القاعدة عند شيخ الإسلام أنه لا دعاء بعد الفراغ من العبادة، بل الدعاء في أثنائها، والذي يرمي الجمرات قد فرغ من العبادة. ولذا تجدون شيخ الإسلام ومن يقول بقوله في حديث معاذ –رضي الله عنه-: «إني أحبك فلا تدع أن تقول في دبر كل صلاة اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» [أبو داود: 1522]، طردًا لهذه القاعدة يقولون: دبر الصلاة قبل السلام. وهو محتمل لغة: أن يكون الدبر ملاصقًا، أو يكون منفصلًا. والدبر الأصل أنه ملاصق، فدبر الدابة ملاصق لها ومعها في جملتها. لكن ماذا عن حديث: «تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة» [مسلم: 595] هل يمكن أن يقول أحد أنها قبل السلام؟ لا يمكن أن يقول أحد أنها قبل السلام، بل بعدها منفصلًا عنها كما بيّنت ذلك السنة، لكن هذا القول ذكر، وشيخ الإسلام يرى أن الذكر يكون بعد الصلاة.
والدعاء قبل السلام قد جاء ما يدل عليه، ففي صحيح مسلم: «رب قني عذابك يوم تبعث عبادك» [مسلم: 709]، ويقال بعد الانصراف. وهذا يرد على ما قرره الشيخ -رحمه الله-. فالمسألة مسألة اتباع، فما جاء من الأدعية في أثناء العبادة يقال في أثناء العبادة، وما جاء من الأدعية بعد الفراغ منها يقال بعد الفراغ منها. وعلى كل حال فهذا تقريره –رحمه الله-، وله وجه في كثير من المواطن لكنه ليس بمطرد.
وكذلك الاستغفار دعاء، وهو طلب المغفرة، ويكون بعد الصلاة، وتُرفع فيه اليدان لكنه ليس بمطرد. فلا يتخذ عادة؛ لأنه لم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه يتخذه عادة وإن حث عليه.