تسلية لمن فقد بصره مع ذكر بعض أخبار العميان

كم برز من العميان؟ أئمة كبار في جميع العلوم والفنون عميان، فقتادة أكمه وُلِدَ أكمه، وغيره وغيره في العلوم الأخرى نوابغ، كم من مبصر يمر بالشجرة فتفقأ عينه أو يعلق بها شماغه وهو مبصر، بينما المعرِّي مر بموضع شجرة بعد سنين طويلة فطأطأ رأسه قيل له لماذا؟ قال هنا شجرة قالوا لا يوجد شيء فقال إن لم تجدوا الجذع فلست المعرِّي، فحفروا فوجدوا الجذع. وهذا ذكره الصفدي وغيره في ترجمته، وللصفدي كتاب في الموضوع اسمه "نكت الهميان في نكت وأخبار العميان" مطبوع في مجلد، وكذلك الواقع فواقعنا يشهد بذلك، أئمتنا ورؤوسنا كلهم فاقدوا البصر.

والأعمى -في الغالب- يكون لديه إحساس مرهف دقيق يميز به، ويعوضه الله -سبحانه وتعالى- به عما فقده، وجاء فيمن فقد حبيبتيه واحتسب أن له الجنة، وقد يكون أنفع في بعض الحالات للإنسان من البصر وإن كان البصر نعمة ولا يتمنى الإنسان زوالها لكن إذا حصل الزوال عليه أن يرضى ويسلم ويجزم بأنه خير له في دنياه وأخراه.