الإنسان إذا دَعا؛ لا سِيَّما إذا توافرت الأسباب وانْتَفَتْ الموانع؛ فإنَّهُ لا بُدَّ من الإجابة {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [(60)/غافر] هذا وَعْدُ من؟! وعدُ الله -جلَّ وعلا- الذِّي لا يُخْلِفُ المِيعاد {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [(60)/ غافر]، فإمَّا أنْ يُجاب الدَّاعي بما طَلَب يدعو الله -جلَّ وعلا- أن يُيَسِّر لهُ الزَّواج من فُلانة؛ فَيَتَيَسَّر، أو النَّوع المُحَدَّدْ من المأكُول، من المشرُوب، من المَلْبُوس، أو يدعُو الله -جلَّ وعلا- أنْ يَنْجَح في الامتحان؛ ويَنْجَحْ، أو لا يُجاب بما طلب؛ يُدْفَعْ عنهُ من الشَّر ما هو أعظم، ولا شكَّ أنَّ هذا أعظم من الإجابة بما طلب؛ لأنَّ دَفْع الشَّر من باب درء المفاسد، والإجابة بما طلب من باب اكتساب المصالح؛ لا سِيَّما إذا كان هذا المَدْفُوع أعظم من المَرْجُو المَطْلُوب، أو يُدَّخَر لهُ في الدَّار الآخرة ما هُو أعْظَمْ مِمَّا طَلَب، والدُّنيا ليست بشيء بالنِّسبةِ لما يُعَدُّ للمُؤمن في الآخرة {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [(17)/السَّجدة] فإذا ادُّخِرَ للإنسان بسبب هذهِ الدَّعوة شيء لا يَبْلُغُهُ بِعَمَلِهِ؛ لا شَكَّ أنَّ هذا أعْظَم بكثير مِنْ أنْ يُجَاب، ولا بُدَّ أنْ يَسْتَحْضِر الإنْسَانْ هذهِ الأشْيَاء وهذهِ الأُمُور أثناء دُعَائِه، إذ قال الصَّحابة ((إذاً نُكْثِر يا رَسُول الله، قال: الله أكثر))، ((لو أنَّ أوَّلكم وآخركم وإنْسَكُم وجِنَّكُم اجتمعوا في صَعِيدٍ واحد، فسألوني؛ فَأَعْطَيْتُ كُلَّ واحِدٍ مَسْأَلَتَهُ؛ ما نَقَصَ ذلك من مُلْكِي شيئاً)).