لا يُفرِّط فِي صِيَام يَوْم عَاشُورَاء إِلاَّ مَحْرُومْ

عَنْ عَائِشَةَ  زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهَا قَالَتْ: "كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَصُومُهُ" صامَهُ وأمرَ بِصِيامِهِ قبل فرض رمضان، وكان صيامهُ واجِباً، ثُمَّ نُسِخْ ذلك برمضان ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَصُومُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ)) أمَرَ بِصِيامِهِ على سبيل الإيجاب قبل فرض رمضان، كم سنة؟ سنة واحدة؛ لأنَّ قُدُومُهُ في السَّنة الأُولى كان في ربيع  ذهب عاشُوراء، السَّنة الثَّانية صَام عاشُوراء، ثُمَّ فُرِض رمضان في السَّنة الثَّانية، فما بقي من مفروض إلا سنة واحدة، ((وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ كَانَ هُوَ الْفَرِيضَةَ)) يعني رمضان صار هو الفريضة ((وَتُرِكَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ)) تُرِكَ يعني تُرِكَ فَرْضُهُ، وبَقِيَ الاسْتِحْبَاب ((فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ)) ونَقَلَ ابن عبد البر الإجماع على أنَّهُ الآن ليسَ بفرض، وعلى أنَّهُ مُستحب؛ لأنَّ ظاهر الخبر ((فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ)) يدلُّ على التَّخيير والإباحة، ومثل هذا لا يَدُلُّ على الاسْتِحْبَاب؛ لكن استحبابُ صِيامِهِ إجماع، بدليل أنَّهُ يُكَفِّر السَّنة الماضية، صيام يوم عاشُوراء ‏سُنَّة مُؤَكَّدة، كانُوا يأمُرُونَ الصِّبيان، ومن يستطيع الصِّيام أنْ يصُوم هذا اليوم، ولا يُفرِّط في صِيام مثل هذا اليوم الذِّي يُكفِّر سنة إلاَّ مَحْرُومْ، على أنَّهُ منْ أرادَ أنْ يَصُومهُ؛ فَلْيَصُم يوماً قَبْلَهُ ولْيَكُن التَّاسع أو يوماً بَعْدَهُ ولْيَكُنْ الحادي عشر؛ مُخالفةً لأهلِ الكِتاب.