تعليق على تفسير سورة آل عمران (31)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نعم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

قال الإمام ابن كثيرٍ -رحمه الله تعالى-: "وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: لَقِينَا الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ وَأَجْلَسَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَيْشًا مِنَ الرُّمَاةِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ الله بن جُبَيْرٍ، وَقَالَ «لَا تَبْرَحُوا إِنْ رَأَيْتُمُونَا ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ فَلَا تَبْرَحُوا، وَإِنْ رَأَيْتُمُوهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْنَا فلا تعينونا» فلما لقيناهم هربوا حتى رأيت النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ فِي الْجَبَلِ رَفَعْنَ عَنْ سُوقِهِنَّ، قد بَدَتْ خَلَاخِلُهُنَّ، فَأَخَذُوا يَقُولُونَ: الْغَنِيمَةَ الْغَنِيمَةَ، فَقَالَ عبد الله بن جبير: عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن لا تَبْرَحُوا فَأَبَوْا، فَلَمَّا أَبَوْا صَرَفَ وُجُوهَهُمْ فَأُصِيبَ سَبْعُونَ قَتِيلًا، فَأَشْرَفَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ فَقَالَ: «لَا تُجِيبُوهُ» فَقَالَ: أَفِي القوم ابن أبي قحافة؟ قال: «لَا تُجِيبُوهُ» فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ فَقَالَ: إِنْ هَؤُلَاءِ قَدْ قُتِلُوا فَلَوْ كَانُوا أَحْيَاءً لَأَجَابُوا. فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ نَفْسَهُ فَقَالَ له: كَذَبْتَ يَا عَدَوَّ اللَّهِ قَدْ أَبْقَى اللَّهُ لك ما يحزنك، قال أَبُو سُفْيَانَ: اعْلُ هُبَلُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَجِيبُوهُ» قَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قال: «قولوا: الله أعلى وأجل» قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَنَا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَجِيبُوهُ» قَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قَالَ «قُولُوا: اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ» قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ، وَتَجِدُونَ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي.

تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بِنَحْوِهِ، وَسَيَأْتِي بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ، فَصَرَخَ إِبْلِيسُ: أَيْ عِبَادُ الله، أخراكم، فرجعت أُولاهم فَاجْتَلَدَتْ هِيَ وَأُخْرَاهُمْ، فَبَصُرَ حُذَيْفَةُ، فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ الْيَمَانِ، فَقَالَ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أَبِي أبي. قال: قالت: فوالله مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: يَغْفِرُ الله لكم، قال عروة: فوالله مَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لحق بالله -عَزَّ وَجَلَّ-.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَنْظُرُ إِلَى خَدَمِ هِنْدَ وَصَوَاحِبَاتِهَا مُشَمِّرَاتٍ هَوَارِبَ مَا دُونُ أَخْذِهِنَّ كَثِيرٌ وَلَا قَلِيلٌ، وَمَالَتِ الرُّمَاةُ إِلَى الْعَسْكَرِ حِينَ كَشَفْنَا الْقَوْمَ عَنْهُ يُرِيدُونَ النَّهْبَ، وَخَلَّوْا ظُهُورَنَا لِلْخَيْلِ، فَأَتَتْنَا مِنْ أَدْبَارِنَا".

فأوتينا.

طالب: فأوتينا؟

"فأوتينا من أدبارنا" والمعني صحيح، الخيل أتتهم من ظهورهم.

"فأوتينا مِنْ أَدْبَارِنَا وَصَرَخَ صَارِخٌ: أَلَا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، فَانْكَفَأْنَا وَانْكَفَأَ عَلَيْنَا الْقَوْمُ بَعْدَ أَنْ أَصَبْنَا أَصْحَابَ اللِّوَاءِ حَتَّى مَا يَدْنُو مِنْهُ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ.

وقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: فَلَمْ يَزَلْ لِوَاءُ الْمُشْرِكِينَ صَرِيعًا، حَتَّى أَخَذَتْهُ عَمْرَةُ بِنْتُ عَلْقَمَةَ الْحَارِثِيَّةُ فَدَفَعَتْهُ لِقُرَيْشٍ فَلَاثُوا بِهِا".

في "فرفعته".

طالب: ...........

فلاثوا به، اثنين.

طالب: ...........

ماذا فيها؟

طالب: ...........

لعلنا نُعرِّج عليها.

"وَقَالَ السُّدِّيُّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ قَالَ: قَالَ عبد الله بن مسعود: مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِيدُ الدنيا حتى نزل فِينَا مَا نَزَلَ يَوْمَ أُحُدٍ {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ}[آل عمران:152]، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَأَبِي طَلْحَةَ، رَوَاهُنَّ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد،

فقال الإمام الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: "وَقَالَ الْبُخَارِيُّ" يعني في صحيحه "حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى" وهو العبسي.

"عَنْ إِسْرَائِيلَ" وهو ابن أبي إسحاق، عن أبيه أبي إسحاق "عَنِ الْبَرَاءِ" ابن عازب.

"قَالَ: لَقِينَا الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ" التنوين عِوض عن مضاف إليه، والتقدير يوم أُحد.

"وَأَجْلَسَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَيْشًا مِنَ الرُّمَاةِ" يعني وكل إليهم الرمي فوق الجبل، وألا يبرحوا هذا المكان مهما كان الظرف سواء انتصر المسلمون أو انتصر المشركون، وهذا توجيه نبوي ممن لا ينطق عن الهوى، ولا يصنع شيئًا لا يُرضي الله -جلَّ وعلا-، فهو يتصرف بتوجيهٍ من الله- جلَّ وعلا-.

فهؤلاء الرُّماة الذين أمَّر عليهم النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عبد الله بن جُبير كأنهم استعجلوا، والواقع أنهم استعجلوا، ورأوا أن المسلمين انتصروا، وأرادوا أن يشاركوا إخوانهم في الغنائم، ولا شك أن هذا تعجلٌ في غير موضعه، ومعصية لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومخالفة لتوجيهه الذي الخير كله في اتباع أمره واجتناب نهيه.

"وَأَجْلَسَ النَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَيْشًا مِنَ الرُّمَاةِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ الله بن جُبَيْرٍ، وَقَالَ: «لَا تَبْرَحُوا»" يعني لا تبرحوا هذا المكان، ولا تُغادروه، ولا تُفارقوه سواءً انتصرنا أو هُزِمنا.

"«إِنْ رَأَيْتُمُونَا ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ فَلَا تَبْرَحُوا، وَإِنْ رَأَيْتُمُوهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْنَا فلا تعينونا»، فلما لقيناهم هربوا" هرب المشركون لما واجههم محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه هربوا "حتى رأيت النِّسَاءَ يَشْتَدِدْنَ" يُسرعن في المشي يجرين -نساء المشركين- "فِي الْجَبَلِ رَفَعْنَ عَنْ سُوقِهِنَّ" السُّوق جمع ساق، وظهرت السُّوق والخلاخل من شدة وسُرعة الجري.

"فَأَخَذُوا يَقُولُونَ: الْغَنِيمَةَ الْغَنِيمَةَ، فَقَالَ عبد الله بن جبير: عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن لا تَبْرَحُوا فَأَبَوْا"؛ لأن المسألة كأنهم فهموا أنها انحسمت وانهزم المشركون، وأرادوا أن يُشاركوا في الغنائم، وأخطأوا في هذا.

"عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن لا تَبْرَحُوا فَأَبَوْا، فَلَمَّا أَبَوْا صَرَفَ وُجُوهَهُمْ" يعني إلى جهةٍ لا يدرون مداها، ولا يعرفون مؤداها، يعني خالفوا الأمر النبوي، فتحيروا.

طالب: .........

الذين خالفوا الرماة.

"فَأُصِيبَ سَبْعُونَ قَتِيلًا" يعني قُتِل سبعون من المسلمين "فَأَشْرَفَ أَبُو سُفْيَانَ" وهو قائد المشركين "فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟" -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، فقال النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: «لَا تُجِيبُوهُ».

"أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ فَقَالَ النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا تُجِيبُوهُ» فَقَالَ: أَفِي القوم ابن أبي قحافة؟" وهذا تحقير لأبي بكر، تحقيرٌ له وإن كان هو ابن أبي قحافة، قحافة: عثمان رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وأرضاه.  

"قال: «لَا تُجِيبُوهُ» فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟" يعني عمر "فَقَالَ: إِنْ هَؤُلَاءِ قَدْ قُتِلُوا" لما ما أجابوه؛ جزم بأنهم قُتِلوا، فلو كانوا أحيانًا لأجابوا.

ما الفائدة من قوله -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: «لَا تُجِيبُوهُ»؟

طالب: ........

من باب الإذلال له من جهة، ومن باب أن يُنظَر كيف يتصرف على إثر هذا السؤال والجواب، يمكن أن يتخبط، يمكن أن يستعجل على شيء.

"فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ نَفْسَهُ فَقَالَ له: كَذَبْتَ يَا عَدَوَّ اللَّهِ" عمر صاحب مواقف وكثيرًا ما يقول: تأذن لي في قتله يا رسول الله؟

طالب: فما يُقال هنا -حفظك الله-: إن عمر خالف أمر النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟

الأمر والنهي أحيانًا يكون من زيادة الحرص على مصلحة المسلمين، فلا يُؤاخذ الشخص، وأحيانًا يكون من باب الاحترام للشخص المقابل تحترمه.

قال النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- لأبي بكر أشار إليه أن يقف في موقفه، فتأخَّر أبو بكر، هل عصى أبو بكر؟ هذا من باب الاحترام للنبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-.

واستغل مثل هذا الموقف بعض الصوفية، وقالوا: إننا نفعل أشياء لا دليل عليها من باب الاحترام، استرسلوا في هذا، قالوا: إن المولد احترام للنبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- ما فعلنا شيئًا، فمثل هذا لا، يُقتَصر فيه على ما جاء فيه نص.

خالف أبو بكر بحضرته -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وإقراره، ما يُقاس عليه أمور حادثة ومخالفة للأمر والنهي، ويترتب عليها أشياء، ما الذي ترتب على فعل أبي بكر لما تأخر؟ ما ترتب عليه شيء، في حضرة النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- وأمَّ الناس -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، لكن المولد كم فيه من المحدثات والشركيات وغيره من بدع الصوفية؟!

طالب: والإسراء والمعراج.

كذلك، المحدثات كثيرة.

"كَذَبْتَ يَا عَدَوَّ اللَّهِ، قَدْ أَبْقَى اللَّهُ عليك ما يحزنك"، وفي نُسخة: "يُخزيك".

"قال أَبُو سُفْيَانَ: اعْلُ هُبَلُ" يعني يرتفع هُبل في مثل هذا الموقف الذي -على حد زعمه- أن الله أعزّ به المشركين.

"فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَجِيبُوهُ» قَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قال: «قولوا: الله أعلى وأجل» قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَنَا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَجِيبُوهُ» قَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قَالَ «قُولُوا: اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ» قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ" قتلتم منَّا سبعين، وقتلنا منكم سبعين الحرب سجال.

في يوم بدر قُتِل سبعون وأُسِر سبعون.

"يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ، وَتَجِدُونَ مُثْلَةً" يعني في القتلى من قُطِع أنفه، ومن قُطِعَت أذنه، ومن قُطِع منه طرف "لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي" أعني وُجِدت أو ما وُجِدَت كله واحد.

"تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ" هذه متابعة لأبي إسحاق من قِبل زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق متابعة لإسرائيل، وسيأتي بأبسط من هذا.

"وَقَالَ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ" حمَّاد بن أسامة.

"عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ" عروة بن الزبير، عن أبيه الزبير بن العوام.

"عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-".

طالب: ...........

عن عروة عن خالته عائشة -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْها-.

"قَالَتْ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ".

طالب: ..........

الحديث عن عروة عن عائشة.

"قَالَتْ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ، فَصَرَخَ إِبْلِيسُ: أَيْ عِبَادُ الله أخراكم" يعني ارجعوا إلى المؤخرة "فرجعت أولاهم فَاجْتَلَدَتْ هِيَ وَأُخْرَاهُمْ، فَبَصُرَ حُذَيْفَةُ، فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ الْيَمَانِ" كان مع المشركين، اليمان بن حِسل.

"فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ الْيَمَانِ فَقَالَ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ أَبِي أبي" الله المستعان، الأبوة لها شأن، والدين شأنه أعظم.

"أَبِي أبي، قال: قالت: فوالله مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ" يعني ما ذهبوا إلى أماكنهم ومحلاتهم التي يأوون إليها ويحتجزون بها حتى قتلوه، ما برحوا مكانهم حتى قتلوه.

"فَقَالَ حُذَيْفَةُ: يَغْفِرُ الله لكم" هذا الأب، وهذا رأس المال الذي هو الدين.

"قال عروة: فوالله مَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لقي الله -عَزَّ وَجَلَّ-" لماذا؟ لأنه آثر دينه على أبيه ما فزع لأبوه.

طالب: .........

وما الدين إلا الحب والبغض والولا
 

 

كذاك البرا من كل غاوٍ وآثم
 

"وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ".

طالب: عروة بن الزبير تابعي، عروة بن هشام؟

هشام بن عروة تابعي بلا شك.

طالب: عروة بن الزبير تابعي؟

ما هو أدرك.

طالب: ...........

صحابي.

طالب: ...........

فيه بقية من خير يشهد له بالخيرية.

طالب: ..........

يشهد له بالخيرية الذي آثر دينه على أبيه.

طالب: ..........

ما صار بينه وبينهم شيء.

"وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ" عبَّاد بن عبد الله بن الزبير "عَنْ جَدِّهِ أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَنْظُرُ إِلَى خَدَمِ هِنْدَ وَصَوَاحِبَاتِهَا مُشَمِّرَاتٍ هَوَارِبَ مَا دُونُ أَخْذِهِنَّ كَثِيرٌ وَلَا قَلِيلٌ" وإرادة الله غالبة، أسرهن يسير في ذلك الوقت.

"ما دُونُ أَخْذِهِنَّ كَثِيرٌ وَلَا قَلِيلٌ وَمَالَتِ الرُّمَاةُ إِلَى الْعَسْكَرِ" يعني بدلًا من أن يثبتوا على الجبل في أماكنهم، وانحرفوا وانصرفوا إلى المشاركة في الغنائم.  

"وَمَالَتِ الرُّمَاةُ إِلَى الْعَسْكَرِ حِينَ كَشَفْنَا الْقَوْمَ عَنْهُ" يعني هزمناهم "يُرِيدُونَ النَّهْبَ، وَخَلَّوْا ظُهُورَنَا لِلْخَيْلِ" خيل المشركين "فأوتينا أَدْبَارِنَا، وَصَرَخَ صَارِخٌ: أَلَا إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ" في الروايات الأخرى جاء أنه الشيطان.

"فَانْكَفَأْنَا وَانْكَفَأَ عَلَيْنَا الْقَوْمُ بَعْدَ أَنْ أَصَبْنَا أَصْحَابَ اللِّوَاءِ، حَتَّى مَا يَدْنُو مِنْهُ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ" هذا لما هزموا المشركين في أول الأمر.

"وقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: فَلَمْ يَزَلْ لِوَاءُ الْمُشْرِكِينَ صَرِيعًا حَتَّى أَخَذَتْهُ عَمْرَةُ بِنْتُ عَلْقَمَةَ الْحَارِثِيَّةُ فَرفَعَتْهُ لِقُرَيْشٍ فَلَاثُوا بِهِ" يعني اجتمعوا عليه.

"وَقَالَ السُّدِّيُّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ قَالَ: قَالَ عبد الله بن مسعود: مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِيدُ الدنيا حتى نزل فِينَا مَا نَزَلَ يَوْمَ أُحُدٍ {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ}[آل عمران:152]" والذي يُريد الدنيا هل معناه أنه ليس في قلبه إرادة مجرد إرادة للآخرة؟ ومن يُريد الآخرة هل لا يتسع قلبه لإرادة شيءٍ من الدنيا؟

طالب: ...........

{وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}[القصص:77].

على كل حال هذا الكلام هل يقتضي أن قسم لا يُريد إلا الدنيا وقسم لا يُريد إلا الآخرة؟

طالب: ..........

يقول: "مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرِيدُ الدنيا حتى نزل فِينَا مَا نَزَلَ يَوْمَ أُحُدٍ {مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ}[آل عمران:152]" يعني هما قسمان لا ثالث لهما؟ ما فيه قسم ثالث يخلط بين الأمرين؟

طالب: لعله -حفظك الله- لما نزل الرماة يُريدون الغنيمة، فقيل: ...؟

يعني تمحَّضت إرادتهم للدنيا؟

طالب: للغنيمة.

يعني للغنيمة ما فيه ...

طالب: بعدما هُزِم المشركون في البداية تمحضت غنيمة من نزل من الرماة إلى الغنيمة.

طالب: المراد إرادة الدنيا بعد الظفر والكسب.

طالب: الله يقول: {مِنْكُمْ}[آل عمران:152].

{مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ}[آل عمران:152].

طالب: {مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا}[آل عمران:152] بعدما انهزم المشركون أراد الرماة بنزولهم الغنيمة يُريدون الدنيا.  

الله -جلَّ وعلا- أخبر عنهم بهذا الخبر، بخبره الصادق الذي لا يحتمل النقيض، لكن لو وُجِد نظير لهذه القصة فيمن تأخَّر وصنع بعضهم مثل ما صنع أولئك، ألا يوجد خلط في النية، وإن كان الغالب لهؤلاء إرادة الدنيا، والغالب لهؤلاء إرادة الآخرة.

لما نال من أجرٍ أو غنيمة هل معنى الذي غنم ليس له نصيب من الأجر، والذي أُجِر ليس له نصيب من الغنيمة؟ لا، قد يجتمع الأجر والغنيمة، لكن الغنيمة في هذه الواقعة صارت في مقابل أمرٍ نبوي، قال لهم: «لَا تَبْرَحُوا» فيختلف الحكم عن غيرهم.

طالب: ...........

تختلف عن غيرهم أن هؤلاء عندك المواجهة للأمر الشرعي تختلف عن الأمر الذي جاء بعد عقود وقرون، الذي يقول له الرسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: لا تفعل كذا، مثل من يأتي بعد عشرة قرون ويسمع هذا الأمر؟ فرق، شتَّان.

طالب: ...........

النص قاطع منكم ومنكم، وعلى هذا القسمة ثنائية في هذه اللحظة، ولا يمنع أن يكون بعدها في نفس الغزوة أو بعدها تزيد الأقسام منهم من يخلط، ومنهم من يتمحّض، مثل ما جاء في الحديث «نَائِلًا مَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ» مثل هذا الذي نال الأجر ليس له نصيب من الغنيمة؟

طالب: ..........

بلى.

وكذلك من أخذ من الغنيمة ليس له نصيب من الأجر؟

طالب: .........

وقت مخالفة الأمر مع الإخبار بالنص الذي لا يتغير ولا يخالف الواقع بأي حال.

"وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَأَبِي طَلْحَةَ، رَوَاهُنَّ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ".

طالب: ...........

نعم صحابي صغير.

طالب: ..........

لا.

طالب: عروة بن الزبير ليس ابن عبد الله أخو عبد الله.

أخو عبد الله بن الزبير.

طالب: ..........

لا، خلِّ هذا.

طالب: ..........

الذي هو الحديث الأول ما هو حديث ابن إسحاق.

طالب: ..........

هشام بن عروة، عن أبيه عروة بن الزبير عن خالته عائشة.

طالب: عروة بن عبد الله بن الزبير.

لا لا.

نعم.

"وقوله تعالى: {ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ}[آل عمران:152] حدثني القاسم بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ أَحَدُ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ، قَالَ: انْتَهَى أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي رِجَالٍ من المهاجرين والأنصار قد ألقوا ما بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ: مَا يُجلِسكم؟ فَقَالُوا: قُتِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

قال ما...؟

طالب: يُجلسكم.

لا، عندنا غير.

طالب: عندي يُخلِّيكم.

أنا عندي ما تجليلكم، هذا ما معناه؟

ما يُخليكم.

طالب: يُخليكم؟

هنا ما يُخليكم، وهنا ما تُجليكم.

طالب: ما يُجلسِكم لعلها أقرب.

في كتاب في شرح غريب السيرة، والسهيلي شرح غريب السيرة يُراجع إن شاء الله.

طالب: ...........

هذا طويل هذا لشمس الشامي ما هو بارتباطه بسيرة ابن هشام والنص الذي عندنا من سيرة ابن هشام، فيُراجع إن شاء الله.  

"فَقَالَ: مَا يُجلِسكم؟ فَقَالُوا: قُتِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: فَمَا تَصْنَعُونَ بِالْحَيَاةِ بَعْدَهُ؟ قُومُوا فَمُوتُوا عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقَوْمَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِل رضي الله عنه.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ حَسَّانَ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، قال: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عَمَّهُ يَعْنِي أَنَسَ بْنَ النَّضْرِ، غَابَ عَنْ بَدْرٍ، فَقَالَ: غِبْتُ عَنْ أول قتال النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَئِنْ أَشْهَدَنِي اللَّهُ مع رسول الله لَيَرَيَنِّ اللَّهُ مَا أُجِدُّ، فَلَقِيَ يَوْمَ أُحُدٍ فَهُزِمَ النَّاسُ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاء ِ-يَعْنِي الْمُسْلِمِينَ- وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ، فَتَقَدَّمَ بِسَيْفِهِ فَلَقِيَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، فَقَالَ: أَيْنَ يَا سَعْدُ؟ إِنِّي أَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ دُونَ أُحُدٍ، فَمَضَى فَقُتِلَ، فَمَا عُرِفَ حَتَّى عَرَفَتْهُ أُخْتُهُ بِبَنَانِهِ أو بِشَامَةٍ، وَبِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ مِنْ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ، هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ بِنَحْوِهِ.

وَقَالَ البخاري أيضا: حدثنا عبدان، قال: حدثنا أَبُو حَمْزَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ حَجَّ الْبَيْتَ فَرَأَى قَوْمًا جُلُوسًا، فَقَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ الْقُعُودُ؟ قَالُوا: هَؤُلَاءِ قُرَيْشٌ. قَالَ: مَنِ الشَّيْخُ؟ قَالُوا: ابْنُ عُمَرَ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ شَيْءٍ فَحَدِّثْنِي، قَالَ: سل، قَالَ: أَنْشُدُكَ بِحُرْمَةِ هَذَا الْبَيْتِ، أَتَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَرَّ يَوْمَ أُحُدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَتَعْلَمُهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَدْرٍ فَلَمْ يَشْهَدْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَتَعْلَمُ أَنَّهُ تَخَلَّفَ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَلَمْ يَشْهَدْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. فَكَبَّرَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: تَعَالَ لِأُخْبِرَكَ وَلِأُبَيِّنَ لَكَ عَمَّا سَأَلْتَنِي عَنْهُ، أَمَّا فِرَارُهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْهُ، وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَدْرٍ فَإِنَّهُ كَانَ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَتْ مَرِيضَةً، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ»، وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَلَوْ كَانَ أَحَدٌ أَعَزَّ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ عُثْمَانَ لَبَعَثَهُ مَكَانَهُ فَبَعَثَ عُثْمَانَ، فَكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ عُثْمَانُ إِلَى مَكَّةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ الْيُمْنَى: «هِذِهِ يَدُ عُثْمَانَ» فَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ فَقَالَ: «هِذِهِ يَدُ عُثْمَانَ اذْهَبْ بِهَا الْآنَ مَعَكَ»".

في وقت فتنة وجاء هذا الرجل ليُقرر ويُرسِّخ هذه الفتنة بأدلتها، ولكن خيَّب الله ظنه.

طالب: لعله من الخوارج.

ممكن.

طالب: ولكل قومٍ وارث.

نعم، ما يحتاج، الله يتوب علينا.

طالب: سأل أسئلة على ظاهرها أنها فيها مذمة لعثمان -رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ-، لكنه هو استغلها استغلالًا...

مثل ما يُستَغل من بعض القنوات من المغرضين، وأيضًا وسائل التواصل يُثيرون أشياء، واحد يسأل ويقول: كان الرجال والنساء يتوضؤون على عهد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جميعًا، هذا بالبخاري، ثم يتخبَّط بعض الشراح يقول: كان هذا قبل الحجاب، وكان هذا... البخاري في ترجمته على الحديث يقول: باب وضوء الرجل مع امرأته.

والقاعدة: أن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفراد، الرجال والنساء يعني كل رجل مع امرأته كما يُقال: ركِب القوم دوابهم، يعني كلهم ركبوا على دابةٍ واحد ولا ماذا فعلوا؟ كل واحد ركب على دابته.

تُثار مثل هذه الأمور في مثل هذه الظروف التي نعيشها من أجل التشغيب على بعض مقررات الشريعة.

طالب: السؤال بحرمة البيت، أنشدك بحرمة البيت ولا أنكر عليه ابن عمر.

{وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ}[النساء:1].

طالب: لكن حرمة البيت او حرمة الشهر الحرام أو حرمة البلد الحرام؟

القَسم بالبيت أو بحرمته أو التوسل به غير إثبات أن له حُرمة.

طالب: غير السؤال به؟

غير السؤال به.

طالب: ...........

يسأل الله بحرمة البيت، يتوسل إلى الله بحرمة البيت؟ لا، غيره.

طالب: هو يسأل ابن عمر.

يسأل ابن عمر.

طالب: السؤال للمخلوق بحرمة البيت؟

ما في إشكال؛ لأن له حرمة.  

"ثُمَّ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ على أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن موهب".

أبو عوانة الوضَّاح بن عبد الله اليشكري.

"وقوله تعالى: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ}[آل عمران:153] أَيْ: صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ {إِذْ تُصْعِدُونَ} أَيْ فِي الْجَبَلِ هَارِبِينَ مِنْ أَعْدَائِكُمْ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ (إِذْ تَصْعَدُونَ) أَيْ: فِي الْجَبَلِ {وَلا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ} أَيْ: وَأَنْتُمْ لَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الدَّهَشِ وَالْخَوْفِ وَالرُّعْبِ {وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ}[آل عمران:153] أَيْ: وَهُوَ قَدْ خَلَّفْتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ يَدْعُوكُمْ إِلَى تَرْكِ الْفِرَارِ مِنَ الْأَعْدَاءِ، وَإِلَى الرجعة وَالْعَوْدَةِ وَالْكَرَّةِ.

قَالَ السُّدِّيُّ: لَمَّا شَدَّ الْمُشْرِكُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِأُحُدٍ فَهَزَمُوهُمْ دَخَلَ بَعْضُهُمُ الْمَدِينَةَ، وانطلق بعضهم إلى الجبل فوق الصخرة فقاموا عليها، فجعل الرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدْعُو النَّاسَ «إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ، إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ» فَذَكَرَ الله صعودهم إلى الْجَبَلِ، ثُمَّ ذَكَرَ دُعَاءَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِيَّاهُمْ، فَقَالَ: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ}[آل عمران:153] وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَقَتَادَةُ، وَالرَّبِيعُ، وَابْنُ زيد.

وقال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى: يَذْكُرُ هَزِيمَةَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ فِي قَصِيدَتِهِ وَهُوَ مُشْرِكٌ بَعْدُ لم يسلم التي يقول في أولها:

يَا غُرَابَ الْبَيْنِ أَسْمَعْتَ فَقُلْ
 

 

إِنَّمَا تَنْطِقُ شَيْئًا قَدْ فُعِلْ"
 

طالب: ...........

الزِّبعرى الزاي مكسورة، ابن الزِّبعرى.

"إِنَّ لِلْخَيْرِ وَلِلشَّرِّ مَدًى
 

 

وَكِلَا ذَلِكَ وَجْهٌ وَقَبَلْ
 

إِلَى أَنْ قَالَ:

"لَيْتَ أَشْيَاخِي بِبَدْرٍ شَهِدُوا
 

 

جَزَعَ الْخَزْرَجِ مِنْ وَقْعِ الْأَسَلْ
 

حِينَ حَكَّتْ بِقُبَاءٍ بَرْكَهَا
 

 

وَاسْتَحَرَّ الْقَتْلُ فِي عَبْدِ الْأَشَلْ
 

ثُمَّ خَفُّوا عِنْدَ ذَاكُمْ رُقَّصَا
 

 

وَقَصَ الْحَفَّانِ يَعْلُو فِي الْجَبَلْ"
 

رقص الجفان.

طالب: عندنا وقص.

رقص.

طالب: عندنا وقص الحفان.

طالب ...........

ماذا يقول؟

طالب: .........

في خاء الجفان.

طالب:

ثُمَّ خَفُّوا عِنْدَ ذَاكُمْ رُقَّصَا
 

 

وَقَصَ الْحَفَّانِ يَعْلُو فِي الْجَبَلْ
 

نسخة فيها الجِفان، ونُسخة فيها الحفان.

طالب: الحفان: صغار النِّعم.

ماذا عندك أنت؟

طالب: ..........

أنت مثلهم [41.17] "ثُمَّ خَفُّوا عِنْدَ ذَاكُمْ رُقَّصَا".

طالب: يمكن رقص الحُفان.

الحَفان عندنا "الْحَفَّانِ يَعْلُو فِي الْجَبَلْ".

الرقص: مشيٌ سريع، وهنا قال: الحَفان صغار النَّعم.

"ثُمَّ خَفُّوا عِنْدَ ذَاكُمْ رُقَّصَا
 

 

رَقَصَ الْحَفَّانِ يَعْلُو فِي الْجَبَلْ
 

فَقَتَلْنَا الضِّعْفَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ
 

 

وَعَدَلْنَا مَيْلَ بَدْرٍ فَاعْتَدَلْ
 

الْحَفَّانُ: صِغَارُ النَّعَمِ. وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

طويل الباقي.

طالب: نقف هنا؟

قف على هذا.

طالب: ...........

{ثُمَّ صَرَفَكُمْ}[آل عمران:152]؟

طالب: ..........

من هو؟

طالب: ..........

لكن صرفهم عنهم امتحان لهم، صرف المسلمين عن المشركين ورجوع المشركين عليهم وقتلهم فيهم ليبتليهم.

طالب: ابن عمر ما ترك الشبهة تموج وأغلق الباب؟

لا لا، لا يجوز لأحدٍ يستطيع أن يُجيب على شبهة تمسُّ الدين وأهل الدين أن يتركها مفتوحة، ولا يجوز لمن لم يتأهل لكشف الشُّبه والرد عليها أن يتصدى لها؛ ولذلك الذين يدخلون في مجال المناظرات إذا لم يكن الشخص متأهِّلًا وواثقًا من نفسه ومن علمه فلا يجوز؛ لأنه إذا انقطع في حجته نُسِب الانقطاع إلى مذهبه وملته، لو يأتي شخص ويقول: أنا أدافع عن الشيخ/ محمد بن عبد الوهاب، ثم يأتي خامًّا ما عنده شيء، وتُورَد عليه شُبه ولا يستطيع أن يُجيب عنها، قالوا: خاب وانقطع ما عنده شيء.

ولذلك المناظرات على رؤوس الخلائق مزلة قدم، ولا يجوز أن يتصدى لها إلا المتمكِّن.

طالب: ..........

نعم فيها احترافية، لكن مع ذلك العلم هو الأصل.

طالب: .........

موجود، اقرأ في تفسير الرازي ترى التلبيس.

طالب: ........

لكن الآن فُتِح المجال القنوات، ودخلت البيوت، وسمعها الكبار قبل الشيَّاب والعجائز، فضلًا عن الأطفال والشباب؛ ولذلك بعض الكبار من سلف الأمة وأئمتها لا يرون الردَّ على المبتدعة؛ لأنك ما أنت ترد عليه إلا نازله شبهته من هذا الباب.

طالب: ..........

أردته.

طالب: الله يحسن إليك يا شيخ ويُثنيك يا شيخ.

ويتوب علينا.