شرح أبواب الصلاة من سنن الترمذي (06)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا وبارك له في عمره وفي علمه.
قال المؤلف -رحمنا الله وإياه تعالى-:
باب: ما جاء في الوقت الأول من الفضل
حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث قال: حدثنا الفضل بن موسى عن عبد الله بن عمر العمري عن القاسم بن غنام عن عمته أم فروة -رضي الله عنها- وكانت ممن بايعت النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- أي الأعمال أفضل؟ قال: «الصلاة لأول وقتها».
حدثنا قتيبة قال: حدثنا عبد الله بن وهب عن سعيد بن عبد الله الجهني عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-....
كلها مصروفة.. سعيد ومحمد مصروفة..
طالب: سم يا شيخ؟
أعد عن سعيد؟
طالب: عن سعيد بن عبد الله الجهني.
ايه كأنك منعته من الصرف ومحمد كذلك
طالب: عن محمد بن عمر.
مجرور مو مصروف
طالب: عن سعيد بن عبد الله.
عن سعيد بنِ.
طالب: ابنِ عبد الله.
تصحيف سمع هذا؟
طالب: عفا الله عنك.
قال: حدثنا قتيبة قال: حدثنا عبد الله بن وهب عن سعيد بن عبد الله الجهني عن محمد بنِ عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: «يا علي ثلاث لا تؤخرها: الصلاة إذا آنت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت لها كفئاً».
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب حسن.
قال -رحمه الله-: حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا يعقوب بن الوليد المدني عن عبد الله بن عمر عن نافع عن....
حدثنا يعقوب بن الوليدِ.
طالب: ابن الوليد المدني.
قال: حدثنا يعقوب بن الوليدِ المدني عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الوقت الأول من الصلاة رضوان الله، والوقت الآخر عفو الله».
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب.
الآخِر.
«والوقت الآخِر عفو الله».
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب.
وقد روى ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نحوه، قال: وفي الباب عن علي وابن عمر وعائشة وابن مسعود -رضي الله عنهم-.
قال أبو عيسى: حديث أم فروة لا يروى إلا من حديث عبد الله بن عمر العمري وليس هو بالقوي عند أهل الحديث، واضطربوا عنه في هذا الحديث، وهو صدوق، وقد تكلم فيه يحيى بن سعيد من قبل حفظه.
قال -رحمه الله-: حدثنا قتيبة قال: حدثنا مروان بن معاوية الفزاري عن أبي يعفور عن الوليد بن العيزار عن أبي عمرو الشيباني أن رجلاً قال لابن مسعود -رضي الله عنه-: أي العمل أفضل؟ قال: سألت عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «الصلاة على مواقيتها» قلت: وماذا يا رسول الله؟ قال: «وبر الوالدين» قلت: وماذا يا رسول الله؟ قال: «والجهاد في سبيل الله».
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وقد روى المسعودي وشعبة وسليمان هو أبو إسحاق الشيباني وغير واحد عن الوليد بن العيزار هذا الحديث.
قال -رحمه الله-: حدثنا قتيبة قال: حدثنا الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن إسحاق بن عمر عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "ما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة لوقتها الآخِر مرتين حتى قبضه الله".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب، وليس إسناده بمتصل.
قال الشافعي: والوقت الأول من الصلاة أفضل، ومما يدل على فضل أول الوقت على آخره اختيار النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر، فلم يكونوا يختارون إلا ما هو أفضل، ولم يكونوا يدعون الفضل، وكانوا يصلون في أول الوقت، قال: حدثنا بذلك أبو الوليد المكي عن الشافعي.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الوقت الأول من الفضل" في الوقت الأول يعني في أول الوقت، في بدايته، في أوائله.
قال -رحمه الله-: "حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث قال: حدثنا الفضل بن موسى عن عبد الله بن عمر العمري عبد الله بن عمر العمري" المُكبر، وله أخ اسمه: عبيد الله، وتقدم ذكرهما مراراً، وعبيد الله المصغر هو الثقة، وعبد الله المكبر ضعيف عند أهل العلم لسوء في حفظه، وهو الذي معنا، مضعف من جهة حفظه، وإن كان في ديانته لا مطعن فيه على ما سيأتي في كلام الترمذي أنه صدوق، أي صدوق من جهة العدالة، وأما من جهة الضبط فحفظه فيه شيء؛ لأنه اشتغل بالعبادة عن حفظ السنن، فكثر الخطأ في حديثه، فكثر الخطأ في حديثه، قد يقول قائل: هل الاشتغال في العبادة يسبب سوء الحفظ؟ لا شك أن الانشغال عن الشيء يسبب شيء من ذلك، لكن المطلوب من المسلم التوازن؛ لأنه قد ينهمك في عبادته ويترك التعلم، أو لا يوليه إلا عناية لا تليق به قليلة فينسى كثيراً من العلم، هذا إذا اشتغل بما يعين على التحصيل وهو العبادة، فكيف إذا اشتغل بما يصد عن التحصيل وهو أمور الدنيا؟!
الصالحون هؤلاء الذين يشتغلون بالعبادة عن متابعة التحصيل لا شك أنه إذا غفلوا عن التحصيل ولم يعطوه ولم يولوه العناية اللائقة به، فإن تحصيلهم يتأثر؛ لأن العلم ينسى؛ لأن العلم ينسى، نعم العمل لا بد منه، وهو الذي يثبت العلم، لكن لا يكون على حساب العلم.
تكثر عبارة عند المؤلفين وهي في مثل هذا الراوي ونحوه يقولون: أدركته غفلة الصالحين، نعم الصالحون غافلون عما حرّم الله عليهم، غافلون ما لا يليق بهم من الفضول، لكن ما ينفعهم لم يغفلوا عنه، بل هم أشد الناس نباهة، وأشد الناس حرصاً على ما ينفعهم؛ لأن الغفلة في أصلها مذمومة، وكونها تنسب للصالحين يستدل به على أن أهل الصلاح كلهم لديهم غفلة، نعم لديهم غفلة عما لا يليق بهم، عما لا يجدر بهم، ولا يحسن بهم، عما حرم الله عليهم، كما قال حسان:
حصان رزان ما تزن بريبة |
| وتصبح غرثى من لحوم الغوافل |
المحصنات الغافلات عن البحث والنظر إلى الرجال والتطلع إليهم هذا يمدح به، لكن أصل الغفلة مذمومة؛ لأن الغفلة إن كانت عما ينفع فهي مذمومة، وإن كانت عما يضر فهي ممدوحة، لكن لا ينسب للصالحين الغفلة بإطلاق، أدركته غفلة الصالحين إلا إذا كان المراد بها عما يضرهم، لكن إذا كانت الغفلة عما يضرهم ولا يليق بهم فهذه صفة مدح، وهي إنما تساق على جهة التنقص، أدركته غفلة الصالحين في مثل هذا الحال الذي غفل فيها عما يطلب منه من متابعة الطلب.
"عن القاسم بن غنام" البياضي المدني، صدوق مضطرب الحديث، يعني ليس له من الحديث إلا القليل جداً وفيه اضطراب كبير، فكونه يستحق الوصف بصدوق إن كان من جهة العدالة فقد وصف العمري هذا بأنه صدوق على ما سيأتي في كلام الترمذي، وإن كان من جهة الضبط فلا؛ لأنه حديث واحد أو اثنين أو مجموعة أحاديث ومضطربة، منها هذا الحديث الذي معنا فيه اضطراب، فلا يستحق الوصف بصدوق الذي من أجله يحسن حديثه؛ لأن الصدوق بهذا اللفظ اختلف فيه هل هو لفظ تعديل أو لا يقتضي التعديل؟ فمنهم من يقول: إن هذا اللفظ بصيغة المبالغة فعول تعديل، وحديثه مقبول، حديثه حسن، وهذا الذي اعتمده أكثر أهل العلم، ويجعلونها في مراتب التعديل بعد ثقة.
ومنهم من يرى أن صدوق لا تقتضي التعديل بالنسبة للضبط وإن اقتضته بالنسبة للعدالة، وعلى هذا فحديثه ضعيف، وهو الذي رجه ابن الصلاح؛ لأنها لا تشعر بشريطة الضبط، وعليه عمل أبي حاتم الرازي، سألت أبي عن فلان، فقال: صدوق، فقلت: أتحتج به؟ قال: لا؛ لأن صدوق لا تشعر بشريطة الضبط، والطرف الآخر يقولون: لا، ما استحق أن يوصف بصيغة المبالغة إلا أنه ملازم للصدق، ومعنى هذا أنه لا يقع الكذب في كلامه لا عن عمد ولا عن غير عمد، وإذا انتفى الكذب في كلامه لا عن عمد وهو الكذب الذي يأثم به، ولا عن غير قصد وهو الخطأ الذي لا يأثم به فعنده ضبط على هذا.
صدوق صيغة مبالغة، نضرب مثال: شخص في مناسبة طرق عليه الباب فأرسل الولد فقال: من؟ جاء إليه الولد قال: فلان، ذهب وإذا به بالفعل فلان، ثم طرق ثانية فقال: فلان، ثالثة عاشرة، وكلها كلامه مطابق للواقع، هذا صدوق وإلا كذوب؟ الولد؟ صدوق؛ لأنه لازم الصدق في جميع أخباره التي قد تزيد على مائة في يوم واحد، فهو يستحق الصيغة صدوق، لكن إذا سأله أبوه بعد يوم واحد فقال: من جاءنا بالأمس؟ فعد واحد اثنين ثلاثة خمسة ووقف عن مائة، هذا ضابط وإلا غير ضابط؟ هل فيه تلازم بين صدوق مع الضبط؟ ما في تلازم؛ لأن الضبط وصف يختلف عن الصدق الذي هو مطابقة الواقع بالكلام، لكن إذا عرفنا أن العرب لا سيما قريش وهو مذهب أهل السنة أن الكذب يشمل المقصود المتعمد وغير المتعمد، فإخباره من الغد عن من حضر وخطأه فيمن بقي، هذا يسمى كذب وإن كان غير متعمد، فمن هذه الحيثية رأوا أن الصدوق بهذا الوصف صيغة المبالغة لا يستحقها إلا من عنده شيء من الضبط؛ لأن من لا ضبط عنده لا بد أن يقع الخطأ في كلامه، وإذا وقع الخطأ في كلامه صح أنه غير صادق؛ لأنه لا يشترط في الكذب التعمد.
"عن عمته أم فروة" يقول ابن حجر: أم فروة صحابية، يقال: هي بنت أبي قحافة، أخت لأبي بكر من أبيه، "وكانت ممن بايعت النبي -صلى الله عليه وسلم- قالت: سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- أي الأعمال أفضل؟ قال: «الصلاة لأول وقتها» الصلاة لأول وقتها لكن الحديث ضعيف، الحديث ضعيف على ما تقدم، ولأول وقتها اللام بمعنى (في) يعني في أول وقتها، ولكن الحديث ضعيف.
قال -رحمه الله-: "حدثنا قتيبة قال: حدثنا عبد الله بن وهب عن سعيد بن عبد الله الجهني" يقول ابن حجر: مقبول، وسيأتي راوٍ آخر قيل فيه: لين، سيأتي هذا الراوي -إن شاء الله تعالى-، قيل فيه: لين، والذي معنا مقبول، وتكلمنا في الفرق بين الاصطلاحين مراراً، لكن لا مانع من التذكير به.
متى يقال للراوي: مقبول؟ ومتى يقال له: لين؟ ابن حجر في مقدمة التقريب قال: "من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يذكر في حقه ما يترك حديثه من أجله، فإن توبع فمقبول وإلا فلين" يعني ما في فرق بين الراوي المقبول والراوي اللين إلا أن هذا توبع وهذا لم يتابع، وقلت مراراً: إن هذا مشكل، لماذا؟ لأن الحكم يكون على الحديث لا على الراوي، الراوي لا يتغير وضعه، وصفه لا يتغير إذا كنا نحكم على راوي، بغض النظر هل تابعه غيره أو لم يتابعه، الذي يتأثر المروي، فإن توبع راويه ارتقى، لكن الراوي ما يرتقي، وإن لم يتابع بقي في حيز الضعيف.
اللين هذا الذي ضعّف وقيل فيه: لين إن توبع صار مقبول، والمقبول هذا إن لم يتابع في بعض حديثه صار ليناً، فلا شك أن هذا الاصطلاح مشكل؛ لأن الحكم على الرواة لا على المرويات، ومن خلال الحكم على الرواة يأتي الحكم على المروي، نعم قد يقول قائل: إن ضبط الراوي إنما يعرفه أهل العلم بمتابعة الثقات له، وبموافقته لهم.
ومن يوافق غالباً ذي الضبطِ |
| فضابطٌ أو نادراً فمخطئ |
يعرف ضبط الراوي بمقارنة حديثه لأحاديث الثقات، فإن وافقهم فهو ضابط، وإن خالفهم فهو غير ضابط، لكن مع ذلك الحكم على الراوي بأنه مقبول لا شك أنه حكم على المروي، اللهم إلا إذا كان ليس له إلا هذا الحديث فيتلازم الحكم على الراوي مع الحكم على المروي، لكن قد يكون له عشرة أحاديث توبع على خمسة وخمسة لم يتابع عليها، فهل نقول في الراوي في هذا الموضع: لين، وفي الموضع الثاني: مقبول؟ لا، هذا اضطراب في الحكم.
"حدثنا قتيبة قال: حدثنا عبد الله بن وهب عن سعيد بن عبد الله الجهني عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب" طيب علي بن أبي طالب يسمي عمر معروف، وهو ثقة، عمر بن علي، فهل بين عمر وعلي من خلاف؟ هل بينهما من خلاف؟ أو أن المبتدعة أوجدوا هذا الخلاف؟ فكونه يسميه باسمه هذا دليل على محبته أو على كراهيته له؟ على محبته، وعلى إعجابه به، واعترافه بفضله.
"عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب" محمد صدوق، وأبوه عمر بن علي ثقة "عن علي بن أبي طالب: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: «يا علي ثلاث لا تؤخرها»" ثلاث، يعني وفي رواية: «ثلاثةٌ» من الأشياء، وثلاث نكرة وسوغ الابتداء به الوصف المقدر، سوغ الابتداء به -وإلا الأصل أنه لا يبتدئ بنكرة- الوصف المقدر، لا تؤخرها هذا الخبر، ما هي؟ هي: «الصلاة إذا آنت» وفي بعض النسخ: «أتت» وآنت وحانت يعني دخل وقتها بمعنىً واحد «والجنازة إذا حضرت» الجنازة هي الميت أو الميت على السرير أو على النعش، ويفرقون بين الجَنازة والجِنازة، الجَنازة الميت على السرير، والجِنازة السرير بناءً على ما درجوا عليه من أن الأعلى للأعلى والأسفل للأسفل، الجَنازة الفتح أعلى، والجِنازة الكسرة أسفل والأعلى هو الميت والأسفل الذي هو الكسر للنعش لأنه أسفل، كما قالوا في دَجاجة للذكر ودِجاجة بالكسر للأنثى، وقالوا في المايح والماتح، الماتح النقطتين من فوق، والمايح من أسفل، الماتح الذي في أعلى البئر يستقي، ويجذب الرِشا بالدلو، والمايح الذي هو في أسفل البئر يعبي هذا الدلو، لماذا؟ لأن الأعلى للأعلى والأسفل للأسفل، كذا قرر أهل العلم، ولكنه يعني موجود له بعض الأمثلة، لكن لا يعني أنه مطرد، وهذا يذكرونه في ملح العلم لا في متينه كما هو معلوم.
في مثلث قطرب ذكر الرَشا والرِشا والرُشا، في مثلث قطرب، الرَشا ولد إيش؟ ولد الغزال، والرِشا الحبل الذي يربط به الدلو لاستخراج الماء، والرُشا جمع رشوة، هذه الألفاظ المثلثة ينبغي لطالب العلم أن يعنى بها، ومثلث قطرب قصيرة جداً، يعني يوجد عشرة أضعافها من المثلث في لغة العرب، فأقل الأحوال أن يعرف طالب العلم مثل هذه، مثل الحَرة والحِرة والحُرة، الحَرة الحجارة، والحِرة الحرارة، والحُرة المختارة من محصنات العربِ.
«والجنازة إذا حضرت» يعني لا تؤخر؛ لأنا أمرنا بتعجيل تجهيزها والصلاة عليها ودفنها، «والأيم إذا وجدت لها كفئاً» الأيم: المرأة دون زوج سواءً كانت بكراً أو ثيباً يقال لها: عزبة، ليس لها زوج، فإذا تقدم لها أحد فلا تؤخر، سواءً كانت بكراً أو ثيباً إذا وجدت لها كفئاً، يقول ابن حجر: هذا الحديث أخرجه الترمذي والحاكم بإسناد ضعيف.
الكفاءة بالنسبة للمرأة مع من يخطبها الأصل في ذلك الدين، وترجم الإمام البخاري في كتاب النكاح من صحيحه باب الأكفاء في الدين، وأورد فيه حديث ضباعة بن الزبير: إني أريد الحج وأجدني شاكية، فقال: «حجي واشترطي، فإن لك على ربك ما استثنيتِ» طيب ما المناسبة بين هذا الحديث وبين الترجمة كتاب النكاح وباب الأكفاء في الدين؟ ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بنت عم النبي -عليه الصلاة والسلام- مباشرة، وكانت تحت المقداد، والمقداد مولى، يعني البخاري -رحمه الله تعالى- لدقة نظره ما أورد الحديث في كتاب الحج، ولا في باب الإحصار، ولا في أي باب من أبواب الحج، ولذلك حكم كثير من الباحثين قبل عهد الآلات والفهارس على أن هذا الحديث بأنه لم يخرجه البخاري، وهو خرجه في كتاب النكاح، من يبحث عن هذا الحديث في كتاب النكاح؟ لا يمكن أن يدور في خاطر الإنسان أن الحديث في كتاب النكاح، حتى أن بعض الكبار حكم على من عزاه للبخاري بالوهم، وهو في البخاري في كتاب النكاح باب الأكفاء في الدين، قد يقول قائل: إن تزويج العربية بغير العربي يترتب عليه مشاكل وعداوات، وقد يصل الأمر إلى ما لا تحمد عقباه، لا شك أن ما يترتب عليه مفاسد أو مضار يمنع من أجل هذه المفاسد مع اعتقاد شرعيته وصحته، لو يتقدم لك شخص من خيار الناس من غير هذه البلاد يريد أن يتزوج ابنتك، والمسألة مسألة عرض وطلب، يعني إذا كانت البنت تقدم بها السن أو أعرض عنها الخطاب لأمر من الأمور فيها نقص يمكن أن تزوج، المسألة عرض وطلب ما أنت مخلٍ بنتك تجلس، لكن إذا كانت ماشية في بلدك هل تزوجها شخص؟ يمكن ما تزوجها شخص، لماذا؟ لا لأنه ليس بكفء، بل لما يترتب على ذلك من وجود أولاد ثم قد يسافر بهم إلى بلد لا ترضى السكنى فيه لبنتك ولا أولادها، فمن هذه الحيثية إذا منعت ما تلام، لكن إذا جاء الكفء، «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه» والمسألة نظر في مصالح ومفاسد، لا بد من اعتبار هذه الأمور، يعني لا يلام من منع لما يترتب على ذلك من مفاسد مع اعتقاده وإقراره بأن هذا أمر شرعي، وإن كان من أهل العلم من يرى الكفاءة في النسب، لكن قوله مردود بأحاديث كثيرة {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [(13) سورة الحجرات] «لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى» لكن يبقى أن النظر في المصالح والمفاسد أمر مقرر في الشرائع وعند عامة العقلاء، يعني ما أفعل فعل ولو كان مباحاً في الأصل من أجل..، وقد يترتب عليه مفاسد ومشاكل ومضار، هذا من حقك أن تقول هذا، لكن ليس من حقك أن تقول: ما يجوز.
"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب" وابن حجر يقول: أخرجه الترمذي والحاكم بإسناد ضعيف، وعرفنا ما فيه، وعلى مقتضى القواعد الجارية عند المتأخرين أنه ما دام مقبول فالمجزوم به أنه توبع، ومحمد بن عمر صدوق، وعمر ثقة ماذا بقي من إسناده؟ الأصل أن يحسن يعني على قواعد المتأخرين، لكن كأن الحافظ ابن حجر نظر إلى أن هذا الذي حكم عليه أنه مقبول أنه لم يتابع عليه فيبقى في حيز الضعيف.
أما معناه فصحيح، من حيث المعنى فصحيح، الصلاة لا تؤخرها إذا آنت، تفعل في أول وقتها، وهذا ديدنه -عليه الصلاة والسلام-، كما سيشير إليه الترمذي فيما بعد، والجنازة إذا حضرت أيضاً لا تؤخر وأمرنا بتعجيلها، والأيم إذا وجد لها الكفء لا يجوز تأخيرها بل هو عدوان عليها وافتئات عليها، وكم من بنات في بيوت المسلمين تأخرن بسبب أولياء الأمور، فمنهم من يتأخر حرصاً على بنته، يريد لها الأفضل، كلما جاءه أحد قال: نريد أفضل، وهذا باعثه الحرص، لكن أحياناً قد يسيء وهو لا يشعر، قد لا يأتيها أحد بعد ذلك، والعادة أن البنت إذا ردد عنها مراراً أنها في الغالب تتأخر في الزواج، ثم بعد ذلك تأتي أسئلة من يتقدم لها، لماذا تأخرت؟ فالمبادرة لا شك أنها هي الأولى، ولو لم يكن الخاطب هو المطلوب من كل وجه، قد يتجاوز عن بعض الأمور نظراً لما تعيشه المجتمعات الإسلامية في الظروف التي نعيشها من مشاكل وكوارث ومصائب ومؤثرات، فإذا جاء الكفء لا تتأخر.
قال -رحمه الله-: "حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا يعقوب بن الوليد المدني" يعقوب بن الوليد المدني كذَّبه أحمد وغيره، فالخبر ضعيف جداً، ما دام حكم عليه بالكذب فيقرب أن يكون موضوعاً وحُكم عليه بالوضع، على كل حال فيه يعقوب بن الوليد المدني وكذبه جمع من أهل العلم، وعبد الله قال: "عن عبد الله بن عمر" العمري ضعيف على ما تقدم "عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الوقت الأول من الصلاة رضوان الله» (من) هذه بيانية أو تبعيضية، من وقت الصلاة رضوان الله، أي سبب رضوان الله، لما فيه من الاتصاف بالمسارعة، والمسابقة التي جاء الأمر بهما، جاء الأمر {وَسَارِعُواْ} [(133) سورة آل عمران] {سَابِقُوا} [(21) سورة الحديد] هذه مسارعة فهو مقتض لرضوان الله، فهو سبب لرضوان الله «والوقت الآخر عفو الله» أي وقت الاضطرار قبل خروج الوقت عفو الله، ولا يوجد العفو إلا بعد وجود إساءة تستحق العفو، وعلى كل حال الحديث ضعيف جداً، وحكم عليه بعضهم بالوضع، وآفته الحقيقية يعقوب بن الوليد المدني، وغفل من ضعّفه بعبد الله بن عمر العمري وسكت عن يعقوب بن الوليد على ما سيأتي.
آخر الوقت وقت الاضطرار عفو الله؛ لأن الصلاة تكون أداء قبل خروج وقتها، فأفاد أن الأول أفضل؛ لأن الرضوان للمسارعين، والعفو عن المقصرين.
في (بذل المجهود) للسهارنفوري يقول -حقيقة حرف الحديث لأنه حنفي، ويتعصب لمذهبه، ويؤول الأحاديث على مقتضى المذهب، بذل المجهود صاحبه يقول: إن العفو عبارة عن الفضل «الوقت الأول رضوان الله، والوقت الآخر عفو الله» يعني فضله، قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} [(219) سورة البقرة] يعني الفضل، القدر الزائد، ومعنى الحديث أن من أدى الصلاة في أول وقتها فقد نال رضوان الله، وأمن من سخطه وعذابه، ومن أدى الصلاة في آخر الوقت فقد نال فضل الله، ونيل فضل الله لا يكون بدون الرضوان، يعني الفضل قدر زائد على الرضوان، فكانت هذه الدرجة أفضل من تلك".
يقول المباركفوري شارح الترمذي: "ليس هذا تفسير للحديث بل هو تحريف له" وهذا الكلام صحيح؛ لأن العفو إنما يكون عن المسيء، والرضوان إنما يكون بالنسبة للمطيع، هذا لا يكاد أن يختلف فيه أحد.
"قال أبو عيسى: هذا حديث غريب" بل ضعيف جداً، وأنكر ابن القطان على عبد الحق صاحب الأحكام، أنكر ابن القطان أبو الحسن ابن القطان الفاسي صاحب بيان الوهم والإيهام، وهذا كتاب في غاية الأهمية لطالب العلم، نعم قد يكون مستواه فوق مستوى المتوسطين لكن يستفاد منه، وأما بالنسبة لطالب العلم المتمكن فلا يمكن أن يستغني عن مثله.
وأنكر ابن القطان على عبد الحق تعليل الحديث بالعمري، عبد الحق قال: ضعيف؛ لأن في إسناده عبد الله بن عمر العمري وهو ضعيف، كيف يقول: فيه العمري وفيه يعقوب الذي ذكرناه سابقاً، يعقوب بن الوليد المدني وهو كذاب، قال أبو حاتم: كان يكذب والحديث الذي رواه موضوع، والعجب من سكوت الترمذي عن يعقوب، المفترض أن يبين حال يعقوب؛ لأن السكوت في مثل هذه الحالة تغرر طالب العلم المبتدئ الذي يقرأ في الترمذي، والعجب أيضاً من الإمام الشافعي الذي استدل به في مواضع من كتبه في الرسالة وفي اختلاف الحديث وفي الأم، استدل به على تفضيل أول الوقت مع أنه موضوع.
"وقد روى ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نحوه، قال: وفي الباب عن علي وابن عمر وعائشة وابن مسعود" وهذه الأحاديث كلها خرجها الترمذي في الباب، في الباب نفسه.
"قال أبو عيسى: حديث أم فروة لا يروى إلا من حديث عبد الله بن عمر العمري وليس هو بالقوي عند أهل الحديث" عرفنا أن في حفظه شيئاً، فيه ضعف حفظه "واضطربوا عنه" يعني في روايته عنه، في هذا الحديث، يقول الزيلعي: ذكر الدارقطني في هذا الحديث اختلافاً كثيراً واضطراباً، ثم قال: والقول فيه من قال: عن القاسم عن جدته عن أم فروة هذا الراجح، القاسم عن جدته عن أم فروة، وهنا يقول: عن القاسم بن غنام عن عمته أم فروة، عن جدته غير أم فروة عن أمر فروة، فيكون فيه سقط وهو جدته ولا يدرى ما حالها، عن جدته عن أم فروة، هكذا قال الحافظ الدارقطني في علله.
"واضطربوا عنه في هذا الحديث، وهو صدوق، وقد تكلم فيه يحيى بن سعيد -القطان- من قبل حفظه" قالوا: لأنه ممن غلبت عليه العبادة حتى غفل عن حفظ الأخبار حتى كثر الخطأ في حديثه.
قال -رحمه الله-: "حدثنا مروان بن معاوية الفزاري" قالوا عنه: إنه ثقة حافظ، يدلس أسماء الشيوخ، مروان بن معاوية الفزاري يدلس أسماء الشيوخ، يعني إذا قيل: يدلس يعني يسقط الشيوخ، وإذا قيل: يدلس تدليس تسوية فإنه يسقط من فوق شيخه، لا يسقط شيخه، تدليس إسقاط، لكن يدلس أسماء الشيوخ، بمعنى أنه يسميهم بغير أسمائهم، أو يكنيهم بغير ما اشتهر من كناهم، أو ينسبهم إلى غير ما اشتهر من نسبهم، يقول: حدثنا فلان بن فلان القرطبي، تبحث عن هذا الراوي في تواريخ الأندلس ما تجد، فإذا به منسوب إلى محلة ببغداد مثلاً.
يقول: حدثنا أبو صالح بن هلال، ويريد بذلك الإمام أحمد بن حنبل، هو أبو صالح نعم، لكن اشتهر بأبي عبد الله، وجده هلال، أحمد بن محمد بن هلال، إلى آخره، فكونه يكنيه بما لا يعرف به أو ينسبه إلى ما لم يعرف به ولو كان صحيح ما كذب؛ لأنه لو كذب خلاص ضعف الراوي بسببه وترك، لكن ما كذب، يروي عن شخص عراقي وينسبه إلى بلد مشتهر بالأندلس مثلاً أو بمصر أو بالمشرق؛ لأنه ينتسب إلى محلة ببغداد أو باليمن أو ما أشبه ذلك، هذا تدليس شيوخ، وهو أسهل أنواع التدليس؛ لأنه لم يسقط، السند موجود كامل، لكن هو يوعر ويشدد الوصول إلى معرفة اسم هذا الشيخ، وقد يفعل من أجل التفنن، من أجل التفنن في العبارة يمل الراوي من روايته عن شيخه، حدثنا فلان حدثنا فلان، يكرره ألف مرة؛ لأنه روى عنه ألف حديث بصيغته التي ذكرها المرة، يمل هو ويمل السامع، فتجده يغير في اسمه يقدم ويؤخر وهكذا.
البخاري -رحمه الله تعالى- حينما روى عن الذهلي ما سماه باسمه الذي اشتهر به، شيخه محمد بن يحيى بن خالد الذهلي إمام من أئمة المسلمين، لكن البخاري ما سماه باسمه الصريح، إما أن يقول: عن محمد فقط، حدثنا محمد أو حدثنا محمد بن خالد أو حدثنا يكنيه أو ما أشبه ذلك، والبخاري ما عرف بتدليس، بل قال ابن القيم: هو أبعد خلق الله عن التدليس، وصاحب الخلاصة في ترجمة الذهلي قال: روى له البخاري ويدلسه، مع أنه ما عرف بتدليس الإمام البخاري، الإمام البخاري لأن الذهلي إمام حافظ ضابط إمام من أئمة المسلمين ما ترك الرواية عنه، ولم يمنعه ما حصل بينه وبينه من خلاف من الرواية عنه لأنه إمام، لكن حصل بينه وبينه في مسألة اللفظ خلاف قوي شديد أوذي بسببه البخاري ومع ذلك لم يسمه باسمه الصريح لئلا يظن الجاهل أنه يوافقه؛ لئلا يُظن أنه يوافقه.
قال -رحمه الله-: "حدثنا قتيبة قال: حدثنا مروان بن معاوية الفزاري عن أبي يعفور" اسمه عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس، وثقه أحمد وابن معين، وقال أبو حاتم: ليس به بأس، فالمعتمد أنه ثقة، يعني إذا قال أبو حاتم في راوي من الرواة: ليس به بأس وهو متشدد، يكفي، مع أنه وثقه إمامان من أئمة الجرح والتعديل، أحمد وابن معين.
"عن الوليد بن العيزار" العبدي الكوفي، ثقة أيضاً "عن أبي عمرو الشيباني" الكوفي ثقة مخضرم، يعني أدرك عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- ولم يره، ولو رآه لكان صحابياً "أن رجلاً قال لابن مسعود: أي العمل أفضل؟" في رواية البخاري: أي العمل أحب إلى الله؟ "قال: سألت عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ابن مسعود يقول: سألت عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، رجلاً قال لابن مسعود، هل يضر الإبهام في مثل هذا؟ هل نقول: فيه راوٍ مبهم فهو ضعيف؟ يعني الرجل المبهم هذا من سند الحديث أو من متنه؟ من متن الخبر ليس من سنده؛ لأن أبا عمرو الشيباني يحكي قصة شاهدها، جاء رجل وسأل ابن مسعود، السند متصل ما في إشكال، وليس الرجل المبهم من الرواة ليقال: فيه راوٍ مبهم، فالحديث لا إشكال في صحته، فكون الراوي يروي قصة شاهدها ولو أدى ذلك بصيغة (أن) فإنه يحكم له بالاتصال.
.................................... |
| وحكم أن حكم عن فالجلُ |
بعضهم يقول: إن (أن) هذه منقطعة، حتى يروي بصيغة (عن) لكن إذا روى قصة شهدها عن عمار أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر به، عن محمد بن الحنفية أنَّ عماراً مر به النبي -عليه الصلاة والسلام- يختلف عن قوله: عن عمار أنه مر به النبي -صلى الله عليه وسلم-، محمد بن الحنفية أن عماراً به النبي -عليه الصلاة والسلام- يحكي قصة لم يشهدها فهي منقطعة، بينما قوله: عن عمار أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مر به، يحكي قصة عن صاحبها، الذي وقعت له، وهنا أبو عمرو الشيباني يحكي قصة شاهدها، رجل ما يلزم أن نعرف اسم هذا الرجل، كثير من المبهمات وجدت حتى في القرآن ما أثّرت، وجدت مبهمات في صحيح السنة ما أثرت؛ لأنه لا يدور عليها ثبوت الخبر، وقد يكون الستر عليها وعدم ذكرها أولى من ذكرها، وهنا يقول: أن رجلاً قال لابن مسعود: أي العمل أفضل؟ وفي رواية البخاري: أحب إلى الله؟ فقال: سألت عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "فقال: «الصلاة على مواقيتها» عند البخاري: «على وقتها» وفي رواية: «لوقتها» "قلت: وماذا يا رسول الله؟ في رواية البخاري: ثم أي يا رسول الله؟ "قال: «وبر الوالدين» قلت: وماذا؟" في الرواية الأخرى: ثم أي "يا رسول الله؟ قال: «والجهاد في سبيل الله»" أي العمل أفضل؟ هذا سؤال تكرر من جمع من الصحابة، واختلف الجواب، جواب النبي -عليه الصلاة والسلام- اختلف من شخص إلى آخر، هنا قال: «الصلاة على مواقيتها» وأحياناً يقول بعمل آخر، الإيمان بالله، وأحياناً يقدم ويؤخر في الجواب، والجواب عن هذا الاختلاف في الجواب مع اتحاد السؤال أن هذا يختلف باختلاف الزمان والمكان والأشخاص، فقد يكون هذا المكان بحاجة إلى عمل من الأعمال، قد يكون الزمان بحاجة ماسة إلى عمل من الأعمال، يعني إذا كان الناس في حال شدة حاجة قد يقال: الإنفاق في سبيل الله يقدم على الجهاد، يقدم على الصلاة، لا لأن الزكاة أفضل من الصلاة، لا؛ لأن الوقت يحتاج، قد يكون بعض الأشخاص ينفع في مجال ولا ينفع في مجال آخر، أو نفعه في مجال أقوى من نفعه في مجال آخر، يعني يسأل شخص عن أفضل الأعمال تجد فيه قوة ونشاط تقول: الجهاد في سبيل الله؛ لأنه ينفع في هذا الباب، وإذا اختبرته وجدت الحافظة عنده أقل، والفهم عنده أقل، ما تقول له: طلب العلم أفضل، توجهه إلى عمل يجدي فيه أكثر، لكن إذا وجدت شخص لا مال عنده، وليست لديه قوة لا في البدن، ولا في الخبرة العسكرية ولا غيرها ما تقول له: الجهاد، عنده ذكاء، عنده فهم، عنده حفظ، تقول: العلم أفضل، ولا شك أن اختلاف الأجوبة يختلف باختلاف الأحوال والظروف والأشخاص والأماكن والأزمان، ومن هنا جاءت الأجوبة النبوية مختلفة.
وبعضهم يقدر (من) أي العمل أفضل؟ فيقال: من أفضل الأعمال الصلاة على مواقيتها، وإذا قلنا: (من) ما حصل إشكال لأنها كلها (من).
"قال أبو عيسى: وهذا حديث حسن صحيح" وهو مخرج في الصحيحين وغيرهما.
"وقد روى المسعودي وشعبة وسليمان هو أبو إسحاق الشيباني وغير واحد عن الوليد بن العيزار هذا الحديث" المقصود أن هذا الحديث مروي من طرق.
قال -رحمه الله-: "حدثنا قتيبة قال: حدثنا الليث" قتيبة بن سعيد، والليث هو ابن سعد "عن خالد بن يزيد" الجمحي، المصري، ثقة "عن سعيد بن أبي هلال" الليثي مولاهم المصري، صدوق من رجال الكتب الستة، "عن إسحاق بن عمر" قال الذهبي: تركه الدارقطني، يعني متروك، والمتروك شديد الضعف، ويحكم على الراوي بأنه متروك إذا اتهم بالكذب، يعني ما كذب في حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- لكن يتهم، ويتهم إذا كانت أحاديثه تخالف أحاديث الثقات، أو إذا عرف بالكذب في حديثه مع الناس، ولو لم يكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- يترك حديثه من أجله.
"عن عائشة قالت: "ما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة لوقتها الآخر مرتين حتى قبضه الله -عز وجل-" الحديث ضعيف؛ لأن فيه إسحاق بن عمر تركه الدارقطني، وفيه أيضاً إسحاق هذا لم يسمع من عائشة، فيه ضعف وانقطاع "ما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة لوقتها الآخر مرتين حتى قبضه الله" يعني نحفظ ...... مرتين، مر بنا أنه صلاها في آخر وقتها مرتين، متى؟ حينما أمه جبريل في اليوم الثاني، وحينما أجاب السائل بالتعليم في اليوم الثاني، صلاها لآخر وقتها، اللهم إلا إذا كان هذا الاستثناء لغير سبب، وما صلاها النبي -عليه الصلاة والسلام- في هاتين المرتين إنما هو لسبب.
المقصود أن أول الوقت أفضل من آخره.
"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب، وليس إسناده بمتصل" لماذا؟ لأن إسحاق مع ضعفه مع شدة ضعفه لم يسمع من عائشة.
"قال الشافعي: والوقت الأول من الصلاة أفضل" هذا قول الجمهور "ومما يدل على فضل أول الوقت على آخره اختيار النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر، فلم يكونوا يختارون إلا ما هو الأفضل" عرف التأخير عند أمراء وجدوا في آخر عصر الصحابة على ما سيأتي، يؤخرون الصلاة عن وقتها، وأما في الصدر الأول في عهد الخلفاء الراشدين ما عرف تأخير الصلوات عن وقتها "اختيار النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر، فلم يكونوا يختارون إلا ما هو أفضل، ولم يكونوا يدعون الفضل، وكانوا يصلون في أول الوقت" لم يكونوا يدعون يعني يتركون، "قال: حدثنا بذلك" يقول الترمذي: "حدثنا بذلك أبو الوليد المكي عن الشافعي" أنه قال: الصلاة أول وقتها أفضل لما ذكر، ومما يدل على ذلك... إلى آخره.
كلام لابن العربي يقول في عارضة الأحوذي: اتفق أكثر الفقهاء على أن الصلاة في أول الوقت أفضل، ولم يختلف أبو حنيفة وأصحابه في أن تأخيرها أفضل، يقول: وهذا يبنى على خلاف في مسألة أخرى، يعني ما منشأ الخلاف بين الجمهور والحنفية؟ يقول: وهذا يبنى على خلاف في مسألة أخرى وهي أن الصلاة هل تجب في أول الوقت أم لا؟ الصلاة وقتها موسع هل وجوبها بدخول وقتها أو في آخر وقتها إذا ضاق؟ يعني في الواجب الموسع، ولذا ينكر بعضهم أن يوجد واجب موسع، قد يوجد وقت مستحب ووقت واجب، يعني أول الوقت يكون مستحب وآخره واجب، فلا يكون هناك واجب موسع إلا أن الواجب الموسع إذا كان وقت العبادة أكثر من وقت فعلها، يعني إذا كانت تفعل في عشر دقائق، ووضع لها الشارع ثلاث ساعات هذا مضيق وإلا موسع؟ موسع، لكن إذا طلب منا صيام شهر في وقت محدد من أول الشهر إلى آخره، هذا موسع وإلا مضيق؟ مضيق هذا، والقول بوجود الموسع والمضيق قول عامة أهل العلم، ملحظ الحنفية في تأخيرها يقولون: إن فعلها في وقت وجوبها أفضل من وقت استحبابها؛ لأن الواجب أفضل من المستحب، كيف الواجب أفضل من المستحب؟ يعني هل يختلف أحد في أن الزكاة أفضل من الصدقة؟ وصلاة الظهر أفضل من راتبتها؟ في خلاف؟ ما يختلف أحد في هذا، لكن إذا كان فعل الواجب متضمن للواجب وزيادة، هل يقال: إن ذاك أفضل منه وإلا.. الاقتصار على الواجب فقط أفضل من فعل الواجب وزيادة؟ من توضأ فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل، يعني من جمع بين الوضوء والغسل يعني الواجب الوضوء والغسل مستحب، أيهما أفضل؟ للجمعة الغسل أفضل، هل نقول: إن الوضوء أفضل من الغسل لأن هذا واجب وهذا مستحب؟ لا، لماذا؟ لأن الواجب اشتمل على الواجب وزيادة والمستحب أيضاً، وإذا صلينا الصلاة في وقتها اشتمل فعلنا على الواجب والمستحب أيضاً، وإذا أخرناها إلى آخر وقتها فإننا نكون بذلك فعلنا الواجب فقط، فلا وجه لقول الحنفية، وإن كان الوجوب ينحصر إذا ضاق الوقت.
يقول: ولم يختلف أبو حنيفة وأصحابه في أن تأخيرها أفضل، وهذا يبنى على خلاف في مسألة أخرى وهي أن الصلاة هل تجب في أول الوقت أم لا؟ ولو شاء ربك لم يختلف أحد في مثل هذا مع ظهوره، ولكن القلوب والخواطر بيد مالك النواصي، يصرِّف الكل حيث شاء أو كيف يشاء، وصورة المذهب أن الشمس إذا زالت توجه الخطاب على المكلف بالأمر، وضرب له في امتثاله حداً موسعاً يربو على صورة الفعل، يعني يزيد على صورة الفعل، وأبو حنيفة قد وافقنا على الواجب الموسع في الوقت كالكفارات وقضاء رمضان ولا خلاف بين الأمة فيه، والدليل عليه قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [(78) سورة الإسراء] وأياً ما كان الدلوك الزوال أو الغروب فهو حجة لنا، فإن الخطاب بالأمر يتوجه فيه، فالفاعل يكون ممتثلاً والمسألة أصولية وقد بيناها في كتاب المحصول، وإذا ثبت هذا فالمبادرة إلى امتثال الأمر والمسارعة إلى قضاء الواجب متفق عليه من الأئمة، وإنما يخالف أبو حنيفة وأصحابه في فضل تقديم الصلاة لاعتقادهم أن الصلاة تجب في آخر الوقت، فقالوا: إن وقت الوجوب أفضل وقد بينا فساده، والله أعلم.
يقول الشيخ أحمد شاكر: والذي نقله القاضي أبو بكر عن أبي حنيفة وأصحابه ليس معروفاً عندهم، وهو يخالف المنصوص عليه في كتبهم، الذي نقل عنه من التأخير لا شك أن الحنفية يرون تأخير صلاة الصبح، هذا مما لا شك فيه عند أبي حنيفة، وهو معروف في مذهبهم، والعصر أيضاً تؤخر كما قال محمد بن الحسن لأنها تعتصر، أما القول بإطلاق فقد يتجه كلام الشيخ أحمد شاكر، وعلى كل حال المسألة التي أشار إليها ابن العربي في الواجب الموسع هم نظروا إلى المسألة من زاوية وهي أن الواجب أفضل من المندوب بلا شك، لكن إذا انفك الواجب من المندوب، وإذا اجتمع الواجب مع المندوب لا شك أنه أفضل من الواجب فقط، وهنا يجتمع الواجب مع المندوب إذا صلينا الصلاة في أول وقتها، إذا صلينا الصلاة في أول وقتها يجتمع الواجب مع المندوب، وإذا صليناها في آخر وقتها فإنه يكون الواجب فقط دون المندوب، وقلنا هذا بالنسبة للوضوء، الوضوء واجب بل شرط لصحة الجمعة، والغسل مستحب والغسل أفضل كما جاء في الحديث، هل يعني هذا أننا تركنا الشرط وفعلنا المندوب، على رأي الحنفية هذا الذي فعلناه، تركنا شرط من شروط الصلاة وفعلنا مندوب، نقول: لا، فعلنا الشرط وزيادة، وهنا فعلنا الواجب وزيادة، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
"أبو حنيفة يشترط النية للمقاصد ولا يشترطها للوسائل، يشترطها للصلاة ولا يشترطها للوضوء، لكنه إذا كانت الوسيلة قوية تقوم بنفسها كالوضوء فإنه لا يشترطها، وإذا كانت لا تقوم بنفسها كالتيمم فإنه يشترط النية، ولذا اعترض عليه بأنه كيف يشترط النية لوسيلة ولا يشترطها لوسيلة؟ هذا مما أخذ عليه، وعلى كل حال كل عمل يتقرب به إلى الله لا بد فيه من النية.
هذه لا يمكن أن ينفك عنها، الطبيعية هذه لا يمكن أن ينفك عنها؛ لأن الأب هو سبب الوجود، وهو الذي أحسن إليه حتى ترعرع ونشأ، فلا بد أن يجد نحوه شيء من الميل، لكن المحبة الشرعية لا تجوز له بحال، ويظهر ذلك عند التعارض، حينما يؤمر بأمر شرعي ويأمره أبوه بما يخالف هذا، فإن أطاع أباه فقد قدم محبته على طاعة الله ورسوله، وحينئذٍ يقع في الحرج والإثم العظيم، وإذا عصى أباه وامتثل الأمر الشرعي وإن كان فيه معصية لأبيه فإنه حينئذٍ تكون محبته صحيحة لله ولرسوله.
الزوج لا بد أن توجد المودة والرحمة التي أشار الله إليها -جل وعلا- في كتابه، لكن الكلام فيما إذا تعارضت هذه المحبة مع مراد الله ورسوله.
ونقل نقولات كثيرة من كتب الرجال عند أهل السنة وكلام أهل العلم، واتهام بعض الرجال بأنه ممعن ممن وقع في الطعن ووقع في الشتم، ومع ذلك أخرج له البخاري ومسلم، فقال الشيخ السني عن الأسماء التي ذكرها الشيعي: أنهم من الروافض، فأجاب الشيعي: فماذا يفعلون في البخاري ومسلم؟ فسكت السني فوقع في نفسي الارتياب، فسألت أحد طلبة العلم فقرر منهج السلف في الرواية عن أهل البدع، وذكر أن البخاري ومسلم لا يروون عن غلاة الشيعة في فضل أهل البيت، وعند الرجوع إلى المناظرة ذكر أن في فتح الباري حديث من رواته غلاة الشيعة وهو في فضل علي -رضي الله عنه- أرجو توضيح هذا الأمر، إذ كيف نذمُّ من وقع في الصحابة مع أن أئمتنا يروون عنهم ويوثقونهم، أرجو عرض هذا السؤال للأهمية؟
المبتدعة ليسوا على درجة واحدة وعلى مرتبة واحدة، المبتدعة على درجات، من أراد الفصل بين هذه الدرجات فلينظر إلى أوائل الميزان للحافظ الذهبي، بين المبتدع الذي يروى عنه والذي لا يروى عنه، بكلام واضح بين لا خفاء فيه ولا غموض.
وحجة من يدخل في هذه القطاعات أنه يقول: إنه ليس من وسيلة للدعوة للسنة وإظهار العقيدة الصحيحة في المساجد إلا بالتنازل عن هذه السنن مع العلم أن الذي لا ينخرط في هذه المجالات لا يحصل له أذىً ويستطيع إعفاء لحيته ورفع إزاره، نرجو التفصيل لهذه المسألة؟
هذه حقيقة المسألة في ليبيا على كل حال، في ليبيا وتوجد في بعض الأقطار الأخرى، ويوجد لها صور يسمونها المزاحمة، المزاحمة يتنازل عن شيء مما أمر به، أو ارتكاب شيء مما نهي عنه لكي يزاحم فيرتكب المحظور المحقق رجاء نفع مظنون، رجاء نفع مظنون، وبعض المسئولين إذا نوقش عن بعض المخالفات، قال: أنتم ما تدرون أنا ندفع شيء كبير بهذا الشيء اليسير، نقول: المقطوع به المجزوم به، المحقق لا يرتكب من أجل أمر مظنون، وقد يعاقب الإنسان إذا ارتكب هذا المحقق أن يبتلى بما وراءه ثم يتحقق، والأصل في هذا ما جاء في قصة موسى مع الخضر، لما خرق السفينة وعليها جمع من الناس لكن موتهم مظنون، ماذا قال له موسى؟ قال: {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} [(71) سورة الكهف] لما قتل واحد -وهذا محقق- قال له: {لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا} [(74) سورة الكهف] المظنون قتل مجموعة من الناس، والمجزوم به قتل واحد أيهما أعظم؟ المجزوم به أعظم، ولذا جاء في الحديث الصحيح وهذه أشد لما قتل الغلام، فلا يدفع المظنون وإن كان في تقدير من دفعه كبيراً بارتكاب محظور محقق ولو كان في نظره يسيراً ما دام محرماً بالنص، أما ما يدخله الاجتهاد فهذا أمر ثاني، لكن يبقى أن الأمور المنصوص عليها لا يجوز ارتكابها بأي حال.
هي مثل الأصل، يعني بحروفها صورة، لا تختلف عنها شيئاً إنما تزيد عليها بالترقيم وبعض الخدمات من التعليقات النافعة.
لا يجوز لها الإسقاط، إذا تعدى الأربعين لا يجوز لها الإسقاط، وقبل الأربعين لا يجوز؛ لئلا يكون ذريعة وتسهيلاً لهذه الجريمة؛ لأنه إذا أفتي بجواز الإجهاض من دون قيد ولا شرط فإنه يسهل على أرباب الفاحشة أن يزاولوها ثم بعد ذلك إذا حصل شيء من الحمل أجهضوه، هذا لا يجوز بحال لأنه يسهل أمر الفاحشة.
الحفظ في العلوم كلها واحد، بأن يؤخذ القدر المستطاع المناسب لحافظة من أراد الحفظ، المناسب لحافظته ويردده حتى يحفظه، يردده مع حضور قلب، وإن كان من النوع الذي يصعب عليه الحفظ فليكتب، يكتب هذا القدر ويردده كتابة وقراءة حتى يحفظه، ثم من الغد يردده قبل أن يبدأ بحفظ النصيب الجديد، وفهم مسائله تكون بمراجعة الشروح المطبوعة والمسموعة.
الذي يظهر أنه أصل مستقل.
على كل حال حرم ذلك على المؤمنين، فالزانية ما دامت متصفة بهذا الوصف القبيح لا يجوز نكاحها من مؤمن إلا إذا تابت توبة نصوحاً، وحسنت توبتها فإنها حينئذٍ يجوز ذلك.
لا قدر الله هذا دعاء ألا يقدر هذا المكروه، دعاء من قبل المتكلم أن لا يقدر ولا يكتب هذا المكروه، وهذا في نظري لا إشكال فيه -إن شاء الله-.
بعضهم يقول: والله لا يقوله، إذا كان كلام منكر فلا شك أن الله لا يقوله.
ابن الملقن معروف أنه جماع، يعني من أراد أن ينظر لأنموذج من هذا ينظر إلى شرحه لعمدة الأحكام، لكن مع كثرة جمعه تحريره أقل من جمعه، وعلى كل حال يستفيد طالب العلم من النقول الكثيرة فيه، وكونه يقدم على شرح الكرماني في هذا الباب شرح الكرماني معروف أنه مختصر وهذا مطول.
هذا من التعاون على الإثم والعدوان؛ لأنها قررت أن تنتحر، إذا انتحرت فهي المسئولة عن نفسها، أو أن تهرب من البيت.
هذه أجبنا عنها مراراً، وقلنا: إن الجمع بين الصحة والحسن مشكل عند أهل العلم؛ لأن الحكم بالحسن حكم على الخبر بالمنزلة الدنيا، والحكم له بالصحة حكم له بالمنزلة العليا، فيجمع له بين الدنيا والعليا، وهذا لا شك أنه إشكال، وقلنا مراراً: إن هذا نظير من سئل بعد نجاحه عن تقديره فقال: جيد جداً ممتاز، يجي مثل هذا الكلام وإلا ما يجي؟ ما يمكن يجي هذا إلا على تقدير انفكاك الجهة، بمعنى أنه جيد جداً في التقدير العام وممتاز في التقدير الخاص، ممكن، وهنا نقول: إنه حسن باعتبار طريق، وصحيح من طريق أخرى، حسن باعتبار مفرداته، صحيح باعتبار المجموع، ومنهم من يقول: إن المراد بقوله: حسن صحيح أنه على سبيل التردد، يعني لا يدرى هل بلغ مرتبة الصحة أو لم يبلغها، وأما الحسن فمتحقق، فيقال: حسن صحيح يعني يقصر دون الصحيح، وأما الحسن فمتيقن، ومنهم من يقول: إن هذا سببه التردد عند الإمام الترمذي، وغاية ما هنالك أنه عليه أن يقول: حسن أو صحيح، ومنهم من يقول: إن حسن صحيح مرتبة بين الحسن والصحيح، فيكون صحيح مشرب بحسن، أو حسن مشرب بصحة، كما يقال في الطعوم إذا جئت بالحلو مفرداً قلت: حلو، وإذا جئت بالحامض قلت: حامض، وإذا خلطتهما قلت: حامض حلو، فهذا قريب منه، وعلى كل حال الأجوبة كثيرة جداً.
وأما الغرابة فهي غرابة نسبية لا يريد بها الترمذي التفرد؛ لئلا تعارض كلمة حسن الذي يشترط له أن يروى من غير وجه، ومع ذلك لو أن راويه تفرد به ولا يعرف إلا عنه، قلنا: إن الترمذي في تعريفه للحسن وشرطه أن يروى من غير وجه إنما هو فيما يقول فيه حسن فقط، دون وصف آخر.
ما الضابط في متابعة الإمام؟ الضابط في متابعة الإمام ما نص عليه في الحديث من متابعته في الأفعال التي لها أصل شرعي، أما إذا خالف وفعل أشياء ليس لها أصل شرعي البتة بمعنى أنها نوع بدعة فهذه لا يتابع عليها، وكذلك إن ترك ما له أصل شرعي لا يتابع على الترك، فلو ترك رفع اليدين، أو ترك الجلسة التي يسمونها الاستراحة لا يتابع على ذلك.
القنوت في الفجر، القنوت في الفجر جاء في رسالة الشيخ عبد الله بن الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب إلى أهل مكة قال: "ولا نصلي خلف الحنفي الذي لا يطمئن في صلاته، ونصلي خلف الشافعي الذي يجهر بالبسملة" وعلى كل حال القنوت في صلاة الصبح له أصل، وإن كان الراجح غيره، فلو حصل أن إنساناً دخل مع إمام يقنت في صلاة الصبح وتابعه لا شيء عليه، لكن لا يكون هذه عادة وديدن، إذا عرف أنه يقنت في صلاة الصبح باستمرار لا يصلي وراءه.
على كل حال الزاني ليس له أدنى علاقة بالولد، الولد للفراش وللعاهر الحجر، فهو أجنبي بالنسبة لهذا الحمل.
يعني إذا اختلف الأئمة على راوٍ من الرواة لا شك أن هناك قواعد عند أهل العلم تضبط ما جاء في الرواة من جرح أو تعديل، من أرادها يرجع إليها في كتب أهل العلم، ويكثر من النظر في أحكامهم.
لا، فيه أشياء لم تذكر في حديث المسيء، ولعله مما أحسن فيها حينما صلى أمام النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو لأن صلاته لم تتطلبها لأنها ثنائية، وبقية الصلوات ثلاثية ورباعية، على كل حال فيه أشياء زائدة لم تذكر في حديث المسيء.
إذا كان الإمام يتم فإن المسافر يلزمه الإتمام حينئذٍ، وإذا كان مسافراً يقصر فإنه يقصر مثله.
سببه أمران: أولاً: أنهم لا يعتنون بالعدد بدقة، يعني مسند أحمد قالوا: ثلاثين ألف حديث أو أربعين ألف حديث، يعني ما يهمهم العدد بدقة، والبخاري قالوا: فيه سبعة آلاف وخمسمائة، أو سبعة آلاف وزيادة، وقالوا: بدون المكرر أربعة آلاف، وعده ابن حجر بدون تكرار ألفين وخمسمائة وحديثين، الفرق ليس باليسير، الفرق ليس بالسهل، لماذا؟ لأنهم لا يعنون بالعدد، واحد اثنين ثلاثة أربعة كما يعتني به المتأخرون؛ لأنه بدلاً من أن يعد أحاديث المسند يحفظ مائة حديث، هذا الذي يهمهم، بينما اتجهت همم المتأخرين إلى هذه القشور، تجده يصرف وقت طويل في العدد، وتجد هذا الذي يحفظ من طلاب العلم الذين يحفظون، تجده كلما حفظ حديث عد السابق، ثم إذا حفظ حديث عد السابق مرة ثانية، وهكذا وثالثة وعاشرة ومائة، ويضيع الأوقات بمثل هذا، يعد السابق كم فات؟ وكم بقي؟ في كل جلسة، وزاد الترف عند بعضهم حتى قالوا عن شخص أنه عد حروف القرآن وعد حروف تفسير الجلالين؛ لينظر أيهما أكثر القرآن أو الجلالين.
معروف أنه طبع منه مجلدان في المطبعة السلفية بالمدينة، ناقص، وأيضاً ما فيهما عناية تذكر، ثم طبع في دار الكتب العلمية كامل، طبعات يعني إلى الآن الكتاب بحاجة إلى مزيد عناية وخدمة.
الأفراد للدارقطني.
أطرافه لابن طاهر حُققت تحقيقاً علمياً برسائل ويحرص عليها.
الجواهر والدرر للسخاوي في ترجمة الحافظ ابن حجر.
طبع في المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمصر في ثلاث مجلدات طبعة جيدة.
الضوء اللامع للسخاوي.
لا أعرف له إلا طبعة واحدة هي طبعة القدسي في اثني عشر جزءاً، وهي طبعة في الجملة جيدة.
يعني ما العلاقة بين وفاة ابنه وبين هذا العرس؟ عله أن لا يريد أن يظهر هذا الفرح مثلاً وهو حزين على فقد ابنه، هذا لا ارتباط له، بل عليه أن يحضر إذا لم يكن ثم منكر.
أظنه إذا اختلط بهم، نعم إذا اعتزل ما يمكن أن يرد مثل هذا السؤال.
إذا اعتزل يقول: ولعله إذا اختلط مع أهل بيته وجيرانه تأثر بهم لكثرة مخالفتهم وقوة تأثيرهم فهل الأفضل له أن يبحث عن رفقة صالحة ويخالطهم؟
نعم {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [(28) سورة الكهف] والعزلة والخلطة يعني محل بحث ونظر طويل من القدم، من الصدر الأول، وجاء فيها نصوص تفضل العزلة ونصوص تفضل الخلطة، ولا شك أن هذا يختلف باختلاف الأشخاص، فالذي يتأثر ولا يستطيع أن يؤثر هذا العزلة أفضل له، والذي يستطيع أن يؤثر ولا يتأثر هذا الخلطة بالنسبة له أفضل.
يعني كتب العقائد التي تكلمت على مبحث الإيمان أفاضت في هذا، ومنها عقيدة السفاريني مع شرحها لوامع الأنوار، وسلم الوصول مع شرحه معارج القبول، وهناك بحوث مفردة للأشقر وغيره.
إذا كان بسببك يلزمك أن تعطيه الأجرة كاملة، وإذا كان بسببه فإنه لا يستحق من الأجرة شيئاً إلا إذا اتفق على ذلك، جزِّئ العمل أو أردت إبراء ذمتك، تقول: أنا لا أريد أن آكل من حقه شيئاً فهذا هو الورع؛ لأن الإجارة عقد لازم، لا يجوز إلغاؤه من طرف واحد.
أنا لا أعرف إلا كتاب الاعتصام من صحيحه الذي هو في أواخر الصحيح، أما كتاب مفرد مثل الأدب المفرد ما أعرف له كتاب بهذا الاسم.
طيب لم استطع أن أتوضأ وصليت هل هذه الصلاة صحية؟ كيف لم تستطع أن تتوضأ؟! يعني لعدم الماء أو لعدم القدرة على استعماله، وتيممت الصلاة صحيحة، وإذا كان مع وجود الماء والحصول إليه يحتاج إلى انتظار أو لشيء من هذا فعليك أن تنتظر، وإذا لم تجد الماء أو لم تستطع استعمال الماء فعليك أن تتيمم وتصلي، وأما صلاتك التي صليت بها فهي باطلة، وصلاة من خلفك باطلة، ما دام تذكرت وأنت في الصلاة.
التسمية موجودة بين المسلمين من القدم من غير نكير.
الأصل من غروبها إلى طلوع الفجر، اللهم إلا من أراد أن يقوم قيام داود فإنه يحسبه من صلاة العشاء، الذي يمكن فيه النوم؛ لأن داود ينام نصف الليل، ولا يتصور أن ينام الشخص من غروب الشمس.
ما تصير رواية شخص بعينه، إذا كانت ملفقة ما تكون رواية شخص بعينه، وتقصد بذلك النسخة المطبوعة مع الشرح؛ لأن الأصل أن فتح الباري ليس معه متن، فاجتهد الطابع وأدخل المتن، وأدخل المتن في الشرح، هذا اجتهاد حقيقة ليس في محله، وإن كان من كبار؛ لأنه خلاف إرادة المؤلف، المؤلف أراده هكذا بدون متن، وليتهم إذ طبعوا وتصرفوا، طبعوا متناً يوافق الشرح، فكثيراً ما تجد في الشرح قوله: كذا، ولا تجدها في المتن، وتجد في المتن أشياء تحتاج إلى شرح ولا تشرح؛ لأن المتن المطبوع لا يوافق الرواية التي اعتمدها الشارح وهي رواية أبي ذر.
نعم؛ لأنهم كلهم مكلفون، وكيف يكلفون إذا لم يرسل إليهم رسول؟ {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [(56) سورة الذاريات] والتقى بهم النبي -عليه الصلاة والسلام- وقرأ عليهم القرآن.
أولاً: كأنهما التشبيه لا يلزم فيه المشابهة من كل وجه، الأمر الثاني: أنه لا يبعد في القدرة الإلهية أن تحوَّل المعاني إلى محسوسات، كما أن الحسنات تُوزن، والمعروف أن الذي يوزن هو المحسوس لا المعنوي.
لعله يريد بذلك العقيدة، ولا بد من التوحد على العقيدة، وأن يكون المصدر واحد، مصدر التلقي الكتاب والسنة، والفهم بفهم سلف هذه الأمة.
هذه لا تحتاج إلى مرجع.
تقول: فهلا ذكرتم مرجعاً يعرف منه هذه الأسماء للحروف؟
ما تحتاج إلى مرجع؛ لأنه لا يختلف أحد في أن الجيم مهملة، وحينما يقال مهملة يُذكر عند الالتباس، الحاء مهملة؛ لأنها تلتبس كتابتها بالخاء، إذا قيل: بالحاء لا بد أن يقال: مهملة، أما إذا قيل: جيم فلا يحتاج أن يقال..، أصل الجيم معجمة وليست..، الجيم قد يقال: المعجمة لئلا تلتبس صورتها بالميم، فحينما يقال كتابة الجيم المعجمة لئلا تلتبس كتابة بالميم المهملة، يعني كتابة اسم الحرف إذا قيل: بالجيم المعجمة، السائلة تقول: جيم مهملة هذا كلام ليس بصحيح، الجيم المعجمة خشيت أن تلتبس بالميم، تحتانية ساكنة المراد بها الياء؛ لأنها تلتبس بما يشبهها في الصورة من الباء والتاء ونحوهما.
العلماء يهتمون بهذا عناية فائقة، من أجل ضبط الكلام، ولئلا يحدث تصحيف وتحريف، وكم من فهم ضل بسبب التصحيف والتحريف، وكما يضبطون الكلمة بتسمية حروفها وتمييزها عن غيرها يضبطونها أيضاً بتقطيع الحروف، مثلاً: الهُجيمي يكتبونها بالحاشية هي تكتب مجموعة في أثناء الكلام لكنها مقطعة تكتب مقطعة في الحاشية، خشية أن تلتبس بغيرها، وأحياناً يضبطون بالنظير، وأحياناً يضبطون بالمقابل بالعكس، بالضد، عن حرام بن عثمان قالوا: بلفظ ضد الحلال، والحكم بن عتيبة تصغير عتبة الدار وهكذا.
هذه السنة الإشارة الأصل أن تكون إلى محسوس حاضر، قد يشار إلى شيء ليس حاضر في الأعيان وإنما حضوره في الأذهان، أما بعد فهذا كتاب نشرح فيه كذا، أو أما بعد فهذه ورقات ندون فيها كذا، المقدمة إن كانت كتابتها بعد التصنيف فالإشارة إلى حاضر في الأعيان، وإن كانت الكتابة قبل التصنيف فالإشارة إلى ما هو حاضر في الذهن، قوله: هذه السنة إشارة نوعية إلى أن هذا من نوع السنة، وليست إشارة شخصية.
النية كافية، لكن إن نطقت بذلك فقد نطق به جمع من أهل العلم وعُرف عنهم، وأخبروا به من حولهم أنه شربه لكذا لحفظ كذا، لظمأ يوم النشور... إلى آخره.
وهل صحيح ما ورد عن بعض العلماء من أنهم كانوا يشربون ماء زمزم على نية الحفظ أو زيادة العلم؟
نعم هذا نقل عنهم.
بل تبديع من قال بوجوب اختلاف بين المنهجين لأن مؤدى كلامه إهدار جهود المتأخرين في التصحيح والتضعيف فما هو الموقف الصحيح الذي أدين الله به خاصة أنكم من المتخصصين في هذا الباب؟
هذا تكلمنا فيه كثيراً، وفي كل مناسبة نتكلم فيه، لكن من رجع إلى مقدمة تحقيق الرغبة فيه جواب مختصر عن هذا السؤال.