يقول النيسابوري في تفسيره: "اختلفوا في عصمة الأنبياء -عليهم السلام-، والنزاع إما في باب الاعتقاد، أو في باب التبليغ، أو في باب الأحكام والفتيا، أو في أفعالهم وسيرتهم. أما اعتقادهم الكفر والضلال فغير جائز عند أكثر الأئمة. وقالت الفضيلية: إنه قد وقع منهم ذنوب والذنب عندهم كفر وشرك، فلا جرم قالوا بوقوع الكفر منهم. وأجازت الإمامية عليهم إظهار الكفر على سبيل التقية".
وهذا الكلام من هذا المفسِّر يُفهَم منه أنه يخالف الإمامية، ولا يمكن أن يوافق شخص الرافضة في أي مبدأ من مبادئهم ثم يبرز مثل هذا الكلام، ولا يلزم من هذه العبارة أن يكون إماميًّا، بل أفهم منها البعد عن ذلك؛ لأنه يسوق الأقوال كلها، يقول: "وقالت الفضيلية..." وهم الخوارج، ثم يقول: "وأجازت الإمامية عليهم إظهار الكفر على سبيل التقية"، وهذا يدل على أنه ما قال ذلك معتقدًا، وإنما قاله على سبيل التنزل ثم الإلزام بذلك، ومن خلال هذا السياق لهذا المفسر لا يمكن أن نقول أنه رافضي؛ لأنها حكاية قول، وقد تكون حكاية القول لإظهار العورة، ثم إن الكتاب في جملته لا رفض فيه، وهو في غالبه مختصر من تفسير الرازي، وليس فيه شيء من تفاسير الرافضة كما في قوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 22] يقولون: الحسن والحسين، {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} [الإسراء: 60] يقولون: عائشة... ونحو ذلك.
إنما جاء اتهامه بذلك لأنه من (قُم)، ولأنه صُنف مع الشيعة وتُرجِم له في كتبهم، وقال بالوصاية.
وكونه من قُم مع ما هو معروف من أن قم رافضة مائة بالمائة، حتى قيل إن أجواء قُم ما يمكن أن يعيش فيها سني؛ لكن هذا لا يلزم أن يكونوا مائة بالمائة بدقة، فيوجد من المسلمين من يعيش بين اليهود وبين النصارى وبين المشركين وغيرهم.