موضع إحرام من قصد جدة للعمل وفي نيته العمرة

السؤال
شخص يريد الذهاب إلى جدة للعمل، وفي نيته الذهاب إلى العمرة، وهو متردد متى يأخذها، فهل يلزمه الإحرام من الميقات؟
الجواب

هذا الشخص نيته من بلده أن يعتمر، لكنْ عنده عمل في جدة أو في أي مكان آخر دون المواقيت قبل العمرة، مثل هذا لا بد أن يُحرم من ميقات بلده، فإن أحرم وهو في طريقه إلى جدة ومكث بجدة بإحرامه فهذا هو الأصل، وإن أخر الإحرام حتى يفرغ من عمله ويرجع إلى الميقات فله ذلك. لكن يَرد على هذا سؤال يُسأل عنه كثيرًا، وهو أنه إذا مَرَّ بذي الحليفة وهو ينوي العمرة وله عمل في جدة وذهب إلى جدة وانتهى من عمله، ثم أراد أن يرجع إلى الميقات فهل يرجع إلى ذي الحليفة أو يرجع إلى أقرب المواقيت، كالسيل، أو رابغ أو ما أشبه ذلك؟

جمهور أهل العلم على أنه لا بد أن يرجع إلى الميقات الذي مَرَّ به ويُحرم منه، والإمام مالك يقول: إن رجع إليه وإلا رجع إلى ميقاته الأصلي؛ فمثلًا: مَن بلدُه نجْد وميقاتُه الأصلي قرن المنازل، فمَرَّ بالمدينة وتجاوز ميقات ذي الحليفة ومكث بجدة أيامًا، ثم أراد أن يُحرم، هل يلزمه أن يَرجع إلى ذي الحليفة أو يكفيه أن يُحرم من قرن المنازل، ميقات أهل نجد (ميقاته الأصلي)؟

الجمهور على أنه لا بد أن يرجع إلى الميقات الذي مرَّ به وتجاوزه دون إحرام، فيرجع إلى ذي الحليفة، وأما الإمام مالك -رحمه الله- فيرى أنه إذا رجع إلى ذي الحليفة أو أحرم من ميقاته الأصلي الذي عُدَّ له شرعًا وهو قرن المنازل فإن ذلك يكفيه. ولا شك أن في الحديث جملتين إحداهما تدل على قول الجمهور والأخرى تدل على قول مالك: «هنَّ لهنَّ، ولمن أتى عليهنَّ من غير أهلهنَّ» [البخاري: 1524]:

- «هنَّ لهنَّ»: يعني: هذه المواقيت لتلك الجهات، والمسألة مفترضة في شخص جاء من جهة ورجع إلى ميقاتها، فصح في حقه أنه أحرم من ميقاته «هنَّ لهنَّ»، وهذا يؤيد قول الإمام مالك.

- «ولمن أتى عليهنَّ من غير أهلهنَّ» هذا يؤيد قول الجمهور أنه لا بد أن يُحرم من الميقات الذي يمر به، ولو لم يكن ميقاتًا لبلده أصلًا.

ومقتضى قولهم أنه لا يُحرم من سوى هذين الميقاتين، فلا يُحرم من أقرب ميقات له في جدة. ولكن طَرْدًا لقول الإمام مالك، وباعتبار أن هذه المواقيت محارم للحرم وحدوده، وأنها مواقيت شرعية، وباعتبار أنه مَرَّ بذي الحليفة وليس بميقات له أصلًا ورابغ –أيضًا- ليس بميقات له فلعل الأمر فيه سعة –إن شاء الله تعالى-.