شرح منتهى الإرادات (12)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصل الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه.
قال-رحمه الله تعالى-: وما لم تُعلَم نجاسته من آنية كفارٍ ولو لم تحل ذبيحتهم وثيابهم ولو وليت عوراتهم وكذا من لبث النجاسة كثيرًا طاهرٌ مباح، ويُباح دبغ جلد النجس بموت واستعماله بعده، ومُنخُلٌ من شعرٍ نجسٍ في يابس ولا يطهُر به ولا جلد غير مأكول بزكاة، ولبنٌ وإنفحة وجلدتها وعظمٌ وقرنٌ وظفرٌ وعصبٌ وحافرٌ من ميتةٍ نجسٌ لا صوفٌ وشعرٌ وريشٌ ووبرٌ من طاهر فيه حياة ولا باطن بيضة مأكولٍ صَلُب قشرها، وما أُبين من حي فكميتته، وسُنَّ تخمير آنيةٍّ وإيكاءُ أسقية.
الحمد لله رب العالمين، وصل الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ذكر النووي في المجموع سؤالاً سُئِل عنه فقيه العرب، وهذا اللقب ليس له ذات محددة أو شخصية معينة، وإنما يُقال فقيه العرب في باب الإلغاز، إذا أرادوا أن يُلغزو فقالوا: سئل فقيه العرب عن كذا فأجاب، وأُلِّف في بعض المصنفات في هذا اللقب. أسئلة فقيه العرب وأجوبة فقيه العرب.
يقول سُئل فقيه العرب عن الوضوء من الإناء المُعوَّج، سُئِل فقيه العرب عن الوضوء في الإناء المُعوَّج أو من الإناء المعوَّج، فقال: إن أصاب الماء تعويجه لم يجز وإلا فيجوز. السؤال ظاهر والجواب أم ليس بظاهر؟
طالب: ...............
لا، لو ظهر السؤال، ظهر الجواب. سُئل عن الوضوء من الإناء المعوج، فقال: إن أصاب الماء تعويجه لم يجز وإلا فيجوز. نعم، ها، كيف
طالب:.....................
ما معنى مُعوَّج؟
طالب:.....................
طالب: المعوج.
معوج، ما شاء الله، إذا كانت المسألة: معتدل أم مائل أم فيه آثار استعمال كثيرة فما يضر هذا، ولا يؤثر فيه.
فقال: إن أصاب الماء تعويجه لم يجز، وإلا فيجوز.
والمُعوَّج هو المضبب بقطعة من عظم الفيل الذي يُقال له العاج. المضبب بقطعة من عظم الفيل. ولا يُريد أن يستعمل ما نُهي عنه، ولذا يقولون: تُكره مباشرتها الضبة اليسيرة من الفضة، وإن أصاب الماء تعويجه؛ لأنه محكوم بنجاسته، وكان الماء قليلًا ينجُس، وإن لم يُصِب جاز، فإذا كان بعيدًا عن محل هذه الضبة التي من عظم الفيل.
يقول المؤلف-رحمه الله تعالى-: وما لم تُعلم نجاسته من آنية كُفَّار ولو لم تحل ذبيحتهم. كالمجوس والمشركين وسائر طوائف الكُفر غير اليهود والنصارى. وما لم تُعلم نجاسته من آنية كُفَّار، الأصل الطهارة، فإذا عُلِمَت النجاسة ارتفع هذا الأصل، وحينئذٍ لا يجوز استعمالها إلا بعد إزالة النجاسة.
ما لم تعلم نجاسته من آنية كُفًّار ولو لم تحل ذبيحتهم.
ولو هذه عندهم للخلاف القوي، فإذا لم تحل ذبيحتهم على القول الثاني لا تحل آنيتهم؛ لأنهم يطبخون فيها هذه الذبيحة، التي ذبحوها، وهي في حكم الميتة، أما أهل الكتاب وطعامهم حِلٌّ لنا فلا أثر لطعامهم على الإناء؛ لأن ذبيحتهم حلال وذبيحتهم طاهرة، ولو لم تحل ذبيحتهم كالمجوس يعني وسائر طوائف الكفر غير اليهود والنصارى، وثيابهم أيضًا ما لم تُعلم نجاسته ما لم تُعلم نجاسته، ولو وليَت عوراتهم كالسراويل مثلًا، فهي محكوم بطهارتها، وهذا فرعٌ عن الحكم بطهارة أعيانهم، والله -جلَّ وعلا- يقول: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}[التوبة:28]، فهل المشرك الذي قال الله-جلَّ وعلا-عنه إنه نجس، نجاسته هذه تتعدى للثياب، تتعدى للآنية، لاسيما وأنه يأكل فيها المواد الرطبة، وثيابه يعرق فيها لا سيما ما يلي البدن من شعارٍ وسراويل وغيرها، إذا قلنا بأن نجاسته عينية عملًا بقوله -جلَّ وعلا-: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}، قلنا: ثيابهم نجس، تنجست، لاسيما ما يلي العورات.
يقول: ولو وليت عوراتهم.
الخلاف في كونهم لا تحل ذبائحهم معروف ولو وليت عوراتهم، وهذا أيضًا خلافٌ قوي؛ لأن الكفار لا يتحرزون عن النجاسات ولا يستنجون، فلا بد من إصابة النجاسة، فهل نقول: إن غلبة الظن هذه تُنزَّل منزلة الحقيقة وتكون هي الظاهر في المسألة؟ وإن كان الأصل الطهارة الأصل الطهارة. الأصل الطهارة، حتى على افتراض أنهم نجسُ العين، اليابس ما ينجس يابسًا. والأصل أنه يابس، الأصل أن هذه الثياب طاهرة، والظاهر أنها أصابها نجاسة، وهذا من باب تعارض الأصل مع الظاهر، فإذا تعارض الأصل مع الظاهر نقدم الأصل أو نقدم الظاهر؟
طالب:...............
نعم، نعمل بالقرائن، إذا ترجح الأصل يعني بمعنى ضعف الظاهر، كيف يكون ظاهرًا وهو ضعيف؟ كيف يكون ظاهرًا وهو ضعيف؟ أو ننظر إلى أمر خارج عن الأمرين، الأصل الطهارة ومزاولتهم أعمالهم بها يدل على نجاستها، فننظر إلى قرينة خارجة، هل هذا الثوب حديث عهد بغسل أو بعيد عهد بغسل، لا ننظر إلى الظاهر لذاته، وإنما ننظر إلى ما يطرأ على هذا الظاهر فنرجح به، وإلا لو نظرنا إلى الظاهر لذاته وأوردنا احتمالات مثلًا لذات الظهور ما صار ظاهرًا، صحيح أم لا؟
طالب: نعم.
لكن ننظر إلى ما يرد على هذا الظاهر من معارض، فإن كانت حديثة عهد بغسل رجحنا الأصل، وإن كانت بعيدة عهد بغسل رجحنا الظاهر. هذا على القول بأنهم نجسُ العين، أما كونهم كون المشرك طاهرًا، وإن كان نجسًا نجاسة معنوية، فالشرك نجاسة. لا شك أنه من أعظم النجاسات، لكن يبقى أن النجاسة المعنوية نعم، لا أثر لها فيما يجاورها، نجاسة معنوية لا أثر لها حسي فيما يجاورها، لها آثار معنوية، لكن أثر حسي. لمَّا مُنع المسلم من الصلاة في المقبرة «لا تُصلوا في القبور ولا تجلسوا عليها» منهم من قال: إن السبب النجاسة الحسية؛ لأن القبور اختلطت بدماء الأموات وصديدهم، إذا يشترط بعضهم للمنع أن تكون منبوشة، وأنه إذا فرش عليها فراش انتهى المنع.
نقول: لا يا أخي، ليس هذا للنجاسة الحسية، وإنما هو للنجاسة المعنوية؛ لأن مثل هذا العمل يؤدي إلى الشرك، والشرك نجاسة معنوية، وما يؤدي إلى الشرك فهو ممنوع من باب حماية جناب التوحيد وسد الذرائع. وعلى هذا لو وقع منك شيء أو شيء مائع وقع على هذه الأرض التي هي أرض المقبرة يتأثر بنجاستها؟ ما يتأثر. وهكذا إذا قلنا: إن نجاسة المشرك معنوية لو سلم عليك ويده رطبة ما تأثرت، لكن على القول الأول..
طالب: تتأثر
تتأثر وإذا سلَّم عليك ويده يابسة؟
طالب: لا تتأثر.
نعم تأثر أم لا؟
طالب: لا أثر.
اليابس لا ينجس اليابس، اليابس لا ينجس اليابس ولو وليت عوراتهم.
نعود إلى مسألة الأصل والظاهر في أن الأصل في ثيابهم الطهارة، وكذلك أوانيهم، والظاهر أنهم يستعملون فيها النجاسات، فنحتاج إلى مُرجِّح خارجي، وأما إذا علمنا النجاسة ارتفع الأصل، ارتفع الأصل بالكلية، وإذا خفي علينا استعمالهم لها في المواد النجسة مع كونه غالبًا على الظن وهو الظاهر نحتاج إلى مُرجِّح، فإن وجدناها نظيفة قلنا: هذه مغسولة، حديثة عهد بغسل، وإلا فيلزم من لبسهم إياها ولا سيما الملابس الداخلية وأكلهم في الأواني أنها تتنجس.
طالب: لو سمحت يا شيخ.
نعم.
طالب: جعل قرب العهد بالغسل وبعده قرينة لوحدها كأنه ضعيف تجعل ضمن قرائن فقد النجاسة تأتي من أول استخدام بعد الغسل.
نعم، لكن عندنا أصل ظاهر، ونحتاج أن نرجح ولو بقشة، كلاهما قوي.
طالب: نعم يا شيخ.
كلاهما قوي نحتاج إلى مرجح.
طالب: نقصد مع مرجح .......
مثل ماذا؟
طالب: مثل هذا القوم هذا الرجل لو هذا الرجل هل هم من النظافة أم من عدم النظافة ...
كونهم يغسلون ثيابهم فهذا دليل على نظافتهم، كونهم يغسلونها ويتعهدونها بالغسل والعهد بالغسل قريب دليلٌ على نظافتهم.
ولو وليت عوراتهم وكذا.
يعني كالسراويل، وكذا ما لم يُعلم نجاسته من ثياب وآنية من لابس النجاسة كثيرًا، من لابس النجاسة كثيرًا كالجزار مثلًا أو مدمن الخمر، هؤلاء يلابسون النجاسة كثيرًا. الجزار نعم، الدم المسفوح نجس، ولابد أن يرِد عليه شيء منه، ثيابه- سواء هذا أو ذاك- طاهرة ما لم تُعلم نجاستها. من لابس النجاسة كثيرًا طاهر مباح؛ لقول الله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ }[المائدة:5]، ويتناول ما لا يقوم إلا بالآنية، والنبي-عليه الصلاة والسلام- توضأ من مزادة مشركة، ولأن الأصل الطهارة، فلا تزول بالشك؛ ولأن الأصل الطهارة فلا تزول بالشك.
طالب:..............
نعم.
طالب:.....................
عندهم، نحن نتحدث على كلامهم، نتعامل مع نصوصهم بفكها على ما يرون، ثم يأتي ما في الدباغة والأثر في الجلد والخلاف فيه، لكنهم ما يرونه طاهرًا، وهذا وارد عليهم على كل حال، سيأتي فيما يورد عليهم.
طالب:.........................
نعم.
طالب:.........................
مسألة طهارة الجلد بالدباغ هي المسألة التي تلي هذه مباشرة.
طالب:......................
طاهرٌ؛ لأن هذا هو الأصل مباح ما لم يرد عليه مانع يجعله محرمًا.
ويباح دبغ جلدٍ دبغ جلدٍ نَجُسَ بموت.
أما إذا كانت نجاسته قبل الموت، هذا نجس بالموت فعلى هذا يكون الدباغ مؤثرًا في جلد الحيوان الطاهر في حال الحياة؛ لأنه متى نَجُس؟ نجس بالموت، مفهومه أنه قبل الموت طاهر.
طالب:.......
نعم.
طالب:.........
الحديث عام، لكن المسألة مسألة غلبة ظن، المسائل كلها مبنية مثل لو تورد هذا الحديث وأنت ترى النجاسة بعينك؟ ما تُرِد هذا الحديث، لكن إذا غلب على ظنك أنهم يزاولون النجاسات.
طالب:.........
إذا غُسِل زالت النجاسة، فنأكل في آنيتهم، قال: لا، فإن لم تجدوا غيرها فاغسلوها. وهذا محمول على أن الغسل للاستحباب، ومادام حكمنا بطهارتهم، والأصل الطهارة، ومزاولة النجاسة في هذا الإناء هو الظاهر، فيأتي عندنا التعارض، وإلا فالغسل عندهم للاستحباب.
طالب:............
لا ما نقول بهذا، علمنا أنهم يزاولون، ولكن ما علمنا أن آخر عهد هذا الإناء بالنجاسة، ما ندري هل غُسل بعدها أم لم يُغسل، انتهينا، إذا علِمنا أنه نجس فما نقربه.
طالب:..........
هذا من باب الورع.
طالب: ........
هذا محمول على أنه بعد انتهاء الدم المسفوح وحملهم للذبائح يرد عليهم هذا الدم، وبعضهم يتساهل؛ لأن من أكثر من مزاولة شيء تساهل في أحكامه، ولذا يُقال مثلًا في تقدير النجاسات: يُنظر إلى أوساط الناس، نجاسة كثيرة عرفًا أو قليلة عرفًا، ننظر إلى العرف. نقول: لا تنظر للموسوس ولا الجزار، ننظر إلى أوساط الناس.
يقول: ويباح دبغ جلد النجس بموتٍ.
يعني يكون حيوان طاهرًا في الحياة، وطرأت عليه النجاسة بالموت، مأكولًا كان كبهيمة الأنعام أو غير مأكول كالهِر؛ لأنه طاهر في حال الحياة؛ لأنها ليست بنجس، فنجاسته بالموت كالشاة مثلًا، واستعماله بعده، أي بعد الدبغ، ويرد على قولهم أو تمثيلهم بالهر لا شك أنه طاهرٌ في الحياة، لكنه جاء فيه ما يدل على أنه سبع، الهر سبع، وقد نُهي عن جلود السباع، ويرد فيه ما يرد في الأقوال الآن، إن شاء الله تعالى.
استعماله بعده.
أي بعد الدبغِ.
ومُنخلٌ من شعرٍ نجس في يابس.
استعمال الجلد، جلد الميتة بعد الدباغ، واستعمال المُنخُل من شعرٍ نجس في يابس كشعر البغل مثلاً يُستعمل في اليابس، وهذا الجلد وإن كان من طاهرٍ في الحياة إذا دُبغ إنما يُستعمل في اليابس لا في المائع، لماذا؟ لأن طهارته ظاهرة لا باطنة، أو أنه لم يطهُر أصلًا؛ لأنه يقول: ولا يطهُر به، فاستعماله لا لأنه طَهُر، ولذا لا يجوز استعماله في المائعات، ولكن يجوز استعماله في اليابسات. طيب ما الفائدة من الدبغ؟ إذا صار نجسًا ولم يُدبغ ويابسًا واستعملناه في اليابس، يؤثر في اليابس؟ إذًا ما الفرق بينه وبين المدبوغ عندهم؟ واضح أم ليس بواضح؟
هم يقولون: ولا يطهُر به بالدبغ ولا يطهُر به، ما الفرق بينه إذا كان لا نستعمله في المائعات، ما الفرق بينه وبين الجلد غير المدبوغ إذا يبُس؟ وقولنا: إن اليابس لا يُنجِّس اليابس.
طالب: .......................
ما فيه رطوبة، يابس بالشمس، يبسَّناه واستعملناه.
طالب: إباحة الدماء.
أين؟
طالب:......................
لا لا لا من ناحية النظر قبل الأثر، الآن هم ما جعلوا للنصوص أثرًا في هذا إلا أنه يُستعمل في اليابسات فقط دون المائعات، وطردًا لقولهم: إن اليابس لا ينجس اليابس أن غير المدبوغ مثله.
طالب:.......................
يعني حتى ولو لم يُدبغ.
طالب: عفوًا يا شيخ.......
نعم.
طالب: الأصل من النجاسة لا يُنتفع بها ولا ....
نعم، الدبغ عندهم يخفف النجاسة، ويُبيح استعمال الجلد وهو نجس، وإلا فالأصل أن مزاولة النجاسات محرمة، يعني جلد يابس غير مدبوغ نجس، لا يجوز أن تستعمله، لا يجوز استعماله أصلًا لا في يابس ولا في مائع، وإن كان لا يُنجس اليابس. وكلامه هذا لا شك أنه يُضعف دلالة الأحاديث الكثيرة المتضافرة على طهارة الجلود إذا دُبغت.
ويقول: ولا يطهر به يعني بالدبغ، ولا جلد غير مأكول بزكاة.
كلحمه، لحم الميتة أو غير الميتة مما لا يُحِلُّ لحمه، أكله لو دُبغ وتصُوِّر دبغه أو شُرِّح مثلًا شرائح ودُبِغ لا يستفاد باللحم، أما بالنسبة للجلد فقد وردت فيه أحاديث كثيرة منها المطلقة، العامة، «أيُّما إهابٌ دُبِغَ فقد طَهُر» و«زكاة الأديم دباغه». جاء في حديث عبد الله بن عُكيم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كتب لهم –عليه الصلاة والسلام- كتب لهم، لجهينة: «ألا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب»، وجاء في شاة لميمونة رآها النبي-عليه الصلاة والسلام- وقد ألقوها: «هلَّا انتفعتم بإهابها؟» قالوا: إنها ميتة، قال: «إنما حُرِّمَ أكلُها» «هلّاَ انتفعتم بإهابها»، فعندنا أحاديث في هذا الباب منها ما يدل على العموم «هلَّا انتفعتم بإهابها» «إنما حُرِّمً أكلها» هذا يستدل به من يرى أن جلد الميتة طاهر دُبغ أو لم يدبغ، جلد الميتة طاهر دبغ أو لم يُدبغ «هلَّا انتفعتم بإهابها»، هذا قول وهو منسوب للزُّهري «هلّاَ انتفعتم بإهابها» من غير ذكر للدباغ.
حديثٌ «أيما إهابٌ دُبِغ فقد طَهُر» هذا عام يدل على أن جميع الأُهُب جميع الأُهُب دونما استثناء تَطهُرُ بالدباغ، تطهُر لكن بالدباغ، وأما «هلّاَ انتفعتم بإهابها» فالمقصود به الجلد قبل أيش؟
طالب: قبل الدبغ.
نعم، الجلد بعد أيش؟ «أيما إهابٌ دُبِغ فقد طَهُر».
نعم. عندنا استعمال الإهاب في النص العام «أيُّما إهاب دُبغ فقد طهر»، وجاء في حديث شاة ميمونة «هلّاَ انتفعتم بإهابها»، وجاء في حديث عبد الله بن عُكيم «ألا تنتفعوا من الميتةِ بإهاب ولا عصب» فالإهاب هو الجلد ما لم يُدبغ، الجلد قبل الدبغ، ويمكن أن يُجَاب بهذا عن حديث ابن عُكيم، لكن حديث شاة ميمونة «هلَّا انتفعتم بإهابها» يُقال هذا عام مخصص، هل نقول عام مخصص أم مطلق مقيد؟
هل نقول: أنه مخصوص بما دُبغ أو مقيد بالدباغ؟
عندنا «هلّاَ انتفعتم بإهابها»، وعندنا «أيُّما إهاب دُبغ فقد طهر» انتهينا من حديث عبد الله بن عُكيم وهو أن الإيهاب هو الجلد قبل الدبغ بقي عندنا اللفظ «أيُّما إهاب دبغ فقد طهر» عموم هذا، والخاص أيش؟ «أيُّما إهاب دبغ فقد طهر» هذا عموم من وجه وخصوص من وجه، عموم في جميع الأُهُب، وخصوصٌ بالمدبوغ. وحديث شاة ميمونة خاص بجلد الشاة، لكنه عامٌ فيما دبغ وما لم يُدبغ، كله يُقال له إهاب. إذًا، كيف نتصرف؟ الآن يمكن أن يقول قائل: لماذا لا ننتفع بالإهاب قبل دبغه عملًا بإطلاق حديث ميمونة؟ نقول: نخصصه أو نقيده بحديث (أيُّما إهاب) فالمسألة دقيقة يا إخوان انتبهوا. نقيد أو نخصص أم ما فيه فرق؟ نقيد، لماذا؟ هل نقيد بالدبغ أو نخصص بالمدبوغ؟
طالب: .........................
نعم، قيد؟ ولماذا لا نخصص؟
طالب:..........................
لا لا لا (أيَّما إهاب) هذا عام، يشمل جميع الأُهُب، لكنه خاص بالمدبوغ؟ عندنا «هلَّا انتفعتم بإهابها» هذا يشمل المدبوغ وغير المدبوغ، بل هو يطلق على غير المدبوغ، هذا الأصل، فيُقيَّد.
طالب: ................
تقليل أوصاف فهو تقييد ولو قلنا: تخصيص قلنا: ما فيه اختلاف ليكون فيه تخصيص، هل فيه اختلاف بين حكم العام وبين حكم الخاص؟ كله انتفاع، يعني هل جاء حكم الخاص مخالفًا لحكم العام أم موافقًا؟ موافق، كلها انتفاع، يجوز الانتفاع بها، فلا تعارض من حيث العموم والخصوص، وإذا قلنا بأنه من باب الأوصاف قلنا: يُقَيَّد به، فلا يُنتفع به إلا إذا دُبغ. على كل حال الأقوال في هذه المسائل كثيرة. الأول: أنها لا تطهر مطلقًا لحديث عبد الله بن عُكَيم «لا تنتفع من الميتة بإهابٍ ولا عصب»، والحديث مُضعَّف عند أهل العلم، فيه جهالة الشيوخ، شيوخ جهينة، وفيه أيضًا الاضطراب، فهو مُضَعَّف، وأيضًا الإهاب فيه محمولٌ على الجلد قبل الدبغ، لا تطهُر مطلقًا لا بدباغ ولا بغيره.
الثاني: يطهُر جلد مأكول اللحم فقط، دليله «زكاة الأديم دباغه»، فعلى هذا لا يؤثِّر الدباغ إلا فيما تؤثر فيه الزكاة، «زكاة الأديم دباغه» لا يؤثر الدباغ إلا فيما تؤثر فيه الزكاة وهو مأكول اللحم، ظاهر؟ وهذا معارَض بحديث «أيُّما إهابٍ دُبِغ فقد طهُر». كيف نُجيب عن التعارض؟ تجمع بماذا؟ أن أيُّما إهاب مما يؤكل لحمه.
طالب:...............................
هذا عام، وما يُفهم من الزكاة في الحديث الثاني، قلنا: إن الدباغ يقوم مقام الزكاة، فالذي لا تؤثر فيه الزكاة لا يؤثر فيه الدباغ، كذا قالوا. يطهر جلد مأكول اللحم فقط، لننظر إلى كلمة يطهر، وهذه تختلف عند الحنابلة الحكم لا يطهُر عندهم.
طالب:........................
عندهم مباح استعماله فقط من غير طهارة. كيف نوفِّق بين «أيُّما إهاب دبغ» وبين «زكاة الأديم دباغه»؟
طالب:......................................
«أيُّما إهاب دبغ فقد طهر» يشمل جميع الجلود، وما يُفهم من حديث «زكاة الأديم دباغه» اختصاص الانتفاع بالدباغ، الطهارة بالدباغ فيما تفيده الزكاة.
طالب:.................................
منطوق مع مفهوم، تعارض منطوق مع مفهوم، «أيُّما إهاب دبغ» منطوقه أن جميع الأُهُب تطهُر بالدباغ، وذاك مفهومه أن الذي لا تؤثر فيه الزكاة، لا يؤثِّرُ فيه الدباغ، وحينئذٍ يُقدم المنطوق على المفهوم.
طالب: لكن أحسن الله إليك...........
نعم.
طالب: ما يُقال: إن المراد بزكاة الأديم يعني طهارته، حتى يكون مرادفًا للحديث الثاني؟
لدفع التعارض نقول مثل هذا، للجمع بينهما نقول مثل هذا.
القول الرابع: يطهُر الجميع إلا الخنزير، إلا الخنزير لماذا؟
طالب: نجاسته نجاسة عينية.
هو نجس، وأيضًا على ما قيل منهم من يقول الاستثناء غير وارد؛ لأن الخنزير لا جلد له، لا جلد له يمكن سلخه وإفراده مثل الآدمي، وعلى كل حال هو أنجس الحيوانات، هو أنجسها على الإطلاق.
والخامس: يطهُر إلا الكلب والخنزير. سبب الاستثناء في الكلب والخنزير نجاسة مغلَّظة، ولذا جاء الأمر بغسل ما ولغ فيه سبعًا. يطهُرُ ظاهرًا لا باطنًا، يطهر ظاهرًا لا باطنًا هذا قول المالكية، يطهُر ظاهرًا لا باطنًا، وهذا فيه قرب من قول الحنابلة، الحنابلة قالوا: يطهر مطلقًا، لكن تُستعمل في اليابسات دون المائعات، وهنا يطهر ظاهرًا لا باطنًا. ما الفرق بين المذهبين؟
طالب: يجوز في المائعات.
في المائعات؟ المائع يتغلغل إلى الداخل.
طالب: .......... ...............
لا لا لا كلها حسية، نعم، كيف؟
طالب: ............................
طيب عند المالكية يطهر، وعلى هذا مسألة البيع، يجوز بيعه أو ما يجوز؟
طالب:.................................
لا عند الحنابلة باعتباره نجس ما يجوز بيعه، عند المالكية يجوز بيعه. من الفروق أيضًا أنها تصح الصلاة عليه، لا فيه عند المالكية، عند الحنابلة لا هذا ولا هذا، تصح الصلاة عليه؛ لأن ظاهره طاهر، كمن طيَّن أرضًا نجسة ظاهره طاهر، لكن تحمله وتصلي فيه لا باطنه نجس فأنت حامل للنجاسة.
القول الأخير: تطهُر ولو لم تُدبغ فيه قال الزُّهري: العموم «هلَّا اتبعتم بإهابها» مقصود أن الواضح طهارة جميع الأُهُب بالدباغ «أيُّما إهاب دبغ فقد طهر». يرد علينا النهي عن جلود النمور وجلود السباع، هل تطهُر أو لا تطهُر؟ تطهُر، لكن لا يجوز استعمالها، طهورة، لكنه لا يجوز استعمالها؛ للنهي عن استعمالها.
طالب: للزينة؟
ولا للزينة، ولا يجوز استعمالها ولا افتراشها مثل ما سبق في اتخاذ الذهب والفضة.
يقول-رحمه الله-: ولبنٌ وإنفحةٌ.
لبن مبتدأ خبره نجس الذي بعد سطر، لبنٌ من ميتة وإنفحةٌ منها، وجلدتها، جلدة الإنفحة، والإنفحة والإنفّحة قد تُشدد أو تخفف، المراد بها شيء يُستخرج، عُصارة تستخرج من باطن الجدي الرضيع أصفر تُستعمل في تغليظ الجبن، هذه معروفة من القديم، الصحابة لما فتحوا العراق وهم مشركون وجدوا الأجبان عندهم، وما تحرَّجوا من أكلها، والأجبان إنما تُصنع بالإنفحة. ولبنٌ وإنفحةٌ، لبنٌ من ميتة وإنفحةٌ منها، وجلدتها جلدة الإنفحة التي هي الوعاء، وعظمٌ وقرنٌ وظُفرٌ وعصبٌ وحافرٌ من ميتة، كل هذا نجس كل هذا نجس لماذا؟ لأنها من مفردات النجس، فهي نجسة لأنها أبعاض من هذا النجس فهي نجسة. لبن وإنفحة وجلدة جلدة الإنفحة والعظم والقرن والظُّفر وحافر كله نجس؛ لأنها أبعاض من هذا النجس.
لا صوف.
يعني ليس بنجس الصوف، وشعر فإنه لا ينجس، ومثله الريش والوبر إذا كان من حيوان طاهرٍ في الحياة لا ينجس هذا بموت أصله، والأصل في ذلك قول الله -جلَّ وعلا-: }وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ{[النحل:80] قد يقول: قائل هذا في الطاهرات قبل الموت }وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ{النحل:80]،
ولكن الآية سياقها سياق الامتنان سياقها سياق الامتنان، وأثاثًا ومتاعًا نكرة في سياق الامتنان فيعمُّ ما قبل الموت وما بعده، فالظاهر شمولها لحالتي الحياة والموت، والريش مقيس على الثلاثة المذكورة، وعلى كل حال النكرة في سياق الامتنان تعم }فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ{[الرحمن:68] هذه من صيغ العموم؛ لأنها نكرة في سياق الامتنان، ولبنٌ اللبن لماذا تنجَّس؟ لأنه مائع في إناءٍ نجس؛ لأن الضرع ضرع الميتة هذا يتنجس بموتها، وما فيه من ماء تنجس من ملاقاته، الإنفحة كذلك؛ لأنها في ماء سائل وُجدت في ظرف نجس، لكن يرد على هذا أن الصحابة ما سألوا، بل الظاهر والغالب على الظن أن الإنفحة إنفحة ميتة؛ لأن زكاتهم لا تحل الذبيحة كالميتة، والصحابة أكلوا منها من غير استفصال. وهذه حجة من يقول بطهارة هذه الأمور.
أما العظم فهو جزء من الميتة وتحُله الحياة، كيف تحله الحياة؟ }قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ{[يس:78]، }قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ {[يس:78] وهى أيش؟ وهى رميم. }قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ{ [يس:78] إذًا الحياة تحلٌّها، ومادام فارقتها الحياة فهي في حكم الميتة. القول الثاني: وهو قول الحنفية، ويؤيده شيخ الإسلام أن هذه الأمور طاهرة عظم الميتة وقرنها وظفرها وعصبها وحافرها، هذه كلها طاهرة، طيب }مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ {من ماتت قالوا: إن حياة العظام وحياة الشعر، وحياة الصوف كحياة النبات يعني نمو وازدياد، لكن من غير إحساس كحياة النبات، ولذا يقول الله -جل وعلا-: {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [الروم:24] هل يقول: إن الحياة تفارق الأرض أو تقارنها، ولها أثر هذه الحياة من حيث الطهارة أو النجاسة أو لا أثر لها؟ لا أثر لها، إذًا حياة كل شيء بحسبه وموت كل شيء بحسبِه، فالأرض تحيا وتموت، وكذلك العظام، وكذلك النبات يموت ولا أثر لهذا الموت فيه، فحياة كل شيء بحسبه، وقول الحنفية في هذه المسألة، ويرجِّح شيخ الإسلام أن هذه الأمور كلها أن هذه الأمور كلها طاهرة.
وقرنٌ وظُفرٌ وعصبٌ وحافرٌ من ميتةٍ نجس؛ لأنها أبعاض لما حُكِم عليه بالنجاسة، ولا ينجس صوف ولا شعر ولا ريش ولا وبر من حيوان طاهرٍ في حياته، طيب الظفر والشعر هل هو متصل أو منفصل حكمًا؟
طالب:......................
كيف؟
طالب:......................
يعني حكمه مع اتصاله بالبدن، هل هو في حكم المتصل أم المنفصل؟ يعني لو وضعت يدك على شاة وقولت: أنا ما مسست شاة اليوم؟ أو وضعت يدك على شعر المرأة، وأن ترى ممن يرى نقض الوضوء بمس المرأة وقلت: أنا ما وضعت، متصل أم منفصل؟ الشعر والظفر القاعدة الثانية عند ابن رجب.
يقول-رحمه الله تعالى-: القاعدة الثانية شعر الحيوان في حكم المنفصل عنه لا في حكم المتصل.
يعني حكمًا، شعر الحيوان في حكم المنفصل عنه لا في حكم المتصل وكذلك الظفر، هذا هو جادة المذهب، ويتفرع على ذلك مسائل منها إذا مس شعر امرأة بشهوة لم ينتقض وضوؤه، وكذا ظفرها، أو مسها بظفره أو بشعره، ولهذه المسألة مأخذ آخر، وهو أن هذه الأجزاء ليست بمحل للشهوة الأصلية، وهى شرط لنقض الوضوء عندنا، أما كون ليست بمحل للشهوة فالشعر محل للشهوة، ومنها أن الشعر لا ينجس بالموت ولا بالانفصال على المذهب؛ لأنه لو قلنا حكمها حكم المنفصل سيأتي في آخر الباب (وما أبين من حيٍّ فكميتته)، يعني لو قصصنا الشعر وهي حية طاهر أم نجس؟ إذا قلنا: حكمه حكم المنفصل طاهر، وإذا قلنا: حكمه حكم المتصل كجزء منها أو كأبعاضها قلنا: ميتة. ومنها أن الشعر لا ينجس بالموت ولا بالانفصال عن المذهب وكذا ما طال من الظفر على احتمال فيه، أما على المشهور فإن انفصل من آدميٍّ لم ينجس على الصحيح، ومن غيره ينجس؛ لأنه كانت فيه حياة ثم فارقته حال انفصاله، فمنعوا الاتصال من التنجيس، فإذا انفصل زال المانع فنجس.
وهذا يرد على قوله: وتقيد في أول المسألة أنه في حكم المنفصل فلا ينجس مطلقًا. ومنها غسله في الجنابة والحدث، فأما الجنابة في وجوب غسله وجهان، والذي رجحه صاحب المُغني، وذكر أنه ظاهر كلام الخِرقي عدم الوجوب طردًا للقاعدة، ومن أوجبه فيقول: وجب تعبدًا، نعم إن كان وصول الماء للبشرة لا يمكن بدون غسله وجب لضرورة وجوب إيصال الماء إلى ما تحته، وأما في الحدث الأصغر فلا يجب غسل المسترسل منه على الصحيح، وأما المُحاذي لمحل الفرض فيجزئ إمرار الماء على ظاهره إذا كان كثيفًا؛ لأن إيصال الماء إلى الحوائل في الوضوء كافٍ وإن لم تكن متصلة بالبدن اتصال خِلقة كالخُفِّ والعمامة والجبيرة فالمتصل خِلقةً أو لا، ومنها لو أضاف طلاقًا أو عِتاقًا أو ظِهارًا إلى الشعر أو الظفر لم يثبت به الطلاق ولا العتاق ولا الظِّهار على الأصح. لو قال لزوجته: يدك عليَّ كظهر أمي، أو يدك طالقة طلَّق جزءًا منها لا ينفصل عنها ولا ينفك منها يقع الطلاق أو ما يقع؟
يقع الطلاق والظهار، ولكن لو قال: شعرك أو ظفركِ طالق أو هو عليَّ حرامٌ؟
طالب:.............
الآن هل يمكن أن يقع الطلاق في مثل هذا؟ هل يمكن أن يُنوَى بتحريم الشعر، يُنوى به الطلاق لو قال هذا وقلنا: إنه في حكم المنفصل كما لو قال: آنيتك هذه عليَّ كظهر أمي.
يقول: لم يثبت فيه الطلاق ولا العتاق ولا الظِّهار على الأصح.
ومنها لو كان جَيبه واسعًا الفتح فتحة الثوب، لو كان جَيبه واسعًا تُرى منه عورته في الصلاة، لكن له لحيةٌ كبيرةٌ تستره فالمذهب أنه يكفيه في الستر: لأنها في حكم المنفصل قال في المُغني: نص عليه مع أنه قرَّر في كتاب الحج أن الستر بالمتصل كاليد ونحوها لا فدية فيه، فدل على أن الستر بالشعر له حكم المنفصل، وخالفه صاحب شرح الهداية وقال: هو ستر في الموضعين، وتردد فيه القاضي في شرح المُذهب، فجزم تارة بأن الستر بالمتصل ليس بسترٍ في الإحرام ولا في الصلاة، ثم ذكر نص أحمد ورجع إلى أنه ستر في الصلاة دون الإحرام؛ لأن القسط في ستر الصلاة تغييب لون البشرة، وفي الإحرام إنما يحرُم الستر بما يستر به عادةً.
فأما إيجاب الفدية به وضمانه من الصيد وتحريم نظره إلى الأجنبي.
فأما إيجاب الفديةِ به، يعني بحلقه وضمانه من الصيد وتحريم نظره على الأجنبي؛ نظر شعر المرأة والافتتان بالمرأة، ولهذا لانفصل شعر المرأة جاز النظر إليها على ظاهر كلام أبي خطاب في الانتصار وحكى صاحب التلخيص فيه وجهين. لو حلف ألا يمسَّ بهيمة، فوضع يده على ظهرها، والظَّهِر فيه الشعر، حنث أو ما يحنث؟ إذا قلنا: الشعر في حكم المنفصل.
طالب: لا يحنث.
هو الذي قرره في أول في رأس المسألة أنه في حكم المنفصل، يحنث أو ما يحنث؟ على ما قرَّره نعم الأيمان والنُّذر مبناها على العرف. والعرف إذا وضع يده على ظهرها مسَّ البهيمة هذا عند الجمهور وعند مالِك يُرجع فيه إلى نية الحالِف. طيب، فتحة الجيب بالنسبة للمصلِّي واسعة، وإذا ركع اطَّلع على عورته مثلًا وله لحية كثيفة يستتر هذا الجيب ينفع أم ما ينفع؟ نعم، فيما أفتى به الإمام أحمد ينفع. طيب لو افترضنا امرأة عندها شعر كثيف جدًّا حيث يغطي جميع بدنها من جميع الجهات، وخمَّرت رأسها، «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار»، خمَّرت رأسها والباقي سترته بالشعر. ماشي أم لا؟
طالب:....................
هم يذكرون في كتب الأدب، يذكرون في كتب الأدب عن بعض المجّان أن امرأته أقسم عليها أن تحضر عارية في المجلس، فلمًّا جاءت وهي مُقبلة وضعت الشعر من الأمام، لمَّا أدبرت وضعته من الخلف. هذا كلام لا عبرة به، مُجَّان في كتب الأدب، ومن هذا النوع كثير، لكن الكلام في مسألة الشرعية الآن صحَّ ستر الرجل عورته بشعره بلحيته، لكن ماذا عن المرأة؟
لا إله إلا الله،
طالب: تغطية شعرها.
ها
طالب: تغطي شعرها.
عليها تغطية شعرها نعم بحضرة رجال أجانب هذا ما فيه إشكال؛ لأنه مثير للفتنة.
طالب: .........
إذا قلنا في حكم المنفصل وقلنا: إن الرجل يستر عورته بلحيته، يعني إذا تصورنا وجود مثل هذا، إذا تصورنا وجود مثل هذا وقلنا: للرجل أن يستر ما ظهر وما بدا من عورته بلحيته لأنها كثيفة.
طالب:................
كيف؟ الخمار. لماذا لا تقول: لماذا اشتُرِط الخمار إلا لتغطية الشعر؟ لماذا اشتُرِط الخمار إلا لتغطية الشعر، فدلَّ على أن شعر المرأة عورة في صلاتها فلا يجوز لأن يخرج شيء منه وتنتهي المسألة عند هذا.
لا إله إلا الله، كيف؟ ولذلك اشتُرط «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار»، يُشترط تغطية الشعر فلا يدخل في مثل هذه القاعدة، ولا تُقاس على الرجل؛ لأنه لا يُشتَرط للرجل أن يغطي شعره، فلا يجب عليه أن يستره فيُتصور فيه الستر به بخلاف المرأة.
لا صوف.
يعني لا ينجس صوف ولا شعر ولا ريش ولا وبر؛ لأن كل هذا يُقطع منه في حال الحياة، ولا يكون حُكمه حكم الميتة، فدل على أنه لا يتأثر بالموت.
ووبرٌ من حيوان طاهر في حياةٍ بموت أصله.
كل هذا لا ينجس.
ولا ينجس باطن بيضةٍ أو بيضة مأكول.
كالدجاج والحمام والإوز والبط وغيرها المأكول.
صَلُبَ قشرها لا تنجس بالموت.
لا تنجس بموت الحيوان لا الدجاجة ولا الحمامة ولا غيرها، إذا ماتت وفي جوفها بيضة صلب قشرها لا تنجس كالولد، تشبه الولد.
وجود القشر الصلب يمنع من تسرب النجاسة إلى باطنها، ومفهومه أنه إذا لم يصلب قشرها فإنها تنجس؛ لأن القشر إذا لم يصلُب لا يمنع، لكن الواقع إذا وُجِد بيضة مثلًا لم يتصلب قشرها، وإنما فيها القشر الواقي يمنع أو ما يمنع؟
طالب: الظاهر إنه يمنع يا شيخ.
يمنع بلا شك؛ لأنه لا يتسرب منه شيء، ولا يدخل إليه شيء، تخرج كاملة إلا أن القشر ليِّن. هذه البيضة التي صلب قشرها وكذلك الولد إذا خرج من أمه بعد موتها طاهر أو نجس؟ الولد طاهر؛ لأن الأم طاهرة في الحياة. ولد الشاة مثلًا طاهر أم نجس؟ إذا خرج وهي ميتة وما في جوفها من الرطوبات طاهر أو نجس؟ ماتت.
نجس وهو تأثر بهذه الرطوبات يجب غسله، وكذلك البيضة عندهم هكذا.
وما أُبين يعني ما قُطِع من حيوانٍ حيٍّ ما قُطِع من حيوان حيٍّ فهو أي هذا المقطوع كميتته طهارة ونجاسة. قطعت يدًا من خروف أو رجل من خروف، وهو حي ميتة. طيب قطعت جزءًا من جرادة أو من سمكة، طاهر أو نجس؟
طالب: طاهر مُباح.
طاهر لماذا؟ لأن الميتة طاهرة إذًا، وهذا حكمه حكم الميتة والميتة طاهرة إذًا هو طاهر.
فكميتته طهارة ونجاسةً فالسمك والجراد طاهر وبهيمة الأنعام ونحوها نجسة.
استثنوا من ذلك الطريدة، والمِسك طاهر، الطريدة ما معنى الطريدة؟ الصيد إذا لحقها الصَّائد فرماها بشيء محدد فانقطع جزء منها يؤكل أو ما يؤكل؟
طالب:........................
تفصيل نعم.
طالب:........................
يعني استقرت حياتها بعد قطعه فالحكم واحد.
طالب: الصيد نفسه؟
الصيد رماه بالآلة المحددة فسقطت رجله ظبي أو أرنب قطع رجله وهرب وعاش بعد ذلك ميتة نعم، إذا استقرت حياته بعد ذلك فهو ميتة وإذا لم تستقر حياته ولو لم يمُت في الحال إنما ما حَيي حياة مستقرة فلا بأس.
روى الترمذي وحسَّنه من حديث أبي واقدٍ اللَّيثي قال: قدِم النبي-صلى الله عليه وسلم- المدينة وهم يجبُّون أسنمة الإبل، ويقطعون أليات الغنم فقال: «ما قُطِع من البهيمة وهي حيَّةٌ فهي ميتة» وقال: حسن غريب، ورواه أحمد وأبو داوود وغيرهما، والراجح من طرقه مرسل، قاله الدارقطني. الراجح إرساله. يعني في سنده انقطاع. لكنه عمدة الفقهاء في هذا الباب، ويتفقون على مثل هذا الحكم وحسَّنه الترمذي، وهو قابل للتحسين، له طرق، وإن كانت لا تسلم، ولذا حسَّنه الترمذي. عندهم يُكره الخرز بشعر الخنزير، ويجب غسل ما خُرز به رطبًا، يُكره الخرز بشعر الخنزير؛ لأنه مزاول للنجاسة، استعمال للنجاسة، لكن إن كان يابسًا والمخروز يابسًا فلا يؤثر، ويجب غسل ما خُرِز به رطبًا. ما معنى الخرز؟ يعني هل يُجعل خيط تربط به أجزاء المخروز أو أنه يُتخذ مكانًا للإبرة مثلًا؛ لأنه لو كان يُجعل مكان المخروز ما أثَّر فيه الغسل لا يُجعل بمثابة خيط يُجمع به أجزاء المخروز ما نفع فيه الغسل؛ لأنه نجس، ولا يجوز استعمال شعر الآدمي، قالوا: لحرمته.
ويحرمُ نتفُ صوفٍ من حيٍّ.
ويحرم نتف صوف من حي، وكذا ريشه؛ للألم، يعني لو جيء بطائرٍ مثلًا ونُتِف الريش يتألم لا شك، ويفتون بالتحريم وقيل: يُكره، وكذا لو نُتِف شعر بهيمة لا شك أنها تتألم بهذا، تتألم بهذا، وبعض المبتدعة يسمُّون بعض البهائم بأسماء من يعادونهم في الدين، ويسلطون عليها سفهاءهم، فينتفونها ويتدينون بهذا، يتقربون إلى الله بمثل هذا. نسأل الله السلامة والعافية.
طالب: .......................،
هم عندهم، هذه نيتهم، والله أعلم بالنوايا.
يقول بعد ذلك: وسن تخمير آنيةٍ وإيكاء أسقية.
التخمير التغطية، والآنية جمع الإناء، وإيكاء يعني ربط فم السقاة، الأسقية جمع سقاء، وجمع الجمع أساقي مثل إناء والآنية والأواني، وإيكاء أسقيةٍ، وقد جاء الأمر بذلك جاء الأمر بتخمير الأواني وإيكاء الأسقية وإطفاء النار وغير ذلك، جاءت في ذلك الأحاديث الصحيحة.
يقول أهل العلم: بالنسبة لذبح الحيوان من أجل جلده، ذبح الحيوان من أجل جلده مثلًا، يباح جلده في الدبغ، وهذه شاة عند شخص جلدها أغلى من قيمتها، يقول: أذبحها وأبيع الجلد أغلى أو رأفةً بها، ذبحها للألم، لألمٍ شديدٍ فيها وأراد أن يُريحها، أهل العلم لا يجيزون ذلك. شيخ الإسلام يقول: ولو كانت في النزع لا يجوز ذبحها؛ للنهي عن ذبح الحيوان إلا لمأكله، إلا للأكل فلا يُذبح الحيوان إلا للأكل، وقل مثل هذا أو أشد في الآدمي، الآدمي، إذا تأذى بالآلام الشديدة، وحُكِم عليه بالموت، بموت الدماغ مثلًا، وقرر الأطباء أنه ميؤوس منه، تُرفع عنه الأجهزة أو لا تُرفع؟ مادامت الروح باقية في جسده فهو آدمي له جميع الأحكام، وعلى هذا من تعمَّد رفع الأجهزة قاتل عمد، ومن ارتفع الجهاز من غير قصد بسببه وهو يمشي ضرب سلك الكهرباء وانفصل خطأً، وهم يقررون ويجزمون بأنه إذا مات دماغيًّا انتهى، ويتبرعون بأعضائه، والحياة مازالت فيه، وحدَّثني ثقةٌ يعمل في مستشفًى كبير أنه قرر ثلاثة أطباء على مريض أنه مات دماغيًّا، وأحضروا إخوانه الأربعة؛ ليوافقوا على التبرع بأعضائه، فوافق ثلاثة منهم، وواحد رفض، قال: هو ليس ملكًا لنا لنتبرع به، ولا نملكه، ولا أوصى بهذا، ولا نستطيع إطلاقًا التبرع به، والثلاثة وافقوا. أراد الله -جلَّ وعلا- أن تعود الحياة إلى هذا الشخص.
طالب: الله أكبر.
وثبت أنه كان يسمع محاورتهم وصارت العداوة الشديدة بينه وبين الثلاثة الذين تبرعوا به وشلَّحوه وهو حي، أرادوا ذلك، وتقوت صلته بأخيه الرابع الذي أنقذه الله على يديه. فعلى هذا لا يجوز بحال أن يتعرض للمسلم وروحه في جسده، قد يقول قائل: إن عندنا مريض منذ ستة أشهر، وهو محكوم بوفاته أو سنة أو أكثر وُجد سنين، وهو على الأجهزة، جاء مريض أرجى منه، يعني هذا يمكن أن يُسعف بالأجهزة وتعود إليه الحياة، وهذا ميئوس منه، حينئذٍ يجوز مثل هذا أو لا يجوز؟ يعني الأرجى هذا لو تُرِك من غير الأجهزة لمات، وهذا له سنة أو أكثر من سنة ما استفاد.
طالب: لا يجوز يا شيخ.
نعم.
طالب: ما يجوز يا شيخ.
ما عندنا إلا جهاز واحد.
طالب:.............
ما فيه إلا جهاز واحد، هل نقول: إن من سبق إلى مباح فهو أحق به، أو نقول: الذي يغلب على الظن مثلًا أن هذا ميئوس منه، وهذا يُرجى برؤه.
طالب: ..................
إن تزاحم المصالح، يقدم عليه وهو الأرجى؟
من أهل العلم من يقول: إن هذه الأجهزة وتطويل الحياة بهذه الطريقة غير صحيح، حتى إن أمه دخلت المستشفى وقرر أنها ميئوس منها، كأنه ما رضي بالأجهزة، يقول: تطويل الحياة بهذه الطريقة لا قيمة له.
لكن هذا الذي عاش على الأجهزة، ماذا يستفيد؟
طالب: ....................
هو لا يحس. على كل حال المسلم مُحترم، ولا يجوز أن يُتعرض له بسوء مادامت روحه في بدنه، وأما كونه تُكتب تقارير ويغلب على الظن أنه مات فهو في الحقيقة لم يمت، فالميت من فارقت روحه جسده، والله أعلم.
"أما المنع والتحريم فلا يرد، وأما كونه لا سيما إذا كان من ألوان أو في ألوان الحُلي فيه شيء من التشبه بالنساء من هذه الحيثية يُربَأ بطالب العلم أن يلبسه.
إذا كانت رخيصة الثمن فلا بأس.
من أهل العلم من يرى أن الخاتم مقيد بمن يحتاجه، ولذا النبي –عليه الصلاة والسلام- لم يلبسه حتى قيل له: إنهم لا يقرؤون إلا كتابًا مختومًا، وعلى هذا فالذي يحتاجه لا إشكال في لبسه له، والذي لا يحتاجه، من أهل العلم من يرى أنه مكروه في حقه، ولكن لو لبسه على سبيل الاقتداء ولو لم يحتاجه، بدليل أن النبي– عليه الصلاة والسلام- لما ألقى خاتمه الذهب ألقوا خواتمهم، فدل على أنهم كلهم لبسوا الخواتم وألقوها لما ألقى النبي–عليه الصلاة والسلام- خاتمه، وكثيرٌ منهم لا يحتاجه.
إذا كانت المسألة مجرد لون فلا بأس.
السائمة التي لا ترعى (لا)، الأصل في السائمة التي ترعى، وأما المعلوفة فليست بسائمة، والسَّوم هو الرعي. فإذا كان مقصوده المعلوفة؛ لأنه يقول: هل تكون داخل الشبك، ماذا لو خرجت ساعات محدودة، ولكن لا تكفيها الأعشاب؟ على كل حال إذا كانت تُعلف بالأعلاف التي يشتريها أصحابها فليست بسائمة، وحينئذ تكون زكاتها إن كانت مُعدة للتجارة، فزكاتها زكاة عروض تجارة، وإلا فلا زكاة فيها.
المنع لهذه الخواتم إنما يأتي من وجود نسبة من الذهب المحرم على الرجال، وأما خاتم الفضة فلا بأس به. فإذا خُلِّصَت هذه الخواتم من الذهب ولو بقيت فيه مواد أخرى، ولو كان من الحديد أو نحاس أو فضة، لا يُمنع منه الرجال فضلًا عن النساء، ما جاء من التختن بالحديد والنهي عنه، فهو مُضَعَّف عند أهل العلم، معارض بحديث «التمس ولو خاتمًا من حديد».
صحيح إن الذي ينشر رقمه للناس يرد عليهم.
هذه ضرورة، فإذا لم يوجد ما يقوم مقام الذهب في هذه العملية فهذه ضرورة، وعرفجة قُطع أنفه يوم الكلاب فاتخذ أنفًا من فضة فأنتن، ثم اتخذ أنفًا من ذهب. الضرورات تُقدَّر بقدرها، والحديث حسن.
لا، إذا مُلكت بنية التجارة فإنها تُزكى زكاة عروض تجارة إذا حال عليها الحول، أما إذا مُلكت للاستثمار فالزكاة في غلتها وفي ثمراتها.
إقراض المُرابي؟ يعني إذا كان يُقرض شخصًا؛ ليزاول به الرِّبا ويعلم ذلك، لا شك أن هذا من التعاون على الإثم والعدوان، والقرض مما يُبتغى به وجه الله، وقد ورد الحثُّ عليه، لكن إذا علِمنا أن هذا المُقترض سوف يتعامل به مُعاملة محرمة أو يشترى به مواد ممنوعة محرمة، أو ينتفع به انتفاعا مُحرمًا كل هذا لا يجوز؛ لأنه من التعاون على الإثم والعدوان.
ويقول أيضًا: وما حكم الإيداع في البنوك في الحسابات الجارية مع كون جمع من أهل العلم يقولون: إن حكم هذه الحسابات حكم القرض، والبنوك الربوية لا تختصر على المعاملات المحرمة في معاملاتها وأرباحها.
الإيداع في البنوك الأصل فيه أنه ودائع أمانات، لكن باعتبار أن البنوك يتصرفون في هذه الأموال، يتصرفون فيها ويُديرونها على علمٍ من أربابها فهي في حكم القروض باعتبارها مضمونة، ولو لم يحركوها وتركوها من غير تحريك تكون ودائع لا يضمنون إذا تلفت من غير تعدٍ ولا تفريط، لكنه في هذه الحالة أحكامها حكم القروض، وإن كانت في الأصل أمانة أو وديعة، إنما جُعلت ووُدِعت للحفظ فقط، وليس القصد منها أن ينتفع بها البنك، إنما القصد منها أن ينتفع صاحبها بحفظها، فهو من هذه الحيثية مُودِع، وهى وديعة، إلا أنَّه باعتبار أن البنك يتصرف فيها فهو مُقترِض، فالبنك له حُكمُه من حيث الضمان، والمُودِع له حكمه، فهذه ودائع إن وُجدَ غيرهم، فلا يجوز أن يُودِع عندهم لا يجوز أن يُودع عندهم، إن وجد غيرهم ممن يحفظ المال ،وإن لم يجد غيرهم فالمسألة مسألة حاجة، وأفتى أهل العلم بهذا. مسألة الحفظ فقط.
نعم، المنع من المساهمة في هذه الشركة من وجوه كثيرة جدًّا لاسيما وأن استعمال اتصالات بغض النظر عن هذا.. صار استعمالاً، الأصل فيه أنها منفعة مباحة، لكن دخلها المانع من وجوه.
على كل حال البيع على مثل هذا لا بأس به ومنع البلدية فيما نعلم وإن كان لمصلحة أرباب المحلات، أو من أجل أن يتخذوا محلات، وينتفع أصحاب المحلات، ولا يضر غيرهم ممن يدفع الأجور، المانع من هذه الحيثية، لا لأن البيع في ذاته محرم، البيع جائز، لكنهم يمنعون بناءً على هذه المصلحة، وفي كثير من الأحوال يتسامحون، قد يرون من يبيع عند الجوامع وعند الأسواق ومحلات التجمع تجمع الناس، حول المدارس وغيرها في هذه المسألة لا تشديد، فيجوز البيع عليها.
تسلسل الحوادث المراد به أن يوجد حوادث لا أول لها، وحوادث لا نهاية لها، ويُسمى حوادث في الماضي، تسلسل في الماضي وتسلسل في المستقبل، أما التسلسل في الماضي فهو ممنوع، فالله -جلَّ وعلا- كان الله ولم يكن شيئًا معه، فهو الأول أولية مطلقة، فتسلسل وجود حوادث لا أول لها ممنوع، وأما تسلسل الحوادث في المستقبل فمنعه بعضهم، وإن كان الصحيح جوازه بدليل أن الجنة والنار لا تفنيان، وسكانهما لا يفنون، فهي متسلسلة إلى أبد الآباد، وهذا أيضًا لو نظرنا إليه من حيث الأحكام قلنا: إن التسلسل في الأحكام في الماضي ممنوع، ويُمثَّل لهذا بالنية، وهى عمل من أعمال القلب والرسول-عليه الصلاة والسلام- يقول: «إنما الأعمال بالنيات»، فالنية هذه على مقتضى هذا الحديث تحتاج إلى نية والنية، التي قبلها تحتاج إلى نية، والنية التي قبلها عمل شرعي يحتاج إلى نية، وهكذا يتسلسل إلى مالا نهاية فهذا ممنوع.
وأما التسلسل في المستقبل ما منعوه، فقالوا: الشكر نعمة يحتاج إلى شكر، الشكر الثاني نعمة يحتاج إلى شكر، الشكر الثالث نعمة يحتاج إلى شكر، وهكذا إلى مالا نهاية، فلا يزال المرء حامدًا شاكرًا لله -جلّ وعلا-.
أولًا هذه الريشة التي يُدَّعى أنها ذهب في الحقيقة أنها ليست بذهب، عُرِض كثيرٌ منها على الصاغة فما وجدوا فيها نسبة، وإنما الباعة يقولون إنها ذهب؛ ليروِّجوها، فليست بذهب، لكن إن ثبت أنها ذهب فلا يجوز، الذهب محرم. على كل حال إذا لم يقم مقام الذهب شيء، إذا كانت الفضة لا تقم مقام الذهب، أو غيرها من المعادن فهي حاجة للضرورة.
على كل حال الدارقطني إمام، لكن الصحيحان كتابان تلقتهم الأمة بالقبول، وأجمعت الأمة على أنه لا يوجد كتاب أصح من هذين الصحيحين بعد كتاب الله -جلَّ وعلا-، وانتقادات الدارقطني لو نُظر إلى الأسانيد بمفردها لها وجه، لكن بمجموع أسانيد الحديث التي يرد بها، وينظر إليها صاحب الصحيح، والدارقطني يغض النظر عنها، وعلى كل حال ما انتقده الدارقطني شيء يسير في الصحيحين، والغالب أن الحق مع الشيخين، وقد تولى الحافظ ابن حجر الدفاع عن صحيح البخاري ورد ما انتقده الدارقطني وكذلك النووي وغيرهما.