{وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} بركة القرآن لا تنتهي، فهو مبارك من كل وجه، وعلى أي حال، فمجرد قراءته متعبدٌ بها، التي لا تكلف شيئاً، وبكل حرف عشر حسنات، إذا قرئ القرآن يحصل للقارئ على كل حرف في مقابل كل حرف عشر حسنات، هذا أقل تقدير، والله يضاعف لمن يشاء، فأقل ما يحصل للقارئ في الختمة الواحدة قراءة القرآن مرة واحدة على أكثر من ثلاثة ملايين حسنة، هذا إذا قلنا أن المراد بالحرف حرف المبنى، و إلا فالخلاف موجود: هل المراد بالحرف حرف المعنى أو المبنى؟ لكن المرجح أنه حرف المبنى.
وهذه من بركاته، من بركاته أنه شفاء لأمراض القلوب، ولأمراض الأبدان، فمن قرئت عليه الفاتحة برئ من اللدغة كأنما نشط من عقال، كأنه ما أصيب؛ فالبركة فيه من كل وجه، من تدبره ورتله، وقرأه على الوجه المأمور به، هداه الله، من يريد ويروم الهدى فإنه هنا في قراءة القرآن على الوجه المأمور به، من يريد زيادة الإيمان والطمأنينة وانشراح الصدر فعليه بقراءة القرآن، من يريد النور التام في الدنيا والآخرة فعليه أن يتمسك بالقرآن.
وفي كل يومٍ يُطّلع على سر من أسرار القرآن التي يثبت الله بها عباده الذين آمنوا، لكن لو قرأنا القرآن على الوجه المأمور به عرفنا هذا، {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} مع الأسف أن أكثر المسلمين، وهم يقرؤون القرآن لا يعلمون وجوه هذا التثبيت، لا يعلمه إلا من عاناه ممن قرأه على وجهه المأمور به، {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [(102) سورة النحل] هدى لا شك أن فيه الهداية؛ لأنه هو الصراط المستقيم، كما جاء في تفسير السلف أنه القرآن هو الذي يهديهم وهو الذي يدلهم، {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [(9) سورة الإسراء] فالقرآن هدى، في مطلع سورة البقرة {ألم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [(2) سورة البقرة] هدى فالقرآن هدى.