طلب الاستغفار من الرسول -صلى الله عليه وسلم-

السؤال
سمعتُ رجلًا بعد ذكره لأذكار الصلاة في مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (استغفر لنا يا رسول الله)، فهل هذا من الاستشفاع الجائز؟
الجواب

لا يجوز أن يُطلب من النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد موته لا دعاء ولا غيره، فلا يجوز أن يَطلب منه أن يدعو له، ولا أن يستغفر له، فإن ذلك قد انقطع بموته -عليه الصلاة والسلام-، كما ثبت في الحديث الصحيح «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» [مسلم: 1631]، فينقطع عمله، وهذا الحديث شامل للرسول -عليه الصلاة والسلام- ولغيره، فلا يجوز دعاء الأموات ولا الطلب منهم؛ لأنهم حينئذٍ لا ينفعون أنفسهم وقد ماتوا، وأحرى من ذلك ألَّا ينفعوا غيرهم. وعلى كل حال لا يجوز الدعاء ولا الطلب من النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا من غيره بعد موته.

وأما ما جاء في قصة العُتبي التي ذكرها أهل العلم أنه جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد وفاته وطلب منه أن يستغفر له، واستدل على ذلك بقوله -جل علا-: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 64]، [شعب الإيمان: 3880]، فهي قصة لا أصل لها، وإسنادها مظلم، كما ذكر ذلك الحافظ ابن عبد الهادي -رحمه الله-، وأما الآية فهذا في حياته -عليه الصلاة والسلام-، وليس فيها دليل على طلب الاستغفار منه بعد موته، فإن الله قال: {إِذْ ظَلَمُوا} ولم يقل: (إذا ظلموا)، و{إِذْ} ظرف للماضي لا للمستقبل، فهي في قوم كانوا في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلا تكون لمن بعده، هذا ما قرَّره أهل العلم، والله أعلم.