قد يقول قائل: هل يأتي بعد الصحابة من هو خير منهم، وقد جاء في الحديث «مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره» [الترمذي: 2869]، وجاء في الحديث أن المتمسك بالدين في آخر الزمان له أجر خمسين، قالوا: أجر خمسين منهم؟ قال: «أجر خمسين منكم» [أبو داود: 4341]، فهل يعني هذا تفضيل من يجيء في آخر الزمان على الصحابة؟ نقول: لا، ليس فيه تفضيل لهم على الصحابة، وإنما هو تفضيل من هذه الحيثية، فالعمل الذي يُعمل في آخر الزمان يعادل نظيره مما يُعمل في أوله خمسين مرة، لكن فضل الصحبة وشرفها مزية وخصيصة لا ينالها أحد، ولو أنفق مثل أُحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه، فالصحابة لهم فضلهم ولهم حقهم على الأمة؛ لأنهم نقلوا لنا الدين، ولو لم يكن إلا أن الدين بلغنا بواسطتهم لكفاهم بذلك حقاً عظيماً علينا.