التعليق على تفسير سورة البقرة من تفسير الجلالين (01)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين،
أقول لا يخفى على الإخوان ما كتب في تفسير القرآن من الكتب الكثيرة المطولة والمتوسطة والمختصرة، وفيها من العلوم والنفائس الشيء الذي لا يمكن أن يحاط به، وإذا أردنا أن نتتبع ما قاله المفسرون حول كلام الله -سبحانه وتعالى- فالأمر سيطول بنا جدًا، وإذا أردنا أن ننتقي من أقوالهم فهذا أيضًا يحتاج إلى الاطلاع على جل كتب التفسير، لكن ننتقي من أقوالهم ما يتيسر ونجمع إن شاء الله بين أطراف كلامهم المحتاج إليه، وإلا فكلام المفسرين كثير جدًا ويتفاوتون في مقاصدهم، فمنهم من يعتني بالتفسير الأثري وهذا هو الأصل؛ لأن كلام الله لا يمكن أن يجزم بأن المراد منه كذا إلا بتوقيف، ومن هذه الكتب التي تعتني بالأثر تفسير الطبري ابن أبي حاتم، ابن كثير الدرر المنثور البغوي وغيرها، هذه تحتاج إلى عمر لقراءتها وتمحيصها الوقوف على الصحيح من الضعيف يحتاج إلى وقت طويل، من المفسرين من عنايته الاستنباط وكُتب في هذا المؤلفات الكثيرة يعني في أحكام القرآن كتفسير أحكام القرآن لابن العربي والجصاص وإلكيا الطبري وجمع ذلك كله القرطبي في تفسيره، ومنهم من ينظر إلى القرآن من الناحية اللفظية فيحلل ألفاظه تحليلاً لغويًا ويستشهد على ذلك ويستطرد من شواهد اللغة ويذكر الشيء الكثير ويعتني بالأعاريب والبلاغة، وهذا أيضًا أطال فيها أهل العلم إطالة قد تفوت ما يحتاج إليه طالب العلم من ربط القرآن بالنصوص الآخرى االشرعية، ومنهم من جعل همه استنباط الحِكم والأسرار وغير ذلك من اهتمامات المفسرين، وكل واحد منها يفني العمر لأنه كتب حول القرآن من التفاسير ما الله به عليم، تفسير البيضاوي فقط وهو تفسير واحد كتب على يديه أكثر من مائة حاشية فكيف بالقرآن؟ وإذا كان للبخاري أكثر من ثمانين شرحا فكيف بكلام الله؟ وعلى هذا مثل ما ذكرت سابقًا أننا نطلع على ما يتيسر وننقل ما نظن أنه يحتاج إليه ويبين المراد باختصار وإلا فإن الأمر سيطول بنا جدًا، وسوف تسمعون ما قيل في {الٓمٓ} [سورة البقرة:1] مثلاً والحروف المقطعة من الكلام الكثير وهو قليل من كثير، حاولت اختصاره بقدر الإمكان وأتوقع أنه يأخذ الدرس كله الكلام في {الٓمٓ} فقط، لكن أنا سأختصر زيادة على فعلت سوف أختصر بإذن الله، والكلام لا ينتهي وكلام الله سبحانه وتعالى وعجائبه لا غاية لها ولا نهاية، وإذا كانت الفاتحة من قبل شخص واحد استخرج منها ما يزيد على عشرة ألاف فائدة، وليس ذلك بعجيب ليس ذلك بعجيب على طريقته التي بسطها في كيفية الاستنباط، بل لو قيل فيها أضعاف أضعاف ما ذَكر فليس الأمر ببعيد، وهذا كلام الله المعجز من كل وجه، وفضله على سائر الكلام لا يخفى، وفضل من علمه وتعلمه أمر مستفيض، وعلى كل حال ما لا يدرك كله لا يترك جله، بل لا نزعم أننا نأتي على الجل بل على أقل القليل حسب ما يتسع له المقام، وإلا فكما ترون الأعمار تنقضي والإنسان ما عمل شيئا، بالأمس أو قبله نودع عاما ونستقبل عاما، ماذا فعلنا في العام الماضي؟! لو اختبر كل واحد منا نفسه لوجده كما هو ما تغير من حاله شيء، من حج رجع من حجه وعاد إلى عوائده الهازل هازل والجاد جاد ما تغير من حاله شيء، خزينة أو خزائن طويت وفتحت أخرى ما استعد واحد منا بما ينبغي أن يستعد به في مقتبل عمره، حاسب نفسه وعاهدها على أن لا يعود إلى ما كان عليه من التساهل والتراخي والهزل وضياع الأوقات دون فائدة، لكن الله المستعان.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبع هديه واستن بسنته إلى يوم الدين، قال المؤلف رحمه الله تعالى والسامعين: "سُورَةُ البَقَرة، مَدَنِيةٌ مِئَتَانِ وَسِتٍ أو سَبْعٍ وَثَمَانُونَ آيَة"
سِتٍ؟ وسِتٌ، سِتٌ سِتٌّ المعطوف على مرفوع؟
الطالب: أحسن الله إليكم، "سُورَةُ البَقَرة، مَدَنِيةٌ مِئَتَانِ وَسِتٌ أو سَبْعٌ وَثَمَانُونَ آيَة، بسم الله الرحمن الرحيم {الٓمٓ} الله أعلم بمراده بذلك {ذَلِكَ} أي هذا {الْكِتَابُ} الذي يقرأه محمد {لَا رَيبَ} لا شك {فِيهِ} أنه من عند الله، وجملة النفي خبر مبتدأه ذلك والإشارة به للتعظيم {هُدًى} خبر ثانٍ أي هادٍ {لِلْمُتَّقِينَ} الصائرين إلى التقوى بامتثال الأوامر واجتناب النواهي لاتقائهم بذلك النار، {الَّذينَ يُؤْمِنُونُ} يصدِّقُون {بِالْغَيبِ} بما غاب عنهم من البعث والجنة والنار {وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ} أي يأتون بها بحقوقها {وَمِمَّا رَزَقنَٰهُم} أعطيناهم {يُنفِقُونَ} في طاعة الله {وَٱلَّذِينَ يُؤمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيكَ} أي القرآن {وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} أي التوراة والإنجيل وغيرهما {وَبِٱلآخِرَةِ هُم يُوقِنُونَ} يعلمون {أُوْلَٰٓئِكَ} الموصوفون بما ذكر {عَلَىٰ هُدى مِّن رَّبِّهِم وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلمُفلِحُونَ} الفائزون بالجنة الناجون من النار {إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} ".
يكفي يكفي.
بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وصحبه آجمعين.
في البداية يقول: "سورة البقرة" وقبلها سورة الفاتحة، لا بأس بإضافة السورة إلى بعض ما ذكر فيها وما جاء في تسميتها، في الصحيحين وغيرهما عن حديث سمعت الأعمش قال سمعت الحجاج يقول على المنبر السورة: التي يذكر فيها البقرة والسورة التي يذكر فيها آل عمران والسورة التي يذكر فيها النساء. كأنه لا يرى إضافة اللفظ إلى اسم السورة، لماذا؟ لأن الاسم جزء من السورة، فالبقرة جزء يسير قصة البقرة جزء يسير من السورة، كما أن قصة آل عمران جزء من سورتهم سورة آل عمران، والنساء وما يتعلق بهن جزء من سورة النساء وهكذا، فالبقرة ذُكرت في السورة وآل عمران ذكروا في السورة والنساء ذكرن في السورة ولهذا قال الحجاج السورة التي يذكر فيها كذا، والحجاج وعنايته بالقرآن أمره لا يخفى، يعني وضعه من حيث الاستقامة وعدمُها لا يخفى على آحاد المتعلمين، والخلاف في خروجه من الملة وعدم الخروج أمر معروف، لكن عنايته بالقرآن أيضًا أمر مشهود به، وتحزيبه وإعجامه وتقسيمه وعد حروفه وأحزابه إلى آخره، ونصيبه من التلاوة في كل يوم الربع، لكن مع ذلك وضْعه من حيث الاستقامة وعدمها معروف وظلمه واستهانته واستخفافه بحق الصحابة أمر مستفيض، لو نظرنا إلى رأيه بمجرد الرأي لوجدنا أن له حظًا من النظر بمجرد الرأي، ولهذا يقول: السورة التي يذكر فيها البقرة السورة التي يذكر فيها آل عمران السورة التي يذكر فيها النساء.
قال الأعمش: فذكرت ذلك لإبراهيم -وهذا في الصحيحين- فقال حدثني عبد الرحمن بن يزيد أنه كان مع ابن مسعود -رضي الله عنه- حين رمى الجمرة العقبة فاستبطن الوادي إلى أن قال: من هاهنا والذي لا إله غيره قام الذي أنزلت عليه سورة البقرة، يريد بذلك الرد على الحجاج، ففي كلام هذا الصحابي إضافة اللفظ إلى ما ذكر في السورة وقال سورة البقرة، وفي حديث أسيد بن حضير الآتي بينما هو يقرأ سورة البقرة، وجاء في المرفوع ما يدل على ذلك كثير، المقصود أن إضافة اللفظ إلى بعض ما يذكر في السورة من أسمائها أنه لا بأس به ولا إشكال فيه، في فضل سورة البقرة جاءت نصوص صحيحة، من أصحها ما رواه مسلم وأحمد والترمذي والنسائي من حديث أبي هريرة أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تجعلوا ببيوتكم قبورًا فإن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان» تقرأ فيه سورة البقرة ما قال السورة التي تذكر فيها البقرة لا يدخله الشيطان وروى البخاري من حديث أسيد بن حضير قال: بينما هو يقرأ سورة البقرة وفرسه مربوطة عنده إذ جالت الفرسة فسكت فسكنت فعل هذا مراراً وابنه يحيى بقربه فخاف عليه من الفرس فترك القراءة يقول فلما أصبح حدّث النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال له –عليه الصلاة والسلام- : «اقرأ يا ابن حضير» وفيه قال أسيد فرفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظلة فيها أمثال مصابيح فقال له النبي –صلى الله عليه وسلم- : «أتدري ما ذاك؟» قال: لا قال: «تلك الملائكة دنت لصوتك ولو قرأت لأصبحت الناس تنظر إليها لا تتوارى منهم»، وفي المسند وغيره من حديث بريدة -رضي الله عنه- قال كنت جالسًا عند النبي –صلى الله عليه وسلم- سمعته يقول: «تعلموا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة» يعني السحرة وجاء في فضلها مع آل عمران ومع السبع الطوَل الشيء الكثير ويأتي ذكر ذلك في محاله إن شاءالله تعالى.
قوله "مدنية" يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: البقرة جميعها مدنية بلا خلاف البقرة جميعها مدنية بلا خلاف، وهي مدنية وإن جاء فيها من الضوابط ما ينطبق على المكي كقوله تعالى: {يَا أيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} [سورة البقرة:21] كما سيأتي لأن منهم من يقول أن جميع ما جاء في {يَا أيُّهَا النَّاسُ} فهو مكي و{يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} مدني، وسيأتي ما يخدم ذلك إن شاء الله تعالى.
"مئتان أو ستٌ أو سبعٌ وثمانون آية" منشأ التردد ست أو سبع بناءً على ماذا؟ نعم؟
طالب: الحروف المقطعة.
الحروف المقطعة يعني {الٓمٓ} هل هي أول آية أو يعني هل هي أول الآيات التي تليها {ذَلِكَ الْكِتَابُ} معها أو {الٓمٓ} آية مستقلة وما بعدها.
طالب: والبسملة.
والبسملة أيضًا من وجه آخر، فمن قال أن البسملة آية مستقلة في كل سورة جعل البسملة الآية رقم واحد و{الٓمٓ ذَلِكَ الْكِتَابُ} الآية الثانية، يقول الحافظ بن كثير: قال العادّون آياتها مئتان وثمانون وسبعُ آيات، وكلماتها ستة آلاف كلمة، ومائة وإحدى وعشرون كلمة، وحروفها خمسة وعشرون ألفاً وخمسمائة حرف فالله أعلم.
خمسة وعشرون ألفا فعلى هذا يكون كم في قراءة سورة البقرة من الحسنات؟
طالب: ...................
مائتين وخمسة وخمسين؟
طالب: ...................
على الخلاف في المراد بالحرف، فإذا قلنا حرف المبنى قلنا في قرائتها مئتتان وخمسة وخمسون ألفًا من الحسنات، وإذا قلنا المراد حرف المعنى والمراد به الكلمة يكون فيها ستة آلاف كلمة يعني ستون ألف حسنة؟
طالب: .............
إيه؟ هو ما فيه شك فضل الله سبحانه وتعالى لا يحد، {وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [سورة البقرة:261] لكن هذا الحد الأدنى، فإذا اقترن بالقراءة ما يقتضي المزيد من تدبر وخشوع زيد له في ذلك بقدره.
ذكر ابن العربي رحمه الله تعالى في أحكام القرآن عن بعض شيوخه أنه قال: في سورة البقرة ألف أمر، وألف نهي، وألف خبر، وألف حكم. وهذا يحتاج إلى استقراء، لكن لا يمنع ولا ينفي أن يوجد فيها ذلك المقدار وقد عرفنا أن في الفاتحة من الفوائد الشيء الكثير.
يقول: "بسم الله الرحمن الرحيم {الٓمٓ} الله أعلم بمراده بذلك"
الحروف المقطعة في أوائل السور نعم؟
طالب: الحجاج ............ {ذَلِكَ الْكِتَابُ}
هذا فهمه هذا اجتهاده، بعد أن عرفنا الحكم بلا شك، لكن لو قدر أن شخص ما استحضر النص واطلع على قول الحجاج قول الحجاج له وجه، لكن لا وجه له مع الحديث المرفوع، يعني من حيث المعنى نعم البقرة في آيات يسيرة من السورة، فالأصل أن تقول يعني لولا الأحاديث المرفوعة وأخبار الصحابة لا شك أن قصة البقرة ذكرت في السورة وليست السورة كلها.
الحروف المقطعة كقوله في أول في صدر هذه السورة: {الٓمٓ} وقوله في أول سورة تليها: {الٓمٓ} أيضًا آل عمران وقوله في سورة الأعراف: {الٓمٓصٓ} وهكذا في تسع وعشرين سورة افتتحت بالحروف المقطعة، وقد اختلف العلماء في مراد الله -سبحانه وتعالى- بذلك وتأويل ذلك الحروف على أقوال كثيرة، ولذا يقول الإمام أبو جعفر بن جرير -رحمه الله تعالى-: اختلف تراجمة القرآن في تأويل قول الله تعالى {الٓمٓ} من يعني بتراجمة القرآن؟ المفسرين، وذكر أقوال تزيد على العشرة فقال بعضهم: هو اسم من أسماء القرآن. ثم نقله بسنده عن قتادة ومجاهد وابن جريج، اسم من أسماء القرآن وهذا أفرده بقول ثم قال في القول الثالث: هو اسم للسورة هل فيه فرق بين القول الأول والثالث؟ إذا قلنا {الٓمٓ} اسم للقرآن يعني هل القرآن يطلق عليه كله {الٓمٓ} أو اسم للسورة وهي بعض القرآن؟ على كل القول الأول قال: هو اسم من أسماء القرآن ثم نقله بسنده عن قتادة ومجاهد وابن جريج وغيرهم، القول الثالث قال: هو اسم للسورة ونقله بإسناده عن زيد بن أسلم، هل مراد من قال أنه اسم من أسماء القرآن أن القرآن يسمى {الٓمٓ} ويسمى بـ {صٓ} ويسمى بـ {نٓ} ويسمى إلى آخره، أو أن السورة تسمى سورة {صٓ} تسمى سورة {نٓ} تسمى سورة {الٓمٓ} ولذا ثبت عنه –عليه الصلاة والسلام- أنه يقرأ في صلاة الصبح من يوم الجمعة بـ {الٓمٓ} السجدة يعني باسم السورة سمى السورة بهذا، قال بعضهم هي فواتح يفتتح بها الله بها القرآن ثم نقله عن مجاهد أيضًا، قال بعضهم هو القول الرابع هو اسم الله الأعظم وعزاه لابن عباس، ما معنى هو اسم الله الأعظم؟ يعني إذا استطعت أن تنظم من هذه الحروف االتي جاءت الأربعة عشر في تسع وعشرون سورة اسم من أسماء الله سبحانه وتعالى فهو الاسم الأعظم، لا يعني أن {الٓمٓ} اسم الله الأعظم، وقال بعضهم: هو قسم أقسم الله به وهو من أسماءه. ونقله عن ابن عباس أيضًا وعكرمة، قَسَم {الٓمٓ} هذا قسم لكن هل هذا يجري على قواعد العربية؟ إذا تقدمه شيء من حروف القسم؟ هل تأخر عنه ما يدل على القسم؟ وقال بعضهم: هي حروف مقطعة من أسماء وأفعال كل حرف من ذلك لمعنى غير معنى الحرف الأول غير معنى الحرف الآخر، وذكره بسنده عن ابن عباس وسعيد ابن جبير وقال {الٓمٓ} أنا الله أعلم، فأخذ من {الٓمٓ} الهمزة قال أنا واللام جعلها من لفظ الجلالة والميم من أعلم وهكذا جاؤوا على هذا المنوال بجميع ما ذكرت فيه الحروف المقطعة، وقال بعضهم: هي حروف يشتمل كل حرف منها على معاني شتى مختلفة.
القول السابق السادس: كل حرف يدل على معنى، والقول السابع: كل حرف يشتمل على معانٍ شتى، فالألف تدل على معان؛ لأنها جزء من كلمات كثيرة، واللام تدل على معاني، والميم تدل على معان وهكذا، القول الثامن: وهي أن هذه الحروف من حساب الجُمَّل، قال ابن جرير -رحمه الله-: وكرهنا ذكر الذي حكي عنه ذلك إذ كان ممن لا يعتد على روايته ونقله. لعلها "لا يعتمد" من حساب الجمّل {الٓمٓ} الألف لها عدد في حساب الجمل، واللام لها عدد، والميم لها عدد، فالألف كم لها واحد، واللام؟ هاه؟
طالب: ...................
أبجد هوز حطي كلمًا
طالب: ...................
كم؟
طالب: ...................
أو ثلاثين؟
طالب: ...................
كيف؟
طالب: ثلاثين عن عشر
ثلاثين ثلاثين والميم؟ أربعين يصير الجميع واحد وسبعين، ويذكرون في هذا خبرًا عن بعض اليهود أنه جاء للنبي –عليه السلاة والسلام- وقال تزعم أنك بعثت في أمة لكن عمر هذه الأمة واحد وسبعين سنة من خلال ما أنزل عليك؟ في الخبر أن الرسول –عليه الصلاة والسلام- زاده فقال أنزل علي {الٓمٓصٓ} ثم قال له أنزل علي {الٓمٓرٓ} وهكذا، والخبر ذكره الحافظ ابن كثير -رحمه الله-.
يقول: وهو ما رواه محمد بن إسحاق بن يسار صاحب المغازي قال: حدثني الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس جابر بن عبد الله بن وثاب قال: مر أبو ياسر بن أخطب في رجال من يهود برسول الله –صلى الله عليه وسلم- وهو يتلو فاتحة سورة البقرة {الٓمٓ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِين} فأتى أخاه حيي بن أخطب في رجال من اليهود فقال: تعلمون والله لقد سمعت محمدًا يتلو فيما أنزل الله عليه {الٓمٓ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيبَ فِيهِ} فقال: أنت سمعته؟ قال: نعم. قال فمشى حُيي بن أخطب في أولئك النفر من اليهود إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فقالوا: يا محمد ألم يذكر أنك تتلو فيما أنزل الله عليك {الٓمٓ ذَلِكَ الْكِتَابُ}؟ فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- : «بلى» فقالوا: جاءك بهذا جبريل من عند الله؟ قال فقال: «نعم» قالوا: لقد بعث الله قبلك أنبياء ما نعلمه بين لنبي منهم ما مدة ملكه وما أجل أمته غيرك فقام حيي بن أخطب وأقبل على من كان معه فقال لهم: الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون فهذه إحدى وسبعون سنة أفتدخلون في دين نبي إنما مدة ملكه وأجل أمته إحدى وسبعون سنة ثم أقبل على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: يا محمد هل معك.. مع هذا غيره؟ فقال «نعم» قال: وما ذاك؟ قال: {الٓمٓصٓ} إلى آخره.
أولاً الخبر مداره على الكلبي وهو لا يحتج به عند أهل العلم، ولذا يقول الحافظ ابن كثير: وأما من زعم أنها دالة على معرفة المُدد وأنه يستخرج من ذلك أوقات الحوادث والفتن والملاحم فقد ادعى ما ليس له وطار في غير مطاره. قد ورد في ذلك حديث ضعيف ثم ذكره، وهو مع ذلك أدل على بطلان هذا المسلك من التمسك به على صحته. ثم قال بعد ذلك: فهذا مداره على محمد بن السائب الكلبي وهو ممن لا يحتج به إذا انفرد. ماذا يقول رحمه الله؟ يقول: فهذا مداره على محمد بن السائب الكلبي وهو مما لا يحتج بما انفرد به ثم كان مقتضى هذا المسلك إن كان صحيحًا أن يُحسب ما لكل حرف من الحروف الأربعة عشر التي ذكرناها وذلك يبلغ منه جملة كثيرة وإن حسبت مع التكرر فأتم وأعظم والله أعلم. يعني هذا الكلام نظيره ممن قال: بأن الساعة إنما تقوم سنة ألف وأربع مائة وسبعة. لماذا؟
لأن كلمة بغتة في القرآن حسابها في الجُمَّل ألف وأربع مائة وسبعة، فقال: الساعة تقوم في سنة ألف وأربع مائة وسبعة. وعَدَّت ألف وأربع مائة وسبعة وما حصل شيء.
طالب: الحمد لله.
لا شك أن مثل هذه الأقوال ضعيفة، وحساب الجُمَّل مستعمل عند أهل العلم، يعني لا ينكر استعماله، لكن تنزيله على كلام الله -سبحانه وتعالى- هو محل النظر، أهل العلم يؤرخون بحساب الجُمَّل، يؤرخون الوفيات، يؤرخون وقت التأليف، يؤرخون وقت الطبع أيضًا، موجود في أواخر الكتب، يؤرخون المواليد مواليد الأئمة وهكذا، المقصود أن مثل هذا القول لا يلتفت إليه، يعني لو حسبنا الحروف الأربعة عشر في حساب الجُمَّل خرج من ذلك عدد كبير وخلاف مراد خلاف ما أراده هؤلاء اليهود إنما يريدون بذلك الصد عن دين الله، يقول بعضهم: لكل كتاب سر وسر القرآن فواتحه. فـ {الٓمٓ} سر القرآن وهذا مروي عن الشعبي والثوري فيما قاله القرطبي، المفسر عندنا يقول: "الله أعلم بمراده بذلك" أي أنه لا يمكن أن يوقف على حقيقة المراد منه.
وحكاه القرطبي مثل هذا الكلام وأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهم- وذكر أبو الليث السمرقندي عن عمر وعثمان وابن مسعود -رضي الله عنهم- أنهم قالوا: الحروف المقطعة من المكتوم الذي لا يفسر. من المكتوم يعني هل علمه أحد فكتم خبره؟ أو أنه لم يعلم أصلاً؟
طلاب: لم يعلم أصلاً.
إنما يعلمه الله -سبحانه وتعالى- ولذا جاء بعده {الَّذينَ يُؤْمِنُونُ بِالْغَيبِ} فمدح الذين يؤمنون بالغيب وفي آية المحكم والمتشابه {وَالرَّسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ ءامَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [سورة آل عمران:7].
وقال أبو حاتم: لم نجد الحروف المقطعة في القرآن إلا في أوائل السور ولا ندري ما أراد الله عز وجل بها؟
طالب: أحسن الله إليك أبو حاتم محمد الرازي.
من محمد الرازي ذا؟
طالب: أبو صاحب الجرح والتعديل.
محمد بن إدريس الحنظلي؟ محمد الرازي كذا ما تجيئ.
طالب: ما كنت أعلم هل هو نفسه يا شيخ؟
هل هو هو؟
طالب: أسأل أحسن الله إليك
يعني هذه صناعته؟
طالب: صناعته في الحديث.
تفسير ابن أبي حاتم.
طالب: هذا هو؟
لا لا قال أبو حاتم هاه؟ نعم؟
طالب: ................
ابن حبان؟ احتمال على كل حال هو ما بُيِّن فاحتمال يكون ابن حبان مع أنه في الغالب ابن حبان غالبًا لا يسلك مثل هذا، والغالب أنه يستنبط سواء بَعُدَ الاستنباط أو قرب.
طالب: يعني تفسير مطبوع..
من هو؟
طالب: ...تقول ما بُين
أبو حاتم ما بين اسمه ذكر في كتب التفسير ولا بين، هل هو أبو حاتم الرازي أبو حاتم بن حبان أبو حاتم الساجستاني وهو من أئمة اللغة وهو الأقرب.
طالب: تكلمتم قبل قليل عن المعتنين بالتفسير قلتم...
ابن أبي حاتم قلنا ما قلنا أبو حاتم.
يقول القرطبي: ومن هذا المعنى ما ذكره أبو بكر الأنباري عن الربيع بن خثيم قال: إن الله تعالى أنزل هذا القرآن فاستأثر منه بعلم ما شاء وأطلعكم على ما شاء، فأما ما استأثر الله به لنفسه فلستم بنائليه، فلا تسألوا عنه، وأما الذي أطلعكم عليه فهو الذي تسألون عنه وتُخبرَون به، وما بكل القرآن تعلمون، ولا بكل ما تعلمون تعملون. هذا يقوله الربيع بن خثيم وهو من أئمة السلف المعروفين المشهود لهم في علمه وعبادته.
ويقول الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى- في تفسيره: مجموع الحروف المذكورة في أوائل السور بحذف المكرر منها أربعة عشر حرفًا، من يعدها؟
ألف، لام، ميم، صاد، راء، كاف، هاه، ياء، عين تجيئ؟، صاد انتهت، طاء، سين، حاء، قاف، نون، أربعة عشر حرفًا، يجمعها قولك "نص حكيم قاطع له سر" أربعة عشر يجمعها قولك نص حكيم قاطعٌ له سر.
طالب: يا شيخ..
نعم.
طالب: ......................
كيف؟
طالب: صله سحيرًا من قطعك تجمع الأربعة عشر حرف يا شيخ.
لكن أيهم أحسنهم من حيث المعنى؟
طالب: حسن المعنى الأولى يا شيخ..
طيب سحيرًا ؟
طالب: ..............
إيه، لكن نص حكيم يعني القرآن نص حكيم قاطع مقطوع به له سر لا يعرفه ولا يطلع عليه إلا أهل العلم.
طالب: ..............
هذا جاء في كلام ابن كثير وغيره وهو منقول في كتب التفسير كلهم، إيه.
يقول: وهي نصف الحروف عددًا، والمذكور منها أشرف من المتروك، وبيان ذلك من صناعة التصريف. هذا كلام ابن كثير.
يقول الزمخشري: هذه الحروف الأربعة عشر مشتملة على أنصاف أجناس الحروف. يعني من المهموسة والمجهورة ومن الرخوة والشديدة ومن المُطبقة والمفتوحة ومن المستعلية والمنخفضة ومن حروف المقلقلة ثم سردها فصلها الزمخشري، ثم قال في آخر ذلك: فسبحان الذي دقت في كل شيء حكمته.
يقول ابن كثير رحمه الله تعالى: ومن ها هنا لحظ بعضهم في هذا المقام كلامًا فقال: لا شك أن هذه الحروف لم ينزلها الله سبحانه وتعالى عبثًا ولا سدى، ومن قال من الجهلة إنه في القرآن ما هو بعيد لا معنى له بالكلية..، ماهو تعبد ما هو تعبد نعم..، ومن قال من الجهلة إنه في القرآن ما هو تعبد لا معنى له بالكلية فقد أخطأ خطأ كبيرًا فتعين أن لها معنى في نفس الأمر، فإن صح لنا فيها عن المعصوم شيء قلنا به، وإن لا وقفنا حيث وُقِفنا وقلنا {ءامَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [سورة آل عمران:7] ولم يُجمع العلماء فيه على شيء معين وإنما اختلفوا وإنما اختلفوا، فمن ظهر له بعض الأقوال بدليل فعليه اتباعه وإلا فالوقف حتي يتبين هذا المقام. حتى يتبين هذا مقام والمقام الآخر ما الحكمة التي اقتضت إيراد هذه الأمور.
ابن جرير رحمه الله تعالى أورد سؤالا يقول: هل يوجد في القرن كلام لا معنى له؟ نعم؟ وقد أمرنا وهو أيضًا مخلوط بكلام الرازي وقد أمرنا بتدبر القرآن كله، {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلقُرءَانَ وَلَو كَانَ مِن عِندِ غَيرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱختِلَٰفا كَثِيرًا} [سورة النساء:82] {كتاب أَنزَلنَٰهُ إِلَيكَ مُبَٰرَكًا لِّيَدَّبَّرُوٓاْ } [سورة ص:29] {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلقُرءَانَ أَم عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ} [سورة محمد:24] فأمر بتدبر القرآن كله فكيف نتدبر {الٓمٓ} و{الٓمٓصٓ} ونحن جزمنا بأننا لا نعرف معناها وقلنا الله أعلم بمراده، وقد أمرنا بتدبر القرآن كله؟! والرازي أطال إطالة في هذا إطالة شبه أن تكون مملة ليقرر أن لها معاني ولها أسرار لكن أليس في القرآن محكم ومتشابه؟ نعم؟
طالب: بلى.
وأمرنا بالكف عن اتباع المتشابه؟ {فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ} [سورة آل عمران:7] أمرنا بالكف عنه؟
طالب: .....................
لكن أُثبت أن في القرآن متشابه.
طالب: ......................
يعني هل يتصور أن يوجد من البشر ما لا يشكل عليه شيء في القرآن؟ لا مسألة فرضية يعني
طالب: ......................
ما معنى المتشابه الذي أمرنا بالكف عنه؟
طالب: ......................
لا هو إذا كان معروفا عند فلان من الناس، أو يستطيع إنسان إدراكه فأنا ما أمرت بالكف عنه، أنا مأمور بالبحث عنه مثل ما بحث عنه فلان، فالذي وصِل إلى معرفة المتشابه.. أعلم وأحفظ وأتقن ممن لم يصل على هذا الكلام، إذا قلنا إن التشابه نسبي يمكن أن يدركه زيد من الناس ولا يدركه عمرو، وعمرو يدرك شيء ما لا يدركه زيد؛ لأننا نقول إنه يمكن لبشر واحد أن يحيط بجميع كلام الله، فإذا قلنا أنه نسبي يشكل على بعض الناس دون بعض، بينما هذا البعض الذي لم يشكل عليه، أشكل عليه أشياء أخرى أدركها البعض، نقول لاشك أن الإحاطة بجميع ما أدركوه هو الكمال، إذا قلنا أنه نسبي فمن حصَّل من النسبة أعلاها فهو أعلم، فعلى هذا نتصور أنه يوجد شخص لا يشكل عليه شيء في القرآن، وقد أمرنا بالكف عن اتباع المتشابه فدل على أن من القرآن ما نهينا عن اتباعه وهو المتشابه، والذين يتبعونه هم الذين في قلوبهم زيغ، فعلى هذا نجزم بأن في القرآن ما لا يمكن أن يدرَك، وأن محاولة فهم ما لا يمكن إدراكه هو الزيغ الذي حذر منه القرآن.
طالب: تحديده يا شيخ.
كيف تحديده؟
طالب: ....................
إيه، كيف؟ فهمنا السؤال؟ يقول أمرنا بالكف عن المتشابه، كيف أعرف أن هذه الآية محكمة وهذه متشابهة؟ الطرق المعتمدة عند أهل العلم والمحققين للتفسير معروفة، الأولى/ تفسير القرآن بالقرآن، فإذا وجدنا آية في القرآن مستغلقة ووجدنا معناها في آية أخرى، فسرنا هذه الآية بهذه الآية وعرفنا أنها من المحكم الذي ليس من المتشابه، وإذا وجدنا في القرآن ما أُجْمِل وبُيِّن في السنة عرفنا أن السنة فسرت القرآن، الصحابة.. فَهْم الصحابة مقدم على فهم جميع من جاء بعدهم لأنه عاصروا التنزيل وعايشوا الرسول –عليه الصلاة والسلام- وفهموا عنه مقاصده، فإذا تكلم الصحابة في آية ما عرفنا أنها ليست من المتشابه، لا سيما إذا اتفقوا، أما إذا اختلفوا فليس قول أحدهم بأولى بالاتباع من قول الآخر، من الكلمات ما يعرف من لغة العرب هذا وجه من وجوه التفسير، يعني من القرآن ما تدركه العرب بلغتها وهكذا، لكن فيه.. في القرآن ما وقف العلماء حيارى بالنسبة له.
طالب:....................
ولذلك سمعت في كلام ابن كثير ماذا يقول؟ يقول: فإن صح لنا فيها شيء عن المعصوم قلنا به، وإلا وَقفنا حيث وُقفنا. يعني ما نمشي وراء شيء نحن ما معنا دليل عليه، لأن العقول مهما بلغت من قرب من الكمال البشري، إلا أنها تظل لها حد محدود، ولذا الغيبيات من ذهب يتتبعها وأعمل ذهنه واجتهاده فيها ضل، وهذه طريقة كثير من المبتدعة حيث لم يَقفوا في كثير مما وُقفوا، ولم يجمع العلماء فيه على شيء معين وإنما اختلفوا.
يقول: فمن ظهر له بعض الأقوال بدليل بشرط أن يكون هناك دليل فعيله اتباعه وإلا فالوقف. وإذا قيل لك حرف أو حرفين من كلمة تعرف ما وراءها؟ الرسول –عليه الصلاة والسلام- لما قال لابن صائد أو صياد كلهم مروي: خَبَأت لك شيء قال: «فما هو» قال: الدخ، فقال له النبي –عليه الصلاة والسلام- «اخسأ لن تعدو قدرك» الرسول –عليه الصلاة والسلام- خبأ له آية الدخان فما استطاع أن يأتي إلا بحرفين لماذا؟ لأن الشياطين المسترقة للسمع ما استطاعوا أن يسترقوا إلا هذين الحرفين، وهو يتعامل معهم، «اخسأ فلن تعدو قدرك».
يقول المقام الآخر فالحكمة التي اقتضت إيراد هذه الحروف في أوائل السور ما هي؟ ما الحكمة التي اقتضت إيراد هذه الحروف في أوائل السور مع قطع النظر عن معانيها في أنفسها؛ لأن معنايها في أنفسها تقدم الكلام فيه، فقال بعضهم وهذا ذكره ابن جرير في تفسيره يقول: ذُكرت لتعرف به أوائل السور. معناه أنك تقول: {الٓمٓ ذَلِكَ الْكِتَابُ} {الٓمٓ} كأنها فاصلة بين الفاتحة وبين البقرة {الٓمٓصٓ} فاصل بين الأنعام والأعراف وهكذا، يقول: إنما ذكرت لتعرف بها أوائل السور. وهذا حكاه ابن جرير وهو ضعيف، لماذا؟ لأن الفصل حاصل بدونها، لأن الفصل حاصل بدونها فيما لم تذكر فيه، يعني هل يقول قائل: أن النساء يمكن أن يقال أنها تابعة لآل عمران لأن ما فيها حروف مقطعة تفصلها من آل عمران؟ الفصل حاصل بدونها فيما لم تذكر فيه، وفيما ذكرت فيه الفصل بماذا؟ بالبسملة تلاوة وكتابة، البسملة مجمع على كتباتها فهي فاصلة ولذا قال بعضهم وهو قول من ضمن ما تقدم في البسملة: إنما.. إنها آية أنزلت للفصل بين السور. آية واحدة في القرآن غير آية النمل أنزلت للفصل بين السور.
قال آخرون وهو أيضًا حكاه ابن جرير: ابتدأ بها يعني بهذه الحروف المقطعة لتفتح لاستماعها أسماع المشركين. يعني كأنها أحرف تنبيه المشركون تواصوا بالإعراض عن القرآن {لَا تَسْمَعُواْ لِهَٰذَا ٱلقُرءَانِ وَٱلغَواْ فِيهِ} [سورة فصلت:26] فأنزلت هذه الحروف للتنبيه حروف تنبيه من أجل أن يستمع المشركون القرآن، يعني إذا تلي عليهم قرآن ما يفهمونه مجرد حروف قالوا سنرى ما وراء هذه الحروف، يقول: حتى إذا استمعوا له تلي عليهم المؤلف منه وهو ضعيف أيضًا لماذا؟ نعم؟
طالب: ....................
نعم نعم، وهو ضعيف أيضًا لأن لو كان كذلك لكان ذلك في جميع السور، لا يكون في بعضها بل غالبها ليس كذلك، ولو كان ذلك كذلك أيضًا لا نبغى الابتداء منها في أوائل الكلام سواء كان من أول السورة أو من أثنائها، ثم إن هذه السورة والتي تليها سورة آل عمران سورتان مدنيتان ليستا خطابًا للمشركين فانتقض ما ذكروه بهذه الوجوه، وقال آخرون: ذكرت هذه الحروف في أوائل السور بيانًا لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله، هذا مع أنه مركب من هذه الحروف التي يتخاطبون بها. يعني إذا قال: {الٓمٓ} كأنه قال القرآن المنزل على محمد –صلى الله عليه وسلم- مركب من هذه الحروف، وأنتم أهل هذه اللغة المركبة من هذه الحروف ائتوا بسورة مثله، نعم ائتوا بعشر سور، ائتوا بمثله؛ لأن التحدي يجيئ على مراحل، لكن هل جاء التحدي بآية؟
طالب: آية من مثله
آية من مثله؟ لا لا سورة نعم نعم؟
طالب: عشر آيات.
عشر آيات؟
طالب: .......................
كيف؟ أنت الذي تقوله هذا أنت،
طالب: .......................
ارجع لماذا لم يقع التحدي بآية؟ لأن الآية قد تكون بكلمة {مُدْهَآمَّتَانِ} [سورة الرحمن:64] فلا يعجز عن الإتيان بمثله {ثُمَّ نَظَرَ} [سورة المدثر:21] آية لا يعجز عن الإتيان بمثله، لكن آية بقدر أقصر سورة فيها تحدي، آية بقدر أقصر سورة يقع فيها التحدي، لأن التحدي بالسورة واقع فالتحدي بمقدارها بآية يقع؟
طالب: ......................
في آية بقدر سورة من السور القصيرة لكن آية بكلمة {ثُمَّ نَظَرَ} فيها إعجاز؟ نعم؟ يعني في كلامهم يقولون {ثُمَّ نَظَرَ} نعم؟
طالب: .....................
إيه، نعم اسمع باقيه يقول ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف فلابد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن وبيان إعجازه وعظمته وهذا معلوم بالاستقراء وهو الواقع في تسع وعشرون سورة ولهذا يقول الله تعالى: {الٓمٓ ذَلِكَ الْكِتَابُ} {الٓمٓصٓ كِتَٰبٌ أُنزِلَ إِلَيكَ فَلَا يَكُن فِي صَدرِكَ حَرَج} [سورة الأعراف:1+2] يذكر القرآن {الٓر كِتَٰبٌ أَنزَلنَٰهُ إِلَيكَ لِتُخرِجَ ٱلنَّاسَ} [سورة إبراهيم:1] إلى آخره، ما الذي فيها والقلم؟
طالب: .....................
لا لا في نفس السورة ولو بعدها آية ولذلك في سورة آل عمران مفصول بينها بآية من القرآن {الٓمٓ الله لَا إلَهَ إِلَّا} [سورة آل عمران:1+2] كيف؟ لا التي قبلها العنكبوت؟ لكن لابد من ذكر القرآن في هذه السورة.
وغير ذلك من الآيات الدالة على صحة ما ذهب إليها هؤلاء لمن أمعن النظر والله أعلم.
على كلٍ هذا القول مختار لدى كثير من أهل العلم الفرّاء قطرب المبرد الزمخشري شيخ الإسلام ابن تيمية المزي وغيرهم اختاروا هذا القول اختاروا هذا القول.
الأمر الثاني إنه ما يترتب عليه شيء، ما عليه محظور، ليس فيه محذور هم ما يفسرون الحروف المقطعة يقولون الله أعلم بمراده لكن لماذا جيء بها؟ جيء بها للدلالة على أن هذا القرآن مرتب منظم من هذه الحروف التي تتخاطبون بها فجيء بمثله من هذه الحروف.
طالب: ....................
إيه لكنها أشرفها.
طالب: ....................
لا لا هذه أشرفها وأقواها إيه إيه هذا فصل الزمخشري تفصيلاً بيّنا، اسمعوا ماذا يقول صاحب المنار. في تفسير المنار قال: {الٓمٓ} هو وأمثاله أسماء للسور يقول ولا يضر وضع الاسم الواحد كـ {الٓمٓ} لعدة سور لأنه من المشترك الذي يعين معناه اتصاله بمسماه ولذا جاء في الحديث {الٓمٓ} السجدة قال {الٓمٓ} البقرة {الٓمٓ} آل عمران.
طالب: ............
لماذا لم يقل كان يقرأ بالسجدة لأن لا يذهب إلى {الٓمٓ} السجدة إلى غيرها فقال {الٓمٓ} السجدة فدل على أنه.. تعين المسمى فالاسم ما معناه؟
طالب: الذي يعين المسمى.
الذي يعين المسمى.
طالب: ..البقرة ألا تعين المسمى؟
كيف؟
طالب: سورة البقرة؟
لكنها وجدت في بعض النصوص وجدت اسم في بعض النصوص فهي اسم.
طالب: في نظير غير السجدة يا شيخ؟
يقول وحكمة التسمية والاختلاف في ألم وألمص نفوض الأمر فيها إلى المسمِّي -سبحانه وتعالى- ويسعنا في ذلك ما وسع صحابة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وتابعيهم، وليس فيه شيء من الدين أن يتنطع متنطع فيخترع ما شاء من العلل التي قلما يسلم مخترعها من الزلل، وليس من الدين في شيء أن يتنطع متنطع ما يشاء من العلل التي قلما يسلم مخترعها من الزلل. على كل، الخلاف معروف في الحروف المقطعة وأقوال أهل العلم، يعني أتينا على جلها باختصار، والسبب في إيرادها أيضًا أوردنا ما ذكره من أهل العلم، تبقى المسألة بدون حل وتقف الأفهام حائرة دون الوصول إلى حقيقتها، ونرجع إلى ما قاله المفسر في أول الأمر "الله أعلم بمراده في ذلك" وهو مروي عن أبي بكر وعمر وعلي وعثمان وجمع من الصحابة، فيسعنا ما وسعهم؛ لأن كل قول من الأقوال الأخرى منقوض.
طالب: ................
هذا الرازي الذي يقوله الرازي إيه.
طالب: ...............
القرآن المقصود الغالب ما يمكن تدبره نعم
طالب: ................
ولذلك فسر بـ {الٓمٓ} تفسيره يقول اسم من أسماء القرآن تفسير ابن عباس ماذا يقول؟ القول الأول اسم من أسماء القرآن هذا قول من؟ ابن عباس قال هو قسم أقسم الله به قال مرة هو اسم الله الأعظم يعني حينما وقف ابن عباس قال {الٓمٓ} هو اسم الله الأعظم أو الحروف المقطعة كلها يمكن أن يركب منها اسم الله الأعظم.
طالب: ................
كيف؟ لا ما ركب شيء، أو يقول هو قسم أقسم الله به وهو من أسمائه، لا تزال المسألة يعني ما ولا نتوقع أنه يأتي من يحلها، لا ما نقول المسالة تحتاج إلى مزيد بحث وتحتاج إلى حل.
طالب: ................
مثل المتشابه ما ندري ما معناه، المتشابه الذي لا يمكن الوصول إلى حقيقه.
طالب: أحسن الله إليك السؤال الذي سأله الأخ قبل قليل ما السبيل إلى معرفة المتشابه وأجبتم عليه ولكن ما نستطيع أن نضيف عليه طريق أخرى وهي نص أحد العلماء الجباهذة في هذا الفن أن هذه الآيات متشابه أو الصحابة أو التابعين؟
إيه لكن مثل ما ذكروا يبقى السؤال قائم إذا نصوا.. هو ونص أحد على معرفته من الجهابذة أيضًا.
طالب: إذا تعارض نص أحد الصحابة لا سيما الصحابة أو التابعين الذين أخذوا عنهم أن هذه متشابه وتعارض مع قول أحد يقدم قول الصحابي وانتهينا لكن..
لكن وقف على كلام أو وقف على.. أو استطاع أن يفسر هذا المتشابه عند بعض الناس بكلام معقول لا يخالف قواعد الشريعة.
طالب: لا شك أن الصحابة كما هو في التفسير أفضل من غيرهم، السبيل الثاني السبيل الثالث من سبل التفسير
إيه بلا شك أنهم من طرق التفسير التفسير بقول الصحابي لكن إذا عدمنا ما يفسره من القرآن أو من السنة.
طالب: أقصد أنه مقدم على غيره يا شيخ.
مقدم على غيره، لكن هل نستطيع أن نقول هذا الصحابي أعرف بالتفسير من كل أحد بجميع دقائق التفسير، يعني مثل ما قلنا عن ابن عباس أنه.. مجاهد سمع منه التفسير كله فسر لمجاهد تفسير القرآن كله وقال لك {الٓمٓ}.
طالب: قسم.
قسم نعم تقول ابن عباس أعرف؟ نعم أعرف ابن عباس دعا له النبي –عليه الصلاة والسلام- وكونه يدعا له ويجيب الله –سبحانه- الدعوة ويبرز ابن عباس في هذا الباب حبر الأمة وترجمان القرآن، لكن هل يعني هذا أنه أعرف بكل دقيقة من دقائق التفسير من كل أحد؟ لا ما يلزم، وإلا للزم اتباعه، أخذنا تفسيره ولا أخذنا تفسر غيره، لكن فوق كل ذي علم عليم وقد يدرك المفضول ما لا يدركه الفاضل أحياناً، يعني هذا إلهام من الله -سبحانه وتعالى- وتوفيق من الله -سبحانه وتعالى-.
طالب: ..غير صحيح.
لكن ما معنى قوله تعالى {وَالرَّسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ ءامَنَّا بِهِ} [سورة آل عمران:7] على الخلاف في الوقف على الخلاف في الوقف فلما ذم الله -سبحانه وتعالى- الذين يتبعون المتشابه ومدح الراسخين بالعلم لقولهم {ءامَنَّا بِهِ} دل على أن هناك في القرآن ما ذم اتباعه وهو المتشابه يتبعون ما تشابه، من المتشابه الذي يتبعه أهل الأهواء وأهل الزيغ ما يستدلون به لمذاهبهم كل في مذهبه، آيات الوعد يستدل بها المرجئة، ويتركون ما يعارضها من آيات الوعيد ولا يأخذون بالتوفيق بين نصوص الوعد والوعيد، وفي مقابلهم الحارورية والخوارج، فمثلاً قتل العمد جاء فيه الخلود في النار، حكم الله -سبحانه وتعالى- على من قتل عمدًا بأنه خالد في النار هذا محكم وإلا متشابه؟ محكم من أي وجه هل هو صحيح.. هل نقول بخلود القاتل العمد بالنار مع أن الله -سبحانه وتعالى- نص عليه في كتابه، الخوارج قالوا به اتبعوا هذا المتشابه، المرجئة قالوا {قُل يَٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسرَفُواْ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِم لَا تَقنَطُواْ مِن رَّحمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعًا} [سورة الزمر:53] فالنظر على الآية بمفردها قد يكون من المتشابه لكن إذا ضمت هذه الآية إلى آية أخرى تبينها وتفسرها وتوضح المراد منها زال التشابه من هذه الحيثية.
طالب: نسبي...
نعم؟ نسبي في الغالب لكن تبقى آيات يقف الناس دونها ما يتعلق بالله -سبحانه وتعالى- من كونه ذاته وصفاته، آيات الصفات من حيث معناها محكمة بلا شك لكن ما وراء المعاني من الكيفيات يمكن يصل إلى أحد؟ ما يمكن أن يصل إلى أحد وهكذا فلا نقول آيات الصفات متشابهة على ما يقوله كثير من المبتدعة، لا، آيات الصفات معناها معروف عند أهل العلم ولذا جاء عن أم سلمة ومالك جمع الاستواء معلوم لكن ما المجهول؟ الكيف لأنه مثلاً لو قال لك ما الاستواء تقول استواء يليق بجلال الله وعظمته انصرف هذا السائل، يأتيك شخص آخر كيف استوى ما معنى استوى؟ هذا يتبع المتشابه إذا سأل عن الكيفية
طالب: ..............
أين؟
طالب: ..............
نقول من مما لا يدرك بالرأي فيكون حينئذ من المتشابه لكن هل يذم من بحث عن معنى هذه الحروف من خلال أقوال الأئمة لكن لولا لم ينظر في أقوال الأئمة ويستنبط هو من نفسه يأتي بقول جديد في {الٓمٓ} مثلاً لم يسبق إليه نقول هذا اتبع المتشابه وإلا اقتدى بأهل العلم السابقين في كونهم نظروا..؟
طالب: ...................
إيه لكن شخص أراد أن يضرب بأقوال العلماء كلهم السابقين ويمسك المصحف يفسره هو بنفسه من غير نظر في أقوال الأئمة هل نقول إن هذا باعتبار أن عنده شيء من العلم اقتدى بالأئمة الذين نظروا واجتهدوا واستنبطوا بأنفسهم؟ لا، هذا لابد أن يقع في المتشابه لا سيما إذا أراد أن يأتي على القرآن كله.
بعد يقول: {ذَلِكَ} يقول "أي هذا الكتاب الذي يقرأه محمد" الذي في القرآن، ذلك وفي التفسير هذا ما الفرق بين ذلك وهذا؟ ذلك إشارة إلى البعيد ذلك إشارة للبعيد وهذا إشارة للقريب، وعدل المفسر من ذلك الذي فيه الإشارة إلى البعيد إلى هذا فقال ذلك أي هذا الكتاب الذي يقرأه محمد وهذا أحد قولين ذكرهما ابن الجوزي في زاد المسير وذكرهما غيره أيضًا ونسب لابن عباس ومجاهد وعكرمة والكسائي وأبي عبيدة والأخفش..
"في قوله: «صدق ذو اليدين» يستفهم النبي –عليه الصلاة والسلام- هل كلامه صدق؟ يستفهم من الصحابة الحاضرين حينما ترك الركعتين من إحدى صلاتي العشي، المقصود أن النبي –عليه الصلاة والسلام- قال: «ذو اليدين».
يقول: هل هذا يُعتبر من التنابذ بالألقاب؟
نعم هو لقب على كل حال، لكن هل كان يكره ذلك؟ وهل عُرِف باسمه أكثر من معرفته بلقبه؟ إذا كان لا يكره ذلك فلا إشكال، وإذا اشتهر بهذا اللقب أكثر من شهرته بالاسم لا مانع كما قرر ذلك أهل العلم.
نعم، الكتاب سهل ومُيسر، ويفهمه العامي كما يفهمه طالب العلم، ويُستفاد منه.
إذا كان القرآن يُتلى يجب الاستماع..يجب الاستماع، وإذا كان الحديث يُقرأ وأنت منشغلٌ بأذكارك التي يفوت وقتها، فعليك بالإسرار لا يجب الإنصات، لكن عليك بالإسرار بحيث لا يكون صوتك فوق صوت المُحدِّث.
وعلى كل حال الأصل في هذا الاستفادة، أن تستفيد.
تفسير الجلالين طُبِع عشرات المرات، ومن أفضل طباعاته: طبعة الشيخ/ أحمد شاكر في مجلدين في دار المعارف بمصر.
من ارتكب كبيرة أو أصرَّ على صغيرة؛ فهو فاسق.