لَوْ تَأَمَّلْتَ فِي نَفْسِك؛ لَوَرِثْتَ الخَشْيَة

العلم الشَّرعي هو المُورِث لِلْخَشْيَة، وهو الذِّي جَاءَتْ النُّصُوصْ بِفَضْلِهِ، العُلُوم الأُخرى من عُلُوم الدُّنْيَا كالطِّبّ، والهندسة وغيرهما، مثل الزِّراعة، والصِّناعة، والنِّجارة، مِهَن وحِرَف، حِرَف؛ لَكِنْ مِيزَتُها أنَّها إذا طُلِبَتْ للدُّنيا ما تضر، هي الأصل للدُنيا؛ لكن إذا نُوِيَ بها التَّقَرُّب إلى الله -جلَّ وعلا-، وإغناء النَّفس عن تَكَفُّف النَّاس، ونَفْع الآخَرِين، وسَدّ حَاجة الأُمَّة؛ ألاَّ تحتاج إلى أعْدَائِها؛ يُؤجر الإنسان على ذلك، فإذا انْضَاف إلى ذلك الاعْتِبَار والاتِّعَاظ من خِلَال ما يُزَاوِلُهُ مِنْ عَمَلْ؛ لِأَنَّ:

وفِي كُلِّ شيءٍ لهُ آية

 

تَدُلُّ على أنَّهُ وَاحِدُ

كم من فلَّاح عامِّي بَكَى مِنْ مَوْقِفٍ حَصَلَ لهُ في مَزْرَعَتِهِ؟! وكم من طبيب حَصَلَ لهُ من خَشْيَةِ الله -جلَّ وعلا- بسبب مَعْرِفَة دقائق صُنْعِهِ في البشر! هذهِ الخَشْيَة التِّي أَوْرَثَها هذا العلم؛ تُفيدُ صاحِبها، وبِقَدْرِ هذهِ الخَشْيَة يَرْتَفِعُ عند الله –جل وعلا-، وقُلْ مثل هذا في المِهَنْ، والحِرَفْ، والصّنائع الأُخرى، ويُحَدِّثُنا الأطِبَّاء عن دقائق قد لا تَخْفَ على كثير مِنْ طُلَّاب العلم الشَّرعيّ؛ اكْتَسَبُوها مِنْ مِهْنَتِهِمْ، ويُوجد وللهِ الحَمْدْ  في مَصافّ الأطِبَّاء من صَارُوا دُعاة؛ يَدْعُون من خِلَال الطِّبّ، هذا موجُود ولله الحمد؛ لأنَّهُم اكْتَشَفُوا أُمُور دلَّ عليها قولُهُ -جلَّ وعلا-: {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [(21) سورة الذاريات] لو تفكَّر الإنْسَان في نفسِهِ؛ لَرَأَى العَجَب! فكيفَ بِهؤُلاء الذِّينَ يَطَّلِعُونَ على مَا لَمْ يَطَّلِعُ عليهِ غيرُهُم من دقائق صُنْعِ اللهِ -جلَّ وعلا- للبَشَرْ؟! عجائب،

وفِي كُلِّ شيءٍ لهُ آية

 

تَدُلُّ على أنَّهُ وَاحِدُ

من عجائب المخلُوقات، مِنْ أَصْغَرْ المَخْلُوقاتْ النَّملة، لو تَأَمَّلَ الإنسان بس تحتاج إلى دِقَّة نظر، لو تَأَمَّلَ الإنْسَانْ مَسِيرَتَها في يَوْمِها، ذهاباً وإيَاباً، وأنَّها لا تخرُج إلاَّ لِحَاجةَ! من ألْهَمَها أنْ تَجْعَلْ الحَبَّة نِصْفَيْنْ؛  لِئَلاَّ تَنْبَتْ؟! الله -جلَّ وعلا-، فَكَيْفَ بالمُكَلَّفْ العَاقِلْ، لَوْ تَأَمَّلَ فِي نَفْسِهِ؛ لَوَرِثَ الخَشْيَة من الله -جلَّ وعلا-،  والتَّفَكُّر، والاعْتِبَار، والاتِّعَاظ مِنْ أَفْضَل العِبَادَات.