الزكاة المفروضة الأصل فيها أنها لا تُدفَع إلا للمسلمين، ففي حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ بن جبلٍ حين بعثه إلى اليمن: «فإن هم أطاعوا لك بذلك» يعني: استجابوا للصلاة، «فأخبِرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة، تُؤخذ من أغنيائهم فترَدُّ على فقرائهم» [البخاري: 1395]، يعني: أغنياء المسلمين الذين استجابوا ودخلوا في الإسلام وأقاموا الصلاة، فتؤخذ منهم الزكاة وتُردُّ على فقرائهم، أي: فقراء المسلمين، هذا الأصل فيها، {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: 60] يعني: من المسلمين.
ومن أصناف الزكاة المؤلَّفة قلوبهم، الذين يُتألَّفون على الإسلام، ويُسلِم بإسلامهم مَن يتبعهم، ولذا يقول الحافظ ابن كثير: (وأما المؤلفة قلوبهم فأقسامٌ: منهم مَن يعطى ليُسلم كما أعطى النبي -صلى الله عليه وسلم- صفوان بن أمية من غنائم حنين، وقد كان شهدها مشركًا،...ومنهم مَن يُعطى ليُحسن إسلامه،...ومنهم مَن يُعطى لما يُرجى من إسلام نظرائه)، مع أن هناك خلافًا في هذا الصنف من أنواع الزكاة هل يُعطى بعد النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو لا؟
قال ابن كثير: (وهل تُعطى المؤلَّفة على الإسلام بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ فيه خلاف، فرُوي عن عمر وعامر الشعبي وجماعة أنهم لا يُعطون بعده -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الله قد أعزَّ الإسلام وأهله، ومكَّن لهم في البلاد، وأذلَّ لهم رقاب العباد، وقال آخرون: بل يُعطون؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- قد أعطاهم بعد فتحِ مكة، وكسرِ هوازن، وهذا أمر قد يُحتاج إليه فيُصرَف إليهم).
وكون الله -جل وعلا- أعزَّ الإسلام وأهله لا يعني نسخَ الحكم الثابت بكتاب الله، بل يبقى، وعند وجود ما يدعو إليه يُفعَل كما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-.
هذا بالنسبة للزكاة، أما الصدقة فأمرها واسع، وعلى هذا يجوز أن يُعطَى مثل مَن ذُكِر في السؤال من عُمَّال النظافة وأشباههم ممن يظهر عليه الحاجة والفاقة، لا سيما وأن الدعم المادي إذا لم يكن ممنوعًا كالزكاة فإنه وسيلة وباب من أبواب الدعوة إلى الله -جل وعلا-.