شرح أبواب الطهارة من سنن الترمذي (18)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما زلنا في الحديث السابق في باب: ما جاء في الوضوء من الريح" وشرحنا حديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا وضوء إلا من صوت أو ريح» وعرفنا أن الحصر بحسب حال السائل، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- سئل الرجل يجد أنه خرج منه شيء وهو في الصلاة؟ قال: «لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً» ثم بعد ذلك الحديث عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا كان أحدكم في المسجد فوجد ريحاً بين أليتيه فلا يخرج حتى يسمع صوتاً» "في المسجد" نص على المسجد لأن الأصل بالنسبة للرجال أن تكون في المسجد حيث ينادى بها «فوجد بين أليتيه يعني ريحاً فلا يخرج من المسجد» من أجل أن يتوضأ «حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً» وهو كسابقه.
والمراد من ذلك أنه لا ينصرف بعد تيقنه للطهارة بمجرد شك، ويلحقون بذلك الظن، وهو الرجحان، رجحان خروج الريح، مع أن جل الأحكام مبنية على غلبة الظن، «أو يجد ريحاً» وهذا الحديث وما جاء في معناه هو مبنى القاعدة عند أهل العلم وذكرنا أننا نقرأ في كلام العلماء في القاعدة الثانية من القواعد الكلية التي قالوا فيها: الشك لا يرفع اليقين، القاعدة الثانية: اليقين لا يزال بالشك، ودليلها قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً» الذي هو حديث الباب «إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً» رواه مسلم من حديث أبي هريرة وأصله في الصحيحين عن عبد الله بن زيد قال: شكا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة قال: «لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً» أحد معه الأشباه؟ ذكرت هذا بالأمس، يعني راجعتم الأشباه والنظائر؟ طيب.
"وفي الباب عن أبي سعيد الخدري وابن عباس، وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدرِ كم صلى أثلاثاً أم أربعاً؟ فليطرح الشك وليبنِ على ما استيقن» وروى الترمذي عن عبد الرحمن بن عوف قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا سها أحدكم في صلاته فلا يدري واحدة صلى أم اثنتين؟ فليبنِ على واحدة، فإن لم يتيقن صلى اثنتين أم ثلاثاً؟ فليبنِ على اثنتين، فإن لم يدرِ أثلاثاً صلى أم أربعاً؟ فليبنِ على ثلاث وليسجد سجدتين قبل أن يسلم»
قال السيوطي: اعلم أن هذه القاعدة تدخل في جميع أبواب الفقه، اعلم أن هذه القاعدة تدخل في جميع أبواب الفقه والمسائل المخرجة عليها تبلغ ثلاثة أرباع الفقه وأكثر، ولو سردتها هنا لطال الشرح ولكن أسوق منها جملة صالحة، فأقول: يندرج في هذه القاعدة قواعد: منها قولهم: الأصل بقاء ما كان عل ما كان، الأصل بقاء ما كان عل ما كان، فمن أمثلة ذلك: من تيقن الطهارة وشك في الحدث فهو متطهر، أو تيقن في الحدث وشك في الطهارة فهو محدث.
قال: ومن فروع الشك في الحدث إن شك هل نام أو نعس؟ أو ما رآه رؤيا أم حديث نفس؟ أو لمس امرأةً أو بشراً أو شعراً؟ أو هل نام متمكناً أو لا زالت إحدى إليتيه؟ إيش؟ أو شك: هل كان قبل اليقظة أو بعدها؟ أو مس الخنثى... إلى آخر كلامهم في التفاصيل التي يذكرونها في مثل هذا.
ثم قال: شك في الطاهر المغير للماء هل هو قليل أو كثير؟ فالأصل بقاء الطهورية، أحرم بالعمرة ثم بالحج وشك هل كان أحرم بالحج قبل طوافها فيكون صحيحاً أو بعده فيكون باطلاً؟ حكم بصحته، قال الماوردي: لأن الأصل جواز الإحرام بالحج حتى يتيقن أنه كان بعده، ثم شك هل طلع الفجر أم لا؟ صح صومه بلا خلاف.
تعاشر الزوجان مدة مديدة ثم ادعت عدم الكسوة والنفقة فالقول قولها؛ لأن الأصل بقاؤهما في ذمته، وعدم أدائهما.
قاعدة: الأصل براءة الذمة ولذلك لم يقبل في شغل الذمة شاهد واحد ما لم يعتضد بآخر أو يمين المدعي، وكذا أيضاً إذا كان القول قول المدعي لموافقته الأصل وفي ذلك فروعاً منها... إلى آخره.
قال: قاعدة، قال الشافعي -رضي الله عنه-: أصل ما أنبنى عليه الإقرار أني أعمل اليقين وأطرح الشك ولا أستعمل الغلبة.
وهذه قاعدة مطردة عند الأصحاب ومرجعها إلى أن الأصل براءة الذمة كقولهم فيما لو أقر أنه وهبه وملكه لم يكن مقراً بالقبض؛ لأنه ربما اعتقد أن الهبة لا تتوقف عل القبض... إلى آخره.
لا شك أن الأصل هو عليه العمل الذي يعمل به الأصل، لكن إن عارضه ظاهر هم يقولون: الأصل مقدم على غلبة الظن، لكن إذا عارضه الظاهر فما الحكم؟ إذا عارض الأصل الظاهر تعارض الأصل مع الظاهر فما الذي يقدم؟ ومثلنا بمثال يستفيد منه طلاب العلم، إذا زرت زميلك، وأجلسك في مكتبته، وأخذت تدور في الكتب وتناظر، وأخذت هذا الكتاب فوجدت عليه اسمك، ملك فلان، وهو موجود في مكتبة فلان –الزميل-، الأصل أن الكتاب لك، عليه اسمك الأصل أن الكتاب لك، والظاهر أنه له لأنه في حوزته فما الذي يقدم الأصل أو الظاهر؟ يعني الظاهر أن الكتاب لمن؟ لصاحب المكتبة؟ لكن الأصل أنه لفلان ملك فلان.
طالب:........
أو إعارة؟
طالب:.......
نعم؟
طالب:.......
وقد يكون استعاره ونسي، كم من شخص استعار ونسي؛ لأنه مع طول المدة يظن أنه اشتراه أو وهبه إياه وهو في الحقيقة عارية أو العكس، المقصود أن مثل هذا هل يقدم الأصل فنقول: الكتاب لصاحبه حتى يدعي بدعوى مقبولة ويقيم البينة عليه أنه اشتراه أو وهبه إياه؟ لا يحكم بهذا ولا هذا، ينظر إلى حال الأصل، وحال صاحب اليد الذي هو الظاهر، فما الذي ترجحه العادة والحال من الطرفين؟ إذا كانت عادة صاحب الكتاب الذي عليه اسمه عادته يبيع الكتب، عادته يبيع الكتب، فهذه العادة لا شك أنها محكمة، ويحكم بسببها للظاهر، وإذا كان هذا الرجل ليس من عادته أن يبيع ولا يهب، بل هو شحيح على كتبه ومن عادته أن يعير؟ غلبنا جانب الأصل، هناك قرائن تدل على تغليب أحد الأمرين، إذا كان الكتاب حضر به دروس، وملئ بالتعليقات، ننظر هذه التعليقات هل هي لصاحب الأصل الذي عليه الاسم، فيغلب على الظن أنه لن يبيع هذه النسخة، أو الذي بيده الكتاب، صاحب المكتبة هو الذي حضر به الدروس وعلَّق عليه فالأصل أنه لا يتصرف بملك غيره إلا بطريق شرعي معتبر، والمسألة مفترضة في طالب علم ليس بسارق، نعم، فالقرائن لا شك أنها ترجح في مثل هذا، وإلا فالأصل أن الكتاب لمن كتب عليه الاسم، اسمه، كتب عليه اسمه، لكن لو وجدنا الكتاب مكتوب عليه ملك الفقير إلى الله -جل وعلا- فلان ابن فلان ابن فلان هذا الزائر، ثم صاحب المكتبة قال: ثم انتقل إلى ملك فلان ابن فلان ابن فلان بالشراء الشرعي أو بالهبة أو بالهدية أو ما أشبه ذلك، نقول: هذه دعوى يقيم عليه البينة وإلا يحلف الطرف الثاني ويستحق الكتاب، هذه مسائل ترى تحصل كثيراً من طلاب العلم يجد كتاب عليه اسمه أو ختمه ثم بعد ذلك يدعيه صاحبه الذي هو بيده لطول العهد أحياناً شخص يستعير كتاب عشرين سنة، أنا أعرت واحد من الزملاء قبل ثلاثين سنة كتاب، ولقيته قبل سنتين أو ثلاث، قال: كل ما رأيت هذا الكتاب دعوت لك، قلت: لماذا؟ قال: لأن الكتاب كان مهترياً فأخذته -وجزاك الله خيراً- وجلدته وأعدته إليّ، كأن العلاقة بس إني أخذت الكتاب وجلدته، يعني ما هو لي فأخبرته، يعني ما أخبرته يعني بحقيقة الحال يعني أبحته وحللته عن هذا.
الآن يأتي مع الكتب ومع المكتبات ومع التركات التي تعرض للبيع بعد موت أصحابه، يحصل من هذا شيء كثير، تشتري مكتبة فلان ويكون فيها كتاب عليه اسم فلان فكيف تتصرف؟ هل نقول: إن هذا الكتاب ملكه فلان قبل وفاته أو يعاد إلى صاحبه الأصلي؟ لا شك أن هذا حرج كبير، ويوقع في إشكال، وأحياناً تأتي كتب عليها ختوم رسمية مكتبات عامة، ونعرف أننا في الداخل لا يمكن أن يباع كتاب من مكتبة عامة أو يهدى أو شيء من هذا، فلا بد من التحري والتوقي في مثل هذه الأمور، والكتبيين الآن يحكون الأختام، ويأتون من الآفاق من مصر والشام وتركيا وغيرها كتب عليها أختام مكتبات عامة، ويدعون في ذلك أن أولئك عندهم نظام اسمه تحديث، نظام التحديث، إيش معنى هذا؟ أن هذه البلدة التي فيها المكتبة العامة، وهي من بيت المال، وعليها الأختام أتيح لهم مسألة التحديث، إيش معنى التحديث؟ المكتبة فيها كتب قديمة لا تصبر على استعمال الناس، الكتاب القديم ما يصبر على استعمال الناس من قبل الباحثين الذين يترددون كثيراً ويتعاقبون على الكتاب الواحد، فالتحديث يجتمع المجلس البلدي ويقرر أن قيمة هذه المكتبة كذا من الكتب القديمة، فيشتريها أحدهم أو غيرهم، تباع على غيرهم، ثم يشترى بقيمتها أكثر من الكتب القديمة، يعني يشترى بقيمتها ثلاثة أضعاف مثلاً من الكتب الجديدة التي تصلح للاستعمال، ولا شك أنه إذا كان هذا من مصلحة الوقف والكتب القديمة تعطل نفعها لا مانع من بيعها، ويشترى بقيمتها ما يمكن الانتفاع به على أوسع نطاق، لكن ما الذي يصدق هذا الكلام؟ أحياناً يأتي ما يدل على ذلك من بيان للاتفاق وما أشبه ذلك، هذا أمره واضح، لكن كثير من الحالات ما يأتي معها شيء، لنستصحب هذا الأصل أن فكرة التحديث موجودة أو نقول: إنه هذا الكتاب تبع المكتبة الفلانية ولا يجوز بيعه ولا شراءه؟ هذا الأصل تبع المكتبة، لكن إذا استفاض بين الناس أن هذه الجهة عندها نظام التحديث، وبالفعل هذا ما يصبر هذا الكتاب على استعمال من يتعاقب على استعماله، وتأكدنا بالفعل أنهم اشتروا مكانه، هذا ما في ما يمنع -إن شاء الله تعالى-.
أحياناً يأتينا وقف صحيح البخاري مثلاً مخطوط قيمته مائة ألف، وهو وقف موقوف على ضريح فلان أو على زاوية فلان، زاوية صوفية لا يستفيدون من البخاري ولا من شيء، أو على ضريح فلان –قبر-، هل نقول: الوقف باطل فيجوز بيعه أو نقول: الوقف صحيح فيصرف إلى أقرب مصرف شرعي له؟ على ضريح نجعله في المسجد يستفاد منه، على زاوية نجعله في مكتبة، نقول: الوقف صحيح وإلا باطل؟ هذه أمور تدور بين طلاب العلم، ويعانيها من يهتم بالكتب القديمة، ولا بد من بيان حكمها، الوقف على ضريح لا شك أنه باطل، الوقف على زاوية صوفية هذا لا شك أنه باطل، فهل نقول: باعتبار أن الوقف بطل فيجوز بيعه أو نقول: إن الوقف صحيح وموضعه غير شرعي فينقل إلى موضع شرعي؟ وهذا يكون من جنس تصحيح الوصية، وهذا من الجنف الذي يجب تعديله، لذلك قلنا: إن الوقف مراد الواقف التقرب إلى الله -جل وعلا-، لكنه أخطأ في وضعه في هذا المكان ننقله إلى مكان ينتفع به، هذا الكلام لا يوجد في بلادنا -ولله الحمد-؛ لأنها بلاد على السنة -إن شاء الله تعالى-، نرجو الله -جل وعلا- أن يديم هذه النعمة، لكن في البلدان الأخرى موجودة وبكثرة، وطلاب العلم يتحرجون من مثل هذا، يعني كتاب طالب العلم بأمس الحاجة إليه، صحيح البخاري نسخة مصححة ومقابلة وخطية، ويحتاجها طلاب العلم، ومع ذلك موقوفة على قبر، على ضريح أو موقوفة على زاوية صوفية ما عندهم ولا أذكار صحيحة فضلاً عن العلم الشرعي، فمن صحح الوقف وعدل المصرف قال: يصرف إلى أقرب جهة لمثل هذا ويستفاد منه، ومن أبطل الوقف بجملته قال: يجوز بيعه وشراءه ولا إشكال فيه، ويعتبر هذا من الإنقاذ للكتاب، من الإنقاذ له، بدلاً من أن تأكله الأرضة عند هذا القبر، أو في تلك الزاوية يستفاد منه، نعم؟
طالب:........
نعم كثير من الناس وبعض طلاب العلم لا يقدرون الكتب قدرها، فيوجد كتاب قديم وقيمته مرتفعة جداً، يعني أحياناً الكتاب يباع بثلاثة آلاف أربعة آلاف خمسة آلاف ويشرى بقيمته عشرين نسخة من المطبوعات الجديدة نفس الكتاب، يعني لو افترضنا سنن البيهقي الطبعة الأصلية يشترى مكانها عشرين نسخة من الطبعات الجديدة، أو ثلاثين نسخة، وقل مثل هذا في فتح الباري وغيره، فهل يمكن أن يتصرف القائم على المكتبة باعتبار أن هذا هو الأصلح للمكتبة، مكتبة موقوفة في مسجد، ورأى أن طلاب العلم لا يستفيدون من هذه الكتب القديمة المتهرية المتقطعة متناثرة أوراق ملمومة، وطالب العلم ينظر إليها حسرة، ويريدها ولا تتيسر له، فإذا قال: أنا أضع مكان هذا الكتاب عشر نسخ هل من المصلحة أن يتصرف في هذه الكتب؟ وهذه مصلحة ظاهرة بدل نسخة واحدة عشر نسخ ما أحد يشك فيها، فإذا وجد من يقوم الكتب تقويم صحيح ولا ينظر إلى مصلحة نفسه يقول: أضع نسختين وهو يقابل عشر نسخ، لا، لا مانع أن يقول: الكتاب قيمته ثلاثة آلاف والمصور بثلاثمائة أدفع عشر نسخ، وإذا كان المسجد لا يحتمل العشر يحتمل نسخة نسختين ينظر إلى أقرب مكان آخر مسجد آخر ويضع فيه بقية النسخ وهكذا.
فإذا لوحظت المصلحة ما لوحظ المصلحة العامة، إذا لوحظت فذمته تبرأ -إن شاء الله تعالى-، لكن إن لاحظ الإنسان مصلحته الخاصة فهذا لا أبداً، لا يجوز له أن ينظر إلى مصلحته ويهمل مصلحة الوقف والواقف.
يقول: قاعدة: من شك أفعل شيئاً أم لا؟ فالأصل أنه لم يفعله، ويدخل فيها قاعدة أخرى: من تيقن الفعل وشك في القليل أو الكثير حمل على القليل؛ لأنه المتيقن، من تيقن الفعل وشك في القليل أو الكثير حمل على القليل؛ لأنه المتيقن، يعني تأكد أنه أوتر البارحة، لكن تردد هل صلى سبع أو خمس، أو ثلاث، المتيقن أنه صلى ثلاث، فإذا أراد أن يكمل إذا قلنا بقضاء مثل هذا بعد ارتفاع الشمس، وكان من عادته أن يصلي سبع قال: أراد أن يكمل أو يترك يصلي أربع ركعات تكميلاً لما اقتصر عليه في الليل، على القول بأن مثل هذا يقضى، فيبني على الأقل لأنه المتيقن.
يقول: منها: سها وشك هل يسجد للسهو؟ سجد كيف؟ لعله منها: سها وشك هل سجد للسهو؟ إيش عندك؟
طالب:........
هل سجد للسهو؟ سجد، يعني اجتمع عندنا سهو وشك، الشك يقتضي سجود للسهو أو لا يقتضي؟ نعم؟ يقتضي، إذاً عندنا سهو وشك، يعني شك هل سجد للسهو أو لم يسجد؟ هل نقول: إن هذا في حكم من سها مراراً فيكفيه سجدتان تكفيان عن السهو والشك أو لكل موجب سجدتين؟ يعني يكفيه سجدتان هذا هو الأصل.
ومنها: شك في أثناء الوضوء أو الصلاة أو غيرهما من العبادات في ترك ركن وجبت إعادته فلو علمه وشك في عينه أخذ بالأسوأ، فإن احتمل أنه النية وجب الاستئناف، فلو ترك سجدة وشك هل هي من الركعة الأخيرة أم من غيرها لزمه ركعة؛ لاحتمال أن تكون من غيرها فيكمل بركعة ويلغو باقيها.
ولو شك في محل سجدتين أو ثلاث وجب ركعتان؛ لاحتمال ترك سجدة من الأولى وسجدة من الثانية فيكمل الأولى بالثانية والثالثة بالرابعة وهكذا.
المقصود أن فروع هذه القواعد كثيرة جداً، وهي من القواعد الكلية المعروفة.
وسائل يسأل عن أفضل الطبعات للأشباه والنظائر؟ وآخر يسأل عن منظومة القواعد للأهدل هل تحفظ؟
نعم منظومة القواعد الفرائد البهية نظم القواعد الفقهية لأبي بكر الأهدل هي في الحقيقة نظم مأخوذ من الأشباه، لذا يقول:
سميتها: الفرائد البهية |
| لجمعها الفوائد الفقهية |
فهي منظومة نافعة لطالب العلم يحفظها ويراجع عليها الشروح، ولها شرح مطبوع، ومعروف متداول مفرد، ومن أراد أن يقتصر على الأشباه والنظائر في هذه الطبعة طبعة مصطفى محمد سنة (1355هـ) وعلى هامشها (المواهب السنية) لعبد الله بن سليمان الجوهزي الشافعي شرح الفرائد البهية نظم القواعد الفقهية، فالأشباه في الأصل والنظم مع شرحه في الحاشية، طبعة طيبة في الجملة، لكن أصح منها طبعة الشيخ حامد الفقي، الطبعة الأولى سنة (1357هـ)، طبعة طيبة وعليها تعليقات نافعة جداً للشيخ حامد على هذا الكتاب فيحرص عليها، وأيضاً الفرائد هذه المتن مطبوع مفرد، والشرح مطبوع أيضاً في جزأين، وصور أخيراً، أو طبع طبعة جديدة في مجلد كبير النظم والشرح معاً، فيستفاد منها، إلا أن فيها طول، فيها ما يستغنى عنه، فيما ما يمكن أن يستغنى عنه؛ لأن حفظ النظم كاملاً فيه عسر، النظم كثير منه يمكن أن يستغنى عنه.
ومن أراد أن يقتصر على الأشباه النظائر وينظر في هذه القواعد، ويلخص عليها بعض ما يتخرج من هذه القواعد والفوائد التي تستنبط من هذه القواعد والفروع لهذه القواعد يستفيد فائدة كبيرة، وإذا ضم إلى ذلك القواعد لابن رجب وهو كتاب نفيس لا يستغني عنه طالب علم، قواعد فقهية ومعروفة ومطبوعة وعلى كل قاعدة فروع كثيرة أحياناً عشرين فرع عشرة فروع، ثلاثين فرع، يستفيد منها طالب العلم، أما مجرد تجريد القواعد بدون فروع فهذا الفائدة منه قليلة، الفائدة منه قليلة، لا بد أن تربط القواعد بفروعها، والمثال هو الذي يوضح المقال، ما يمكن أن تتضح القاعدة إلا بمعرفة الفروع.
"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وهو قول العلماء أن لا يجب عليه الوضوء إلا من حدث يسمع صوتاً أو يجد ريحاً، قال عبد الله بن المبارك: إذا شك في الحدث فإنه لا يجب عليه الوضوء حتى يستيقن استيقاناً يقدر أن يحلف عليه" فإذا تيقن وبإمكانه أن يحلف على أنه خرج منه ما خرج من صوت أو ريح، إذا تيقن ذلك فإنه حينئذٍ يجب عليه الوضوء قد يقول قائل: إن الحلف يجوز على غلبة الظن فهل يتوضأ يجب عليه الوضوء لمجرد غلبة الظن أو لا يجب؟ ذكرنا فيما سبق أن أهل العلم ألحقوا غلبة الظن في الشك في هذا، وأن اليقين لا يرفعه إلا يقين، ولذلك قال: حتى يستيقن استيقاناً يقدر أن يحلف عليه، كونه يستيقن يعني يتيقن ولا يكفي في هذا شك ولا غلبة ظن على قولهم حتى يستيقن؛ لأن اليقين الذي لا يحتمل النقيض وغلبة الظن تحتمل النقيض مع المرجوحية، والشك مع التساوي، فهل نقول: إذا غلب عليه الظن يتوضأ أو لا يتوضأ؟ لا يتوضأ لأن اليقين لا يرفعه إلا يقين، ولذا قال: حتى يستيقن استيقاناً، لكن يشكل على هذا أنه قال: يقدر أن يحلف عليه، مع أن له الحلف على غلبة الظن، له الحلف على غلبة الظن، الذي جامع امرأته في رمضان، وأتي بالطعام وقيل له: خذ هذا فتصدق به، فقال: "والله ما بين لابتيها" أقسم، هذا على غلبة ظن وإلا على يقين؟ على غلبة ظن بلا شك، ولذا يقول أهل العلم: يجوز أن يحلف على غلبة الظن، فقوله: يستيقن استيقاناً يقدر أن يحلف فيه ما فيه، اللهم إلا إذا كان عند عبد الله بن المبارك أنه لا يحلف إلا على اليقين ولا يحلف على غلبة الظن ممكن فيطرد.
"وقال: إذا خرج من قبل المرأة الريح وجب عليها الوضوء، وهو قول الشافعي وإسحاق" الأصل أن الريح إنما يخرج من الدبر؛ لأن ارتباطه بالبطن واضح، والبطن هو محل الرياح والغازات، أما القبل فلا ارتباط له بالبطن "قال: إذا خرج من قبل المرأة الريح وجب عليها الوضوء، وهو قول الشافعي وإسحاق" ويشهد له أو يدل له ما في الحديث: «حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً» وهذا وجد ريح.
قال أصحاب أبي حنيفة: خروج الريح من القبل لا يوجب الوضوء؛ لأنه نادر فلا يشمله النص، كذا في المرقاة، وقال ابن الهمام: لأن هذه الريح ليست في الحقيقة بريح وإنما هي اختلاج لا ريح، فلا تنقض الوضوء، إنما هي اختلاج وليست بريح، يعني كما لو حرك إبطه فصدر منه صوت أو ركبته فصدر من جوفها صوت، هذا مجرد اختلاج ليس بريح خارج من البطن بالفعل، وألحق ابن العربي خروج الريح من فرج المرأة -من قبل المرأة- ألحقه بالجشاء، الجشاء ريح مقارن بصوت ولا ينقض إجماعاً، لماذا؟ لأنه من غير المخرج الطبيعي، من غير المخرج الأصلي الذي منه الناقض، فالمرجح أن ما يخرج من قبل المرأة ولو وجد منه الصوت أو الريح أنه لا ينقض الوضوء.
ثم قال -رحمه الله-: "حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن الله لا يقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ»" لا يقبل: المراد بنفي القبول هنا نفي الصحة لا نفي الثواب المرتب على العمل؛ لأنه قد يرد نفي القبول ويراد به نفي الصحة، وذلك إذا كان الأمر متعلقاً بأمر مؤثر في الصلاة، أما إذا كان نفي القبول بسبب أمر لا أثر له في الصلاة، فإن الصلاة حينئذٍ تكون صحيحة مسقطة للطلب، لكن هو نفي للثواب المرتب عليه «لا يقبل الله صلاة عبد آبق» «لا يقبل الله صلاة من في جوفه خمر» «من أتى عرافاً فسأله لم تقبل له صلاة أربعين يوماً» «أربعين صباحاً» كل هذا هذه الأمور وهذه الأفعال بالفعل محرمة، لكن لا ارتباط لها بالصلاة فنفي القبول بالصلاة فيها إنما هو نفي للثواب المرتب على العبادة، ولو كان لهذه الأمور أثر مباشر للصلاة لقلنا: إنه نفي صحة، والله -جل وعلا- يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [(27) سورة المائدة] فهل معنى هذا أن غير المتقين لا تصح عباداتهم، يعني فاسق يؤمر بإعادة الصلاة، ويؤمر بإعادة الحج، يؤمر بإعادة الصوم؟ لا، فسقه أمر خارج عن هذه العبادات، نعم لو كان فسقه بسبب خلل مؤثر في عبادة من العبادات لترتب عليه بطلانها، لكن إذا كان من يشرب الخمر أو يزني أو يسرق -نسأل الله السلامة والعافية- نقول له: أعد صلاتك لأنك فاسق، والله -جل وعلا- إنما يتقبل من المتقين؟ ما قال بهذا أحد من أهل العلم، فنفي القبول هنا نفي الثواب المرتب على العبادة، وفي الحديث: «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث» نفي القبول هنا نفي للصحة لا للثواب.
«إذا أحدث» أي صار ذا حدث قبل الصلاة، يعني قبل الدخول فيها، أو قبل الفراغ منها، يعني في أثنائها، فإذا أحدث عليه أن يعيد الصلاة؛ لأن صلاته غير مقبولة، يعني غير صحيحة.
«حتى يتوضأ» بالماء أو ما يقوم مقامه، و«الصعيد الطيب وضوء المسلم حتى يجد الماء» والمراد مع الإتيان بباقي الشروط.
"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب" وهو مخرج في الصحيحين، نعم؟
طالب:.......
هو ملحق بالجشاء.
طالب:.......
لا، ما يخرج من قبل المرأة ملحق بالجشاء؛ لأنه صوت وقد يقارنه ريح، إذا أكل ثوم وإلا بصل وإلا فجل يخرج منه رائحة مقرونة بصوت من غير المخرج المرتبط بالمعدة، نعم؟
طالب:........
هو فرق بين المخرج المعتاد للبول والغائط يختلف عن غيره، وإلا لو فتح فتحة في جانب الإنسان وصار يخرج منها ما يخرج ولو خرج ما خرج، المقصود أنه إذا خرج البول نقول: إنه خارج فاحش نجس لا لأنه بول خارج من المخرج.
طالب:........
المقصود أنه إذا خرج من المخرج مر من الأمعاء وتحول إلى فضلات، بينما الجشاء ما مر بالأمعاء ولا تحول، ومثله ما يخرج من قبل المرأة لأنه لا يخرج عن طريق المعدة وعن طريق الأمعاء، فرق واضح.
طالب:........
أيوه؟
طالب:........
باعتباره فاحش نجس، فاحش.
طالب:.......
الفاحش، فاحش ونجس.
طالب:.......
لا، فاحش، وهناك مسائل قد يطول بنا شرحها وفهمها أيضاً وإيضاحها وإلا قد يقول قائل في التفريق بين نفي القبول ونفي الصحة ونفي الثوب على حسب ما قرره أهل العلم أن الصحة تنفى إذا كانت بسبب خلل متعلق بالعبادة كشرطها مثلاً أو ركنها وهنا عاد إلى الشرط، وعند أهل العلم القاعدة: إذا عاد النهي إلى ذات المنهي
عنه أو إلى شرطه فإن العبادة تبطل مع التحريم، وإذا عاد النهي إلى أمر خارج عن الشرط والذات فإن العبادة صحيحة مع التحريم، ويفرقون بين من يصلي بسترة التي هي شرط من شروط الصلاة، سترة حرير أو عليها عمامة حرير، يفرقون بين هذا، أو خاتم ذهب، أو مسبل، كل هذا لا أثر له في الصلاة، يحرم ويأثم لكنه لا يبطل الصلاة، بينما لو عاد النهي إلى الشرط كالسترة مثلاً لا شك أن الصلاة تكون حينئذٍ باطلة، لكن قد يقول قائل: إذا نظرنا في مثل حديث الباب وقلنا: إن نفي القبول هنا نفي للصحة لأنه عاد إلى الشرط، ونحن ما عرفنا أن الطهارة شرط إلا بهذا الخبر فهل يلزم عليه الدور أو لا؟
الحديث نفسه الذي قلنا: إن النفي فيه نفي للقبول والصحة بسبب أنه يعود إلى شرط مؤثر، إحنا ما عرفنا أن الطهارة شرط إلا بهذا الخبر، فنفينا القبول والصحة اعتماداً على الشرط، واعتمدنا هذا العمل شرطاً اعتماداً على نفي القبول، واضح وإلا ما هو بواضح؟ يلزم عليه دور وإلا ما يلزم؟
طالب:.......
لا، يسمونه دور؛ لأنه ترتيب شيء مترتب عليه، إحنا نفينا الصحة؛ لأنه متعلق بشرط، ونحن ما عرفنا أنه شرط إلا لما ثبت من النفي، فرتبنا شيء على شيء مترتب عليه، رتبنا نفي الصحة على اشتراط الطهارة، واشتراط الطهارة رتبناه على نفي القبول في دور، كيف نخرج من هذا الدور؟ نعم أحاديث أخرى أثبتت شرطية الطهارة وإلا لو لم يرد فيها إلا هذا الحديث للزم عليه الدور، والدور ترتيب شيء على شيء مترتب عليه، يعني كما يقول القائل:
لو لا مشيبي ما جفا |
| لولا جفاه لم أشب |
أيهما السابق؟
طالب:.......
إي نعم، أيهما السابق؟
طالب:........
كل واحد مرتب على الثاني هذا يلزم عليه الدور، ولا يصح، يقاربه التسلسل، التسلسل الذي هو عبارة عن شيء مرتب على غيره وغيره على غيره إلى ما لا نهاية، نعم.
سم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في الوضوء من النوم:
حدثنا إسماعيل بن موسى كوفي وهنَّاد ومحمد بن عبيد المحاربي المعنى واحد وقالوا: حدثنا عبد السلام بن حرب الملائي عن أبي خالد الدالاني عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- نام وهو ساجد حتى غط أو نفخ، ثم قام يصلي فقلت: يا رسول الله إنك قد نمت، قال: «إن الوضوء لا يجب إلا على من نام مضطجعاً، فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله».
قال أبو عيسى: وأبو خالد اسمه: يزيد بن عبد الرحمن.
قال: وفي الباب عن عائشة وابن مسعود وأبي هريرة.
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: "كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينامون ثم يقومون فيصلون ولا يتوضئون".
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، قال: وسمعت صالح بن عبد الله يقول: سألت عبد الله بن المبارك عمن نام قاعداً معتمداً؟ فقال: لا وضوء عليه.
قال أبو عيسى: وقد روى حديث ابن عباس سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن عباس قوله، ولم يذكر فيه أبا العالية ولم يرفعه.
واختلف العلماء في الوضوء من النوم فرأى أكثرهم أن لا يجب عليه الوضوء إذا نام قاعداً أو قائماً حتى ينام مضطجعاً، وبه يقول الثوري وابن المبارك وأحمد قال: وقال بعضهم: إذا نام حتى غلب على عقله وجب عليه الوضوء وبه يقول إسحاق، وقال الشافعي: من نام قاعداً فرأى رؤيا أو زالت مقعدته لوسن النوم فعليه الوضوء.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "باب: ما جاء في الوضوء من النوم" النوم معروف وهو موتة صغرى، {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ} [(42) سورة الزمر] فسمى النوم موتاً، وذلكم لمفارقة الروح للجسد، فهو مشبه للموت، إلا أنه ليس بموت تفارق فيه الروح الجسد مفارقة دائمة، مستمرة حتى البعث، فبالإمكان أن تعود بأدنى سبب، بأدنى سبب بصوت أو لمس أو ما أشبه ذلك، والناس يتفاوتون في هذا، منهم من يستغرق استغراقاً بحيث لا يحس بمن حوله، ومنهم من هو سريع الانتباه، فيتفاوتون في هذا تفاوتاً كبيراً ولهذا التفاوت أثر في النقض، نقض الوضوء وعدمه، ولذلك قال: "باب: ما جاء في الوضوء من النوم" قال: "حدثنا أحمد بن موسى" الفزاري أبو محمد "كوفي" صدوق يخطئ، ورمي بالرفض، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومائتين "وهناد" وهو ابن السري "ومحمد بن عبيد بن محمد" بن واقد "المحاربي" الكوفي، صدوق من العاشرة أيضاً "المعنى واحد" يعني معنى ما يرويه هؤلاء واحد، وإن اختلفت ألفاظهم، وأبو داود كثيراً ما يقول: حدثنا فلان وفلان وفلان المعنى، ويرد بذلك مثل ما أراد الترمذي هنا المعنى واحد وإن كانت الألفاظ مختلفة.
المعنى واحد وقالوا هؤلاء الشيوخ "قالوا: "حدثنا عبد السلام بن حرب" عبد السلام بن حرب بن سلم النهدي، "الملائي" ثقة حافظ، له مناكير، من صغار التاسعة "عن أبي خالد الدالاني" الأسدي الكوفي، صدوق يخطئ كثيراً من السابعة "عن قتادة" بن دعامة الثقة المعروف "عن أبي العالية" رفيع بن مهران الرياح، ثقة كثير الإرسال من الثانية "عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- نام وهو ساجد" وهو ساجد الجملة حالية "رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- نام وهو ساجد حتى غط" يعني سمع له صوت يخرج مع نفسه -عليه الصلاة والسلام- "حتى غط أو نفخ" أو هذه للشك أو نفخ تنفس بصوت، وهو قريب من..، النفخ قريب من الغطيط والخطيط "ثم قام يصلي" من غير أن يتوضأ وضوءاً جديداً "فقلت: يا رسول الله إنك قد نمت؟" قال: «إن الوضوء لا يجب إلا على من نام مضطجعاً» أي: واضعاً جنبه على الأرض «فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله» جمع مفصل وهي رؤوس العظام، إذا استرخت يعني فترت وضعفت، والمفاصل رؤوس العظام، التي تجمع بين عظمين، وهي السلامى التي عدتها ثلاثمائة وستون عضواً.
هذا الخبر ضعيف "قال أبو عيسى: وأبو خالد اسمه: يزيد بن عبد الرحمن" الدالاني، والحديث ضعّفه الإمام أحمد والبخاري فيما نقله الترمذي في العلل المفرد، العلل الكبير، وأبو داود في السنن قال: ذكرت حديث يزيد الدالاني لأحمد بن حنبل فانتهرني استعظاماً له، وقال: ما ليزيد الدالاني، ما ليزيد الدالاني يدخل على أصحاب قتادة ولم يعبأ بالحديث.
وقال البيهقي: أنكره عليه جميع الحفاظ، فالحديث ضعيف، يعني الوضوء «إن الوضوء لا يجب إلا على من نام مضطجعاً، فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله» الكلام صحيح، لكن لا يثبت مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه إذا نام مضطجع استرخت مفاصله، والحصر أيضاً: «إن الوضوء لا يجب إلا على من نام مضطجعاً» الحصر هذا أيضاً فيه ما فيه؛ لأن هناك من الهيئات بالنسبة للنائم ما هو أشد من حال الاضطجاع كالسجود مثلاً، إذا نام على هيئة الساجد فإن مثل هذا أشد من أن ينام مضطجعاً.
"قال: وفي الباب عن عائشة وابن مسعود" وكلاهما عند ابن ماجه "وأبي هريرة" عند البيهقي.
قال -رحمه الله-: "حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك قال: "كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينامون ثم يقومون فيصلون ولا يتوضئون".
ينامون ثم يقومون فيصلون ولا يتوضئون.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح".
وأخرجه مسلم وأبي داود، وفي رواية أبي داود: "كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون".
قال الشارح: فظهر من هذه الرواية أن المراد من قوله: "ينامون" أنهم كانوا ينامون قعوداً، ظهر من هذه الرواية رواية أبي داود أنهم كانوا ينامون قعوداً وهم ينتظرون الصلاة.
وقال في القاموس: خفق فلان رأسه إذا نعس، يعني مجرد نعاس، ولا سيما أنهم جلوس ينتظرون صلاة العشاء، فهو مجرد نعاس، وقد تمكنوا من الأرض، فالذي يغلب على الظن أنه لا يخرج منهم شيء، فالنعاس والسنة مع تمكن المقعدة ليس بناقض للوضوء، أما النوم المستغرق غير المتمكن من مضطجع أو ساجد أو غير ذلك، لا شك أنه ناقض كما جاء في حديث صفوان بن عسال، ولكن من غائط أو بول أو نوم، أمرنا أن لا ننزع خفافنا إلا من جنابة، ولكن من غائط أو بول أو نوم، فدل على أن النوم ناقض للوضوء، وجاء في الحديث ما يدل على أن النوم ليس بناقض، ولا بد من التوفيق بين هذه النصوص بحمل النوم الناقض على المضطجع الذي لا يأمن من خروج الخارج منه وهو لا يشعر، مع الاستغراق بحيث لا يشعر بما يدور حوله، أما إذا كان النوم سنة، يعني خفيف، أو كان متمكناً جالساً، أو واقفاً بحيث إذا نام سقط، فمثل هذا لا ينقض الوضوء.
"قال: وسمعت صالح بن عبد الله" بن ذكوان الباهلي الترمذي، صدوق مات سنة تسع وثلاثين ومائتين، "سمعت صالح بن عبد الله يقول: سألت عبد الله بن المبارك عمن نام قاعداً معتمداً؟ فقال: لا وضوء عليه" أي لا يجب عليه الوضوء؛ لأنه متمكن، معتمد متمكن بحيث لا يخرج منه شيء، وإلا فالأصل أن النوم مظنة للحدث، نعم؟
طالب:........
كيف يستند؟ يطيح، يسقط.
طالب:........
كيف؟
طالب:........
ما يستطيع يستند وهو جالس أو واقف يسقط.
طالب:........
غير متكئ على شيء؟
طالب:........
بأي شيء؟
طالب:.......
محتبي مثلاً.
طالب:........
لا، لا، مستند ذا، لا المقصود به الجالس الذي لم يستند على شيء، أما إذا استند بإمكانه الساعات الطوال ينام وهو جالس خمس ساعات ست ساعات، يخرج منه ما يخرج، ويؤخذ منه ما يؤخذ، ويتحدث الناس حوله وهو لا يشعر، لا، لا هذا ينقض الوضوء.
"سألت عبد الله بن المبارك عمن نام قاعداً معتمداً؟ فقال: لا وضوء عليه" إن كان معتمداً على شيء من جدار أو عمود أو ما أشبه ذلك فهذا لا شك أنه ناقض لأنه يستغرق، أما معتمد يعني متمكن من الأرض، ممكناً مقعدته من الأرض بحيث لا يخرج منها شيء فهذا لا ينقض الوضوء، إذا لم يعتمد على شيء يسنده بحيث لو استغرق في النوم لسقط، كما كان الصحابة ينتظرون العشاء، فمثل هذا لا ينقض الوضوء.
"قال أبو عيسى: وقد روى حديث ابن عباس سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن عباس قوله" روى حديث ابن عباس سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن عباس، وعن أبي خالد الدالاني عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس، فأدخل بين قتادة وابن عباس أبي العالية، ولا شك أن سعيد بن أبي عروبة أوثق وأقعد بحديث قتادة وغيره من أبي خالد الدالاني، "رواه عن قتادة وابن عباس قوله ولم يذكر فيه أبا العالية ولم يرفعه" فكان موقوفاً على ابن عباس وهذا أصح.
"واختلف العلماء في الوضوء من النوم فرأى أكثرهم أن لا يجب عليه الوضوء إذا نام قاعداً أو قائماً" يعني غير معتمد على شيء؛ لأنه غير مستغرق، فلو استغرق لسقط "إذا نام قاعداً أو قائماً، حتى ينام مضطجعاً" يعني كما جاء في خبر ابن عباس "وبه يقول الثوري وابن المبارك وأحمد" واستدلوا على ذلك بحديث ابن عباس المذكور، وفيه ما عرفت من المقال، حتى ينام مضطجعاً، يعني ما فيه إلا إذا اضطجع "وبه يقول الثوري وابن المبارك وأحمد" والحديث فيه لا يجب إلا على من نام مضطجعاً استدلالاً بهذا الحديث والحديث مضعف، ضعيف كما سمعنا، استدلوا على ذلك بحديث ابن عباس المذكور وفيه ما عرفت من المقال، لكن قال الشوكاني في النيل: والمقال الذي فيه منجبر بما له من الطرق والشواهد، ورجح هذا المذهب، يعني ما فيه إلا إذا اضطجع، أما إذا كان جالساً أو قائماً لا ينقض الوضوء، ويقاس على الاضطجاع يعني من باب أولى إن كان ساجد فإنه ينقض من باب أولى؛ لأن خروج الريح أسهل من خروجها من المضطجع.
"قال: وقال بعضهم: إذا نام حتى غلب على عقله وجب عليه الوضوء، وبه يقول إسحاق" يعني إذا كان لا يعرف ما يدور حوله فهذا مظنة أن يخرج منه ما يخرج وهو لا يشعر.
وعن إسحاق قول آخر وهو أن النوم حدث ينقض الوضوء قليله وكثيره، فمجرد ما يصح أن يقال: نام فلان فإن وضوءه قد انتقض، ونقله ابن المنذر عن بعض الصحابة والتابعين من المصير أن النوم حدث، يعني مثل ما قال إسحاق لعموم حديث صفوان بن عسال: "إلا من غائط أو بول أو نوم" فسوى بينها في الحكم بين الغائط والبول والنوم، والغائط ينقض قليله وكثيره، والبول ينقض قليله وكثيره، فكذلك النوم قليله وكثيره ناقض، لكن في الباب ما يدل على أنه ناقض، وفي الباب ما يدل على أنه غير ناقض، لكن لم يرد في البول والغائط ما يدل على أنه ناقض وما يدل على أنه ليس بناقض لنحتاج أن نفرق بين الصور، وما دام ثبت في النوم ما يدل على أنه ناقض، وثبت فيه ما يدل على أنه ليس بناقض لا بد من حمل النقض على حالات، وعدم النقض على حالات.
"وقال الشافعي: من نام قاعداً فرأى رؤيا أو زالت مقعدته لوسن النوم فعليه الوضوء" فعليه الوضوء، والوسن هو السنة، والمراد به: أول النوم، والهاء عوضاً عن الواو، أصله وسن، فعوِّض عن الواو الهاء فصارت سنة.
في فتح الباري للحافظ ابن حجر: "وقيل: لا ينقض نوم غير القاعد مطلقاً، وهو قول الشافعي في القديم، وعنه التفصيل بين خارج الصلاة فينقض أو داخلها فلا، وفصّل في الجديد بين القاعد المتمكن فلا ينقض وبين غيره فينقض".
على كل حال المقرر عند أهل العلم أن النوم مظنة للنقض، وباعتبار اطراد هذه المظنة هذه المظنة مطردة، يعني كثير من النوام يخرج منهم ما يخرج وهم لا يشعرون، جعلت المظنة موضع المئنة، يعني موضع الحقيقة وإلا فالأصل أنه متوضئ بيقين، والناقض متيقن وإلا مشكوك فيه؟ مشكوك فيه، واليقين لا يزال بالشك، لكن هذا الشك بمثابة اليقين، والداعي لمثل هذا وجود النص، وإلا لو لا النص الذي يدل على أن النوم ناقض لاستصحبنا الأصل وهو الطهارة، القاعدة التي دل عليها الحديث السابق وقرأنا شيئاً من فروعها في الأشباه يرد عليها مثل هذا، لكن هذا خرج بالنص، ويرد عليها: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً، فإنه لا يدري أين باتت يده» الآن هو متيقن، نام بعد أن غسل يديه بالماء والصابون بعد الأكل فيده طاهرة بيقين، فلا يجوز له أن يغمسها في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً والطهارة متيقنة، وعلة المنع مشكوك فيها «فإنه لا يدري أين باتت يده» العلة مشكوك فيها، ما يدري، فكيف يؤمر بغسلها وهي طاهرة، واحتمال تغيرها وانتقالها من الطهارة إلى غيرها مشكوك فيه، هل نقول: لأنها تنجست؟ ولهذا لو جزمنا بأنها ما طرأ عليها شيء، غسلها بالماء والصابون ثم أدخلها بكيس وربطها بمكان بحيث لا تمر على شيء فيه نجاسة، هل نقول: إن العلة ارتفعت وإلا نقول: العلة تعبدية والله أعلم إنما علينا أن نمتثل ما أمرنا به ولو خرج عن القاعدة؟ نعم؟ المسألة تعبدية، ويكون مثل هذا الفرع قد خرج عن القاعدة بالنص، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"الطبعة المعتمدة هي طبعة أحمد عبيد، الطبعة الأولى هي المعروفة عند أهل العلم، وهي التي نعتمد عليها، والكتاب على كل حال فيه فوائد وفيه أيضاً يعني ما هو من أنفس كتب ابن القيم، ليس من أنفس كتب ابن القيم لكن يستفاد منه.
ذكرنا مراراً أن الشعر والنشيد ألقي بين..، أنشد بين يدي النبي -عليه الصلاة والسلام-، فإذا كان لفظه مباح ولم تصحبه آله وأدي على لحون العرب لا على لحون الأعاجم وأهل الفسق فإنه لا شيء فيه البتة، أما إذا كان لفظه فيه ما يمنع من أجله فإنه يمنع لذلك، يعني كما يمنع الكلام القبيح في النثر يمنع في الشعر، فمنعه لا لأنه نشيد، وإذا كان أداءه على لحون الأعاجم وأهل الفسق منع من أجل ذلك، وإذا صحبته آلة فالآلات ممنوعة، وإذا كان تجميع الأصوات الذي يتذرعون به الآن ويقولون: إن هذا مجرد أصوات مجتمعة وليس بآلات إذا أدى في الإطراب ما تؤديه الآلات أخذ حكمها، أخذ حكم الآلات.
نعم يستفيد منه الطالب المبتدئ والمتوسط، والشيخ -رحمه الله- زين الكتاب باجتهاداته وآرائه، والنقول عن اللجان والمجامع الفقهية.
هذا له أشرطة بينت فيها كيفية التعامل مع كتب أهل العلم المطولة والمختصرة.
لا، عليك أن تعيد الصلاة.
الصلاة بين السواري والأعمدة مكروهة، ولكن إذا دعت الحاجة إلى ذلك ما في المسجد مكان ضاق المسجد ووجد بين السواري من يستوعب بعض المصلين لا بأس به -إن شاء الله تعالى-، فالكراهة تزول بأدنى حاجة.
نعم هذه كلها لها ما يدل عليها من السنة، إلا أن بين كل درجتين مثل ما بين السماء والأرض.
لا يجوز، فالقرآن لا يمسه إلا طاهر، {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [(79) سورة الواقعة] والمرجح أن الآية في الملائكة، وشيخ الإسلام يستدل بالآية وإن كانت في الملائكة على أن البشر لا يمسه منهم إلا طاهر؛ لأنه إذا منع الملائكة من مسه إلا بطهارة فلأن يمنع غيرهم من باب أولى.
أي دراسة متن آخر من كل فن، وهكذا علماً بأن يعيب الطريقة الأولى أنها تبعث أحياناً على الملل، ويعيب الطريقة الثانية أنها تبعث على اليأس؛ لأن الطالب قد يمضي من عمره عدة سنين وهو يشعر أنه لم يحصل له أي شيء على الإطلاق؟
هذا ذكرناه مراراً أن الأصل أن تكون العلوم متواكبة، يقرأ في كل وقت من أوقاته في فن من الفنون، وتتكامل لديه الرؤية والصورة في مرحلته الأولى، في مرحلة المبتدئين، ثم المتوسطين، ثم المتقدمين، لكن بعض الناس إذا قرأ في أكثر من كتاب يتشتت ولا يستوعب، فنقول له حينئذٍ: إلزم هذا الكتاب حتى تفرغ منه، ثم انتقل إلى الكتاب الآخر.
لا يكون هذا عادة ولا ديدن، والإمام إذا رأى ما ينكر، أو رأى ما يستحق التنبيه في أي مناسبة كانت نبه، كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يستغل المناسبات في بيان ما يحتاج إلى بيانه، وأما اتخاذ ذلك عادة وديدن فلا.
الأصل أنه إذا ثبت الخبر لزمنا العمل به، سواءً عرفنا الحكمة أو لم نعرفها، والحكمة ظاهرة في كلام أهل العلم أن المتوضئ يستحضر في خاطره وفي باله المرأة التي استعملت هذا الماء فينشغل بها، وقد يسترسل في ذلك فيخرج منه شيء، المقصود أن مثل هذه الحكم التي ذكروها وإن لم تثبت الحكم ثابت، على أن النهي إنما هو للتنزيه لا للتحريم.
إذا أصيب بمصيبة فعليه أن يحمد الله -جل وعلا- ويسترجع، وقد أخبر ابن عباس بوفاة ابنة له وهو في سفر على دابته، فاجتنب الطريق، ونزل عن الدابة وقال: الحمد لله إنا لله وإنا إليه راجعون، وصلى ركعتين، وتلا قول الله -جل وعلا-: {اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ} [(153) سورة البقرة] فمثل هذه لا شك أنها تعينه على الصبر.
لا، تحتاج إلى أربع سنوات، ما تحتاج إلى ثمان.
فهل هذا يعتبر من ضياع الأوقات أم هو من العلم الذي يؤجر عليه؟
أنا عندي حفظ التقريب مجرداً نفعه أقل مما لو قرن بالأحاديث، يعني تبدأ بالبخاري، وتستخرج رجاله من التقريب، وتعلق على إسناد الحديث، وتردد هذا التعليق حتى تحفظه مقروناً بالحديث الذي يرويه، هذه هنا تكون الفائدة أكبر وأعظم، وإذا نظرت إلى ما قاله الشراح في هذا الراوي وجدت عندهم ما ليس في التقريب، وعندهم من الطرائف مما يشجع على استمرار القراءة، يعني لو قرأت في تراجم النووي لبعض الرواة، تراجم الكرماني وجدت إلى أن نفسك بحاجة إلى المزيد من النظر في الأسانيد، وعلى كل حال ضياع العمر في العلم وطلبه هذا ليس من ضياع الوقت، وإنما هو من حفظ الوقت.
وإذا قلنا: إنه لا يشمل الكبائر فقد صرفنا ظاهر الحديث عن معناه الحقيقي لأنه لا يمكن أن يوصف بالمولود إلا الذي ليس عليه ذنوب نريد جواباً مفصلاً إذا كنتم ترون أن المغفرة لا تشمل الكبائر؟
هذا الحديث: «من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» معناه أن من اتصف بالتقوى كفرت ذنوبه، اتصف بالتقوى، من تمام التقوى التوبة من الذنوب، وفي هذا المعنى قول الله -جل وعلا-: {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [(203) سورة البقرة] بهذا الشرط، فكونه يرجع كيوم ولدته أمه من لازمه أن يتقي الله -جل وعلا- كما في الآية، والآية يفهمها كثير ممن يقرأها على غير معناها الصحيح {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [(203) سورة البقرة] فلمن اتقى يشمل المتعجل والمتأخر، فمن اتقى لا إثم عليه سواءً كان متعجلاً أو متأخراً، يعني يرتفع عنه الإثم، فيرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه بهذا القيد {لِمَنِ اتَّقَى} المنصوص عليه في الآية، فإذا قرنَّا الحديث ومعناه هو معنى الآية قلنا: إن هذا خاص بمن اتقى، فمن اتقى الله -جل وعلا- لم يرتكب كبيرة، وإن كان قد ارتكبها سابقاً فيوفق للتوبة منها، هذا إذا تحققت فيه التقوى، ولا يتم التكفير إلا لمن اتقى، فلا إثم عليه، لا يرتفع إثمه إلا إذا تحقق فيه الشرط وهو التقوى.
بعض الناس يفهم أن {لِمَنِ اتَّقَى} خاص بمن تأخر، وأن التأخر أقرب للتقوى هذا الكلام ليس بصحيح، إنما يعود للأمرين جميعاً، من تعجل فلا إثم عليه، يعني يرتفع عنه إثمه، فيكون الحج كفارة لذنوبه، شريطة أن يتقي الله -جل وعلا-، ومن تأخر فلا إثم عليه يرتفع عنه الإثم الذي ارتكبه سابقاً شريطة أن يكون قد اتقى الله -جل وعلا-، فلا بد من أن تؤخذ النصوص متكاملة، علماً بأن الذي لا يتقي الله -جل وعلا- لن يوفق من ترك الرفث والفسوق، الذي لا يتقي الله -جل وعلا- فإنه لن يوفق، والتجربة شاهدة بذلك، كثير من الناس يقول: الحج الآن أربعة أيام، أحج بمفردي ولا أختلط بأحد، ولا أتكلم بكلام لا يرضي الله -جل وعلا-، وأستغل هذا الوقت للعبادة المحضة بحيث لا يفوتني من الوقت شيء، نقول: إذا كان عمرك كله مشغول بالقيل والقال لن توفق لمثل هذا.
لا، المقصود بها الطبقة، وأما المرتبة فهو صدوق، صدوق يعني من المرتبة المتوسطة.
على كل حال هذا ليس محل اتفاق، والفتوى الآن قائمة على التقويم، وكون بعض طلاب العلم يخرجون إلى الأماكن خارج البلدان، ويتحرون ذلك، ويقرر بعضهم أن التقويم متقدم ما زالت الفتوى على التقويم، لا زالت الفتوى على التقويم، لكن مع ذلك مع كثرة ما يثار وبعض من انتدب لهذا الأمر من الثقات أهل المعرفة، لكن ما دامت الفتوى على التقويم فلا شيء على من صلى عليه، لكن الأفضل والأحوط أن لا يصلي إلا بعد مضي وقت كاف، المساجد تقيم الصلاة حسب النظام بعد مضي خمس وعشرين دقيقة، يعني لو زاد خمس دقائق وأقام الصلاة بعد نصف ساعة ونبه على من كان يصلي في بيته أن يتأخر من باب الاحتياط كان أولى وأبرأ للذمة، نعم؟
طالب:.........
اللي هو إيش؟
طالب:.......
الشيخ ابن باز -رحمة الله عليه- في سنة سبع عشرة وثمان عشرة، ندب لجنة تخرج ترقب التوقيت وقرروا أنه على التقويم ونشر هذا في الصحف، وأكد الشيخ ما في التقويم -رحمه الله-، وما زالت الفتوى عليه، وإن كان الذين يشككون في الأمر أهل ثقة ومعرفة أيضاً أهل خبرة يعرفون، فلا شك أن كلامهم يوجد في النفس شيء مما في التقويم، لكن يبقى أن ما دامت الفتوى عليه فالذمة تبرأ به.
أوقات النهي الخمسة منها وقتان موسعان بعد صلاة الصبح أو من طلوع الفجر حتى تطلع الشمس هذا موسع، ومن طلوعها حتى ترتفع هذا مُضيق، ومن حين يقوم قائم الظهيرة -كما في الحديث- إلى أن تزول هذا مضيق، ومن صلاة العصر إلى أن تتضيف الشمس إلى الغروب هذا موسع، ومن تضيفها للغروب إلى غروبها هذا مضيق، فالأوقات الثلاثة هي التي يمنع فيها الدفن والصلاة على الميت.
هو إن كان يستلم المقابل في مقابل الصلوات يستلم المكافئة في مقابل الصلاة وأنها أجرة له فتحرم عليه من الأصل، لا يجوز له أخذها، وإن كان يأخذها جعلاً من بيت المال فالأمر فيه أخف، فإذا تخلف تخلفاً جرت العادة به بين الأئمة بما فيهم المشايخ وأهل العلم فهذا لا يلام؛ لأن كل إنسان له ظروفه، وليست هذه وظيفة بحيث يعاتب عليها، ويحاسب على الفرض أو على الركعة كما يقوله بعضهم أبداً؛ لأنه إذا اعتبرها وظيفة والراتب الذي يأخذه أجرة على صلواته حرم عليه أخذه؛ لأن الصلاة عبادة محضة لا يجوز أخذ الأجرة عليها، وكذلك الأذان إنما إذا قلنا: إنه أجر مقرر أو جعل مقرر من بيت المال فهذا لا يضر -إن شاء الله تعالى-، على أن لا يكثر ذلك لكن إذا فاضل بين أن يصلي مثلاً العصر بجماعته أو يحضر الدرس من أوله؟ هل نقول: يصلي بجماعته وإلا يحضر الدرس؟ لا سيما وأن العصر لا تشق الإنابة فيه على أحد بخلاف المغرب والعشاء والفجر تشق على المأمومين، يعني أن ينوبوا عنه، فمثل هذا تحصل فيه الموازنة، والأمر فيه سعة -ولله الحمد-، لكن يبقى أن تضييع المسجد بعد أن التزم به لا يجوز بحال، أو يسافر مدة طويلة ويترك الناس بغير خليفة له لا يجوز، وأما بالنسبة للأسفار التي يحتاج إليها على أن ينيب غيره هذا يفعلون، المشايخ كلهم يفعلون هذا، كلهم يسافرون ينتابهم أمور وينيبون غيرهم، والله المستعان، نعم؟
طالب:.......
لا الوظائف ما يجوز، الوظائف لا يجوز إطلاقاً، اتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً، لا، يأثم إذا اتخذها على أنها وظيفة، أما كون ولي الأمر يرى من المصلحة أن يزيد في هذا الجعل، وفي هذه المكافئة ليتفرغ الناس لهذا الأمر، وينفعوا المأمومين أكثر هذا له حظ من النظر -إن شاء الله-.
الممنوع في مثل هذه الحالة ما يضر بصاحب الحقوق الذي خسر الأموال على إنتاج هذا الشريط أو الكتاب لا يجوز ما يضر به، وهذا في الطبع العام، أما في تصوير باب من الكتاب أو نسخ نسخة من الشريط، أو تصوير الكتاب كاملاً لشخص لم يجده في الأسواق واحتاج إليه فمثل هذا لا يضر بالناشر، إنما يضر به من طبعه طبعة عامة يتداولها الناس، الطبعات المستقرة للكتب فهذا لا يجوز بحال، حتى يستوفي حقه، فإذا استوفى حقه بدأ بالأرباح صار حكمه كحكم غيره.
حتى توضع، يعني إذا وضعت في القبر كما جاء في بعض الأخبار أنه يكفي، لكن تمام الأمر في.. إذا تم الدفن وشاركت فيه فلا شك أن هذا لا خلاف بين أهل العلم أنك تستحق القيراط المرتب على ذلك.
وهل الثوب على الميت سنة ثابتة؟
النبي -عليه الصلاة والسلام- لما غسل وكفن سجي ببرد حبرة.
«إنما الأعمال بالنيات» لا بد أن تنوي بذلك امتثال ما أمره الله به من القرار في البيت، وخدمة الزوج، ومن تربية الأولاد، فإذا نوت ذلك واستصحبته ولو غفلت عنه أحياناً فأجرها ثابت -إن شاء الله تعالى-.
شيخ الإسلام كلامه في الرافضة ورده عليهم في غاية القوة في المنهاج، وذكر كثير من الأمور التي تقتضي كفرهم عند من بلغته الحجة، وإن كان يرى أن عوامهم لهم أحكام المنافقين، والتزاوج منهم لا سيما مع من خفي حاله منهم، وأنه لا يقول بالمكفرات الواضحة ولا يدرى عن حقيقته، إلا أن البعد عن هؤلاء لا شك أنه هو القول الصائب الراجح عند أهل العلم، وإن كانت عوامهم الذين لم تبلغهم الدعوة، هؤلاء لهم حكم يختلف عن حكم من بلغتهم الدعوة من رؤوسهم وأئمتهم فمن يقول: يا حسين، يا علي، يشرك الشرك الأكبر، هذا لا يجوز الزواج منه؛ لأنه مشرك، والمشركة لا يجوز نكاحها من قبل المسلمين، يجوز نكاح الكتابية اليهودية والنصرانية لكن المشركة لا يجوز بحال.
على كل حال إذا صلى في المسجد وتقدم الكلام فيه إذا صلى في المسجد من غير هذا المسجد ثم حضر والصلاة مقامة يصلي معهم، وتكون له حينئذٍ نافلة، لكن إذا كان يعرف أنهم في التشهد الأخير، وإذا قضى أربع ركعات أو ثلاث ركعات فاتته صلاة الجنازة مثل هذا لا شك أن المحافظة على صلاة الجنازة أولى من الصلاة مع الجماعة وإن كانت نافلة.
إيش معنى زيارة قبر الرسول؟ يعني معناه أنها تفتح الباب وتدخل للقبر أو من وراء السور؟ من وراء الجدران الثلاثة؟ هذه ليست زيارة، كما لو مرت بجوار مقبرة من الشارع، ولا يمكن أن تمكن، لكن إن مكنت من زيارته وفتح لها الباب وتقف على القبر: «لعن الله زوارات القبور» وكذلك زيارة البقيع.
وجبل أحد لا شك أنه مثار فتنة للزوار إذا كانوا يقصدون بذلك التبرك أو خشية أن يقتدى بهم ممن يزوره لأجل هذا، أما الزيارة المجردة باعتبارها معلم من معالم البلد أو المدينة أو أنه وقعت في هذه الوقعة من غير أن يتقرب إلى الله -جل وعلا- بشيء من ذلك، أو يتعبد له بشيء من هذا فلا مانع -إن شاء الله تعالى-.
الأصل أن كل فقار يعود إلى مكانه فيكون مستقراً حيث وضع ولا يحرك، لا يحرك إلا في موضع التحريك، في التشهد وما عدا ذلك تبقى اليد اليسرى مقبوضة باليمنى على الصدر، ولا تُحرك، وعلى الركبتين في الركوع، أو على الفخذين في الجلسة بين السجدتين، ولا تحريك إلا في التشهد.
عليك أن تبر بوالديك، وإذا كان برهما لا يتم إلا بمراعاة أختك، والحنو عليها، والنظر في خاطرها، وقضاء حوائجها فهذا من تمام البر، فعليك أن تسعى في إرضاء الجميع، كما أن عليك ألا تهمل حقوق زوجتك.
في كتاب في خمسة مجلدات اسمه أعلام النساء، وفي أيضاً كتاب (الدر المنثور في تراجم وطبقات ذوات الخدور) في مجلد كبير مطبوع من أكثر من مائة سنة، وصور مراراً، وهذا فيه تراجم، وفيه فوائد، وقد يترجمون لبعض من عندهن شيء من المخالفات أو البدع؛ لأن الكتب تجمع، وكتب التراجم كتب الرجال في الحديث وغيره يفردون النساء، يعني النساء لهن حض ونصيب من كتب التراجم.
إيش؟ والله ما أدري البخاري، سمير وإلا صحيح، الخط مثل ما ذكرنا سابقاً هذا خط الأخ رديء يحتاج إلى أن يتعلم الخط والإملاء ليستفيد ويستفاد من كتابته.
على كل حال تعليق الشيخ أحمد شاكر على الجامع الصحيح إن كان المراد به الترمذي كما سماه وسماه غيره فتعليقه من أنفع ما يكون لطالب العلم، ومن أدق المحققين على الإطلاق، ومقدمته لتحقيقه على كتاب الرسالة للإمام الشافعي مثال يحتذى في التحقيق.
هذا لا يمنع هذا، فأنت إذا سمعت أو قرأت على مُجوِّد ثم ضبط التجويد وحفظت القدر الذي قرأته على هذا الشيخ يتم لك هذا مع هذا، وإذا كنت تريد حفظه بمفردك؛ لأنك بذهابك إلى الشيخ يضيع عليك شيء من الوقت مع أن هذا ليس بضياع، كونك تحفظ على مجود أفضل، وأما إن قلت: إني أتقن القرآن على طريقتنا في هذه البلاد وغيرها، يعني قراءة مجزئة ومؤثرة -ولله الحمد-، لكنها ليست على قواعد التجويد في الجملة يعني حفظ شيوخنا ليس على قواعد التجويد بدقة، فالحفظ على هذه الطريقة كاف -ولله الحمد-، لكن إذا سمعت أشرطة المجودين، وضبطت أحكام التجويد لا شك أنه أتم خروجاً من الخلاف.
ما هي أسباب إجابة الدعاء؟
أسباب إجابة الدعاء: أولاً: لا بد من بذل الأسباب وانتفاء الموانع، والنظر إلى الموانع أشد؛ لأنه لو بذلت الأسباب كلها، ومع ذلك وجد مانع من الموانع لم تقبل.. يستبعد أن يستجب الله -جل وعلا-، النبي -عليه الصلاة والسلام- ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء، هذه كلها من أسباب الإجابة، يقول: يا رب يا رب، يدعو بهذا الاسم من الأسماء الحسنى، ومع ذلك يقول فيه أهل العلم: إنه أولى ما يدعى به، وإذا كرره الإنسان خمس مرات حري بالإجابة، لكنه وجد المانع «ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام فأنى يستجاب له» استبعاد! وكثير من المسلمين متورط في هذا الأمر، إما في مسائل البيع والشراء، أو الوظيفة التي لا يبرئ ذمته منها، أو الدخول في أمور ومساهمات فيها شبهات، كل هذه من الموانع، فعلى الإنسان أن يحرص على انتفاء الموانع، ثم إذا انتفت هذه الموانع يأتي بالأسباب من تحين أوقات الإجابة، وبالدعاء المأثور ولا يدعو بإثم ولا قطيعة رحم، ويجتنب السجع، ويجتنب الاعتداء بالدعاء، ويرفع يديه، ويبتهل إلى الله -جل وعلا- مقدماً التعظيم لله -جل وعلا- والصلاة على نبيه -عليه الصلاة والسلام-، وحينئذٍ ترجى الإجابة.
وما هي علامات حسن وسوء الخاتمة؟
على كل حال من عمل صالحاً وجده، ومن عمل سيئة وجدها إلا أن يتجاوز الله -جل وعلا- عنها، في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة، لكن إن وجد بياض في الوجه، أو ختم له بكلمة التوحيد، فهذه من علامات حسن الخاتمة، وإن وجد خلاف ذلك فهي من علامات سوء الخاتمة، ولا يقطع لأحد لا بجنة ولا نار، وإنما نرجو للمحسن، ونخاف على المسيء.
وهل صحيح أن من يموت في يوم الجمعة يوقى من عذاب القبر؟
جاء الخبر بذلك.