معنى حديث: «إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة...»

السؤال
ما معنى حديث ابن مسعود –رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: «إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينها وبينه إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل عمل أهل الجنة فيدخلها»؟
الجواب

حديث ابن مسعود –رضي الله عنه- المشهور، حديث الصادق المصدوق [البخاري: 3208]، لا شك أنه أوجد في نفوس كثيرٍ من السلف قلقًا شديدًا؛ خشيةَ سوء العاقبة، «إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة» يعني: عمره كله، «حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب» الذي كتب عليه وهو في بطن أمه: شقي أو سعيد، «فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها»، والعكس، لا شك أن هذا يجعل الإنسان على وَجَل شديد من سوء الخاتمة. جاء في بعض الروايات الصحيحة قيدٌ: «إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة، فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار، فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة» [البخاري: 2898]، فقوله: «فيما يبدو للناس» في الطرفين، فهذا مربوط بالإخلاص لله -جل وعلا-؛ ليكون العمل خالصًا لوجه الله -جل وعلا- ظاهرًا وباطنًا، وأن الذي لا يُؤْمَن عليه الزيغ هو الذي تَخلَّف عنده شرط الإخلاص، وصار عملُه في الظاهر عملَ أهل الجنة، لكنه في الباطن على خلاف ذلك، والسلف –رحمهم الله- لم يلتفتوا إلى هذا القيد؛ لأن ترك الالتفات إليه أدعى إلى مراقبة النية والإخلاص لله -جل وعلا-، كما أن في ملاحظة القيد تزكية للنفس وعمل النفس، فإذا قلتَ: إن النبي- عليه الصلاة والسلام- يقول: «فيما يبدو للناس» مفهومه أنك تزكي نفسك وعملك بأنك أخلصتَ فيه، لكن نقول: احرص على الإخلاص، واحرص على أن يكون عملك خالصًا لله -جل وعلا-، ظاهرًا وباطنًا، والنتيجة بيد الله -جل وعلا-، والعلماء يقولون: (الفواتح عنوان الخواتم) يعني إذا كان الإنسان على جادةٍ وعلى هدي وعمل خالصٍ لله -جل وعلا- صوابٍ على سنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- وحَرِصَ على ذلك، وتفقَّد نيتَه وتحسَّسها في كل وقت وحين، فإن الله -جل وعلا- ألطف بعباده مِن أن يَخذل مَن هذه حاله.