تحديد أيام معينة لختم القرآن الكريم

السؤال
أشكل عليَّ قول العلماء بأنَّ تحديد وقتٍ أو عددٍ للعبادة بدعة، وفي المقابل أجد أهل السير والتاريخ ينقلون عن بعض العلماء أنهم كانوا يختمون في كل ثلاثة أيام أو سبعة، فهل يُعتبر هذا تحديدًا؟ والذي يختم في كل سبعة تجده يختم كل يوم خميس وهو صائم، أو كل يوم جمعة في ساعة الإجابة، فما توجيهكم؟ وما هو الضابط في ذلك؟
الجواب

التحديد للعبادات الذي لم يَرد به شرع لا شك أنه يُدخل المتعبِّد في حيِّز الابتداع، لكن -كما ذَكر السائل- يُذكر في تراجم أهل العلم أنهم يختمون في وقت محدد، ويضعون حدًّا يوميًّا لقراءة القرآن وحزبًا لا ينقصون عنه وقد لا يتجاوزونه، وهذا له أصل، كونه يختم في سبعة أيام النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لعبد الله بن عمرو –رضي الله عنهما- في قراءة القرآن: «اقرأه في سبعٍ ولا تزد على ذلك» [البخاري: 5054]، وجاء في الحديث: «لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث» [أبو داود: 1394]، مما يدل على أن من يقرأ القرآن في ثلاث يفقه، وإضافة إلى ذلك جاء عن بعض السلف من يختم في كل يوم، وحمله بعضهم على استغلال المواسم كرمضان مثلًا، جاء عن عثمان –رضي الله عنه- وغيره أنهم يقرؤون القرآن في كل ليلة، ولا مانع من ذلك؛ استغلالًا لهذه المواسم، وأما «لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث» فإنه محمول على من هو مشغول بأعمال أخرى، وأما السبع فقد جاء الأمر بها «اقرأه في سبعٍ ولا تزد على ذلك»، ولعل النبي -عليه الصلاة والسلام- لما رأى حرص عبد الله بن عمرو –رضي الله عنهما- واندفاعه وتحمسه لقراءة القرآن في كل يوم نهاه عن الزيادة؛ خشية أن يضيِّق على نفسه ويندم بعد ذلك أو يفرِّط في بعض ما أوجب الله عليه وما هو أهم من ذلك من الواجبات، على كل حال الأمر في هذا فيه سعة، وكل حرف بعشر حسنات، والله أكثر، فإذا أكثر الإنسان من التعبد لله -جل وعلا- فالله أكثر.

يقول السائل: (والذي يختم في كل سبعة تجده يختم كل يوم خميس وهو صائم، أو كل يوم جمعة)، تحديد الحزب اليومي على طريقة السلف -الصحابة ومن دونهم- بالأسباع هو محدَّد لمن يقرأ القرآن في سبع، كما في (سنن أبي داود): ثلاث، ثم خمس، ثم سبع، ثم تسع، ثم إحدى عشرة، ثم ثلاث عشرة، ثم حزب المفصَّل [1393]، وتفصيلها سهل، يعني من القرآن، ومقتضى هذا التحديد (القراءة في سبع): أن يختم في يوم محدد من الأسبوع؛ لأن الأسبوع سبعة أيام، فإذا ختم يوم الجمعة مثلًا أو الخميس وشَرَعَ من الغد فإنه لا محالة -إذا قرأ القرآن في سبع- سيختم في نفس الوقت، وليس التحديد من تلقاء نفسه إنما هو اعتماد لما قرره السلف، وهو من لازم فعلهم، فمن لازم فعلهم أن يكون الختم محددًا؛ لأن الأسباع موافقة لعدد أيام الأسبوع، فلا شيء في ذلك -إن شاء الله تعالى-، وتحري أوقات الإجابة والأوقات الفاضلة لا يوجد ما يمنع منه أبدًا، ومع ذلك إن أخل بالتحديد أحيانًا فهو أحسن.