شرح كتاب الإيمان من صحيح مسلم (14)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول الإمام مسلم رحمه الله تعالى فيما تُرجِمَ عليه بباب بيان خصال المنافق قال الإمام مسلم حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا عبد الله بن نمير ح وحدثنا ابن نمير قال حدثنا أَبِيْ قال حدثنا الأعمش ح وحدثني زهير بن حرب قال حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن الأعمش" الإمام مسلم رحمه الله يروي الحديث في الطريق الأول عن أبي بكر بن أبي شيبة قال حدثنا عبد الله بن نمير وفي الطريق الثاني يرويه عن ابن نمير بدون واسطة قال حدثنا ابن نمير قال حدثني أو حدثنا أبي قال حدثنا الأعمش وفي الطريق الثالث يرويه عن زهير بن حرب قال حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن الأعمش "عن عبد الله بن مُرَّة عن مسروق" الحاء التي مرت بنا هنا في موضعين في هذا السند تقدم الكلام عنها مرارًا وأنها حاء التحويل من إسناد إلى آخر فالسند الأول أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا عبد الله بن نمير ثم رواه بإسناد أعلى عن عبد الله بن نمير بدون واسطة عن أبيه عن الأعمش ثم رواه بإسناد أنزل حدثنا زهير بن حرب قال حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن الأعمش فبينه وبين الأعمش ثلاثة بنزول زهير بن حرب ووكيع وسفيان بينما في الطريق الثاني بواسطة اثنين عبد الله بن نمير وأبيه كل الأسانيد أو الطرق المذكورة تدور على الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق بن الأجدع التابعي الجليل "عن عبد الله بن عمرو" وهو ابن العاص "قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «أربع»" يعني خصال أو خصال أربع "«من كن فيه كان منافقًا خالصًا»" «أربع» هذا مبتدأ وسوغ الابتداء به وهو نكرة لأنه لأنها موصوفة الأربع بأنها خصالة أو مبيَّنة بأنها خصال أو يكون المبتدأ خصالٌ موصوفة بكونها أربع وعلى كل حال الابتداء بالنكرة في مثل هذا الموضع جائز سائغ لأنها مفيدة «من كن فيه» هذه الخصال الأربع أو كانت فيه واحدة منهن كما سيأتي كان منافقًا خالصًا»" من كانت هذه الأربع اجتمعت فيه الخصال كان منافقًا خالصًا "«ومن كانت فيهن أو فيه خلة منهن كانت فيه خلة من نفاق»" مقتضى هذا أن من اجتمعت فيه الأربع يقال فيه منافق ومن كان فيه خلة أو أكثر ما لم تجتمع الأربع يقال فيه نفاق ولا يقال منافق وفرق بين أن يقال فلان منافق أو فيه نفاق وبين أن يقال مشرك أو فيه شرك أو يقال جاهلي أو يقال فيه جاهلية النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لأبي ذر الصحابي الجليل الزاهد «إنك امرؤ فيك جاهلية» هو ليس بجاهلي من اجتمعت فيه هذه الخصال الأربع كان منافقًا خالصًا ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة يعني خصلة خلة وخصلة بمعنى واحد خلة من نفاق "«حتى يدعها»" حتى يتركها قد يتلبس المسلم بخصلة من خصال المنافقين أو من خصال المشركين من الخصال الغير القادحة في أصل التوحيد أو من خصال الفساق ويقال فيه فسق وقد يكون فيه خصلة أو خلة من خلال المبتدعة فيقال فلان فيه بدعة ولا يقال مبتدع قد يطرؤ على الإنسان شيء مما يخرم ديانته من هذه الأوصاف فتكون فهي فإذا تركها وتاب منها عاد والوصف ينكشف وينجلي عنه إذا ترك وتاب توبة نصوحًا ما هذه الخصال الأربع؟ قال إذا حدث كذب إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا وعد أخلف وإذا خاصم فجر» غير أن في حيث سفيان «وإن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق»" وهذا التعقيب غير أن في حديث سفيان من دقة الإمام مسلم وإلا ففي السياق الأول كانت فيه خلة من النفاق حتى يدعها ومن كانت فيه خلة منهن كانت فيه خلة من النفاق حتى يدعها والخلة هي الخصلة سواء روي بالخلة أو بالخصلة فالمعنى واحد لا يتغير لكن الإمام مسلم من دقته وتحريره للألفاظ التي تلقاها من شيوخه وتمييز ألفاظ بعضهم عن بعض مما لا يشركه فيه غيره إلا في بعض الشيء لكن الإمام مسلم يبين ذلك بدقة ويذكر الفروق ولو كانت في حرف لا يترتب عليه تغير في حكم أو معنى وهذا من دقته رحمه الله تعالى «أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا» قد توجد هذه الخصال الأربع في مسلم ولذا أشكل على كثير من أهل العلم معنى الحديث أنها إذا وجدت في مسلم هل يكون في الدرك الأسفل من النار؟ منافق خالص كما في الحديث هل يحكم عليه بأنه في الدرك الأسفل من النار إذا حدث كذب؟! ومفهوم الشرط هنا أنه لا يحدث إلا ويكذب ولا يعاهد إلا ويغدر ولا يعد إلا ويخلف ولا يخاصم إلا ويفجر هذا مفهوم الشرط لكنه إذا أخل حدث مرة فصدق هل يخرجه تخرجه هذه المرة من الصدق عن مفهوم هذه الخصلة؟ الشيطان «صدقك وهو كذوب» فالحكم للغالب يعني إذا كان الغالب عليه الكذب والغالب عليه الفجور والغالب عليه الغدر والخيانة وخلاف الوعد فينطبق عليه الحديث ويبقى أن أهل العلم حملوا الحديث أو النفاق الخالص هنا على النفاق العملي الذي يختلف حكمه عن حكم النفاق الاعتقادي هذا يفعل هذه الأشياء ولا يبطن الكفر يفعل هذه الأشياء ولا يبطن الكفر والمنافق المتوعَّد بالدرك الأسفل من النار يبطن الكفر ولذا يختلف حكم المنافق العملي عن المنافق الاعتقادي كما جاء في قوله جل وعلا {وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى} [سورة النساء:142] هذا وصف من أوصاف المنافقين في القرآن منصوص عليه كثير من المسلمين إذا أوقظ لصلاة الصبح يقوم كسلان يقوم كسلان هل نقول إنه منافق؟ لا يقال إنه منافق وفرق بين مسلم يقوم إلى الصلاة وهو كسلان وفي  عزمه وعقيدته قبل أن ينام أنه سوف يصلي الصلاة في وقتها وبين منافق لا يصلي إلا إذا رآه الناس بحيث لو لم يره أحد لم يصل المسلم عازم على الصلاة وإن غلبته نفسه وشيطانه وثقل عن القيام في أول الأمر هذا يختلف عن المنافق لكنه عازم على الصلاة والمنافق عازم على الترك إلا أن رئي ولذلكم كانت أثقل الصلوات على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر لأنهما تقعان في ظلام بحيث يمكن أن يخفى أمره على الناس فلا يصلي هذا محمول على النفاق العملي كما أن الكفر فيه أكبر وأصغر فالنفاق أيضًا فيه أكبر وأصغر والشرك فيه أكبر وأصغر بعضهم قال إن هذا محمول على من يستحل هذه الخصال ولا شك أن من يستحل الكذب وما معه أنه يكفر كفر مخرج عن الملة ومنهم من يقول أن من اعتاد هذه الأشياء لا بد وأن تقوده إلى النفاق ولا محالة فيكون مآله إلى النفاق وعلى كل حال التلبس بهذه الخصال ليست من خصال المسلمين ليس من عمل المسلمين بل هو من عمل المنافقين وحينئذ يكون مشبهًا ومشابهًا للمنافقين نعم قد يوجد في المسلمين من يكذب ويوجد فيهم من يمتهن الخصال لكن يختلف وضعه عن وضع المنافقين باعتبار أنه يضمر الإسلام ولا يضمر الكفر كالمنافقين وإذا قلنا إنه محمول على من يستحل هذه الخصال كما سيأتي في الأبواب اللاحقة كان هذا ظاهر أيضًا فالذي يستحل المحرم الذي يستحل المحرم المجمَع على تحريمه لا شك أنه كافر «إذا حدث كذب» بمعنى أنه إذا نطق نطق بما يخالف الواقع حدث كذب ومفهوم الشرط أنه ملازم لهذه الخصلة الذميمة «وإذا عاهد غدر» {وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ} [سورة الرعد:25] وإذا وعد أخلف ويكون في نيته الإخلاف حين الوعد أما إذا وعد وفي نيته الوفاء وعرض له ما يعرض وعرض له ما يعرض ثم حصل الإخلاف في الوعد إما لتعذر الوفاء أو لمشقة شديدة أو ما أشبه ذلك وفي نيته الوفاء لا يدخل في هذا كما قرر أهل العلم «وإذا خاصم فجر» فجر حرص على أن يغطي الحق ويظهر الباطل له أو لموكِّله إما أن يخاصم في قضية له يكون طرفًا فيها ويحاول جاهدًا أن يغطي دلائل الحق على القاضي حتى يكسب على حد زعمه القضية أو يكون وكيلاً عن غيره كالمحامين فيسعى ببلاغته وقدرته على البيان أكثر من صاحب الحق فيُحكَم له به فيفجر في الخصومة وإذا خاصم فجر غير أن في حديث سفيان وإن كانت فيه خصلة بدل خلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق وهذا تقدم ذكره قال رحمه الله "حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد واللفظ ليحيى" وهذا من دقته رحمه الله أنه يبين صاحب اللفظ وحينئذٍ يكون للثاني إذا كان لأحدهما اللفظ يكون للثاني المعنى "واللفظ ليحيى قالا حدثنا إسماعيل بن جعفر قال أخبرني أبو سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر" نافع بن مالك بن أبي عامر الإمام مالك بن أنس بن أبي عامر يقرب من هذا والا ما يقرب منه؟ مالك مالك بن أنس بن أبي عامر وهذا نافع بن مالك بن أبي عامر ابن عمه "عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «آية المنافق آية المنافق»" يعني علامة المنافقة كما جاء في الحديث الصحيح «آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار» هنا فيه علامة للمنافقين غير ما ذكر هنا أربع والا ثلاث العلامات كثيرة جدًا لكن هذه التي يكثر وجودها بين المسلمين ويكثر تأثيرها عليهم والا في سورة التوبة علامات وصفات كثيرة للمنافقين قال «آية المنافق ثلاث» العلامة الدالة على وجود النفاق عند هذا الشخص لأنه نفاق اعتقادي باطن وله علامات ظاهرة هي ما جاء في هذه الأحاديث قال "«آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان وإذا اؤتمن خان»" ففي الحديث الأول أربع وفي الثاني ثلاث ويصفو من الحديثين كم؟ خمس خمس علامات زاد هنا «وإذا اؤتمن خان» وهناك «إذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر» يكون المجموع خمس وجاء في أحاديث أخرى علامات زائدة كما ذكرنا «آية النفاق بغض الأنصار» ومعروف أن بغض ما يحبه الله ورسوله نفاق نسأل الله العافية بغض الدين وأهله بغض الشعائر بغض الأمر والنهي بغض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشعائر التي يحبها الله جل وعلا وأمر بها هذا نفاق عند أهل العلم «وإذا اؤتمن خان» {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [سورة النساء:58] هذا الذي يمتثل مثل هذا الأمر هو المسلم المؤمن لكن الذي يخون ويجحد هذه الأمانة ولا يؤديها هذه علامة من علامات النفاق والقول فيها كما كما قيل في الخصال السابقة ثم قال رحمه الله "حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال أخبرنا ابن أبي مريم قال أخبرنا محمد بن جعفر قال أخبرني العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحُرَقَة" الحُرَقَة بطن من جهينة "عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «من علامات المنافق ثلاثةٌ من علامات المنافق ثلاثةٌ»" وهناك قال «آية المنافق ثلاث» ثلاث وهنا قال «من علامات المنافق ثلاثةٌ» يعني أشياء ثلاثة أشياء "«إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان»" كما تقدم ثم قال "حدثنا عقبة بن مكرَم العمِّي" وهو منسوب إلى بني العم بطن من تميم قال "حدثنا يحيى بن محمد بن قيس أبو زكير" منهم من يقول أبو زكير لقب وكنيته أبو محمد والأكثر على أن هذه كنيته "حدثنا يحيى بن محمد بن قيس أبو زكير قال سمعت" العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة المذكور في السند السابق "يحدث بهذا الإسناد" يعني المذكور "وقال «آية المنافق ثلاث»" يعني من الخصال كما تقدم "«وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم»" هذا الوصف لازم له أنه منافق خالص أو فيه خصلة من النفاق «وإن صلى أو إن صام وصلى وزعم أنه مسلم» الذي يتصف بالصفات وتثبت في حقه هل بإمكانه أن يتخلى عنها عن هذا الوصف إلا أن يترك هذه الخصال وهذه الصفات صام وصلى لكنه متلبس بهذه الخصال التي هي من علامات المنافق ولا تجتمع وتطرد إلا في منافق خالص وإن صام وصلى وكثير من الناس يصوم ويصلي وفي قلبه ريب وفي قلبه شك وفي قلبه دخل ويصلي ويصوم مع الناس والمنافقون في عهده -عليه الصلاة والسلام- كانوا يصلون معه -عليه الصلاة والسلام- ويصومون مع الناس وقد يخرجون معه للجهاد وهم منافقون ولكن الله يفضحهم وقد فضحوا في نصوص كثيرة وإن خالطوا الناس وزعم أنهم منهم وصلوا وصاموا وزعموا أنهم مسلمون {وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكُمْ} [سورة البقرة:14] نسأل الله العافية قال "وحدثني أبو نصر التمار" عبد الملك بن عبد العزيز التمار "وعبد الأعلى بن حماد قالا حدثنا حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عن سعيد بن المسيَّب عن أبي هرير قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمثل حديث يحيى بن محمد عن العلاء" يعني السابق ذكر فيه "«وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم»" لأن الدعاوى إذا لم يكن عليها بينات لا تقبل والدعاوى وإن كانت عملية وموجودة في المدعي الذي يأتي بما يناقضها ويبطلها ويقضي عليها وجودها مثل عدمها هذا يزعم أنه يصلي ويسلم ويزعم أنه مسلم هذا وهو يصلي ويصوم ويزعم أنه مسلم لكن هذه أمور يأتي بما يناقضها ويقضي عليها فحينئذٍ كأنها معدومة كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- في حديث المسيء «صلِّ فإنك لم تصلِّ» هو يقول صلى ركع وسجد وقام وقعد الصورة موجودة لكن الصورة فيها خلل لا تبرأ بها الذمة ولا يسقط بها الطلب فوجودها مثل عدمها ولذا صح نفيها «صل فإنك لم تصل» فهذا وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم الوصف المشين المذكور في هذه الأحاديث لازم له هو الأصل الكلام في النفاق العملي لكن فيه ارتباط وثيق بين النفاق الاعتقادي والعملي لاسيما إذا استحل هذه الأمور أو صارت ديدنه مجتمعة فيه لا بد أن يجره إلى الاعتقاد الاعتقادي إلى النفاق الاعتقادي ثم بعد هذا قال الإمام مسلم رحمه الله "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا محمد بن بشر وعبد الله بن نمير قالا حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال «إذا كفر الرجل أخاه»" كفَّره بمعنى أنه وصفه بالكفر وحكم عليه بالخروج من الملة "«إذا كفر الرجل أخاه»" يعني المسلم "«فقد باء بها أحدهما»" هذا الذي كفر إن كان المكفَّر المقول له إنه كافر أهل لها فقد صادفت محلها وكان القائل صادق في كلامه صادق في كلامه لأنها وقعت موقعها وصادفت محلها طيب إذا لم يكن أهل لهذه الكلمة وليس لديه ما يُحكَم بكفره من أجله رجعت إلى القائل حارت عليه كما سيأتي نسأل الله العافية وبعض الناس يسارع ويجرؤ على مثل هذه الكلمات وهي في غاية الخطورة مسألة التكفير الخوارج هم الذين يكفرون المسلمين بالذنوب ولا يُحكَم بكفر شخص بمجرد ارتكابه ما يظنه المكفر كفر ما لم يكن عليه برهان ويحكم به وتترتب عليه آثاره بحكم حاكم لأن بعض الناس قد يرى ما قيل فيه شخص يرتكب ما قيل فيه إنه كفر ثم يحكم عليه بهذا الحكم ويرتب عليه الآثار كل هذا لا يجوز وعواقبه وخيمة فمثل ما جاء في الحديث «فقد باء بها أحدهما» هذه الكلمة تقولها لأخيك المسلم تقول هو كافر وهو لا يستحق هذا الحكم يرجع عليك فاللسان لا بد من صونه والكلام لا بد من زنته وألا يوقَع إلا في موقعه وإلا فالنتائج وخيمة إذا كان لعن المسلم كقتله كما في الحديث الصحيح لعن المسلم كقتله فكيف إذا حكم عليه بالخروج من الإسلام؟ واعتقد ذلك ثم رتب على ذلك الآثار لا شك أن الأمر جد خطير، خطير جدًّا لاسيما مع ترتيب الآثار على ذلك ومحاربة من حُكم عليه بالكفر من قبل هؤلاء الذين تسرعوا وحكموا على الناس ثم رتبوا على ذلك الآثار فسعوا في قتلهم وأذاهم والله المستعان.

طالب: ...........

وهو لا يستحق؟

طالب: ...........

المسألة أخف لكن يبقى أنه أيضًا هذا ظلم له هذا ظلم لأخيه إذا لم يكن فيه كذلك.

طالب: ...........

وين؟

طالب: ...........

نقول إذا قال المسلم لأخيه يا كافر أحيانًا المسلم تأخذه الغيرة في موقف من المواقف ويحكم على أخيه بأنه منافق وفي أحاديث صحيحة بين يديه -عليه الصلاة والسلام- من عمر وغيره دعني أضرب عنق هذا المنافق دعني أضرب عنق هذا المنافق هل نقول أنه يبوء بها هذا في حال الغيرة وبين يديه -عليه الصلاة والسلام- الذي يصوِّب والرسول -عليه الصلاة والسلام- إما أن يقره أو ينكر عليه في وقت تشريع لكن بعد ذلك لا، مهما كان لا يوصف المسلم بأنه منافق لأن الوصف شنيع والنفاق وإن كان يحتمل العملي الذي هو فسق وليس بكفر والاعتقادي الذي هو أشد أنواع الكفر لكن إذا قال يا كافر وش يقصد؟ الكفر إذا أطلق المراد به الكفر الأكبر لاسيما إذا لم يكن في وقت محاجة والا مجادلة والا لجاج وما أشبه ذلك إذا كان عن عقيدة قال أبدًا هذا فلان كافر بعض الناس تسهل عليه بعض هذه الألفاظ ويستمريها وهو على خطر عظيم من الدخول في هذا الحديث لكن إذا كان نتيجة بحث من بعض الناس نسأل الله العافية لاسيما مما وجد في هذا العصر من هؤلاء المتطرفين الذين غلوا وشطوا في جانب الدين وتشددوا فيه رأوا الناس ممن لم يكن على شاكلتهم يكفرونه ويلتزمون بلوازم من لم يكفر هذا الذي كفر يكون كافر ويتدرج في ذلك حتى يحكم على المجتمع كله بالكفر وهذا موجود نسأل الله العافية لكنهم ليسوا بكثرة يعني ما.. حتى إذا وجدوا فالغالب الوسطية ولله الحمد ومازالت الأمة بخير لكن يوجد وبالمقابل يوجَد المتطرفون من الجهة الأخرى الذين لا يرفعون بالدين ولا بأهل الدين ولا بشرائع الدين رأسًا كما أنه وجد في السابق الخوارج ووجد المرجئة فيما يقابلهم هنا يوجد الغلاة ويوجد المتساهلون الذين لا يرفعون بالدين رأسًا وهو موجودون وجود كثرة بعد نسأل الله العافية لاسيما مع انفتاح الدنيا وتراخي الناس صارت شعائر الإسلام لا تهمهم تمر عليه الصلاة وهو في فراشه وقد يترك الصلاة وهي أعظم شعائر الإسلام بعد الشهادتين لأدنى سبب والله المستعان فلا بد من النظر إلى الطرفين ولا بد من معالجة هذين الأمرين فالإرجاء شأنه خطير وكذلك الخروج والحكم على الناس بأنه كفار كما ذكرنا في الاستدراج يحكم على شخص بأنه كافر ثم من يواليه كافر ومن لم يكفره فهو كافر إلى آخره ثم تكون النتيجة أن يكفر المجتمع كامل ووجد في بعض الأفراد وجد لا شك أنه وجد في بعض الأفراد ونوقشوا وأصروا على ذلك لكن الغالب ولله الحمد التوسط في خواص المسلمين وفي عامتهم ثم قال وحدثنا يحيى بن يحيى التميمي ويحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وعلي بن حجر جميعًا عن إسماعيل بن جعفر قال "حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار أنه سمع ابن عمر يقول قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «أيما امرئ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما»" مثل ما تقدم إن كان المقول له أهل لهذا الوصف كان القائل صادق وانطبقت عليه وكان مجرد مخبِر ولا يلحقه شيء بسبب ذلك "«فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه وإلا رجعت عليه»" ثم قال بعد ذلك "وحدثني زهير بن حرب قال حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال حدثنا أبي" عبد الوارث بن سعيد قال "حدثنا حسين المعلِّم" حسين المعلِّم "عن عبد الله بن بريدة عن ابن بريدة" هو عبد الله وأخوه سليمان وكلاهما من ثقات التابعين وهما ابنان لبريدة بن الحصيب ولدا في بطن واحد سليمان وعبد الله لكن الراوي عندنا عبد الله هنا "عن يحيى بن يَعمَر أن أبا الأسود الدؤلي" ظالم اسمه ظالم بن عمرو ويقال عمرو بن ظالم ويقال ظويلم بن عويمر المقصود أنه يدور حول هذا هذه المواد والأكثر على أنه ظالم بن عمرو وهو الذي وضع علم النحو عند الأكثر بأمر من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أبو الأسود الدؤلي "أن أبا الأسود حدثه عن أبي ذر" جندب بن جنادة الصحابي الجليل الزاهد "أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول «ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر»" والكفر في هذه الأبواب مثل ما تقدم متقاربة إما أن يقال إنه كفر دون كفر أو يقال لمن استحل ذلك أو يقال أنه يجر ويؤول في نهاية أمره إلى الكفر أو أنه من فعل الكفار يعني الكافر هو الذي يحكم على المسلم بأنه كافر ويسلب عنه هذا الوصف على كل حال الكفر المخرِج عن الملة بمجرد هذه الأفعال الجمهور على أنه لا يكفر وأنه تحت المشيئة ولكن إن اعتقد ذلك واستباحه فهو كافر لأنه استباح ما عُلِم تحريمه بالضرورة هنا يقول ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر»" بعض الناس يكون أبوه ليس بذي شأن أو يمتهن مهنة وضيعة ورديئة ولا يتشرف بالانتساب إليه ثم يقول إن أباه فلان وبعضهم يخرج إلى الدنيا وقد نسب إلى غير أبيه وهذا كثير في البادية تُطلَّق الأم ثم تأتي بولد من الأول المطلِّق ثم يذهب زوجها الثاني بالولد إلى المدرسة ويسجله باسمه يقول نبي نروح نجيب بطاقة الأحوال من أبيه يحتاج إلى وقت ويحتاج إلى تعب سجله باسمه ويسجل الولد باسمه والولد ينشأ على هذا وقد يعرف يعرف أباه الحقيقي لكنه أيضًا يتصاعب أن يذهب لتغيير البطاقة وتغيير الهوية ويستمر على ذلك سنين وقد لا يرغب في التغيير لأن أباه قد يكون أساء إلى أمه وأساء إليه فحينئذٍ يكون ليس بحاجة إليه فيستمر فإذا قيل له من أنت قال فلان بن فلان وهو في الحقيقة ليس ابنًا لمن ذكر هذا خطر هذا انتسب لغير أبيه شاء أم أبى يعني وإن كان ليس هو الأصل في الباب لكن يبقى أنه عقل وكُلِّف ويعرف أن فلانًا ليس بأبيه لا بد أن يصحح وإلا دخل في الحديث هناك أمور تنشأ صغيرة جدًا لكن آثارها كبيرة مثل هذا الأمر الذي بأيسر شيء ذهب به زوج أمه وسجله بالمدرسة باسمه وانتهى والإجراءات صعبة في مثل هذا لا تغير بمجرد ما اسمك الصحيح ويعدَّل في جلسة لا، المقصود أن أنه داخل في الحديث إذا عرف ذلك وقدر على التغيير وقدر على التغيير أما أن ينطق بأن أباه فلان وهو في الحقيقة ليس بأب له داخل في الحديث "«ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه»" لأن بعض الناس ما يدري من أبوه سجل باسم هذا واستمر الأمر وهو لا يعرف "«إلا كفر ومن ادعى ما ليس له فليس منا ومن ادعى ما ليس له فليس منا»" وهذه من ألفاظ الوعيد يعني ليس على طريقتنا وهدينا ليس على طريقتنا وهدينا "«وليتبوأ مقعده من النار»" ليختر مقعد من النار وهذا أيضا وعيد شديد في حق من ادعى ما ليس له "«ومن دعا رجلاً بالكفر»" قال له يا كافر "«أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه»" كما تقدم إذا كانت الوصف غير مطابِق لمن قِيْلت له رجع هذا الوصف إلى القائل وحار رجع.

طالب: ...........

النصوص في في هذا النصوص المجزوم بالرجوع في هذه المنصوص عليها والباقي من باب الإلحاق ومن باب التنفير يساق مثل هذا من باب التحذير من هذه الألفاظ لا تقل يا فاسق ويمكن أن يكون ليس بفاسق ثم يرجع إليك كما جاء في الكافر هذا من باب التحذير والتنفير لا يساق على أنه مقطوع مجزوم به كما في النصوص هذه.

طالب: ...........

ادعى إلى غير مواليه سيأتي إلى غير مواليه لكن الانتساب الانتساب أوسع من التوالد الانتساب إلى قبيلة بالولاء بالعهد وما أشبه ذلك.

قال "حدثني هارون بن سعيد الأيلي قال حدثنا ابن وهب" الإمام عبد الله بن وهب المصري "قال أخبرني عمرو" قال أخبرني عمرو "عن جعفر بن ربيعة عن عراك بن مالك أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فهو كفر»" يعني عمله كفر كما تقدم من انتسب إلى غير أبيه ثم قال رحمه الله "حدثنا عمرو الناقد قال حدثنا هشيم بن بشير قال أخبرنا خالد" الحذَّاء "عن أبي عثمان" وهو النهدي عبد الرحمن بن مِل أو مَل "قال لما ادُّعي زيادٌ" ادعي زياد زياد بن أبيه أو ابن أبي سفيان كما ادعاه معاوية وأنه ولد لأبي أبي سفيان "لما ادعي زياد وعثمان النهدي لقي أبا بكرة" رفيع بن الحارث الصحابي الجليل "وقال له ما هذا الذي صنعتم؟" ما هذا الذي صنعتم؟ "إني سمعت سعد بن أبي وقاص يقول سمعت أذناي من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «وهو يقول من ادعى أبا في الإسلام غير أبيه يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام» فقال أبو بكرة وأنا سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" أبو عثمان النهدي جاء إلى أبي بكرة وزياد بن أبيه أو ابن أمه أو ابن أبي سفيان على ما يذكر في نسبه ادعي وقيل ابن أبي سفيان ادعاه معاوية رضي الله عنه وأرضاه ما علاقة أبي بكرة بهذه الدعوى وهذا الادعاء؟! أبو بكرة أخ لزياد من أمه أخ لزياد من أمه جاءه أبو عثمان النهدي فقال ما هذا الذي صنعتم؟ كيف تقر هذه الدعوى والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول..؟ حصلت هذه الدعوى لكن أبو عثمان النهدي هل بلغه أن أبا بكرة أقر هذه الدعوى ليشارك فيها؟ أو أن هذه الدعوى غير حقيقية وليس عند أبي بكرة ما يدل على صدق هذه الدعوى جاء إليه منكرًا عليه وهو من خيار التابعين أبو عثمان النهدي "فقلت له ما هذا الذي صنعتم إني سمعت سعد بن أبي وقاص يقول سمع أذناي من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يقول «من ادعى أبا في الإسلام غير أبيه يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام»" الخبر هذا الذي أورده أبو عثمان النهدي عن سعد بن أبي وقاص أورده على أبي بكرة ليتدخل في الموضوع إذا كان بالفعل غير أبيه "قال أبو بكرة وأنا سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني أنت ما جئت بجديد هذا الخبر عندي وأعرف الحكم لكن هل أقر أو أنكر عليهم فتبرأ عهدته من جهة أو أنه أن هذه الدعوى طابقت الواقع فيكون ادعي الرجل إلى أبيه لا إلى غيره المقصود أن هذه من غيرة أبي عثمان النهدي على هذا المنكر وأراد تغييره فذهب.. ما ذهب إلى زياد، ذهب إلى أبي بكرة إلى أخيه من أمه لأنه هو الذي يتفاهم ويأخذ ويعطي أما زياد بن أبيه معروف أنه من الساسة ولا أقدم على هذا الأمر وهو يبي يقبل نقاش والا.. ذهب إلى من يستطيع التأثير عليه وهو أخوه لأمه وهو صحابي أبو بكرة فأورد عليه الحديث فقال أبو بكرة وأنا سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجنة عليه حرام يعني إما أن يُحرَم إن استحل ذلك فالحديث على ظاهره وإن لم يستحل يرى أنه محرم وارتكب هذا المحرم لأمر من الأمور مثل ما ذكرنا في السابق أنه قد يكون الأب وضيعًا ومهنته وضيعة ويزدريه الناس ويريد أن ينتسب إلى أب له شأن مع علمه بالتحريم ويعرف أنه محرّم لا يستحله هذا لا شك أنه محرم ومن عظائم الأمور ومن الكبائر لكنه من ضمن هذه الكبائر تحت المشيئة الجنة عليه حرام إما أن يحرم من دخولها في أول الأمر وإما أن تشمله المشيئة فيدخل مع أول الداخلين على كل حال ارتكب محرمًا من كبائر الذنوب من الموبقات ومن عظائم الأمور لكنه تحت المشيئة وعرض نفسه لعقوبة الله قال "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة" يحيى بن زكريا بن أبي زائدة "وأبو معاوية" الضرير محمد بن خازم "عن عاصم عن أبي عثمان عن سعد وأبي بكرة" الحديث السابق "عن سعد وأبي بكرة" أبو عثمان صار كان يروي الحديث عن سعد فقط فلما عرض الحديث على أبي بكرة وقال إنه سمعه من النبي -عليه الصلاة والسلام- صار يروي الحديث عن الاثنين صار يروي الحديث عن الاثنين "عن أبي عثمان" وهو النهدي الذي مر في الحديث السابق "عن سعد وأبي بكرة" كان في السياق السابق وفي الطريق السابق يروي الحديث عن سعد وأورده محتجًا به على أبي بكرة لما ذكر له أبو بكرة أنه أيضًا يرويه عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وأنه سمعه منه صار يرويه عنهما "وأبي بكرة كلاهما يقول سمِعَتْه أذناي ووعاه قلبي محمدًا -صلى الله عليه وسلم-" سمعته أذناي أذناي الفاعل فاعل سمعت والهاء تعود إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام- والمراد كلامه المسموع والمراد كلامه المسموع سمعته أذناي ووعاه قلبي محمدًا -صلى الله عليه وسلم- كأنه قال سمعت محمدًا -صلى الله عليه وسلم- يقول فمحمدًا بدل من الضمير المنصوب يقول "«من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام»" وهذا كالسابق ثم قال رحمه الله تعالى "حدثنا محمد بن بكار بن الريان وعَوْن بن سلّام" وعون بن سلام "قالا حدثنا محمد بن طلحة" سلام كله في الصحيحين بالتشديد إلا والد عبد الله بن سلام الصحابي الجليل الذي كان يهوديًا ثم أسلم والده بالتخفيف والخلاف في محمد بن سلاّم أو سلام شيخ البخاري بعضهم يشدده وبعضهم يخففه أما هنا عون بن سلام بالتشديد "قالا حدثنا محمد بن طلحة" محمد بن بكار وعون بن سلام "قالا حدثنا محمد بن طلحة ح وحدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا سفيان" والغالب أنه الثوري لأن بينه وبين مسلم اثنين ولو كان واحدًا لقلنا إنه ابن عيينة لتأخره القاعدة في التمييز بين السفيانين أنه إذا كان بين المؤلف وبين سفيان واحد فهو ابن عيينة كما قال البخاري حدثنا الحميدي حدثنا سفيان بن عيينة وإذا كان بينهما اثنان فالغاب أنه الثوري وهناك ضوابط وقواعد تتعلق بتمييز المهمل في مثل هذا يرجع إليها في آخر الجزء السابع من سير أعلام النبلاء "ح وحدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة كلهم عن زُبَيْد" اليامي أو الأيامي "عن أبي وائل" شقيق بن سلمة التابعي الجليل "عن عبد الله بن مسعود" بن غافل الهذلي من خيار الصحابة ومن قرائها وفقهائها "قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «سباب المسلم فسوق»" يعني سبه والطعن فيه فسوق "«وقتاله كفر»" وقتاله كفر "قال زبيد فقلت لأبي وائل أنت سمعته من عبد الله يرويه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال نعم وليس في حديث شعبة قول زبيد لأبي وائل" هذا الحديث المخرَّج في الصحيحين «سباب المسلم فسوق» هذا مما يتساهل فيه كثير من الناس من المسلمين وأمره عظيم وشأنه خطير يسب المسلم أخاه على أدنى شيء ويشتمه وقد يلعنه وقد يتطاول عليه فيضربه «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذِ جاره» وفي حكمه جميع المسلمين لا يجوز الأذى للمسلم وكف الشر عن الناس صدقة من المسلم على نفسه «سباب المسلم فسوق» يعني يحكم عليه بالفسق إذا سب أخاه المسلم أما إذا تعدى ذلك وقاتله فالأمر أعظم لا يكفي أن يقال فسوق وإنما هو كفر فإن استحله فهو كفر مخرج من الملة وإن لم يستحله فهو كفر دون كفر هو كفر دون كفر قال زبيد فقلت لأبي وائل أنت سمعته من عبد الله بن مسعود يرويه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تثبت هذا من الرواة ومثل هذا كثير وليس معناه الشك في رواية شقيق بن سلمة التابعي الجليل لا، إنما هو احتياط للسنة وزيادة توثُّق وإلا فأبو وائل من من ثقات التابعين وخيارهم ومن عبّادهم وعلمائهم فلا يشك في روايته لكن من باب التثبت قال وليس في حديث شعبة قول زبيد لأبي وائل وهذا مثل ما قلنا من إشارات الإمام مسلم تصريحه بالفروق بين الروايات ثم قال "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن المثنى عن محمد بن جعفر عن شعبة عن منصور" شعبة بن الحجاج أبو بسطام عن منصور بن المعتمر "ح وحدثنا ابن نمير" عبد الله محمد بن عبد الله بن نمير قال "حدثنا عفان قال حدثنا شعبة عن الأعمش كلاهما عن أبي وائل عن عبد الله عن النبي -صلى الله عليه وسلم-" الطريق الأول عن زبيد عن أبي وائل وهذا عن منصور والأعمش كلاهما عن أبي وائل "بمثله" يعني بلفظ الحديث السابق ولو أراد المعنى لقال بنحوه كما هو المصطلح عليه ثم قال رحمه الله تعالى "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى وابن بشار" محمد بن بشار "جميعًا" يعني ثلاثتهم "عن محمد بن جعفر" عن بشار لقبه بندار "ومحمد بن جعفر" لقبه غندر "عن شعبة بن الحجاج ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري واللفظ له قال حدثنا أبي قال حدثنا شعبة عن علي بن مدرك سمع أبا زرعة" يعني أنه سمع أبا زرعة "يحدث عن جده" أبو زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي.. أبو زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي "يحدث عن جده جرير" وأبو زرعة يختلف في اسمه بين أهل العلم على ما يقرب من عشرة أقوال كثير منهم يقول اسمه هَرم وقيل غير ذلك في أقوال كثيرة لكنه اشتهر بكنيته وبعضهم يقول أن هذا اسمه اسمه أبو زرعة وهذا هو الغالب على من يشتهر بالكنية أنه يضيع الاسم يضيع اسمه "عن جده جرير قال قال لي النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع «استنصت الناس استنصت الناس»" لأن جرير كان طويلاً يشرف على الناس من طوله وكان صيتًا أيضًا استنصت يعني سكتهم من أجل أن يسمع كلامه -عليه الصلاة والسلام- "«استنصت الناس» ثم قال «لا ترجعوا بعدي»" يعني في حجة الوداع في آخر أيامه -عليه الصلاة والسلام- لم يبق على وفاته سوى ثلاثة أشهر "«لا ترجعوا بعدي»" سميت الوداع لأنه ودع الناس فيها قال «لعلي لا أراكم بعد عامي هذا» "ثم قال «لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض»" النبي -عليه الصلاة والسلام- أخبرهم بما سيحصل بعده من الفتن ومنها كثرة القتل لاسيما في آخر الزمان يكثر الهرج وهو القتل بلسان الحبشة كما قال أبو موسى «لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض» الكفر على حقيقته إن استحل القتل إن استحل القتل القتل مُجمع على تحريمه فمن استحله كفر أو يكون صنيعكم صنيع الكفار الذين يقتلون المسلم فإذا قتل المسلم أخاه صار مشبهًا للكافر في كونه يقتل المسلم وليس من عادة المسلم وليس من دأبه ولا ديدنه أنه يقتل مسلمًا مثله بل الواجب نصره وعدم إسلامه لمن يريد أذاه لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض وقد حصل بين الصحابة ما حصل ثم من بعدهم ثم إلى يومنا هذا وكثر القتل وكثر الهرج في هذه العصور المتأخرة وفي أيامنا في السنوات الأخيرة صارت دماء المسلمين مستباحة وأنواع الحيوانات لها جمعيات تدافع عنها والمسلم أقل شأنا من الحيوان ليس له من يدافع عنه نسأل الله العافية- وواجب المسلم أن يكف يده ويكف لسانه ويسلم في مثل هذه الفتن ويلزم العبادة ويسعى في إصلاح نفسه وإصلاح من تحت يده وينشر الخير حسب استطاعته وقدرته فالعبادة وقت الهرج أو زمن الهرج كهجرة إليّ يقوله النبي -عليه الصلاة والسلام- ومن أفضل ما يتعبد به طلب العلم وتعليمه ونشره بين الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومحاولة إصلاح ما فسد بدءًا بالنفس ثم الأسرة ومن تحت اليد ثم بعد ذلك الأقارب والجيران ثم ينتشر الخير بهذه الطريقة أنت تعلم شخص وتدعو شخصًا إلى التدين فينفع الله به خلق يكون لك مثل أجورهم من دل على خير فله مثل أجر فاعله والله المستعان ولأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حمر النعم قد يتكلم الإنسان لا يحسب له حساب لاسيما في هذه الظروف في هذه الأحوال التي تكثر فيها الفتن فيدخل فيمن أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة وحينئذٍ لا يرح رائحة الجنة لم يرح رائحة الجنة نسأل الله العافية وقد يتفوَّه بكلمة من سخط الله يهوي بها في النار سبعين خريفًا الإشكال أن مجالس الناس اليوم سواء كان منهم العامة والخاصة اعتمادًا على وسائل الإعلام الخاصة والعامة والتواصل وغيره يسترسلون في الكلام ولا يحسبون له أي حساب والله المستعان فأهم وأولى ما يجب أن يعتني به المسلم الحفاظ على نفسه ونجاة نفسه قبل أن يسعى في نجاة غيره ثم إذا كان لديه فضل يمكن أن ينفع به غيره فلينفع والله المستعان وحدثنا وحدثنا عبيد الله بن معاذ "وحدثنا عبيد الله بن معاذ قال حدثنا أبي قال حدثنا شعبة عن واقد بن محمد عن أبيه زيد بن عبد الله بن عمر" واقد بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر "عن واقد بن محمد عن أبيه عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بمثله يعني بمثل ما تقدم «لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض» "وحدثني أبو بكر بن أبي شيبة وأبو بكر بن خلاد الباهلي قالا حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن واقد بن محمد بن زيد أنه سمع أباه يحدث عن عبد الله بن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-" يحدث عن جده "عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في حجة الوداع «ويحكم» أو قال «ويلكم»" كلمتان تقولهما العرب للتوجع أو التعجب «ويحكم» أو قال «ويلكم لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» ثم قال "حدثني حرملة بن يحيى قال أخبرني عبد الله بن وهب قال حدثني عمر بن محمد أن أباه حدثه عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-" أن أباه عمر بن محمد أن أباه حدثه عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- "بمثل حديث شعبة عن واقد" عن واقد ولا يوجد في الصحيحين واقد إلا هذا من سلالة عبد الله بن عمر ولا يوجد فيه وافد بالفاء لا يوجد فيهما وافد بالفاء ثم قال رحمه الله تعالى "وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا أبو معاوية" الضرير محمد بن خازم "ح وحدثنا ابن نمير واللفظ له قال حدثنا أَبِيْ" ابن نمير محمد بن عبد الله بن نمير "عن أبيه ومحمد بن عبيد كلهم عن الأعمش" أبو بكر بن أبي شيبة وأبو معاوية وابن نمير ومحمد بن  عبيد كلهم عن الأعمش "عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «ثنتان أو اثنتان في الناس هما بهم كفر الطعن في النسب والنياحة على الميت الطعن في النسب  والنياحة على الميت»" وجاء في حديث أنهما لا يتركهما الناس لا يتركهما الناس أخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن هذه الأمور لا تُترَك وهي موجودة في القديم والحديث إذا تحدث الإنسان عن نسبه وانتسب أو نسب فلانًا إلى نسب شريف أو نحوه بادر بعضهم إلى الطعن فيه ولا شك أن هذه من كبائر الذنوب ومن عظائم الأمور وإذا استحل ذلك طعن في الأنساب وكذلك النياحة على الميت ورفع الصوت وشق الجيب ونتف الشعر وما أشبه ذلك كله من النياحة وكل هذا محرَّم مجمع على تحريمه فإن استحله القائل الطاعن أو النايح والنايحة فإنه يكفر كفر مخرج عن الملة لأنه مجمع على تحريمه وإن فعله من غير استحلال كان من نصوص الوعيد ويراد به الكفر الأصغر كفر دون كفر.

والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"