نسخ القرآن بالسنة وتخصيص السنة للقرآن

النسخ رفع كلي، ولهذا اختلفوا في نسخ القرآن بالسنة؛ لأن النسخ رفع كلي فبعض أهل العلم يرون عدم نسخ الكتاب بالسنة مطلقًا، وإن قال بعض أهل التحقيق بجواز ذلك لأن الكل وحي.

أما التخصيص: فرفعٌ جزئيٌّ للحكم، فلذا لم ير أهل العلم بأسًا في تخصيص السنة للقرآن، لأنه رفع جزئي، ووقوع هذا النوع كثير، ففي قوله جل جلاله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: 3] الميتة: من ألفاظ العموم؛ لأن «أل» جنسية، خُصّ منه بالسُّنّة: السمك، والجراد، قال صلى الله عليه وسلم: «أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان: فالحوت والجراد، وأما الدمان: فالكبد والطحال» [ابن ماجه (3218)، وأحمد (5723)].

ويذكر عن أبي حنيفة رحمه الله منع تخصيص السنة للقرآن، وأن في التخصيص - وإن كان رفعًا جزئيًّا - إلغاءً لبعض الأفراد التي يتناولها العام، فهو شبيه بالنسخ من وجه، وإن لم يكن رفعًا كليًّا، إلا أنه رفع جزئي، فلا يكون ذلك إلا بما يقاوم المرفوع في القوة، والسّنة لا تقاوم الكتاب في قوتها.