كتاب الطهارة من المنتقى - (05)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد، فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في باب طهارة الماء المتوضأ به، بعد أن ذكر حديث جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنه- قال: («جاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعودوني»).

القائل جابر.

(«وأنا مريض لا أعقل، فتوضأ وصب وَضوءه»).

يعني الماء الذي توضأ به.

(«علي». متفق عليه).

سبق الحديث عن هذا الحديث وأن جابرًا وصل إلى درجة لا يعقل في حال إغماء التي قد تصل ببعض الناس إلى حد اليأس من الحياة، ومع ذلك عاش بعد هذه الزيارة وصب الماء المبارك الذي باشره النبي -عليه الصلاة والسلام- عاش كم سنة؟ عاش أكثر من نصف قرن، لأن جابرًا عُمر والزيارة كانت سنة عشر في آخر حياته -عليه الصلاة والسلام- إن كانت، وإلا قد تكون قبل ذلك.

وفي الحديث الثاني يقول -رحمه الله تعالى-: (وفي حديث صلح الحديبية، من رواية المسور بن مخرمة، ومروان بن الحكم، قال: «ما تنخم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم»).

النخام نخامة ويقال نخاعة بالعين وهذا ما يقذفه الصدر أو يُستخرج من الأنف يقذفه الصدر بواسطة السعال والكحة، أو يستخرج من الأنف، كل هذا يقال له نُخام ويقال له نخاعة، واحدة. يفرق بعضهم بأن ما يخرج من الصدر نخام وما يخرج من الأنف نخاعة والعكس، وعلى كل حال الأمر سهل يعني سواء قلنا هذا أو ذاك، وهو شيء مستقذر؛ ولذلك يقول الحنابلة: ويحرم بلع النخامة؛ لأنها مستقذرة، قالوا: ويفطر بها الصائم إن وصلت إلى فمه ثم ابتلعها يعني يفطر بها، فهي شيء مستقذر بلا شك. لكن هل تكون مستقذرة من النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ لا، فرق بينه وبين غيره -عليه الصلاة والسلام-، هنا يتدافعون على فضلاته -عليه الصلاة والسلام-، ففي الحديث المروي من طريق المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم: «ما تنخم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم»؛ لأنه مبارك -عليه الصلاة والسلام- وما يصدر منه مما يباشره مبارك، والبركة كل يطلبها ويبحث عنها، لكن لا يعني هذا أن نغلو به -عليه الصلاة والسلام- وننزله فوق منزلته، هذه البركة التي اختصها الله بها لا تُمنح لغيره مهما كانت درجته في الولاية؛ لأن هذه البركة من خصائص وضعها الله -جل وعلا- فيه مما لم يضعه في غيره، بدليل أن الصحابة ما فعلوا ذلك مع أفضل الخلق بعد الأنبياء، مع أبي بكر وعمر. النبي -عليه الصلاة والسلام- يأتي الصحابة بأطفالهم ومواليدهم ليحنكهم -عليه الصلاة والسلام-، وما حُفظ أن صحابيًّا جاء بطفله إلى أبي بكر ليحنكه، وقول بعض العلماء أنه يسن أن يؤتى بالأولاد إلى الصالحين ليحنكوهم هذا ليس بصحيح؛ لأنه ما عُرف أن الصحابة جاءوا بأبنائهم لأبي بكر وعمر. يبقى أن المسألة إن كانت لطلب البركة فهي ممنوعة من غيره -عليه الصلاة والسلام-، وإن كانت المسألة طبية فأمه تحنكه، إذا كانت المسألة لتقوية لثة الطفل بالتمر ونحوه فأمه تحنكه ما يحتاج إلى أن يذهب إلى صالح ولا إلى غيره.

(«فدلك بها وجهه وجلده»).

هذا طلب للبركة بلا شك، وهذا لا ينكر، ويبقى أنه بالقدر المتاح شرعًا، أما أن نأتي إلى شيء من آثاره -عليه الصلاة والسلام- التي لم يرد بها الدليل فلا؛ لأن الأصل أن النفع من الله -جل وعلا- لا من غيره، كون الله -جل وعلا- هذا الرجل وهو الرسول الأكرم -عليه الصلاة والسلام- فيه البركة يُقتصر فيه على موارده، ونحن نسمع ونرى التبرك بكل شيء في خلف الأمة، امرأة تمسح الحديد اللي على المقام ما هو بالمقام المقام حجر لا يضر ولا ينفع كالحجر الأسود، تمسح الحديد! يقول يا بنت الحلال هذا جيء به من المصنع صنعه عمال والحديد قد يكون جيء به من كفار الله أعلم ما ينفع، قالت عندكم ما ينفع وعندنا ينفع، عندكم ما ينفع لكن عندنا ينفع، هذا كلامها في جوار بيت الله الحرام، وغيرها كثير، ونسمع في كلام بعض الغلاة ما يوصل به النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى مرتبة الرب، قال: فإن من جودك الدنيا وضرتها، الدنيا والآخرة كلها من جود النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني ما ترك لله، ومن علومك علم اللوح والقلم، ما بقي شيء. الرسول بلا شك أكرم الخلق على الله وأعظمهم نفعًا للخلق، ولا يُتردد في هذا ولا يشك فيه، واحترامه فرض على الخلق، لكن بمنزلته التي أنزله الله بها من غير غلو ولا تفريط: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم» غلوا فيه -عليه السلام- حتى جعلوه ابن الله أو ثالث ثلاثة، وهذا كفر: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} [المائدة: 73]، هذا بلا شك كفر بنص القرآن. ومسألة الغلو في الدين يقابلها الجفاء من اليهود بالنسبة لعيسى -عليه السلام-، ومن بعض الجفاة ممن ينتسب إلى هذه الأمة يوجد الحق كما وُجد من بعض الطوائف المبتدعة في مقابل الغلاة ودين الله بين الغالي والجافي: «إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو».

(«فدلك بها وجهه وجلده، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وَضوئه»).

الماء بفتح الواو هو الماء الذي يُتوضأ به، «كادوا يقتتلون على وضوئه» مثلما تقدم في حديث جابر أنه أفاق لما صب عليه الوضوء الماء، وكل يلتمس هذه البركة إما لشفاء من مرض أو لزيادة في عافية إلى غير ذلك مما يطلبه الناس.

(وهو بكماله).

المؤلف ذكر الشاهد من القصة للباب، وإلا فهي طويلة القصة، صلح الحديبية قصة طويلة، اقتصر منها المؤلف على ما يحتاج إليه من الاستدلال للمسألة التي ترجم بها، وتقطيع الحديث والاقتصار على ما يحتاج إليه منه مسألة معروفة عند أهل العلم ومجوزة، والإمام البخاري إمام الصنعة قد يفعل ذلك فيذكر الحديث مقطعًا في عشرين موضعًا أو أكثر يقتصر على ما يحتاج إليه من الاستدلال للمسألة التي يريدها، نذر يسير منعوا من ذلك قالوا لا بد أن يأتي بالحديث كاملاً، ولكن المعول عليه عند عامة أهل العلم أنه يجوز تقطيع الحديث والاقتصار على بعضه ما لم يكن الموجود له علاقة بالمحذوف ويتوقف فهمه عليه، مثل هذا لا يجوز، وإلا التقطيع جاز في القرآن، إذا أردت أن تتكلم عن الأمانة تقول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} ولا يلزم أن تكمل الآية، وفي الحكم: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [النساء: 58]، ولا يلزم أن تقول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] إلى آخره، فتقطيع النصوص بالشرط الذي اشترطوه وهو أن لا يكون المحذوف يترتب عليه معنى المذكور أو يكون شرطًا له أو بيانًا له إلى غير ذلك مما اشترطه أهل العلم مما هو واضح في كلامهم -رحمهم الله-. بعض من يمنع الرواية بالمعنى يمنع التقطيع والاقتصار على البعض، من الطرائق أنه جاز سؤال في الامتحان: ما حكم تقطيع الحديث؟ فقال: هذا عبث وتمزيق للأوراق التي فيها النصوص الشريفة!!! أمور مضحكة يعني لو جُمعت النوادر هذه لإجابات الطلاب لجاءت أسفار لكثرة هؤلاء المغفلين الذين لا يدرون ماذا يقرأون، والله المستعان. الطالب في الجامعة يسأل عن حكم المسح على القلتين! غرائب غرائب يعني في تدني مستوى التعليم إلى هذا الحد كارثة والله كارثة، تُنفق عليهم الأموال والأوقات ثم هذه النهاية.

(وهو بكماله).

يعني الحديث بكماله المتضمن لقصة الحديبية وهي معروفة مشهورة في كتب السنة والسير.

(وهو بكماله لأحمد والبخاري).

هذا اصطلاح يعني تقديم أحمد على البخاري أو العكس يعني من باب الوفاء، المؤلف حنبلي ويقلد الإمام أحمد في الفروع فيقدمه على غيره وهو أقدم من حيث السن والفضل وأمور كثيرة جدًّا، وهو شيخ البخاري ومسلم وشيخ الأئمة كلهم عدا إذا جاء مالك رجعنا قليلاً، رحم الله الجميع. على كل حال المسألة اصطلاحية، وفي الفضل لا شك أن الإمام أحمد عند أهل العلم أفضل من البخاري، لكن في باب الرواية والتصنيف البخاري ما يعلو عليه شيء، أول من صنف في الصحيح محمد وخص بالترجيح، ذكرنا أن مسند الإمام أحمد فيه أحاديث ضعيفة وادعى بعضهم أن فيه تسعة أحاديث موضوعة، ولكن أجيب عنها في القول المسدد في الذب عن المسند للحافظ ابن حجر وصل بحواشيه بذيوله إلى عشرين حديثًا وكلها أجيب عنها.

ثم قال -رحمه الله-: (وعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-).

حذيفة بن اليمان صحابي مشهور وهو صاحب سر النبي -عليه الصلاة والسلام- يفضي إليه بأشياء وأسرار من أمور المنافقين وغيرهم ما لم يفض به إلى غيره، حتى إن عمر -رضي الله تعالى عنه- يقول له: وهل سماني لك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ مما يدل على فضله.

(وعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-).

أبوه أيش اسمه حذيفة؟

طالب: .......

حِسل أو حُسيل، يعني بالتكبير أو بالتصغير.

(-رضي الله عنه-: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقيه وهو جنب»).

الحال من مين؟ من الفاعل أو من المفعول؟ «وهو جنب»، من الفاعل حال من الفاعل أو من المفعول؟ هاه؟

طالب: .......

من المفعول لأن هذا ظاهر، «لقيه» الأصل أن يقول أنه -صلى الله عليه وسلم- لقيني، هذا الأصل، فهذا من التكلم إلى الغيبة أو العكس، يعني الأساليب عند أهل العربية تحتمل هذا كله. في قصة أبي طالب حينما قيل في آخر القصة: "هو على ملة عبد المطلب" يعني هل قال أبو طالب: هو على ملة عبد المطلب، أو آخر ما قال: أنا على ملة عبد المطلب، لكن لبشاعة الأسلوب يتورع الراوي عنه.

(«لقيه وهو جنب»).

طيب، إذا ما وجدنا القرينة التي تدلنا على المعنى، لقيت زيدًا مصعدًا منحدرًا، واحد طالع وواحد نازل فأيهما الطالع وأيهما النازل؟ هاه؟

طالب: القرينة.

ما فيه قرينة، ما لقيت بها الكتب إلا ....... هذه الجملة، هاه؟ أيش هو؟

طالب: .......

يلي أيش؟

طالب: .......

هاه؟

طالب: .......

والثاني صاعد.

طالب: .......

أيهما المنحدر؟ أيهما الصاعد وأيهما المنحدر؟ أعرف أن المنحدر نازل والصاعد طالع.

طالب: .......

هذا من حيث المعنى، هاه؟

طالب: .......

لقيت زيدًا مصعدًا منحدرًا، القاعدة في هذا عندهم.

طالب: .......

فأول الحالين لثاني الاسمين، وثاني الاسمين لأول الحالين. هنا ما فيه إلا حال واحد وصاحبه معروف من خلال السياق حتى لو قال: وأنا جنب.

(«فحاد»).

أي مال وانحرف.

(«عنه»).

عن النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ تعظيمًا له، وقد جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يُماسح أصحابه، الممازحة بالكلام لكن المماسحة باليد، كان يماسح أصحابه، فخشي حذيفة أن يمسه وهو جنب ويظن أن الجنب نجس بدليل الجواب، هاه، وظن أن الجنب نجس فخشي أن يماسحه النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو جنب يعني نجس فحاد عنه مال انصرف.

(«فحاد عنه فاغتسل»).

وبهذا يكون ارتفع عنه حدثه وجنابته ونجاسته الذي كان يتوقعها، فصار مؤهلاً لمقابلة النبي -عليه الصلاة والسلام-.

(«ثم جاء فقال: كنت جنبًا»).

يعتذر.

(«كنت جنبًا. فقال: إن المسلم لا ينجس»).

المسلم لا ينجس ولو أصابته الجنابة، ولكنه يتنجس، إذا أصابته نجاسة ما ينجس، لكن إذا أصابته نجاسة الموضع يتنجس. «إن المسلم لا ينجس»، وجاء في بعض الأحاديث: «إن المسلم طاهر حيًّا وميتًا» وبهذا أخذ كثير بل أكثر أهل العلم أن المسلم طاهر في حال حياته وفي حال موته، وقيل بنجاسته إذا مات لعموم ما جاء في الميتة وأنها نجسه، وهذا فرد من أفرادها. وعلى هذا من غسل الميت يلزمه الغَسل أو الغُسل إن صح الخبر، والشافعية يفرقون بين المقبرة المنبوشة والمقبرة غير المنبوشة، فيجعلون المقبرة المنبوشة نجسة لأنها اختلطت بدماء الأموات وصديدهم، والمقبرة غير المنبوشة تكون طاهرة لأن الميت مغطى بالتراب، ويرتبون على هذا أحاديث المنع من الصلاة في المقبرة للنجاسة، فإذا كانت منبوشة صارت نجسة لأنها اختلطت بالدماء والصديد وغيره، وإذا كانت غير منبوشة فهي كالأرض النجسة التي يبسط عليها البساط تجوز الصلاة فيها. والذين يقولون بطهارة الآدمي الميت يقولون النهي عن الصلاة في المقبرة لا لنجاسة الأموات وإنما هي لنجاسة الشرك المعنوية التي يؤدي إليها ومن وسائلها الصلاة في المقبرة وإلى الأموات: «لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها» إلى غير ذلك من النصوص التي تمنع من هذا، لنجاسة الشرك المعنوية الذي هو هذه الصلاة في المقابر من وسائله، يأتي ليصلي لله وفي قبلته هذا القبر لا يزال به الشيطان حتى يصلي لصاحب القبر، نسأل الله العافية. «إن المسلم لا ينجس»، وابتلي بل ابتليت الأمة في كثير من أقطارها ببناء الأضرحة على القبور، وفتنوا بها فتنة عظيمة، في بعض الأقطار لا تكاد تجد مسجدًا ما فيه قبر، وصنف كتاب بناء المشاهد والأضرحة على القبور على سبيل الاستفهام وتقرير الكتاب على غير الجادة هل هو سنة متبعة من العصر الأول أو بدعة محدثة مما أحدثه القرنيون، القرنيون يعني الدعوة السلفية نسبة إلى قرن الشيطان، والكتاب مطبوع وعند جماعتكم، تعرف المؤلف؟

طالب: .......

أحمد بن الصديق إي.

طالب: .......

إي، ألف هذا الكتاب.

طالب: .......

إي، إحياء المقبور، المقصود أنه كتاب موجود ومطبوع وهذا الرجل يسمينا القرنيين نسبة إلى قرن الشيطان .......

طالب: .......

....... إلى ما قدم، الله المستعان، طعن في البخاري من أجل الحارث الأعور، والله المستعان، له كتاب من أسوأ ما قرأت وخلونا نبقي الكلام اسمه جُعنة العطار، هو طُبع ولَّا ما غير مطبوع بطبع مبدئي.

طالب: المخطوط .......

إي.

(«فقال: كنت جنبًا، فقال: إن المسلم لا ينجس»).

مفهوم «المسلم» أن الكافر نجس، يقول الله -جل وعلا- مما هو أصرح من هذا المفهوم: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28]، فهل نجاسة المشرك نجاسة معنوية كالعذرة وغيرها بحيث إذا مست يده يدك وبدنه بدنك مع الرطوبة لأنها هي اللي تنقل النجاسة تحتاج إلى غسل لأنها نجاسة؟ أو لأنها نجاسة معنوية مثلما قلنا سابقًا في عدم الصلاة في المقابر نجاسة معنوية وليست حسية؟ الجمهور على أنها معنوية نجاسة معنوية، ولذلك أبيحت نساؤهم نساء أهل الكتاب أبيحت ولو كانت نجاستهن حسية لكان الزوج لا يسلم من عرق وغيره وحينئذٍ توجد المشقة العظيمة في غسل ما باشره الزوج أو باشرته الزوجة منه هذا فيه مشقة عظيمة، ولم ينقل عن أحد أنه فعل شيئًا من ذلك فلما لم ينقل علمنا أنه غير موجود فدل على طهارتهم وهن من مفردات المدعى، كفار: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} [البينة: 1] فهم كفار بالإجماع، وإن نازع بعض العلماء في تسميتهم مشركين وإنما يقال فيهم شرك، وعلى كل حال الكفر ثابت بلا إشكال وهو سبب التخليد الأبدي في النار، فهن طاهرات بهذا كن طاهرات ومثلهن بقية الكفار. النبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ من مزادة مشركة وتوضئوا معه، فدل على طهارة الكفار وما يلابسونه. جاءت بعض الأحاديث التي تدل على غسل أواني الكفار وثيابهم، غسل أوانيهم لما يباشرونه من أكل الخنزير ومن شرب الخمر في هذه الأواني فتغسل، وثيابهم لما تباشره من النجاسات التي لا يعتنون بغسلها، كل هذا إذا وُجد الشيء على أصله يُحكم بطهارته، الإناء إذا ما عرفت أنه ما شربوا فيه خمر ولا أكلوا فيه خنزير فهو على الأصل الطهارة، كذلك الثوب الذي يؤتى به منهم ويصنعونه والجبن اشتراه الصحابة وهو من صنيع الكفار، فالمرجح قول جماهير أهل العلم وأن النجاسة المذكورة نجاسة معنوية وليست حسية.

(«فقال: إن المسلم لا ينجس»).

عرفنا أن مفهومه غير مراد في النجاسة التي هي نجاسة الباب اللي هي النجاسة الحسية، وأما ما كان من نجاسة المعنى فأمرها قطعي، الله -جل وعلا- يقول: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28]، وفي نجاسة المسلم إذا مات قول معروف عند أهل العلم ولبعض الأئمة ولكن الراجح خلافه.

(رواه جماعة إلا البخاري).

رحمه الله ورحم الله الجميع، مسلم الترمذي النسائي أبو داود ابن ماجه، هاذول كم؟ إضافة إلى الإمام أحمد، ستة.

(رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي).

يعني والترمذي أيضًا ما خرج الحديث، فيكون راه الخمسة من السبعة.

(وروى الجماعة كلهم نحوه من حديث أبي هريرة).

الموجود في البلوغ من الحديثين أيهما؟ حديث أبي هريرة، ولذلك عناية الناس بالبلوغ أكثر من المنتقى. قد يقول القارئ أول مرة أول حديث حذيفة لنحفظه من الصغر حديث أبي هريرة وكلاهما بمعنى واحد ما فيه فرق: «لقيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فانخنثت، فقال: يا أبا هريرة» أو «ما لك يا أبا هريرة؟ قال: إني كنت جنبًا، فقال: سبحان الله! إن المسلم لا ينجس» باللفظ. فكلاهما واحد.

(وروى الجماعة كلهم).

يعني الأصل أن يؤتى بما لم يستثن، أن يؤتى بما خرجه البخاري فيقدم حديث أبي هريرة على حديث حذيفة. على كل حال المؤلف هذا اختياره وهذا تقديمه وهذا ترتيبه، والحديثان لفظهما واحد وإن قال: «سبحان الله! إن المؤمن لا ينجس»، وفي حديث حذيفة: «إن المسلم لا ينجس»، فاللفظ واحد، نعم، فيه فرق بين اللفظين؟ فيه فرق؟

طالب: .......

إي لا بس قال نحوه ما قال مثله، العادة عند أهل العلم إذا كان متفقين في اللفظ قال: مثله، وإذا كان بينهما اختلاف في اللفظ واتفاق بالمعنى قال: نحوهما. هاه؟

طالب: .......

«إن المؤمن لا ينجس» يعني اقتراب في المؤمن مع المسلم؟

ثم قال -رحمه الله تعالى- بعد ذلك: (باب في بيان زوال تطهيره. عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يغتسلن أحدكم في الماء الدائم وهو جنب، قالوا: يا أبا هريرة كيف يفعل؟ قال: يتناوله تناولاً». رواه مسلم وابن ماجه).

هل المقصود رفع الحدث عن المغتسل يزول بمعنى أنه لا يرفع الحدث، أو أن المقصود أن الماء الذي اغتسل فيه المحدث ينتقل من حال إلى حال، من القسم الأول الطهورية إلى القسم الثاني الطهارة؟ الثاني أو الأول مترتب على الثاني: (باب زوال تطهيره) تطهير الماء لغيره أو المقصود زوال الوصف الذي يجعله مطهرًا لغيره؟ في شرح الحديث يمكن يتبين المقصود.

(عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-).

أقول جرت العادة عند المختصرات والمتون أنهم في أول الباب يقولون: عن، وفي الأحاديث الثاني وما بعده يقولون: وعن؛ لأنه يعطف الثاني على الأول وهكذا، وكلها متعلقة بمحذوف الجار والمجرور عن فلان متعلق بمحذوف تقديره أروي، ثم بعد ذلك يقول: وأروي، في الحديث الثاني وما يليه.

(عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يغتسلن»).

«لا»: ناهية، «يغتسلن»: فعل مضارع مجزوم بلا الناهية مبني على أيش؟ على؟

طالب: مبني على الفتح.

الفتح، لماذا؟

طالب: .......

إي لاقترانه بنون التوكيد الثقيلة المباشرة؛ لأنها إذا لم تكن مباشرة ما تؤثر، وأعربوا مضارعًا إن عريا من نون توكيد مباشر ومن نون إناث كيرعن من فُتن، من هم الذين يرعن من فُتن؟

طالب: .......

ينشطون الشباب بالأمثلة وإلا وأيش جاب يرعن من فتن، هاه؟ هذا ابن مالك: وأعربوا مضارعًا إن عريا من نون توكيد مباشر ومن نون إناث كيرعن من فتن. نعوذ بالله من الفتن.

(«لا يغتسلن أحدكم»).

«أحدكم» خطاب للصحابة، فهل الأثر أثر الاغتسال خاص بالمسلم؟ يعني لو جاء كافر واغتسل في هذا الماء يتأثر أو لا يتأثر؟ يتأثر أو ما يتأثر؟

طالب: .......

هو ما رفع حدث ولا نية، يعني من حيث الحس ما فيه فرق، لكن لو جاء واحد للتنظف وانغمس في هذا الماء هاه ما يؤثر؛ لأن المقصود الماء الذي رُفع به حدث، ولذلك قال:

(«أحدكم في الماء الدائم»).

الساكن الذي لا يتحرك، وإن كان الدائم يطلق على الساكن والمتحرك فهو من الأضداد، في الأضداد به دوان يعني دُوار، لكن المقصود هنا الساكن الذي لا يتحرك. يقول بعضهم: يتحايل على الماء حتى يتحرك ويخرج من العهدة، يلقي فيه حصاة ولَّا خشب ولَّا يحركه برجله أو بشيء من هذا، فإذا تحرك ينغمس فيه. هذا الكلام صحيح؟ لا؛ لأن المعنى الذي نهي عنه من أجله موجود.

(«لا يغتسلن أحدكم في الماء الدائم وهو جنب»).

عرفنا «لا» ناهية، والاغتسال في الماء الدائم محرم على خلاف بين أهل العلم في الأثر الذي يتركه هذا الاغتسال هو انتقاله من الطهورية إلى الطهارة، أو بقاؤه على الطهورية ويكون نهي تعبد، أو إلى النجاسة كما يقوله بعض الحنفية. بعض الحنفية يقولون الماء المغتسل فيه نجس لأن الحديث جاء بلفظ -كما سيأتي-: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابة»، فقرن البول بالاغتسال فدل على أنه مثله، دل على نجاسة الماء المغتسل فيه كنجاسة البول المغتسل فيه. وهذا كما يقول أهل العلم استدلال بدلالة الاقتران وهي ضعيفة عند عامتهم، فالقول بالنجاسة لا وجه له. يبقى ما يقوله بقية الأئمة من أنه باق على طهوريته وأنه لا أثر للاغتسال فيه، هذا المسلم أو المؤمن جنب طاهر حيًّا وميتًا والمسلم لا ينجس، انغمس في هذا الماء أثر فيه ولَّا ما أثر؟ على هذا القول ما أثر فيه، من حيث الحس لا أثر، لكن من حيث المعنى وانتقاله من الطهورية إلى الطهارة يكون هذا تعبدٌ وحينئذٍ لا يرفع حدثًا. حديث أو الأثر الوارد عن ابن عباس في نزح ماء زمزم الذي وقع فيه الزنجي فأمر ابن عباس بنزحه، يستدل به بعضهم على نجاسة المؤمن إذا مات المسلم إذا مات، وهذه القصة مختلف فيها والكثير على تضعيفها، كثير منهم أنكرها، ولو كانت لو هي ثابتة لنزحه من باب الاستقذار، من منكم من يستعمل الماء الذي رأى فيه آدمي، وقد يكون هذا الآدمي مضى عليه أيام وتهرى وتقطع ووصلك نصيب منه، لا يقبله أحد، فيكون نزحه لهذا إن صح الأثر عن ابن عباس وهو مختلف في صحته وضعفه والأكثر على أنه لا أصل له، وإذا قلنا إنه نُزح وثبت لا من أجل نجاسة هذا الزنجي وإنما هو من أجل الاستقذار كما قال أهل العلم. الذين قالوا يتحايل على الماء ويحركه برجله أو بخشبة أو بحصاة يلقيها فيه، هل هذه الحيلة شرعية أو تكون من حيل اليهود: «لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا ما حرم الله بأدنى الحيل»، إذا قيل بهذه على رأي من يقول بها وأنها تنفع ومؤثرة، هاه؟ حيلة يهودية ولَّا شرعية لأنه فيه حيل شرعية، هاه؟ حيل اليهود يستحلون على استحلال المحرم، والحيل الشرعية التي يستعان بها إلى الوصول إلى الحلال أو الواجب؛ ولذلك قال -جل وعلا-: {لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} [النساء: 98]، يستعملون هذه الحيلة لفعل الواجب الذي أوجبه الله عليهم، واليهود يستحلون الحيل لاستحلال ما حرم الله عليهم، وباب الحيل واسع جدًّا. فهذا الذي ألقى خشبة أو حصاة استعمل المباح ولَّا استعمل المحرم؟

طالب: مباح.

طالب: للوصول .......

هاه؟

طالب: ....... للوصول إليه.

لا، بيتوصل للغسل.

طالب: ....... استعمل الحيلة.

هو استعمل الحيلة ليرفع الحدث ....... ما أوجب الله عليه.

طالب: ....... استعمل شيئًا طاهرًا .......

هو النظر في الأصل إلى أن الأثر في الماء أن يُقذره على غيره، أنت لو جاء واحد وطب الماء وأنت بتشرب سواء كان حرك ولَّا ما حرك، أما الذي يجري بنفسه معروف حكمه، وكلام أهل العلم في القواعد هل الماء الجاري كالراكد أو كل جرية لها حكم الماء المنفصل، سيأتي في الدرس القادم إن شاء الله تعالى لأن المسألة تحتاج إلى هاه؟

طالب: .......

هو اللي قال يتحايل عليه.

طالب: ....... الحديث على ظاهره .......

الظاهرية كلهم، إمامه داود -رحمه الله-. المسألة تحتاج إلى شيء من التفصيل وشيء من التنظير، لعلنا كم بقي؟ دقيقتين ولَّا هاه؟

طالب: الأذان.