الأصل أن يحرص الإنسان على إبراء ذمته من الواجب، وألَّا يتطوَّع بشيء والواجب باقٍ في ذمته، هذا الأصل، وقالوا في السَّت من شوال: إنها لا تُصام قبل القضاء مع ضيق وقتها؛ لأن الحديث فيه «ثم أتبعه ستًّا من شوال» [مسلم: 1164]، وحينئذٍ مَن صام السِّت قبل قضاء رمضان لا يصح أن يُقال: (أتبعه)، بل جاء بالسِّت قبل تمام الشهر، وقُل مثل هذا في جميع ما يُتَطوَّع به من الصيام لا يُفعل قبل قضاء رمضان، هذا هو المرجَّح، وإن كان بعض أهل العلم يرى أن ما يفوت وقتُه يُقدَّم على ما لا يفوت وإن كان أوجب منه، ولكن الأرجح هو ما قلنا من أنه لا بُد أن يقضي ما فاته من رمضان، ثم يَتطوَّع بعد ذلك من السِّت، وعرفة، وعاشوراء، وغيرها مما جاء النص بخصوصه.
والنص في إتمام رمضان أولًا كالصريح في السِّت من شوال، وهذه -عرفة، وعاشوراء- مقيسةٌ عليها من باب إبراء الذمة من الواجب قبل النفل، ولكن لو صام بنية القضاء في يوم عرفة إذا ضاق الوقت، وإلا فالأصل أن يَفرغ من رمضان ويتفرَّغ لهذه الأيام الفاضلة التي يحتسبها النبي –عليه الصلاة والسلام- أن تُكفِّر السنة الماضية والباقية كما في عرفة، وفي عاشوراء يُكفِّر السنة الماضية، فمثل هذه الأيام يحرص المسلم على أن يُفردها بصيام؛ ليكون له أجرها، وإذا قيل بقاعدة التداخل وقضى أيامَ رمضان في هذه الأيام فيُرجى أن يحصل له القضاء، ويحصل له الأجر المُرتَّب عليها، والله أعلم.