شرح الموطأ - كتاب الأقضية (05)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله صحبه أجمعين:

قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما لا يجوز من غلق الرهن

قال يحيى حدثنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن الميسب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يغلق الرهن)).

قال مالكٌ: وتفسير ذلك فيما نُرى -والله أعلم- أن يرهن الرجل الرهن عند الرجل بالشيء، وفي الرهن فضلٌ عن ما رهن به، فيقول الراهن للمرتهن: إن جئتك بحقك -إلى أجلٍ يسميه له- وإلا فالرهن لك بما رُهن فيه.

قال: فهذا لا يصلح ولا يحل، وهذا الذي نُهي عنه، وإن جاء صاحبه بالذي رهن به بعد الأجل فهو له، وأرى هذا الشرط منفسخاً.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:

الرهن توثقة دينٍ بعين يمكن الاستيفاء من ثمنها، توثقة دين بعين يمكن الاستيفاء استيفاء هذا الدين من ثمن هذه العين.

والأصل في مشروعيته الكتاب والسنة، فمن الكتاب قول الله -جل وعلا-: {وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} [(283) سورة البقرة] ومن السنة ما صح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مات ودرعه مرهون عند يهودي، فالرهن ثابت بالكتاب والسنة.

وفي الآية: {وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ} [(283) سورة البقرة] هذا يدل على مشروعية الرهن في السفر، والحديث دليلٌ على مشروعية الرهن في الحضر.

{فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} [(283) سورة البقرة] القبض قبض كل شيء بحسبه، فرهن الأرض بالتهميش على صكها أنها رهن، وإلا فما معنى القبض؟ القبض بالتخلية يكون في مثل هذا، رهن السيارة بما يكون رهن السيارة؟ بأن يقبضها المرتهن تكون عنده إلى أن يسدد الدين، ما استفاد المشتري هو يريد أن يستعمل هذه السيارة من أول لحظة، فإذا قلنا: إنها مقبوضة يعني أنها تكون بيد المرتهن حتى يسدد الدين ينتظر حتى يجتمع عنده المبلغ ويشتريها نقد، إذا كان لا يستفيد منها.

فلا شك أن رهن كل شيء وقبض كل شيء بحسبه، ويتحايلون الآن على الرهن بغير اسمه، في السيارات على سبيل الخصوص يرهنون السيارة، لكن بغير اسم الرهن، بمعنى أنه يقول: أبيعك هذه السيارة بمائة ألف كل شهر ثلاثة آلاف، ونسمي هذا البيع تأجير، هو بيع في الحقيقة، إذا انتهت الأقساط أخذ صاحب السيارة سيارته، وانتقلت الملكية له تلقائياً بالعقد الأول، هذا بيع، لكنه برهن، يعني تأخير انتقال الاسم في الاستمارة من البائع إلى المشتري؛ لأنه رهن ثبتت باسمه، واستمرت على اسمه رهناً، وإن سموه تأجير، وهو ليس في الحقيقة تأجير؛ لأنه بيع، بيع تام إلا أنهم لا يحولون الاسم في الاستمارة؛ لئلا يتصرف المشتري بالسيارة فيضمن البائع حقه باستمرار اسمه في الاستمارة، هذا بيع برهن، ولو سموه تأجير؛ لأنهم لا يستطيعون أن يهمشوا على الاستمارة، قبل منذ ربع قرن أو أكثر والاستمارات مثل الدفتر فيها عدة أوراق، إذا رهن سواءً كان بدينها بدين السيارة، أو بدين أخر ذهب البائع والمشتري إلى المرور وهمشوا على الاستمارة أن السيارة مرهونة لفلان مما لا يوجد نظيره الآن، بل لا يمكن؛ لأن الاستمارات لا تحتمل الآن، وليس لمحل الرهن حقل.

على كل حال مثل هذه الأمور لا شك أنها أمور اصطلاحية، وأعراف تتغير من وقت إلى آخر، فإذا أراد البائع أن يرهن السيارة، ويضمن حقه فإنه حينئذٍ لا يحول الاسم، طيب لا يحول الاسم وقد باع، لا، يتحايل على البيع ويسميه أجرة، وهذه المسألة غير مسألة الإيجار بالتمليك، مسألة ثانية تلك في عقد واحد يبيعه السيارة بمائة ألف وينتهون، وتكون هذه المائة منجمة كل شهر ثلاثة آلاف أربعة آلاف ألفين أكثر أقل، فإذا انتهت انتقل ملك السيارة تلقائياً، وحولت الاستمارة، لكن بالنسبة للإيجار المنتهي بالتمليك هو مشتمل على عقدين: عقد تأجير وعقد تمليك، فهو يُؤجره السيارة كل شهر بألفين، ثم يبيعها عليه بعشرين مثلاً هذا العقد اشتمل على عقدين التأجير والتمليك البيع، والسبب في منعه منع مثل هذه الصورة أن الضمان عائر لا يدرى هل هو على المشتري أو على البائع، فإن قلنا: إنه مستأجر صار الضمان على صاحب السيارة البائع، وإن قلنا: إنه مشترٍ، إذا قلنا: مستأجر صار ضمانه على البائع على صاحب السيارة، وإذا قلنا: إنه مشترٍ فالضمان عليه، ونظراً لهذا وما يوجده من إشكالات لاشتمال العقد على الاحتمالين فإنه يُمنع من هذه الحيثية، وقد أفتى المشايخ بتحريم مثل هذه الصورة.

"قال يحيى: حدثنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب" وهو موصولٌ في غير الموطأ "عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-" والحديث صحيح لا إشكال فيه "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا يغلق الرهن))" يعني من صاحبه، بمعنى أنه لا يؤخذ منه بمجرد حلول الدين من غير رغبته، لا يؤخذ منه، وينتقل تلقائياً إلى المرتهن بمجرد حلول الدين من غير رغبته.

ومالك -رحمه الله تعالى-: قال: "وتفسير ذلك فيما نُرى -والله أعلم-" يعني نظن "أن يرهن الرجل الرهن عند الرجل بالشيء، وفي الرهن فضلٌ عما رُهن به" استدان من زيد مبلغ خمسين ألف وأرهنه بيتاً بمائة ألف فيه فضل "فيقول الراهن للمرتهن: "إن جئتك بحقك إلى أجلٍ يسميه" يعني بعد سنة مثلاً "وإلا فالرهن لك بما رُهن فيه" يعني لك بالمبلغ الأدنى بالخمسين، ولا شك أن هذا لا يقوله إلا مضطر والاضطرار هو الإغلاق، فلا ينفذ مثل هذا.

قالوا: وكان الرهن أو غلق الرهن من أفعال الجاهلية، فأبطله النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: ((لا يغلق الرهن)) يعني يفوت على صاحبه بمجرد أن الدين حل عليه، يعني استغلالاً لضعفه ولظرفه، لا.

قال: "فهذا لا يصلح ولا يحل" مثل هذه العبارة وقد جاءت في الحديث الصحيح لا يصلح، أو قال: لا يحل، دليلٌ على أن معنى لا يصلح في النص جاء في الحديث الصحيح، لا يصلح، أو قال: لا يحل، وهنا في كلام الإمام مالك لا يصلح ولا يحل، أن هذه الكلمة يعني لا يصلح إذا أجاب بها العالم فمراده بها التحريم ضد الحلال، بعض المفتين يتورع من قوله: هذا حرام، ويكتفي بقوله: لا يصلح، يا أخي لا يصلح مثل هذا العمل، وإذا قلنا: إنهما بمعنى واحد فليس ورعاً أن يقول: لا يصلح، وإنما يقول مثل ما يقول الإمام أحمد: لا يُعجبني، أما إذا قال: لا يصلح وهو يعرف أن معنى لا يصلح لا يحل، يعني يحرم ما استفاد، نعم جرى العُرف بهذا أن العالم إذا قال: لا يصلح دل على أن في نفسه شيء من الجزم بالتحريم، تستعمل كثيراً، يقول لك: هذه شركة نقية على ما قالوا ونريد أن نساهم فيها، تقول: لا يصلح، ما يصلح، هذا ما يصلح، وتريد أن تكفه وراعاً من أن يدخل في هذه الشركات ولو كانت نقية، وهنا قال: "فهذا لا يصلح ولا يحل" يعني يحرم، "وهذا الذي نُهي عنه" يعني إن كان في الرهن فضل أو في...، نعم في الرهن فضل عن الدين، مثلما قلنا: إنه استدان منه خمسين ألف ثم رهنه بيتاً قيمته مائة ألف.

يقول: "وهذا الذي نُهي عنه، وإن جاء صاحبه بالذي رهن به بعد الأجل فهو له" وإن جاء صاحبه بالذي رهن به بعد الأجل فهو له، يعني هذا الرهن الذي فيه فضل عن الدين، وأخذه المرتهن بناءاً على قول الراهن "وإلا فالرهن لك" يعني ما جاء بالمبلغ، تأخر بالمبلغ يصير الرهن على ما اتفق عليه للمرتهن مع فضله وزيادته.

"فهذا لا يصلح ولا يحل، وهذا الذي نُهي عنه، وإن جاء صاحبه بالذي رهن به بالمبلغ المطلوب بعد الأجل فهو له" لأن التصرف الأول غير صحيح "وأرى أن هذا الشرط منفسخاً" يعني الشرط هذا ليس بصحيح، نعم؟

طالب:......

أيوه؟

طالب:......

يقول: "وتفسير ذلك فيما نُرى -والله أعلم- أن يرهن الرجل الرهن عند الرجل بالشيء وفي الرهن فضلٌ عما رُهن به" ظاهر وإلا ما هو بظاهر إلى هذا الحد؟

طالب:......

استدان مبلغ خمسين ألف مائة ألف مائتين ألف ثلاثمائة ألف نعم فرهنه بيت، بيت بخمسمائة ألف، من أجل ثلاثمائة أو أربعمائة ألف دين، يقول الراهن للمرتهن: إن جئتك بالمبلغ الثلاثمائة وإلا فالبيت لك المرتهن كله، إن جئتك بحقك إلى أجلٍ يسميه بعد ستة أشهر بعد سنة، يعني إلى الأجلٍ المحدد في العقد، أجل الدين وإلا فالرهن لك بما رُهن فيه، قال: فهذا لا يصلح ولا يحل، وهذا الذي نُهي عنه؛ لأن مثل هذا التصرف لا شك أن المشتري لم يجعل هذه العين المرهونة التي قد تستحق ضعف ما رُهن من أجله إلا مضطر، يعني يأتي يقول: والله أنا مضطر لخمسين ألف مائة ألف، تقول: والله يا أخي من يضمنك، إذاً لا بد من رهن، فيقول: أرهن بيتي، الرهن البيت؛ لأنه جازم على السداد، وعازم عليه، ويؤكد ذلك أني إن جئتك بهذا المبلغ على رأس الحول وإلا فالبيت لك، الرهن، البيت المرهون.

يقول: "وإن جاء صاحبه بالذي رهن به" يعني بمائة الألف "بعد الأجل فهو له" يعني الرهن له، والكلام الأول لاغٍ، فسخ، هذا الشرط منفسخ؛ لأن هذا هو الإغلاق بعينه، وقد جاء النهي عنه, نعم؟

طالب:......

أيوه؟

طالب:......

من غير رغبته؟

طالب:......

إيه ما يؤخذ, مالك حمل هذا النهي على الفضل، على ما كان فيه فضل، والسبب في ذلك اضطرار الراهن، الراهن مضطر لهذا المبلغ، فلا تُستغل هذه الضرورة، لكن صورة أو عموم الحديث يشمل جميع الصور أنه لا يُفوت عليه سلعته بغير رغبته هو, نعم؟

طالب:......

أي فضل، أي فضل كان؛ لأنه ما يترك هذا الفضل إلا لأنه مضطر، ولا يحوز للتاجر أن يستغل ضرورة المحتاج، نعم؟

طالب:......

معروف الثلث، يعني مسألة الغبن وما الغبن حتى عند الحنابلة، لا يُسمى غبن حتى يزيد عن الثلث؛ لأنه جاء في الحديث: ((الثلث كثير)) مع أن استعمال هذه اللفظة في غير موضعها فيه ما فيه، أقول: فيه ما فيه، يعني جاءت في باب الوصية توصي بالثلث الثلث كثير، ثلث مالك، لكن تغبن بالرُبع حتى الرُبع كثير بالنسبة للغبن اللي عينك عينك، هذا كله كثير، المقصود أنهم يسلكون مثل هذا لهذا النص، ويدخلون هذا النص..، هذا النص يقحمونه في غير موضعه، يعني لو استعمل في أبواب أخرى، في أبواب من المعاوضات أخرى، يُقبل؟ لا يُقبل, نعم؟

طالب:......

عند مالك ما يضر مثل هذا، ما يضر؛ لأنه فسر غلق الرهن بما فيه فضل، والنص يشمل هذا وغيره، المقصود أنه يُترك البيع لصاحب البيت، ما يقول: لا أنا الذي با أتولاه، وأنا الذي ببيع، وأنت ما لك صنع، لا! ما زال البيت في ملك صاحبه، فهو الذي يتولى بيعه، ويسدد ما بذمته من دين.

نعم.

أحسن الله إليك.

باب: القضاء في رهن الثمر والحيوان

قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن رهن حائطاً له إلى أجلاٍ مسمى فيكون ثمر ذلك الحائط قبل ذلك الأجل: إن الثمر ليس برهن مع الأصل إلا أن يكون اشترط ذلك المرتهن في رهنه، وإن الرجل إذا ارتهن جارية وهي حامل، أو حملت بعد ارتهانه إياها إن ولدها معها.

قال مالك: وفُرق بين الثمر وبين ولد الجارية أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من باع نخلاً قد أُبرت فثمرها للبائع إلا أن يشترطه المبتاع)).

قال: والأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أن من باع وليدة أو شيئاً من الحيوان وفي بطنها جنين أن ذلك الجنين للمشتري اشترطه المشتري أو لم يشترطه فليست النخل مثل الحيوان، وليس الثمر مثل الجنين في بطن أمه.

قال مالك: ومما يبين ذلك أيضاً: أن مِن أمر الناس أن يرهن الرجل ثمر النخل، ولا يرهن النخل، وليس يرهن أحدٌ من الناس جيناً في بطن أمه من الرقيق، ولا من الدواب.

يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في رهن الثمر والحيوان

يريد الإمام -رحمه الله تعالى- أن يفرق بين الثمر فيلحقه بالبيع، والثمر إذا كان بعد التأبير وقبل بدو الصلاح فهو للبائع، وإن كان بعده فهو للمشتري، إن كان بعد بدو الصلاح وأمن العاهة.

يقول: "قال يحيى: سمعت مالكٍ يقول فيمن رهن حائطاً له" بستاناً "إلى أجلٍ مسمى فيكون ثمر ذلك الحائط قبل ذلك الأجل" يعني يوجد ويطيب ثمر ذلك الحائط قبل ذلك الأجل "إن الثمر ليس برهن مع الأصل" لأنه لو بيع النخل أو الشجر ما دخل معه، فكذلك لو رُهن لا يدخل معه "إن الثمر ليس برهن مع الأصل إلا أن يكون اشترط ذلك" المرتهن اشترط أن يكون الرهن مع أصله "إلا أن يكون اشترط ذلك المرتهن في رهنه" الدين خمسمائة ألف لمدة خمس سنوات كل سنة مائة ألف، وهذا البستان نفترض أن غلته في السنة عشرين ألف، وفي كل سنة يُنتج هذه الغلاة، وتٌجذ وتباع، يجُذها صاحب البستان ويبيعها له ذلك، أو نقول: هذه التابعة لأصلها فتكون رهناً مع أصلها؟ شخص استدان من شخص مليون مثلاً، ورهنه بيتاً، رهنه بيتاً هذا البيت احتيج إليه في مصلحة عامة، كان هذا البيت قيمته مليون، ثم احتيج إليه لمصلحة عامة لتوسعة شارع مثلاً فأخذ نصف البيت يبقى النصف الذي لم يؤخذ ولم يُستغل في توسعة الشارع، النصف الباقي لا يزال رهن لكن صاحب الرهن لا يقتنع بذلك، فيقول: أنا أرهن النصف وقيمة النصف الثاني الذي هو التثمين من الدولة، إما أن تُعطيني إياه، ونسدد عنك بقدره، أو تشتري به شيء يكون داخلاً في ضمن الرهن؛ لأنه جزء من رهنه، الصورة ظاهرة وإلا ما هي بظاهرة؟ ماذا يقول صاحب البيت؟ الآن البيت بعد ما وسع الشارع احتمال أن يكون هذا النصف يقرب من قيمة البيت كامل؛ لأن البيت الذي على شارع خمسة متر مثلاً ما هو مثل البيت الذي صار على شارع عشرين أو خمسة وعشرين تزيد قيمته، فهل نقول: إن هذه الزيادة في قيمة النصف الباقي تكفيك، واترك هذا يتصرف في الدراهم التي ثمّن بها النصف الثاني؟ أو نقول: هذه هذا فرعٌ عن هذا البيت فهو في حكم النماء فهو رهن معه؟ والإمام -رحمة الله عليه- مثلّ ببستان، ومثلّ بجارية، ولكل منهما نماء، فجعل نماء البستان لا يدخل في الرهن، وجعل نماء الجارية يدخل في الرهن، فهل نماء البيت ملحق بنماء البستان أو بنماء الجارية؟ نعم؟

طالب:......

يعني ليس له، ليس للمرتهن.

"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول فيمن رهن حائطاً له إلى أجلٍ مسمى فيكون ثمر ذلك الحائط قبل ذلك الأجل" يعني موجود وقت الرهن الثمر، قد أٌبر لكنه لم يبدو صلاحه بعد "إن الثمر ليس برهن مع الأصل إلا أن يكون اشترط ذلك" يعني كما في البيع "إلا أن يشترطه المبتاع" يعني المشتري "إلا أن يكون اشترط ذلك المرتهن في رهنه" والمسلمون على شروطهم "وإن الرجل إذا ارتهن جارية وهي حامل أو حملت بعد ارتهانه إياها إن ولدها معها".

"قال مالك: وفُرق بين الثمر وبين ولد الجارية أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من باع ثمراً قد أُبرت فثمرها للبائع))" وهو هنا للراهن إلا إن يشترطه المبتاع، إلا إن يشترطه المرتهن.

قال: "والأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أنه من باع وليدة -جارية- أو شيئاً من الحيوان، وفي بطنها جنين" باع وليدة، باع جارية، باع ناقة، باع شاة، باع بقرة، وفي بطنها جنين "أن ذلك الجنين للمشتري" لأن المشتري له النماء سواء كان متصلاً أو منفصلاً "إن ذلك الجنين للمشتري اشترطه المشتري أو لم يشترطه" وهو يختلف في هذا عن الثمر؛ لأن الثمر فيه نص يدل على أنه للبائع إلا أن يشترطه المبتاع والمرتهن في حُكمه، فليست النخل مثل الحيوان، وليس الثمر مثل الجنين في بطن أمه.

"قال مالك: ومما يُبين ذلك أن من أمر الناس أن يرهن الرجل ثمر النخل ولا يرهن النخل، وليس يرهن أحدٌ من الناس جنيناً في بطن أمه من الرقيق ولا من الدواب" الفرق بينهما أن الثمر يمكن رهنه على جهة الاستقلال دون الشجر، بينما الجنين لا يمكن رهنه دون أمه، والثمر على الشجر يجوز بيعه على جهة الاستقلال بشرطه، والجنين في بطن أمه لا يجوز بيعه على جهة الاستقلال؛ لأنه غرر وجهالة، المقصود أن هناك فروق بين الثمر وبين ما في بطن الحيوان.

نعم.

أحسن الله إليك.

باب: القضاء في الرهن من الحيوان

قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا في الرهن أن ما كان من أمرٍ يُعرف هلاكه من أرضٍ أو دارٍ أو حيوان فهلك في يد المرتهن، وعُلم هلاكه فهو من الراهن، وإن ذلك لا ينقص من حق المرتهن شيئاً، وما كان من رهنٍ يهلك في يد المرتهن فلا يُعلم هلاكه إلا بقوله فهو من المرتهن، وهو لقيمته ضامن، يُقال له: صفه؟ فإذا وصفه أحلف على صفته، وتسمية ماله فيه، ثم يقومه أهل البصر بذلك، فإن كان فيه فضل عما سمى فيه المرتهن أخذه الراهن، وإن كان أقل من مما سمى أُحلف الراهن على ما سمى المرتهن، وبطل عنه الفضل الذي سمى عنه المرتهن فوق قيمة الرهن، وإن أبى الراهن أن يحلف أُعطي المرتهن ما فضل بعد قيمة الرهن، فإن قال المرتهن: لا علم لي بقيمة الرهن حُلف الراهن على صفة الرهن، وكان ذلك له إذا جاء بالأمر الذي لا يُستنكر.

قال مالكٌ -رحمه الله-: وذلك إذا قبض المرتهن الرهن ولم يضعه على يدي غيره.

نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في الرهن من الحيوان

"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا" تقدم مراراً أنه إذا قال: عندنا فالمراد به أهل المدينة "الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا في الرهن أن ما كان من أمرٍ يُعرف هلاكه من أرضٍ أو دارٍ أو حيوان" يُعرف هلاكه من أرض أو دار أو حيوان، الحيوان يُعرف هلاكه، لكن كيف تهلك الدار؟ تسقط؟ يسقط بنيانها؟ إذا قلنا بهذا فكيف تهلك الأرض؟ احتمال أن تكون الأرض مزروعة نعم، أو اعتدى عليها بغصب أو نحوه، يعني لا يمكن أن يستفاد منها.

"أن ما كان من أمرٍ يعرف هلاكه من أرضٍ أو دارٍ أو حيوان فهلك في يد المرتهن وعُلم هلاكه" علم هلاكه يعني قامت البينة بأن تكون هذه العين أُصيبت بما يستطاع إقامة البينة على هذه الإصابة، يعني كل الجيران يعرفون أن الله -جل وعلا- أرسل مثلاً صاعقة على هذه الأرض فخسف بها، خُسفت لا تصلح لزراعة، أو على هذا البيت نزل عليه شيء فسقط أو احتراق، إذا هلك إذا أمكن إقامة البينة أو استفاض بين الناس أنه هلك لا بفعله ولا بتفريطه فهلك بيد المرتهن وعُلم هلاكه يعني انتشر بين الناس هلاكه فهو من الراهن، يعني فهو من ضمان الراهن، يعني لا يضمن المرتهن شيء؛ لأن العين المرهونة في يد المرتهن أمانة، والأمين ليس عليه إلا اليمين، ليس عليه ضمان "فهو من الراهن، وإن ذلك لا ينقص من حق المرتهن شيئاً" يقول: ما دام هذه الدار التي ارتهنتها وهي بيدك حصل لها ما حصل، وبدل من أن تُباع بخمسمائة ألف تُباع بثلاثمائة، لماذا لا ننزل المائتين من دينك؟ "وإن ذلك لا ينقص من حق المرتهن شيئاً" حق المرتهن كامل، ولو حصل للعين ما حصل "وما كان رهنٍ يهلك في يد المرتهن فلا يُعلم هلاكه إلا بقوله" يعني ما يعرف الناس نعم، هلك بسبب غير ظاهر، هلك المرهون، العين، الرهن، بسبب غير ظاهر "فلا يعلم هلاكه إلا بقوله فهو من المرتهن وهو لقيمته ضامن" يقال له: صفه، صف كيفية الهلاك، وما وقع به الهلاك "فإذا وصفه أُحلف على صفته" كل من يُقبل قوله عند أهل العلم لا بد أن يكون مع إيش؟ مع يمينه، يعني لو قُبل قوله من دون يمين تتابع الناس على مجرد الدعوى، لكن إذا عرف أنه مؤتمن على هذا، وأنه حلف أنه ما فرط، ووصف كيفية الهلاك، لا يُقبل قوله المجرد، بل لا بد من يمينه، وأهل العلم يقولون: كل من قُبل قوله فهو مع يمينه "فهو من المرتهن وهو لقيمته ضامن يقال له صفه، فإذا وصفه أُحلف على صفته وتسمية ماله فيه، ثم يقومه أهل البصر بذلك" يؤتى بلجنة تقوم مقدار التلف "فإن كان فيه فضل عما سمى فيه المرتهن أخذه الراهن، وإن كان أقل مما سمى أٌحلف الراهن على ما سمى المرتهن، وبطل الفضل الذي سمى للمرتهن" كان لو يُعطى الناس بدعواهم, نعم ما يعطون بدعواهم المجردة.

استغفر الله، استغفر الله.

"... المرتهن أخذه الراهن" يعني كان فيه قدر زائد على ما سماه المرتهن أخذه الراهن، وإن كان أقل مما سمى أٌحلف الراهن على ما سمى المرتهن، وبطل عنه الفضل الذي سمى المرتهن، يعني هو من ضمانه، لكنه مع ذلك لا يُلزم بأن يدفع شيئاً أخر يدعم به هذا الرهن، أصابته آفة فبدلاً من أن....، البيت هذا نزل عليه شيء فسقط، وهو مرهون بخمسمائة ألف، وكانت قيمته خمسمائة ألف، ثم لما جاءه هذا الخلل صار لا يستحق إلا ثلاثمائة، ما يقال: ارهن شيئاً آخر قيمته مائتي ألف أو مائتا ألف تُكمل به الرهن السابق؟ "وإن كان أقل ما سمى أُحلف الراهن على ما سمى المرتهن، وبطل عنه الفضل الذي سمى المرتهن فوق قيمة الرهن، وإن أبى الراهن أن يحلف أُعطي المرتهن ما فضلَ بعد قيمة الرهن" إيش معنى هذا الكلام؟ وإن أبى الراهن أن يحلف أُعطي المرتهن ما فضلَ بعد قيمة الرهن، إيش معناه؟

طالب:......

نعم؟

طالب:......

عرفنا الجملة الأولى وإلا ما عرفناها؟ واضحة وإلا ما هي بواضحة؟ طيب، وإن أبى الراهن أن يحلف أُعطي المرتهن ما فضلَ بعد قيمة الرهن، الآن ما الداعي إلى أن يحلف الراهن؟

طالب:......

الراهن، الراهن الذي أودع هذه العين عند صاحب الدين؟ نعم؟

طالب:......

هاه؟

طالب:......

فإن كان فيه فضل عما سمى به المرتهن أخذه الراهن، الآن عندنا غنم وغرم، نعم، الآن لما أصابت هذه الآفة هذا البيت وسقط بنيانه، وبدلاً من أن تكون قيمته مبنياً خمسمائة صارت قيمته ثلاثمائة، هذا فيه فضل وإلا ما فيه فضل؟ فيه فضل، لو أن بيتاً بيت لا يصلح للسكن ولا للتأجير، بيت قديم ثم جاءت آفة أو مطراً شديد وسقط هذا البيت، بدلاً من أن يؤتى بعمال لهدمه أو تكون قيمته وهو قائم مائة ألف، والذي يسومه ويريده يحسب حساب أنه سيحضر عمال يهدمونه بالأجرة، فجاء السيل فهدمه، تزيد قيمته وإلا ما تزيد بعد هذه الآفة؟ تزيد قيمته، وهم يريدون المخالصة بين الراهن والمرتهن، الراهن قال: خذ هذا البيت عن دينك، نعم، وهو مرهون بمائة ألف، ولما هدم أو أنهدم صار يستحق مائة وعشرين ألف، يحلف ويأخذ الزائد، الراهن، "وإن أبى الراهن أن يحلف أُعطي المرتهن ما فضل بعد قيمة الرهن فإن قال المرتهن: لا علم لي بقيمة الرهن حُلف الراهن على صفة الرهن، وكان ذلك له إذا جاء بالأمر الذي لا يُستنكر".

"قال مالك: وذلك إذا قبض المرتهن الرهن ولم يضعه في يد غيره" المهم هذا إذا كانت العين المرهونة بيد المرتهن، وهي أمانة بيده إن فرط فيها ضمنها وإلا فلا.

نعم.

أحسن الله إليك.

باب: القضاء في الرهن يكون بين الرجلين

قال يحيى: سمعت مالكاً يقول: في الرجلين يكون لهما رهن بنيهما فيقوم أحدهما ببيع رهنه، وقد كان الأخر أنظره بحقه سنة، قال: إن كان يقدر على يُقسم الرهن ولا ينقص حق الذي أنظره بحقه بيع له نصف الرهن الذي كان بينهما، فأوفى حقه وإن خيفا أن ينقص حقه بيع الرهن كله فأُعطي الذي قام ببيع رهنه حقه من ذلك، فإن طابت نفس الذي أنظره بحقه أن يدفع نصف الثمن إلى الراهن وإلا حُلف المرتهن أنه ما أنظره إلا ليُوقف لي رهني على هيئته، ثم أُعطي حقه عاجلاً.

قال يحيى: وسمعت مالكاً يقول في العبد يرهنه سيده وللعبد مال: إن مال العبد ليس برهن إلا أن يشترطه المرتهن.

نعم، يقول -رحمه الله تعالى-:

باب: القضاء في الرهن يكون بين الرجلين

الرهن يكون بين الرجلين، المقصود الرجلين الراهنين أو المرتهنين؟ هل المقصود أن هذه العين المرهونة لرجلين في ملك رجلين، أو ارتهنها رجلان؟ الثاني وإلا الأول؟ نعم؟

طالب:......

يعني اثنين ذهبا إلى غني فاستدانا منه مالاً ورهناه بيتاً مشتركاً بينهما أو العكس، اشترى من اثنين -هو واحد- اشترى من اثنين ورهنهما بيته, نعم؟

طالب:......

إيش؟

طالب:......

طيب.

"قال يحيى: سمعت مالكاً يقول في الرجلين يكون لهما رهن بينهما فيقوم أحدهما ببيع رهنه، وقد كان الآخر أنظره بحقه سنة" هذا راهن وليس بمرتهن، أنظره المرتهن بحقه سنة "قال: إن كان يقدر على أن يُقسم الرهن، ولا ينقص حق الذي أنظره بحقه بيع له نصف الرهن الذي كان بينهما، فأوفي حقه" يعني إن كان ممكن أن يُباع نصف البيت، عمارة مكونة من شقق، تمكن قسمتها، عمارة فيها أربع شقق لاثنين لرجلين رهناها عند رجل استدانا منه فأنظر أحدهما لمدة سنة، قال له: لك مدة زيادة سنة، والثاني لم ينظره فحل الدين على واحد دون الثاني، إن أمكن أن يُباع نصيب من حل عليه الدين بمفرده ويُوفى ما عليه من دين فُعل "وقد كان الآخر أنظره بحقه سنة، فإن كان يقدر على أن يقسم الرهن ولا ينقص حق الذي أنظره بحقه بيع له نصف الرهن الذي كان بينهما، فأُفي حقه، وإن خيف أن ينقص حقه بيع الرهن كله" يعني إذا كان النصف الثاني يتضرر ببيع النصف، يعني السوم على هذه العمارة باعتبارها أربع شقق خمسمائة ألف لما قيل له تشتري نصف هذه العمارة؟ قال: أنا حاجتي بالأربع الشقق، قالوا: ما عندنا إلا شقتين فنزل بالقيمة، هو في هذه الحالة يتضرر، إذاً "بيع الرهن كله، فأعطي الذي قام ببيع رهنه حقه من ذلك، فإن طابت نفس الذي أنظره بحقه أن يدفع نصف الثمن إلى الراهن وإلا حُلف المرتهن أنه ما أنظره إلا ليوقف الرهن على هيئته ثم أٌعطي حقه كاملاً" لما بيع الراهن هما اثنان واحد حل عليه الدين وطُولب به، والثاني حل عليه الدين وأُنظر سنة، وبينهما عمارة مكونة من أربع شقق، فقال للذي حل عليه الدين ولم ينظره: بع نصيبك، قال له: إن بعت شقتين تضررت، وإذا بعنا العمارة كاملة ما نتضرر؛ لأنه في زبائن يريدون أربع شقق، المرتهن صاحب الدين يقول: أنا ما أنظرت هذا لمدة سنة إلا رأفة به، وأخشى أن يتضرر بإلزامه بالبيع، والآن البيع طيب بيع النصف ويباع بالنصف الثاني، أنا ما أنظرت إلا من أجل إلا يتضرر ببيع نصيه، والآن ما فيه ضرر عليه "بيع الرهن كله فأُعطي الذي قام بالبيع رهنه حقه من ذلك، فإن طابت نفس الذي أنظره بحقه أن يدفع نصف الثمن إلى الراهن وإلا حُلف المرتهن أنه ما أنظره إلا ليوقف لي رهني على هيئته، ثم أُعطي حقه عاجلاً" نعم أنا أريد أن يستقر أمر هذا البيت المرهون ولا يتصرف فيه، أنا ما أنظرته إلا لهذا.

قال: "وسمعت مالكاً يقول في العبد يرهنه سيده" يعني عند أحدٍ "في العبد يرهنه سيده، وللعبد مالٌ" الجمهور على أن العبد لا يملك، وعند الإمام مالك العبد يملك بالتمليك، وهو جارٍ على مذهبه -رحمه الله-.

يقول: "في العبد يرهنه سيده وللعبد مالٌ، إن مال العبد ليس برهن" مال العبد ليس برهن، لكن هل هو مثل نماء الشجر الذي ينفصل عنه في الرهن، أو مثل ولد الجارية أو ولد الدابة الذي يتبعها في الرهن؟ نعم؟

طالب:......

كيف؟

طالب:......

كله نماء، الثمرة نماء، حمل الجارية نماء، وهنا مال العبد مثله، في حكمه، فإذا ولدت الجارية كان ولدها رهناً معها، الثمر الذي على الشجر لا يتبع الرهن إلا أن يشترطه المرتهن، كما أنه لا يدخل في البيع إلا إذا اشترطه المبتاع، هذا قبل بدو صلاحه، طيب العبد له مال، إن مال العبد ليس برهن، يعني مثل ثمر الشجر،
"إن مال العبد ليس برهن إلا أن يشترطه المرتهن" يقول: شرط، أنا أرهن هذا العبد لكن لا بد أن يكون معه ماله.

طالب:......

طيب والله، تقوم بهذا؟ ممكن تقوم بهذا؟

طالب:......

 

اللهم صل على محمد....

هذا يقول: ذكرت في الدرس السابق كتاب لأحد المحدثين، ولم تذكر اسمه أنه يحث على البناء على القبور وتعظيمها مثل هذا له غيبة مع العلم أنه خالف الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وفتح باب يوصل إلى الشرك؟

على كل حال الكتاب مطبوع ومعروف وصاحبه منتسب إٍلى الحديث، من أهل المغرب واسمه: محمد بن الصديق الغماري وهو متلبسٌ ببدعة عظيمة، نسأل الله السلامة والعافية.

هذا يقول: هل الترافع إلى القضاء يُعد مذمة في الأمور كلها أم العفو والصفح أفضل؟ أم أن في المسألة تفصيل لا سيما وأن طائفة من الصحابة قد ترافعوا إلى القضاء، كعلي بن أبي طالبٍ وعمر وغيرهما من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟

أولاً: من ترافع إلى القضاء لا يُلام للحصول على حقه إذا غلب على ظنه أن الحق له، لا يُلام إذا رفع أمره إلى القضاء، وما شُرع القضاء إلا له ولأمثاله، ولا شك أن العفو {وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [(237) سورة البقرة] هذا في الجملة، لكن إذا كان الطرف الثاني عٌرف بعدوانه على الناس، وظلمه لهم، وجحد حقوقهم، والاعتداء على أبدانهم وأموالهم، مثل هذا رفعه إلى القضاء، وأخذ الحق منه أفضل من تركه؛ لأن هذا يردعه مثل هذا، ولو تركه زيد، ثم تركه عمرو، ثم تركه فلان وفلان استمر على ظلمه وعدوانه.
يقول: سؤالي إذا لم يكن مع المدعي شاهد، لكنه حلف والمدعى عليه أنكر وأبى الحلف فلمن يُحكم؟
الأصل أنه تُطلب البينة من المدعي فإذا لم يكن لديه بينة يُطلب اليمين من المُنكر، فإن حلف برئ وانتهت القضية، وأن نكل عن اليمين ردت على المدعي واستحق، أما أن تُرد اليمين قبل نكول المدعى عليه فلا.

يقول: نحن نجد حرجاً عندما نصلي في مسجد تُقام فيه صلاة الجماعة أكثر من مرة كمساجد الأسواق أو المستشفيات، أو التي على الطرق الطويلة حيث أننا نجد أحياناً الذي يؤم الجماعة رجلٌ قد تلبس ببعض المعاصي الظاهرة كحلق اللحية، أو إسبال الثوب،

أو تنبعث منه رائحة الدخان، فهل ندخل مع تلك الجماعة ومعنا من هو أصلح حالاً ممن يتظاهر بالمعصية، أو ننتظر حتى تنتهي الصلاة ونصلي خلف إمام نحسب أنه مستقيم؟
الحنابلة عندهم أن الصلاة لا تصح خلف الفاسق، فعلى هذا لا يجوز الدخول في الصلاة التي يكون الإمام فيها فاسق، بل ينتظر حتى يُسلم ويصلى خلف إمامٍ عدلٍ ثقة على هذا القول، والأكثر على أن إمامة الفاسق صحيحة، وأن من صحت صلاته صحت إمامته، وعلى هذا تدخل مع هذا الإمام على إي حالٍ كان وتُصلي معه، وهذا قول الأكثر، وهو المتجه -إن شاء الله تعالى-.
طالب:......
نعم؟
طالب:......
مرتكب الكبيرة, نعم؟
طالب:......
بأن قال له: احلف على المصحف، أو بعد العصر عصر الجمعة، أو في المسجد أو على المنبر.
طالب:......
إيش فيها؟
طالب:......
الشاهد ما عليه يمين.
طالب:......
طلب من المدعي؟
طالب:......
والشهود ويش علاقتهم؟
طالب:......
لماذا؟ هم غير ثقات؟ يعني ما تُقبل شهادتهم وإلا تُقبل؟
طالب:......
يطلب يمين باعتبار أن الشاهد عنده غير مرضي، وإنما جزء من بينة وليست بينة، شهادة اثنين أو أكثر من غير العدول الأصل أنها مردودة، ووجودها مثل عدمها، لكن بعض الناس بعض العلماء يرى أن شهادة فاسق مع فاسق مع فاسق، يعني مثل الرواية يقوي بعضها بعضاً، فتورث غلبة ظن تُدعم بيمين، لكن الأصل أن الشاهد إما مقبول الشهادة أو مردود الشهادة، فإن قُبل الشهادة فلا داعي لليمين، وإن ردت شهادته ما كفت اليمين إلا بعد النكُول.
طالب:......
ما في شك أنه عند انتشار الفسق، وقلة العدول وندرتهم يُتنازل في بعض الشروط، ويُسلك مع هؤلاء الشهود الذين تظهر عليهم علامات الفسق من ذكاء القاضي ما يكشف حقيقة الحال.

يقول: أنا مقيم في السعودية ومعي أختي، وتقدم رجلٌ لخطبة أختي فوجدناه رجلاً مناسباً، ووالدي يعيش في بلدنا الأصل هل يجوز لي أن أتولى عقد النكاح أو لا بد من توكيل من الوالد؟

لا بد من التوكيل، لا بد من توكيل الوالد لولده؛ لأنه هو الأصل في العقد، ولا تنتقل الولاية إلى من دونه إلا بمبرر شرعي.

يقول: هل أخذ الراهن لأكثر من حقه يُعد من باب القرض الذي جر نفعاً، لذلك جاء النهي عن غلق الرهن؟

نعم إذا اشترط عليه أن يُفوَت عليه وقيمة الرهن أكثر من الدين يكون من هذا، ولذا منعه مالك، وحمله على هذه الصورة، هذا إذا كانت قيمته أكثر من قيمة الدين، واشترط عليه في البداية، أما إذا انتهى الأمر من غير شرط، وتنازل صاحب الرهن بطوعه واختياره، ولو كانت قيمته أكثر من الدين فإنه يكون من حُسن القضاء.

يقول: امرأة مطلقة عرضت نفسها على رجل ليتزوجها، وتم الزواج، وبعد شهرٍ طلبت منه الطلاق، مع رد المهر له، وقالت له: إنها تحب زوجها الأول، وتٌريد الرجوع إليه؛ لأنها مطلقة ثلاث مرات، وتم الطلاق وعادت لزوجها الأول؟

هذه إن كان قصدها بالزواج من الزوج الثاني التحليل فقط فقد ارتكبت محرماً، وفي زواجها من رجوعها إلى الأول خلاف بين أهل العلم هل تحل له بمجرد هذا الزواج الذي هو التحليل، أو لا بد أن يكون النكاح الثاني نكاح رغبة لا بنية التحليل؟ فلا بد أن تتزوج زواج رغبة، ثم بعد ذلك تحل للأول، أما أن تتزوج من الثاني لمجرد التحليل فهذا لا يجوز، أما الزوج الثاني فالذي يظهر من السؤال أنه لا علاقة له بالتحليل.