النبي -عليه الصلاة والسلام- بعث بالحنيفية السمحة، ((والدين يسر -ولله الحمد- ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه)) وعليكم من الدين ما تطيقون، ((بشرا ولا تنفرا، يسرا ولا تعسرا)) الدين سمح ميسر كما أن دستوره الخالد القرآن ميسر {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} [(17) سورة القمر] والدين يسر ولله الحمد، لكنه أيضاً هو دين تكاليف ((حفت الجنة بالمكاره)) حفت الجنة بالمكاره، لا يعني أن الدين يسر أن الإنسان يتفلت من الأوامر والنواهي ويقول: الدين يسر لا، يقول الله -جل وعلا- عن الحج -بيته-: {لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ} [(7) سورة النحل] والحج فيه مشقة، الصيام في أيام الصيف الحارة فيه مشقة، الصلاة في الليالي الشديدة البرد شاقة، الجهاد شاق، إذاً الدين يسر يعني فيما يحتمله الإنسان في ظروفه العادية، يعني اليسر حده ما يحتمله المكلف في ظروفه العادية؛ لأن الإنسان مستعد أن يعمل من طلوع الشمس إلى غروبها، وقد يعمل من طلوع الشمس إلى نصف الليل في تجارته، ويحمل الأثقال ويصبر على الحر والبرد هذا محتمل، ولا يقول: إننا لا نطيق الصيام في الحر ومع ذلك يزاول تجارته في الحر، يعني الضابط لهذا اليسر، أما ما أوجبه الله -جل وعلا- فلا مساومة عليه، لكن ما يفعله المكلف مما وراء ذلك من مستحبات ((اكلفوا من العمل ما تطيقون))، (( لن يشاد الدين أحد إلا غلبه)) يعني الإنسان طاقة، النبي -عليه الصلاة والسلام- منع من أراد أن يصوم النهار ويقوم الليل، يصوم ولا يفطر يقوم ولا ينام، ومنع ابن عمر أن يقرأ القرآن في أقل من سبع ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) كل هذا من أجل الاستمرار؛ لأن أحب الدين إلى الله أدومه وإن قل، فهذه الشريعة ولله الحمد هذه سمتها أنه ليس فيها آصار ولا أغلال ولا تكليف بمحال وما لا يطاق، فيها تكاليف، فيها ما فيه مخالفة لهوى النفس وهذا من أشق الأمور، مخالفة هوى النفس من أشق الأمور ولذا صبر الكفار على القتل في مقابل ألا يخالفوا هواهم، والله المستعان.