كيف يستفيد طالب العلم من كتب السنة؟ (2)
نقول: المتقدمون ليست لهم عناية بعد الأحاديث؛ هذه الأمور مفضولة عندهم، لا يولونها عناية، همهم الحفظ والفهم، فبدلاً من أن يجلس يعد أربعين ألف حديث أو ثلاثين ألف حديث يحفظ مائة حديث في هذه المدة، لكن المتأخرين خف عندهم العناية بالعلم من حيث الحفظ والفهم، اعتنوا بهذه الأشياء التي هي ثانوية بالنسبة للعلم الشرعي، بل ليست معدودة من العلم الشرعي، كونك تعد الأحاديث واحد، اثنين، ثلاثة، أربعة، عدد الأبواب، عدد..، أيش النتيجة؟
وصل الحد عند المتأخرين والترف العلمي إلى أن جاء شخص وعد حروف بعض الكتب –الحروف- وهذا حصل لشخص من اليمن أشكل عليه القراءة في تفسير الجلالين، هل يُقرأ بطهارة، أو ما يحتاج إلى وضوء؛ لأن الحكم للغالب، فعد أحاديث التفسير، حروف التفسير وحروف القرآن، فقال: إلى المزمل العدد واحد، من المدثر إلى آخر القرآن زاد التفسير قليلاً، فانحلت عنده المشكلة، صار الغالب تفسيراً، صار يقرأ في تفسير الجلالين من غير طهارة، هل يعنى المتقدمون بمثل هذه الأمور؟ أبداً، ما يهمه إنه يشوف الكتاب مجلد كبير، فيه ألف حديث ألفين حديث.......... وبعدين، نعم، العوام يقولون................، نعم، وأيش هو ما يضير يعني، المهم أنه كتاب محفوظ بين الدفتين ما يحتاج إلى أن نعده، وبدلاً من أن تعد واحد اثنين ثلاثة تأخذ لك يوم، احفظ لك كمية من الأحاديث، هذه عنايتهم.
المقصود أن المسند من أهم كتب السنة وأجمعها، وهو مرتب على المسانيد، والمسند في عرف أهل العلم الكتاب الذي يرتب على ترتيب الرواة من الصحابة، على ترتيب الرواة من الصحابة، مثل مسند أحاديث أبي بكر الصديق، أحاديث عمر، أحاديث عثمان، أحاديث علي، وهكذا إلى آخر العشرة، إلى آخر البدريين، إلى آخر كذا، كل له طريقة في ترتيبه، لكن يجمع أحاديث الصحابي الواحد تحت ترجمته.
ولكونه يجمع أحاديث الراوي من غير تمييز جاءت رتبة المسانيد دون رتبة السنن، لماذا؟
لأن مؤلف السنن يترجم بحكم شرعي، باب تحريم كذا، باب وجوب كذا، فهو يترجم بحكم شرعي، وهو ينتقي للاستدلال على هذا الحكم بأقوى ما يجد، بخلاف من يترجم بترجمة صحابي.
الآن إذا ترجم باب وجوب -على سبيل المثال- عيادة المريض، لا بد أن يأتي بأقوى ما يجد مما يؤيد هذا الحكم، لكن إذا قال: أحاديث أبي بكر الصديق، هل يحتاج أن يأتي بأقوى ما رواه أبو بكر الصديق؟ لا، ما يلزم، المهم أن هذه الأحاديث مروية من طريق الصديق -رضي الله عنه- ولذا تأخرت رتبة المسانيد عن رتبة السنن، ولذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:
ودونها في رتبة ما جعلا |
| على المسانيد فيدعى الجفلا |
مسند الإمام أحمد، كتاب عظيم وهو أطول المسانيد، باستثناء مسند بقي الذي لم يوجد، بل هو أطول الكتب المتداولة في السنة، وهو كتاب عظيم، شرطه كما قرر شيخ الإسلام ابن تيمية لا يقل عن شرط أبي داود، والخلاف في أحاديثه هل يوجد فيه شيء موضوع وإلا لا يوجد، وللحافظ ابن حجر كتاب أسماه: (القول المسدد في الذب عن المسند)؛ لأن ابن الجوزي أدخل بعض الأحاديث من المسند في الموضوعات، فدافع عنه الحافظ ابن حجر، وعلى طالب العلم أن يقرأ مقدمة هذا الكتاب؛ فيها من الأدب، وفيها من الاعتراف لأهل الفضل بالفضل، ما ينبغي أن يتأدب عليه طالب العلم.
مسند الطيالسي: وهو أقدم، من مسند الإمام أحمد؛ باعتبار أن الطيالسي متوفى قبل الإمام أحمد -مائتين وأربعة، والإمام أحمد مائتين وواحد وأربعين- لكن باعتبار الجامع يونس بن حبيب الراوي عن الطيالسي من أقران الإمام أحمد، ومسند الطيالسي في مجلد واحد، أحاديثه ليست بالكثيرة بالنسبة لمسند الإمام أحمد، لكنه مسند مشهور معتنى به عند أهل العلم
كمسند الطيالسي وأحمد |
| وعده للدارمي انتقدا |
ابن الصلاح عد الدارمي من المسانيد، فانتقد في عده للدارمي من المسانيد، وهو مرتب على الأبواب، لا يقال: إن الحافظ العراقي يريد بالمسانيد المعنى الأعم وهو الأحاديث المروية بالأسانيد كما جاء في تسمية البخاري الجامع الصحيح المسند، المختصر من أخبار النبي -عليه الصلاة والسلام- وأحواله وسننه وأيامه، هذا بالمعنى الأعم، لكن هو يتحدث عن الأسانيد –المسانيد- بالمعنى الاصطلاحي، فانتقد عليه عده الدارمي من المسانيد، اللهم إلا إن كان يريد المسند الذي أشار إليه الخطيب البغدادي في ترجمة الدارمي مما لم يوقف عليه، هذا شيء آخر، ولعله أراد ذلك.
على كل حال المسانيد هذه طريقتها، وكيفية الاستفادة منها أن يبحث عن أحاديث كل راو تحت ترجمته، الحديث عندك في ترجمة..، راويه أبو بكر الصديق، وتفيد كثيراً إذا عرفت الراوي، إذا عرفت الراوي من الصحابة تفيدك المسانيد، لكن لا يكون الراوي من المكثرين كأبي هريرة مثلاً، تبحث في المسند عن أحاديث أبي هريرة ما استفدت؛ يطول عليك الوقت، فتلجأ إلى طريقة أخرى.
هذه المسانيد، وهناك الجوامع، وهي التي تجمع جميع أبواب الدين، تجمع جميع أبواب الدين بخلاف الموطآت والمصنفات والسنن، أبواب الدين كلها ففيها الإيمان، وفيها العلم، وفيها الطهارة، وفيها الصلاة والزكاة، وآخر العبادات، والمعاملات، والمغازي، والفتن، والدعوات، والتوحيد، والاعتصام، جميع أبواب الدين تجمع في الجوامع، ومن أهمهما صحيح البخاري -لجامع الصحيح للإمام البخاري- والجامع الصحيح للإمام مسلم، والجامع أو جامع الترمذي، هذه أهم الجوامع، وفيها جميع ما يحتاجه طالب العلم من أبواب الدين.
والكلام عن الصحيحين لا ينتهي، الآن الزبدة جاءت، وأظن الوقت بعد..
طالب: أطلت يا شيخ.
هاه.
طالب: أطلتم في المقدمة زيادة.
كيف؟ بس هنا تمهيد توطئة مقدمة.
طالب: أعانكم الله، أعانكم الله.
مقدمة توطئة، يحتاجها طالب العلم.
يقول هذا: هل صحيح ما ذكر من وجود مسند بقي بن مخلد في برلين؟
من قرأ في مقدمة تحفة الأحوذي، قال: لم يفقد من كتب السنة شيء، كلّ الكتب بخطوط الأئمة، كل ما تريد، مسيل اللعاب يسمونه، كل ما تريد، تجد المسند بخط عبد الله بن الإمام أحمد، وعليه خطوط الأئمة من بعده، وكذا وكذا، في الخزانة الجرمنية، وكل خذ من أمثلة كثيرة جداً، خطوط الأئمة، لكن الواقع، أين الأمة عن هذه الكتب؟
وهذا يقول: هل صحيح....
هو ذكر مسند بقي بن مخلد في الخزانة الجرمنية -في ألمانيا- وين؟ فتحت أبواب ألمانيا وأسوارها، ودخلها الناس وبحثوا ما وجدوا، وجدوا شيئاً يسيراً، لكن على مستوى ما ذكر ما هو بصحيح.
نعود إلى الجوامع والكلام عن الجوامع يطول؛ لأنها تضم أعظم كتب السنة، وهما الصحيحان، هما الصحيحان -صحيح البخاري وصحيح مسلم- وكلام أهل العلم في المفاضلة بينهما كلام معروف، والجمهور على أن البخاري أصح.
أول من صنف في الصحيح |
| محمد وخص بالترجيح |
فصحيح البخاري أصح الكتب عند جمهور العلماء، أصح الكتب بعد كتاب الله -عز وجل- يليه صحيح مسلم.
بعض المغاربة مع أبي علي النيسابوري فضلوا صحيح مسلم، لكن الواقع يرد ذلك، فالصحيح أو الأصح في صحيح البخاري أكثر؛ ودليل ذلك أن الأحاديث المنتقدة في صحيح البخاري أقلّ، الرواة المنتقدون في صحيح البخاري أقل من المتقدين في صحيح مسلم، وإن كان الانتقاد في الغالب لا حظ له من النظر، لكن حديث لم ينتقد البتة ما هو مثل حديث انتقد، وراوي لم ينتقد البتة، ليس مثل راوي انتقد وإن كان الانتقاد ضعيف.
الأمر الثاني: إمامة البخاري؛ فالإمام البخاري له يد طولى في هذا الشأن، إمام الحفاظ، ومسلم تلميذه وخريجه، حتى قال الدارقطني وغيره: لولا البخاري ما راح مسلم ولا جاء.
فإذا نظرنا إلى واقع الكتابتين وجدنا الراجح قول الجمهور، وصحيح البخاري أصحّ، والأحاديث المنتقدة فيه أقل، والرواة المنتقدون فيه أقل، فهو أرجح.
المغاربة -ومنهم ابن حزم- فضلوا صحيح مسلم؛ لأنه ليس فيه بعد الخطبة إلا حديث السرد، الحديث سرد، ما فيه ولا تراجم، ما في باب كذا، كتاب كذا، ولا فيه آثار إلا القليل النادر، فالبخاري مملوء بالتراجم والآثار من أقوال الصحابة والتابعين، وفيه المعلقات، فيه ألف وثلاثمائة وأربعين حديث معلَّق، يعني حذفت أسانيدها أو بعض أسانيدها، بينما صحيح مسلم ليس فيه آثار إلا القليل النادر، وليس فيه تراجم، والمعلقات التي فيه عدتها أربعة عشر حديثاً كلها موصولة في صحيح مسلم، إلا واحد موصول في البخاري، إذن لسنا بحاجة إلى بحث معلقات مسلم، يعني وجود هذه المعلقات في صحيح مسلم مؤثر وإلا غير مؤثر؟ غير مؤثر؛ لأنها كلها موصولة في الصحيح نفسه سوى واحد موصول في البخاري.
البخاري عنده ألف وثلاثمائة وأربعين حديث معلق، بمعنى أنها حذفت أوائل أسانيدها، وكلها موصولة في الصحيح سوى مائة وستين أو مائة وتسعة وخمسين هذه هي محل البحث، وهي على قسمين؛ لأن منها ما صدر بصيغة الجزم، ومنها ما صدر بصيغة التمريض، فما صدر بصيغة الجزم مضمون ومصحح إلى من علق عنه؛ لأن البخاري ضمن من حذف، ما دام جزم بنسبته إلى راو من رواته فإنه قد ضمن من حذف، ويبقى النظر فيمن أبرز من رجال الإسناد.
ما صدر بصيغة التمريض منه ما هو صحيح على شرطه، ومنه ما هو صحيح على شرط غيره، ومنه ما هو ضعيف، لكن الضعيف الذي ضعفه شديد ينبه عليه الإمام البخاري، يروى عن أبي هريرة: "لا يتطوع الإمام في مكانه"، ولم يصح، ينبه عليه الإمام -رحمة الله عليه- فحينئذ نقول: صحيح البخاري أصح، وهو أكثر فائدة؛ لأن الفقه في تراجم البخاري، والإمام البخاري في الاستنباط من أفقه الناس وأدقهم وأغزرهم، مسلم ما فيه تراجم، يجمع لك الأحاديث، نعم له طريقة في الاختيار، وله طريقة في السياق، له طريقة في ترتيب الأسانيد والمتون، بارع في هذا الباب، لكن ليس له فقه، فقهه في طريقة -في صناعة- السياق، سياق المتون والأسانيد، هنا يكمن فقه مسلم، ومن هنا رجح
تشاجر قوم في البخاري ومسلم |
| لديَّ وقالوا: أي ذين تقدم |
مسلم لا شك أنه يتصرف تصرفاً بارعاً في تقديم وتأخير بعض الأسانيد والمتون، ومن أدلة ذلك الأثر الذي ذكره بين أحاديث المواقيت مما لا علاقة له بالمواقيت، لما ذكر هذه الأسانيد التي برع رواتها في سياقها، وأبدع في ترتيبها قال: وقال يحيى بن أبي كثير: "لا يستطاع العلم براحة الجسم، لا يستطاع العلم براحة الجسم".
هل يستطيع أحد أن يبرع في أي عمل يتوجه إليه وهو مرتاح؟ يستطيع؟ ما يستطيع، أي عمل من الأعمال، سواءً كان في الدنيا أو في الآخرة، لا بد من التعب، لا يستطاع العلم براحة الجسم، وطلاب العلم وهم على فرشهم وعلى اصطلاح بعض المشايخ يقول، أيش يقول كلمة..؟ يعني في الملاحق هذه حق البيوت، جالسين يسولفون يبون يحصلون العلم، بها الآلات والإنترنت والأشرطة، ومع ذلكم من لا يعتني بالعلم لا يعان ولا على سماع الأشرطة، ما يعان، الشاهد..، الشاهد حاصل، الذي يريد أن يرتاح ويسمع وهو في فراشه أو في الملحق جالس يسولف مع زملائه فإنه في الغالب لا يعان ولا على السماع، وهذا كما قال يحيى بن أبي كثير: لا يستطاع العلم براحة الجسم، لا بد من التعب.
فإذا تقرر هذا فصحيح البخاري أصح، وعناية الأمة به أكثر، شرح الشروح التي لا حصر لها ولا يزال يشرح إلى الآن، وقد يقول طالب العلم: مئات الشروح، كيف أختار؟ البخاري له مئات الشروح، كيف أختار؟ إذا تركته يختار احتار؟
نقول: من بين هذه الشروح شروح معروفة بني بعضها على بعض، يعني نتجاوز شرح الخطابي وشرح ابن بطال والشروح الأخرى حتى نصل إلى شرح الكرماني، شرح لطيف ونفيس وفيه فوائد، وفيه طرائف تحبب طالب العلم في القراءة، وفيه أوهام، فيه أوهام لم يترك من أجلها، ولذا تجدون كل الشراح يقولون: قال الكرماني، قال الكرماني، أحد ينسب، وأحد ما ينسب بعد، قد ينقل عنه بلا نسبة، وله الفضل في ذلك، ثم عاد يا الله إذا أخطأ، وهم تصدوا للرد عليه، كما يقولون العامة: شعير مأكول مذموم، رحمة الله عليه.
لكن يبقى أن الكتاب نفيس ولطيف وفيه هذه الأوهام، ومن يعرو من الأوهام -من يخلو- ويكفيه أن كل من جاء بعده اعتمد عليه.
هناك شرح الحافظ ابن حجر، واعتمد اعتماد كبير على الكرماني، وتصدى له بالنقد، في جميع أوهامه، وشرح الحافظ شرح عظيم نفيس، لا يستغني عنه طالب علم، لا يستغني عنه طالب علم.
طالب:.......
إيش تسوي لهم يا أخي الوقت، الوقت ما يسعف، الأسئلة كثيرة؟
طالب:.............
يا أخي الأسئلة كثيرة ما نستوعب، والكلام باقي كثير، الآن الكتب الستة ما بعد جاءت.
طالب: أحسن الله إليك.
شرح الحافظ ابن حجر -رحمه الله- المسمى (فتح الباري) شرح عظيم.
طالب: يقول الأسئلة؟
نعم.
طالب: أردت إلغاء الأسئلة.
بس المشكلة اللي برع، هؤلاء الإخوان لهم علينا حق لهم علينا حق، شوف اللي ما لا علاقة بالدرس استبعده.
اجتهد الحافظ -رحمه الله تعالى- في إيضاح الكتاب وبيانه بجميع ما يحتاج إليه من بيان وإيضاح، تكلم على التراجم بكلام وربط الأحاديث وبين مناسباتها وارتباطها بتراجمها، وشرح الأحاديث، وبين روايات الصحيح مما يحتاج إليه، اقتصر على ما يحتاج إليه، معتمداً في ذلك على رواية أبي ذر، ويشير إلى ما عداه عند الحاجة، فطالب العلم لا يستغني عن فتح الباري، كما قيل للشوكاني لما طلب منه أن يشرح البخاري فقال: لا هجرة بعد الفتح، لا هجرة بعد الفتح، يريد بذلك فتح الباري.
ابن خلدون يقول: شرح البخاري دين على الأمة لم يوفَّ بعد، ومعروف أنه قبل الحافظ قبل العيني، يعني لو رأى شرح الحافظ لقال: وفي الدين.
هناك شرح للإمام الحافظ ابن رجب أشرنا إليه إشارة خفيفة، وهو من أمتع الشروح وأنفسها وأنفعها لطالب العلم على أنه لم يكمل، لكن لو كمل لكان من العجائب، وهو شرح بنفس السلف -معتمد على أقوال السلف الصالح- مجرد عن كل علم دخيل.
وهناك شرح للعيني اسمه (عمدة القاري) اعتمد اعتماداً كبيراً على فتح الباري، وتعقبه بعبارات غير مناسبة، ينقل عنه ويتهجم عليه، ومعلوم ما بين الأقران، وما يحدث بينهم من منافسة والله المستعان.
وشرح العيني لا سيما في ربعه الأول شرح ماتع ونافع وجامع، مرتب ترتيباً بديعاً، مرتب ترتيباً بديعاً، ثم بعد ذلك في ربعه الثاني اختصر، ثم في نصفه الأخير أجمل، بينما شرح الحافظ ابن حجر متوازن، يشرح الحديث من أول الكتاب إلى آخره بنفس واحد.
العيني يأتي بكل ما عنده في الموضع الأول، في الموضع الثاني يخفف، وهذه طريقة الشراح، طريقة المفسرين، ينشطون في أول الأمر ثم بعد ذلك يعتريهم الكسل، بينما الحافظ ابن حجر شرح حديث الأعمال بالنيات أول حديث بالنفس الذي شرح فيه حديث: ((كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان)) آخر حديث في الكتاب، ما تجد فرق بين أول حديث وأثناء الكتاب وآخره، ما تجد فرق، وهذه ميزة لشرح ابن حجر، بينما العيني أطال في شرح أوائل الكتاب الربع الأول، ثم بعد ذلكم أجمل، واعتمد اعتماداً كبيراً على ابن حجر، نقل منه الكلام الكثير وانتقده.
ثم بعد ذلكم شرح اسمه: (إرشاد الساري) للقسطلاني، وهذا أيضاً شرح لا يستغني عنه طالب علم، ميزته في ضبط ألفاظ الصحيح، سواءً ما كان منها متعلقاً بالمتون، وما كان متعلقاً بالأسانيد، وصيغ الأداء، لا يكاد يفلت كلمة واحدة من فرق بين الرواة -رواة الصحيح- والمقصود برواة الصحيح -يا إخوان الآن الوقت يعني ضاق وصرنا نقدم بعض الأمور على بعض، ونجمل في بعض الأشياء التي ينبغي بسطها- الصحيح رواه عن مؤلفيه أكثر من ثمانين ألف راوٍ، والروايات المدونة معروفة عند أهل العلم، عن البخاري، رواية كريمة، رواية أبي ذر، رواية الكشميهني، رواية السرخسي، رواية..، وهذه يقبح بطالب العلم أن يجهلها؛ هذه أمور لا بد لطالب العلم أن يعرفها وأن يكون على دراية منها؛ لأنه إذا قرأ في شرح من الشروح كابن حجر كذا في رواية أبي ذر، كذا..، شخص متخصص عنده شهادات في السنة ويقول: سبحان الله، الذي نعرف أن أبا هريرة هو حافظ السنة وحافظ الصحابة، أكثر الصحابة رواية للحديث، لكن إذا قرأنا في فتح الباري تغيرت نظرتنا ما يمر حديث إلا ويمر أبو ذر، هذا جهل، جهل والله ما يحسن بآحاد الطلبة فضلاً عن الكبار، يقبح بصغار الطلبة أن يقولوا مثل هذا الكلام، وسببها أن العلم لم يؤت من أبوابه.
المقصود أن القسطلاني اعتنى بضبط روايات الصحيح اعتنى بألفاظ الصحيح بدقة، ينبه على كل شيء، بينما ابن حجر اعتمد على رواية أبي ذر ونبه على ما سواها عند الحاجة، نعم هناك أمور لا تحتاج إلى تنبيه لم يترتب عليها شيء، لكن القسطلاني لا يفلته، يبين، وله عناية بضبط الصحيح؛ لأنه قرأ الصحيح مراراً على ابن مالك الإمام اليونيني -رحمه الله تعالى- قرأ الصحيح على ابن مالك -عفواً لا ما هو القسطلاني، نأتي بالتدريج- اليونيني هذا أشهر من اعتنى بالصحيح، وأكثر الناس عناية بضبط الصحيح، قرأ الصحيح على ابن مالك مراراً يصوب له الروايات التي تحصلت لدى اليونيني، ويوجه ما خالف العربية منها، واليونيني هذا دون فروق الروايات، نعم، على نسخة سميت اليونينية الأصلية، وهذه اليونينية لها فرع قوبلت عليها، قوبل الفرع عليها مراراً فوجد مضبوطاً متقناً.
القسطلاني - نأتي إلى صاحب الشأن اللي هو القسطلاني- أراد ضبط الصحيح، فوقف على الفرع، فقابل عليه الصحيح ست عشرة مرة حتى ضبطه وأتقنه، ثم وجد المجلد الثاني من الأصل –اليونينية- يباع فاشتراه فقابل عليه، ما وجد فرق بين الأصل والفرع، ولذا تجدونه كثيراً مما يستشكله بعض الطلاب كذا في فرع اليونينية كهي، كيف؟ لأنه كتب الشرح قبل أن يقف على الأصل، فاضطر أن يقول: كذا في فرع اليونينية؛ لأنه ما وقف على الأصل، فلما وقف على الأصل علق (كهي) سهل، لكن قد يقول قائل: لماذا ما حذف فرع، كذا في فرع اليونينية، كذا في اليونينية، والعلو مطلوب، ما دام الأصل موجود، ليش نرجع إلى الفرع؟ هو اعتنى بالفرع، فلا يمكن أن يهمل ما اعتنى به، على كل حال القسطلاني هذه ميزته.
ميزة أخرى له: أنه شرح مختصر محرر مهذب منقح، مأخوذ بجملته من شرحي العيني وابن حجر.
هناك مناقشات طويلة بين العيني وابن حجر، العيني ردَّ على ابن حجر كثيراً فتولى ابن حجر الإجابة عن هذه الردود في كتاب أسماه (انتقاض الاعتراض).
وهناك كتاب آخر لشخص متأخر اسمه (مبتكرات اللآلي والدرر في المحاكمة بين العيني وابن حجر) يحتاجه طلاب العلم، يحتاجه طلاب العلم، يذكر كلام ابن حجر وتعقبات العيني ويحكم بينهما، والمسألة تحتاج إلى مزيد؛ لأنه ليس كل الإشكالات أجيب عنها، وليست كل المحاكمات سطرت، ووفق بينها، ووزن بينها.
الآن انتهينا من الشروح -شروح البخاري الخمسة- الكرماني، وابن رجب، ابن حجر، العيني، القسطلاني، هذه أهم الشروح، وما زال الكتاب بحاجة إلى مزيد عناية وتتبع واستقراء؛ لأن الكتاب بحر، صحيح البخاري كتاب من أعظم الكتب فائدة.
أما صحيح مسلم ويأتي في المرتبة الثانية بعد البخاري عند جمهور أهل العلم وقلنا: إن أبا علي النيسابوري مع المغاربة فضلوه، مع بعض المغاربة منهم ابن حزم، وعرفنا وجه التفضيل، وأنه لا يقتضي التفضيل.
أيضاً: عني به أهل العلم، وله طريقة أشرنا إلى شيء منها في سياق المتون والأسانيد، طريقة فذة، يعتني بصاحب اللفظ، بصاحب اللفظ إذا روى الحديث عن مجموعة بين صاحب اللفظ، حدثنا فلان، وفلان، وفلان، واللفظ لفلان، أو حدثنا فلان، وفلان، وفلان، قال فلان وفلان: أخبرنا، أو قال فلان: حدثنا، وقال الآخران: أخبرنا، والإمام البخاري لا يعتني بهذا؛ لأنه لا يفرق بين تحديث ولا إخبار، ولا يبين صاحب اللفظ، ولذا بعض المعاصرين يعتني به؛ لأنه يقول: ما دام يعتني بالألفاظ إذن هو أدق من صحيح البخاري؛ الإمام مسلم ينص على صاحب اللفظ، البخاري لا ينص على صاحب اللفظ، حدثنا فلان، وفلان ولا يدرى لمن اللفظ، لكن ظهر بالاستقراء أنه إذا روى الحديث عن اثنين فاللفظ لمن؟ للأخير - للأخير منهما- وهذه قاعدة أغلبة؛ لأنه بالتجربة وجد ما يخالف هذه القاعدة.
نأتي إلى مسألة الدِّقة: هل ما عرفنا عن صحيح مسلم أو عن مسلم من تحري في سياق الأسانيد والمتون، يقتضي تفضيله على البخاري في اختيار الألفاظ للمتون فنعتني به قبل البخاري، ثم نأخذ زوائد البخاري عليه كما يفعله بعضهم؟ هل هذا يقتضي ذلك؟ أو نقول: ومع ذلك نعتني بالبخاري، ونحفظ صحيح البخاري، ثم بعد ذلكم نأخذ زوائد مسلم؟ هاه؟
طالب:.......
نعتني بالبخاري، كيف إذن نقول: إن مسلم يعتني بالألفاظ بدقة، الإمام مسلم يعتني بألفاظ الرواة التي وصلت إليه، الإمام مسلم يعتني بألفاظ الرواة التي وصلت إليه من طريقه، البخاري حافظ، بل هو أحفظ من مسلم، نعم مسلم صنف كتابه في بلده ومع شيوخه، والبخاري ألفه وهو بعيد عن بلده، لكن الإمام البخاري حفظه شهير، لا يدانيه مسلم ولا يقاربه.
إذن نقول: مسلم اعتنى بالألفاظ التي وصلت إليه من طريق الرواة، والبخاري دون هذه الألفاظ التي وصلته من طريق هؤلاء الرواة من غير أن يبين هذه الدقائق، فالمسألة لا تخلو من تدوين ما وصل إلى البخاري من طريق الرواة، ومسلم من طريق الرواة، والرواة في صحيح البخاري ممن يرى جواز الرواية بالمعنى، وفي صحيح مسلم يرون جواز الرواية بالمعنى، إذن الفرق ما هو؟ كوني أنبه على أن اللفظ لفلان أو لفلان، هو لأحدهما، سواءً كان في البخاري أو مسلم، كون مسلم نبه لا يعني أن البخاري يتصرف في رواية الشيوخ، نعم جمع الشيوخ، وكونه ما ميز بين رواية هذا وهذا لا يعني أنه تصرف، فعلى طالب العلم أن يعتني بالبخاري، ثم بعد ذلكم يحفظ زوائد مسلم عليه من الجوامع -جامع الترمذي-.
مسلم نعود إلى شروحه، وشروحه متسلسلة:
أولها: المعلم للمازري، وهو كتاب مختصر، أملاه إملاءً، ثم بعد ذلكم للقاضي عياض إكمال المعلم، والكتاب فيه فوائد كثيرة، ثم للأُبي إكمـال إكمال المعلم، ثم للسنوسي مكمل إكمال الإكمال –سلسلة- وكلها لو جمعت ما جاءت مثل فتح الباري، كل الكتب هذه إذا أضفنا إليها شرح النووي، وشروح مختصرات مسلم، كالمفهم للقرطبي، أو السراج الوهاج لصديق وغيرها، يعني مسلم ما وجد من العناية ما وجده صحيح البخاري، لماذا؟ لأن صحيح مسلم يجمع الأحاديث في مكان واحد، فليس بحاجة إلى أن يكرر الشراح الكلام في مواضع متعددة كالبخاري، المتن مجموع في مكان واحد بألفاظ يتحدث عنها الشارح في مقام واحد، ولا يحتاج أن يعيد الكلام في مكان آخر، وهذا سبب الاختصار والإجمال.
من شروح مسلم المهمة التي ينبغي لطالب علم أن يعتني بها شرح النووي، وهو على اختصاره شرح مبارك نفيس، مناسب لآحاد الطلاب، ينبغي أن يبتدئ به طالب العلم قبل شروح البخاري؛ لأن شروح البخاري مطولة، فإذا ابتدأ طالب العلم بقراءة فتح الباري يمكن يترك القراءة؛ لطوله –يمل- بينما لو بدأ بالكرماني أو شرح مسلم مشت أموره، وأحب القراءة، ثم بعد ذلكم تدرج فيما هو أطول منه.
نأتي إلى السنن، ومن أهمهما: سنن أبي داود، مع ضيق الوقت صرنا..، أيش بقي علينا من الجوامع؟
جامع الترمذي، جامع الترمذي قبل السنن.
جامع الترمذي: لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي، وهو كتاب قيم لا يستغني عنه طالب علم، وفيه جميع أبواب الدين، والترمذي من الأذكياء في الاختيار وفي ما يحتاجه المسلم، وفي ذكر الأحكام على الأحاديث لا يخلو حديث من حكم على منازعة في تساهله، أو توسطه في الأحكام، وأيضاً يذكر الشواهد لكل حديث، فبعد أن يروي الحديث ويحكم عليه يقول: وفي الباب عن فلان وفلان وفلان.
والكتاب قيم ونفيس إلا أن فيه بعض الأحاديث الضعيفة وفيه من الرواة من وصل إلى حد الترك، بل من رمي بالوضع، ولذا نزلت مرتبته عن الصحاح، عني به أهل العلم فشرحوه ووجد قبولاً.
هناك شروح كثيرة لجامع الترمذي من أهمها النفح الشذي لابن سيد الناس، وتكملته للحافظ العراقي، وأما شرح ابن رجب فغير موجود، وهناك شرح ابن العربي المسمى عارضة الأحوذي، كتاب مختصر وفيه فوائد ولطائف، لكن طبعته سيئة في غاية السوء، لا تساعد على الإفادة منه، فلعل الله أن ييسر من ينشر الكتاب نشراً محققاً معتنىً به.
وهناك أيضاً: تحفة الأحوذي، للمبارك فوري، وهو كتاب يجمع مع الكلام على الأسانيد الكلام على المتون والاستنباط وينقل عن المتقدمين، وهو كتاب قيم.
السنن: وهي التي تجمع أحاديث الأحكام غالباً، ويضم إليها بعض الأبواب، لكن قليلة بالنسبة لأحاديث الأحكام، من أهمهما، سنن أبي داود، من أهمهما:
سنن أبي داود: وهو كتاب نفيس يبيه أهل العلم وخدموه، وشرطه في الجملة مقبول، والضعيف فيه أقل مما في جامع الترمذي، ومما في سنن النسائي وابن ماجه، ولذا استحق أن يكون ثالث الكتب، ثالث الكتب، إنما قدمنا الكلام على جامع الترمذي لأنه جامع، يناسب الكلام مع الجوامع.
سنن أبي داود السجستاني: كتاب جمع فيه مؤلفه أحاديث الأحكام أربعة آلاف وثمانمائة حديث، من بين ستمائة ألف حديث انتقاه، وتحرى فيه، ويقول في وصفه: إنه ذكر فيه الصحيح وما يشبهه ويقاربه، وما سكت عنه فهو صالح، والخلاف في معنى كلمة صالح بين أهل العلم معروف، هل الصلاحية للاحتجاج، أو لما هو أعم من ذلك من الاستشهاد؟ والكلام في المسألة مبسوط في كتب علوم الحديث.
شرح شروحاً كثيرة منها: للمتقدمين معالم السنن لأبي سليمان الخطابي، وهو كتاب قيم على اختصاره، وهناك تهذيب سنن أبي داود لابن القيم، وهو كتاب من أنفس الكتب في بيان علل الأحاديث، في بيان علل الأحاديث.
وهناك أيضاً عون المعبود في شرح سنن أبي داود، وهناك أيضاً: بذل المجهود، وهو شرح لسنن أبي داود أيضاً، وهناك المنهل العذب المورود، لمحمود خطاب السبكي، شرح مرتب منظم حذا فيه حذو العيني في ترتيب عمدة القاري، إلا أنه لم يتمه، أتمه ولده من بعده ولمَّا يكمل الآن، إلى الآن ما كمل.
ثم بعد ذلكم سنن النسائي أبي عبد الرحمن: كتاب نفيس نافع ميزته في بيان علل الأحاديث، واختلاف الرواة في التراجم، اختلاف الرواة على فلان، واختلاف كذا، كتاب تكمن أهميته في هذا الجانب، لكن العناية به من أهل العلم أقل من العناية في بقية الكتب، حتى سنن ابن ماجه أكثر عناية من سنن النسائي؛ والسبب في ذلك صعوبة التعامل مع هذه العلل، إن تكلم الشارح عليها قد لا يحسن الكلام، وإن تركها أخل بأمر عظيم، على أنه تصدى لشرحه بعض الشراح على اختصار، هناك حاشية للسندي وأخرى للسيوطي، وشرح من قبل الشيخ محمد علي آدم، أثيوبي معاصر بما يقرب..، شرحه بما يقرب من أربعين مجلداً، نعم؟
طالب: المختصرات.
كيف؟
طالب: مختصر على النسبة؟
كيف على النسبة؟
طالب: اختصره مجلدان الأربعين الآن صارت عشرين.
هو قابل للاختصار إلى أقل من ذلك، هو قابل..؛ أطال في تراجم الرواة، ينقل الترجمة من التهذيب، وينقل ما قيل في الشروح، يعني المسألة قابلة، على أنه لم يعتنِ -وفقه الله- على ما بذل في الكتاب بأهم ما ينبغي أن يتكلم عليه في الكتاب وهو العلل.
على كل حال شرحه طيب ويستفيد منه طالب العلم ويختصر عليه الجهد ويوفر له الوقت إذا أراد مراجعة حديث في هذا الكتاب العقيم الذي لم يشرح شرحاً مناسباً.
سنن ابن ماجه: وهو سادس الكتب، وأول من أدخله في الكتب الستة أبو الفضل بن طاهر، وكان من قبله يدخلون الموطأ، كابن الأثير، ورزين في تجريد الأصول يدخلون الموطأ بدله، ومنهم من أدخل الدارمي، لكن جاء أبو الفضل بن طاهر في الأطراف وفي شروط الأئمة فأدخل ابن ماجه وتبعه الناس على ذلك، وفيه فوائد، وفيه ثلاثيات، وفيه عوالي، المقصود أنه كتاب نافع ماتع، التكرار فيه قليل، وفيه الضعيف كثير، حتى قال القائل: إن جميع ما يتفرد به ابن ماجه محكوم عليه بالضعف، سواءً كان من الرواة أو من الأحاديث، لكن هذا الكلام فيه مبالغة، فقد صح من الأحاديث التي تفرد بها ابن ماجه شيء لا بأس به -مئات الأحاديث- وعني العلماء بشرحه، فهناك شرح لمغلطاي على السنن -سنن ابن ماجه- شرح قيم نفيس، وهناك حواشي للسندي ولبعض المعاصرين من الهنود، المقصود أن الكتاب مخدوم في الجملة.
يكفي هذا، قضينا على الستة على اختصار.
طالب: الآن ترون الأسئلة يا شيخ؟
والله هو باقي، باقي كتب، باقي كتب مهمة، باقي الصحاح غير الصحيحين، صحيح ابن حبان، وابن خزيمة، والمستدرك، وباقي أيضاً جوامع، وباقي جوامع مجردة، جامع الأصول يحتاجه طلاب العلم، وفيه مجمع الزوائد، كتب الزوائد أيضاً مهمة، وفيه أيضاً ما يجمع بين جامع الأصول.. الكتب كثيرة.
طالب: نرتب له درس آخر، بدل ما نختصر نرتب له درس آخر.
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا يقترح أن يكون هذا الدرس مستمراً بعنوان مناهج المحدثين، فالحاجة إليه ماسة، ولا يعرف له سابق في دروس المشايخ إلا في الدراسات العليا للسنة، نرجو تلبية ذلك؟
على كل حال بالنسبة للشراح -مناهج الشراح- وهذا مهم جداً، أما مناهج المتون معروفة عند أهل العلم، مناهج الشراح لنا مجموعة أشرطة ألقيت في دورة، وهي بصدد أن تفرغ ويزاد عليها، وتنشر في كتاب إن شاء الله تعالى.
يقول: وعدتم بإصدار كتاب في شروح الكتب الستة، فأين الكتاب فطلاب العلم محتاجون إليه؟
من وعد وفي نيته أن يفي وعرض له ما يمنع لا يؤاخذ -إن شاء الله تعالى- والمانع قائم، المشاغل كثيرة، والدروس متلاحقة، والإخوان ما يعذرون، والله المستعان، ونحن على الوعد إن شاء الله تعالى.
يقول: أنا مقبل على دورة بعنوان دراسة موسوعية أو موسعة موسوعية، هاه؟
طالب: موسعة.
لا هي مكتوبة السين عليها شدة، لكن أصلها موسوعية، في الكتب الستة فبماذا تنصحني يا شيخ أثناء هذه الدورة علماً بأنها من ثلاثة أسابيع؟
على كل حال هذه إذا كانت الدورة تحضر أنت -الكاتب من هو صاحب السؤال-؟ إذا كان هذا السائل يريد أن يحضر دورة فعليه أن يطلع على الكتب التي يراد بيان منهجها في كل يوم بيومه، وإن كان هو يريد أن يقيم دورة لغيره فالله يعينه ويسدده ويوفقه، عليه أن يطلع على هذه الكتب قبل الحضور، وينتقي من الأمثلة ما يوضح به الطريقة والمنهج، وما يحث على قراءة الكتب؛ لأن الناس..، نعرف المناهج لكن هل نقرأ، هل استفدنا من معرفة المناهج؟ ما استفدنا؛ لأن القصد من بيان المنهج ما يعيننا على قراءة هذه الكتب.
يقول: أنا أريد أن أحفظ بعض الأحاديث النبوية فأيها أينفع في نظركم الاعتناء بكتب أحاديث الأحكام مثل بلوغ المرام، أم الصحيحين؟
الجادة تحفظ المتون المجردة في البداية، المتون المجردة هي الجادة تحفظ في البداية، ثم بعد ذلك يرتقي الطالب إلى الكتب المسندة، وهل يبدأ بالصحيحين، أو يبدأ بسنن أبي داود والترمذي؛ لأن الفائدة منهما أقرب؟
الأكثر على البدء بالصحيحين، الأكثر البدء بالصحيحين، ثم بعد ذلكم ما يليهما من السنن والمسانيد، لكن الدهلوي في بستان المحدثين قال: يبدأ طالب العلم بالسنن –سنن أبي داود والترمذي-؛ لأن الفائدة يصل إليها طالب العلم المتوسط بخلاف الصحيحين، ثم بعد ذلكم يثني بالصحيحين، ثم يثلث بالنسائي وابن ماجه.
البعض يقلل من أهمية علم مصطلح الحديث نظراً لتوفر الكتب التي تعنى بالتخريج مثل كتب الشيخ الألباني وغيره من أهل العلم فما..؟
كتب المصطلح يتمرن عليها طالب العلم المبتدئ، لا بد من أن يسلك الجادة المتبعة عند أهل العلم، فيتخرج على كتب أهل العلم التي تميز بين الصحيح والضعيف، أولاً يعرف هذه المصطلحات ويتقنها ويضبطها، ويتمرن عليها بالتخريج والتصحيح والتضعيف العملي، ثم بعد ذلك إذا لاح له ما ينقضها ليست دساتير، يعني طالب العلم في علوم الحديث مثل طالب العلم في الفقه، في علوم الحديث يتمرن على قواعد المتأخرين، فإذا تأهل لمحاكاة المتقدمين فهذا هو المطلوب، لكن قبل ذلك دون تأهله خرط القتاد، مثله من أراد أن يتفقه، هل نقول لطالب علم مبتدئ تفقه من الكتاب والسنة؛ لأنهما الأصل، أو نقول: تفقه على كتب أهل العلم، ثم بعد ذلك انظر ووازن ودلل وعلل، وبعد ذلك إذا ترجح لك أي قول يخالف الكتاب الذي تفقهت عليه، هذا هو الأصل؛ لأن هذه الكتب ليست دساتير لا يحاد عنها، هذه مؤلفات بشر قابلة للنقد، لكن هذه الكتب كعناصر بحث، يسير عليها الطالب خطوة خطوة، وإذا تبين له قول أرجح مما اعتمده صاحب الكتاب عليه أن يأخذ به ويترك ما قاله صاحب الكتاب.
هنا أيضاً سؤال ثاني يقول: هل من استمع عن طريق شبكة الإنترنت يدخل في حديث: ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً))؟
إذا لم يجد طريقاً سواه لالتماس العلم فلعله يدخل إن شاء الله تعالى.
ما المقصود بكتب السنة، هذا السائل من ألمانيا يقول..
المقصود بكتب السنة كتب الحديث، تطلق كتب السنة ويراد بها كتب العقائد المسندة، المأثورة يطلق عليها كتب السنة، لكن في دورتنا -وهو الغالب في الإطلاق- أن يقال: كتب السنة ويراد بها كتب الحديث المنسوبة -المضافة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-.
والأسئلة كثيرة لكن ما أدري والله إيش نأخذ وإيش نخلي، هذا سؤال من ثلاث صفحات، لعله يكون له فرصة ثانية في درس ثاني إن شاء الله تعالى.
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"المقصود بكتب السنة كتب الحديث، تطلق كتب السنة ويراد بها كتب العقائد المسندة، المأثورة يطلق عليها كتب السنة، لكن في دورتنا -وهو الغالب في الإطلاق- أن يقال: كتب السنة ويراد بها كتب الحديث المنسوبة -المضافة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-.
على كل حال بالنسبة للشراح -مناهج الشراح- وهذا مهم جداً، أما مناهج المتون معروفة عند أهل العلم، مناهج الشراح لنا مجموعة أشرطة ألقيت في دورة، وهي بصدد أن تفرغ ويزاد عليها، وتنشر في كتاب إن شاء الله تعالى.
من وعد وفي نيته أن يفي وعرض له ما يمنع لا يؤاخذ -إن شاء الله تعالى- والمانع قائم، المشاغل كثيرة، والدروس متلاحقة، والإخوان ما يعذرون، والله المستعان، ونحن على الوعد إن شاء الله تعالى.
طالب: موسعة.
لا هي مكتوبة السين عليها شدة، لكن أصلها موسوعية، في الكتب الستة فبماذا تنصحني يا شيخ أثناء هذه الدورة علماً بأنها من ثلاثة أسابيع؟
على كل حال هذه إذا كانت الدورة تحضر أنت -الكاتب من هو صاحب السؤال-؟ إذا كان هذا السائل يريد أن يحضر دورة فعليه أن يطلع على الكتب التي يراد بيان منهجها في كل يوم بيومه، وإن كان هو يريد أن يقيم دورة لغيره فالله يعينه ويسدده ويوفقه، عليه أن يطلع على هذه الكتب قبل الحضور، وينتقي من الأمثلة ما يوضح به الطريقة والمنهج، وما يحث على قراءة الكتب؛ لأن الناس..، نعرف المناهج لكن هل نقرأ، هل استفدنا من معرفة المناهج؟ ما استفدنا؛ لأن القصد من بيان المنهج ما يعيننا على قراءة هذه الكتب.
الجادة تحفظ المتون المجردة في البداية، المتون المجردة هي الجادة تحفظ في البداية، ثم بعد ذلك يرتقي الطالب إلى الكتب المسندة، وهل يبدأ بالصحيحين، أو يبدأ بسنن أبي داود والترمذي؛ لأن الفائدة منهما أقرب؟
الأكثر على البدء بالصحيحين، الأكثر البدء بالصحيحين، ثم بعد ذلكم ما يليهما من السنن والمسانيد، لكن الدهلوي في بستان المحدثين قال: يبدأ طالب العلم بالسنن –سنن أبي داود والترمذي-؛ لأن الفائدة يصل إليها طالب العلم المتوسط بخلاف الصحيحين، ثم بعد ذلكم يثني بالصحيحين، ثم يثلث بالنسائي وابن ماجه.
كتب المصطلح يتمرن عليها طالب العلم المبتدئ، لا بد من أن يسلك الجادة المتبعة عند أهل العلم، فيتخرج على كتب أهل العلم التي تميز بين الصحيح والضعيف، أولاً يعرف هذه المصطلحات ويتقنها ويضبطها، ويتمرن عليها بالتخريج والتصحيح والتضعيف العملي، ثم بعد ذلك إذا لاح له ما ينقضها ليست دساتير، يعني طالب العلم في علوم الحديث مثل طالب العلم في الفقه، في علوم الحديث يتمرن على قواعد المتأخرين، فإذا تأهل لمحاكاة المتقدمين فهذا هو المطلوب، لكن قبل ذلك دون تأهله خرط القتاد، مثله من أراد أن يتفقه، هل نقول لطالب علم مبتدئ تفقه من الكتاب والسنة؛ لأنهما الأصل، أو نقول: تفقه على كتب أهل العلم، ثم بعد ذلك انظر ووازن ودلل وعلل، وبعد ذلك إذا ترجح لك أي قول يخالف الكتاب الذي تفقهت عليه، هذا هو الأصل؛ لأن هذه الكتب ليست دساتير لا يحاد عنها، هذه مؤلفات بشر قابلة للنقد، لكن هذه الكتب كعناصر بحث، يسير عليها الطالب خطوة خطوة، وإذا تبين له قول أرجح مما اعتمده صاحب الكتاب عليه أن يأخذ به ويترك ما قاله صاحب الكتاب.
إذا لم يجد طريقاً سواه لالتماس العلم فلعله يدخل إن شاء الله تعالى.