أولًا: إذا كانت الدراسة دراسة شرعيَّة تُرضي الله -جلَّ وعلا-، وتُقرِّب إليه، فالذي ينبغي أن تُمكَّن هذه المخطوبة من دراستها، وإذا كان عملها مباحًا تنتفع به، وتنفع به غيرها، فما المانع أن يُمكِّنها، وأن يقبل شرطها؟ لكن قد يتضرَّر هو في خاصَّته، والأمر إليه، فإذا كان يَصعب عليه ذلك، أو رأى أن الأفضل والأولى أن تَقرَّ في البيت، كما قال الله -جلَّ وعلا-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب: 33]، فالأمر إليه، وسوف يُوفَّق -إن شاء الله تعالى- إذا كان قصده حسنًا ونيَّته صالحة.
وأعرف شخصًا من طلاب العلم طَرَق أكثر من مائة بيت، ويُرَدُّ، وليس فيه عيب، بل في مقاييس الناس يُتسابَق إليه من كل النواحي التي عليها مقاييسهم وموازينهم، ثم بعد ذلك تحدَّث والده مع شخص من عِلية القوم، وقال: فلان -وهو يعرفه- خطبنا له من أكثر من مائة بيت، ولم يتيسَّر أمره، فقال: فلان؟ قال: نعم، قال: دعه يأتيني بعد صلاة العصر، فجاءه بعد صلاة العصر، فإذا بهذا الشخص -وهو مِن عِلية القوم- عنده بنت طالبة علم، وحافظة، ومؤلِّفة، وذات عقل، وذات دين وجمال، أي: مناسبة جدًّا لهذا الشخص، وما خرج من عنده إلَّا وقد تمَّ الأمر. فقد يُحبَس الإنسان ويُحجَز لأمر يريده الله -جلَّ وعلا-، مما هو أفضل ممَّن ردَّه، لكن على الإنسان ألَّا يتشدَّد في شروطه، بحيث يَمضي وقته وعمره وهو ما تزوَّج؛ لأنه ما من أحدٍ من رجلٍ أو امرأةٍ إلَّا وفيه شيء من الخلل، فعلى الإنسان أن يُسدِّد ويُقارب، ويَحرص على ذات الدِّين.