الالتفات في كلام العرب

{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} كيف جاء الترقي؟ ترقي بعد أن كنت تثني على الله -سبحانه وتعالى-، فتقول: الحمد لله، وأنت تتصوره غائبًا عنك، لكن لما زدت في ثنائك عليه قلت: الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، كأنك وصلت إلى الحضرة، فكأنك تراه وتخاطبه، ولهذا التفت من الغيبة إلى الخطاب فقلت: إياك، ما قلت: إياه، الحمد لله إياه، هذا مناسب، لكن فيه التفات من الغيبة إلى الخطاب فقلت: إياك نعبد وإياك نستعين، هذا يسمونه التفات، ابن جني -أبو الفتح- يسمي الالتفات شجاعة العربية، كأنه عنى أنه دليل على حدة ذهن البليغ، وتمكّنه من تصريف أساليب كلامه كيف شاء، كما يتصرف الشجاع في مجال الوغى بالكر والفر، شجاعة العربية، من أمثلة الالتفات قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم} [(22) سورة يونس] ما قال: وجرين بكم.