أكل الشخص من حديقةٍ مسوَّرة، ومن شجرة جاره التي تدلَّتْ أغصانها في بيته

السؤال
ما حكم الأكل من بستانٍ أو حديقةٍ خاصة مسوَّرة؟ وكذا الأكل من شجرة تابعة لجاري التي تمتد غصونها إلى داخل حدود بيتي؟
الجواب

في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه سُئل عن الثمر المعلَّق، فقال: «من أصاب منه مِن ذي حاجة غير متَّخذٍ خُبنة فلا شيء عليه، ومَن أخرج منه شيئًا فعليه غرامةُ مثليه والعقوبة» [أبو داود: 1710 / ويُنظر: الترمذي: 1289]، قال الترمذي: (هذا حديث حسن)؛ لأن الكلام في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند أهل العلم كلام معروف بسبب اختلاف الضمائر في أبيه وجده، ولكن المرجَّح عند أهل العلم أنه إذا صحَّ السند إلى عمروٍ فالخبر مقبول في الجملة، ولا ينزل عن درجة الحَسن، لكنه لا يصل إلى درجة الصحيح.

وروى أبو سعيد الخدري –رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إذا أتيتَ على حائطِ بستانٍ فنادِ صاحبَ البستان ثلاثَ مرات، فإن أجابك وإلَّا فكُل من غير أن تُفسد» [ابن ماجه: 2300]، وبعضهم يفرِّق بين البستان الذي عليه سور –المُحوَّط-، وهو الذي يُطلق عليه الحائط، وبين ما لا حائط عليه ولا سور، فيجيز فيما لا حائط عليه الأكل بالمعروف من غير أن يُفسد ولا يتَّخذ معه شيئًا، والمَحُوط لا بد فيه من الاستئذان؛ لأنه تعدٍّ على صاحبه؛ لأنه محرز، وفيه ما يروى عن ابن عباس –رضي الله عنهما- أنه قال: "إن كان عليها حائط فهو حريمٌ فلا تأكل، وإن لم يكن عليها حائط فلا بأس" [يُنظر: مصنف بن أبي شيبة: 20323]؛ لأن إحرازه بالحائط يدل على شُحِّ صاحبه به، وعدم مسامحته فيه.

وعلى كل حال يقول الشوكاني في (نيل الـأوطار): (ظاهر أحاديث الباب جواز الأكل من حائط الغير والشرب من ماشيته بعد النداء المذكور –أي: لصاحبه، فينادي صاحب البستان: يا فلان يا فلان إن كان يعرفه، أو يناديه بما يتحقَّق به إجابة النداء- من غير فرقٍ بين أن يكون مضطرًا إلى الأكل أم لا؛ لأنه إنما قال: «إذا دخل» و«إذا أراد أن يأكل»، ولم يقيِّد الأكل بحَدٍّ ولا خصَّه بوقتٍ، فالظاهر جواز تناول الكفاية، والممنوع إنما هو الخروج بشيء من ذلك، من غير فرق بين القليل والكثير).

وعلى كل حال التفريق بين المسوَّر وغير المسوَّر في حديث أبي سعيد: «إذا أتيتَ على حائط» الأصل في الحائط أنه مسوَّر، قال: «فنادِ صاحبَ البستان ثلاث مرات»، وعلى كل حال الورع ألَّا يأكل من مال غيره إلَّا بإذنه، ومع ذلك إذا احتاج إلى الأكل فالأدلة والنصوص تدل على أنه لا مانع من الأكل، على ألَّا يتَّخذ خُبنة يخرج بها. والكلام في غير المحتاج، فغير المحتاج النصوص قد يُستدل بها على جواز أكل الشيء اليسير إذا مرَّ به، وعلى كل حال الورع معروف، وسبيله معروف، ألَّا يأكل من مال غيره إلِّا بإذنه، والله أعلم.