دع ما يريبك إلى ما لا يريبك

... جاءك من غير طلب واستشراف لكنه كالشرط الذكري كأنهم قالوا لك هذا المسيّر فإن كنت عملت خارج دوام أو خرجت من بلدك من أجل العمل ولمصلحة العمل فتستحق هذا المقابل وإلا فلا هذا كالشرط الذكري يعني في مقابل عمل وأنت لم تعمل فلا يجوز الإقدام على مثل هذا حسان بن أبي سنان حينما قال ما رأيت شيئًا أهون من الورع هو يتحدث عن مقامه هو يتحدث عن مقامه وقد ربى نفسه على هذا الأمر لكن ظرف كثير من الناس اليوم وقبل اليوم من انهمك في المباحات فضلاً عن المكروهات والمحرمات هل يستطيع أن يقول مثل هذا الكلام؟ لا بد أن يجاهد قد يقول قائل الورع قدر زائد على الحكم الشرعي الحكم الشرعي إما حلال وإما حرام فهل الورع والأمر بترك ما يشك فيه من قبيل الإلزام هذه المسألة تحتاج إلى بسط وأمثلة لعلنا نأتي عليها في ثنايا الكلام على الحديث الحديث فيه «دع» أولاً الحديث بطوله الحسن رضي الله عنه أخذ من تمر الصدقة أخذ من تمر الصدقة يعني شيء أمر مؤكد ومحقق فهل هذا مما يشك فيه لبينما النبي عليه الصلاة والسلام وجد تمرة فخشي أن تكون من تمر الصدقة فخشي أن تكون من تمر الصدقة هنا الورع هنا «دع ما يريبك» هنا دع ما تشك فيه لكن في قصة الحسن أخذ من تمر الصدقة فهل هذا مما يشك فيه؟ أو نقول أن تسميته ورع أولاً لحقارة هذا المأخوذ تمرة لا تضر وتعارف الناس على التسامح فيها الأمر الثاني أن الحسن صبي غير مكلف والنبي عليه الصلاة والسلام من ورعه أخرجها من فمه وهي وهي تمرة وإن كانت الصدقة لا تحل لآل محمد لكن هذه التمرة مما تعارف الناس على التسامح فيها وهو أيضًا صبي غير مكلف يعني لو واحد من الناس نفترض أنه ممن لا تحل له الزكاة فمر على تمر صدقة أخذ واحدة وأكلها رجل غني شيء يسير ما يضر بالفقراء وقد تسومح في مثل هذا فيما هو من الأموال الخاصة إذا دخلت بستان مثلاً لشخص لا تعرفه مررت بطريقك ببستان فتناول تمرة وأكلتها عليك ضير في هذا؟ لا ضير عليك ما لم تتخذ خبنة تحمل معك شيء فمن هنا جاء الورع وإلا فالمسألة ليست مسألة مشكوك فيها من حيث أنها بالفعل من تمر الصدقة إنما الورع في فعله عليه الصلاة والسلام حينما شك فيها فتركها «دع» معنى دع اترك واستعمل من هذه المادة الأمر كما هنا «دع» والمضارع مستعمل «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في صيامه» المضارع أيضًا مستعمل المصدر «لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم» الودع يعني الترك أيضًا المصدر مستعمل عندنا الأمر والمضارع والمصدر ماذا عن الماضي؟ يمكن أن يقال ودعه بمعنى تركه ودعه بمعنى تركه يقول أهل العلم أن الماضي قد أميت قد أميت ماضيه وقرئ في الشواذ ما ودَعك ربك ما ودَعك ربك يعني ما تركك لكن القراءة شاذة «ما يريبك» «دع» اترك «ما يريبك» ما هذه موصولة بمعنى الذي الذي يريبك ويريبك مضارع من الريب بفتح أوله ويجوز الضم إذا فتحناه فهو من الثلاثي راب يريب يجوز الضم على أساس أنه من الرباعي أراب يريب فالفتح هو الأصل ويجوز الضم يقال رابه يريبه بالفتح وأرابه يريبه بالضم من الريب وهو الشك أو قريب منه من الشك أو قريب منه قالوا وفيه زيادة كأنه ظن سوء تقول رابني أمر فلان رابني أمر فلان يعني إذا قصد فلان أمر خير خرج زيد من الناس في طريق يغلب على ظنك أو تشك هل هل ذهب إلى درس أو إلى أمر مباح؟ تقول رابني من فلان ذهابه إلى الدرس بمعنى شككت في أمره؟ لا، الريب هذا إنما هو في الشك في ظن السوء رابني أمره إذا شككت في كونه يريد أن يفعل شيئًا من أمر السوء شيئًا سيئًا أما إذا أراد أو شككت في كونه يفعل فعلاً حميدًا لا تقول رابني أمره وإن كان الأصل أن الريب هو الشك كتاب لا ريب فيه يعني لا شك فيه «دع ما يريبك» يعني ما تشك فيه لكن الأصل في استعمال هذه هذه الكلمة في أمر السوء لا في أمر الخير تقول رابني أمر فلان إذا ظننت به سوءًا فإن قيل قد يستعمل الريب في قولهم ريب الدهر وريب الزمان أي حوادثه كما قال تعالى: ﯿ الطور: ٣٠  ويستعمل ويُستعمل أيضًا في معنى ما يختلج في القلب من أسباب الغيض يقول الشاعر:

قضينا من تهامة كل ريب

 

وخيبر ثم أجمعنا السيوفَ    .

وهذان في الحقيقة يرجعان إلى معنى الشك لأن ما يخاف من ريب المنون ما يخاف من ريب المنون أمر محتمل يعني ليس بالأمر المؤكد فهو كالمشكوك فيه وكذلك ما يختلج بالقلب غير المتيقن وهذه حقيقة الشك حقيقة الشك استواء الأمرين استواء الاحتمالين استواء الاحتمالين يعني أن الأمر إذا احتمل إذا احتُمل نقيضه على حدٍّ سواء يفعله أو لا يفعل؟ على حد سواء هذا شك لكن إذا ترجح الفعل عرفنا أن الفعل ظن والترك وهم فالاحتمال الراجح هو الظن والمرجوح هو الوهم والمساوي هو الشك فهو الاحتمال المساوي بخلاف ما لا احتمال فيه ألبتة مما لا يحتمل النقيض هو العلم واليقين «دع ما يريبك» يعني ما تشك فيه وعرفنا أن الشك الاحتمال المساوي وجدت شيئًا في بيتك ولا تجزم بأنه لك دخلت المجلس فوجدت على الكنب قلم ما تدري هو لك والا لا؟ إن كان على حد سواء فهذا المأمور بتركه إذا كان يغلب على ظنك أنه لك لأنه عندك قلم مثل هذا قلم مثله لكن ما تذكر أنك دخلت المجلس وكتبت ونسيت القلم فالذي يغلب على الظن أنه لك فهل نقول الورع ترك مثل هذا القلم؟ مع أن الاحتمال الثاني مرجوح عندنا في الاحتمال المساوي الذي هو شك «دع ما يريبك» يعني ما تشك فيه على حد سواء خمسين بالمائة أن هذا القلم لك وخمسين بالمائة أنه ما هو بلك تترك هنا يأتي تطبيق الحديث «دع ما يريبك» لكن إذا غلب على ظنك أن القلم لك فهل نقول اترك هذا القلم لأن فيه احتمال عشرة بالمائة عشرين بالمائة أنه ما هو بلك؟ الأحكام الشرعية عند أهل العلم معلقة بغلبة الظن فمادام يغلب على ظنك أنه لك وفي بيتك فقد يتورع عن مثل هذا من ارتفع شأنه لكن من حيث الحكم الشرعي لا يؤمر الإنسان بتركه وهنا مسألة عند أهل العلم يسمونها تعارض الأصل مع الظاهر تعارض الأصل مع الظاهر وجدت كتاب مكتوب فلان ابن فلان ابن فلان من زملائك وأصدقائك وجدته بين كتبك في مكتبتك هذا الكتاب تدخل المكتبة من عشر سنين وأنت تشوفه بين كتبك أو عشرين سنة لكن احتجت لمراجعته فوجدت اسم زميلك عليه هذا الكتاب لك والا لزميلك الأصل أنه لك مادام في بيتك وبين كتبك والظاهر أنه لزميلك مادام مكتوب عليه اسمه تترك والا ما تترك؟ ولا تدري زميلك ما تعرف هل هو كان في وقت مضى يبيع من كتبه وأنت اشتريت هذا الكتاب منه؟ احتمال أن يكون أهداه لك احتمال قائم لكن يبقى أن الورع أن تعرض هذا الكتاب على صاحبك وتقول هذا كتاب وجدته بين كتبي وعليه اسمك فهل هو لي والا لك؟ الأصل أنه مادام في بيتك وبين كتبك أنه لك لكن مادام عليه اسم زميلك الظاهر أنه له وهنا تعارض الأصل مع الظاهر لكن إذا حصلت خصومة ومشادة يعني إذا تورع الطرفان شيء لكن إذا تشاح الأخوان وقال هذا مادام الكتاب عليه اسمي فهو لي وهذا قال مادام بين كتبي فهو لي عند المشاحة لا بد من مرجح لا بد من مرجح وهنا القصة المعروفة المأثورة وهي أن شخص باع على آخر قطعة أرض باع على آخر قطعة أرض فالمشتري عمل في الأرض حرثها فوجد فيها كنز فقال الكنزل ليس لي ذهب إلى صاحب الأرض الذي اشتراها منه قال الأرض وجدت فيها كنز وهو ليس لي وأنا مشتري الأرض ما اشتريت كنز فقال البائع هو لك أنا ما لي شيء ما هو بلي هذا الكنز فحصلت الخصومة كيف تحل مثل هذه المشكلة؟ الآن الخصومة فيما ترون في الترك في زماننا الخصومة في الأخذ هذا يذهب ليخاصم صاحبه من أجل أن يترك هذا الكنز وصاحبه يخاصمه من أجل أن يترك هذا الكنز فليس هناك مرجح ليس هناك مرجح فماذا كان الحل الحل أن يقال هل لك بنت؟ وأنت هل لك ولد؟ إذا قال نعم يزوج الولد من البنت ويجهزان من هذا المال وهذا الحل لكن لو نظرنا إلى واقعنا حتى من ينتسب إلى الخير والفضل نجد مثل هذه التصرفات إلا القليل النادر القليل النادر لا نبالغ مثل ما بالغ بعضهم ونقول إنه لا يوجد على وجه الأرض شيء حلال إلا الكلأ في البراري والماء من المطر هذا الكلام ما هو بصحيح غلو ومبالغة واعتداء لكن لا نتتابع على الإقدام على مثل هذه الأمور ونستمرئ الشبهات حتى نقع في المحرمات «إلى ما لا يريبك» أي اترك ما تشك فيه إلى الأمر الذي لا تشك فيه وهذا الحديث فيه الأمر بترك ما يرتاب فيه الأمر المرء ما يرتاب فيه المرء ولا تطمئن إليه نفسه بحيث يحدِث قلقًا واضطرابًا في النفس وأن يصير إلى ما يرتاح إليه قلبه وتطمئن إليه نفسه المرء في بداية دخوله في أمور الدنيا إلا من عصم الله في البداية يجد مثل هذا القلق إذا دخل عليه المال سأل عنه إيش هذا المال؟ إذا عمل عمل بأجرة قلق هل أنا أديت العمل على الوجه المطلوب أو حصل فيه خلل وماذا عن مقابل هذا الخلل من الأجرة يوجد قلق في بداية الأمر فإن استمر على تحريه واحتياطه حمله هذا الاستمرار على الورع وإن تسامح في المرة الأولى وقال الله غفور رحيم وهذا مال وفي مقابل عمل وهذا المال من بيت المال وتسامح وتساهل خلاص يجرؤ على المكروهات ثم بعد ذلك يقدم على المحرمات كالراعي يرعى حول الحمى لو عاملت بعض من يتولى المقاولات مثلاً تجد هذا الشخص من خيار الناس في بداية الأمر ثم ما يلبث خمس سنوات عشر سنوات إلا وصاير من أهل الحيل الذين يحتالون على المحرمات كيف؟ يأخذ هذه العمارة مقاولا من زيد من الناس يشرف عليها فيعطيه صاحب العمارة مبلغ من المال ليشتري مواد يشتري مواد طيب اشترى المواد ثم جاءه آخر وأعطاه عمارة ثانية ثم أعطاه مبلغ من المال ليشتري به مواد هذا المبلغ الذي أعطاه ليشتري به هذه المواد هذه العمارة لا تحتاج في الوقت الحاضر هذه أحوج فيقترض من هذا لهذا يقترض من أموال هذا لهذا ثم يضطر إلى المواد التي تطلبها العمارة الثانية ثم يقترض من هذا لهذا ثم تأتي عمارة ثالثة ثم هو يحتاج أيضًا ظروفه المادية وضغوط الحياة كما يقولون فيقترض من مال الثالث ثم بعد ذلك يتأول ليرده كذا وتتراكم عليه الأموال ويقيد هذا وينسى هذا وما أدري إيش ثم تتراكم هذه التصرفات عليه فلا يلبث أن يكون من المحتالين على أكل الحرام ولما يدخل في البداية عنده شيء من التحري ولذلك يستغرب أن بعض الناس الطيبين أن يوجد بينهم خصومات ومشاحنات ورايحين جايين على المحاكم وإحضار شهود وأحيانًا الشهود ليسوا على المستوى المطلوب سببه مثل هذه التصرفات لكن لو أن الإنسان تحرى ولا يقدم على عمل إلا ومعه عليه بينة ويترك ما يساوره فيه أدنى شك أنه يعان على الورع لا شك أن مثل هذا سوف يعان على الورع روى الإمام مسلم رحمه الله تعالى من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «البر حسن الخلق والإثم ما حاك في النفس وكرهت أن يطلع عليه الناس» يعني البر حسن الخلق والإثم ما حاك في النفس وجدت نفسك تتردد في هذا العمل اتركه لا سيما قبل الانهماك في المباحات والمكروهات لأن من ينهمك في المباحات ثم يتجاوزها إلى المكروهات قد لا يجد مثل هذا التردد ولا يحيك في نفسه مثل هذا الأمر إن ترك المحرمات بها ونعمت وإلا سوف يجره انهماكه في المباحات والمكروهات إلى ارتكاب المحرمات كما في حديث النعمان «كالراعي يرعى حول الحمى» «الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه كالراعي يرعى حول الحمى» نعم وذكْر القلب في حديث النعمان يدلنا على أثر المأكل والمشرب على صلاح القلب وفساده والله المستعان وعن وابصة بن معبد رضي الله عنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: «جئت تسأل عن البر والإثم؟» معجزة من أعلام النبوة «جئت تسأل عن البر والإثم؟» قلت: نعم، قال: «استفت قلبك» استفت قلبك لكن أي قلب يمكن أن يستفتى؟ أي قلب يمكن أن يستفتى؟ القلب السليم من الشهوات والشبهات، نعم مثل هذا القلب السليم من الشهوات والشبهات يستفتى «استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمئن إليه القلب والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك» رواه أحمد والدارمي بإسناد لا بأس به «وإن أفتاك الناس وأفتوك» عملت عملاً توقعت أن فيه جزاء أو كفارة ثم ذهبت تسأل فبان لك بقرائن أن هذا الشخص الذي استفتيته من من المتساهلين في الفتوى فقال لا شيء عليك مازالت النفس يتردد فيها هذا الأمر لكن لو سألت شخص من من أهل التحري وأنت من العوام فرضك التقليد وتبرأ ذمتك بتقليد أهل العلم إذا استفتيت من تبرأ الذمة بتقليده يكفي لكن كونك تذهب إلى هذا المتساهل ثم يفتيك أنه لا شيء عليك لا بد أن يبقى في نفسك ما يبقى فضلاً عن كونك تسأل أهل التحري والتثبت فيلزمونك بالكفارة ثم تذهب إلى المتساهلين لكي يعفوك منها والله المستعان وكثير من الناس يسأل أكثر من عالم نعم بعض الناس ليطمئن قلبه استفتى فقيل له ما عليك شيء فما ارتاح ذهب ليطمئن يسأل ثاني وثالث عشان يطمئن لكن إذا قيل له عليك كفارة ثم ذهب ليسأل لعله عله أن يجد من أهل التسامح والتساهل من يعفيه من هذه الكفارة هذا هو الإثم هذا هو الإثم حتى لو قيل له فعلت كذا وسألت الشيخ الفلاني فقال عليك كفارة فقيل لك إن في مذهب أبي حنيفة أو الشافعي ما عليك كفارة فتقول أبو حنيفة إمام من أئمة المسلمين تبرأ الذمة بتقليده ثم في مسألة أخرى تلزم بشيء تلزم بقضاء ثم يقال لك مالك ما يلزمك بالقضاء تقول مالك إمام من أئمة المسلمين ثم في مسألة ثالثة تسأل فيقال عليك كذا ثم يقال لك مذهب الشافعي ما عليك شيء تقول الشافعي إمام من أئمة المسلمين تبرأ الذمة بتقليده هذا تتبع الرخص الذي قال أهل العلم فيه من تتبع الرخص فقد تزندق كيف يتزندق مسلم يقتدي بأئمة من أئمة المسلمين؟ نقول نعم يخرج من الدين بالكلية وهو لا يشعر لأن هذه المذاهب فيها الملزم وفيها المعفي لكن في المسألة الأخرى العكس هذا الذي أعفاك يلزمك نعم والذي ألزمك هنا يعفيك هناك لكن كونك تبحث عن الذي يعفيك في جميع المسائل معناه أنك تخرج من الدين بالكلية تبحث عما يعفيك في جميع مسائل الدين إذًا ما ما تدينت بدين ولم تتبع ما جاء عن الله وعن رسوله ولم يكن هواك تبعًا لما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام إنما إنما الذي يسوقك ويشرع لك هواك هذا وجه قولهم من تتبع الرخص فقد تزندق وأنتم تسمعون مما يطرح الآن وبقوة على الساحة من التساهل في الفتوى والتيسير فقه التيسير على الناس من هذا الباب تجده يقول لماذا نقول بقول الجمهور؟ مثلاً يلزمون الناس بالبقاء والمكث في منى إلى أن تزول الشمس ثم الحمد لله قال أبو حنيفة يجوز الرمي يوم النفر الأول والرسول عليه الصلاة والسلام ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما نقول نعم الرسول ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما «والدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه» «اكلفوا من العمل ما تطيقون» لا شك أن الدين يسر لكن أيضًا هو دين تكاليف فيه الحلال وفيه الحرام فيه الإلزام أيضًا والجنة حفت بالمكاره ما خيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما هذا قبل استقرار الحكم أما إذا استقر الحكم فليس للمسلم أن يختار إنما يجب عليه أن يعمل بالقول الراجح فإن كان ممن يستطيع الوصول إلى القول الراجح بدليله بنفسه تعيّن عليه وإلا فعليه أن يسأل ويختار أهل العلم مع الدين والورع لا بد من توافر ثلاثة أمور.

وليس في فتواه مفتٍ متبع

 

ما لم يضف للعلم والدين الورع

ما لم يضف للعم والدين الورع فإذا أفتاك هذا من الذي تبرأ ذمتك بتقليده الحمد لله ما أحد بيقول لك الزم نفسك بأشد الأقوال في كل مسألة لا المسألة راجح والمرجوح فعليك أن تعمل بالراجح سواء ألزمك أو أعفاك وعلى كل مسلم أن يعمل بالقول الراجح سواء كان ممن من أهل النظر في المسائل العلمية بحيث يصل إلى القول الراجح بنفسه هذا يتعين عليه أو كان ممن فرضه التقليد عليه أن يسأل أهل العلم الموثوقين أهل العلم والتحري والتثبت والورع لا يبحث عن الرخص وعن المتساهلين لا، كون الدين يسر نعم يسر الحمد لله الدين يسر ما ألزمنا بخمسين صلاة في اليوم والليلة يسر ألزمنا بخمس صلوات لكن تستطيع أن تقول أن الدين يسر أنا ماني مصلي إلا أربع صلوت هل يمكن أن يقال مثل هذا؟ الدين يسر أبصلي فرض وأترك فرض والدين يسر ولله الحمد لا يا أخي هل يمكن أن يقال الدين يسر بدل ما تصلي أربع ركعات في الظهر تصلي ثلاث نقول لا يا أخي فبعض الناس يسمع بهذه بوصف الشريعة باليسر هي يسر بلا شك لكن إذا قارنا هذه الشريعة بغيرها من الشرائع يتبين لنا يسر هذه الشريعة «بعثت بالحنيفية السمحة» نعم «خمس صلوات كتبهن الله في اليوم والليلة هن خمس وهن خمسون لا يبدل القول لدي» نعم في العمل خمس وفي الأجر خمسين خمسون صلاة لكن هل يجوز أن يترخص الإنسان في ترك شيء من الخمس بناء على أن الدين يسر؟ أبدًا هل للإنسان مندوحة ألا يصوم شهر رمضان لأن الصيام فيه مشقة؟ نعم فيه مشقة التكاليف كلها فيها مشقة لأنها على خلاف ما تهواه النفوس «والجنة حفت بالمكاره» أقول هذا الحديث حديث الحسن بن علي شبيه بحديث النعمان بن بشير «فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام» قال الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم: ومعنى هذا الحديث يرجع إلى الوقوف عند الشبهات واتقائها فإن الحلال المحض لا يحصل للمؤمن في قلبه منه ريب الحلال المحض لا يحصل للمؤمن منه بقلبه ريب والريب بمعنى القلق والاضطراب بل تسكن إليه النفس ويطمئن به القلب وأما المشتبهات فيحصل بها للقلوب القلق والاضطراب الموجب للشك بعض الناس ما يأكل الخبز طيب ليش ما تأكل الخبز يقول احتمال أن الحيوانات التي داست الحب هذا موجود في القديم بالت عليه طيب هذا احتمال لكن هل هل له نصيب من الواقع؟ افترض أنها بالت عليه والحيوانات مأكولة اللحم قال أيضًا احتمال أن يكون بول مأكول اللحم نجس عند بعض أهل العلم فلا يأكل الخبز من أجل هذا الشك ومثل هذه الوساوس لا تدخل في هذا النصوص لا تدخل في هذه النصوص ولذا ترجم الإمام البخاري رحمه الله تعالى باب من لم ير الوساوس ونحوها من الشبهات باب من لم ير الوساوس ونحوها من الشبهات وذكر فيه حديث عبد الله بن زيد المازني وفيه الرجل يجد في صلاته شيئًا أيقطع الصلاة؟ قال: «لا، حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا» لماذا؟ لأن القاعدة عند أهل العلم أن الشك لا يزيل اليقين فمثل هذه الشكوك وهذه الأوهام وهذه الظنون لا ترفع اليقين يقول الحافظ ابن رجب وهاهنا أمر ينبغي التفطن له وهو أن التدقيق في التوقف عن الشبهات إنما يصلح لمن استقامت أحواله كلها وتشابهت أعماله في التقوى والورع فأما من يقع في انتهاك المحرمات الظاهرة ثم يريد أن يتورع عن شيء من دقائق الشبه فإنه لا يحتمل له ذلك بل ينكر عليه.

الأذان.

 

يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: وها هنا أمر ينبغي التفطن له وهو أن التدقيق في التوقف عن الشبهات أن ما يصلح لمن استقامت أحواله كلها وتشابهت أعماله في التقوى والورع فأما من يقع في في انتهاك المحرمات الظاهرة ثم يريد أن يتورع عن شيء من دقائق الشبه فإنه لا يحتمل له ذلك بل ينكر عليه لماذا ينكر عليه؟ لأن الذي يغلب على الظن أنه ليس بصادق في ورعه ليس بصادق في ورعه؛ لأن مثل هذا لا يعان على مثل هذه الدقائق على اجتناب مثل هذه الدقائق بل ينكر عليه ولذا قال ابن عمر لمن سأله عن دم البعوض من أهل العراق: يسألوني البعوض وقد قتلوا الحسين وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «هما ريحانتاي من الدنيا هما ريحانتاي من الدنيا» لو وجد شخص تأمره أمه أن يذهب بها إلى حوائجها تقول نريد أن نزور أختي وهي خالته يقول أنا مشغول والله ما عندي فراغ هذا اليوم من الغد تقول له نريد أن نذهب إلى السوق حاجة يقول والله أنا ما ني فاضي وهكذا هذا ديدنه ثم يأتي في يوم من الأيام تقول له أمه نريد أن نذهب إلى هذا المشوار ثم يقول والله أنا ما عندي استعداد أذهب وأروح لهذا المشوار وأنتي معاك شغالة ومعاك هذا ورع ذا؟ يذكرنا بورع بعض الفجار الذي يقول يجب على الزاني أن يغض بصره عن المزني بها هذا ورع ذا؟! هل هذا ورع؟! هذا استهتار نعم غض البصر واجب وجاء الأمر به ﭿ النور: ٣٠  لكن من أجل من أجل أي شيء تأمر بغض البصر يعني إذا أنت وقعت في الغاية فالوسائل إنما منعت من أجل ألا تحصل هذه الغاية لو يأتي شخص يترك الصلاة أحيانًا ويفرط في الصيام وحالق للحيته ومسبل لثوبه ومعفي شعره شعره يضرب على منكبيه تقول له الشعر يقول لا الرسول عليه الصلاة والسلام له شعر هل مثل هذا يقبل من مثل هذا الشخص؟ لا يقبل وإن كان في ظاهره حق الرسول معفي لشعره لكن المجزوم به أن هذا ليس بصادق في دعواه لأنه كيف يفرط في واجبات ويعمل مثل هذه الأعمال التي هي أمور ميسورة؟ إذا وجد أمر مباح ومحظور وجد شاة مذكّاة وبجوارها ميتة لكن لا يدري أيهما المذكاة أو وجد ماء طهور للوضوء وبجواره ماء متنجس ولم يستطع التمييز بينهما ويقول أهل العلم لو اشتبهت أخته بأجنبية هذه مسائل لا بد من ترك الأمرين لا بد من تركهما وجدت ميتة مع مذكاة ولم تستطع التمييز إذًا يجب عليك أن تجتنب الأمرين أختك مع أجنبية المؤكد أنها أختك لكن ولدت في بلد بعيد أبوك تزوج في مكان في الهند أو في السند أو في أقاصي الدنيا وتعرف أنها أختك هذه نعم إحداهما أختك لكن ما تميز بينهما وأنت تريد زوجة نقول يجب عليك أن تجتنب الثنتين مادام ما تميز بينهما لكن هناك أمر يبعد يعني أبوك تعرف أنه ذهب من قبل سنين عشرين سنة مثلاً وتزوج من الهند ويقال إنه جاءه ولد له بنت ثم ذهبت للتزوج من من الهند سبعمائة مليون أو ثمانمائة مليون ولا تدري أين أختك هل نقول يحرم عليك الزواج من الهند لأن فيه أخت لك يمكن أن تقع عليها؟ إذا تردد الأمر بين ثنتين الاحتمال وارد وقوي لكن واحدة من سبعمائة مليون مثلاً هل يؤمر بالكف من الزواج من أهل تلك الجهة كلها؟ احتمال أضعف من الضعيف وهو مضطر إلى الزواج من هذه الجهة نقول عليك أن تتحرى والباقي لا يلزمك أن تترك، حديث النعمان بن بشير وله صلة وثيقة بحديث الباب له تعلق بالنكاح شككت في وقوع الطلاق مثلاً شككت في صحة عقد النكاح تزوجت وبعد عشرين سنة طرأ على خاطرك أن الشخص الذي عقد لك احتمال أنه ما هو بيصلي ذاك الوقت عقد لك أبوها أو أخوها واحتمال أنه يفرط بالصلاة حينئذٍ لا تصح ولايته هذا مجرد شك ومثل هذا الشك لا يُرفع به اليقين أيضًا شككت هل طلقت هل لفظت بالطلاق أو ما لفظت؟ نقول الأصل بقاء النكاح أيضًا يدخل في الذبائح والأطعمة والأشربة وغير ذلك مما لا يخفى الرضاع تجزم بأن هذه البنت رضعت من أمك لكن ما تدري هل رضعت مرة أو مرتين أو ثلاث أو خمس نقول عليك أن تحتاط فلا تتزوج هذه البنت ولا يجوز لها أن تكشف لك فالاحتياط من الجهتين احتمال أن يكون الرضاع ثابت محرِّم فلا تتزوج واحتمال أن يكون هذا الرضاع غير ثابت ولا محرم وحينئذٍ لا تكشف في قصة تنازع سعد بن أبي وقاص مع عبد بن زمعة في ابن الوليدة وليدة زمعة يزعم سعد أنه لأخيه عتبة وفيه شبه بيّن بعتبة وزمعة له أمة ولدت هذا الولد وشبهوه بعتبة لكن مقتضى الحكم الشرعي الآن الوطء صحيح والا ما هو بصحيح؟ ليس بصحيح، الوطء ليس بعقد صحيح يعني جاءت هذه المرأة هذه الأمة بهذا الولد من سفاح وهذا وهذه الأمة لزمعة والد سودة أم المؤمنين هذه الأمة وهذا الولد فيه شبه بيّن بعتبة بن أبي وقاص سعد بن أبي وقاص يقول هذا ابن أخي وعبد بن زمعة يقول هذا ابن وليدة أبي فالحكم الشرعي الولد للفراش «الولد للفراش وللعاهر الحجر» فقال النبي عليه الصلاة والسلام هو لك يا عبد بن زمعة لأنه ولد على فراش أبيك لك وإن كان شبهه بين بعتبة «واحتجبي منه يا سودة واحتجبي منه يا سودة» لماذا؟ الآن هو لزمعة حكمًا حكمًا لأنه ولد على فراشه فهو له لكن لوجود الشبه ووجود هذا الشك قال احتجبي يا سودة لأن مقتضى الحكم بأنه لزمعة أنه يكون أخ لسودة أم المؤمنين لكن لوجود مثل هذا الشك احتجبي عنه يا سودة فالاحتياط من الجهتين الاحتياط من الجهتين، إذا اصطاد الإنسان طائر فوقع في ماء واستخرج من هذا الماء ميّت يؤكل والا ما يؤكل.. لماذا؟ لاحتمال أن يكون مات بسبب الرمي واحتمال أن يكون موته غرقًا ومادام وجد هذا الاشتباه يترك وترجمة الإمام البخاري باب من لم ير الوساوس ونحوها من الشبهات وفائدة الشك لا يزيل اليقين فائدة لها أو قاعدة لها فروع كثيرة من ذلك الرجل يسمع شيء لا يجد له ريحًا ولا يسمع له صوتًا إنما هو من الشيطان كما جاء في الخبر «يلعب بمقاعد بني آدم» وحينئذٍ لا ينصرف حتى يتيقن لأن الشك لا يزيل اليقين حديث عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله إن قومًا يأتوننا إن قومًا قالوا يا رسول الله إن قومًا يأتوننا باللحم لا ندري أذكر اسم الله عليه أم لا فقالوا: «سموا الله عليه وكلوا سموا الله عليه وكلوا» هل معنى هذا أنك إذا وجدت أي لحم تأكل؟ نعم إن كان في بلاد المسلمين فلا يجب عليك أن تسأل لكن إذا كان وافد من بلاد كفر وهذه البلاد ليست كتابية أو احتمال أن تكون كتابية أو غير كتابية يجب عليك أن تسأل يجب عليك أن تسأل، فقال: «سموا الله عليه وكلوا سموا الله عليه وكلوا» وإن شككتم في كون الذابح قد سمّى لا سيما إذا كان مسلمًا ففي الخبر أن هؤلاء القوم الذين يأتون باللحم مسلمون لكنهم حديثوا عهد بالإسلام احتمال أن يكونوا سموا واحتمال أن يكونوا لم يسموا فأنت إذا ذهبت إلى الجزار جزار مسلم هو الذي ذبح بنفسه هل يلزمك أن تقول هل ذبحته على الطريقة الإسلامية هل قطعت الودجين هل قطعت البلعوم؟ والمريء ما يلزمك لأن المسلم الأصل في ذبيحته أنها حلال لكن إذا شككت في أمره هل هو مسلم والا غير مسلم؟ تسأل لا بد أن تسأل فهؤلاء القوم الذين يأتون باللحم هم مسلمون لكنهم حديثوا عهد بإسلام لا يسأل عنهم كيف ذبحوا؟ وهل سموا أو لم يسموا؟ وذبيحة.. ذبح أهل الكتاب حل لنا طعامه حل لنا فهل يلزمنا إذا جاءنا من بلد أهله أهل كتاب يلزمنا أن نسأل كيف ذبحوا هل هل صعقوا بالكهرباء هل خنقوا هل وقذوا؟ وطعامهم حل لكم هذا الأصل لكن هذا الحكم ويبقى أن الورع شيء آخر من أراد أن يتورع له ذلك من أراد أن يتورع له ذلك لكن لا يلزمه ذلك ولا يجوز له أن يلزم غيره بذلك والحديث الكلام عليه يطول جدًا لكن نقتصر على هذا القدر لوجود الأسئلة الكثيرة لعل الله أن يكون نسأل الله أن يكون فيها شيء ينفع السامعين.