إذا أردْتَ أنْ تَنْتَقِدْ؛ فَتَجَرَّدْ

((لو يعلمُ المارُّ بين يدي المُصلِّي ماذا عليه من الإثم؛ لكانَ أنْ يقف)) هنا الجواب؟ ((لكانَ أنْ يقف أربعين خيراً لهُ مِنْ أنْ يَمُرَّ بين يديه)) لفظ: - ((من الإثم)) - هنا قال الحافظ مُتَّفقٌ عليه، هذهِ اللَّفظة: – ((من الإثم)) - الحافظ انتقد صاحب العُمدة الحافظ عبد الغني حينما نَسَبها إلى الصَّحيحين، وقال إنَّها لا تُوجد في الصَّحيحين، ووقعَ فيما انتقدَهُ فيه! هذا يدُلّ على أنَّ الإنسان مَجْبُول على الضَّعف، وعلى الإنسان أنْ يَحْتَاط في النَّقد؛ خَشْيَة أنْ يَقَعَ فيما انْتَقَدَهُ وهذا كثير! لكنْ إذا انْتَقَدْ بِنِيَّةٍ صالحة، ووَقَعَ منهُ السَّهو والغلط لا يُلام ولا يُؤاخذ؛ لكنْ بعض النَّاس يَقْرِنُ نَقْدَهُ بالاسْتِهْزَاء والسُّخْرِية!!! وأَعْرِفُ شخصاً مَعَهُ كتاب يَدُورُ بِهِ في المَجَالس والمَحَافل يَتَنَدَّرُ بِهِ! حَقَّقَهُ شخص مِنْ فُضَلَاء الرِّجال؛ لَكِنَّهُ مع ذلك ليسَ من أهلِ الاخْتِصَاصْ، وَقَعَ فيهِ أوْهَامْ كثيرة؛ فَصَارَ هذا الشَّخص وهو من أهل الاختصاص يحْمِلُ هذا الكتاب يَتَنَدَّرُ بِهِ! ومن كَثْرَةِ ما تَكَلَّم في الكتاب؛ حُثَّ على تَحْقِيقِهِ، وأُكِّدَ عليهِ، ما دَام يعرف هذهِ المُلاحَظاتْ  يَسْتَدْرِك، فَحَقَّقَ الكتاب ونَشَرَ الكِتَاب؛  ما الذِّي حصل؟! النَّشر الثَّاني لهذا الشَّخص المُنْتَقِدْ أَسْوَأْ بِكَثِير من الأَوَّل، وَقَعْ في أوْهَامٍ تُضْحِكُ الصِّبْيَان!!  فإذا أرادَ الإنْسَان أنْ يَنْتَقِدْ؛ يَتَجَرَّدْ مِنْ غيرِ أنْ يَقْدَحَ في أحد أو يَهْزَأْ أو يسخر؛ يَنْتَقِد لا بأْس، هذا بيانٌ للحقّ، أُخِذَ على منْ عَرَفَ الحقّ العهد والمِيثاق أنْ يُبَيِّنَهُ للنَّاس لا بأسْ، بِنِيَّةٍ خالِصَة صالحة مِنْ غيرِ أنْ يَقْتَرِنَ بسُخْرِية، ولا حَطٌّ من قِيمةِ غَيْرِهِ، ولا يَلْزَمُ من ذلك أنْ يكُونَ مَعْصُوماً، وهُنا الحافظ انْتَقَد صاحِب العُمْدة فَنَسَبَ هذهِ اللَّفْظَة للشِّيخين ولا تُوجد عند الشيخين، فَوَقَعَ الحافِظُ في ذلك! نعم، هي تُوجد في بعض رِوايات الصحيح، في بعض روايات صحيح البُخاري عند الكشميهني أحد رُوَاة الصَّحيح، والحافِظ وَصَفَهُ أنَّهُ ليسَ من أهلِ العلم! هو مُجرَّد رَاوي، وليسَ من أهلِ العلم، تَعَرَّضْ لهُ الحافظ في مواضع من فَتْح الباري يُبَيِّنْ أنَّهُ ليسَ من أهل العلم؛ إنَّما هو راوي من رُواة الصَّحيح، وهو أيضاً موصُوف بالإتْقَانْ مَعَ كونِهِ راوٍ ومُتْقِنْ؛ لكنْ ما يَلْزَمْ أنْ يَكُونْ مَعَ إتْقَانِهِ مَعْصُوماً.

نأخُذ من هذا مثل ما ذكرنا سابقاً أنَّ الإنْسَانْ يَسْتَدْرِكْ، ويَنْتَقِدْ لِقَصْدِ الحَقّ، وبَيَان الحَقّ، لا لازْدِرَاء النَّاس وانْتِقَاصِهِم، ولا حُبًّا للظُّهُور؛ فَمِثْلُ هذا جَرَتْ العَادَةُ أنَّهُ يُخْذَل! فَتَقَع مِنْهُ المُضْحِكَات، وذكرنا مثال على هذا، ولا نُريد التَّسْلِيَة؛ نُرِيد العِبْرَة فقط من هذا.