ما صام شهرًا كاملًا -عليه الصلاة والسلام- إلا أن يكون رمضان، وكان يُكثر من الصيام في شهر الله المحرم، ويُكثر من الصيام في شهر شعبان، وكان من كثرة صيامه ومن كثرة ملازمته للصيام ما يجعل الراوي يغلب على ظنه أنه صام الشهر كله فقاله، وإلا فالحقيقة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما صام شهرًا إلا أن يكون رمضان.
والنهي عن الصيام والتقدُّم لشهر رمضان بيوم أو يومين هذا ثابت النهي عنه «لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين» [البخاري: 1914/ ومسلم: 1082] هذا ثابت ومعروف ومخرج في الصحيح، المقصود أن الصيام يُستحب إكثاره في شهر شعبان كالمحرم، وأما استيعاب الشهر كله فإنه لا يجوز لاسيما في آخره -في آخر يوم أو يومين- للنهي الثابت عنه، وجاء في الحديث أيضًا «إذا انتصف شعبان فلا تصوموا» [أبو داود: 2337]، صححه بعض أهل العلم وعملوا بموجبه، لكن مفهوم حديث «لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين» يدل على جواز التقدُّم بأكثر من يومين، والله أعلم.