصنعاني ثقة أيضاً "قالا: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن حرام بن معاوية" ويقال: هو حرام بن حكيم بن خالد الأنصاري أو العنسي، ويقال: هما اثنان حرام بن معاوية غير حرام بن حكيم، هما اثنان، وينفع في مثل هذا والوقوف على حقيقة الأمر هل هما واحد أو اثنان كتاب للخطيب البغدادي اسمه: (موضح أسباب الجمع والتفريق) الإمام البخاري يرى أنهما اثنان، والخطيب يستدل بالأدلة التي ثبتت عنده أنهما واحد، والخطيب في هذا الكتاب جعل نفسه حكماً بين الأئمة، فقد يقول البخاري هما اثنان، ويقول أبو حاتم: واحد ثم يحكم بينهما الخطيب، وأتمنى أن لو قرأ كل طالب علم مقدمة هذا الكتاب ليعرف منزلة نفسه ومنازل الأئمة؛ لأن الخطيب استشعر أنه في كتابه هذا نصب نفسه حكماً بين الأئمة فقدم بمقدمة يحسن ويجدر بل يتعين على كل طالب أن يقرأها، ليعرف كيف التأدب مع أهل العلم بكلام لا نظير له، ونحن نسمع ونرى أن بعض طلاب العلم من يسيء الأدب إلى من أحسن إليه أو عليه بالتعليم أو أحسن على الأمة بكاملها بأن فرَّغ نفسه لتعليم الناس وإفتاء الناس، والفصل بين منازعاتهم، ولا شك أن مثل هذا طالب العلم يحتاج إلى الأدب فيه، ويأتي أحياناً أسئلة في شيء مما ينم على ما في نفس الإنسان من تعالي وترفع وتعالم هذا لا ينبغي، مثل هذا لا شك أنه يُحرم بركة العلم والعمل، فالإنسان يأتي بنية التعلم، ولا يوجد ما يمنع من أن المعلم يخطئ، ويخفى عليه ما قد يوجد علي عند بعض الطلاب، لكن ينبغي أن ينبه بالأسلوب المناسب، وهذا كلام يوجه للموافق، أما المخالف هذا أمره سهل يعني، في درس المدينة شرح حديث: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» طال الحديث حول البدع والمبتدعة وتكلمنا في رؤوسهم، وجئنا بكلام لهم تنفر منه الطباع السلمية، وكتب واحد خطاب: اتق الله يا شيخ تطعن في خيار الأمة ابن عربي كذا، وبدأ يمدح ابن عربي وفلان وفلان من رؤوس المبتدعة، هذا ما يلام هذا أمره سهل؛ لأن ما عنده من بدعة أعظم من مثل هذا، لكن الكلام في شخص يتدين بالكتاب والسنة والتزام المنهج الصحيح منهج السلف الصالح، ثم يأتي من أسئلته أشياء ما تليق بطالب علم يعني، والناس يتفاوتون في طباعهم وأخلاقهم، يعني بعد وجد من المشايخ من يعطيه كلمة لا يرفع رأسه بعدها أبداً، يوجد عاد من الطرف الثاني يوجد، لكن ينبغي أن يكون المتبادل بين الطرفين هو التقدير والاحترام وحرص الشيخ على نفع الطالب، وأيضاً الطالب لا يضجر الشيخ أو يأتي بكلام ينفر منه؛ لأنه بشر مهما كان، هو بشر يتأثر بما يتأثر به الناس، فمراجعة كلام الخطيب في مقدمة الموضح، يعني لا بد لطالب العلم من قراءتها، يعني إذا كان الخطيب وهو إمام من أئمة المسلمين حافظ المشرق على الإطلاق يقول مثل هذا الكلام بالنسبة للأئمة، فما بالنا نحن مع شيوخنا وعلمائنا فضلاً عن الأئمة الكبار المتقدمين علماء الإسلام وحفاظ المسلمين، شاباً ما زال في مرحلة الطلب يرد على الأئمة بأساليب لا يقبلها ولا زميله ولا قرينه، وتقال بجانب الأئمة.

قال: "عن حرام بن معاوية" وعساه أن كان هذا أو ذاك فحديثه مقبول؛ لأنه موثَّق "عن عمه عبد الله بن سعد" وهو صحابي "قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن مواكلة الحائض فقال: «واكلها» هذا الذي كتب في مسألة البدعة والكلام في المبتدعة قال إن كلام ابن العربي الذي ذكرته لا تفهمه أنت ولا ابن تيمية من قبلك هذا بالمدينة من الوافدين، من الذين يقدسون هؤلاء، أظن ابن عربي الآن يعبد من دون الله على أنه يتصرف "قال: سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن مواكلة الحائض فقال: «واكلها» أمر من المؤاكلة أي كل معها، وفيه دليل على جواز ذلك، بل هو مجمع عليه بين علماء الأمة سلفها وخلفها.

"قال أبو عيسى: وفي الباب عن عائشة" عند مسلم والنسائي وأبي داود "وأنس" عند مسلم وأبي داود، وفيه أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم أخرجوها من البيت فلم يواكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوا في البيت، يعني يجتمعون معها فضلاً عن كونهم يطئونها، فقال -عليه الصلاة والسلام-: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح» فلما سمع اليهود ذلك قالوا: ما أراد هذا الرجل إلا مخالفتنا، ومخالفتهم مطلوبة، كان النبي -عليه الصلاة والسلام- في أول الأمر يحب موافقتهم تأليفاً لهم، ثم لما أيس منهم أمر بمخالفتهم وخالفهم كفرق الشعر وغيره "وهو قول عامة أهل العلم لم يروا بمواكلة الحائض بأساً" بل هذا مما أجمع عليه الناس قاله ابن سيد الناس في شرح الترمذي، ونقله أيضاً –الاتفاق- الطبري، وأما قوله: {فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ} [(222) سورة البقرة] أي مكان الحيض وهو الفرج فقط "واختلفوا في فضل وضوئها" الذي يبقى من الماء الذي تتوضأ به "فرخص في ذلك بعضهم" بلا كراهة "وكره بعضهم فضل طهورها" والمرجح هو الأول؛ لأنه لا دليل على الثاني، وتقدم في النهي عن الوضوء بفضل المرأة أن تتوضأ المرأة بفضل الرجل أو الرجل بفضل المرأة، وأن من أهل العلم من يرى أن المرأة إذا خلت بالماء تطهرت به طاهرة كاملة عن حدث وقد خلت به فإنه لا يرفع حدث الرجل، ومنهم من خص المرأة بالحائض، وهو الذي أشير إليه هنا، وكره بعضهم فضل طهروها، نعم.

عفا الله عنك.

قال -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في الحائض تتناول الشيء من المسجد

حدثنا قتيبة قال: حدثنا عبيدة بن حميد عن الأعمش عن ثابت بن عبيد عن القاسم بن محمد قال: قالت لي عائشة -رضي الله عنها-: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ناوليني الخمرة من المسجد» قالت: قلت: إني حائض، قال: «إن حيضتك ليست في يدك».

قال: وفي الباب عن ابن عمر وأبي هريرة.

قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح، وهو قول عامة أهل العلم لا نعلم بينهم اختلافاً في ذلك بأن لا بأس أن تتناول الحائض شيئاً من المسجد.

يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الحائض تتناول الشيء من المسجد" يعني فتأخذه منه بيدها من غير دخول تتناول الشيء من المسجد، يعني بالمقابل هذه ممنوعة من دخول المسجد، وبالمقابل المعتكف الذي الأصل فيه أنه لا يخرج من المسجد لا مانع أن يخرج رأسه من المسجد كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يخرج رأسه إلى عائشة فترجله وهي حائض وهو معتكف، فخروج بعض البدن أو دخوله لا يأخذ حكم الجميع، يعني هنا الحائض تمد يدها إلى داخل المسجد فتأخذ مثل هذه الخمرة، وأيضاً النبي -عليه الصلاة والسلام- أخرجه رأسه وهو معتكف، والأصل أن المعتكف لا يخرج من المسجد فترجله وهي حائض، ولو كان النبي -عليه الصلاة والسلام- جميعه في المسجد حتى الرأس وأدخلت يدها وسرحته وهو في المسجد مثل أخذ الخمرة، فهذا وهذا لا يعني حكم البدن الكامل.

 قال: "حدثنا قتيبة وابن سعيد قال: حدثنا عبيدة" بن حميد، بفتح العين، الحذّاء التيمي أو الليثي صدوق "عن الأعمش عن ثابت بن عبيد" وهو ثقة الأنصاري الكوفي "عن القاسم بن محمد" أحد الفقهاء السبعة "قال: قالت لي عائشة" هي عمته أبوه محمد بن أبي بكر، قال: قالت لي عائشة: "قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ناوليني الخمرة من المسجد»" يعني أعطيني الخمرة من المسجد، المراد به السجادة التي يصلي عليها، ومنهم من يقول: إن الخمرة هي ما كان بقدر الوجه يسجد عليها، وتطلق الخمرة على الكبير والصغير على الكبيرة والصغيرة القطعة الصغيرة والكبيرة "من المسجد، قالت: قلت: إني حائض، قال: «إن حيضتك» بفتح الحاء على الصواب فيما قاله عياض وغيره، وصوب الخطابي الكسر وهذا تقدم «إن حيضتك ليست في يدك» يعني فيدك ليست بنجسة؛ لأنها لا حيض فيها؛ لأن المتبادر من اللفظ: «إن حيضتك ليست في يدك» أنك لا تملكين من أمرك شيء، الحيضة من الله -جل وعلا- ليست منك، شيء كتبه الله على بنات آدم، لكن المقصود هنا أن الحيضة ليست باليد إنما هي في موطنها، في موضعها فلا تتعدى النجاسة عن موضع النجاسة فاليد طاهرة، لو أدخلت اليد وهي طاهرة ما يمنع، وإن كان الذي يفهم أن الحيضة ليست في يدك أن هذا أمر خارج عن إرادتك، هذا يفهم من الخبر لكنه هنا أن يدك ليست بحائض إذاً ليست بنجسة، الحيضة لا تتعدى عن مكانها، يعني النجاسة يعني فرق بين الحدث وبين النجاسة، الحدث في البدن كله، وإن كان موضع الحيض في جزء من البدن، لكن البدن كله متصف بالوصف المانع من هذه العبادات والنجاسة في موطنها الخاص، فاليد طاهرة تتناول الشيء من المسجد ولا تلوث، فلا إشكال في هذا.

في حديث التي تفلي النبي -عليه الصلاة والسلام- فجاءها من يكلمها فوقفت، فقال: «إنك لا تكلمينها بيدك» يعني بعض الناس إذا حصل له شيء توقف وإن كان هذا لا يقتضي التوقف، فمثلاً لو أن إنسان يقود سيارة ويمشي على سرعة معينة في طريق سريع والسرعة مائة وعشرين ثم اتصل به أحد هدئ السرعة ويش علاقة الكلام بالرجل؟ لها علاقة؟ لكن هذا موجود عند بعض الناس، ولذلك يمكن أن تقول له: أنت لا تكلم برجلك، يعني ألا يوجد من بعض الناس أنه إذا حصل له أدنى شيء يعني لو أتصل عليه بالتلفون وهو يقود السيارة خفف السرعة فيتجه إليه الكلام أنك لا تكلم برجلك، تكلم بيدك وأذنك فالرجل ما لها علاقة، مثل الذي تفلي فكلمت رفعت يدها، تتكلم بلسانها وتسمع بأذنها اليد ما لها علاقة، ولذا قال: «إن حيضتك ليست في يدك» يعني لما اعترضت قالت: إني حائض، يعني بأي شيء تتناولين الخمرة؟ باليد، واليد طاهرة ما فيها حيض، نعم هي محدثة الوصف المانع من مزاولة العبادات وأصل إليها يشملها ويعمها، لكنها ليست بنجسة.

قال: "وفي الباب عن ابن عمر وأبي هريرة" حديث ابن عمر في المسند للإمام أحمد، وحديث أبي هريرة في النسائي، وفي الباب أيضاً عن أنس وأبي بكرة، كما في مَجمع الزوائد للهيثمي.

"قال أبو عيسى: حديث عائشة حديث حسن صحيح" ورواه مسلم "وهو قول عامة أهل العلم لا نعلم بينهم اختلافاً في ذلك" بأن لا بأس أن تتناول الحائض شيئاً من المسجد.

يعني بيدها، قال البغوي في شرح السنة: في الحديث دليل على أن للحائض أن تتناول شيء من المسجد، وأن من حلف على ألا يدخل داراً أو مسجداً فإنه لا يحنث بإدخال بعض جسده فيه، وهذا يمكن أن يأخذ من هذا الحديث ويأخذ من حديث الاعتكاف.

يعني النبي -صلى الله عليه وسلم- لما أخرج رأسه إلى عائشة ما خرج من المسجد، ولو خرج بعض بدنه، فالذي يحلف ألا يدخل دار فلان لا يحنث بدخول بعض بدنه كما هنا، وفي حديث الاعتكاف، وليس معنا إخراج الرأس لمثل هذه الحاجة بالنسبة للمعتكف، وأنه لا يخل بالاعتكاف أن يستغل المعتكف الفرصة ويفرش عند باب المسجد ورأسه خارج المسجد ليل نهار يتصفح الغادي والرائح يقول: أنا ما زلت في المسجد، أنت ما حققت الهدف الذي من أجله شرع الاعتكاف، لكن شيء يسير لحاجة لا مانع، تمد يدك تأخذ شيء من خارج المسجد تبرز رأسك، تريد أن تنادي فلان أو علان تخرج رأسك وتصوت لا بأس، أما أن تفرش عند باب المسجد ولو كنت في داخل المسجد وتطلع على الغادي والرائح وتتبع نظرك الناس وهم في أعمالهم وفي محلاتهم هذا ما هو باعتكاف هذا، ولو قلنا: إن البدن في المسجد، والاعتكاف يخل به ما يناقض الهدف الذي من أجله شرع ولو لم تخرج من المسجد، ومع الأسف أن كثير من المعتكفين لا يلاحظون مثل هذا، تجده الجرائد يتابعها باستمرار، والآلات معه ويتابع الأخبار والانترنت، والقيل والقال، يعني وجد هذا من بعض المعتكفين، هذا ينافي الهدف الذي من أجله شرع الاعتكاف، إذا كان أهل العلم من زمن الصحابة إلى يومنا هذا لا يُعلِّمون العلم وقت الاعتكاف ولا يوجهون الناس يعني لا يتكلم بعد الصلاة؛ لأنه معتكف، ويتركون كل شيء في الاعتكاف إلا للتلاوة والذكر والصلاة فقط، وما عدا ذلك فليس مما يشرع في الاعتكاف حتى تعليم العلم سلف هذه الأمة يتركونه، وإذا أقبلت المواسم التي تستغل في العبادات الخاصة اللازمة، المعينة على حياة القلوب يتركون الأمور العامة، والله المستعان، نعم.

طالب:.......

لكن الحدث موجود «ناوليني الخمرة» الخمرة قطعة سجادة تناوله ما في إشكال، لكن الحدث موجود في اليد.

طالب:.......

المصحف، لا، المصحف لا، يعني لو أنك رجعت إلى ترجمة البخاري في مس المصحف، وقال إبراهيم: لا يحمل المصحف ولا في علاقته، يعني في كيسه.

طالب:.......

ما يلزم، لا شيئاً المقصود به ما ورد في الخبر، الخمرة وما في حكمها، نعم.

عفا الله عنك.

قال -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في كراهية إتيان الحائض:

حدثنا بندار قال: حدثنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي وبهز بن أسد قالوا: حدثنا حماد بن سلمة عن حكيم الأثرم عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها أو كاهناً فقد كفر بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم-».

قال أبو عيسى: لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث حكيم الأثرم عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي هريرة، وإنما معنى هذا عند أهل العلم على التغليظ، وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أتى حائضاً فليتصدق بدينار» فلو كان إتيان الحائض كفراً لم يؤمر فيه بالكفارة، وضعّف محمد هذا الحديث من قبل إسناده، وأبو تميمة الهجيمي اسمه: طريف بن مجالد.

يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في كراهية إتيان الحائض" الكراهية هنا كراهية تحريم، كراهية تحريم، ونقل الإجماع عليه، وأن الكراهية هنا تحريم وليست كراهية تنزيه، وإتيان الحياض هو جماعها.

"حدثنا بندار" محمد بن بشار قال: "حدثنا يحيى بن سعيد" وهو القطان "وعبد الرحمن بن مهدي وبهز بن أسد" وكلهم أئمة ثقات "قالوا: حدثنا حماد بن سلمة عن حكيم الأثرم" البصري، وهو ليِّن، والقاعدة في اللين في مقدمة التقريب يقول: من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت في حديثه ما يترك من أجله فإن توبع فمقبول وإلا فلين، وهنا لم يتابع حكيم على هذا الخبر، فيبقى لين، والين في الأصل ضعيف حتى يتابع "عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أتى حائضاً»" يعني جامع حائضاً «أو امرأة» يعني وطأ امرأة «في دبرها» يعني سواء كانت حائض أو غير حائض «أو كاهناً» وهو من يدعي علم المغيبات، ومعرفة الأسرار، والعراف الذي يدعي أنه يعرف مكان الشيء المسروق، ومكان الضالة، وحكمهما واحد، أو أتى كاهناً «فقد كفر بما أنزل على محمد» من أتى يعني جامع الحائض، وجماع الحائض محرم بالإجماع، وكذلك وطء المرأة بالدبر محرم، وبعض الناس إذا رأى مثل هذا الحديث وأن فيه كلام لأهل العلم قال: الضعيف لا يحتج به، فنسمع من يقول بأن مثل هذا ما دام فيه حديث ضعيف ما أثبت به حجة فبدلاً من أن يكون محرماً يكون جائزاً؛ لأن الضعيف لا تثبت به حجة مع أن الإجماع قائم على تحريم وطء المرأة في الدبر، ولا يفعله إلا بعض طوائف البدع كما هو معلوم في كتبهم، ومقرر عندهم، لكن مع ذلك هو محرم بإجماع من يعتد بقوله من أهل العلم، ومن يستدل بقوله: {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ} [(223) سورة البقرة] يعني في موضع الحرث {فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [(223) سورة البقرة] لكن في موضعه، يعني كيف شئتم لكن في موضعه، أين موضع الحرث؟ هو الفرج القبل لا الدبر؛ لأن الدبر ليس بموضع للحرث، وأنصاف المتعلمين تجد منهم من يجرئ على بعض القضايا المجمع عليه، ويظن أنه أتى بما لم تأتِ به الأوائل، مجرد أن الحديث وقد وجد غيره في الباب أحاديث تقويه، ويوجد من عمومات الشريعة وإجماع أهل العلم لا يهدر تجده إذا ضعف عنده الحديث خلاص يعني وجوده مثل عدمه، كما قال بعضهم يقول: كانت الكتب التقليدية تبدأ بالبسملة والحمدلة، يعني وهو ما هو بادئ لا ببسملة ولا بحمدلة ليش؟ لأن الألباني قال: الحديث بجميع طرقه وألفاظه ضعيف «كل أمر ذي بال» فما دام الحديث ضعيف ليش يسمي وليش يحمد الله؟ يعني يصل الأمر إلى هذا الحد، كانت الكتب التقليدية تبدأ بالبسملة والحمدلة وما دام الحديث بجميع طرقه وألفاظه ضعيف ليش نبدأ؟ لماذا نبدأ بالبسملة والحمدلة؟ يعني في أحد يتوقع مثل هذا الكلام؟ لا، يعني لو ما عندنا إلا كتاب الله -جل وعلا- مبدوء بالبسملة والحمدلة، خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- مبدوءة بالحمدلة، رسائله كلها مبدوءة بالبسملة، رسائل الأنبياء من قبله مبدوءة بالبسملة {إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [(30) سورة النمل] يعني ما يلزم أن يثبت هذا الخبر أو ذاك، إذا كان عندنا أصول نأوي إليها ونعتمد عليها، فأحياناً تسمعون كلام يعني جلسوا إلى طلوع الشمس، اثنان من الشباب جلسا إلى أن طلعت الشمس، قال: تبينا نمشي وإلا تصلي صلاة العجائز صلاة الإشراق بناء على أن الحديث: «من صلى الصبح في جماعة وجلس في مجلس ثم صلى ركعتين» بناء على أنه مضعف يعني ضعفه بعض أهل العلم، هب أن الحديث مُضعف لكن الجلوس ثابت بفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- في صحيح مسلم، إلى أن ترتفع الشمس، صلاة الركعتين هذه اعتبرها صلاة الضحى، وجاء فيها أحاديث كثيرة صلاة الضحى، أوصاني خليلي بثلاث منها ركعة الضحى، أوصى ثلاثة من أصحابه -عليه الصلاة والسلام-، وحديث: «يصبح أحدكم كل سلامى عليه صدقة... ويكفي من ذلك ركعتان تركعهما من الضحى» وصلاة الأوابين إذا رمضت الفصال أحاديث كثيرة في صلاة الضحى، ثم يقول: لأن هذا الحديث ضعف، ما يستوعب ذهنه أكثر من هذا، ويأتي من يقول: إنه ما دام الحديث ضعيف لماذا يُحرم إتيان المرأة من دبرها؟ والمسألة مجمع عليها عند أهل العلم.

«أو كاهناً» يعني جاء في الكاهن مجرد الإتيان والعراف وجاء التصديق «من أتى كاهناً لم تقبل له صلاة أربعين يوماً» و«من أتى كاهناً فصدَّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد» الإتيان إلى هؤلاء فتنة، والآن ابتلي الناس بهم في بيوتهم، القنوات الفضائية منها قنوات مخصصة للسحر والكهانة، وموجودة في بيوت عوام المسلمين تجدهم يطَّلعون عليها يقولون: من باب الإطلاع، الإطلاع عليها مجرد فتح القناة وأنت تعرف أنها قناة سحر هذا إتيان للكاهن لا تقبل لك صلاة أربعين يوماً، وإذا صدَّقت كفرت بما أنزل على محمد، قد يقول قائل: أنا ملزم بالتصديق، لو كذبت نفسي مصدقه لماذا؟ لأنه يقول لك مثلاً ويجيب لك أخبار لم يطلع عليها إلا أنت ويخبرك بها، يعني ذهب واحد إلى كاهن ساحر، وقال له: لا تتكلم أن أعرف قصد ويش أنت جاي له؟ أنت جائي تزوجت في بلد كذا وفي ليلة الدخول دخلت عليكم امرأة ورشتكم بطيب وهذا باقي القارورة اللي رشتكم منه، هذا باقية والمرأة هذه صفتها قال: صدقت، يعني كلام مطابق للواقع، يكفر إذا صدق بكلام مطابق للواقع يكفر ويجب عليه أن يقول: كذبت ولو كان مطابقاً للواقع؛ لأن العبرة بمطابقة الشرع، لا بمطابقة الواقع، ونظير ذلك أنه لو شهد ثلاثة على شخص بالزنا وقالوا: رأيناه يزني كما يفعل الرجل بامرأته، رأيناه رؤية عين هم صادقون فيما يقولون، رأوه رؤية عين، يعني خبرهم مطابق للواقع لكنهم عند الله هم الكاذبون، يعني كذب شرعي ذا ما هو..، ولو طابق الواقع كاذبون، ولو رأوه بأعينهم كاذبون، والساحر لو قال لك: هذه هي المرأة التي سحرتك هذه صورتها، وهذا الطيب الذي..، نقول: كذبت، ولا يجوز تصديقه، ومن صدقه فقد كفر بما أنزل على محمد، لا بد من اعتقاد مثل هذا، وإلا المسألة رأس المال التوحيد هذا، فمثله هذه الأمور حقيقة مع التساهل بالفتوى بأمر السحر، وأيضاً وجود هذه القنوات تجد أمر السحر هان عند الناس، وبدل من أن يكون مجرماً أثيماً كافراً كفر مخرج عن الملة، الساحر يكون محسن، وينبغي أن يؤذن له ويفتح له محلات لماذا؟ لأنهم يُخلّصون هؤلاء المضطرين المساكين المسحورين، يعني مثل هؤلاء الفتاوى لها أثارها السيئة وكثروا بسبب مثل هذه الفتوى نسأل الله العافية، يعني لا يقول قائل: والله الساحر لو قلت: كذبت بلساني ما أقدر أقول بقلبي: كذبت ليش؟ لأنه جاب لي الطيب اللي أنا أعرف القارورة هذه هي، والمقدار فيها من الطيب أعرفه لونه ولون القارورة، والمرأة هذه صفتها، نقول: كذبت ولو طابق الواقع هو كاذب، ونظيره مثل ما ذكرنا القذفة ثلاثة قد يكونوا من خيار الناس قبل ذلك، وهو صادقون، والداعي إلى ذلك الغيرة على حد زعمهم، لكن {فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [(13) سورة النــور] ولو رأوه بأم أعينهم، فالمسألة مسألة شرعية، والله المستعان، المصدق يكفر ما أنزل على محمد ومجرد الذهاب لا تقبل له صلاة أربعين يوماً، وهنا «من أتى كاهناً فقد كفر بما أنزل على محمد» هي مقيد بالتصديق كما في الحديث الثاني، أما مجرد الإتيان لا تقبل له صلاة أربعين يوماً، وكذلك مثله في الحكم من يفتح القناة التي يعرف أنها قناة سحر، يعرف أنها قناة سحر، ويطلع إلى ما عندهم هذا لا تقبل له صلاة أربعين يوماً، فإن صدقهم فقد كفر ما أنزل على محمد، والآن يعلن في القنوات على الطبيب الروحاني فلان الذي..، فتن شيء رقق بعضها بعضاً، بدأت بالفتوى بجواز حل السحر، ثم بعد ذلك انتهت بهذه القنوات، نسأل الله السلامة والعافية.

"قال أبو عيسى: لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث حكيم الأثرم  " وعرفنا أنه لين "عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي هريرة" وإنما معنى هذا عند أهل العلم على التغليظ، قد كفر يعني يكون من نصوص الوعيد التي لا يقصد منها حقيقة الكفر، وإنما يقصد من ذلك التغليظ على فاعل هذه الأمور، وإن كان مستحل لذلك كفر نسأل الله العافية؛ لأنها أمور مجمع عليها، وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «من أتى حائضاً فليتصدق بدينار» وسيأتي في الباب الذي يليه، يستدل الترمذي بهذا على أن إتيان الحائض ليس بكفر على ظاهره، قال: فلو كان إتيان الحائض كفراً، لم يؤمر فيه بالكفارة، وضعف محمد يعني البخاري هذا الحديث من قبل إسناده، قال البخاري: لم يتابع حكيم ابن الأثرم على حديثه "وأبو تميمة الهجيمي اسمه: طريف بن مجالد" وهو ثقة لكن حكيم الأثرم لين فيحتاج إلى متابع.

سم.

عفا الله عنك.

قال -رحمه الله تعالى-:

باب: ما جاء في الكفارة في ذلك:

حدثنا علي بن حجر قال: أخبرنا شريك عن خصيف عن مقسم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الرجل يقع على امرأته وهي حائض قال: «يتصدق بنصف دينار».

حدثنا الحسين بن حريث قال: أخبرنا الفضل بن موسى عن أبي حمزة السكري عن عبد الكريم عن مقسم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا كان دماً أحمر فدينار، وإذا كان دماً أصفر فنصف دينار».

قال أبو عيسى: حديث الكفارة في إتيان الحائض قد روي عن ابن عباس موقوفاً ومرفوعاً، وهو قول بعض أهل العلم، وبه يقول: أحمد وإسحاق، وقال ابن المبارك: يستغفر ربه ولا كفارة عليه، وقد روي نحو قول ابن المبارك عن بعض التابعين منهم سعيد بن جبير وإبراهيم النخعي، وهو قول عامة علماء الأمصار.

يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الكفارة في ذلك" يعني كفارة وطء الحائض، إذا وطأ زوجته حال الحيض فإن عليه كفارة دينار أو نصفه على ما في حديث الباب مع ما فيه من كلام لأهل العلم.

قال -رحمه الله-: "حدثنا علي بن حجر قال: أخبرنا شريك" شريك بن عبد الله القاضي، صدوق يخطئ مخرج له في صحيح مسلم وغيره مقرون في حديث الإسراء، وأخطاؤه وأوهامه في حديث الإسراء تبلغ العشرة، أحصاها ابن القيم في زاد المعاد، وابن حجر في فتح الباري، قال: "أخبرنا شريك عن خصيف بن عبد الرحمن" الجزري، قالوا عنه: صدوق سيء الحفظ "عن مقسم بن بجرة" أو نجدة، مولى ابن عباس؛ لأنه ملازم له "عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الرجل يقع" يعني يجامع "يقع على امرأته وهي حائض" الجملة حال، يعني حال كونها حائض، "قال: «يتصدق بنصف دينار»" وفي الذي يليه قال: "حدثنا الحسين بن حريث قال: أخبرنا الفضل بن موسى" المروزي ثقة "عن أبي حمزة السكّري" ثقة أيضاً، وعلاقته بالسكر لا لأنه يبيعه أو يزرعه وإنما قالوا: لحلاوة كلامه "عن عبد الكريم بن مالك" الجزري ثقة، وليس المراد به عبد الكريم أبو أمية ابن أبي المخارق ذاك ضعيف، وإن كان في طبقته "عن مقسم عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا كان دماً أحمر فدينار، وإذا كان دماً أصفر فنصف دينار»" حديث الكفارة كفارة الوطء حال الحيض حديث كثر فيه كلام أهل العلم، وفيه اضطراب كبير في متنه وفي إسناده، في سنده وفي متنه، شوف الرواية الأولى يقول: «يتصدق بنصف دينار» وفي الثانية يقول: «إن كان دماً أحمر فدينار، وأن كان دماً أصفر فنصف دينار» وفي بعضها: «تصدق بدينار أو نصفه» على الشك أو التأخير، وهذا كله مما يجعل المتن مضطرباً، وأيضاً إسناده فيه اختلاف كبير، لكن إذا أمكن الترجيح كما هو معروف في مبحث المضطرب ينتفي الاضطراب، يعني الحديث المضطرب هو الذي يروى على أوجه مختلفة متساوية، أوجه يعني يروى على أكثر من وجه، هذه الأوجه تكون مختلفة لا متفقة، ومتساوية لا يكون بعضها أرجح من بعض، فإن أمكن الترجيح انتفى الاضطراب، روى أبو داود في سننه قال: حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن شعبة قال: حدثني الحكم عن عبد الحميد بن عبد الرحمن عن مقسم عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال: «يتصدق بدينار أو نصف دينار» ورواته كلهم مخرج لهم في الصحيح إلا مقسم، مقسم انفرد به البخاري، يعني الرواة كلهم مخرج لهم في الصحيحين إلا مقسم فإنه مخرج له في البخاري، والحديث صححه الحاكم، وصححه ابن القطان، وأقره ابن دقيق العيد، وابن حجر في التلخيص، وفي هذا ما يرد على النووي في قوله في شرح المهذب، وفي شرح مسلم إنه ضعيف بالاتفاق، وقد صححه من سمعتم الحاكم وابن القطان، وأقره ابن دقيق العيد وابن حجر، كلهم صححوه، وفي هذا رد على النووي، لكنه مختلف في رفعه ووقفه.

قال ابن سيد الناس: من رفعه عن شعبة أجل وأكثر وأحفظ، من رفعه عن شعبة أجل وأحفظ وأكثر، يعني فالقول قولهم، فالراجح رفعه لا وقفه، مع أن البيهقي ذكر أن شعبة رجع عن رفعه، فقيل له عن ذلك قال: كنت مجنوناً فصححت، يعني لما كنت أرفعه ما أعي ما أقول ولما أفقت وقفته.

يقول هنا في قول ابن عباس: قال إذا كان دماً أحمر فدينار، وإن كان دماً أصفر فنصف دينار يعني الإشكال بعد تثبيت الخبر «فليتصدق بدينار أو نصفه» أو هذه للشك أو للتخيير أو للتقسيم، يعني هل شك الراوي؟ هل قال: دينار أو نصف دينار؟ أو للتخيير إن شاء أن يتصدق بدينار فعل، وإن شاء أن يتصدق بنصف دينار فعل، أو للتقسيم للأشخاص أو للحالات، فإذا كان الوطء في أول الحيض في فورته في احمراره فدينار، وإن كان بعد ضعفه واصفرار الدم وقبل التطهر نصف دينار، أو نقول: إن هذا يختلف باختلاف الأشخاص الموسر يتصدق بدينار والمعسر يتصدق بنصف دينار، على كل حال قيل بكل هذه الأقوال، والحديث لا يسلم مقال، واضطرابه معروف عند أهل العلم.

"قال أبو عيسى: حديث الكفارة في إتيان الحائض قد روي عن ابن عباس موقوفاً ومرفوعاً" والخلاف في مثل هذا معروف، يعني إذا تعارض الوقف مع الرفع معروف من أهل العلم من يرى أن الحكم للرفع مطلقاً لأن مع الرافع زيادة علم، خفيت على من وقف، ومنهم من يقول: الحكم لمن وقف؛ لأنه هو المتيقن والرفع مشكوك فيه، البيهقي بين في روايته أن شعبة رجع عن وقفه، قال: وهو قول بعض أهل العلم، وبه يقول أحمد وإسحاق والشافعي في القديم، يقولون: يتصدق كفارة، وقال ابن المبارك: يستغفر ربه ولا كفارة عليه، هو ذنب معصية من المعاصي عليه أن يستغفر، وحديث الكفارة لم يثبت، ولا كفارة عليه لاضطراب الحديث، والأصل براءة الذمة، ولا يكلف أحد إلا بشيء ملزم تثبت به الحجة، وبعض أهل العلم قال: وطء الحائض حرام، والصائم الوطء بالنسبة لهم حرام، من وطأ امرأته وهي حائض عليه كفارة ظهار، كما لو وطأها وهو صائم، بجامع التحريم لكل منهما، لكن هذا قول ضعيف.

قال -رحمه الله-: "حدثنا بن أبي عمر قال: حدثنا سفيان" هو ابن عيينة "عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر أن امرأة سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الثوب يصيبه الدم من الحيضة" بفتح الحاء كما تقدم "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «حتيه»" يعني: حكيه بظفر أو عود ونحوه «ثم اقرصيه» أدلكيه بالماء، ويكون هذا الدلك بأطراف الأصابع، بعد الحت بالظفر «ثم رشيه» أي صبي عليه الماء «وصلي فيه» وقد يحصل كل هذا فيبقى الأثر صفرة في الثوب لا تمكن إزالتها، مثل هذه الصفرة بعد فعل جميع الأسباب من أجل إزالتها فقد جاء ما يدل على أن هذا الأثر لا يضر.

قال: "وفي الباب عن أبي هريرة" عن أبي داود والنسائي وابن ماجه "وأم قيس بنت محصن" عند أبي داود "قال أبو عيسى: حديث أسماء في غسل الدم حديث حسن صحيح" وأخرجه الشيخان وغيرهما "وقد اختلف أهل العلم في الدم يكون على الثوب فيصلي فيه قبل أن يغسله، فقال بعض أهل العلم من التابعين: إذا كان الدم مقدار الدرهم فلم يغسله وصلى فيه أعاد" وجاء في حديث عند الدارقطني عن أبي هريرة رفعه: «تعاد الصلاة من قدر الدرهم من الدم» لكنه حديث باطل، وقال ابن حبان هو موضوع، وذكره ابن الجوزي في الموضوعات، مقدار الدرهم من الدم بعض العلماء جعلوا الفرق بين القليل والكثير القليل الذي يعفى عنه والكثير الذي لا يعفى عنه الدرهم "وقال بعضهم: إذا كان الدم أكثر من قدر الدرهم أعاد الصلاة وهو قول سفيان الثوري ابن المبارك" والحنفية هذه رأي الحنيفة التحديد بالدرهم، فما كان دونه يعفى عنه، وما كان فوقه لا يعفى عنه، ومردهم في ذلك أن الاستنجاء يبقى على محل الخروج، يعني الاستنجاء ما يقطع النجاسة من أصلها، ولذا يقولون: في ضابط الاستنجاء المجزئ ألا يبقى إلا أثر لا يزيله ولا يذهبه إلا الماء، هذا الاستجمار، الاستجمار ضابطه ألا يبقى إلا أثر لا يزيله إلا الماء، فالاستجمار لا بد أن يبقى أثر، والذي يقضي عليه بالكلية هو الماء.

يقول صاحب الهداية من الحنفية: قدر الدرهم وما دونه من النجاسة المغلظة كالدم والبول والخمر وخراء الدجاج وبول الحمار تجوز الصلاة معه وإن زاد لم يجز؛ لأن القليل لا يمكن التحرز منه والتحديد بالدرهم أخذاً عن موضع النجاسة، يعني في حال الاستجمار، يعني الجمع بين الدم والبول والخمر وخر الدجاج وبول الحمار، يعني على القول بأن بول ما يؤكل لحمه وعذرته كلها نجسة عند الحنفية والشافعية جعل رجيع الدجاج مثل البول، مثل بول الحمار، ومعروف أن ما يؤكل لحمه الراجح أن رجيعه طاهر، كما هو معلوم في قصة العرانين أمرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يشربوا من ألبانها وأبوالها، التحديد بالدرهم وقياسه على موضع النجاسة، موضع الخارج حقيقة قياس مع الفارق، هذا جاء به النص، وذاك لم يرد به نص، وأيضاً جعل النجاسات كلها على مستوى واحد وكلها يعفى عن يسيرها بقدر الدرهم هذا أيضاً لا يدل عليه دليل، بل المعروف عند الشافعية والحنابلة وجمهور أهل العلم التشديد في أمر البول، وحديث صاحبي القبرين وأنهما يعذبان وما يعذبان بكبير كان أحدهما لا يستبرئ أو لا يستنزه من بوله، جعل أهل العلم يحتاطون للبول؛ لأنه سبب لعذاب القبر، يحتاطون للبول حتى أن المعروف عند الحنابلة وبعض الشافعية أن البول لا يعفى عن يسيره حتى ما لا يدركه الطرف، كرؤوس الإبر لا يعفون عنه، لا يعفى عن مثل هذا، وحديث الاستبراء والاستنزاه من البول جعل البول أمره شديد، قال: "ولم يوجب بعض أهل العلم من التابعين وغيرهم عليه الإعادة، وإن كان أكثر من قدر الدرهم" يعني مطلقاً، "ولم يوجب بعض أهل العلم من التابعين وغيرهم الإعادة، وإن أكثر من قدر الدرهم وبه يقول أحمد وإسحاق، يعني بالنسبة للدم قصة الصحابي الذي أصابه السهم وهو يصلي فاستمر في صلاته، عمر -رضي الله عنه- صلى وجرحه يثعب دماً، وقلنا في هذا ما تقدم من أن هذا حكمه حكم من حدثه دائم، فلا يقاس عليه غيره.

وقال الشافعي: يجب عليه الغسل وإن كان أقل من قدر الدرهم، وشدد في ذلك حتى الحنابلة يشددون في شأن البول وأنه لا يعفى عن يسيره ولو كان مما لا يدركه الطرف، حديث الباب «حتيه ثم اقرصيه» لم يرد فيه تحديد بين قليل ولا كثير، ولا حدد مقدار الدرهم ولا دونه، لكن حديث عائشة في البخاري أنها تقصعه بريقها يدل على الفرق بين القليل والكثير، وصح عن عائشة في الكثير أنها كانت تغسله، وكان أبو هريرة لا يرى بالقطرة والقطرتين بأساً، مما يدل على أنه يرى بالثلاث بأساً، وعصر ابن عمر بثرة فخرج منها دم فمسه بيده وصلى، وجاء عن بعضهم أنه كان يحرك أنفه فينزل منه الشيء اليسير من الدم ويستمر يصلي ولا ينتقض وضوؤه ولا ينجس بذلك، فالدم لا شك أنه يختلف عن البول، فالدم يعفى عن قليله ولا يعفى عن كثيرة

وبالنسبة للبول لا يعفى عن قليله ولا كثيرة، والله أعلم.

 وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طالب:........

نعم كيف؟

طالب:........

قالوا: الدرهم البغلي كلام طويل يعني ما ينضبط، ما له أصل فما ينضبط، وقالوا: مقدار الدرهم قدر الظفر يعني قدر حلقة المخرج، قدر الظفر، ثم قالوا عن عمر أنه يعفى عن الظفر وظفر عمر رجل طوال يعني قال الحنفية: إن ظفره بقدر الكف لبعض الناس، كلام ما هو بصحيح ما يمكن، إيه.

طالب:........

لا لا، هذا مثل من حدثه دائم، حدثه دائم، يعني ما يمكن، عندهم خياط وإيقاف للدم ما عندهم ينزف إلى أن يموت وينتهي.

اللهم صلِ وسلم على نبينا محمد.

"
هل يحرم على الجنب قص الأظفار وحلق العانة أو قص الشعر مطلقاً من أي مكان من الجسد؟

لا لا يحرم عليه، بل يندب له أخذ الزايد ولا يجوز له أن يتركه أربعين يوماً.

يقول: هل يباح أكل التمساح ومن على شاكته من الحيوانات البرمائية إن كان ميتاً؟

إذا كان يعيش في البر ويعيش في البحر فإنه لا يجوز أكله؛ لأنه ميتة، والحل ميتته ميتة البحر مخصوص بما لا يعيش إلا في البحر.

يقول: هل يلحق بحيوانات البر من لها ناب بعدم أكلها أو أنه خاص بحيوانات البر؟

يعني ما جاء في حديث: «الحل ميتته» يقتضي أن ما مات فيه يجوز أكله مما لا يعيش إلا فيه، والميتة معروف أنها محرمة في البر، فهل يجري هذا على كل محرم في البر أنه يجوز أكل نظيره في البحر؟ ما دامت الميتة وهي أشد المحرمات ولا تباح إلا لضرورة تباح ميتة البحر فهل يقال بجميع ما مُنع نظيره في البر يباح نظيره في البحر؟ مثل إنسان البحر كلب البحر خنزير البحر يجوز أكله أو لا يجوز؟ عموم الأخبار تدل على جوازها، والذي يدخل هذه المسميات في عموم النصوص الواردة ولا يستثني من ذلك إلا الميتة لا شك أن هذا قول معروف عند أهل العلم {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ} [(145) سورة الأنعام] يعني يدخل خنزير البحر في هذه الآية أو لا يدخل؟ المسألة معروفة عند أهل العلم أن ما حرم نظيره في البر هل يجوز أكله في البحر أو لا يجوز؟ وإطلاق الأحاديث الدالة على حل ميتة البحر ما لا يعيش إلا فيه يدل عل أن كل ما فيه يجوز.

يقول: هل قصة سعيد بن المسيب قوله لمن فتح السين: "سيبونا سيبهم الله"؟ ومن رواها؟

المعروف المشتهر المستفيض عند أهل العلم أنه قال: "سيب الله من سيب أبي" فالمسيب أبوه، وعلى كل حال هو المشتهِر، المشهور الفتح ولو نقل عنه ما نقل، المشتهر الفتح، وعلى كل حال من اتقى هذه الدعوة إن ثبتت فالأمر سهل، يعني لو قال: المسيِب يتقي هذه الدعوة بقدر الإمكان، ولا يبعد أن يكون أبوه بالفتح، لكنه رأى أن هذا من التسيب وهو الترك، مثلما أراد النبي -عليه الصلاة والسلام- تغير اسم جده حزن إلى سهل، فقال جده للنبي -عليه الصلاة والسلام-: السهل يوطأ، وما قبل التغيير هذا، يقول سعيد: ما زالت الحزونة فينا، وأما بالنسبة للتسييب هل ما زال فيهم أو ما زال؟ إن كان سعيد المسيِب فلا بقي أحد، سعيد إمام أئمة المسلمين، عند الإمام أحمد هو أفضل التابعين على الإطلاق، هو أفضل التابعين على الإطلاق عند الإمام أحمد، وإن كان أصحابه من الحنابلة خصوا ذلك بالعلم وإلا فأويس القرني أفضل منه بالنص.

هذا يطلب إعادة قاعدة: التأسيس خير وأولى من التأكيد، في حديث: «الصعيد الطيب طهور أحدكم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليتقِ الله وليمسه بشرته»؟

ذكرنا بالأمس أن يتقي الله وليمسه بشرته عما مضى من حدث أو عما يستقبل؟ إلا أنه إذا قلنا: عما مضى يكون مؤسساً لحكم جديد، وأن التيمم لم يعرف الحدث الأكبر رفعاً مطلقاً، وإنما رفعه رفعاً مؤقتاً، وإذا قلنا: أنه يمسه بشرته لما يستقبل من الأحداث قلنا: الخبر ما جاء بشيء البتة؛ لأن جميع نصوص الطهارة تدل على ذلك، والتأسيس -تأسيس حكم جديد- أولى من تأكيد أحكام ثبتت بنصوص أخرى.

يقول: هل يقبل تفرد محمد بن إسحاق في حديث سهل بن حنيف في نضح الثوب في المذي؟ وهل صحيح أن محمد بن إسحاق لا يقبل تفرده ولو صرح بالتحديث في أحاديث الأحكام؟

أولاً: محمد بن إسحاق إمام في المغازي، وإذا روى في هذا الباب فهو ثقة، وإذا روى في غيره من أبواب الدين فالقول المعتدل من أقوال أهل العلم بين التوثيق المطلق، وبين رميه بالكذب، القول الوسط أنه صدوق، لكنه مع ذلك مدلس لا بد أن يصرح بالتحديث، فإذا صرح بالتحديث أمنا تدليسه، فخبره مقبول.

يقول: هل زيادة: "غسل الأنثيين" ثابتة في حديث علي -رضي الله عنه-؟ وهل يصلح حديث عبد الله بن سعد كشاهد له؟ وما الراجح في المسألة؟

أما من حيث الأثر فالزيادة هذه فيها كلام لأهل العلم، وأما من حيث النظر فأهل العلم يقولون: إن الإنثيين إفراز المادة التي هي المذي منهما، وإذا نُضحا بالماء وبردا انقبضا عن الإفراز هذا من حيث المعنى، وأهل العلم يقولون بالاستحباب لهذا ولو لم يثبت الخبر.