شرح العقيدة الواسطية (22)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
طالب: .............
الحلولي هذا كَفَّرَه كثير من أهل العلم -نسأل الله السلامة والعافية-.
طالب: .............
المسألة عظيمة، حتى لو كانت البدعة لا تخرجه عن الملة، والصلاة خلفه مما يعينه على استمرار بدعته، أو يجعل عامة الناس يقلدونه أو طلاب العلم، فإذا كان هجره وعدم الصلاة خلفه أنفع من الصلاة وراءه ما يصلى وراءه، ولو كانت بدعته مغلظة، ولو كانت بدعته غير مخرجة من الملة، إذا ما أثر فيه الهجران ولا خيف من أن يقتدى به وتصحح بدعته أو يلبس على الناس بأن فلان يصلي ورائي وفلان وعلان لو كان عندي أدنى إشكال ما صلي علي إذا ما خيف هذا، والمسألة مسألة حادثة مثلاً مرة أنت مررت بمسجد وإمامه فيه كذا وأنت تخشى أن تفوتك الصلاة، والإمام مرتب للمسجد إمام الحي، فمثل هذا -إن شاء الله- لا يضر، لكن يبقى أنه يُبحث عن غيره كما هو الأصل.
طالب: .............
تكفير العين إذا ارتكب الإنسان مكفرًا ولم يذكر شبهة أو ذكر شبهة أجيب عنها بجواب يزيلها ويجتثها، أو كان مع ذلك إصرار ومعاندة أو مع ذلك التزام بلازم مكفر، وإذا وجدت هذه الأمور فلا مانع من تكفيره بعينه، يكفره أي عالم، لكن الأحكام المرتبة على الكفر من تطليق زوجته وعدم التوارث والحكم بردته، الأحكام المرتبة لا بد لها من حاكم.
طالب: ............
لا، المسألة مسألة تحتاج إلى عالم يتصور المسألة من جميع وجوهها، ويتصور أيضًا أوضاع الناس وأحوالهم، كل إنسان له ما يخصه من حكم؛ ولذلك الإمام المجدد -رحمه الله- لما سُئل عن قوم يطوفون بالقبور قال: كفر، كَفَّرهم، وسئل عن أناس آخرين نفس السؤال وقال: لا يكفرون، هل يستطيع طالب علم أن يفعل مثل هذا؟ يقال: هذا تناقض، لكن الشيخ -رحمة الله عليه- نظر إلى حال هؤلاء وعلم أن الحجة قد بلغتهم بأجلى صورها، هؤلاء ما لهم عذر، والآخرون ما بلغتهم الحجة أو صار عندهم مانع من فهمها لا أقول من قبولها، وإلا قد يوجد المانع من الفهم وقد يوجد من المانع من القبول؛ لأن الناس يتفاوتون، بعض الناس يفهم الكلام {لينذركم به ومن بلغ} خلاص هذا يكفيه، والناس بعد أن استمر بهم وطال بهم الزمان واختلطوا بغيرهم، يعني فرق بين أبي جهل ونظرائه الذين لما قيل لهم: قولوا لا إله إلا الله، قالوا: أجعل الآلهة إلهًا واحدًا، يعني يفهمون، لكن عندك الآن من مئات السنين يطوفون على القبور وهم يكررون لا إله إلا الله هذا يفهم هذا؟
فالذي لا يفهم الحجة يُفَهَّم لا سيما إذا كان عدم فهمه شديدًا بحيث يقرب من الأعاجم الذين لا يفهمون الكلام العربي، مثل هذا تُشرح وتوضح لهم الحجة ويرد على الشبهات إن كانت، لكن هناك شيء يقال له مانع من قبول الحجة، تأتي له بالدليل من الكتاب والسنة ويفهم، ويقول: والله كلامك حق لكن مع ذلك ثقته بشيوخه منعت من قبوله الحق؛ لأن الثقة بالشيوخ وتقليد الأكابر معضلة، هذه عند الناس تغلف القلب عن قبول الحق، فيقول مثل ما تثق أنت في ابن باز وابن عثيمين وفلان وعلان أنا عندي شيوخ أثق بهم، أنا من طلعت وأشوف عموم الناس -الوالد والجد والعم والخال والشيخ فلان وعلان- كلهم يعظمون هذا الرجل، فهو معظم عندي، هذا التعظيم ما يمكن تزيله بجلسة وأنت عندك شيخك وعلى العين والراس شيخكم تعظمونه، لكن عندنا شيوخنا، هذا مانع من قبول الحجة، فإذا فهم الحجة لا يلتفت إلى هذا المانع.
بسم الله الرحمن الرحيم،
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله} {وإن أحد من المشركين} هذه شرطية، و{أحد} عند البصريين فاعل بفعل محذوف يُفسره المذكور: وإن استجارك أحد من المشركين، والكوفيون يقولون: فاعل مقدم لاستجارك المذكورة ولا يحتاج إلى تقدير، كل هذا سببه أن أدوات الشرط لا يليها إلا الفعل، فلا بد من تقدير فعل، وهذا جاء في النصوص بكثرة، جاء في النصوص بكثرة، وعلى كل حال هذه مذاهب النحاة في مثل هذا، ومنهم من يقول -مثل الشيخ علي الطنطاوي في مذكراته- يقول: مادام جاء بكثرة في النصوص وفي كلام العرب ما الذي يمنع من أن نجعل القاعدة مطردة، وأن الاسم يلي الشرط فلا نحتاج إلى تقدير؟ لكنه قول لم يسبق إليه، ما قال به أئمة النحاة من المتقدمين، ما أعرف أحدًا سبقه إليه.
{وإن أحد من المشركين استجارك} يعني: طلب جوارك، {فأجره} يعني: استأمنك فأمنه إلى غاية، وهي {حتى يسمع كلام الله}، والخطاب للنبي -صلى الله عليه وسلم- استجارك حتى يسمع كلام الله المنزل عليك والمراد به القرآن، فالقرآن كلام الله، ثبت في الدرس الماضي بالأدلة التي ذكرها شيخ الإسلام من القرآن، الكلام في الجملة كلام الله في الجملة في القرآن وفي غيره، لكن هنا خاص بالقرآن، وأنه كلام الله، فبدأ بالكلام العام الذي تناول القرآن وغير القرآن، ثم ثنى بالكلام الخاص الذي هو القرآن، فالقرآن كلام الله {حتى يسمع كلام الله} هذه هي الغاية التي يؤمن فيها مثل هذا المشرك، {وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون} كان فريق ممن؟ من اليهود، {يسمعون كلام الله} المراد بكلام الله هنا القرآن أو التوراة؟ شيخ الإسلام لما جعل الآية هنا بعد الآية الأولى كأنه يقصد القرآن -رحمه الله- ولا شك أنه احتمال وارد وقائم ولكنهم بالفعل إنما حرفوا التوراة.
{وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون}، وقد كان فريق نذروا أنفسهم لهذا الأمر، يحرفون كلام الله لفظًا ومعنى، يعني قد يوجد في هذه الأمة من يحرف، لكن هل يستطيع أن يحرف اللفظ؟ قد يستطيع أن يحرف المعنى، ألم يقل بعضهم: {وكلم اللهَ موسى تكليما} هذا تحريف لفظي يترتب عليه التحريف المعنوي، لكن هل يستطيع أن يتصرف في الحروف، هل يستطيع أن يحرف ﮋ ﯔ ﯕ ﮊ الأعراف: ١٤٣؟
طالب: ...........
يعني كون هناك فرق تدعي مثلاً نقص القرآن مثلاً، أو تزيد فيه بعض السور، أو شيء من هذا، لكن يبقى أن القرآن محفوظ مصون من الزيادة والنقصان: ﮋ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮊ الحجر: ٩ وذكرنا في مناسبات قصة يحيى بن أكثم مع اليهودي الذي دعاه القاضي إلى الإسلام فامتنع لمدة سنة، وعلى رأس سنة من المناقشة جاء فأعلن إسلامه، وقال له يحيى القاضي: ما الذي جعلك تتأخر سنة؟ لو اخترمتك المنية أثناء هذه السنة فما مصيرك؟ قال: انتظرت سنة، قال: ماذا صنعت خلال هذه السنة؟ قال: نسخت نسخًا من التوراة وحرفت وزدت ونقصت وقدمت وأخرت، وذهبت بها إلى سوق اليهود السوق عندهم -سوق الوراقين- فتبادروها مني واشتروها وعملوا بها، ثم صنعت مثل ذلك مع الإنجيل؛ نسخت نسخًا، كل نسخة تختلف عن الثانية قدمت وأخرت وزدت ونقصت وجئت بها إلى سوق النصارى، فتخطفوها واشتروها منه وقرؤوها وعملوا بها، ثم عملت مثل ذلك بالنسبة للقرآن ولم أعمل مثل ما عملت في الكتابين التوراة والإنجيل، وإنما شيء يسير جدًا لا يدركه إلا الحاذق، فعملت نسخًا من هذا وجئت بها إلى سوق المسلمين، فكل من فتحها رماها في وجهي، فحج يحيى بن أكثم والتقى هناك بمكة بسفيان بن عيينة وذكر له القصة، قال: أتتعجب من هذا؟ هذا ما هو عجب، هذا منصوص عليه في القرآن بالنسبة للكتب المتقدمة {بما استُحفظوا} جُعل الحفظ إليهم فما حفظوا فوقع مثل هذا، لكن القرآن تولى الله -جلَّ وعلا- حفظه، والله المستعان.
ﮋ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﮊ البقرة: ٧٥ ألا يمكن أن يقع مثل هذا التحريف لا أقول اللفظي، اللفظي ينكشف ولا يمكن أن يمشي على أحد، القرآن محفوظ، قد يأتي من بعض الجهات أخطاء غير مقصودة إما في شكل أو في رسم أو في شيء لا يتناول الحروف، ثم يُكتشف، يكتب تقارير عن هذا المصحف ويُمنع، واطلعنا على إجراءات طباعة المصحف في المجمع، شيء يَبْهَر العقول من حيث العناية والدقة يعني شيء شرحوا لنا مراحل شيء بدقة متناهية وأطلعونا على شيء من..، يسمونه رجيع، يعني هذا لا يمكن أن يدخل في المصحف أو يجلد وهي نقطة حمراء في جانب الصفحة، خرجت من بعض الآلات يعني شبه الوسخ قالوا: هذا لا يمكن، هذا يُتلف، هذا من حفظ الله -جلَّ وعلا- لهذا الكتاب أن سخر له هؤلاء، والله المستعان.
{وقد كثير منهم يسمعون كلام الله}، أقول: هل يمكن أن يوجد من يحرف كلام الله بالنسبة لهذه الأمة أما بالنسبة للفظ فلا؛ ولذا نجد من يحرف في الغالب أو الذي يغلب على الظن أنه ليس من هذه الأمة؛ لأن القرآن محفوظ ومصون، وُجد بعض الطوائف المنتسبة إلى الإسلام حرفت، لكن بدعتهم -نسأل الله السلامة والعافية- مغلظة حتى كفرهم من كفرهم، ثم يحرفون التحريف المعنوي، وهذا قد يحصل، حصل من المبتدعة أن حرفوا المعاني، حصل ممن يبيع دينه بعرض من الدنيا، حصل منهم شيء من التحريف المعنوي، ولووا أعناق النصوص لتأتي على مرادهم من أجل الارتزاق، فهذا حصل، لكن مثل هذا لا يلبث أن يكشف، والحق أبلج ما يمشي ولا على عامة الناس.
وذكر ابن القيم -رحمه الله- أن الخسف يكثر في آخر هذه الأمة ويكون في طائفتين من الناس، وذكر من الطائفتين من العلماء الذين يحرفون النصوص -نسأل الله السلامة والعافية- من بعد ما عقلوه، يعني إنسان يحرف من غير قصد ومن غير فهم ومن غير عقل يعني شخص من عامة المسلمين قرأ القرآن على وجه غير متقن، ما أتقنه ولا ضبطه، تجده يحرف، وهذا موجود كثير في عامة المسلمين في كبار السن موجود، تسمع إلى بعض الكبار من الشياب وبعض النساء تعجب، كيف يصل الحد إلى هذا التحريف، لكن هؤلاء هل يدخل في مثل هذا؟ ما يدخل؛ لأن الله -جلَّ وعلا- يقول: {من بعد ما عقلوه}، وهؤلاء ما عقلوه.
طالب: ................
تحريف مادام تغيير حروف هو تحريف، تحريف شنيع، نحن لا نريد أن نذكر أمثلة وإلا في المحفوظ شيء كثير؛ لأننا نجلس بجانب كبار السن نسمعهم وهو مشكلة أنت إن كانك بتعلمهم كل حرف حرف مع أنه قد لا يقبل التعليم إذا وصل لهذا السن، لكن اليأس غير وارد، يعني ما يلزم أن تأتي إلى معلم تأخذ وقته ويأخذ وقتك وتحتاج إلى وقت طويل، البيوت الآن مملوءة ممن يقرأ من الذكور والإناث والآلات أيضًا تساعد، فكبار السن لا عذر لهم في ترك التعلم، يتعلمون ولو سور قصيرة يرددونها، وذُكر في بعض مناطق المملكة امرأة عمرها سبعون سنة حفظت القرآن، ووجد من كبار السن من حفظ، لكن يبقى أنه يوجد في هذه الفئة جمع ممن يحرف القرآن، لكنه ليس كما ذكره الله -جلَّ وعلا- :{من بعد ما عقلوه}، حملته أمه –يقول- هونا على هون، وإيش هونا؟ وإيش معناها؟ يعني لا عقل ولا نقل، وأشياء كثيرة في أشياء لكن ما نريد أن نضيع الوقت فيها. المقصود أن التحريف المذكور أنه من بعد ما عقلوه وهذا أسوأ الأنواع، أنواع التحريف، {وهم يعلمون} على علم يشترون به ثمنا قليلاً، قد يقول قائل: الثمن الآن ما هو قليل، إذا كان إذا حرفوا أعطي ملايين ما هو قليل، نقول: الدنيا كلها قليلة ولا تساوي عند الله جناح بعوضة، لو أعطي الدنيا بحذافيرها من أجل أن يحرف كلمة، هذا قليل، وركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها، خير من الدنيا بما فيها بعقاراتها بملياراتها بنسائها بجميع زينتها، ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها، فقوله -جلَّ وعلا-: {ثمنًا قليلاً} لا يعني أنه إذا أُعطي ثمنًا كثيرًا يعني يسوغ له، لا عقل ولا نقل، وإنما لبيان أن الدنيا بحذافيرها لو سيقت لهذا الرجل فهي قليلة بالنسبة لهذا الأمر -نسأل الله السلامة والعافية-.
{يريدون أن يبدلوا كلام الله} والشاهد من الآية الأولى: {يسمعون كلام الله}، فالقرآن كلام الله على اختيار شيخ الإسلام في وضع هذه الآية بين هذه الآيات أو التوراة، وهي أيضًا كلام الله كلم بها موسى -عليه السلام-، {يريدون أن يبدلوا كلام الله} يعني الكتاب المحرف، هل يبقى له شيء من الاحترام؟ فيه حق وفيه باطل، افترض المسألة في تفسير الكشاف للزمخشري أو تفسير ابن عربي فيه آيات وأحاديث وكلام مقبول وفيه باطل، هل معنى هذا أننا نمتهن هذا الكتاب لما فيه؟ قل مثل هذا في التوراة المحرفة، في الإنجيل المحرف، يعني فيها حق، صح أو لا؟ وفيها باطل، فهل نقول: إن الحكم للغالب أو تحفظ بما فيها من ذكر الله؟ ويبقى أن التحريف شأنه عظيم؛ لأنه وجد من بعض أتباع الشافعي من يقول: إنه يجوز أن يستنجى بالكتاب المحرف -نقل عن بعضهم- فهل هذا يسوغ، مع أن لفظ الجلالة موجود آيات موجودة؟ هذا لا يسوغ، قل مثل هذا في الصحف والمجلات التي فيها دعاية للفجور، وفيها صور ماجنة، وفيها صور -نسأل الله السلامة والعافية- وقد يكون فيها كلام زندقة وإلحاد، وفيها آيات نقول مثل هذا يعني هل نستنجي أو نقول: المحترم له حكمه والسافل هذا أو الساقط له حكمه؟ لا شك أن القول بجوازه هل ليس له وجه؟ نعم هي خطأ شنيع التحريف وأمره عظيم، لكن مع ذلك إذا كان فيه ذكر لله -جلَّ وعلا- فيحترم من هذه الحيثية، وإذا أزيل ما فيه من ذكر لله -جلَّ وعلا- فالباقي لا قيمة له.
{يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل}، وهنا الشاهد في قوله: {كلام الله} فالقرآن كلام الله.
{واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك}، والكتاب هو القرآن، وإضافته إلى الله -جلَّ وعلا- {كتاب ربك} هو القرآن، والقرآن كلام الله، فالمعنى: اتل ما أوحي إليك من كلام ربك، والإضافة هنا إضافة معنى أو إضافة عين؟ إذا قلنا: اتل ما أوحي إليك من كلام ربك فالكلام معنى، فهو صفة من صفات الله -جلَّ وعلا-، وإذا قلنا: اتل ما أوحي إليك من كتاب ربك المصحف القائم المحفوظ بين الدفتين اتله وهو ما أوحي إليك، هل هذا إضافة عين أو إضافة معنى؟ نقول: هذا المصحف وهذا ما بين الدفتين فيه ما هو معنى وفيه ما هو عين، فالقرآن الذي هو كلام الله معنى والجلد والورق عين؛ ولذا يقول الناظم -رحمه الله تعالى- يقول ابن القيم نقلا عن القحطاني في نونيته يقول: ولقد أتى في نظمه من قال قول الحق غير جبان..
إن الذي هو في المصاحف مثبت . |
|
بأنامل الأشياخ والشبان . |
وهو قول ربنا كله لا بعضه . |
|
ومدادنا الحبر والرق مخلوقان |
يعني الورق والجلد وما أشبه ذلك، المداد، الحبر، كلها مخلوقة، لكن يبقى أن الكلام كلام الباري -جلَّ وعلا- فهو صفة من صفاته ولا يلتبس الأمر؛ لأنه قد يقول قائل: اتل ما أوحي إليك من كتاب ربك، العلماء يقررون أنه إذا كان المضاف معنى فهو غير مخلوق، وإذا كان عينًا فهو مخلوق، والكتاب كتاب ربك المصحف، والمصحف عين قائم بذاتها، نقول: لا، المصحف عبارة عن كلام الله -جلَّ وعلا- وما جُعل ظرفًا لهذا الكلام من المداد الحبر والورق والجلد وغيره هذه أمور لا تلتبس بهذا، ويبقى كلام الله -جلَّ وعلا- منزّل منه -جلَّ وعلا- غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود، {واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته} {وإذا بدلنا آية..}، {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها}، فالتبديل من جهته -جلَّ وعلا- حاصل منصوص عليه، {إذا بدلنا آية مكان آية} فالتبديل من جهته -جلَّ وعلا- حاصل، لكن التبديل من غيره هو المنفي هنا، لا مبدل لكلماته يعني سواه -جلَّ وعلا-، والكلمات إن كانت كونية فلن تتبدل ألبتة؛ لأنها أمور مقضية ومفروغ منها، لكن إن كانت كلماته الشرعية التي بها الأوامر والنواهي فالله -جلَّ وعلا- يبدل؛ ولذا يقول أهل العلم: إن النسخ لا يدخل الأخبار، وإنما يدخل الأحكام، والله -جلَّ وعلا- ينسخ ويبدل {لا مبدل لكلماته} فالقرآن كلمات الله -جلَّ وعلا- ولا مبدل له، ﭽﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑﭼ النمل: ٧٦،
{إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون} وإيش معنى يقص؟ هل من هو من القصص يعني أنه يذكر قصصًا قد يختلف بنو إسرائيل في قصة نوح مثلاً، ثم هذا القرآن يقص عليهم أكثر الذي هم في يختلفون، وهل قص القرآن علينا جميع أخبار الماضين، أو ما نحتاج إليه من أخبارهم مما يثبت به الفؤاد ومما يعتبر به {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب}، نعم قص علينا ما يفيدنا وما يثبتنا وما يجعلنا نعتبر به من أحوال الماضين؛ لأن القوم قد مضوا، ليس المسألة مسألة تاريخ مجرد، سرد حوادث تاريخية أو متعة وأنس كما في قصص المخلوقين {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب}، لأصحاب العقول وأربابها، الذين يعتبرون ويستفيدون؛ لأنه ليس المراد بهذه القصص مجرد تسلية؛ وإنما المراد أن نعتبر بأحوال الماضين الذين هلكوا، ولماذا هلكوا؟ فننظر في أسباب الهلاك فنجتنب هذه الأسباب؛ لئلا نهلك كما هلكوا؛ لأن السنة الإلهية لا تتبدل ولا تتغير، وما استثني إلا قوم يونس، وما عدا ذلك كله يجري على السنن الإلهية، فإذا فعلنا مثلما فعل بنو إسرائيل وإيش الفرق؟ ما الفرق بيننا وبينهم؟ إذا فعلنا مثلما فعل قوم هود أو قوم صالح وما أشبهه مثلهم السنن الإلهية جارية لا تتغير ولا تتبدل، {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب} ليس المقصود من ذكر هذه القصص مجرد التحدث بها؛ وإنما هو الاعتبار؛ ولذا يذكر عن عمر -رضي الله تعالى عنه- مضى القوم ولم يرد به سوانا، ثم بعد ذلك ذكر الشيخ -رحمه الله تعالى- الآيات التي تبين أن القرآن منزل من عند الله -جلَّ وعلا- كلامه هو الذي تكلم به بحرف وصوت يسمع، ونزل من عند الله -جلَّ وعلا-، نزل به الملك الموكل به إلى نبيه -عليه الصلاة والسلام-، {وهذا كتاب أنزلناه مبارك}، فالقرآن منزّل غير مخلوق.
{واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك}، هل الإضافة في هذه الآية إضافة عين أو إضافة معنى؟
قلنا: إن كتاب الرب -جلَّ وعلا- هو المصحف، يعني نتصور أن هذا مصحف مثلاً وأضيف إلى الله -جلَّ وعلا- نقول: هذا كتاب الله، إيش المانع؟ لأنه ينتابه أمران الكلام المكتوب هو كلام الله -جلَّ وعلا- وإضافته إضافة معنى، فهو صفة لله -جلَّ وعلا-، وأما ما أودع فيه هذا الكلام وصار ظرفًا له من ورق وحبر وجلد، هل نقول: إن هذا كلام الله؟ لا يمكن، هذا مخلوق، ومدادنا والرق مخلوقان، هذا ما قرره أهل العلم، وهذا هو المشاهد، يعني تجيب لك ورق من المصنع وتقول لي: هذا كلام الله؟ ما يمكن، وفيه كلام لابن حزم كلام في غاية السوء فيما يتعلق بالقرآن، وسوف نذكره -إن شاء الله تعالى- في نهاية الفصل مع ذكر الأقوال؛ لأنه يقول: ما هو عندنا قرآن، عندنا أربعة قرآنات، ونقل ذلك ابن القيم عنه، وسيأتي -إن شاء الله- في درس لاحق، مع استعراض الأقوال كلها بإذنه تعالى.
طالب: ...................
بيع المصاحف عند الحنابلة وجمع من أهل العلم أنه لا يجوز؛ لأنه امتهان، وغيرهم يقول: إذا كان لا يمكن إيصاله ولا وصوله إلى أيدي المسلمين إلا بهذه الطريقة فمغتفر، وأما بالنسبة لمشتري المصحف للحاجة، هذا لا يلومه أحد لا الحنابلة ولا غيرهم، اللوم على البائع.
{وهذا كتاب أنزلناه مبارك}، {هذا كتاب} إشارة إلى القرآن، {أنزلناه} ففيه نص على التنزيل، {مبارك} بركاته لا يمكن الإحاطة بها، لا يمكن الإحاطة بهذا القرآن، والله -جلَّ وعلا- يرفع بهذا القرآن أقوامًا ويضع به آخرين، وتجد الحافظ للقرآن مسددًا، دعونا ممن حفظ القرآن ونام على القرآن وخالف القرآن وارتكب المحرمات المنصوص عليها في القرآن، دعونا من هذا، هذا وبال عليه -نسأل الله السلامة والعافية-، لكن من حفظ القرآن واعتنى بالقرآن البركات عليه ظاهرة، وتجده موفقًا، يعني في دراسته تسهل عليه جميع العلوم، وهذا مجرب، ومن بركته أنه يورث من العلم والإيمان والطمأنينة في القلب ما لا يدرك إلا من عانى، لا سيما إذا قرئ على الوجه المأمور به ولو لم يكن.. يعني أقل ما في قراءة القرآن أجر الحروف؛ كل حرف عشر حسنات، والقرآن أكثر من ثلاثمائة ألف حرف، إذًا الختمة الواحدة فيها أكثر من ثلاثة ملايين حسنة، ومع الأسف تجد من طلاب العلم من ينصرف عن القرآن وتعليم القرآن وتعلم القرآن، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» وينصرف إلى حطام الدنيا، لا سيما مع وجود هذه التجارة الوافدة على الأمة التي هي الأسهم، انصرفوا بكلياتهم عن القرآن وعن الدين، يعني إذا زاول شيئًا من الشعائر الظاهرة تجده لا يعقل منها شيئًا، وهذا حاصل، وهناك وقائع مضحكة إضافة إلى أنه لما حصل ما حصل في السوق، يعني ناس ماتوا وناس جنوا وناس أصيبوا بأمراض وأصيبوا بأزمات نفسية، هل يرجى خير من مثل هذه التصرفات التي ترتبت على هذه الأعمال -نسأل الله السلامة والعافية-، وأنت إذا جلست يعني لو أن الإنسان إذا رأى الناس انصرفوا إلى حطام الدنيا قرر له نصيبًا، وردًا من القرآن، يقرأ جزءًا مائة ألف حسنة، جزء بربع ساعة، ما يأخذ شيئًا، مائة ألف حسنة، جزئين مائتي ألف، يقرأ القرآن في سبع، اقسم الثلاثة ملايين على سبعمائة وخمسين ألف حسنة في سُبُع القرآن، هذا فضل عظيم، لكن إذا انصرف الناس إلى هذه الأمور فعليك أن تُعنى بما خُلقت من أجله، والله المستعان.
طالب: ..................
الخلاف في المراد بالحرف معروف عند أهل العلم، هل المراد به حرف المبنى أو حرف المعنى؟ هذه مسألة خلافية بين أهل العلم، لكن فضل الله -جلَّ وعلا- لا يحد، واللائق بفضله -سبحانه وتعالى- أن يكون المراد حرف المبنى؛ لأنه فرق بين أن يكون القرآن ثلاثمائة ألف حرف إذا قلنا حرف المبنى أو سبعين ألف حرف إذا قلنا حرف معنى، فرق كبير، وشيخ الإسلام كأنه يميل إلى الثاني، لكن ثقتنا بفضل الله -جلَّ وعلا- وكرمه لا سيما من يعنى بكلامه الذي من قام يقرؤه كأنما خاطب الرحمن، الله المستعان.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا كتم للعلم، وبعض أهل العلم في مثل هذه المسائل وإذا كان السائل عاميًّا أو مرت مثلاً في شرح آية أو حديث والحضور عوام، يقول مثل هذه المسائل لا تُذكر لهم ويزعم أنها من المتشابه ويُنسب هذا القول للإمام مالك ويُردف بقول علي: حدَّثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يُكذَّب الله ورسوله؟!، لكن هذا لا يثبت عن الإمام مالك، وآيات الصفات محكمة من المحكم، وأحاديث الصفات كذلك ليست من المتشابه؛ لأن معانيها معلومة نعم الكيفيات مجهولة، لكن يبقى أن المعاني معلومة، وإذا خُشي من أحد أن يضل بسبب عدم فهمه ما يقال مثل هذا يحجب عنه بعض العلم، سواء كان في هذا الباب أو في غيره.
نعم نُظمت، وناظمها شخص يقال له: الشيخ عبدالله بن عدوان من أهل نجد متأخر يعني بعد الألف، ونظمه جيّد، فتعليقات الشيخ ابن مانع مقتطفات من نظمه ذكرنا بعضها فيما تقدم.
نعم ما ورد فيه الدليل يجوز ولا يُتعدى ذلك، ما تشير إلى يديك وأنت تقرأ: {ما منعك ألا تسجد لما خلقت بيدي} هذا ما ورد فتقتصر على الوارد، وإلا لو قلنا بهذا قلنا: إن ما ذكره ابن بطوطة عن شيخ الإسلام هو كذب فرية أنه رآه يخطب في جامع دمشق الجامع الأموي، وقال: إنه ذكر حديث النزول، وقال: إن الله ينزل كنزولي هذا ثم نزل مع الدرج، لا يُظن بشيخ الإسلام أن يقول مثل هذا؛ إنما يُقتصر بذلك على الوارد، والإشارة لا تقتضي المشابهة، أعني الإشارة الواردة لا تقتضي المشابهة؛ لأن ما مفادها أن ما ينسب ويضاف إلى الله -جلَّ وعلا- مما جاء في كتابه وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- على الحقيقة ولا يحتمل المجاز، كما أن المخلوق له هذه الصفات حقيقة.
مثل هذا بدعته مغلظة، لا تجوز الصلاة خلفه.
قد يكون القول كفرًا؛ ولذا كفر أئمة السلف من يقول بخلق القرآن، أو يقول بنفي الرؤية، أو ما أشبه ذلك من البدع الملغظة التي يتبناها الجهمية. ابن القيم يقول:
ولقد تقلد كفرهم خمسون في . عشر من العلماء في البلدان .
يعني خمسمائة عالم كفروهم، لكن لا يعني أنك تقول الزمخشري كافر لماذا؟ لأنه ينكر الرؤية ويقول بخلق القرآن، أنت ما تدري ما شبهته، اعتمد على شبهة وتأويل، الله -جلَّ وعلا- يتولاه، لكن القول شنيع فنفرق بين القول والقائل لما للقائل من احتمال شبهة، والله المستعان.
يقول: كان يقرأ القرآن في رمضان من حفظه، وكان قد جعل معه مصحفًا صغيرًا جدًّا يحتاج إليه للرجوع إلى الآية عند الاستشكال، يقول: وبينما أنا أقرأ القرآن من حفظي إذ نسيت الآية التي بعد الآية التي توقفت عندها، مع ضبطي لهذه السورة، فسقطت عيني على كلمة كتبت بطريقة خاطئة، ورفعت في شأنها إلى من طبع هذا المصحف، وهذا من حفظ الله عز وجل ؟
نعم هذا كثير يرد إلينا مصاحف فيها أخطاء؛ لأنهم ليس لديهم من العناية في الضبط والتصحيح، يعني المطابع التجارية لو كان لديها من الضبط والعناية والإتقان وكثرة المراجعة ودقة الملاحظة فُرُق لا أقول فَرِيْق، فُرُق من العمل، رأينا أعدادًا كبيرة جدًّا تتابع وكل مجموعة تراجع على بعض في جهة معينة، وأذكر أن رئيس اللجنة قبل عشرين سنة قال: إنه وجد في المراجعة مائة وواحد وأربعين ما أدري وجد شكلاً على غير الطريقة المتبعة لشكل المصحف؛ لأن لهم طرق كيف يجعل الضمتين أحيانًا هكذا وأحيانًا هكذا والثانية فوقها، ما هو خطأ في حرف أو خطأ في إعراب، لا، وجد في المراجعة مائة وواحد وأربعين، أهل المطابع هؤلاء يراجعون مائة وواحد وأربعين بيخسرون، وهؤلاء همهم الربح، والله المستعان.
أما بالنسبة لمسألة النزول فسيأتي بسطها -إن شاء الله تعالى- وأشرنا إلى الحل في كلام شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- أنه نزول يليق بجلاله وعظمته، لكن لا يخلو منه العرش، فلا يمنع أننا إذا تصورنا هذا في الشمس وهي مخلوقة ضعيفة تستأذن كل يوم تسجد تحت العرش، والناظر والمشاهِد، بل المشاهَدة تدل على أنها لا تغادر فلكها الذي تدور فيه، فهل الآن يكون هذا بالنسبة للخالق هو أعظم وأجل؟ متصور، ويبقى أن قنطرة الإسلام لا تثبت إلا على قدم التسليم، لا بد أن نرضى ونسلم، وعلى كل حال مسألة النزول ستأتي -إن شاء الله تعالى-.
وأما ساعة الجمعة فليس في وُسع المكلف إلا أن ينظر ما يخصه فقط، والله يقول -الآن حنا بعد صلاة العشاء الآن، يعني ليلة السبت بعد صلاة العشاء، يقول: بدعو الله؛ لأن الآن ساعة الإجابة في المغرب، نقول: لا ليس لك إلا ما يخصك، أو مثلاً الظهر يقول الآن ساعة الإجابة في جهة الهند وما والاه، نقول: لا يا أخي أنت ليس لك من النصوص إلا ما يخصك، ودع عنك هذه الشبه، هذه الشبه أثيرت في الكتب موجودة، وكلام أهل العلم كثير في هذا الموضوع، لكن الإشكال لو حجبت الآن، هل يمكن حجب مثل هذه الأمور والآن القنوات تزف من الشبه إلى عوام المسلمين شيئًا لا يخطر على البال؟ فلا بد من ذكرها والإجابة عنها، وعلى كل حال كل إنسان عليه أن يبذل ما يخصه ويمتثل ما أمر به في النصوص ولا هو مطالب بغيره لا في المغرب ولا في المشرق، الإشكال أنه وجد هذا الكلام ممن يحضر الدرس أحيانًا يكون الحل في طريقة الإلقاء، وأحيانًا يكون في تصرفات الوجه أو اليدين، فالحاضر يدرك ما يقول في البلدان من خلال هذه الآلات، يعني مثل ذكر القِسْطِلاَّني عن شخص ثبت أنه يقرأ القرآن في أسبوع، وقيل في شوط، وحصل مع الكلام هذا من علامات التعجب والاستنكار التي يدركها الحاضر، لكن اللي بره يظن أننا نقره، هذا من تلاعب الشيطان ببني آدم يقرأ القرآن في شوط، يعني كنا نتصور في أسبوع، يعني سبعة أيام، فإذا به يقصد الطواف سبعة أشواط؛ لأنه قال وقيل في شوط، ممكن يقرأ القرآن في شوط؟ هذه خرافة، هذه من تسويل الشيطان، هذا من باب الحرمان للإنسان، كيف يقرأ القرآن في شوط؟ يخيل إليه أنه يقرأ وهو لا يقرأ، فليس بالمستطاع ولا بالمقدور أن يقرأ حتى ولا في أسبوع اللي هو الطواف سبع مرات، يعني التجربة أثبتت أن المقدور عليه بحسب الوضع الذي نعيشه أن يقرأ القرآن في ست ساعات، وبعضهم يقول: أنا أقرأ القرآن في عشر دقائق الجزء فيكون في خمس ساعات، لكن من اللي بيقرأ؟ الإشكال في كلام مثل النووي وابن كثير أن يكتبوا عن ابن الكاتب الصوفي أنه يقرأ القرآن أربع مرات بالنهار وأربع بالليل، نقول: الوقت لا يستوعب؛ لأنك أمام كلام لا بد أن تقرأ الكلام بكامله، نعم بعض الناس من يتعود على القراءة بحيث يكون يمسح مسح ضوئي، هذا ينفع في كتب البشر، لكن ما يرتب عليه أجر بالنسبة للقرآن؛ لأن القراءة المراد بها اللفظ تظافر القلب مع اللسان وهذا لا يمكن؛ لأن بعض من تعود على القراءة وأنا أعرف واحدًا كان متعودًا على قراءة كتب أهل العلم ومسحها، ثم تولى وظيفة كبرى في الدولة، فيقول: كانت المعاملات تأتينا بالدوسيهات الكبار، ويكفيني أبد مجرد تصفح وأستوعبها، ما أنت مطالب في هذه المعاملات أن تقرأ حرف حرف تعرف الفكرة وينتهي الإشكال، لكن بالنسبة لكلام الله -جلَّ وعلا- أنت مطالب أن تقرأ حرف حرف ليترتب على هذا الحرف أجر، ما هي المسألة مسألة تصفح، هناك دعاوى من بعض الصوفية يقول: إنه يمكن أن يقرأ مجلدًا وهو في فراشه ينتظر النوم، هذا سمعنا من يقول هذا، هل هذا ممكن؟ لا يمكن إطلاقًا يا أخي، هذا ضحك على النفوس إلا إذا كان بإعانة شياطين أو ما أشبه ذلك، مع أن الشيطان لا يمكن أن يمكنه من قراءة، قد يسول إليه أنه يقرأ لكن ما يمكنه، يعني مثل البرمجة العصبية الآن يقولون: بإمكانك أن تقرأ الكتاب بلحظة، إذًا ما صار عندنا فرق إطلاقًا بين الحقائق وبين السحر، وبين التمويه والشعوذة، كل شيء يوقع لبس بين الحق والباطل يمنع، ولو كان في أصله حق ولو قالوا مهارة، ولو قالوا خفة، ما يوافقون على هذا أبدا، يقرأ القرآن بلحظة بشوط، هذا الكلام، هذا خرافة هذا.
أما القرآن الذي بين أيدينا المحفوظ بين الدفتين فهو قراءته التي رتب عليها الحروف لا بد أن تكون بالحرف، بفصل كل حرف عن غيره، حتى بعض الناس وهو يقرأ يأكل بعض الحروف، بعض الناس وهو يقرأ تسمعونه يدرج بعض الحروف في بعض، تسمعون بعض الناس وهو يصلي ويسلم على النبي -عليه الصلاة والسلام- وإيش يقول؟ يأكل ثلاثة أرباع الحروف يترتب عليها أجر؟ ما يترتب عليها أجر، مثل هذا ما يترتب عليه أجر، فالمسألة لا بد من العناية في هذا الشأن، وقراءة القرآن تكون على الوجه المأمور به، وأما من أراد مجرد أجر الحروف ولو قرأه على أقل من الوجه المطلوب واستغل الوقت بالقراءة لا يلام، وقد حصل، ذُكر عن بعض السلف.
طالب: ..................
بركعة، وإيش المانع أن يركع ست ساعات يقف ست ساعات يقفون تراهم؛ لأن الذي يقف ويتعامل مع الرب -جلَّ وعلا- القلب ما هو الرجلين ولا البدن.
يكون إذا قلنا حقيقي قلنا: إن {ترونها} وصف لـ {عمد}، وإذا قلنا: إنه حقيقي وله مفهوم أن هناك عمد لكنها لا ترى، وإذا قلنا: إنه وصف كاشف لا مفهوم له، وإنما هو تصريح بمجرد ما هو توضيح، قلنا: إنه ليس هناك "عمد" ألبتة أصلاً.
هذا خلط، هذا الكلام في حديث السبعة والوعد المرتب على هذا أنهم يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب.
طالب: ..............
هو الظاهر.