شرح ألفية الحديث للحافظ العراقي (32)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللسامعين، يا ذا الجلال والإكرام، قال الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:

وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ السَّمَاعِ
(الإِسْفَرَاييِنِيْ) مَـعَ (الْحَرْبِيْ)
لاَ تَرْوِ تَحْدِيْثًَا وَإِخْبَارًَا قُلِ
وَ(ابْنُ الْمُبَارَكِ) كِلاَهُمَا كَتَبْ
بِأَنَّ خَيْرًَا مِنْهُ أَنْ يُفَصِّلاَ
كَماَ جَرَى لِلدَّارَقُطْنِي حَيْثُ عَدْ
وَذَاكَ يَجْرِي فِي الْكَلاَمِ أو إذا
إِنْ بَعُدَ السَّامِعُ، ثُمَّ يُحْتَمَلْ
وَيَنْبَغِي لِلشَّيْخِ أَنْ يُجِيْزَ مَعْ
قَالَ: ابْنُ عَتَّابٍ وَلاَ غِنَى عَنْ
وَسُئِلَ (ابْنُ حنبلٍ) إِن حَرْفَا
لَكِنْ (أبو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ) مَنَعْ
إِلاَّ بَأَنْ يَرْوِيْ تِلْكَ الشَّارِدَهْ
وَ(خَلَفُ بْنُ سَاِلمٍ) قَدْ قال: نَا
مِنْ قَوْلِ سُفْيَانَ وَسُفْيَانُ اكْتَفَى
كَذَاكَ (حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ) أَفْتَى:
رَوُوْا عَنِ (الأَعْمَشِ): كُنَّا نَقْعُدُ
البَعْضُ لاَ يَسْمَعْهُ فَيسأَلُ
وَكُلُّ ذَا تَسَاهُلٌ وَقَوَْلُهُمْ:
عَنَوا إذا أَوَّلَ شَيءٍ سُئِلاَ
وَإِنْ يُحَدِّثْ مِنْ وَرَاءِ سِتْرِ
صَحَّ وَعَنْ شُعْبَةَ لاَ تَرْوِ لَنَا
وَلاَ يَضُرُّ سَامِعًَا أنْ يَمْنَعَهْ
كَذَلِكَ التَّخْصِيْصُ أو رَجَعْتُ

 

مِنْ نَاسِخٍ، فَقَالَ بَامْتِنَاعِ
وِ(ابْنِ عَدِيٍّ) وَعَنِ (الصِّبْغِيْ)
حَضَرْتُ وَالرَّازِيُّ وَهْوَ الْحَنْظَلِيْ
وَجَوَّزَ (الْحَمَّالُ) وَالشَّيْخُ ذَهَبْ
فَحَيْثُ فَهْمٌ صَحَّ أولاَ بَطَلاَ
إِمْلاَءَ (إِسْمَاعِيْلَ) عَدًَّا وَسَرَدْ
هَيْنَمَ حَتَّى خَفِيَ الْبَعْضُ، كَذَا
فِي الظَّاهِرِ الْكَلِمَتَانِ أو أَقَلْ
إِسْمَاعِهِ جَبْرًَا لِنَقْصٍ إنْ يَقَعْ
إِجَازَةٍ مَعَ السَّمَاعِ تُقْرَنْ
أدْغَمَهُ فَقَالَ: أَرْجُو يُعْفَى
فِـي الْحَرْفِ تَسْتَفْهِمُهُ فَلاَ يَسَعْ
عَنْ مُفْهِمٍ، وَنَحْوُهُ عَنْ (زَائِدَهْ)
إِذْ فَاتَهُ حَدَّثَ مِنْ حَدَّثَنَا
بِلَفْظِ مُسْتَمْلٍ عَنِ الْمُمْلِي اقْتَفَى
اسْتَفْهمِ الَّذِي يَلِيْكَ حَتَّى
(لِلنَّخَعِيْ) فَرُبَّمَا قَدْ يَبْعُدُ
البَعْضَ عَنْهُ، ثَمَّ كُلٌّ يَنْقُلُ
يَكْفِيِ مِنَ الْحَدِيْثِ شَمُّهُ فَهُمْ
عَرَفَهُ وَمَا عَنَوْا تَسَهُّلاَ
عَرَفْتَهُ بِصَوْتِهِ أو ذِي خُبْرِ
إنَّ بِلاَلًا وَحَدِيْثُ أُمِّنَا
الشَّيْخُ أَنْ يَرْوِي مَا قَدْ سَمِعَهْ
مَاَ لمْ يَقُلْ: أَخْطَأْتُ أو شَكَكْتُ

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- الناظم الحافظ العراقي في التفريعات التالية للقسمين الأول والثاني من أقسام التحمل السماع والعرض، وهي ثمانية تفريعات، ومضى منها أربعة، وبقي أربعة، فالخامس ذكره الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى- بقوله:

واختلفوا في صحة السماعِ
(الإسفراييني) مـع (الحربي)
لا تروِ تحديثًا وإخبارًا قل


ج

 

من ناسخٍ فقال بامتناعِ
و(ابن عدي) وعن (الصبغي)
...................................

...إلى آخره، اختلفوا في صحة السماعِ، يعني اختلف أهل العلم في صحة السماع من ناسخٍ ينسخ حين القراءة شيخًا كان أو طالبًا، في حال العرض على الشيخ، حال القراءة على الشيخ إذا كان الشيخ معه كتاب آخر ينسخه يكتبه، أو ينظر فيه، ويقرأ فيه، أو ينشغل بالكلام مع شخص آخر، يستوي في ذلك الطالب والشيخ، يعني في حالتي التحمل والأداء، أو ينعس أو يكون القارئ أكثر من واحد مما يشغل القلب عن الاستماع بالنسبة للشيخ، وعن السماع بالنسبة للطالب، إذا وجد مثل هذا وهذا يوجد بكثرة في التعليم النظامي المرتب من قبل المسئولين، وذلكم لما دخل النيات ما دخل، فلما كان هم الطالب هو التخرج والشهادة لا يهتم بالعلم، فتجد الشيخ على جلالته يتكلم بأنفس العلوم وأهمها، ويأتي للطلاب بخلاصة قراءاته وتجاربه، فتجد كثيرًا من الطلاب منشغل بأمر آخر، وقد ينشغل طالب بما لا ينفعه في دينه ولا دنياه، قد ينشغل بجريدة، أو يقرأ في كتاب لا علاقة له بالموضوع، أو يشغل نفسه ويشغل غيره بكلام أو ينام، هذا كثير في التعليم النظامي، لكنه في التعليم في المشايخ وعند طلاب العلم الراغبين في العلم، الذين لا يرجون من وراء الدروس شهادات ولا وظائف، هذا يوجد، ولكنه نادر قليل، ووجد من أهل العلم من يفعل ذلك، ينشغل حال التسميع، ومع ذلكم قلبه حاضر، وهذا كثير في القراء، الطلاب يعرضون عليه، وقد يعرض عليه أكثر من واحد من الطلاب، في آن واحد، قد يعرض عشرة من الطلاب، كما عرف عن علم الدين السخاوي، يقرأ عليه من قبل عشرة وكلهم بصوت واحد وكلهم من سور متفرقة ويرد عليهم جميعًا، الدار قطني -رحمه الله- تأتي الإشارة إليه، يصلي ويستمع ويرد إما بالإشارة أو بالعبارة من القرآن التي لا تبطل الصلاة، وينسخ، ومع ذلك يحفظ ما يسمع، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وبعض الناس يقرأ في المصحف والمصحف بين يديه، وإذا حصل أدنى اضطراب ولو تحرك الباب بسبب ريح أو غيره نسي في أي سورة يقرأ، هذا والمصحف بين يديه فكيف إذا كان يقرأ حفظًا؟! وكثير من الناس يعاني معاناة شديدة إذا صلى بجوار شخص يرفع صوته بالقراءة، ولو في آية واحدة، أو في كلمة لو جهر بكلمة انتهى الذي جنبه ما يدري من أين يقرأ؟ وهذا موجود، وهذه هبات من الله -جل وعلا-، فمن رزق الرسوخ في الحفظ والانتباه واليقظة التامة هذا يشكر الله -جل وعلا- على هذه النعمة، ويستغل هذه النعمة فيما ينفعه، وأما من حرم، أو كان نصيبه أقل، فليجتهد وليحرص أن يعوض بوسائل أخرى.

يقول -رحمه الله تعالى-:

"واختلفوا" يعني العلماء في صحة السماع "من ناسخٍ" يعني ينسخ حين القراءة في كتاب آخر، لا أقول: ينسخ نفس الكلام، الذي ينسخ نفس الكلام هذا يتابع ذا، لكن الذي ينسخ في كتاب آخر، ونحن نشرح في ألفية العراقي، وشخص معه الموطأ، وآخر معه ابن ماجه، وينسخون ويعلقون ويشتغلون، أو كتب أخرى، هل سماعه للعلم صحيح؟ ويثبت سماعه مع الطلاب في الطباق؟ أو يقال: هذا ليس معنا؟ وإن كان حاضرًا بجسده لكن قلبه غائب، و{ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [(4) سورة الأحزاب] هذه المسألة خلافية "فقال بامتناعِ" ذلك مطلقًا الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني إذ سئل عنهما معًا، يعني سئل عن الشيخ والطالب، ما الحكم إذا اشتغل الشيخ بالكتابة والطالب يقرأ؟ وما الحكم إذا اشتغل الطالب بالكتابة والشيخ يحدث أو يقرأ عليه؟ فقال بامتناعِ الإسفراييني مع أبي إسحاق إبراهيم الحربي، وأبي أحمد بن عدي في آخرين؛ لأن الاشتغال بالنسخ مخل بالسماع، ونحو ذلك ما جاء عن أبي بكر محمد بن إسحاق الصبغي الشافعي، الصبغي قال: "لا تروِ" الذين أفتوا بالامتناع:

الإسفراييي مع الحربي

 

وابن عدي ....................

والصبغي قال:

لا تروِ تحديثًا وإخبارًا قلِ:

 

حضرت ......................

"قلِ: حضرت" لا تقل: حدثنا، ولا أخبرنا، إذا كنت منشغلًا بأمر آخر قل: حضرت، نعم حضرت، يعني مثل ما يقال في حق الصبي غير المميز، الصبي غير المميز حينما يكتب اسمه في الطباق ما يقال: سمع، وإنما يقال: حضر، أو أحضر، وأنت مثل الصبي؛ لأن المانع موجود، المانع من صحة السماع موجود في حق الصبي غير المميز، وفي حق المنشغل عن الدرس بغيره "وعن الصبغي"

لا تروي تحديثًا وإخبارًا قلِ:

 

...................................

لا تروِ أيها المحدث ما سمعته على شيخك حال نسخه، أو أنت تنسخك "قلِ" يعني لا تقل: حدثنا، ولا أخبرنا، ولكن قل: حضرت، كالصغير الذي لا يميز للجامع بينهما، أنت لا تميز لانشغالك عن الدرس كما أن الصبي غير المميز لا يفهم ما يسمع، لكن الإمام أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي الحنظلي، وعبد الله بن المبارك المروزي كلاهما قد كتب في حال تحمله، يعني وجد هذا من الإمام أبي حاتم الرازي، وعبد الله بن المبارك، كتبوا حال التحمل "كلاهما كتب" يعني قد كتب في حال تحمله، وكذا جوز موسى بن هارون "الحمَّال والشيخ" ابن الصلاح "ذهب" إلى القول "بأن خيرًا منه" يعني من إطلاق: حدثنا، وأخبرنا، من إطلاق الجواز، أو المنع التفصيل، يعني قال بامتناع من؟ الإسفراييني، والحربي، وابن عدي، والصبغي قال: لا تقل: حدثنا، ولا أخبرنا، ولكن قل: حضرت، والرازي محمد بن إدريس الحنظلي الرازي، أبو حاتم،

وابن المبارك كلاهما كتب

 

...................................

يعني فعل هذا الأمر، فهل يقال لهؤلاء الأئمة: حضر، ولا يقال: سمع؟ وهم أئمة هذا الشأن "وجوَّز الحمَّال" جوز ذلك موسى بن هارون الحمال، أن يحضر الدرس، ويكتب، وينشغل بغيره، ويقال: سمع "والشيخ" ابن الصلاح "ذهب" إلى القول "بأن خيرًا منه" خير من القول بإطلاق المنع، وخير من إطلاق القول بالجواز التفصيل "والشيخ ذهب"

بأن خيرًا منه أن يفصلا

 

فحيث فهم صح أو لا بطلا

فحيث صحب الكتابة، وهذا الانشغال، وهذا النعاس فهم للمقروء، يعني إذا كان هذا الذي ينشغل بغير الدرس يفهم؛ فسماعه صحيح؛ لأن العبرة على الفهم "فحيث فهم صح" يعني صح السماع "أو لا" يعني حيث لا يوجد الفهم "بطلا" السماع، يبطل السماع، يعني لو أن شخصًا حاضر الذهن، ومنتبه للشيخ، ثم بعد ذلك سمع الدرس من أوله إلى آخره، فلم يحفظ منه شيئًا، ما حفظ منه شيئًا، وليس عنده كتاب يقرأ منه، يعني ما كتب ما سمع من الشيخ، ولا حفظه، هذا وجوده مثل عدمه، لكن من نعس، أو غفل، أو نسخ، وفهمه حاضر يحفظ ما يسمع، فإن هذا يصح سماعه، الأول سماعه غير صحيح لماذا؟ لعدم وجود الحفظ، والضبط الذي هو أحد ركني الثقة، ما وجد، ولو حضر قلبه، لكن ما حفظ شيئًا، الحافظة ما تمسك شيئًا، هذا ما يصح سماعه، لأنه ليس بضابط، بالمقابل الذي ينسخ، أو يغفل، أو يتكلم مع زميله، أو ينعس، ويضبط ما يسمع، وهذا موجود، هذا يصح سماعه، وهذا التفصيل الذي ذهب إليه ابن الصلاح "والشيخ وذهب بأن خيرًا منه" يعني التجويز المطلق، أو المنع المطلق "أن يفصلا فحيث فهم" يعني وجد الفهم، ولو صحب ذلك انشغال بكتابة، أو نعاس، أو ما أشبه ذلك، فحيث فهم للمقروء "صح" السماع، يصح السماع حينئذٍ "أو لا" يصحبها ذلك الفهم "بطلا" يعني يبطل السماع.

كما جرى للدار قطني حيث عد

 

...................................

الدار قطني حضر مجلس الإملاء عند الشيخ إسماعيل الصفار، الدار قطني ينسخ معه كتاب آخر، وينسخ كتابه، والشيخ إسماعيل الصفار يحدث، فلما مضى وقت، قال شخص مجاور للدار قطني: أنت ما غير ضيقت علينا؛ معك كتاب ثان انتقل إلى مكان آخر، ما يصح سماعك بهذه الطريقة، فكيف تتعب نفسك..؟! قال: فهمي يختلف عن فهمك، وحفظي يختلف عن حفظك، كم قرأ الشيخ من حديث؟ يسأل الشيخ الدار قطني، قال: والله ما أدري، قال الدار قطني: قرأ ثمانية عشر حديثًا، فسردها بمتونها، وأسانيدها على ترتيبها، وهو ينسخ، أقول هبات من الله -جل وعلا-، لكن هنيئًا لمن استغلها فيما ينفع، وأما الذي لا يستغلها فيما ينفع فكم من هذا النوع، من نوع الدار قطني موجود في أسواق المسلمين في بيعهم، وشرائهم، عباقرة، ومع ذلك ما استفادوا، استغلوا هذا الذكاء، استغلوا هذا الفهم، استغلوا هذا الحفظ فيما لا ينفع، وقد يستغل فيما يضر، وأنا أعرف أناسًا زاملولنا، أناسًا عرفناهم من قرب، تجدهم أحفظ الناس لما لا ينفع، والنكت، والطرائف، وإلا حفظ هفوات، وسقطات بعض الناس، إذا زل فلان بكلمة، أو بجملة، أو بشيء حفظت عليه، ما تنسى أبد الآبدين من قبل بعض الناس، وإذا فتح كتابًا من كتب العلم ما استفاد، والله المستعان، فهذه المواهب، وهذه النعم سواءٌ منها ما يتعلق بالحفظ، أو ما يتعلق بالفهم، هذه نِعم إذا لم تستغل فيما لا ينفع؛ فهي وابل على صاحبها، ومن أحفظ الناس المعري، أبو العلاء المعري، وهو معروف من الزنادقة المعروفين، حتى قال ابن الجوزي في "المنتظم": زنادقة الإسلام ثلاثة: المعري، وابن الراوندي، وأبو حيان التوحيدي، حافظة، شيء لا يخطر على البال، يعني نقش، كأنه يقرأ من كتاب، وهو أعمى، وضبط لما يمر به، ولو كان منذ أزمان متطاولة، وذكر الصفدي في "نكت الهميان" عنه أنه في سفر في أرض فيها شجر، فضربته شجرة، وهو على البعير، أعمى هو ما يرى، ضربته شجرة، وبعد عشرين سنة مر بالمكان على نفس موضع الشجرة، فطأطأ رأسه، فقيل له لماذا؟ قال: فيه شجرة ضربتني قبل عشرين سنة، قالوا: ما فيه شجر، قال: احفروا إن ما وجدتم الأصول، والعروق، فأنا أنا لا أفهم، وبالفعل لما حفروا وجدوا بنفس المكان، وتجد بعض المبصرين يسقط في الحفرة مرارًا، ويعثر في بعض الأمور من طلوع، ونزول، وحصى، وما أشبه ذلك، وأيضًا يعود له مرة ثانية، وثالثة.

ويحدثنا واحد من الشيوخ المبصرين يقول: صحبت فلانًا، هذا –أيضًا- شيخ درسنا، وهو كفيف لا يبصر، يقول: صحبته خمس سنين نتردد على المعهد العلمي طلابًا، وفي طريقنا صخرة، فما قلت له في يوم من الأيام: ارفع رجلك، مجرد ما يصل الصخرة يرفع رجله، وأنا وقعت فيها مرارًا، فمسألة الحفظ، والفهم، والرسوخ في هذا الباب لا شك أنها موهبة، ونعمة من نعم الله -جل علا-، فعلا من وهبها أن يستغلها، ولا يضيع الفرصة، لا يدع الفرصة تفوت.

كما جرى للدار قطني حيث عد

 

...................................

يعني حين حضر مجلس الإملاء عند الشيخ إسماعيل الصفَّار "عد إملاء إسماعيل عدًّا" ثمانية عشر حديثًا، وسردها على الولاء، قالوا: ومثل النسخ الصلاة، ينشغل بصلاته، ويقبل عليها بقلبه، وقالبه، ويخشع فيها، وإذا أخطأ عنده أحد رد عليه، إن كان يقرأ في القرآن فالأمر سهل، لكن الدار قطني يصلي، وشخص يقرأ في الحديث، قطن بن بشير، فقال الدار قطني: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [(1) سورة القلم].

لأنه قطن بن نسير، بالنون ما هو بالباء، نعم قد يكون الإنسان يصلي، ويستمع لمن حوله، ويفهم ما يقولون، وقد يحفظ ما يقولون لماذا؟ لأنه منشغل عن صلاته، هذا موجود، لكن العبرة بمن يتقن صلاته، ويقبل على صلاته، ويخشع فيها، ويتأمل فيها، ويرد على من بجواره، والدار قطني من هذا النوع.

وذاك يجري في الكلام أو إذا

 

هينم حتى خفي البعض كذا

وذاك التفصيل المذكور من تعليق الأمر بالفهم، التفصيل المذكور، فإن وجد الفهم صح السماع، لم يوجد الفهم لم يصح السماع "وذاك يجري في الكلام" من السامع، أو المسمع وقت السماع، إذا كان القارئ يهينم، أو كان الشيخ في حال التسميع يهينم، وأنتم تعرفون معنى هذا، إما أن يكون سببه السرعة في الكلام، أو جبل في كلامه على  أكل بعض الحروف، تسمعون بعض الناس يأكل بعض الحروف، وبعض الشيوخ الكبار كلامه لا يفهمه إلا أهل بيئته، لا لأن اللهجة تختلف، يتكلم بالعربية الفصحى، ومع ذلك من سرعته في الكلام، أو لكونه يأكل بعض الحروف؛ تجد بعض الطلاب يفوته كثير من هذا النوع، والكلمة إذا خفي منها حرف ضاعت عند بعض الناس، وبعض الناس لو ضاع بعض الحروف أدركه من الحروف الأخرى، وهذا –أيضًا- من الضرب الذي ذكرناه، نعم؟

طالب:......

ما هو؟ {ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [(4) سورة الأحزاب]، قالوا: أكثر من قال من المفسرين: أن الإيمان والكفر لا يجتمعان في القلب، نعم؟

طالب:......

هو لولا أنه وجد من هذا النوع من يفهم الاثنين، وهم يتكلمون؛ لقلنا: إن هذا مقصود بالدرجة الأولى؛ لأن هذا عمل قلبين ما هو بعمل قلب واحد، لكنه وجد، يعني وجد من بعض الشيوخ من يحفظ الأصوات حفظًا غريبًا جدًّا، ويعرف الناس بأصواتهم، ولو مرت السنون، وأعجب من ذلك من يفرق بين الناس بأنفاسهم! يقول كل شخص له نفس خاص، دعنا من صاحب نفس متميز، إما ببخر، وإلا شبهه، ذا غير ذا، هذا كل يعرفه لكن العبرة بالأنفاس المتقاربة، يعني شخص كفيف تسلم عليه بعد عشر سنين بدون كلام بمد اليد فقط، فيقول: أهلًا بفلان، كفيف! طيب ما يدريك؟ قال: كل شخص له نفس، ناس ما ميزوا بالبصر يميزون بالنفس -والله المستعان- "وذاك يجري" يعني التفصيل المذكور "يجري في الكلام" من السامعين، أو المسمع وقت السماع، يعني سواءٌ كان الشيخ الذي يحدث جُبل على السرعة في الكلام، وعدم إبانة الحروف، أو القارئ كذلك، القارئ على الشيخ، وتسمعون ممن يتصدى لتعليم الناس، أو إفتائهم، أو الكلام في هذه الوسائل، والأشرطة –أيضًا-، ومن يفتون، ومن يكتبون، الكتابة أمرها سهل، يعني التحرير يمكن، لكن بعض من يتكلم، تجدون بينه من البيان والوضوح مثل ما بين المشرق والمغرب، وتجد علم هذا انتشر بسبب بيانه، وعلم هذا لم ينتشر، ولم يكتب له قبول؛ لعدم بيانه، وإن كان أعلم من الثاني!

وذاك يجري في الكلام أو إذا

 

هينم ..........................

"هينم" يعني أخف صوته، أو أسرع في الكلام "حتى خفي البعض" حتى خفي بعض "البعض" يعني من كلامه، أو بعض الحروف "وكذا إن بعُد السامع" لأن عدم السماع إما أن يكون لضعف في صوت المتكلم، أو لضعف في سمع الطرف الثاني المستمع، أو لبعده، أو لهينمته، وسرعة المتكلم "وكذا إن بعد السامع" يعني عن القارئ، أو كان سمعه ثقيلًا، أو عرض له نعاس خفيف "ثم يحتمل" يعني يغتفر "يُحتمل"؛ لأن الضبط بـ"يُحتمل" يعني يمكن حمله وقبوله واغتفاره، يعني يتجاوز عنه، أما إذا كان له أكثر من وجه، وأكثر من احتمال؛ يقال: "يَحتمل"، والناس ينطقون: يَحتمل يُحتمل بكثرة يعني، يعني إذا كان الكلام له أكثر من وجه، يعني يَحتمل كذا، ويَحتمل كذا، ويَحتمل كذا، كثير من الناس ينطقها يُحتمل كذا، ويُحتمل..، هذا ما هو بصحيح، أما يُحتمل يغتفر، ثم يُحتمل يعني يُغتفر "في الظاهر" يعني من صنيع أهل العلم، في المسموع، يحتمل يغتفر "الكلمتان أو أقل" يُحتمل "الكلمتان، أو أقل" يعني الكلمة الواحدة إذا فاتت؛ لأنه إذا طال المجلس؛ فلا يتصور أن الإنسان، أو عموم الطلاب مثل الآلات التي لا تفوت شيئًا، لا بد أن يفوت شيء، كلمة، كلمتان، ثم بعد ذلك هاتان الكلمتان إما يستدل عليهما بالسياق، أو بالتثبت من الجليس المجاور؛ ماذا قال الشيخ؟ ومع ذلك يصححون السماع في مثل هذا على خلاف بينهم.

...................... ثم يحتمل

 

في الظاهر الكلمتان أو أقل

"وينبغي" ينبغي هذه يفهم منها الوجوب، أو الاستحباب؟ الاستحباب "وينبغي" يعني استحبابًا "للشيخ" المسمع:

.................... أن يجيز مع

 

إسماعه جبرًا لنقص إن يقع

يعني الشيخ يقرأ من كتابه، أو يقرأ عليه، ثم بعد ذلك ليس جميع الطلاب يتبينون كل ما قيل بالحرف، يبغي يفوت هذا كلمة، وهذا كلمة، وهذا كلمة، وذاك كلمة، وهكذا، منهم من أجاز هذا، وقال هذا: أمر لا بد منه، لا بد أن يقع، وإلا فصار هناك حرج عظيم ، ومنهم من يقول: لا يصح إلا أن يروي  ما سمع، وما زاد على ذلك مما استثبته من غيره لا ينسبه إلى الشيخ، وإنما ينسبه إلى الواسطة: ثبتني فلان بكذا، أو ذكَّرني فلان بكذا، وقالوا: ينبغي يستحب للشيخ إذا انتهى من الدرس، درس السماع، أو الاستماع، درس السماع من لفظ الشيخ، أو العرض عليه، أن يجيز الحاضرين بما لم يسمعوه، بما فاتهم، لتكون الرواية للدرس كاملة ما سمع بالسماع، وما فات بالإجازة "وينبغي للشيخ أن يجيز" يعني للسامعين رواية الكتاب، أو الجزء، أو الأحاديث "أن يجيز مع إسماعه جبرًا لنقص" مع إسماعه لهم جبرًا للنقص الذي يصحب السماع "إن وقع" إن وقع بسبب ما ذكر من الغفلة، أما التغافل، أو الغفلة التي جبل عليها الإنسان.

قال ابن عتَّاب: ولا غنى عن

 

إجازة مع السماع تُقرَن

أو "تقترن" كما في بعض النسخ، يعني بل قال ابن عتاب، مفتي قرطبة، أبو عبد الله الأندلسي ابن عتاب، قال: والذي أقول: إنه لا غنى لطالب العلم عن إجازة بذاك كتاب، أو الجزء، أو الأحاديث، لا غنى له عن الإجازة مع السماع، ويكون هذا من باب الاحتياط، أو نظرًا إلى غالب الناس الذين لا بد أن يفوت عليهم ما يفوت، لا غنى لطالب العلم عن الإجازة؛ لأنه لا يفترض في طالب العلم مهما كان من التثبت والضبط إلا الأفذاذ القلائل النوادر أمثال الدار قطني، وأما كثير من طلاب العلم لا بد أن يفوتهم شيء من المسموع "مع السماع" يعني له تقرن به، أو تقترن به كما في بعض النسخ؛ لجواز السهو، والغفلة، أو الاشتباه على الطالب، أو الشيخ، أو هما معًا، المقصود أن مثل هذا أمر لا بد منه، فيكمل هذا بالإجازة.

وسئل ابن حنبل إن حرفا

 

أدغمه فقال: أرجوا يعفى

سئل الإمام أحمد بن حنبل من ابنه صالح، سأله حيث قال له: إن أدمج الشيخ، أو القارئ حرفًا، يعني شيئًا يسيرًا من الكلام، إن أدمج القارئ، أو الشيخ في حال السماع، أدمج حرفًا، يعني ما نحتاج إلى تمثيل نسمع من الشيوخ، ويتفاوتون في هذا، منهم من فواته يسير، ومنهم من يدمج الشيء الكثير، يعني ما تسمعون التفاوت في نطقهم بـ "صلى الله عليه وسلم" نعم؟ ما هو ببعضهم يأكل نصف الحروف من عجلته؟ هذا موجود نسمعه يوميًّا، والله المستعان.

"وسئل ابن حنبل" الإمام احمد محمد بن حنبل من ابنه صالح حيث قال له: إن أدمج الشيخ، أو القارئ "حرفًا" يعني شيئًا يسيرًا "أدغمه" إذا أدغمه فلم يفهمه السامع مع معرفته، فقال: أرجو أن يعفى عن ذلك، مع أن هذا الإدماج من الشيخ، وهذه الطريقة للأداء من بعض الشيوخ التي تخفى فيها بعض الحروف، أو بعض الكلمات، يمكن أن يفهم عنه جميع ما يقول مع الدربة، إذا لازمت هذا الشيخ عرفت كل ما يقول، كأنه أفصح الناس، وإذا جلست عنده لأول مرة ما فهمت ولا نصف ما يقول، بل ولا ربع ما يقول بعضهم؛ لأنه يصير عنده سرعة، ويصير عنده شيء في أنفه يغطي بعض الحروف، ثم بعد ذلك يخرج الكلام كـ "لا شيء" عند السامع أول ما يجلس، أو يأتي من بيئة أخرى ما أخذ على مثل هذا الأداء، لكن إذا تعود على هذا الصوت، وأخذ عليه خلاص، صار من أوضح الأصوات.

لكن أبو نعيم الفضل منع

 

...................................

أبو نعيم الفضل بن دكين منع من سلوكه "في الحرف" أي في اليسير، يعني حتى في اليسير، قال: يستفهمه من بعض الحاضرين من أصحابه، في الحرف اليسير الكلمة، أو بعض الكلمة يستفهمه من بعض الحاضرين من أصحابه "فلا يسع" من وقع له مثله،

إلا بأن يروي تلك الشاردة

 

عن مفهم ونحوه عن زائدة

الإمام أحمد -رحمه الله- تسمَّح في الشيء اليسير، وقال: يستفهمه من جاره، ولا يشير إلى أنه استفهم، لكن الفضل بن دكين، أبو نعيم الحافظ الثقة الضابط المتثبت "منع" قال: حرف واحد ما تسمعه من الشيخ لا يجوز أن ترويه عنه، ولو استثبت من زميلك الذي عن يمنيك، ويسارك، وثالث، ورابع، وعاشر كلهم قالوا: قال الشيخ كذا، لا تنسب للشيخ، انسبه لهؤلاء الذين بلغوك عن الشيخ، إلا إذا ذهبت بنفسك، وقلت: إن الطلاب قالوا كذا، فقال الشيخ: نعم، اروِ عن الشيخ الآن.

لكن أبو نعيم الفضل منع

 

في الحرف يستفهمه فلا يسع

يعني يستفهمه من بعض أصحابه، فلا يسع من وقع له مثله،

إلا أن يروي بتلك الشاردة

 

...................................

يعني تلك الكلمة التي تنبع عن سمعه لا يرويها عن الشيخ:

إلا أن يروي بتلك الشاردة

 

عن مفهم ...................

الذي تثبَّت منه "عن مفهم" يعني أفهمه إياها "ونحوه" مروي "عن زائدة" زائدة بن قدامه، وحكي عن أبي حنفية مثله، وأبو حنيفة من أهل التشديد في هذا الباب، من أهل التشديد في هذا الباب، حتى أنه منع الرواية من الكتاب أصلًا.

وخلف بن سالم قد قال: نا

 

إذا فاته حدث من حدثنا

وأيضًا الحافظ المتقن خلف بن سالم المخرمي "قد قال: نا" نا فلان، نا سفيان، ما معنى "نا" سفيان؟ هل هذه التي يكتبها العلماء، يختصرون عليها في الأسانيد، يعني رمز لحدثنا؟ لا هو ما يقصد هذا، لكنه كلمة حدث ما سمعها، ما سمع إلا نا، فهو ما يذكر إلا نا، ولا يدري هي من حدثنا، أو من أخبرنا، المقصود أنها "نا" ما سمع من الشيخ إلا "نا" فاقتصر عليها،

وخلف بن سالم قد قال: نا

 

...................................

يعني مقتصرًا على النون والألف،

...................................

 

إذا فاته حدث من حدثنا

يعني لما قال سفيان: حدثنا، ما سمع حدث إنما سمع "نا"، فصار ما يذكر إلا "نا"، يعني هل يسوغ إذا قال: حدثنا سفيان، وخفيت عليه السين أن يقول حدثنا: فيان مثلًا، مثل ما صنع خلف بن سالم؛ لأنه ما سمع السين، أو افترض أن هذا الشيخ في لسانه شيء، السين عنده شين، يقول: حدثنا شفيان، أقول: مثل هذا التشديد لا شك أنه إفراط في مثل هذا؛ لأنه لما لم يتبين كلمة حدث قال: نا، هذه مسألة تمشي باعتبار أنه يقال: نا عن حدثنا في الرمز، يعني كأن السامع ما يستغرب شيئًا إذا قال: نا سيفان، كأنه قال: حدثنا سفيان، لكن افترض أنه ما سمع السين من سفيان، هل يقول: خلف بن سالم حدثنا فيان؟ يقول مثل هذا؟ أو كان الشيخ بعد ممن يقلب بعض الحروف، إما يجعل الثاء سينًا، وإلا الذال زايًا، وإلا شيء، يروي كما سمع، وإلا يتصرف؟ نعم؟

طالب:......

نعم، ما يثبتها خلفًا لما الذي ما أثبت صيغة الأداء، ما هو متصرف في اسم راوٍ، لن يتصرف في اسم راوٍ، فضلًا عن متن الحديث، إذًا صيغة الأداء أمرها سهل، أسهل بكثير من تغيير اسم راوٍ، ما ندري ماذا يحصل له لو سمع نصف الاسم؟ لو سمع نصف الاسم ماذا يصنع؟ هل يصنع كما صنع بـ "نا" ؟ نعم؟

طالب:......

كيف؟

طالب:......

إذا ألغى الاسم صار فيه سقط، السند فيه سقط، يضعف بسببه، نعم؟

طالب:......

على كل حال مثل هذا خير من هذه الحرفية، وهذا الإفراط، أن يتثبت، فإذا تثبت من جاره الثقة يعتمد عليه، كما يعتمد على المستملي.

من قول سفيان وسفيان اكتفى

 

بلفظ مستمل عن المملي اقتفى

من قول شيخه سفيان بن عيينة، وسفيان شيخه "اكتفى بلفظ مستمل" يعني بسماع لفظ مستمل "عن المملي اقتفى" عن لفظ المملي إذ المستملي اقتفى أي تبع لفظ المملي، وهو الذي عليه العمل بين أكبار المحدثين، يعني حينما يكثر الجمع، أو يعرض للشيخ ما يعرض له مما يؤثر على صوته من مرض، ونحوه يتخذ مستمليًا، المستملي هو الذي يسمع صوت الشيخ، ويبلغه إلى الطلاب، يعني أحيانًا تكثر الجموع تكون بالألوف، وليس عندهم آلات تريحهم، وتكبر الصوت، وتبلغه القاصي والداني، يتخذون مستملين، فيُجعل في الصف الثالث واحد، وفي الصف السادس واحد، وفي الصف العاشر واحد، كل واحد يسمع كلام واحد ويبلغ، ولا بد أن المستملي له شروط يأتي ذكرها -إن شاء الله تعالى- أن يكون ثقة، وأن يكون يقظًا، وفاهمًا، يكون فاهمًا يقظًا، يعرف يتصرف، ويعرف ينقل الكلام بحروفه، ما يكون مغفلاً، شيخ من المشايخ اتخذ مستمليًا، فقال الشيخ: حدثنا عدة يعني مجموعة من الشيوخ، فلما قال: حدثنا عدة، وسكت الشيخ، قال: عدة ابن من؟ هذا مثل الذي بحث عن ترجمة ابن لبون، وابن مخاض مثله، فلم يجد لهما ترجمة في الكتب، لكن لا بد أن يكون المستملي متيقظًا؛ لأن الشيخ يسمع قد يسمع المستملي الأول لكن ما يسمع المستملي الثاني، وإذا تسنى له أن يرد على المستملي القريب؛ لا يتسنى له أن يرد على المستملي البعيد، وهذه الطريقة في الاستملاء موجودة حتى على مستوى المجالس العادية، يعني قبل السنترالات، وقبل الهواتف، وقبل مكبرات الصوت تجد مثلًا أمير البلد، وهو جالس في قصره إذا أراد شيئًا رفع صوته، ويسمعه شخص، ثم بعد ذالك هذا الشخص يرفع صوته ويسمعه الثاني، وهكذا، وعلى طريقة الاستملاء عند أهل العلم، قال الله -جل وعلا-: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(4) سورة الليل]، يستعمل هذا فيما يرضي الله، وهذا في أمور عادية مباحة، وقد يستعمل في محرم، وما أشبه ذلك، والله المستعان.

"وسفيان اكتفى بلفظ مستمل" يعني بسماع لفظ مستملٍ عن لفظ المملي، إذ المستملي "اقتفى" أي تبع لفظ المملي، وهو الذي جرى عليه العمل بين أكابر المحدثين، يعني يكتفون بلفظ المستملي، ويروون عن الشيخ مباشرة لماذا؟ لأنه لو غلط المستملي رد عليه الشيخ، ولو غلط المستملي الثاني رد عليه المستملي الأول؛ لأن المسألة مفترضة في ثقات لا يسكتون عن الغلط.

كذاك حماد بن زيد أفتى:

 

استفهم الذي يليك حتى

كذالك أبو إسماعيل حماد بن زيد أفتى من استفهمه في حال إملائه فقال: كيف قلت؟ فقال: استفهم الذي يليك،

...................................

 

استفهم الذي يليك حتى

أنهم:

رووا عن الأعمش كنا نقعد

 

...................................

الأعمش الحافظ الحجة قال:

........................ كنا نقعد

 

للنخعي فربما قد يبعد

النخعي إبراهيم ين يزيد "فربما قد يبعد البعض" ممن يحضر "البعض لا يسمعه" البعض من الحضور يبعد بحيث لا يسمع الشيخ "فيسأل" يعني ذلك البعيد "البعضَ" القريب من الشيخ "عنه" أي عما قال الشيخ،

البعض لا يسمعه فيسأل

 

البعض عنه ثم كل ينقل

ثم كل من سمع من الشيخ، أو من سمع من رفيقه، وجاره ينقل كل ذلك عن الشيخ بلا واسطة.

قال رحمه الله:

وكل ذا تساهل وقولهم:

 

يكفي من الحديث شمه فهم

"وكل ذا" أي رواية الراوي ما لم يسمعه من الشيخ إلا من المستملي، أو من رفيقه تساهل، وإلا فالائق بأهل التحري ألا ينسب إلى الشيخ إلا ما سمعه من لفظه، أو قُرئ عليه، وهو يسمع.

وكل ذا تساهل وقولهم:

 

...................................

شاع عند كثير من أهل الحديث، كابن منده مقالة: "يكفي من الحديث شمُّه" يكفي من الحديث شمه، يعني يكفي من سماعه الشمُّ، ما يحتاج أن تسمع الحديث كاملًا، وهذا لكل الناس؟ أو للماهر في الصناعة الذي حفظ من الأحاديث القدر الكبير جدًّا، الذي يكفيه أن يذكر له طرف الحديث، ويترك؟ بعض الناس يكفيه شم الحديث، يكفيه شم المسائل العلمية –أيضًا- يمسك طرف المسألة اتركه بس، فإذا مسك طرف الحديث خلاص يكفي هذا، يكفيه الشم، لماذا؟ لأن عنده رصيد كافٍ لمثل هذا، أما الشخص الذي يلقن كلمة كلمة، فإذا لقن الأولى ضاعت الثانية، وإذا لقن الثانية ضاعت الأولى، هذا ما يكفيه، ولا أكله أكلاً لمَّا، لا يكفيه شمَّا، وهذا يذكرنا باعتراض للعيني على ابن حجر في مسألة في العربية، وقال: إن هذا الكلام لا يقوله من شمَّ أدنى رائحة لعلم العربية، صاحب "المحاكمات المبتكرات اللآلئ والدرر" لما ذكر الحافظ، وذكر كلام العيني، ووازن بينهما، ونقل ما يؤيد كلام الحافظ من كلام الأئمة، قال: فتبين بهذا أن الحافظ أكل العربية أكلًا لمًّا، ولم يكتف بشمها شمَّا، فالناس يتفاوتون، بعض الناس ما يكفيه، ولا تلقين، كلمة كلمة، وعسى، ولا تكثر عليه، تملي عليه جملتين متواليتين، بل يملى عليه كلمة كلمة، وعسى يضبط، وبعض الناس أبدًا تعطيه طرف البيت، ويكمل طرف الحديث، ويكمل، وهكذا، طرف المسالة، ويتصورها، وهذا ينتفع بمثل هذا في حال المذاكرة مع الشيوخ، أو مع الأقران:

وكل ذا تساهل وقولهم:

 

يكفي من الحديث شمه فهم

يعني القائلون من ذلك إنما:

عنوا إذا أول شيء سئلا

 

...................................

عنوا به إذا أول شيء أي طرف الحديث سئل عنه المحدث عرفه؛ ولذلك كثير من الأحاديث لا يؤتى بلفظها، لا يؤتى بها بلفظها، إنما قال: سمع الحسن من سمرة حديث العقيقة، ما يحتاج أن تأتي بالحديث كاملًا، علقمة سمع من عمر حديث الأعمال بالنيات، ويكفي، فإذا أردت أن تسرد الكلام بالتفصيل تأتي بالحديث كاملًا، ويكفيك من هذا شمه، يكفيك ما يدل على  المقصود:

عنوا إذا أول شيء سئلا

 

...................................

يعني عنه محدث طرف الحديث:

...................................

 

عرفه وما عنوا تسهلا

عرفه، اكتفى بطرفه عن ذكر باقيه "وما عنوا به تسهلًا" في التحمل، ولا في الأداء، والمسألة السادسة أو الفرع السادس أو السابع على اعتبار مسألة الإجازة مع الفوت إن اعتبرناها مسألة مستقلة صار الفرع السابع، وإلا فهو السادس:

وإن يحدث من وراء ستر

 

عرفته بصوت أو ذي خبر

"صح" يعني المحدث الذي يحدث من وراء حجاب، يحدث مثلًا من خلال المذياع مثلًا، أو شريط، أو في مكان آخر، ويسمع صوته، ولا يرى شخصه يصح، إذا أمن من اللبس، يعني من تقليد الصوت، إذا جزمنا بأن هذا هو صوت فلان، والكلام يليق به؛ لأنه أحيانًا الصوت لا يميز من بعض المهرة في التقليد تسمع الكلام كأنه صوت المقلَّد من كل وجه، لكنه في الغالب أن المقلِّد هذا أنه يأتي بكلام لا يليق بالمقلَّد؛ لأنه ما جاء بهذا التقليد لنفع الناس، أبدًا ما يمكن أن يقلد شخص لينتفع الناس بكلام المقلَّد، سمعنا من يقلد العلماء، سمعنا من يقلد بعض المسؤولين، ويتقنون هذا التقليد لكنه لا شك أن مثل هذا الامتهان علامة خذلان لماذا؟ لأنه لا يريد به نفع الناس؛ لأنه يأتي بكلام يقلد فيه –مثلًا- الشيخ ابن باز؛ هل هذا المقلد يأتي بالكلام ليمشيه على الناس باعتبار انه من كلام ابن باز فيما ينفع الناس؟ أو يأتي بهذا من طريق التنكيت، والطرفة، وأحيانًا السخرية -نسأل الله السلامة والعافية-، هذه مهنة المقلدين من الممثلين، وغيرهم هذه مهنة المقلدين؛ ولذا يفتي أهل العلم بتحريم هذا التقليد، ومنعه منعًا كليًّا؛ لأن أكثر من يأتي به إنما يأتي به للاستهزاء، أو لإضحاك الناس، لا يأتي به بفائدة، فإذا كان الصوت هو صوت فلان الذي يليق به بما أن الكلام الذي يخرج يليق بفلان، يعني هذه قرينة على أنه بالفعل فلان؛ ولذا قال:

وإن يحدث من وراء ستر

 

...................................

إما وراء جدار، أو إزار، أو ما أشبه ذلك، من "عرفته بصوت" إما بصوت ثبت لك أنه صوته لعلمك بصوته، يعني مر عليك مرارًا، نعم "أو" إخبار "ذي خبرٍ" يعني معرفة به ممن تثق بعدالته، وضبطه، بأن يقول لك: هذا صوت فلان بحيث لا تردد في خبره "صح" السماع على المعتمد بخلاف الشهادة، الشهادة لا تصح من وراء ستر، ولا من وراء حجاب، إنما تكون مكافحة، مشافهة.

"وعن شعبة" ابن الحجاج، وهو من أهل التشديد، وعن شعبة بن حجاج قال: "لا تروِ عمن حدثك ممن لم تر وجهه"، لا تحدث، أو لا تروِ عمن حدثك ممن لم تر وجهه، فلعله شيطان قد تصور في صورته يقول: حدثنا، وأخبرنا، تصور في صورته يعني المقصود أنه تقمص شخصيته، والمراد بهذا الصوت، وإن كان الشيطان قد يتشكل بصورة إنسان، وشيخ الإسلام -رحمه لله- يقول: جاءني من ينسب إليَّ أقوال، يقول: أنا سمعتك بنفسي، ورأيتك تقول كذا، يعني في مسائل القبور، والاستعانة بأهلها، قال: أبدًا أنا ما قلت هذا، هذا شيطان تلبس بصورتي؛ لأنه لا يعقل أن شيخ الإسلام الذي يرد على المبتدعة، وعلى القبوريين أن يقول مثل هذا الكلام، فالشيطان لا شك أنه من الفتن التي تفتن بعض الناس؛ ولذا عباد القبور الذين أشربت قلوبهم حبها، وصرفوا لأهلها، ومن فيها ما هو من حق الرب -جل وعلا- يفتنون في هذا الباب، قد يسأل صاحب القبر، ويجاب من داخل القبر، شيطان، وهذا زيادة في الفتنة -نسأل الله السلامة والعافية-، يقول: "لا تروِ عمن حدثك ممن لم تر وجهه؛ فلعله شيطان، وقد تصور في صورته، يقول: حدثنا، وأخبرنا" ومعروف أنه أطلق الصورة، وأراد الصوت، لكن  الحق والمعتمد عند أهل العلم، والراجح أنه يعتمد، تعتمد، وتصح الرواية من وراء ستر "ولنا" يعني الحجة لنا، الحجة لنا في اعتماد الصوت حديث ابن عمر، رفعه: ((إن بلالًا يؤذن بليل، فكلوا، واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم))، بلال يؤذن بليل، فكلوا، واشربوا، يعني اعتمدوا على أذان ابن أم مكتوم، وهو لا يرى شخصه، ترى شخص المؤذن، ألا تعتمد قوله، ألا تصوم، تفطر بأذانه، وتمسك بأذانه، وتصلي بأذانه، وأنت لا ترى شخصه، هذا من أقوى الحجج على أن الرواية من وراء حجاب صحيحة: ((إن بلالًا يؤذن بليل))، "وحديث أمنا" عائشة أم المؤمنين حينما تحدث من يروي عنها من الصحابة، أو من التابعين، إنما تحدثهم من وراء حجاب، فإذا كانت أمور الدنيا إذا سألوا عنها: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ} [(53) سورة الأحزاب] من وراء حجاب، وكذلك التحديث، لا يجوز تحديث المرأة للرجال، أو الرجل للنساء بدون حجاب، وعائشة تحدث من يطلب منها التحديث، أو يسألها عن الحديث، وهي في بيتها من وراء حجاب، وهذا من أقوى الأدلة على اعتماد التحديث من وراء حجاب، وهذا يدل على أن الاختلاط لم يوجد لا في أول الزمان، ولا في آخره، وكل عمل يؤدي إلى محظور فهو محظور، وتجد بعض المفتونين يقول: إن الناس يطوفون جميعًا رجال ونساء، ويصلون مع الجماعة من دون حجاب، ومن دون ساتر، وحتى أن من أغرب الأدلة استدلالًا من استدل على جواز الاختلاط بآية المباهلة: {فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ} [(61) سورة آل عمران]، يعني نحن نجتمع في مكان واحد ونباهل، يعني الشيطان يلقنهم بعض الحجج، ولا شك أن هذا من اتباع المتشابه الذي هو صنيع أهل الزيغ، فأين هم عن النصوص المحكمة؟ أين هم عن مقاصد الشريعة التي جاءت بقطع دابر كل ما يوصل إلى الفساد؟ وحديث أُمّنا أم المؤمنين عائشة التي تحدث من وراء حجاب، وكذلك سائر النساء من الصحابيات، وغيرهن ممن جاء بعدهن ممن له عناية بالرواية، فقبلت هذه الرواية مع غيبة الشخص، مع سماع الصوت، وغيبت الشخص مع أمن التقليد، والتزوير، كما أنه يعتمد على الكتابة مع أمن تزوير الكتابة، كما سيأتي بالثامن الوجادة "ولا يضر سامعًا" هذا الفرع الثامن يقول:

ولا يضر سامعًا أن يمنعه

وكذالك التخصيص أو رجعت

 

الشيخ أن يروي ما قد سمعه

ما لم يقل أخطأت أو شككت

الفرع الثامن: لا يضر سامعًا أن يمنعه، لا يضر السامع من الشيخ أن يقول له الشيخ: لا تروِ عني، يعني سمع لفظًا أو عرضًا، روى عن الشيخ حضر مجلس التحديث وقال الشيخ: لا أنت يا فلان لا تروِ عني لا أجيز ولا أبيح لك أن تروي عني، يمتنع وإلا ما يمتنع؟ ما يمتنع؛ لأنه لا يملك

ولا يضر سامعًا أن يمنعه

 

الشيخُ..............................
ج

المسمع بعد الفراغ من السماع أو قبله لا يضره يروي عنه "أن يروي عنه ما قد سمعه" أن يروي ما قد سمعه، يروي عنه ما قد سمعه منه، حيث لا يذكر علة للمنع، بأن يقول: لا لعلة بينة، ولا لريبة في المسموع، يقول: لا ترويه عني، أو ما أذنت لك في روايته عني، أو نحو ذلك، أو أنت يا فلان من بين الطلاب لا تروِ عني، الشيخ لا يملك، العلم ليس بملك لهذا الشيخ، العلم مشاع فلا يملك منعه، قد يكون الشيخ ممن يأخذ الأجرة على التحديث، وهذا تقدم، يأخذ الأجرة على التحديث، فيأتي من يأتي يعني الطلاب يدفعون أجرة لهذا الشيخ ويحدثون، فيأتي شخص ما دفع أجرة يبغي يجلس، الشيخ متكلم ولا يضره، فيخرجه من المجلس، فيجلس خارج المنزل ويسمع ويقيد، فبعض من امتهن هذه المهنة التي هي أخذ الأجرة على التحديث يأمر بدق الهاون، الهاون معروف وإلا ما هو بمعروف؟ نعم؟ نحن نسميه النجر الذي يدق به القهوة وغيرها مما يراد طحنه، لماذا؟ من أجل الذي برع ما يسمع، يشوش عليه؛ لأنه ما دفع شيئًا، إذا لم يدفع أجرة، قصة النسائي -رحمه الله تعالى- مع الحارث بن مسكين، الحارث بن مسكين إمام في الرواية، في الثقة، في الضبط والعدالة، والنسائي شخص معروف أنه يهتم بمظهره يلبس الجديد من كل شيء، ومن رآه طمع فيه، إذا كان يأخذ أجرة عادية على الناس زاد عليه، والنسائي لا يريد أن يدفع أجره؛ لأن هذه عبادة ما يدفع عليها أجرة في الأصل، العلم من العبادات المحضة، الأصل فيها أنه لا يأخذ عليها أجرة، فمنعه الحارث بن مسكين من السماع، فصار يجلس وراء سارية ويستمع، فلما روى عن الحارث بن مسكين ماذا يقول؟ هل يقول: حدثنا الحارث بن مسكين وقد منعه؟ هل يقول: أخبرنا الحارث بن مسكين؟ لا، نعم؟

طالب:.......

لا ما يقول: سمعت، بدون صيغة، يقول: الحارث بن مسكين فيما قرئ عليه وأنا أسمع، وهذا نهاية في الورع والدقة، لا يقول: حدثنا، ولا أخبرنا، ولا شيء، يقول: الحارث بن مسكين فيما قرئ عليه وأنا أسمع، بدون صيغة، لكن الذين طبعوا سنن النسائي يثبتون أخبرنا على الجادة؛ لأن قبله أخبرنا، والذي بعده أخبرنا، لكن المعروف في الأداء عن الحارث بن مسكين أنه يقول: الحارث بن مسكين فيما قرئ عليه وأنا أسمع، ومع ذلك لا يضره منعه من قبل الحارث بن مسكين، فالنسائي -رحمه الله- لورعه لم يثبت صيغة، ولإمامة الحارث بن مسكين وثقته وضبطه لم يهدر ولم يترك ما سمعه منه.

ولا يضر سامعًا أن يمنعه
ج

 

الشيخ أن يروي ما قد سمعه
ج

يعني منه، و"كذلك التخصيص" لا يضر التخصيص يعني يقول: خلاص لا يروي عني إلا فلان، لماذا؟ لأنه دفع الأجرة، والبقية ما دفعوا، فكل من دفع أجرة قال: اروِ عني، ما يملك، و"كذلك التخصيص" يعني لا يضر من الشيخ لواحد أو لمجموعة بالسماع، "أو رجعت" يعني أو قول الشيخ: رجعت، ترى ما حدثتكم، ترى ما صار شيئًا، كل الأحاديث التي سمعتموها مني لا تروونها، رجعت عنها، "ما لم يقل أخطأت أو شككت" نعم المؤثر في هذا أن يقول: أخطأت في الرواية، إذا قال: أخطأت ما يروى عنه؛ لأنه يخلو إما أن يكون صادقًا في قوله أو كاذبًا، فإن كان صادقًا فلا تجوز رواية الخطأ، وإن كان كاذبًا سقطت روايته خلاص، سقطت عدالته؛ لأنه كذب، "ما لم يقل" يعني مع ذلك مع المنع: أخطأت فيما حدثت به، أو شككت في سماعه، أو نحو ذلك، والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"