الحذر من التساهل في البدعة

إذا تساهَل الإنسان في مسألةٍ مَّا، دعَته إلى ما بعدها، ومن نظر في تاريخِ البدعِ والمبتدعةِ وجد أن الأصولَ التي انبَثقت عنها هذه البدع أمورٌ يسيرةٌ؛ كأن يقع خلاف يسير بين شيخٍ وطالبٍ من طلَّابه - أو بين زميلٍ وزميله - في أمورٍ لا تكاد تُذكر، ثم بعد ذلك ينتصر كلُّ واحد منهما لنفسه، ثم يُلزَم أحدهما بلوازمَ، فتأخذ كل منهما العزةِ بالإثمِ، والانتصارِ للنفسِ، فيقول بما يُؤيد هذه اللوازم، فيشتد أمرُها، ثم بعد ذلك ترِدُ عليه مسألةٌ لم يحسب لها حسابًا؛ بحيث تكون إذا انتُقضت وأذعن بأنها مُنتقَضة، نُقض أصلُه الذي بنى عليه، فيضطرُّ بأن يلتزم هذه المسألةَ؛ لئلا ينتقض عليه أصلُه، إلى أن يصلَ إلى حدٍّ بحيث يتكلَّم بكلامٍ لا يقوله المجانين؛ فضلًا عن عامة الناس؛ فضلًا عمَّن ينتسب إلى العلمِ؛ فضلًا عمَّن له عناية بكتابِ الله جل جلاله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

وهناك طوامُّ تفوَّه بها رءوس المبتدعةِ لم يصلوا إليها إلا بعد مراحلَ.

مَن يتصوَّر أن هناك شخصًا يشهد أن لا إله إلا الله، ويقول: «سبحان ربي الأسفل»؟! فهو لم يقل ذلك إلا بعد أن قال قبله عشرات الكلمات حتى وصل إلى هذا الحدِّ.

 

ومن يتصوَّر أن شخصًا يقول:

بذكر الله تزداد الذنوبُ         وتنطمس البصائر والقلوبُ

والله سبحانه وتعالى يقول: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28]؟!