كتاب الجنائز - 4

....... بالأدلة أن ثواب المصيبة ثابت ولو لم يصبر، فإذا صبر كان له من الأجر، أجر الصبر قدر زائد على أجر المصيبة. ومنهم من يرى أن الأجر أجر المصيبة معلق بالصبر، فلا أجر على هذه المصيبة إلا بالصبر؛ «فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فعليه السخط». وهذا المتجه أنه لا بد من الصبر.

طالب: .......

عند الصدمة الأولى.

طالب: ............

الرضا بالقضاء أي بالمقضي، فيه فرق بينهما. نعم، الرضا بالقضاء أو بالمقضي يا إخوان؟

طالب: الرضا بالقضاء.

بالقضاء، وبالمقضي؟

طالب: لا يجب الرضا.

لا يجب الرضا.

طالب: حصول الأمر، حصول الموت.

وحال الرسول -عليه الصلاة والسلام- أكمل حال في هذا الباب، وفي غيره من الأبواب، فقد حصلت به المصيبة، وحزن قلبه، ودمعت عينه، مع أنه لا يُتصور بحال من الأحوال أنه اعترض على القضاء، بينما غيره ممن ليست حاله كحاله -عليه الصلاة والسلام- إذا حزن فلا بد أن يقر في قلبه شيء من عدم الرضا بالقدر؛ ولذا لما ضاق فكر بعضهم ضحك عند المصيبة.

طالب: .......

نعم، عجز عن الاحتمال أو عن التوفيق بين الرضا بالقضاء وبين الحزن، ضحك، ما استطاع، ما احتمل أن يوفق بينهما. فلا شك أن الحزن غير المؤثر الذي لا يترتب عليه تسخط، ولا يترتب عليه صوت مأثور عنه -عليه الصلاة والسلام-، وهذا فعله، القلب يحزن، لكن لا يتصور بحال من الأحوال أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يرضَ بالقدر.

طالب: .......

لكن من يحصل له مثل هذا، كيف يقول باستواء الأمرين وقد حزن؟

 نعم الرسول -عليه الصلاة والسلام- وهذه مسألة من دقائق الأنظار ومن مضايقها، ومثلها مباشرة الأسباب مع التوكل، الرسول -عليه الصلاة والسلام- لا يُتصور بحال من الأحوال أنه التفت إلى هذه الأسباب مع مباشرتها، لكن من منا يذهب إلى الطبيب؛ ليعالجه ويصف له الدواء، وهو لم يلتفت إليه بحال من الأحوال؟

 ما يمكن. ولذا الرسول -عليه الصلاة والسلام- كوى ورقي ورقى واحتجم، باشر الأسباب، ومع ذلكم قال في السبعين الألف: «الذين لا يسترقون ولا يرقون، وعلى ربهم يتوكلون...» إلى آخره. فحاله -عليه الصلاة والسلام- تختلف عن حال سائر الناس، يباشر الأسباب مع عدم الالتفات إليها بحال من الأحوال، وغيره إذا باشر الأسباب مهما كان مستقلًّا أو مستكثرًا لا بد أن يتعلق بها.

طالب: .......

نعم.

طالب: ............

باشر الأسباب، وهو مأمور بمباشرة الأسباب.

طالب: .......

كيف؟

طالب: ............

ما جاءه خوف وذعر؟

لا ما يلزم.......

اللهم صلِّ على محمد.

طالب: .......

نعم.

طالب: ............

أعطنا الذي عندك.

طالب: (ويسن الصبر والرضا والاسترجاع فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيرًا منها. ولا يلزم الرضا بمرض وفقر وعاهة).

أما الاسترجاع فينبغي أن يكون ديدن الإنسان في كل مصيبة، سواء كانت في دينه أو في بدنه أو في ماله أو ولده، فالمصائب الآن سواء كانت الخاصة أو العامة لا تنقضي، فملازمة الاسترجاع لا سيما في مثل هذه الأحوال التي اضطربت فيها أحوال المسلمين باعتبار أن ما يصيب الإسلام، أو ما يصيب الإخوان المسلمين في كل قطر من أقطار المسلمين مصيبة على الشخص نفسه، يعني الذي يتغدى به يتعشى به ما الذي يمنع؟ ماذا بينك وبين الله إذا لم تحمل الهم؟

وإذا كان هَمّ الدنيا مأجورًا عليه الإنسان فهم الآخرة من باب أولى. فعلى الإنسان أن يقول صباحًا ومساء: إنا لله وإنا إليه راجعون، سواء كان فيما يحل به بخاصة نفسه في بدنه أو ماله أو ولده، أو بالإسلام والمسلمين عمومًا، والله المستعان.

طالب: (ويحرم بفعل المعصية، وكُره لمصاب تغيير حاله).

ويحرم الرضا بفعل المعصية، يعني تجد شخصًا يفعل معصية، ترضى له ذلك، وتبارك له فعله معصيته، هذا حرام، وإذا رضيت منه الكفر فأنت على خطر، نسأل الله العافية.

طالب: ............

نعم.

طالب: يا شيخ إذا كان .......

لكن ما ترضى، أقل الأحوال أن تنكر بقلبك.

طالب: أو تهجرهم.

أقل الأحوال الإنكار بالقلب، فليس بعد ذلك من الإيمان شيء.

طالب: يعني إذا قلت لهم .......

كيفكم هذا تهديد أم رضا؟

طالب: لا، يعني عدم رضا.

إذا كان عدم رضا لا بأس، نعم.

طالب: (وكره لمصاب تغيير حاله وتعطيل معاشه).

فلا يلبس سوادًا، ولا يلزم مكانًا معينًا، أو يترك العمل من أجل المصيبة، لا.

طالب: (مع جعل علامة عليه؛ ليعرف فيعزى).

وهذا من ذاك، مثل ما تقدم، حتى العلامة لا يجعل علامة.

طالب: (وهجره للزينة وحسن الثياب ثلاثة أيام.

"ويحرم الندب" أي تعداد محاسن الميت، كقوله: وا سيداه، وا انقطاع ظهراه، "والنياحة" وهي رفع الصوت بالندب، "وشق الثوب ولطم الخد ونحوه" كصراخ).

لكن إذا وُجد شيء من الندبة اليسيرة من غير جزع، من غير إظهار الجزع، قالت فاطمة -رَضِيَ اللهُ عَنها-: وا كرب أبتاه.

طالب: .......

ماذا؟

طالب: ............

بحسبها. إذا لبس ثيابًا تغاير ما كان عليه عادته وعادة أهل بلده صار التحريم، أما إذا كان عادته في مثل هذا اليوم يلبس ثوبًا جديدًا مثلاً في يوم جمعة مثلاً فاستمر على ثيابه العادية التي يلبسها يوم الخميس فهذا أقل بكثير.

المقصود أن التغيير الذي يلفت النظر الكبير الذي ليس من عادته ... لأن الألبسة مبناها على الأعراف.

طالب: (ونتف شعر ونشره، وتسويد وجه وخمشه؛ لما في الصحيحين: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية»).

طالب: ............

لحظة لحظة، نعم.

طالب: .......

من النعي أم من .......؟

طالب: .......

الأمور بمقاصدها، إذا كان المقصود من الإعلان الإسراع بإبراء ذمة الميت، وإعلام أهله والأبعدين والمسافرين والغائبين؛ للحضور، أو لعلم الوفاة فلا بأس به، هذا مجرد إخبار، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- نعى النجاشي، وإذا كان المقصود منه التفاخر، وإهدار الأموال من غير فائدة، وأن يقول الناس: إن فلانًا صار عليه كذا، وأعلن عنه في كذا، فهذا حرام لا شك يشابه نعي الجاهلية.

طالب: .......

لعدم تمكنهم من العزاء المباشر؟

طالب: نعم.

لعدم تمكنهم بهذا القيد.

طالب: .......  

لا هو إذا كان.. يعني فالمسألة حكم عام،ـ ما هو لزيد من الناس، لا، إذا كان ما يتمكن لا مباشرة ولا بهاتف ولا مكاتبة ولا يقدر إلا بهذه الوسيلة مع الاقتصاد فيها.

طالب: .......

المقصود أن الأمور بمقاصدها، والإسراع يدخل في هذا.

طالب: .......

لا، ما يجوز، ليس له مبرر.

طالب: ....... بدأ ينتشر .......

لا هو كأنه بدأ يخرج ....... من الأصل، لكن بعد سماع الناس كلام الشيخ ابن عثيمين كأنه بدأ يخرج قليلاً، ومثل ما ذكر، إذا كان الإنسان قصده من ذلك التيسير على الناس والتسهيل عليهم، شخص توفي في الرياض له خمسة أولاد واحد بالعليا، وواحد بالشفا، وواحد بالنسيم، وواحد بالسويدي، وواحد من النظيم، يشق على المعزين، مع أنهم عادتهم أن يجتمعوا مثلاً في يوم كذا أو في يوم كذا، ويلتقون في مكان كذا يومًا عند فلان، ويومًا عند فلان، قالوا له: خلوا الأيام كلها حتى يقصدنا الناس من غير إضرار بأحد منهم، ومن غير أيضًا إظهار للجزع ومن غير أيضًا إظهار هيئة معينة توحي بأنهم مصابون، هذا لا بأس به من باب الإرفاق بالناس. أما إذا قصدوا أنهم يتجدد حزنهم، وأنهم جلسوا في هذا المكان؛ من أجل هذه المصيبة فحسب، من غير قصد التخفيف على الناس فهذا لا يجوز.

طالب: ....... روي عن الصحابة: كنا نعد الاجتماع للعزاء وصنع الطعام من النياحة..

من النياحة نعم جرير بن عبد الله.

طالب: ....... فما أدري يا شيخ ....... سنة، سنتين، ثلاثًا، أربعًا، عشرًا .......

مما يؤتى به إليهم، مما يُصنع لهم هذا الأكل وليس من البيت.

طالب: .......

هذا مما اعتاد الناس بذله لغيرهم من غير قصد، اعتاد الناس بذله، يعني لو جاء أحد وصب له قهوة، فما فيه شيء، جاء ووجدهم واضعين للغداء جلس، يعني اعتاد الناس فيما بينهم أنه لا بأس به، ولم يُجعل من أجل المصيبة نفسها، ما استصحب هذا الأمر، فالأمر إذا كان القصد منه الإرفاق بالناس فأمره أخف، مع التنبيه عليه أن هذا ليس بمشروع، وأن غيره أولى منه، لكن بقصد الإرفاق بالناس، والتسهيل عليهم، وإذا رؤي أن هذا الأمر استغرق فيه أو أن هؤلاء العائلة يخشى منهم كذا أو كذا، يشدد في أمرهم.

طالب: في بعض البلاد تكون البيوت ضيقة ما تكفي المعزين، فما أدري ما يفعلون أهل الميت يا شيخ؟ هل يضعون جلسات في حوش.

لا باستراحات.

طالب: أو باستراحات أو بالطرقات؟

لا لا لا، الأصل مثل هؤلاء يذهبون إلى أعمالهم، ويتركون التعزية، ومن صادفهم من غير قصد يعزيهم وإلا فلا، إذا وصل الأمر إلى لأن البيت يضيق بهم فيخلونه.

طالب: .......

هذه مخالفة، نعم.

طالب: .......

على حسب، الأمور بمقاصدها، إذا كانوا اجتمعوا من أجل الإرفاق بالناس، والتيسير عليهم.

طالب: ما فيه إرفاق.

ما فيه إرفاق، وإنما لبيان أن هؤلاء مصابون، وأن من جاءهم شاركهم في هذه المصيبة، وكذا إلى أن يزداد الأمر فهذا يُمنع؛ من باب سد الذريعة.

فيه شيء؟

طالب: ............

اقرأ.

طالب: (وفيهما: «أنه -صلى الله عليه وسلم- برئ من الصالقة والحالقة والشاقة». والصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة).

الحالقة التي تحلق شعرها، والشاقة التي تشق ثوبها وما أشبه ذلك.

طالب: (وفي صحيح مسلم «أنه -صلى الله عليه وسلم- لعن النائحة والمستمعة»).