شرح المقدمة من نونية ابن القيم - (12)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نقرأ هذا السؤال على عجل، لعل أن يكون فيه فائدة، يقول: ما أهمية كتب غريب الحديث لطالب العلم؟

الغريب هو الكلمة الغريبة الخفية الغامضة التي تحتاج إلى تفسير وكشف وبيان، إذا مر عليك في حديث ما كلمة ما فهمتها، أليس من المهم أن تكشف معناها أو يُكشف معك معناها؟

طالب: نعم.

طالب: ما الفائدة؟

لأنك ما تستطيع أن تعمل وأنت ما فهمت، فكتب الغريب غريب الحديث هذه مهمتها كما هي كتب غريب القرآن، ويغني بعضها عن بعض، يقول: هل يغني بعضها عن بعض؟ نعم المؤلفات كثيرة جدًّا في غريب الحديث، والذي يقتصر على كتاب واحد فمن أجمعها النهاية لابن الأثير، والذي يجمع أكثر من كتاب فغريب الحديث لابن أبي عبيد أهمها وأولاها؛ لإمامته في الحديث واللغة، ومنها كتب الغريب والغريبين والفائق في غريب الحديث للزمخشري، كثيرة جدًّا لكن منها المطول والمختصر، ويُستفاد من هذا في وقته عند الحاجة ومن ذاك في وقته عند العجلة، ويوجد كثير من غريب الحديث في الشروح.

يقول: ما الفرق بينها وبين كتب مشكل الحديث؟

غريب الحديث يفسِّر كلمة، ومشكل الحديث يفسِّر جملة، معنى، يفسر معنى. وأكثر ما يكون عند التعارض الذي يسمونه مختلف الحديث، ومن أفضل ما أُلف من أوسع ما أُلف مشكل الحديث للطحاوي، وتأويل الحديث لابن قتيبة، واختلاف الحديث للإمام الشافعي.

أين وقفت؟

طالب: الكلام في الذات أحسن الله إليك.

أين؟

طالب: والكلام في الصفات كالكلام في الذات.

لا أنت في القراءة؟

طالب: نعم القراءة ....... وأما القرآن فإني أقول .......

يعني هذا كله مقروء؟

طالب: .......

أما القرآن، وقفنا عليه؟

طالب: نعم.

نعم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

 فقد قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: (والكلام في الصفات كالكلام في الذات) يعني صفات الإنسان وأجزاؤه وأبعاضه هي متفرِّعة عن ذاته، ولا نقول مثل هذا في جلال الله -جل وعلا-، ما نقول: هي أبعاض ولا أجزاء. وثبوت كلمة الذات لله -جل وعلا- تكلم فيها أهل العلم، مع أنه لا يدل دليل على ثبوتها في موضعها، وإلا فكلمة ذات جاءت في الأحاديث، وجاءت في كلام الصحابة، لكن لا يقصد بها ما يقصد هنا، وأظن طلبنا إحضار كلام حول هذا.

طالب: .......

 ماذا؟

طالب: .......

هذا كلام شيخ الإسلام؟

طالب: .......

طيب وأنا قلت لك بالدرس الماضي.

طالب: ....... الذات والنفس.

نعم.

طالب: ....... ورودها في النصوص.

الذات والنفس والعين ألفاظ مؤكدة، جاء زيد ذاته، جاء زيد نفسه، هذه ألفاظ مؤكدة، لكن أنا أقصد أن الكلام الذي طرح وأفيض فيه في شرح الواسطية.

طالب: شرحكم؟

نعم، معك؟

طالب: أنا قرأته لكن جئت بزيادة عليه.

هو موجود هنا.

طالب: .......

زيادة عليه ....... جايب مجلد ....... ماذا تقول يا أبا محمد كلام الذات في الواسطية ما حضرته؟

طالب: والله للأسف .......

لا أنت حاضر شرحه؟

طالب: لكن موجود الشرح .......

مكتوب؟

طالب: .......

كتاب مختصر مجرد من الذي دار في الدرس.

طالب: أقصد ....... موجود كتابكم يا شيخ .......

.......

طالب: .......

....... لقيت شيئًا؟

طالب: لا، أبحث يا شيخ.

أنا ما أريد من شرح الواسطية بحروفه، الكلام الذي دار في ذاك يمكن أنكم حذفتم أكثره.

طالب: لا .......

طالب: ....... ما قال والله وصف نفسه ....... ثم قلتم وهل ....... إطلاق الذات على النفس.

طالب: ....... مفرغ بحروفه.

معك؟

طالب: ....... في بعض النقولات هل هم يقولون بالإخبار من قبيل .......

ما تسرع، ما يسمعونك؟

طالب: .......

من المفرغ أو من الأصل؟

طالب: لا من شرح الواسطية المفرغ.

المفرغ وقفت عليه أنت يا شيخ إبراهيم؟

طالب: لا، هذا موجود.

لأن الشيخ طلعه.

طالب: طلعه خلاص .......

طالب: .......

يعطيك إياه أو وصلت أنت؟

طالب: .......

أيكم؟

طالب: .......

خله يقرأ المكتوب قبل.

طالب: أقرأ يا شيخ.

نعم.

طالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،

فهذا جواب مختصر حول مسألة مهمة وهي: هل لفظ ذات في قولنا ذات الله من قبيل ذكر شيء من صفات الله؟

والجواب عن ذلك أن يقال: أولاً معنى لفظ ذات أي صاحبه، وهذا له تأثير مهم في هذه المسألة، قال شيخ الإسلام -رحمه الله- في درء التعارض: لفظ ذات تأنيث ذو، ولا تستعمل إلا مضافًا، وذات معناه صاحبَه كقوله تعالى: {عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران: 119]، وقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: 1]، وقول خبيب: وذلك في ذات الإله، أي في سبيل الإله وجهته. ثم استعملها أهل الكلام بالتعريف فقالوا: الذات أي الصاحبة والمعنى صاحبة الصفات، انتهى.

وقال -رحمه الله- في الفتاوى: وهي لفظ مولد ليس من لفظ العرب العرباء؛ ولهذا أنكره طائفة من أهل العلم كأبي الفتح بن برهان وابن الدهان وغيرهما وقالوا: ليست هذه اللفظة عربية، ورد عليهم آخرون كالقاضي وابن عقيل وغيرهما، وفصل الخطاب أنها ليست من العربية العرباء، بل من المولدة كلفظ الموجود ولفظ الماهية والكيفية ونحو ذلك، فهذا اللفظ يقتضي وجود صفات تضاف الذات إليها، فيقال: ذات علم وذات قدرة وذات كلام، انتهى.

وقد تأتي بمعنى الحقيقة، قال الأزهري في التهذيب: وذات الشيء حقيقته وخاصته، انتهى. ويبدو أنه مترتب على ما سبق، والعلم عند الله تعالى.

ثانيًا: من المستقر عند أهل العلم استعمال هذا اللفظ كثيرًا في كتب العقائد، خاصة في الرد على أهل الباطل، ومن ذلك قولهم: الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، وقولهم: فكما أنا نثبت ذاتًا تليق به نثبت صفات تليق به، وغيرها من العبارات. بل حكى الكوراني في شرحه على البخاري الإجماع على جواز إطلاقه على الله -تبارك وتعالى-، لكن هل هذا الإطلاق من قبيل إطلاق الاسم أم الصفة أم الخبر؟

والجواب أن هذا من قبيل إطلاق الخبر عن الله، أما الاسم فلكونه لم يرد في النصوص بيان أن من أسمائه الذات، ولأن الأصل أن أسماء الله حسنى بلغت الكمال في الحسن، ولفظ الذات ليس كذلك. وأما كونه ليس من الصفات فلأنه لم يثبت في النصوص إطلاقها من قبيل الصفات، فبقي الإخبار عنه، ودائرة الإخبار أوسع. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: وأما الإخبار عنه فلا يكون باسم سيئ، لكن قد يكون باسم حسن أو باسم ليس بسيئ وإن لم يحكم بحسنه، مثل اسم شيء وذات، انتهى.

ثالثًا: ما ورد في النصوص من إطلاق الذات فعامته ليس مفيدًا للمعنى المستعمل عند المتكلمين في العقائد وغيرها، وهذا يكون...

كما في حديث إبراهيم -عليه السلام- أنه كذب ثلاث مرات في ذات الله، لا يراد بها المعنى الذي معنى، وذلك في ذات الإله في قول خبيب كذلك لا ينطبق على المعنى الذي نبحثه، وإن كان اللفظ واحدًا.

طالب: أحسن الله عملكم، قال: ثالثًا: ما ورد في النصوص من إطلاق الذات فعامته ليس مفيدًا للمعنى المستعمل عند المتكلمين في العقائد وغيرها، وهذا يكون بتأمل السياق الذي وردت فيه هذه النصوص، قال شيخ الإسلام -رحمه الله- كما في الفتاوى: فلما وجدوا الله قال في القرآن: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} [المائدة: 116]، {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 28]، و{كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 12]، وصفوها فقالوا: نفس ذات علم وقدرة ورحمة ومشيئة ونحو ذلك، ثم حذفوا الموصوف وعرفوا الصفة فقالوا: الذات، وهي كلمة مولدة ليست قديمة، وقد وُجدت في كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة -رضي الله عنهم- لكن بمعنى آخر مثل قول خبيب الذي في صحيح البخاري: وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع، وفي الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات كلهن في ذات الله»، وعن أبي ذر: كلنا أحمق في ذات الله، وفي قول بعضهم: أصبنا في ذات الله، والمعنى: في جهة الله وناحيته، أي لأجل الله ولابتغاء وجهه، ليس المراد بذلك النفس، ونحوه في القرآن: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: 1]، وقوله: {عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران: 119]، أي الخصلة والجهة التي هي صاحبة بينكم، وعليم بالخواطر ونحوها التي هي صاحبة الصدور، فاسم الذات في كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والعربية المحضة بهذا المعنى، ثم أطلقها المتكلمون وغيرهم على النفس بالاعتبار الذي تقدم فإنها صاحبة الصفات، فإذا قالوا: الذات فقد قالوا: التي لها الصفات، انتهى.

ومراد الشيخ- والله أعلم- النفي من جهة الإفراد، بمعنى أن يأتي لفظ ذات أو ذات الله مفيدًا معنى نفس الله -تبارك وتعالى-، أي خاليًا من تركيب يفيد معنى آخر، فإن وجود في مقرونة بقولهم ذات ذات الله أفاد تركيبًا دل على معنى مغاير لما يريده المتكلمون وهو من أجل الله ونحو ذلك، لا أنه وُجد في إطلاقهم سياق يفيد معنى نفس الله.

 فإن قيل: يرد على هذا إشكال وهو ما ذكره شيخ الإسلام في الفتاوى بقوله: وقد روي في حديث مرفوع وغير مرفوع: «تفكروا في آلاء الله ولا تتفكروا في ذات الله»، فإن كان هذا اللفظ أو نظيره ثابتًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه فقد وُجد في كلامهم إطلاق اسم الذات على النفس كما يطلقه المتأخرون، انتهى.

فيقال: الشيخ هنا يشير إلى جملة من النصوص كلها ضعيفة، إلا أثرًا موقوفًا عن ابن عباس ربما يُستمسك به، وهو ما روي من طريق علي بن عاصم عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: «فكروا في كل شيء، ولا تفكروا في ذات الله تعالى، فإن ما بين كرسيه إلى السماء السابعة سبعة آلاف نور، وهو فوق ذلك تبارك وتعالى»، أخرجه أبو الشيخ في العظمة، وابن بطة في الإبانة، والبيهقي في الأسماء والصفات. قال الحافظ ابن حجر في الفتح في سياق ما ورد في النصوص التي ذكر فيها لفظ الذات: وحديث ابن عباس «تفكروا في كل شيء ولا تفكروا في ذات الله» موقوف، وسنده جيد، انتهى.

وله حكم الرفع، وإن كان موقوفًا فله حكم الرفع؛ لأن ابن عباس ما يقول مثل هذا، مثلما قيل في أثر أم سلمة في صحيح مسلم عند كلمة ذكرتها فقالت: فعزم الله لي فقلتها، إضافة العزم إلى الله- جل وعلا- ما ثبت بها نص، لكن قالوا: هذا المروي عن أم سلمة له حكم الرفع.

طالب: أحسن الله عملكم، قال الحافظ ابن حجر في الفتح في سياق ما ورد في النصوص التي ذكر فيها لفظ الذات: وحديث ابن عباس «تفكروا في كل شيء ولا تفكروا في ذات الله» موقوف وسنده جيد، انتهى. وفيه نظر، فإن علي بن عاصم متكلم فيه، وإنما روى عن عطاء بعد الاختلاط، فلا تثبت الصفة بمثل هذا الطريق، والله أعلم. لكن يُنبَّه هنا إلى مسألة مفيدة وهي: أنه وإن كان معنا أكثر النصوص من أجل الله ونحو ذلك كأن العمل مصحوب فيه إخلاص النية لله، إلا أن ذكر هذا اللفظ في النصوص سهَّل على أهل العلم كابن المبارك ومالك والبخاري وغيرهم إطلاقه من باب الإخبار؛ لأن ما ذُكر في النصوص أفضل وأحسن مما أتى في غيرها كقوله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ} [الأنعام: 19]، فإطلاق شيء على الله من باب الإخبار أفضل من كثير من الألفاظ الأخرى من جهة كونه ورد في القرآن الكريم، فكذلك لفظ الذات. ومن هنا -والله أعلم- قال الإمام البخاري -رحمه الله- في صحيحه: باب ما يذكر في الذات والنعوت وأسامي الله، وقال خبيب: وذلك في ذات الإله، فذكر الذات باسمه تعالى، انتهى.

والباء في قوله: باسمه -والله أعلم- للمصاحبة، والمقصود أنه إذا جازت إضافتها إلى اسم الله في هذا المقام جاز ذكرها مرادًا به نفس الله من قبيل الإخبار؛ لورودها وعمل السلف بها، ومقام الإخبار أوسع كما تقدم -والله أعلم-.

خامسًا: اللفظ الشرعي المقارب لما يريده المتكلمون هو لفظ النفس، وهو الذي وردت به النصوص. وإذا علمنا أن الذات إطلاقها ليس من قبيل الصفات، وإنما من قبيل الإخبار لم يصح جعل النفس صفة مغايرة لنفس الذات، ناهيك أنه يترتب على هذا إشكالات في فهم النصوص، وقد حرَّر شيخ الإسلام في بيان التلبيس أن النفس هي الذات، وذكر قول السلف في ذلك ومن خالف ذلك، وذكر عشرة أوجه في الرد على من جعلها صفة مستقلة كاليد وليست هي الذات، والله أعلم، وبهذا تم الجواب عن هذه المسألة مع قصور في البحث، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والحمد لله رب العالمين.

الحمد لله، جزاك الله خيرًا.

طالب: وكلام الشيخ في صفحة ....... والباقي أسطر تتجاوز إن أحببتم .......

يختلف عما قرأت؟  

طالب: لا هي العشرة أوجه إذا أردتموها.

لا تصور فقط.

طالب: أحسن الله إليكم.

يا أبا محمد ماذا عندك؟

طالب: ....... شرح الواسطية.

ماذا؟

طالب: .......

التشبيه ما يلزم مطابقة المشبه للمشبه به من كل وجه، هذا أمر مقرَّر، مثل حديث الرؤية: «إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر» تشبيه صحيح أنه للرؤية تشبيه الرؤية بالرؤية، لكن حتى الرؤية ليست من كل وجه، فلا يلزم مطابقة المشبه للمشبه به. إذا قلت: زيد مثل عمرو، ولو في وجه من وجوه الشبه، لا في جميع الوجوه.

طالب: ....... هذا الدرهم كأن تقول: هذا الدرهم بهذا الدرهم.

أين؟

طالب: .......

مثله، لكن مع وجود اختلاف وإلا ما احتيج إلى هذا الكلام، لولا وجود نوع اختلاف ما احتيج إلى هذا الكلام، صار هذا الدرهم هو هذا الدرهم، ما هو مثله.

طالب: من شرح الواسطية لشيخنا: تقسيم الصفات إلى ذاتية وفعلية وخبرية، هذه مسألة متعلقة بالصفات، لكن حينما يقول الشيخ -رحمه الله-: الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، وحينما يرد على ألسنة بعض العلماء: الذات الإلهية، وذلك في ذات الإله. هل نقول: إن مثل هذا لا يمكن أن يقوله الصحابي بالرأي فله حكم الرفع مثل صفة العزم لله - جل وعلا-، صفة العزم لله -جل وعلا- في مذهب أهل السنة يختلفون هل تثبت صفة العزم لله -جل وعلا- أو لا تثبت؟

والقاعدة التي ننطلق منها أننا لا نثبت لله -جل وعلا- إلا ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله- عليه الصلاة والسلام-، تبحث في نصوص الكتاب والسنة ما تجد إضافة السنة المرفوعة إثبات صفة العزم لله -جل وعلا-، وشيخ الإسلام ساق القولين قال: الأول أنه لا نثبت صفة العزم لله -جل وعلا-؛ لأنه لم يرد عن الله ولا عن رسوله -عليه الصلاة والسلام-، الثاني وهو الأصح أننا نثبت صفة العزم لله -جل وعلا- وذكر آثارًا منها قول أم سلمة في صحيح مسلم في كتاب الجنائز: فعزم الله لي فقلتها. هل نثبت مثل هذا بكلام الصحابي؟ قال: هذا مما لا يُدرك بالرأي، فله حكم الرفع، فهل نقول مثل هذا الكلام فيما جاء: وذلك في ذات الإله؟ المقصود أننا إذا أضفنا لله -جل وعلا- ذاتًا مثلما أضفنا له نفس، فنحتاج إلى دليل في هذا، وفي هذا في النفس وجدنا دليلاً من القرآن، نحتاج إلى دليل من السنة على إضافة الذات إلى الله -جل وعلا-.

طالب: ....... في شرحكم في أول الواسطية لما قال: وصف الله به نفسه، حصل نوع استطراد.

طالب: استطراد فقلتم وهل يصح أن ....... بين لفظة نفسه أو ذاته، ثم ذكرتم قريبًا من صفحتين .......

طالب: .......

طالب: لكن كان الكلام يدور في الشرح على مسألة ....... تأكيد أن ....... بمعنى لأجل ....... تحرصون على .......

المعنى؛ لأن السياق يقتضيه، ما يمكن أن يُقصد بالذات النفس في كلام إبراهيم -عليه السلام- أو في حديث إبراهيم أو في كلام خبيب أو غيره.

طالب: ثم ذكرتم...

لا خلاص خلاص يا أخي.

طالب: يعني هنا كأنكم أيدتم أن المسألة تحتاج إلى دليل في الواسطية؟

نعم، حتى ما ورد من كلام في حديث إبراهيم أو في كلام خبيب لا يدل على المعنى الذي نريده، السياق لا يؤيد ذلك. وعلى كل حال..

طالب: الذات لا تطابق النفس.

من ألفاظ التوكيد جاء زيد ذاته، جاء زيد عينه، جاء زيد نفسه، هي من الألفاظ المؤكدة، لكن معانيها فيها نوع اختلاف.

قال -رحمه الله-: (والكلام في الصفات كالكلام في الذات) مبنى الكلام في الصفات الثبوت بالدليل من الكتاب والسنة كما هو شأن الذات إذا تجاوزنا الخلافات في جميع ما قيل، فهي فرع عنها.

قال: (فكما أنا نثبت ذاتًا لا تشبه الذوات، فكذلك نقول في صفاته: إنها لا تشبه الصفات)؛ لأن هذا فرع عن هذا، ولو أثبتنا فروعًا لم يثبت بها الأصل لاضطربنا أو العكس، لا بد أن يكون الفرع ناشئًا عن الأصل في مثل هذا الباب، قد يكون أنت لا تثبت الولد من مادة تختلف عن مادة الأب، يعني تعالى الله وتقدس عما يلحق الأوهام والأفهام والظنون من شيء من ذلك، لا، لكن من باب التقريب، أنت إذا قررت أن هذا الفرع من هذا الأصل فلا بد أن يكون منه، ما تجيء لي بولد خروف وتنسبه لولد ثور أو ولد حمار، لا، هذا من هذا، ولذلك صفاته ملائمة لجسمه، والاسترسال في مثل هذه الأمور لا ينبغي؛ لأنه قد يلتبس على بعض السامعين. فكلام الشيخ هنا (فكأنا نثبت ذاتًا لا تشبه الذوات، فكذا نقول في صفاته: إنها لا تشبه الصفات) يعني إذا تجاوزنا الكلام الذي تقدم، وأنه لا يوجد دليل على لفظ الذات بالمعنى الذي يريده العلماء في هذا المجال انتهت المسألة، مشت يعني ما دام لها أصل في كلام صحابي، ولها أصل في حديث صحيح في الصحيحين قصة إبراهيم، وإن كان السياق لا يحتمل هذا المعنى، لكن وروده في السنة يدل على أنه أقرب الألفاظ إلى الشرعية. الرازي في مقدمة تفسيره أثبت ألفاظًا يمكن أن تزيد على العشرين من هذا النوع في مقدمة التفسير، ولو أذكر في الدرس القادم أحضرته.

طالب: ....... ورد في النص يعني .......

الذي أثبته الرازي كلمات هل تُثبت لله أو ما تثبت، مثل الشيء ومثل النفس وما أدري أشياء كثيرة، وتوسع في هذا.

(فليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله) ليس كمثله شيء، (فلا نشبه صفات الله بصفات المخلوقين) كما أننا لا نشبه ذاته بذوات المخلوقين.

طالب: .......

المخلوقين، والمسألة درجت على الألسنة ولاكتها وفهمتها الأذهان، وعرف المقصود بها، لو لم تكن واردة تكون مولدة.

(ولا نزيل عنه سبحانه من صفاته لأجل شناعة المشنعين وتلقيب المفترين) بعض المبتدعة، ولكل قوم وارث، إذا أراد أن ينفِّر عن شيء وصفه بوصف شنيع، وأشاعه بين الناس، فتبعًا لذلك الناس تلتزم بهذا اللازم، وأن هذا اللفظ شنيع لا ينبغي أن يقال: (ولا نزيل عنه سبحانه صفة من صفاته لأجل شناعة المشنعين وتلقيب المفترين)، وما زال الأمر على ذلك، إذا أرادوا أن ينفِّروا من شيء وصفوه بصفة شنيعة، أو نسبوه إلى مبتدعة ضالة؛ لئلا تشابههم، الناس ينفرون من هذا، ينفرون من مشابهة أهل الضلال والبدع، فإذا قيل: إن هذا من صنيعهم نفر الناس منه، وكثير منهم من عوام وأشباه عوام ما يدرون حقيقة الحال.

(كما أنا لا نُبغض أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لتسمية الروافض لنا نواصب) عندنا الروافض والنواصب، النواصب الذين يبغضون أهل البيت، والروافض ضدهم، النواصب ينصبون العدا لأهل البيت، والروافض يتولون أهل البيت، مع أننا وقفنا على كثير من كلام غلاتهم أن مقتضى كلامهم ومؤداه بغض أهل البيت، لكن هم يروجون على السذج والعامة، وإلا فهم يخالفون ما ثبت عن أهل البيت، وقبل ذلك ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. الروافض يزعمون أنهم يتولون أهل البيت، وتبعًا لذلك يبغضون الصحابة لأن عندهم حب هؤلاء وحب هؤلاء من باب النقيض، ما تحب هؤلاء إلا أن تبغض هؤلاء، ولا يجتمع هذا وهذا، فإذا أحببت الصحابة فقد أبغضت أهل البيت. النواصب ينصبون العدا لأهل البيت، يتولون غيرهم، وقد يوجد من هؤلاء النواصب لا سيما الغلاة منهم من يبغض أهل الحق جملة، فعندنا النواصب والروافض على طرفي نقيض.

طالب: أحسن الله إليكم، هل لهم بقايا في يومنا هذا نواصب؟

النواصب، أظن الشام ما يخلو؛ لأن أصلهم في الشام تبعًا لبني أمية.

(ولا نُكذب بقدر الله تعالى ونجحد كمال مشيئته وقدرته لتسمية القدرية لنا مجبرة) القدرية الذين ينفون القدر، وأن الإنسان يخلق فعله، العبد يخلق فعله، قالوا: إذا أثبتَّ أن الله هو خالق الإنسان وما يعمل أثبتَّ أنه يجبر الإنسان على ما يريد ولا يريده الإنسان، وحينئذ تكون أفعاله كالحركات اللاإرادية وأنه مجبور. وأما بالنسبة للقدرية فيقولون: لا، الإنسان غير مجبور وله حرية واختيار مستقلة ومشيئة غير خاضعة لمشيئة الله -جل وعلا-. من الذي يقول: إما أن تقول جبري أو قدري؟ أما فيه خيار ثالث وهو الحق، نعم وهو الحق: أن الإنسان له مشيئة وإرادة واختيار، لكنها خاضعة لمشيئة الله وإرادته واختياره.

(ولا نكذب بقدر الله تعالى ونجحد كمال صفاته وقدرته لتسمية القدرية) الذين هم مجوس هذه الأمة، جاء فيهم نصوص في أصلها كلام، لكن مجموعها يدل على أن لها أصلًا، مجوس هذه الأمة؛ لأنهم يثبتون خالقًا مع الله -جل وعلا-، كما أن المجوس يثبتون خالقين، (لنا مجبرة) إذا أراد أن ينفرك من هذا الفعل الذي تفعله، ويريدك تنتقل إلى نقيضه رماك بأبشع الأوصاف التي يُلقّب بها أو يُوصف بها من عمل بشيء من ذلك؛ لتترك الأمر جملة.

(ولا نجحد صفات ربنا -تبارك وتعالى- لتسمية الجهمية والمعتزلة لنا مجسِّمة)، الذي يثبت الصفات عند الجهمية والمعتزلة هو مجسم يثبت جسمًا وأعضاء؛ لأن هذه الصفات على حد زعمهم أنها أعضاء، وفي كلام الرازي قال: وألَّف في أعضاء الله تعالى شخص يقال له محمد بن إسحاق بن خزيمة، ثم توصَّل بعد ذلك إلى النفي والحجد، ولم يصل إلى النفي حتى أثبت هذه الألفاظ البشعة، تصوَّرها، موجودة، التجسيم موجود عنده، كما أن المعطل ما وصل إلى مرتبة التعطيل إلى على جسر التمثيل والتجسيم.

طالب: .......

هو الألفاظ المجملة لا بد من بيانها، ويتضمن هذا البيان ما يليق بالله أثبت وإلا فلا، وإذا بقي على إجماله فإنه لا يجوز إثباته ولا نفيه حتى يستفصل.

طالب: حتى من... السنة في ....الأشاعرة، كذلك المعتزلة قد يطعنون في الأشاعرة لكونهم مجسمة؛ لإثباتهم بعض الصفات كما في الخلق وهكذا الفلاسفة يطعنون في ....... يعني اللفظ نفسه حمال أوجه .......

هو كل طائفة ترد على من هو أسوأ منها، وأهل السنة يستفيدون من هذه الردود، الباقلاني وهو أشعري يرد على المعتزلة بأقوى الردود، ويرد على اليهود والنصارى، نقول: لا، هذا أشعري ما نقبل منه؟ لا، في ردوده ما يحتاج إليه، وما فيه قوة، وقد لا يستطيعه كثير من أهل العلم، أوتي قوة في الحجاج. فإذا ردَّ المعتزلي على الجهمي فيما ينكره الجهمي ويثبته المعتزلي استفدنا منه، الحق يُقبل نمن جاء به، نعم قد تكون إثبات طريقة الإثبات تختلف، وقد يكون في التزامها بعض المخالفات، فنَحذر.

طالب: يا شيخ .......

يقولون.

طالب: بينما الآن .......

المسألة أول شيء الطوائف بعضها يثبت ما لا يثبته الآخر، وبعض الطوائف إذا أُلزم التزم النفي؛ ليطرد مذهبه، هو في الأصل ما وصل إلى هذا الكلام وإلى هذا الحد حتى التزم بلوازم ما ادّعاه، فلا شك أن المعتزلة أسهل من الجهمية، والأشعرية أسهل من المعتزلة، فنستفيد من ردود هؤلاء على هؤلاء، وهؤلاء على هؤلاء، المعتزلة والروافض يشتركون في كثير من أبواب العقيدة، فإذا ردوا عليهم فيما يخالفونهم فيه أفدنا منه، والحق كما يقال ما شهدت به الأعداء.

طالب: الصنم أليس هناك....... صورة .......

هم لما دقَّقوا في هذه الأمور، وتوغَّلوا فيها وتصوَّروها تصورًا غير مطلوب شرعًا خالفوا النصوص، وألزموا بلوازم، والتزموا بها، وصل الأمر عند بعض الجهمية في السابق إلى أن صاروا غلاة المشبهة.

يقول: (ولا نجحد صفات ربنا -تبارك وتعالى- لتسمية الجهمية والمعتزلة لنا مجسمة)؛ لأننا نثبت الصفات، والصفات عندهم أبعاض وأعضاء يتركب منها الجسم الكامل، فيلزمون بهذا، قالوا هم نكون مجسمة مشبهة؛ لأنهم لا يتصورون وجود عضو يشبه عضوًا يوافق عضوًا في الاسم إلا وله نصيب منه في الصفة، (مشبهة حَشْوية) كأن المسألة من حشو الشيء الذي لا فائدة فيه، فالغالب أن الذي يظهر هو المرغوب المطلوب، والذي في جوفه يُحشى بأي شيء من أجل أن يقوم بذاته. هم يريدون مثل حشو الوسادة وحشو كذا، هذا الحشو ما فيه إشكال. الآن تجيء الأدوات بطونها محشوة بأشياء لا قيمة لها، لكن تسد هذا الفراغ، هي لا قيمة لنا، وإنما نسد بها الفراغ في الوجود، كما يُستعان بالعامة لإطفاء الحريق وشبهه، نسأل الله العافية، وإلا فالأصل ما لنا فائدة، على كلامهم.

(كما قيل: فإن كان تجسيمًا ثبوت صفاته تعالى فإني اليوم عبد مجسِّم) في بعض النسخ: فإن كان تجسيمًا ثبوت صفاته فإني بحمد الله لها مثبت، ينكسر البيت.

 ثلاثة؟

لعل القائل يقول المعلق: لعل القائل هو ابن القيم -رحمه الله- قد أورد هذا البيت بلفظ قريب من هذا اللفظ في كتاب الصواعق المرسلة.

هذا الكتاب كتاب الصواعق مر بنا في أوائل الدروس أنه لا يمكن أن يُستغنى عنه في فهم النونية، الأفكار هي هي، وهذا نظم، وذاك نثر، يستفاد منه فائدة كبرى في فهم هذا النظم في تحليل هذا النظم، هذا في القسم الأول. القسم الثاني الذي يتعلق بالجنة والنار وأمور الآخرة يتكفل به حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن القيم أيضًا.

يقول: أورد هذا البيت بلفظ قريب من هذا اللفظ في كتابه الصواعق المرسلة ضمن أبيات لم ينسبها لأحد، ولفظه هناك: فإن كان تجسيمًا ثبوت استوائه على عرشه إني إذًا لمجسم، وجاءت في باء الحاشية الآتية: ومن كلام المصنف، يعني ابن القيم:

فإن كان تجسيمًا ثبوت صفاته         وتنزيهها عن كل تأويل مفترٍ

فإني بحمد الله كنت مجسمًا           هلموا شهودًا واملأوا كل محضر

(ورضي الله عن الإمام الشافعي إذ يقول).

طالب: وفي المدارج أيضًا.

وموجود في المدارج الجزء الثاني صفحة 91.

(ورضي الله عن الإمام الشافعي إذ يقول: إن كان رفضًا حب آل محمد فليشهد الثقلان أني رافضي. وقدس الله روح القائل وهو شيخ الإسلام ابن تيمية إذ يقول:
إن كان نصبًا حب صحب محمد فليشهد الثقلان أني ناصبي)
.

طالب: .......

لا، هذا بالمعنى الخاص، بالمعنى الخاص الذي يراد في السياق. عندنا الآل والصحب، والآل بالمعنى الأعم أتباعه على دينه، ومن أولاهم أزواجه وذريته، كما جاء في حديث التشهد: «اللهم صلِّ على محمد وعلى آله محمد»، جاء بدلها: «وعلى أزواجه وذريته»، فهناك المعنى الأعم وهناك المعنى الأخص، المعنى الأعم يشمل كل مسلم، كلهم من آله وأتباع النبي -عليه الصلاة والسلام- على دينه، وبالمعنى الخاص الذين هم الآل وأصلها أهل فهو خاص بمن ذُكر.

طالب: .......

لا، العلماء يفرقون بين ناصبي وفيه نصب، وبين رافضي وفيه رفض، فإذا كان ملتزم المذهب قيل: رافضي، أو على الأقل بقواعده الكلية، وإن اختلف في بعض الأجزاء، ومن التزم في مسألة مثلاً أو جزئية كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لأبي ذر «إنك امرؤ فيك جاهلية» ما قال: أنت جاهلي، فإذا وافق الروافض في مسألة، وبقية أمره على الجادة قيل: فيه رفض، ويوجد في تراجم الرواة هذا، فيه رفض، ويقال: فيه نصب.

طالب: .......

ابن حجر يذكر هذا وغيره.

طالب: تمشعر.

فيه تمشعر، نعم، قالوا: فيه تمشعر.

طالب: أهل البيت الموجودون الآن يا شيخ؟

ماذا فيهم؟

طالب: من نسل النبي -صلى الله عليه وسلم- هل لهم مثلاً حق معاملة خاصة؟

لهم حق بلا شك إذا ثبت نسبهم وانتسابهم، ما يقول من أهل البيت وهو يدعو عليًّا والحسين وغيره، هذا ليس من أهل البيت؛ لأن كل المسألة متعلقة بأصل وهو توحيد الله -جل وعلا-، فإذا أخل بهذا الأصل ما نفعه شيء أبدًا، ما نفع أبا طالب؟ ما الذي انتفع به أبو طالب في صيانته وحياطته ودفاعه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- طول حياته إلى أن مات، ومع ذلك قال: هو على ملة عبد المطلب، ما استفاد شيئًا.

نقف على هذا (وأما القرآن).

اللهم صل وسلم على نبينا محمد.