هذه الأبيات الستة عشر تسمى (لامية) لأن أواخر أبياتها تنتهي بحرف اللام،وقد وجدت مخطوطة بين رسائل لشيخ الإسلام ابن تيمية، فيوجد قبلها رسالة لشيخ الإسلام وبعدها رسالة، وكتب على بعضها (عقيدة ابن تيمية) ولذا قالوا: "اللامية لشيخ الإسلام ابن تيمية" اللامية باعتبار أن حرف الروي فيها اللام، وباعتبار أنها وجدت بين بعض مصنفاته، وإلا فليس فيها ما يدل على أنها لشيخ الإسلام ابن تيمية،فلم تذكر في مؤلفاته، ولم يذكرها ابن القيم -رحمه الله تعالى- ضمن مؤلفات شيخ الإسلام، ولذا يقولون: المنسوبة لشيخ الإسلام ابن تيمية، لكن الكلام الموجود فيها حق، سواء كان لشيخ الإسلام أو لغيره -رحم الله الجميع-، وما دام الكلام حقاً فلطالب العلم أن يعنى بها، فهي منظومة طيبة على اختصارها حوت ما اُتفق عليه من مسائل الاعتقاد، وعلى طالب العلم أن يعنى بها ويحفظها، وينظر في شروحها، ولا أعرف لها شرحاً للمتقدمين؛ لأن شرح أحمد المرداوي قديم قدما نسبيا، فشرحها بعد الألف وزيادة ؛ لأنه ينقل عن السفاريني، وهو متأخر، لكنه ليس من المعاصرين، وشرحه هذا طبع قبل أربعين سنة في مطابع النور في الرياض، ثم طبع أخيراً في دار المسلم، وعليه تعليقات للشيخ صالح الفوزان، ثم شرحه أحد طلاب العلم من المعاصرين اسمه يوسف السالم، وشرح طيب في الجملة وموسع، يستفيد منه طالب العلم مع شرح المرداوي.
هو شيخ الإسلام الإمام: أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن محمد بن الخضر بن محمد بن الخضر بن علي بن عبد الله بن تيمية، الحراني، ثم الدمشقي. كنيته: أبو العباس.
وُلد يوم الاثنين العاشر من ربيع الأول بحران سنة (661هـ)، ولما بلغ من العمر سبع سنين انتقل مع والده إلى دمشق هربًا من وجه الغزاة التتار، وقد نشأ في بيت علم وفقه ودين، فأبوه وأجداده وإخوته وكثير من أعمامه كانوا من العلماء المشاهير، منهم جده الأعلى (الرابع) محمد بن الخضر، ومنهم عبد الحليم بن محمد بن تيمية، وعبد الغني بن محمد بن تيمية، وجده الأدنى عبد السلام بن عبد الله بن تيمية مجد الدين أبو البركات صاحب التصانيف التي منها: المنتقى من أحاديث الأحكام، والمحرر في الفقه، والمسودة في الأصول وغيرها، وكذلك أبوه عبد الحليم بن عبد السلام الحراني، وأخوه عبد الرحمن وغيرهم. ففي هذه البيئة العلمية الصالحة كانت نشأة صاحب الترجمة، وقد بدأ بطلب العلم أولًا على أبيه وعلماء دمشق، فحفظ القرآن وهو صغير، ودرس الحديث والفقه والأصول والتفسير، وعُرف بالذكاء وقوة الحفظ والنجابة منذ صغره، ثم توسع في دراسة العلوم وتبحر فيها، واجتمعت فيه صفات المجتهد منذ شبابه، فلم يلبث أن صار إمامًا يعترف له الجهابذة بالعلم والفضل والإمامة، قبل بلوغ الثلاثين من عمره.
وفي مجال التأليف والإنتاج العلمي، فقد ترك الشيخ للأمة تراثًا ضخمًا ثمينًا، لا يزال العلماء والباحثون ينهلون منه معينًا صافيًا، توفرت منه الآن المجلدات الكثيرة، من المؤلفات والرسائل والفتاوى والمسائل وغيرها، هذا من المطبوع، وما بقي مجهولًا أو مكنوزًا في عالم المخطوطات كثير. ولم يترك الشيخ مجالًا من مجالات العلم والمعرفة التي تنفع الأمة، وتخدم الإسلام، إلا كتب فيه وأسهم بجدارة وإتقان، وتلك خصلة قلما توجد إلا عند العباقرة النوادر في التاريخ. فلقد شهد له أقرانه وأساتذته وتلاميذه وخصومه بسعة الاطلاع، وغزارة العلم، فإذا تكلم في علم من العلوم أو فن من الفنون ظن السامع أنه لا يتقن غيره، وذلك لإحكامه له وتبحره فيه، وإن المطلع على مؤلفاته وإنتاجه، والعارف بما كان يعمله في حياته من الجهاد باليد واللسان، والذب عن الدين، والعبادة والذكر، ليعجب كل العجب من بركة وقته، وقوة تحمله وجلده، فسبحان من منحه تلك المواهب.
توفي - رحمه الله- وهو مسجون بسجن القلعة بدمشق، ليلة الاثنين 20 من شهر ذي القعدة سنة (728هـ)، فهبَّ كل أهل دمشق ومن حولها للصلاة عليه وتشييع جنازته، وقد أجمعت المصادر التي ذكرت وفاته أنه حضر جنازته جمهور كبير جدًّا يفوق الوصف. رحمه الله وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.