شرح العقيدة الواسطية (12)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: أول الكتاب يحتاج إلى تأصيل وتأسيس وبيان منهج أهل السنة والجماعة، أما إلى منتصف الكتاب من الآن إلى منتصف الكتاب، وهو مجرد سرد للنصوص من الكتاب والسنة التي فيها إثبات الأسماء والصفات لله -جلَّ وعلا-، ففي كل صفة وفي كل اسم من أسمائه يذكر مجموعة من الآيات، فإذا انتهى من الآيات ذكر الأدلة من السنة، وتقرير الآيات مفادها مجموع هذه الآيات الأربعة أو الخمس في صفة واحدة، واحدة، وهو إثبات هذه الصفة على ما يليق بجلال الله وعظمته، نعم قد نحتاج إلى بيان بعض الألفاظ، لكن من هنا إلى منتصف الكتاب لا يكلف شيئًا إن شاء الله تعالى؛ لأنه مجرد سرد من قبل الشيخ -رحمه الله- للأدلة من الكتاب والسنة التي يثبت بها أهل السنة والجماعة ما يثبتونه من الأسماء والصفات، كما تقدم في صفة العلم وما يتبعها من القوة، وصفة الرَّزق وتفرده -جلَّ وعلا- بأسمائه وأنه ليس كمثله شيء، القاعدة العامة المأخوذة من هذه الآية العظيمة وإثبات السمع والبصر، ثم بعد ذلك إثبات المشيئة والإرادة، يلي ذلك إثبات المحبة ثم الرحمة وهكذا..، يستطرد الشيخ -رحمه الله- في ذكر الأدلة.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فقد قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: وقوله: ﮪﮫ      وقوله: ﯕﯖ  وقوله:   ﭤﭥ    وقوله:     وقوله:             وقوله:    وقوله:               . وقوله:           .

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في إثبات صفتي المشيئة والإرادة ثم بعدها المحبة والرحمة قبل ذلك قال: وقوله -جلَّ وعلا-:     ﮐﮑ  يعني لو أنك اعترفت بعجزك وتقصيرك، لولا هلا يعني حرف تحضيض {إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله} جواب ما، ما شاء الله كان، فلا يكون شيء إلا بمشيئة ولا يشاء -سبحانه وتعالى- شيئًا إلا يكون لا قوة إلا بالله، يعني لا قدرة لك على إيجاد شيء من الأشياء مهما قل إلا بمعونة الله -جلَّ وعلا-.

إذا لم يكن عون من الله للفتى         فأول ما يقضي عليه اجتهاده

فهذ الصاحب الناصح يذكّر صاحبه الذي جحد نعمة الله عليه وتكبر ولم يعترف بما لله -جلَّ وعلا- عليه من نعم، قال له: لولا إذ دخلت جنتك، وهما جنتان، وهنا قال: جنتك، ومعروف أن جنة مفردة جنة مفرد مضاف فيعم فيشمل الجنتين، المفرد المضاف عند أهل العلم من صيغ العموم فهو شامل للجنتين {قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله} هذه كلمة ينبغي أن تقال في كل ما يعجب به الإنسان، أولاً: من باب الاعتراف لله -جلَّ وعلا- وإسناد الخير والفضل إليه الأمر، الأمر الثاني: خشية العين بمثل هذا تُدفع العين مع التبريك، ما شاء الله لا قوة إلا بالله     {ولو شاء الله ما اقتتلوا} يعني: الكفار مع المسلمين {ولكن الله يفعل ما يريد} ففي هذا إثبات صفة المشيئة في قوله: {ولو شاء الله ما اقتتلوا} وفيه أيضًا صفة الإرادة في قوله: {ولكن الله يفعل ما يريد} فهناك إرادة وهناك مشيئة وبينهما شيء من التداخل؛ فالإرادة الكونية مطابقة للمشيئة، والإرادة الشرعية مطابقة للمحبة. الإرادة الكونية تطابق المشيئة والإرادة الدينية الشرعية تطابق المحبة، فإذا أراد الله فإذا شاء كتب وأراد، إذا أراد الله -جلَّ وعلا- من الإنسان أن يطيع فأطاع الآن تطابق عندنا الإرادة الشرعية مع المحبة، أراد يعني يحب، الإرادة الشرعية محبوبة لله -جلَّ وعلا- لكن هذه الإرادة الشرعية قد يقع مقتضاها وقد لا يقع؛ لأن الله أراد للعباد أن يعبدوه، فمنهم من امتثل ومنهم من لم يمتثل؛ فمن امتثل صدقت عليه الإرادة الشرعية وهي محبوبة لله -جلَّ وعلا-، ومن لم يمتثل ولم يعبد الله -جلَّ وعلا- فيه المشيئة والإرادة الكونية، وهي غير محبوبة لله -جلَّ وعلا-. قد يقول قائل: لماذا يشاء الله شيئًا وهو لا يحبه؟ ويريد كونا أن يقع هذا فيقع؛ لأن المشيئة والإرادة الكونية لا بد من تحققها وفيها المحبوب وفيها غير المحبوب، كيف يشاء الله -جلَّ وعلا- شيئًا وهو لا يريده إرادة شرعية ولا يحبه؟ لحكمة اقتضت ذلك؛ لأن الله -جلَّ وعلا- كتب السعادة والشقاوة على الإنسان وهو في بطن أمه، وكل هذا ابتلاء وامتحان، منهم المطيع ومنهم العاصي {وما ربك بظلام للعبيد} فالإرادتان -أعني الشرعية والقدرية الكونية- تجتمعان في مثل إيمان المؤمن وطاعة المطيع أراد منه كونًا أن يطيع وأراد منه شرعًا أن يطيع، ووقعت هذه الإرادة إيمان المؤمن وطاعة المطيع تنفرد الكونية، الإرادة الكونية في كفر الكافر ومعصية العاصي، أراد الله -جلَّ وعلا- كونًا وقدرًا أن يكفر الكافر وأراد من العاصي أن يعصي، لكن ما أراد منه شرعًا أن يكفر؛ لأنه أمره بالإيمان وأمره بالطاعة تنفرد الشرعية في مثل إيمان الكافر وطاعة العاصي، كيف؟

الآن إذا كانت الإرادتان تجتمعان في إيمان المؤمن وطاعة المطيع هذا ظاهر؛ لأن الله شاء أن يؤمن وأراد منه كونًا أن يؤمن فآمن، وأراد منه أن يطيع فأطاع فاجتمعت وأحب ذلك منه فامتثل، فاجتمعت الإرادتان الكونية تنفرد في كفر الكافر شاء الله له أن يكفر، شاء له أن يعصي فعصى، يعني قدَّر له كونًا أن يكفر فوقع ما قدر له، وشاء له أن يكفر فوقع ما قدَّر..، لكن هل هذا محبوب عند الله -جلَّ وعلا-؟ لا، ليس بمحبوب ولذا المشيئة والإرادة الكونية لا بد من تحققها من تحقق مقتضاها، لكنها قد تكون محبوبة فيما يجتمعان فيه مع الشرعية وقد تكون مكروهة، وهذه المشيئة وهذه الإرادة الكونية التي قدرها الله -جلَّ وعلا- وكتبها على العبد وشاء أن يقع منه ما وقع وإن كان مكروها لله -جلَّ وعلا- الله -جلَّ وعلا- لا مكره له يفعل ما يشاء لا مكره له، كيف يقع في مشيئته وإرادته -جلَّ وعلا- الكونية ما يكرهه؟.

طالب: ..........

حكمة عظيمة بلا شك، لكن ألا يقع في تصرفات البشر المدركة من هذا النوع؟ ألا يمكن أن يقدم الرجل ولده أو فلذة كبده إلى الطبيب ليفتح بطنه مثلاً ليزيل عنه ما يؤذيه بطوعه واختياره، أحضر الولد ومع ذلك هو يكره هذا العمل فهو مكروه من وجه محبوب من وجه؛ لأنه يحقق مصلحة وحكمة عظيمة ترتب عليه مصلحة، تنفرد الشرعية في إيمان الكافر وطاعة العاصي يعني أراد الله -جلَّ وعلا- شرعًا وأحب عز وجل من الكافر أن يؤمن، وأراد شرعًا من العاصي أن يطيع هل تدخل المشيئة والإرادة الكونية في مثل هذا؟

طالب: .............

لا المسألة مفترضة في كافر يؤمر بالإيمان ولا يمتثل.

طالب: .............

ما تدخل لأنها لم تقع.

   ، وقول الله -جلَّ وعلا-:    أحلت لكم بهيمة الأنعام من الإبل والبقر والغنم  هذا الاستثناء -استثناء الصيد من بهيمة الأنعام- يسمونه استثناء منقطع، لماذا؟ لأن المستثنى ليس من جنس المستثنى منه غير محلي الصيد يعني غير قاتلي الصيد وأنتم حرم، فالذي يقتل الصيد يشبه المستحل له، وإلا مسألة الاستحلال أعظم من مجرد القتل مع اعتقاد الحرمة، {غير محلي الصيد وأنتم حرم} يعني تفعلون بالصيد ما يفعله الحلال ولو لم يكن استحلالاً، {وأنتم حُرم} يعني: أنتم محرمون. {إن الله يحكم ما يريد} يقضي بما أراده -جلَّ وعلا-.

وقوله: ﭘﭙ ﭥﭦ  من يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام للدخول فيه راغبًا فيه غير كاره له ومحب لشرائعه وعقائده، فرحًا مسرورًا بأن جعله الله -جلَّ وعلا- من المسلمين ولم يجعله من عباد الأصنام أو من غيرهم ممن لا يتدين بدين الإسلام، يعني أكبر نعمة لله -جلَّ وعلا- على العبد أن جعله مسلمًا، {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام} والإنسان يختبر نفسه، فإذا شرح الله صدره للدخول في الإسلام تبين له أن الله أراد به خيرًا، إذا كانت ينشرح صدره وينفتح قلبه ويسر بشرائع الإسلام يؤدي الصلاة وهو مرتاح بها راغب فيها غير مستثقل ولا كاره، يؤدي الزكاة وهو منبسط القلب مسرور، يصوم في الأيام الحارة الشديدة ولا يتذمر ولا يتضايق منشرح الصدر بهذا الصيام وبهذه الزكاة وبتلك الصلاة، يعرف ويجزم أن الله -جلَّ وعلا- أراد الله أن يهديه، لكن بعض المسلمين يشرح صدره الله للإسلام ويدخل في الإسلام، ويعرف أن هذه نعمة لا يعدلها أي نعمة وهو فرح مسرور، لكن بعض الشرائع تثقل عليه؛ لأن بعض الناس تثقل عليه الصلاة، صلاة ركعتين أثقل من جبل عنده، وبعض الناس يثقل عليه دفع الأموال، إنفاق درهم أسهل عليه من مائة سوط، وبعض الناس يشق عليه الصيام، بعض الناس يشق عليه بعض شرائع الإسلام، لا شك أن ثقل الصلاة من أوصاف المنافقين {إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى} يعني تثقل عليهم فيتكاسلون عنها، وبعض بل أقول كثير من المسلمين مع الظروف التي نعيشها تثقل عليهم الصلاة، يقومون إليها وهم كسالى، يسهرون الليل فإذا أوقظوا لصلاة الصبح تصور نفسك كل واحد منا يتصور نفسه -نسأل الله العفو- الصلاة ثقيلة في مثل هذا الظرف برد شديد ثقيلة، اجتماع إخوان وأحبة وكذا وتجاذب أخبار ومبسوطين تقول له: قم صلّ يقول: أنا والله..، النفس ما تنقاد، فماذا نقول عن مثل هذا؟ نقول: لا شك أن مثل هذا فيه خلل، في شرح صدره للإسلام خلل؛ لأن الإسلام عبارة عن مجموعة هذه الشرائع، لكن هل نقول: إن مثل هذا نفاق إذا قام إلى الصلاة قام كسلان، وكثيرًا ما يسأل النساء بحرقة إذا أقيظوا الأولاد ومنهم المكلف عمره ثمانية عشر، عشرين أكثر أقل، وهو نائم بعد أن سهر السهر الطويل يجيبه، يقول: أنا ماني مصلّ، وقد يتلفظ بكلمات قوية، ويتفوه بكلام لو كان يعقله ما قاله، هذا كله من ثقل الصلاة عليه، والشيطان يعقد على قافية رأس أحدكم ثلاث عقد إذا نام، ثم تنحل هذه العقد تدريجيًا، إذا قام فذكر الله انحلت عقدة، إذا توضأ انحلت عقدة، إذا صلى انحلت العقد كلها، فسببه أمران: أولاً الإنسان مثل هذا لم يشرح الله صدره شرحًا تامًا، وإلا لو شرح صدره شرحًا تامًا كاملاً لكان كمن يقول: أرحنا بالصلاة، وقل مثل هذا بالنسبة لإنفاق الأموال والصيام وغيره، فالتكاليف في الجملة يعني لو أن الإنسان ما يتصور الجزاء والثواب ثقيلة على النفس؛ لأن الجنة حفت بالمكاره، لكن الإنسان إذا تصور أن الذي أمره بهذه العبادات هو من له المنة عليه في وجوده وفي صحته وفي غير ذلك من النعم في شرح صدره للإسلام أهم هذه النعم، وإذا عرف الثواب المرتب على هذه العبادة والعقاب المترب على تركها نشط لها، فمثل هذا ما انشرح صدره لجميع شرائع الإسلام، لكنه في الجملة مسلم، ولا يخرج من الإسلام بمجرد كون صلاة الفجر عليه ثقيلة مثلاً هو مشبه للمنافقين في هذه الصفة، لكنه ليس بمنافق، والفرق بين المسلم الذي هذه حاله وبين المنافق أن المنافق لولا الناس ما صلى  يعني لولا الناس ما صلى أصلاً، لو لم يكن بحضرته أحد ما صلى، لكن المسلم مع هذا الثقل ومع هذا الكسل يصلي لو لم يكن بحضرته أحد، وهذا هو الفرق بين النوعين.

ﭘﭙ  مَن شرطية ويُرد فعل الشرط مجزوم ويشرح جوابه، وفي الحديث الصحيح في الصحيحين من حديث معاوية: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين» عندنا ﭘﭙ ﭥﭦ  هنا تقابل بين الهداية وبين الإضلال، تقابل تام بينهما، لكن في الحديث: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين» التقابل بين الخير وأيضًا والشر؟

طالب: ................

الحديث في الصحيحين، الآن تقابل بين الهداية والإضلال واضح ومنصوص عليه، لكن ما الذي يقابل الهداية في الحديث: «من يرد الله به خيرا» ما الذي يقابل الخير في الحديث: «من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين»؟ هل نقول: إن المقابل الشر، فالذي لا يتفقه في الدين أراد الله به شرًا، أم نقول: إن الله لم يرد به خيرًا من هذه الحيثية من حيث تقصيره في جانب العلم، لكن أراد الله به خيرات من جهات أخرى، فلا نقول: إن الله أراد به شرًا، واضح الكلام أو ما هو واضح؟ وإثبات الإرادة في الآية والحديث لا إشكال فيه ثابتة صفة الإرادة لله -جلَّ وعلا- من الآية والحديث، لكن التقابل هنا في الآية: {فمن يرد الله أن يهديه} {ومن يرد أن يضله} تقابل بين الهداية والإضلال، وأما بالنسبة للحديث فالذي يقابل الخير عدمه في هذا الباب لا أن الله أراد به شرًا، بل من عوام المسلمين الذين لم يتفقهوا في الدين ولم يرفعوا به رأسًا ولا سعوا إليه ولا حاولوا ولا فكروا عندهم من الخير الكثير أكثر بكثير مما عند بعض الفقهاء، هذا واضح أو ما هو واضح؟ عوام المسلمين عندهم أبواب من أبواب الخير فلا نقول: إن من لم يرد الله به خيرًا أن هذا الشخص الذي لم يتفقه في الدين أراد الله به شرًا، قد يكون عدم تفقهه خيرًا له من بعض الفقه الذي حمله بعض الناس، وإن كان النزاع في تسمية ما حمله بعضهم من معرفة الأحكام بأدلتها هل يسمى فقه أو لا يسمى؟ هل يسمى علم أو لا يسمى؟ مع عدم العمل به، المحقق أنه لا يسمى علم ولا يسمى فقه، فعلى هذا من لم يرد الله به خيرا يفقهه فإذا حصل له هذا الوصف وهو الفقه وسمي فقيهًا بحق هو الذي يعمل بهذا الفقه فيعمل بعلمه.

طالب: .............

نعم مفهومه من الإثم، لكنه محمول على من يشق عليه الصيام مشقة شديدة، فإذا زادت هذه المشقة أولئك العصاة، أما إذا لم توجد مشقة أو مشقة يسيرة محتملة، النبي -عليه الصلاة والسلام- صام في السفر ومعه أصحابه منهم الصائم ومنهم المفطر لا يعيب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم، فالصوم في السفر أحيانًا يكون أرجح من الفطر، وأحيانًا يكون مساويًا له، وأحيانًا يكون مرجوحًا، وأحيانًا يأثم الصائم إذا شق عليه مشقة شديدة، في الحديث الصحيح: «أولئك العصاة» في صحيح مسلم.

{فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقًا كأنما يصعد في السماء} عندك من باب المقابلة في قول الله -جلَّ وعلا-: {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن} هذا تقابل بين العمارة الحسية وعدم الإيمان فيه نسبة، شخص يشيد مسجدًا وهو ما يصلي يقول: أنا يكفيني أني عمرت     يقول: أنا عمرت مسجدًا إذًا أنا مؤمن، هذا الكلام غير صحيح، إذا تقابلت عمارة المسجد الحرام بترك الإيمان، لكن لو اجتمعت العمارة مع الإيمان، عمارة مسجد أو المسجد الحرام عَمَّره مؤمن من أفضل الأعمال، فننظر إلى التقابل بما يحتف به {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام} يوسع صدره ويجعله يدخل منشرح الصدر.

 وضيق الصدر وانشراحه أمران معروفان محسوسان للمتعلم وغير المتعلم، وتجد بعض الناس أبسط ما يكون أشرح ما يكون صدرًا إذا كان صائمًا، وبعض الناس يضيق ذرعًا بالصيام وتضيق به الأرض بما رحبت إذا صام، وشتان      هذا لا شك أن الله -جلَّ وعلا- أراد به هدايته، وذاك الذي ضاق صدره بالصيام أو بالصلاة أو بالزكاة أو بغيرها شرح الله صدره للإسلام في الجملة، لكن هذا الشرح ناقص، ومن يرد أن يضله والإضلال في مقابل الهداية ﭥﭦ  يصَّعَّد، ما قيل: يصعد؛ لأن الصعود محتمل، وقد يصعد الإنسان وهو يضحك، هناك ما يُصعد وهو سهل، لكن يصَّعَّد يعني مع صعوبة ومشقة شديدة وضيق في النفس وضيق في التنفس، ثم بعد ذلك أثبتوا أنه كلما ارتفع الإنسان قل الأكسجين فيضيق النَّفَس وتنحشر النَّفْس، كلما يصعد فوق؛ ولذا يوصون مريض القلب ألا يسكن في الأماكن المرتفعة، لا يسكن الجبال إنما يسكن السهول: ﭥﭦ  والبلاغة في التشديد يصَّعَّد في السماء يعني في جهة العلو، هذا ما يتعلق بالمشيئة والإرادة.

وأما ما يتعلق بالمحبة فتبدأ من قوله: ﮪﮫ     .

طالب: ............

يعني عقوبة المخالف..؟ يعني العقوبات..، إيه لكن إيش اللي حصل بعد ظهور الفساد، هل هو بالمعاصي نفسها أو ما ترتب على هذه المعاصي؟ ظهر الفساد في البر والبحر بسبب ما كسبت أيديهم من المعاصي، فالفساد هو العقوبة الحاصلة بسبب هذه المعاصي وهذه عقوبات معجلة، والعقوبة العاجلة أسهل من عقوبة الآخرة، وفائدتها كما في قوله -جلَّ وعلا-:  يعني إذا كان الإنسان عاصيًا، ثم يصاب بمرض يكون سببًا لرجوعه وانكساره بين يدي الله -جلَّ وعلا- صار منحة، لكن لو كان عاصيًا ومسرفًا على نفسه والله -جلَّ وعلا- يزيده من النعم ولا يرجع ولا يرعوي، هذا استدراج فيكون المرض خيرًا لمثل هذا.

طالب: .............

الكفر من الكافر إرادة كونية لا إرادة شرعية.

طالب: .............

لا ما أذن له، نحن لا نؤول صفة بصفة، لا تؤول صفة بصفة، الإرادة واضح معناها ولا يختلف فيها بين أهل السنة ولا تُؤول بغيرها من الصفات.

طالب: .............

الإرادة الكونية هي المشيئة. وقوله: ﮪﮫ      أحسنوا: أمر بالإحسان، والإحسان يكون من قبل الإنسان المأمور فيما بينه وبين ربه، ويقول ذلك بما جاء في حديث جبريل لما سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الإحسان، قال له: «أن تعبد الله كأنك تراه»، وهذه مرتبة الكمال، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، يعني بالمراقبة {أحسنوا} هذا بالنسبة لمعاملة الخالق، وهناك ما يتعلق بمعاملة المخلوق من النفس والزوجة والأولاد والأرحام والأصهار والجيران وعموم المسلمين وغيرهم حتى غير المسلمين، لا يُمنع من الإحسان إليهم بالشرط المذكور، لا ينهاكم الله. وأيضًا مع الحيوان «إذا قتلتم فأحسنوا القِتلة إذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة» لا بد من الإحسان في كل شيء، والله -جلَّ وعلا- كتب الإحسان في كل شيء، {وأحسنوا إن الله يحب المحسنين}، صفة المحبة ثابتة لله -جلَّ وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته، ونفاها المعتزلة وأولها الأشاعرة بلازمها، فالمحبة عندهم إرادة الثواب يحب المحسنين يعني يريد أن يثيبهم، تفسير الشيء بلازمه، طيب اللازم هل هو مقبول عند أهل السنة أو غير مقبول؟ أولاً الإرادة عند الأشاعرة مثبتة أو منفية؟ مثبتة فهم يؤولون الصفات الفعلية بها يرجعونها إليها الغضب إرادة الانتقام المحبة إرادة الثواب، الرحمة إرادة الإحسان وهكذا؛ لأنهم يثبتون الإرادة وينفون مثل المحبة يثبتون سبع صفات كما هو معروف، اللازم هل هو مقبول عند أهل السنة أو مردود؟ يعني رحمة الله -جلَّ وعلا- من لازمها إرادة الإنعام والمحبة من لازمها إرادة الثواب.

طالب: ...............

لكن أهل السنة يقرون باللازم أو ينفونه؟ يعني أنت افترض شخص يقول في الآية: إثبات صفة المحبة لله -جلَّ وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته ومن لازمها كذا..

طالب: ...............

لكن افترض عندنا مثلاً كثيرًا ما يقول شراح الحديث في قوله -عليه الصلاة والسلام-: «والذي نفسي بيده»، يقولون: روحي في تصرفه، هذا التأويل مقبول أو غير مقبول؟

طالب: .............

خلنا في حديثنا: «والذي نفسي بيده» قالوا: روحي في تصرفه مقبول أو غير مقبول؟ أو ننظر في القائل؛ إن كان ممن يثبت اليد لله -جلَّ وعلا- إثباتًا حقيقيًا على ما يليق بجلاله وعظمته؛ لأن الكلام صحيح ما فيه أحد روحه ليست في تصرف الله -جلَّ وعلا- اللازم حق فهو مقبول لكن ممن؟ ممن يثبت الصفة لا ممن ينفي الصفة بإثبات اللازم، يفر من إثبات الصفة ويثبت اللازم، لا، لكن إذا أثبت الصفة وعرفنا أن هذا الشخص ممن يثبت اليد لله -جلَّ وعلا- وقال روحي في تصرفه، قلنا: الكلام صحيح، لكن الإشكال ممن يفر من إثبات الصفة إلى إثبات اللازم كما تفعل الأشعرية، ﮪﮫ       ﯕﯖ  أقسط الفعل الرباعي عندنا المادة فيها الفعل الثلاثي وفيها الفعل الرباعي قسط فهو قاسط وأقسط فهو مقسط، الفرق بينهما.

طالب: ..............

الله -جلَّ وعلا- يحب المقسطين.

طالب: ..............

إيش الفرق بينهما؟

طالب: ..............

نعم، والإقساط العدل؛ لأنهم يقولون: الهمزة هذه همزة السلب عندنا، المقسطين يحبهم الله -جلَّ وعلا- «والمقسطون على منابر من نور» وهم الذين يعدلون في كل شيء، هؤلاء هم المقسطون وفي الآخرة على منابر من نور والله -جلَّ وعلا- يحبهم،      -نسأل الله السلامة والعافية- وأقسطوا أمر بالعدل {إن الله يحب المقسطين} يعني: يحب العادلين، لكنه لا يحب القاسطين الذين يجورون في أحكامهم، وأما المقسطون الذين يعدلون في أحكامهم فإن الله -جلَّ وعلا- يحبهم، وهم في الآخرة على منابر من نور.

طالب: ..............

هو يُفَسِّر باللازم ليَفِرّ من إثبات الصفة، كما قال في المحبة، هو ما يثبت محبة لله -جلَّ وعلا-؛ لأنها تقتضي النقص عنده.

طالب: ..............

إيه يرد قوله إذا كان عُرف بالتأويل ويفر من إثبات الصفة إلى لازمها، نرد قوله ونرميه بالبدعة بلا شك،

طالب : .............

 معروف من منهجه عمومًا يعني إذا جاءك هذا من كلام شيخ الإسلام وابن القيم، والذي نفسي بيده وروحي في تصرفه وإيش تقول، وأنت تعرف أنه يثبت اليد لله -جلَّ وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته؟ تقول: فرّ شيخ الإسلام، نعرف أنه يثبت اليد.

طالب: ...........

لا، هذا معروف شخص يثبت الصفة، الذي يثبت الصفة غير الذي لا يثبت؛ ولذلك تجد في الأحكام ما يعذر به الشخص، شخص يعذر وشخص لا يعذر ليش؟ لأنك عرفت من منهج هذا وطريقته أنه لا يقصد الكلام الذي يقصده الآخر، يعني إذا عرفنا من شخص أنه يثبت جميع ما أثبته الله -جلَّ وعلا- لنفسه من الأسماء والصفات وجميع ما يتعلق بالله -جلَّ وعلا-، ثم أثبت لازمًا صحيحًا، يعني: أليس من لازم الرحمة إرادة الإنعام؟ أن -جلَّ وعلا- ينعم على الإنسان في الدنيا والآخرة؟ ومن لازم المحبة إرادة الثواب؟ هذا من لازمها، واللازم صحيح لكن يكون باطلاً إذا ترتب عليه الفرار من إثبات الصفة؛ لأن إثبات اللازم فرع عن إثبات الصفة فيكون إثبات اللازم لا قيمة له مع نفي الصفة، فرق بين من يثبت الصفات، يثبت جميع ما أثبته الله -جلَّ وعلا- لنفسه، ثم بعد ذلك يثبت ما يترتب على هذه الصفة، وبين من لا يثبت الصفة أصلاً، ولئلا يلزم بالنصوص يتأولها بلوازمها، ﯕﯖ     ﭤﭥ    السياق في إيش؟ في التعامل مع المعاهدين والمستأمنين وأهل الذمة وغيرهم ممن يجوز له البقاء على دينه ممن كان معاهدًا، أو ذميًا يدفع الجزية، أو مستأمنًا، يدخل بلاد المسلمين لتجارة ونحوها ولا يستقر فهذا متى استقام نستقيم له   ﭤﭥ  وهذا من التقوى؛ لأن الله -جلَّ وعلا- يقول في آخر الآية: {إن الله يحب المتقين}، والمتقي هو الذي يجعل بينه وبين عذاب الله وقاية، بفعل المأمور الذي منه فاستقيموا له، وإذا كان هذا في معاملة غير المسلمين، ففي معاملة المسلمين من باب أولى،   ،     يحب التوابين، التواب صيغة مبالغة فعّال من التوبة، توّاب مبالغة يعني يتوب مرارًا تتكرر منه التوبة حتى يستحق صفة المبالغة، لكن أيهم أفضل التواب أو التائب؟ من أسماء الله -جلَّ وعلا- التواب؛ لأنه يقبل توبة التائبين وهم كثر، فصفة المبالغة هنا لها وجه، لكن التواب بالنسبة للعبيد أفضل أو التائب؟

طالب: ...............

نعم ما يتكرر منه ما يقتضي التوبة؛ لأن التوبة تحتاج إلى مقتضي وهو الذنب، فإذا كثر منه الذنب أذنب ألف ذنب وتاب ألف توبة هذا صار توّاب؟ لكن أذنب ذنبًا واحدًا وتاب توبة واحدة صار تائب، أيهما أفضل الذي تكررت منه الذنوب فتاب منها أو الذي أذنب ذنبًا واحدًا فتاب منه؟ لا شك أن من لم يقارف الذنوب أكمل وأفضل ممن يقارفها، فإذا كان يحب التوابين فهو يحب التائبين، نأتي إلى مسألة التوبة، التوبة تهدم ما كان قبلها، وإذا تمت بشروطها أبدلت السيئات حسنات؛ لأن عندنا صيغة مبالغة تواب، والذي يكثر من الذنوب أذنب ألف ذنب وتاب ألف توبة يستحق أن يوصف بأنه تواب، هذه الذنوب الألف التي تاب منها بدلت حسنات، فهل نقول: إن الذي ما عصى إلا مرة واحدة ثم تاب وبدلت هذه المعصية حسنة مثل الذي أذنب ألف ذنب وتاب منها فبدلت ألف حسنة؟

طالب: ............

لكن يتمنى أنه أذنب بدل الحسنات بدل الطاعات..، لنفترض شخصين كلاهما عاش سبعين سنة ثم قبضت روحه أحدهما عاش في الطاعة خلال سبعين سنة ولا يقال: إنه معصوم تقع منه الهفوة والزلة، لكن ما يقال أيضًا أنه مقترف للجرائم والكبائر والموبقات مثل الثاني، لكن الثاني قبيل وفاته تاب وأصلح وعَمِل عَمَلاً صالحًا، هل تاب توبة نصوحًا مقبولة وبُدلت سيئاته حسنات، هل نقول هما واحد؟

طالب: .............

لا، لماذا؟

طالب: .............

حسنات المطيع مضاعفة والحسنات المبدلة عن السيئات لها حكم البدل غير مضاعفة، وإن كان في كلام شيخ الإسلام ما يدل على أنها أيضًا تضاعف، لكن العدل الإلهي يقتضي أن هذا أميز من هذا، شاب نشأ في طاعة الله هذه من صفات المدح.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وقوله:     ففي هذا إثبات صفة المحبة لله -جلَّ وعلا- لمن اتصف بهذين الوصفين الطهارة الباطنة بالتوبة، والطهارة الظاهرة برفع الأحداث وإزالة الأخباث     هذا نص قطعي في القرآن، فهل يقال بعد الفراغ من الوضوء مع الذكر المشروع أو لا يقال؟ وقد جاء في بعض طرقه: «اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين» لأن الله -جلَّ وعلا- يحب التوابين ويحب المتطهرين، وإسناده لا بأس به، لكن الأكثر على عدم ذكره، الأكثر من الرواة على عدم ذكره، فمن ينظر إلى ظاهر الإسناد يثبته، لا سيما وأنه مؤيد بالقرآن والذي ينظر إلى القرائن وأن عدم الذكر من قبل أكثر الرواة يجعل في النفس من ثبوته شيء، يقول: لا يثبت،    ، وقوله:             كثير من الناس من يدعي المحبة، لكن الدعاوى لا بد لها من برهان، كثير ممن يقول: أنا أحب الله ورسوله، لكن إذا جاء المحك المختبر تبين لا شيء، كثير من الناس من يزعم التوكل والثقة بالله واليقين ثم إذا حصل له أدنى شيء ما وجدت شيئًا من هذا، فالدعاوى لا بد لها من بينات تثبتها؛ ولذا جاءت آية الامتحان: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}، يعني: مخالف لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يقتدي به لا في الظاهر ولا في الباطن ويزعم المحبة؟ هذه دعوى باطلة وإلا سهل للإنسان أن يقول: إنه يحب فلانًا أو يحب علانًا، ثم بعد ذلك إذا حصل له أدنى حاجة تخلى عنه، معروف أن الأشخاص يتبادلون الألفاظ، كل واحد إذا ذكر له الثاني ذكر له أنه يحبه ويوده، وبينه كذا وكذا، وإذا كتب له كذلك لكن المحك شوف إذا حصل له أدنى حاجة أو شيء تخلى عنه، هذه دعوى، أين فائدة المحبة؟ قل مثل هذا فيمن يدعي حب الإله.

تعصي الإله وأنت تزعم حبه

 

هذا لعمري في القياس شنيع .

لو كان حبك صادقا لأطعته 

 

إن المحب لمن يحب مطيع  .

            لوكانت هذه الدعوى صدرت منكم  لا بد من الاتباع، ولا تكفي الدعوى ما لم ينطبق عليها البرهان الذي يصدقها، فاتبعوني يحببكم الله، والشاهد في قوله يحببكم ففيه إثبات صفة المحبة -جلَّ وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته.

"