شرح ألفية الحديث للحافظ العراقي (14)

بسم الله الرحمن الرحيم 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى- في ألفيته:

التدليس

تدليس الإسناد كمن يسقِط من

وقال: يوهم اتصالًا واختلف

والأكثرون قبلوا ما صرحا

وفي الصحيح عدة كـ الاعمش

وذمه شعبة ذو الرسوخ

أن يصف الشيخ بما لا يعرف

فشره للضعف واستصغار

 

حدثه ويرتقي بـ(عن) و(أن)

في أهله فالرد مطلقًا ثُقِف

ثقاتهم بوصله وصححا

و كـ هشيم بعده وفتش

ودونه التدليس للشيوخ

به وذا بمقصد يختلف

وكـ الخطيب يوهم استكثارا

والشافعي أثبته بمرة

 

قلت: وشرها أخو التسوية

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فيقول الناظم -رحمه الله تعالى-:

التدليس: التدليس مأخوذ من الدَّلَس، بالتحريك وهو اختلاط الظلام، والغلس والدلس متقاربان في المعنى والوزن، اختلاط الظلام؛ كأن الراوي لتغطيته بمن أسقطه إذا أسقط من إسناد الحديث أو غيَّر في اسم الشيخ الذي اشتهر به إلى ما لم يشتهر به كأنه غطى أمره على الواقف عليه، فأظلم، فصار دلسًا؛ ظلمة مختلطة، لا يستطاع التمييز فيها.

والتدليس من أنواع السقط الخفي الذي لا يتنبه له كثير من المتعلمين، بخلاف السقط الظاهر الذي تقدم الكلام فيه من التعليق والإرسال والانقطاع والإعضال يدرك بالمواليد والوفيات، سهل، لكن التدليس والإرسال الخفي أمره أشد، لا يعرفه إلا من كانت لديه خبرة ومعرفة ودربة، واطلاع على الرواة وطبقاتهم وشيوخهم والآخذين عنهم، وإمكان لقاء بعضهم لبعض، وعدم إمكانه، والتدليس خلط بعضهم كابن الصلاح ومن دار في فلكه بينه وبين الإرسال الخفي.

وللتمييز بين النوعين لابد أن نعرف أحوال الراوي مع من روى عنه، لا بد أن ننتبه لهذا، وإلا لن يتميز لنا التدليس من الإرسال الخفي؛ يعني إذا روى أبو هريرة مثلًا عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مما لم يسمعه منه بصيغة موهمة؛ هذا تدليس وإلا إرسال؟ إرسال، ولم يصف أحد أبا هريرة بالتدليس.

المخضرمون الذين عاصروا النبي -عليه الصلاة والسلام- لكن لم يتمكنوا من لقائه ولا السماع منه، إذا رووا عنه بصيغة موهمة؛ تدليس وإلا إرسال؟ إرسال خفي.

إذن لا بد من معرفة حال الراوي مع من روى عنه، حال الراوي مع من روى عنه لا تخلو من أربع صور، إذا وجدت في إسناد فلان عن فلان فلا يخلو إما أن يكون الراوي قد سمع من هذا الشيخ، أو يكون لقيه ولم يثبت سماعه، الحال الأولى والصورة الأولى أن يثبت سماع الراوي لمن روى عنه، والحال الثانية أن يثبت لقاء الراوي لمن روى عنه ولو لم يثبت سماعه منه، الحال الثالثة: أن تثبت المعاصرة بين الراوي ومن روى عنه، الحال الرابعة: أن تنتفي المعاصرة، فإذا روى الراوي عن شيخ سمع منه أحاديث، روى عنه ما لم يسمعه منه بصيغة موهمة؛ فهذا تدليس اتفاقًا، إذا روى الراوي عمن سمع منه أحاديث، لكن ما سمع منه هذا الحديث بصيغة موهمة كـ"عن"، و"أن"، و"قال" هذا تدليس اتفاقًا.

إذا روى الراوي عمن لقيه، ما لم يروه عنه؛ ما لم يسمعه منه بصيغة موهمة، والصيغ الموهمة "عن" و"أنَّ" و"قال"، هي التي تحتمل الاتصال والانقطاع.

إذا روى عمن لقيه ما لم يروه عنه، ما لم يسمعه منه بصيغة موهمة فهذه تدليس –أيضًا-، وعليه الجماهير، الحال الثالثة: إذا روى الراوي عمن عاصره، ثبتت المعاصرة، لكن لم يثبت اللقاء، روى عن هذا الشخص الذي عاصره ولم يسمع منه، إذا كان لم يلقه فمن باب أولى لم يسمع منه، فإذا روى عنه بصيغة موهمة فالإرسال الخفي، وعدها ابن الصلاح ومن تبعه من التدليس، وحكاها ابن عبد البر في مقدمة التمهيد عن بعضهم، وإذا قلنا بأن هذه الصورة من التدليس؛ قلنا: لم يسلم من التدليس أحد، ولا بعض الصحابة، ممن أكثر روايتهم عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بالواسطة الذي تقدم ذكرهم في مراسيل الصحابة، الصورة الرابعة: أن يروي الراوي عمن لم يعاصره؛ يعني إذا بحثنا في كتب التراجم، ووجدنا هذا الراوي ولد سنة مائة، ومن روى عنه مات سنة مائة، أو مائة وواحد، أو مائة واثنين، أو تسعة وتسعين، أو قبل ذلك "بصيغة موهمة" فهذا انقطاع ظاهر؛ إرسال ظاهر، وليس بإرسال خفي، قال ابن عبد البر عن بعضهم: أنه شذ، وسمى هذه الصورة تدليسًا؛ لماذا؟ لإيهام الصيغة؛ لمجرد أن الصيغة موهمة بهذا الحصر نستطيع أن نفرق بين الأنواع، ظاهر، وإلا ما هو بظاهر؟ الآن بان لنا الفرق بين التدليس، والإرسال الخفي، والإرسال الظاهر الذي هو الانقطاع؟ بهذه الطريقة يبين، والأحوال الأربعة كلها حجة من يرى أنها كلها تدليس بما في ذلك مع عدم المعاصرة أن الصيغة موهمة، الصيغة محتملة للسماع وغيره، لكن إذا احتملت الصيغة، ولم يحتمل السن؛ هل نقول بأن هذا تدليس؟ أبدًا؛ لأن التدليس من الاختلاط، من اختلاط الظلام، فإذا روى الراوي عمن لم يدركه؛ هذا ما فيه اختلاط، هذا معروف بالتواريخ، بالمواليد والوفيات معروف، إذا عرفنا هذا، وأن الصورة الأولى والثانية تدليس، والثالثة إرسال خفي، والرابعة انقطاع ظاهر، نأتي إلى كلام الناظم -رحمه الله تعالى-:

تدليس الإسناد كمن يسقط من

 

حدثه ويرتقي بأن وعن

تدليس الإسناد؛ ما الفائدة من التقييد بتدليس الإسناد؟ يعني الناظم تبع ابن الصلاح فجعل تدليس الإسناد قسم، وقسيمه تدليس الشيوخ، تدليس الشيوخ، الشيوخ أليسوا من الإسناد؟ فكيف يكون تدليس الشيوخ في مقابل، وقسيم لتدليس الإسناد؟ لكنه واقع في الإسناد، على كل حال في النوعين وفي القسمين تدليس، وهما واقعان في الإسناد، فما الداعي لتقسيم هذا النوع إلى قسمين: إسناد، وشيوخ، نعم؟

طالب:......

الأسباب التي تحمل على التدليس سيأتي متعددة، ويشترك فيها تدليس الإسقاط، وتدليس الإسناد، وتدليس الشيوخ، أنواع التدليس سواءٌ قلنا تدليس الإسناد الذي فيه الإسقاط، أو تدليس العطف، أو تدليس القطع، أو تدليس التسوية، أو تدليس الشيوخ؛ كلها واقعة في الإسناد، فلماذا جعلت هذه الأنواع قسيمة لتدليس الإسناد؟ كلها واقعة في الإسناد، لو قيل مثلًا: تدليس الإسقاط، وتدليس العطف، وتدليس القطع؛ لأنها ليس فيها إسقاط، فيها زيادة، وتدليس الإبهام، الذي هو تدليس الشيوخ عندهم، واضح وإلا ما هو بواضح؟ وأما كون الأول تدليس إسناد، والبقية ليست تدليس إسناد كلها في الإسناد، أليس تدليس الإسقاط في الإسناد؟ تدليس العطف يذكر شيخًا، ويعطف عليه شيخًا غير مسموع له؛ في الإسناد، وإلا في غير الإسناد؟ في الإسناد، تدليس القطع يذكر شيخًا ثم يسكت، أو يذكر شيخًا بدون صيغة، فهذا في الإسناد، تدليس الشيوخ؛ يسمي شيخه بما لا يعرف به؛ في الإسناد، وإلا في المتن؟ في الإسناد، تدليس التسوية؛ يسقط ضعيفًا بين ثقتين؛ في الإسناد، وإلا في غير الإسناد؟ في الإسناد.

نحن استشكلنا فيما سبق تقسيم الانقطاع إلى أربعة أقسام، فذكرنا منها المعلق، وذكرنا منها المنقطع، وذكرنا منها المرسل، وذكرنا منها المعضل، وهي كلها انقطاع، وكل واحد منها يسمى إسناد منقطع، يعني غير متصل، وهذا قلنا: إنهم سموا هذه التسميات من أجل أن يخصوا كل نوع باسمه الخاص، وإلا فالأصل أن الانقطاع يشمل الجميع، ضد الاتصال، وكلها غير متصلة، ونظيره ما عندنا، هم أرادوا أن يسموا كل نوع باسمه الخاص، وإلا فكلها في الإسناد، ولكن منها ما فيه إسقاط، ومنها ما لا إسقاط فيه، فيه إبهام وتلبيس.

على كل حال هم جروا على هذا قالوا: التدليس قسمان: تدليس الإسناد، وتدليس الشيوخ، ويأتي أنه أكثر من هذه الأقسام؛ لأن فيه –أيضًا- تدليس البلدان، وفيه –أيضًا- تدليس المتن، وهو المدرج؛ يعني لما يضيف الراوي جملة في المتن المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- من غير نسبة إليه، هذا تدليس، سماه بعضهم تدليسًا، تدليس المتن، تدليس البلدان؛ حينما يقول الراوي: حدثني فلان بقرطبة، وحدثني فلان بما وراء النهر، حدثني فلان بالقدس، وهو يريد أحياء في بلده، ما سافر، ولا راح ولا جاء، يوهم أنه رحل من أجل طلب الحديث؛ هذا تدليس.

يقول الناظم -رحمه الله تعالى-:

تدليس الإسناد كمن يسقط من

 

حدثه ويرتقي بعن وأن

 بتسكين النون وإلا فالأصل وأنَّ، والسند المؤنن الذي مضى الحديث فيه ما يقول فيه الراوي أن فلانًا إلى آخره، هذا تدليس الإسناد يسقط من حدثه، ويرتقي إلى شيخ شيخه بعن وأن، ويكون مع ذلك قد ثبت له لقاء من ارتقى إليه، وإلا إذا لم يثبت لقاؤه له، يؤثر وإلا ما يؤثر؟ يؤثر في الإسناد لكن ما يكون تدليسًا، فإن عاصره فهو الإرسال الخفي، وإن لم تثبت المعاصرة فالانقطاع الظاهر، أما هذا القسم لا يسمى تدليسًا إلا إذا ثبت اللقاء، ومن باب أولى إذا ثبت السماع، ويرتقي بعن وأن وقال؛ لأن هذه حكمها واحد محمول على الاتصال بالشرطين المعروفين عند أهل العلم أن لا يكون الراوي موصوفًا بالتدليس، وقال: "يوهم اتصالًا" يوهم اتصالًا، يوهم السامع أن السند متصلًا، زيد لقي عمرًا، لكن بينهما في هذا الحديث على وجه الخصوص بكر، يأتي زيد ويسقط بكرًا، فيرتقي إلى عمرو، بصيغة موهمة ومحتملة، وقد لقي زيد عمرًا، فمثل هذا يسمى تدليسًا، ارتقى لمن فوق شيخه بصيغة موهمة، واللقاء ثابت، ومن باب أولى إذا ثبت السماع، فهذا تدليس اتفاقًا، هذا إذا ثبت السماع، أما إذا كان مجرد لقاء ولم يثبت السماع فهو عند الجماهير تدليس، وقال: "يوهم اتصالًا واختُلف" واختلف في حكم أهله؛ هل هم عدول لا يؤثر فيهم هذا النوع؟ أو أنهم مضعفون بسبب هذا التدليس؟ وهل ما يروونه مقبول أو مردود؟ "واختلف في أهله، فالرد مطلقًا" الرد مطلقًا كل من ثبت عنه التدليس فهو مردود؛ صرح وإلا ما صرح قليل التدليس، كثير التدليس، مطلقًا مردود فالرد مطلقًا سواءً بين السماع أو لا، وسواءٌ كان تدليسه كثيرًا أو نادرًا "فالرد مطلقًا ثُقِف" ثقف يعني وجد؛ حيث ثقفتموهم، يعني حيث وجدتموهم، سواءً بين السماع أو لا، وسواءٌ كان تدليسه قليلًا أو كثيرًا، وسواءٌ كان لا يدلس إلا عن ثقة أو يدلس عن كل أحد؛ لأن أصل التدليس جرح، أصل التدليس جرح، والقول الثاني يقابله القبول مطلقًا، ولا يجرح هذا في الراوي المدلس؛ لأن غاية ما في التدليس أنه كالإرسال، غاية ما فيه أنه كالإرسال، والأكثرون وهذا القول الثالث: "والأكثرون قبلوا ما صرحا" ألف الإطلاق "ثقاتهم بوصله وصححا" الأكثرون القول الثالث فرقوا بين ما فيه تصريح بالسماع أو التحديث، وبين ما فيه عنعنة، أو أنأنة، أو قول، يعني ما روي بصيغة موهمة هذا يرد حتى يتبين سماعه بطرق أخرى، وما صرح فيه بالتحديث بالوصل هذا مقبول:

والأكثرون قبلوا ما صرحا

 

ثقاتهم بوصله وصححا

يعني من قبل الخطيب وابن الصلاح، صححوا هذا القول الثالث، والقول الرابع التفصيل: فمن كان لا يدلس إلا عن ثقة قبل، وإلا فلا، الرابع التفصيل: فمن كان لا يدلس إلا عن ثقة قبل وإلا فلا، والخامس: إن كان تدليسه نادرًا قبل وإلا فلا، ولا شك أن من الأئمة من احتمل تدليسه، من احتمل الأئمة تدليسه كيحيى بن سعيد القطان، تدليسه نادر جدًّا، منهم من لا يدلس إلا عن ثقة كسفيان بن عيينة، هذا احتمل الأئمة تدليس؛ لأن طبقات المدلسين عند الحافظ ابن حجر في كتابه: "تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس" خمس، الطبقة الأولى: من لم يعرف تدليسه، أو من لم يوصف به إلا نادرًا كالقطان مثلًا، وهذا احتمل الأئمة تدليسه، يقبلون كل ما جاء عنه، أو احتمل الأئمة تدليسه لقلة تدليسه بجانب إمامته، وأيضًا لا يدلس إلا عن ثقة كسفيان، وهذا احتمل الأئمة تدليسه، فلا يقال: لا يقبل حتى يصرح، الطبقة الثالثة: من أكثر من التدليس عن الثقات وغيرهم مع كونه ثقة، فمثل هذا هو الذي يتوقف فيه، فلا يقبل منه إلا ما صرح، وهذا كثير:

وفي الصحيح عدة كالأعمش

 

وكهشيم بعده وفتش

مثل هؤلاء لا يقبل تدليسهم إلا إذا صرحوا، لكن تدليسهم وعنعناتهم في الصحيحين مقبولة عند أهل العلم، يعني أبو الزبير عن جابر مثلًا مدلس، وإذا دلس في غير الصحيح لا يقبل حتى يصرح؛ لأن ما جاء في الصحيح في صحيح مسلم فهذا مقبول بدون تردد؛ لأن عنعنات المدلسين في الصحيحين مقبولة، إحسانًا للظن بالشيخين، ولتحريهما وإمامتهما، وتلقي الأمة للكتابين بالقبول، ولأنها فتشت ووجد كثير منها مصرح به، أمور كثيرة تحتف بقبول تدليساتهم، الحاصل أن هؤلاء المدلسين فيهم خمسة أقوال، وطبقاتهم خمس، عرفنا الطبقة الأولى والثانية والثالثة، الرابعة: من جرح بغير التدليس، فهذا لا يقبل ولو صرح، الرابعة، نعم؟

طالب:......

الخامسة نعم، من يحفظ؟ من أكثر من التدليس، وهو مجروح بغيره، وإذا وقف على تدليسه سمى غير ثقة، الرابع يدلس عن الثقات وغير الثقات، لكن هذا لا يدلس إلا عن ضعفاء، فمثل هؤلاء لا يقبلون، ولو صرحوا "وصححا" يعني صححه الخطيب، وابن الصلاح.

عرفنا تدليس الإسناد وهو أن يروي الحديث عن شيخ، ويرويه الشيخ عن شيخ ثان، ويكون الراوي الأول قد لقي الراوي الثاني، ما هو بشيخه، لقي شيخ شيخه، فيسقط شيخه، ويرتقي إليه بعن، واللقاء موجود، والواقف على الإسناد يقول: ما فيه إشكال، لا سيما إذا كان ليس لديه خبرة، فمثل هذا تدليس إسقاط، تدليس إسناد.

تدليس العطف، يقول: حدثني فلان وفلان، حدثني زيد وعمرو عن فلان، يأتي بشيخه الحقيقي سمع منه، زيد سمع منه، ثم يعطف عليه شيخًا لم يسمع منه، ويضمر في نفسه: حدثني فلان وفلان غير مسموعٍ لي، أو فلان لم يحدثني، هذا تدليس عطف، ومنه تدليس القطع، فلا يأتي بصيغة، أو يأتي بصيغة ويسكت، ثم يأتي بالاسم، إما أن يأتي بالاسم بغير صيغة فيقول: زيد عن فلان، عن فلان، لا يأتي بصيغة، أو يقول: حدثني، ويسكت ثم يقول: فلان عن فلان، هذا قطع، وليس من هذا النوع صنيع الإمام النسائي، الحارث بن مسكين، بدون صيغة، الحارث بن مسكين فيما قرئ عليه وأنا أسمع، يعني صرح أنه سمع، لكنه أسقط الصيغة؛ ما قال: أخبرنا، كما هي عادته، وجادته في غيره من الشيوخ؛ لماذا؟ لماذا يذكره بغير صيغة؟ نعم؟

طالب:......

النسائي -رحمه الله- كان يهتم بمظهره كثيرًا، ويتهم بالغنى والثراء بسبب هذا، والحارث بن مسكين إمام محدث ثقة، لكنه يأخذ على التحديث أجرة، لما جاء النسائي لحلقة الحارث بن مسكين طلب منه أجرة، وقد يكون طلب منه أجرة زائدة، فما رضي النسائي، فاختفى وراء سارية، وصار يسمع الحديث، ولا يدفع أجرة، فلكونه لم يقصد بالتحديث، هو ما قصد؛ لأنه طرد من الدرس، فلكونه لم يقصد بالتحديث حذف الصيغة؛ لئلا يخبر بغير الواقع، لو قال: أخبرنا، وكثير من أهل العلم يستروح أن أخبرنا وحدثنا إذا كان مقصودًا، مع أن الأكثر لا يشترط القصد، بدليل أنه تكثر الجموع في مجالس الشيوخ، ويحدثون، وكل منهم يصرح بقوله: حدثنا، ولو لم يكن مقصودًا، ولا عُرف، ولا علم به الشيخ أصلًا، لكن لما كان النسائي من الورع بمكان حذف الصيغة، ولكون الحارث بن مسكين ثقة عند الإمام النسائي، ولا يستطيع أن يفوت حديثه، ولو وقعت له من غير طريقه، لم يهدر الرواية عنه، وإلا بعض الناس لو حصل له أدنى مشكلة من الشيخ ما وقف عليه، أدنى إشكال، لو لم تكن مشكلة، لكن الشيخ ما احتفى به؛ تجد الطالب يهجر الدرس، فضلًا عن كون الشيخ إما أن يتكلم عليه، أو يأتي بكلمة يضحك منها بعض الحاضرين، ولو لم تكن مقصودة للشيخ، بعض الطلاب ما يتحمل هذا، ولا يصبرون، مع أن من أدب الطلب كما نص على ذلك أهل العلم أن يصبر الطالب على جفاء الشيخ، هذا إذا قدر أن هذا جفاء، وبعض المشايخ يعمد إلى مثل هذه الأساليب لتأديب الطلاب، وشيخ من الشيوخ حلقته عامرة، لكن طريقته في القراءة كل واحد يقرأ بكتاب، يعني يقرأ عليه يمكن عشرين كتابًا في الدرس، الدرس يطول بعد صلاة الصبح ويطول، فلاحظ على واحد من الطلاب وهو حديث عهد بزواج، بعرس أنه يقول: الدرس يمتد من صلاة الصبح ثلاث ساعات فيصلي في المسجد الذي بجوار بيته، ما يصلي مع الشيخ، ويأتي بعد ربع ساعة مثلًا ويجلس في الحلقة، الطلبة كلهم يحضرون الصلاة مع الشيخ، كل الذين يقرءون يحضرون مع الشيخ، وهذا يتأخر، ويراه الشيخ إذا جاء وجلس، في أول يوم عادي، تركه الشيخ يقرأ، لما وصله الدور قرأ، في اليوم الثاني قرأ، في اليوم الثالث لما وصله الدور قام الشيخ وتركه، فصار يبادر، هذا أسلوب يربي به الشيخ هذا الطالب الذي فاته من قراءة أربعة كتب أو ثلاثة، ما هي المسألة عبث، ودروس الشيوخ كثير ممن أدركناهم بهذه الطريقة، إفادة الطلاب من سماع القراءات؛ لأن الشيخ يبغي يشرح ثلاثين كتابًا في حلقة، وفي درس واحد، أو عشرين كتابًا تقرأ عليه، أو حتى عشرة كتب، أو خمسة كتب، لكن طريقتهم تقرأ هذه الكتب ويعلق عليها بتعليق خفيف ويصحح اللفظ، ويعدل اللحن وما أشبه ذلك، ويستفيد الحضور فائدة كبيرة، فهذا الذي يتأخر يفوته مثلًا ثلاثة كتب، الشيخ يريد أن يربي الطلاب، ما معنى أن الشيخ جاء قبل أذان الصبح والطلاب كلهم توافروا في المسجد قبل إقامة الصلاة، وأنت لوحدك تأتي؟ ولو كنت قريب عهد بعرس، والشيخ يعرف ذلك؛ لكن العلم لا يعدل به شيئًا.

الآن طلابنا -مع الأسف- أن كثير منهم يأتي وكأنه يدفع دفعًا، وبعضهم هداه الله يترك الكتاب في المسجد، ولا يعرف الكتاب إلا في الدرس، مثل هذا ينص أهل العلم على أنه قل أن يفلح، المسألة تحتاج إلى جد، هو الذي جرنا إلى هذا أن على الطالب أن يصبر على جفاء شيخه، ما هو مخاطب بهذا، وإلا ما معناه؟ إن لم يصبر الطالب على الشيخ، والمريض على الطبيب، متى يشفى هذا؟ ومتى يتعلم هذا؟ كما جاء في النظم، -أيضًا- بالمقابل الشيخ عليه أن يرحب بطلابه، وقد جاءت الوصية النبوية بهذا، وأن يعاملهم معاملة حسنة، وأن يعدل ببينهم، وإن كان بعد –أيضًا- المطلوب أن ينزل الناس منازلهم، ولو خص بعض الطلاب لمزيد فهم بفائدة لا يدركها من دونه في الفهم لا بأس، وإن كرر من أجل طالب بطيء الفهم، ولو تأذى بذلك سريع الفهم لا بأس، المقصود أنه يسدد ويقارب والطالب يتحمل، الطالب في هذه الأزمان لا يتحمل، لو أثني على أحد الطلاب صار في نفس بعض الطلاب، لو أن الشيخ التفت، أو ناقش أو استمع لواحد، ولم يستمع للثاني، صار في نفسه، فمثل هذه الأمور ينبغي أن تعالج؛ لأنها من أمراض القلوب، وهي بسببها حصل نفرة كثير من طلاب العلم، وعزوفهم عن العلم بهذه الطريقة، لكن على الطالب أن يتحمل، وعلى الشيخ –أيضًا- أن يعدل بقدر الإمكان، وأن يسدد ويقارب ويعامل كل إنسان بما يليق به.

وفي الصحيح للبخاري ومسلم عدة من الرواة المدلسين كالأعمش، سليمان بن مهران الأعمش؛ الإمام السيد الجليل، وكهشيم بن بشير الواسطي، وكلاهما من رواة الصحيح، كلهم وصفوا بالتدليس، ودلسوا، وهشيم اجتمع أصحابه وتعاهدوا أن لا يأخذوا عنه شيئًا يدلس فيه، ففطن لذلك -رحمه الله- فطن لذلك، فصار يقول لهم: حدثني الحكم ومغيرة، وهذا من تدليس العطف، لما انتهى من الأحاديث الذي يريد إملاءها عليهم، قال: هل دلست لكم شيئًا؟ قالوا: لا، قال: كل ما حدثتكم عن مغيرة فليس بمسموع لي، استعمل فيه تدليس العطف، التدليس موجود عند أئمة كبار، عند أئمة كالسفيانين مثلًا، ويوجد فيهم شيء من هذا، وإن لم يكن كثيرًا، ويكون تدليسهم عن ثقات، لكن مع ذلك أهل العلم يرون أن غاية ما في التدليس أنه كالإرسال، وإن كان الإرسال أمره سهل، والتدليس فيه تلبيس على السامع، وتوعير لطريق معرفة المحذوف، فهو أشد منه، لكن وقوعه من هؤلاء الأئمة لا شك إما أن تتعرض للطعن في هؤلاء، أو تهون من شأن التدليس ما فيه شيء ثالث، لكن لا يظن بهؤلاء الأئمة أن الحامل لهم على التدليس ما سيأتي من شر أنواع التدليس.

فشره للضعف واستصغارا

 

وكـالخطيب يوهم استكثارا

..إلى آخره.

وقد يحمل على التفنن في العبارة، وقد يكون للاختبار أحيانًا، قد يكون هشيم -مثلا ًفي مثل هذه القصة- أراد أن يختبر الطلاب، المقصود أن لهم أسباب وأهداف تحملهم على ذلك، ووجد من أئمة، فيحتمل منهم "وكهشيم بعده وفتش" فتش إذا كان هذا في الصحيحين فتش في الكتب الأخرى، تجد من ذلك الشيء الكثير "وذمه" هذا حكم التدليس، "وذمه شعبة ذو الرسوخ" جماعة من أهل الحديث لا يرون بالتدليس بأسًا، لا يرون به بأسًا، ولعلهم الذين يفعلونه، هم من العلماء، فإذا كانوا يفعلونه فيليق بهم أن لا يروا به بأسًا؛ لأنه لو رأوا به بأسًا ما فعلوه؛ لأنهم أورع من أن يقدموا على محرم يعلمون تحريمه.

"وذمه شعبة ذو الرسوخ" وذمه –أيضًا- ابن المبارك، وأبو أسامة، حماد بن أسامة، وجمع من أهل العلم، وكلام شعبة شديد، التدليس أخو الكذب، لأن يدلس أشد من أن يزني، المقصود فيه كلام شديد لشعبة -رحمه الله- "وذمه شعبة ذو الرسوخ في الحفظ والإتقان "ودونه" دون التدليس؛ تدليس الإسناد الذي فيه الإسقاط، دونه التدليس للشيوخ "ودونه التدليس للشيوخ" والتدليس للشيوخ "أن يصف الشيخ بما لا يُعرف" يعني بما لا يشتهر به، بما لا يعرف يشتهر به، "وذا بمقصد يختلف" هذا يختلف باختلاف المقاصد، فهناك المقاصد الحسنة، وهناك المقاصد المباحة، وهناك المقاصد المذمومة، من المقاصد الحسنة أن الراوي المدلس الذي دلس اسم شيخه، ولم يوضحه للسامع؛ لئلا يعرفه السامع، لماذا؟ لأن الشيخ في نظر المحدث ثقة، وإما من أئمة المسلمين، لكن بينه وبين السامع شيء، منافسة، إما اختلاف في مذهب عقدي أو فرعي، والحديث مما تمس الحاجة إليه، فإذا سماه باسمه الواضح يُرد الحديث، وذكرنا في مناسبات أن الأحاديث أو الكتب أو النقول قد تروج بالحذف، ويمدح فاعلها، يمدح فاعل هذا الحذف، فمثلًا شرح الطحاوية مملوء من النقول عن شيخ الإسلام وابن القيم، وما صرح باسم شيخ الإسلام، ولا ابن القيم؛ لأنه وجد في عصر تتلف فيه كتب شيخ الإسلام وابن القيم، ولو صرح باسمهما ما راج الكتاب، والكتاب نفعه عظيم، فمن أجل المصلحة الكبرى تجاوز مرحلة عدم الإفصاح باسمهما، وقد يكون الأمر بالعكس يروج الكتاب بذكر شخص، أو بذكر قد لا يرتضيه، لكن يروج الكتاب باسمه، أو بذكر مذهب، لولا الترويج ما ذكر هذا المذهب، كترويج الكتب بذكر المذاهب التي هي في الأصل فيها بدعة، لكن مع ذلك لم تخرج عن دائرة الإسلام، فإذا نظرنا مثلًا في نيل الأوطار، أو في سبل السلام، وفي غيرهما مذهب الهادي والناصر وفلان، وفلان من الزيدية، والزيدية مبتدعة، فلو ترك النقل عن هذه المذاهب، وهما في بلد غالب سكانه من الزيدية، من الهادوية ما راج الكتاب، فهذا يمدح من هذه الحيثية، لكن لا يمكن الترويج بالباطل، الترويج بالباطل غير مقبول أصلًا، الفيروز أبادي لما شرح البخاري نقل أودع في شرحه الفتوحات والفصوص، وغيرها من مؤلفات ابن عربي المشتملة على القول الباطل "وحدة الوجود" لماذا؟ كي يروج الكتاب، ومقالة ابن عربي سادت في اليمن في وقت الفيروز آبادي، لكن هل هذا مبرر ليروج الكتاب؟ يروج ببدعة عظمى مكفرة -نسأل الله السلامة والعافية- أبدًا، لا يروج الكتاب، ومن نعم الله -جل وعلا- أن الأرضة أكلت الكتاب من أول ورقة إلى آخر ورقة حتى الجلود ما وجدت، وهذه نعمة؛ نعمة على المؤلف قبل غيره، نعمة على المؤلف؛ يعني عليه وزورها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، فكونه يتلف في وقته نعمة له، المقصود أن المقاصد تختلف.

يقول: "فشره للضعف واستصغارا" الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- حصل خلاف بينه وبين الذهلي في مسألة اللفظ بالقرآن، واشتد النزاع بينهما، والذهلي إمام من أئمة المسلمين، حافظ من كبار الحفاظ، لا يمكن أن يتجاهل في الرواية، لا بد أن يروي عنه البخاري، وعنده أحاديث قد لا توجد عند غيره، فلإمامته روى عنه البخاري، وخشية أن يظن البخاري يوافقه في قوله، لم يسمه باسمه الصريح، ما قال ولا في موضع: حدثني محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الذهلي، يحيى ما ذكرها أصلًا، فإما أن يقول: حدثني محمد بن عبد الله، أو محمد بن خالد، ينسبه إلى جده، أو إلى جد أبيه؛ ولذا قالوا عن البخاري في الخلاصة وغيرها: روى له البخاري ويدلسه، التدليس سببه ماذا؟ الباعث على هذا التدليس حسن وإلا مذموم؟ أولًا: المدلس ثقة، إمام من أئمة المسلمين، فلا أثر له، هذا تدليس شيوخ، لا يمكن أن يعرف إلا من خلال الطرق الأخرى، والبخاري لم يسمه ولا في طريق واحد، وعلى كل حال صنيع البخاري القصد منه حسن، فمثل هذا لا يسمى تدليسًا.

ولعلي أذكر قصة ما حصل بين البخاري والذهلي في درس الحائية؛ لأن لها ارتباط بالحائية.

وذا بمقصد يختلف "فشره للضعف" فشر أنواع تدليس الشيوخ ما كان الباعث عليه ضعف المروي عنه، فيسقط لأنه ضعيف، وفي هذا غش للقارئ، غش لمن يطلع على هذا الحديث "واستصغارًا" واستصغارًا يعني الشيخ أصغر من التلميذ، فالشيخ يأنف أن يقول: حدثني فلان وهو أصغر منه، وهذا موجود في النفوس، موجود في نفوس البشر؛ إلا النفس التي روضت على ما جاء عن الله وعن رسوله، روضت على سلامة القلب، روضت على الأخذ من الكبار والصغار والأقران، ولا ينبل الرجل حتى يأخذ عمن هو فوقه ودونه ومثله، فإذا أخذ عمن دونه واستصغره يحذفه "فشره للضعف واستصغارا" وقد يكون للخوف من عدم أخذه، وانتشاره مع الاحتياج إليه، أو يكون مثلًا لعدم الاتهام بالموافقة على الرأي المخالف كما فعل البخاري "وكالخطيب يوهم استكثارًا" الآن الخطيب الذي روى عن الجمع الغفير من الشيوخ هو بحاجة إلى الاستكثار، يروي عن جموع غفيرة من الشيوخ، الخطيب البغدادي هل هو بحاجة للاستكثار؟ "وكالخطيب يوهم استكثارًا" يعني من الشيوخ، فشيخ واحد يروي عنه على خمسة أوجه، وعلى أربعة أوجه، وعلى ثلاثة أوجه، حدثني الحسن بن محمد الخلال، حدثني الحسن بن أبي طالب، حدثني أبو محمد الخلال، حدثني أبو محمد بن أبي طالب، إلى آخره، يقلب الشيخ الواحد على أوجه، فالناظر قصير النظر يظن هؤلاء خمسة شيوخ، فشيوخه الذين يبلغون الألف بهذه الطريقة يمكن يبلغون ثلاثة آلاف؛ فهل هذا مقصد للخطيب يوهم استكثارًا، أو نقول: يريد أن يتفنن في العبارة، لا سيما في الشيوخ الذين يكثر النقل عنهم، فبدلًا من أن ينقل عن الحسن بن محمد الخلال بهذا الاسم الثلاثي في مائة موضع من كتاب واحد، يمل السامع، فيريد أن يتفنن في العبارة، ويقلب الاسم، والرجل ثقة حيثما كان، وعلى هذا لا يقال أن الخطيب يستكثر بل شيوخه كثر لا يحتاج إلى كثرة، فلعله يريد أن يتفنن في العبارة بحيث لا يمل السامع، يوجد الاستكثار عند بعض الباحثين، فتجده مثلًا يرجع إلى مائة كتاب في بحث مكون من خمسمائة صفحة إلى مائة كتاب، لكن الكتب مرة تذكر باسمها المشهور، ومرة باسمها غير المشهور، مثلًا يقول: تفسير الطبري، في موضع، وفي موضع الجيم يقول: جامع البيان، وفي موضع يقول يسميه باسم آخر، وقل مثل هذا في تفسير ابن كثير والقرطبي وغيره، مرة باسمه، ومرة بفنه، ومرة بمؤلفه، يقلبه على أنه واحد، فتكون المائة المصدر ثلاثمائة مصدر؛ للاستكثار، هذا مذموم، وهذا قدح في الإخلاص، هذا استكثار، ومرة يكرر تفسير الطبري تحقيق أحمد شاكر، تفسير الطبري طبعة بولاق، تفسير الطبري تحقيق التركي، ويجعل من الكتاب خمسة كتب، ويرقم كل كتاب لتطلع بالنهاية خمسمائة كتاب، ولا يكتفي بالإحالة نعم، يضع تفسير الطبري يضع عليه علامة إحالة على اسمه، جامع البيان، وأما التحقيق فيسرد إذا احتاج إلى أن يرجع إلى أكثر من طبعة، أما إذا لم يحتج إلى أكثر من طبعة، فإنه يوحد الطبعة لئلا يضيع القارئ.

"وكالخطيب يوهم استكثارًا"، "والشافعي" الإمام "أثبته بمرة" أثبت أصل التدليس، يعني أثبت وصف التدليس للراوي الذي دلس مرة واحدة.

نقول: هذا مدلس، مادام دلس مرة واحدة فهو مدلس، كما أن الكذب وصف يثبت بمرة؛ يعني إذا كذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- ولو مرة واحدة؛ يسمى كذابًا، ويرد حديثه جملة، والمدلس إذا دلس مرة واحدة عند الإمام الشافعي؛ يترك حديثه، ولو مرة واحدة.

"قلت: وشرها" قال الحافظ العراقي: وشرها؛ يعني شر أنواع التدليس "أخو التسوية"، أخو التسوية، يعني صاحب التسوية، ويريد بذلك تدليس التسوية؛ ما معنى تدليس التسوية؟

تدليس التسوية أن يأتي الراوي يتجاوز شيخه، ما يكون شيخه؛ لأنه لو كان شيخه دخل في الأنواع السابقة، المسقط ما هو بشيخ الراوي المدلس، يرتقي إلى شيخ شيخه، أو إلى شيخ شيخ شيخه، في الطبقة الثالثة أو الرابعة، فيجد راويًا ضعيفًا بين ثقتين لقي أحدهما الآخر، فيسقط هذا الضعيف، يأتي إلى ضعيف بين ثقتين، والثقتان لقي أحدهما الآخر، بحيث لو سقط هذا الضعيف، وبحثت في الكتب؛ متصل؛ لأنه لقي أحدهما الآخر، على شرط البخاري، على شرط التشديد، ثبت اللقاء، لكن هذا الثقة لم يروه عن هذا الثقة إلا بواسطة هذا الضعيف، هذا شر أنواع التدليس لماذا؟ لأنه وعر المسلك، لا يمكن أن يطلع عليه، نعم، وقد يكون الشيخ الذي روى عن هذا الضعيف لم يوصف بتدليس، وتنظر إلى الإسناد الضعيف الذي أسقط الذي يروي عنه ليس بمدلس، ويرتقي إلى شيخ ثقة ليس بمدلس بعن، فإذًا العنعنة محمولة على الاتصال هذا ما دلس، ولا يشترط فيه أن يصرح بالسماع؛ متى نطلع على أن هذا دلس؟ نعم؟

طالب:......

بالطرق، لكن كيف نفرق بين هذا، وبين المزيد في متصل الأسانيد، أنه مرة يرويه عن الضعيف، ومرة يرويه عن الثقة، نعم؟

طالب:......

أحيانًا يروي بواسطة عن الشيخ، ثم بعد ذلك يتيسر له لقاء الشيخ مباشرة، فيرويه بغير واسطة، وهذا كثير، فإذا صرح بالتحديث في الموضع الذي سقط فيه الراوي؛ قلنا: مزيد في متصل الأسانيد، أما إذا كانت العبارة محتملة بعن، فنقول: إنه ..، نعم؟

طالب:......

لا، ما يلزم أن يكون تدليسًا، يكون مرة رواه عنه مباشرة، ومرة رواه بالواسطة فيرويه على الوجهين.

تدليس التسوية هذا ليس منه أن يروي الثقة عن شخصين، عن راويين، أحدهما ثقة، والآخر ضعيف، فيسقط الضعيف، ويقتصر على الثقة، الإمام البخاري روى حديث: ((إذا أوى أحدكم إلى فراشه، فلينفضه بصنفة إزاره)) من طريق مالك، وعبد الله بن عمر العمري المعروف بسوء الحفظ، اقتصر على مالك، يلام مالك يقال: أسقط ضعيفًا؟ يلام مالك؛ لأنه أسقط ضعيفًا؟ السند متصل من طريق مالك، يلام الإمام البخاري؛ لأنه أسقط العمري المكبر الضعيف؟ فلا يلام؛ لأن الحديث متصل بدونه، والقدر الزائد على الاتصال بالثقات ما له داع، والعمري ليس من شرطه، فليس هذا من تدليس التسوية، إنما التدليس إسقاط من يحتاج إليه في السند، وهذا لا حاجة إليه، طيب.

نعرف تدليس التسوية إما بإخبار المدلس، أحيانًا يخبر أنه أسقط، وإما بجزم النقاد على أنه لا يمكن أن يثبت هذا الحديث، وليس من حديث فلان عن فلان مباشرة، والنقاد لهم شفوف في اكتشاف مثل هذه الأمور؛ تحقيقًا لما وعد الله به من حفظ هذا الدين، المقصود أنه يعرف مثل هذا، وإلا من يتصور أن شخص في مثل هذا الظرف يطلع عليه، فالشيخ ما عرف بتدليس؛ ثقة يروي عن ثقة بصيغة موهمة وبعدين؟ محمولة على الاتصال عند أهل العلم، لكن هل يشترط إذا وجد في الإسناد من عرف بتدليس التسوية مثل بقية بن الوليد والوليد بن مسلم، هل يشترط أن يكون مصرحًا بصيغة التحديث في الإسناد كله؛ لأنه ما من راويين إلا ويحتمل أنه أسقط بينهما واحد؟

طالب:......

إذن متى نعرف أنه ما دلس؟ نعم؟

طالب:......

أنت افترض أن الحديث ما له إلا هذا الطريق، والرواة كلهم ثقات، وفيهم من يدلس تدليس تسوية، هل نقول: يشترط فيه أن يصرح بالسماع بالتحديث في جميع طبقات الإسناد؟ لأنه ما من طبقتين إلا ويحتمل أن هذا المدلس بقية بن الوليد، أو الوليد بن مسلم أنه أسقط واحدًا من الاثنين، ما يشترط أن يكون شيخه في تدليس التسوية، ولو اشترط هذا ما بعد، أبو الحسن بن القطان هو أول من سمى هذا النوع تدليس التسوية، فقال: سواه فلان، وكان القدماء من الأئمة يسمونه: تجويد، فيقولون: جوده فلان، ما معنى جوده؟ ذكر فيه الأجواد، اقتصر فيه على ذكر الأجواد، وحذف الأدنياء، الضعاف، فيقولون: جوده فلان، وابن القطان يقول: تسوية، سواه فلان، وينبعث من هذا سؤال: هل نقول: إن المصطلحات استقرت، فلا يزاد فيها؟ أو نقول: إن للمتأخر أن يسمي بعض الأنواع باسم لم يسبق إليه؟ ابن القطان سماه، واعتمده العلماء، سماه تدليس التسوية، أول من سماه، وهو متأخر ابن القطان، ابن القطان الفاسي، متأخر، وهو إمام، يعني قوله معتبر، لكن هل له أن يسميه باسم لا يعرف به عند المتقدمين، مجرد تسمية، وإلا الحقيقة واحدة، يعني نظير ذلك عندنا المجهول، المجهول مجهول عين، وهو من عرفت ذاته، عرف اسمه، واسم أبيه، وبلده، ولقبه لكنه مقل في الرواية، ما روى عنه إلا واحد، هذا سموه في الاصطلاح مجهول عين، هناك مجهول حال، عرف اسمه، واسم أبيه، ونسبته، وكنيته، وبلده، وروى عنه أكثر من واحد، لكنه ما يعرف بجرح، ولا تعديل، هذا قالوا: مجهول حال، أنا أقول: أشد من جهالة مجهول العين، ومجهول الحال المبهم مثلًا، المبهم مجهول، أو المهمل الذي لا يستطاع الوصول إليه، لم يستطع الوصول إليه، وسميته أنا مجهول الذات، هل ألام على هذه التسمية، بمعنى أني جئت باصطلاح جديد، لكن ما غيرت من الواقع شيئًا، كما أن ابن القطان جاء باسم جديد لهذا النوع من أنواع التدليس، الواقع ما تغير منه شيء، ونص على أن هذا مبهم فيما يعرفه به أهل العلم، والأمثلة هي الأمثلة، وقلت مثلًا: هو أشد من جهالة العين، وجهالة الحال، فحري به أن يسمى مجهول الذات؟ نعم؟

طالب: ما فيه إشكال.

ما فيه إشكال، أنا أقول: مثل الاصطلاحات التي يقرر أهل العلم أنه لا مشاحة في الاصطلاح، فمثل هذا الذي لا يغير من الواقع شيئًا، أما لو ترتب عليه تغيير من الواقع، وسميته باسم يقتضي قبوله مثلًا، فلا شك أن مثل هذا الاصطلاح يشاحح فيه، ما صرحوا بهذا لكنهم شددوا في قبول الأسانيد التي يوجد فيها من يدلس تدليس تسوية، صاروا على حذر من أن يكون قد أسقط أحدًا في أي طبقة من طبقات الإسناد، ومن باب التحري أن لو اشترط أن يصرح في كل طبقة من طبقات الإسناد بالتحديث لما بُعد، طيب إذا صرح الراوي بالتحديث؛ فلا يخلو إما أن يكون أسقط، أو لم يسقط، إن لم يسقط انتهى الإشكال، وهذا الأصل في الثقات، لكن إن كان أسقط، هو الآن التدليس يشترط فيه أن يكون بصيغة محتملة بـ"عن"، و"أن"، و"قال" هذا دلس، وأسقط، وقال: حدثنا، هذا كذب، هذا كذب بلا شك، لكن احتمل العلماء من قول الحسن: حدثنا أبو هريرة، وقوله: خطبنا عتبة بن غزوان، إمام من أئمة المسلمين، تبغي بعد تقول: كذب الحسن، مشكلة؛ لأن مثل هذه الأمور ينظر فيها إلى القول، وينظر فيها إلى القائل، يعني إذا نظرنا إلى القول لا نهدر القائل، لا بد أن يكون متأولًا، يعني خطب أهل بلده، وهو فيها، أو خطب أهل بلده مثلًا، وأشرنا سابقًا إلى أن هناك ما يسمى بمدرج المتن، وهو تدليس المتن، وهو المدرج، تدليس يعني يضيف الراوي سواءٌ كان الصحابي، أو من دون الصحابي جملةً في الحديث من غير تمييز، من غير فصل بينها، وبين المرفوع، هذا نوع من أنواع التدليس، وحصل من الصحابة فمن دونهم، لكن هذا يعرف بجمع الطرق، وبتصريح الراوي، فقد يصرح أحيانًا، وقد لا يصرح أحيانًا، فهو لا يخفى على الأئمة -إن شاء الله تعالى-.

بقي شيء من مباحث التدليس؟ لأنه مهم جدًّا، مبحث التدليس في غاية الأهمية، نعم؟

طالب:......

صرح هو، أو في جميع الإسناد؟ ما يكفي، ما يكفي أن يصرح؛ لأنه احتمال أن يكون أسقط طبقة فوقه بطبقتين مثلًا، نعم؟

طالب:......

ما لم يوجد التصريح في جميع الطبقات، ويكونوا ثقات، وأيضًا إن لم يوجد هذا التصريح يوجد هذا المسقط في طرق أخرى، ويكون ممن يقبله أهل العلم، وإلا فضعيف؛ لأنه شر أنواع التدليس.

طالب:......

ما فيهم؟

طالب:......

لا بد من أن يصرحوا، لا بد أن يصرح المكثر من التدليس، حتى أبو الزبير عن جابر لا بد أن يصرح في غير الصحيحين، في غير مسلم.

طالب: ولو عرف..؟

ولو عرف؛ ما لم..، هذا عامة أهل العلم على هذا، أنه لا بد أن يصرح، مادام عرف بالتدليس، فما المانع أن يسقط؟ يعني قبولنا للمدلسين في الصحيحين لا شك أنه من باب أن الصحيحين تلقتهما الأمة بالقبول لشدة تحري الإمامين، وما يحتف بهما مما يوجب القبول.

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

"
قلتم: إن الشيخ الألباني عنده شيء من التساهل، وممكن توضيح.. هذا من ألمانيا؟

الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى- كغيره من أهل العلم، كغيره من أهل العلم يؤخذ من قوله، وهو الغالب الكثير في أحكامه سواء كان على الرواة، أو على الأحاديث، وهو إمام من أئمة هذا الشأن، وأما كونه قد يصحح بمجموع الطرق ما يحكم بعض العلماء على ضعفه، فهذا موجود، هذا موجود، أو يُحسِّن بطرق قد لا ترتقي إلى رتبة الحسن، هذا موجود، لكن لا يعني أن هذا يقدح في إمامته في هذا الشأن –أبداً-، كما رمي ابن حبان، ورمي الترمذي، ورمي ابن خزيمة، ورمي جمع من أهل العلم، وعلى كل حال التساهل، والتشدد أمور نسيبة، وهذا بالنسبة لما عنده من الإصابة قليل.

في حديث أبي موسى الأشعري: لو أعلم أنك تسمع يا رسول الله؛ لحبرته لك تحبيراً))، هل في هذا تجويز للرياء؟ أو ماذا؟ لأنه أشكل عليَّ تحسين الصوت لأجل القادم؟

هذا ليس برياء، ليس برياء؛ لأن أصل القراءة لله -جل وعلا-، أصل القراءة لله، وتحسين الصوت من أجل تنشيط السامع، تنشيط السامع، وإدخال السرور عليه بتلذذه بالقرآن؛ فكيف إذا كان إدخال السرور على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا ليس من الرياء، من قريب، ولا بعيد.

بعض العلماء يقول: إن العمل يحبط إذا أدخلت عليه نية دنيوية مع وجود النية الدينية الخالصة، ومثل ذلك من صلى للأجر، والراحة لا شيء له، ومن تصدق للأجر، والخلف لا شيء له؟

استدل بقوله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [(15)، (16) سورة هود]، هذا من كان قصده الدنيا فقط، لا يريد بعمل الآخرة إلا الدنيا فقط، وأما من أراد الآخرة، ثم طرأ عليه شيء من أمور الدنيا، أو كان لحظ شيئاً من أمور الدنيا، لاسيما ما ورد في النصوص، لاسيما ما ورد في النصوص، شخص يعتمد الأذكار الواردة الثابتة، ويرجوا ثوابها من الله -جل وعلا-، ويرجوا مع ذلك ما رتب عليها في النصوص أنه يحفظ مثلاً، في نفسه، وفي أهله، وفي ماله، مثل هذا لا يؤثر في العبادة، ومثَّل –أيضاً- بمن صلى للأجر والراحة، من صلى للأجر والراحة، متى وصل إلى الحد الذي يرتاح فيه للصلاة؟ هذا الشخص متى وصل إلى هذا الحد؟ إلا بعد مجاهدة طويلة، ووصل إلى حد أن يقول: أرحنا بالصلاة، اللهم إلا إذا كان أجيراً عند أحد، وعمله شاق، فقد يقال: إنه يرتاح بالصلاة، يرتاح بالصلاة؛ لأن العمل المقابل الذي يتركه شاق، فالصلاة أريح منه، هنا يقال: إنه شرك، أما إذا كانت راحته في الصلاة، ويطلب هذه الراحة لا لأنه في خارج الصلاة في عمل شاق، ويريد أن يرتاح من هذا العمل الشاق، فإن هذه مرتبة عالية جداً، قل من يصل إليها، كما في حاله -عليه الصلاة والسلام-: ((أرحنا يا بلال بالصلاة))، وواقع كثير من المسلمين -إلى الله المشتكى- يقول لسان حالهم: أرحنا من الصلاة، نسأل الله السلامة، والعافية، ومن تصدق للأجر، والخُلف، الخُلف جاء في الحديث، ولو كانت إرادته مؤثرة في العمل؛ لما ذكر في النص، كما أن الترغيب في كثير من الأعمال بذكر جزائها من الجنة مثلاً، والترهيب بذكر عقابها في النار، يعني ملحظ العامل وهو يعمل أنه يريد بذلك ثواب الله، والجنة مثلاً، أو يريد بذلك النجاة من النار، هذا في الجملة قد يعد تشريكاً، لكنه ما ذكره الشارع إلا لأن إرادته لا تؤثر في العمل، والذي يخاف من النار هو في الحقيقة خائف من خالق النار، الذي يخاف من النار، لا يقال: إنه كيف يخاف من النار، ولا يخاف من الله؟ لا هو خائف من الله -جل وعلا-، وخوفه من النار؛ لأنها عقاب الله -جل وعلا- لمن عمل عملاً، ولذلك لوجد أن شخصاً ظالماً مثلاً، وبيده سيف، أو بيده عصا يضرب، الخوف من العصا، أو من الشخص الذي يضرب به؟ الخوف من الشخص، ولذا الخوف ممن يعذب بالنار، وهو الله -جل وعلا-، فلا يعد هذا تشريك، ثم قال: واستدل بحديث الرجل الذي أتى الرسول -عليه الصلاة والسلام-، فقال: الرجل يغزوا في سبيل الله يلتمس الأجر والذكر، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لا شيء له))، أما من يلتمس بذلك الذكر؛ ليقال شجاع، فهذا أحد الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار، كالذي يطلب العلم؛ ليقال: عالم، هذا -نسأل الله السلامة والعافية- هذا جزاؤه، ولا يعني أنه يخلد فيها، لا يعني هذا، أما كونه يلتمس الأجر، والغنيمة، يلتمس الأجر، والغنيمة، وهذا تشريك، فإن قتل حصل له -كم جاء في بعض الروايات- نصف أجره، وإن حصل له شيء من الغنيمة تعجل –أيضاً- نصف الأجر، وفي الحديث: ((تكفل الله لمن خرج في سبيل الله أن يرجعه بما نال من أجر، أو غنيمة))، الواو هذه تجعل الغنيمة قسيماً للأجر، يعني إما أجر فقط، أو غنيمة فقط، ولا يمكن الجمع بينهما، مع أن كثيراً من أهل العلم من يرى أن "أو" هنا بمعنى الواو.
وهذا –أيضاً- نظير السؤال الأول من ألمانيا، وكأن السؤال قريب من بعض: قلتم: إن الشيخ يتساهل، ممكن توضيح..،

وهنا يقول: في ردك على بعض الأسلة الخاصة في تضعيف، وتصحيح الشيخ الألباني قلتم:

وهنا يقول: في ردك على بعض الأسلة الخاصة في تضعيف، وتصحيح الشيخ الألباني قلتم: إن الشيخ -رحمه الله رحمة واسعة- يأخذ بقواعد المتأخرين، ويرقي بعض الأحاديث بمجموع طرقه، وإن كان بعضها لا يصلح للترقية، وحسب تطلعي لكتب الشيخ البسيطة رأيت في مقدمة كتاب تمام المنة، طبعة دار الراية، يقول الشيخ القاعدة العاشرة: تقوية الحديث بكثرة الطرق ليس على إطلاقه؟ السؤال: ممكن توضيح كيف رميَ الشيخ بالتساهل، وهو مخالف للسيوطي كثيراً في كتاب صحيح الجامع، يستدرك الشيخ في تساهله..؟
نعم السيوطي أشد تساهلاً، السيوطي أشد تساهلاً، وأحمد شاكر أشد تساهلاً، فلا يمنع أن الشيخ يرد على السيوطي، ويرد على أحمد شاكر.

هذا يسأل يقول: ما رأيكم في الدكتور حمزة المليباري، الذي رد عليه الشيخ ربيع، وذلك في تهجمه على صحيح مسلم، ورده لبعض الأحاديث مستدلاً باستدراك الدارقطني؟

على كل حال التطاول على الصحيحين لا شك أنه يفتح باب شر عظيم، وسواء كان من الدكتور حمزة، أو من غيره، التطاول على الصحيحين يفتح باب شر مستطير لا يمكن سده، ومعلوم أن من أهل العلم المتقدمين، الأئمة الفحول الكبار استدرك على الصحيحين، واستثنيت هذه الأحرف اليسيرة التي استدركها أمثال الدارقطني، استثنيت مما يفيد القطع من مرويات الشيخين، وعلى كال حال المسألة معروفة عند أهل العلم، والإصابة في الغالب مع الشيخين.