تعليق على تفسير سورة البقرة (53)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

"بسم الله الرحمن الرحيم.

 الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

 قال الإمام ابن كثير –رحمه الله تعالى-: "قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}[البقرة: 158]، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْهَاشِمِيُّ، قال: أنبأنا إبراهيم بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَ".

ماذا عندك؟

طالب: .....

 أخبرنا إبراهيم.

"قال: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَ: قُلْتُ: أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} قُلْتُ: فَوَاللَّهِ مَا عَلَى أَحَدٍ جُنَاحٌ أَنْ لَا يَطَّوَّفَ بِهِمَا؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: بِئْسَمَا قُلْتَ يَا ابْنَ أُخْتِي، إِنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَلَى مَا أَوَّلْتَهَا عَلَيْهِ كَانَتْ: فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَلَّا يَطَّوَفَ بِهِمَا، وَلَكِنَّهَا إِنَّمَا أُنْزِلَتْ أَنَّ الْأَنْصَارَ كَانُوا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا كَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ التِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا عِنْدَ الْمُشَلَّلِ. وَكَانَ مَنْ أَهَلَّ لَهَا يَتَحَرَّجُ أَنْ يَطَّوَّفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَسَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا كُنَّا نَتَحَرَّجُ أَنْ نَطَّوَّفَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ قَدْ سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الطَّوَافَ بِهِمَا، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَعَ الطَّوَافَ بِهِمَا. أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ".

الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،

 في هذا الحديث الصحيح المخرّج في البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم، عروة بن الزبير فَهِم من قوله -جل وعلا-: {فَلَا جُنَاحَ} فلا جناح وهذا رفع للجناح الذي هو الإثم، {أَنْ يَطَّوَّفَ} هذا فهمه، وأن الآية تدل على الطواف بينهما غير لازم، ولا حرج فيمن ترك السعي، لكن فقه عائشة -رضي الله عنها- ردّت عليه، وقالت: لو كان الأمر كما قلت لكان لفظ الآية: فلا جناح عليه ألا يطوف بهما، والجناح المرفوع الحرج الذي يجدونه في أنفسهم من السعي بينهما، بين الصفا والمروة، لمشابهته لسعيهم بين الصنمين، سواء كان الصنمان بوادي المشلل الذي بين مكة والمدينة، أو كان أحدهما على الصفا والآخر على المروة، كما جاء في بعض الأحاديث، فهم يتحرجون أن يسعوا بين الصفا والمروة؛ لمشابهته لسعيهم بين هذين الصنمين. فإن كان الصنمان على الصفا والمروة فلا شك أن الحرج شديد بالنسبة لهم، وإن كان بوادي المُشلل فالمشابهة موجودة، سعي بين صنمين وهذا سعي بين جبلين، فأنزل الله -جل وعلا- الآية؛ لرفع الحرج والجناح الذي يجدونه في أنفسهم من هذه المشابهة، يجدونه في أنفسهم من هذه المشابهة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- سعى بين الصفا والمروة، وأمر به: «اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي» وسعى بينهما، وقال: «خذوا عني مناسككم»، فما بقي مجال لفهم عروة كما ردت عليه أم المؤمنين -رضي الله عنها-.

"وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ، مَا كُنْتُ سَمِعْتُهُ، وَلَقَدْ سَمِعْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: إِنَّ النَّاسَ إِلَّا مَنْ ذَكَرَتْ عَائِشَةُ كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّ طَوَافَنَا بَيْنَ هَذَيْنَ الْحَجَرَيْنِ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَقَالَ آخَرُونَ مِنَ الْأَنْصَارِ: إِنَّمَا أُمِرْنَا بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَلَمْ نُؤْمَرْ بِالطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: فَلَعَلَّهَا نَزَلَتْ فِي هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ.

وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ. ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ".

ما عندك: ثم قال البخاري؟

"قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا عَنِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ قَالَ: كُنَّا نَرَى ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ أَمْسَكْنَا عَنْهُمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}. وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتِ الشَّيَاطِينُ تُفَرِّقُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ اللَّيْلَ كُلَّهُ، وَكَانَتْ بَيْنَهُمَا آلِهَةٌ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عَنِ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَ إِسَافٌ عَلَى الصَّفَا، وَكَانَتْ نَائِلَةُ عَلَى الْمَرْوَةِ، وَكَانُوا يَسْتَلِمُونَهُمَا فَتَحَرَّجُوا بَعْدَ الْإِسْلَامِ مِنَ الطَّوَافِ بَيْنَهُمَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.

قُلْتُ: وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي كِتَابِ السِّيرَةِ أَنَّ أُسَافًا وَنَائِلَةَ".

إسافًا، إسافًا.

طالب: بالكسر؟

نعم.

"أن إسافًا ونائلة كَانَا بَشَرَيْنِ، فَزَنَيَا دَاخِلَ الْكَعْبَةِ فَمُسِخَا حَجَرَيْنِ، فَنَصَبَتْهُمَا قُرَيْشٌ تُجَاهَ الْكَعْبَةِ؛ لِيَعْتَبِرَ بِهِمَا النَّاسُ، فَلَمَّا طَالَ عَهْدُهُمَا".

عُبِدَا.

"فَلَمَّا طَالَ عَهْدُهُمَا عُبِدَا، ثُمَّ حُوِّلَا إِلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَنُصِبَا هُنَالِكَ، فَكَانَ مَنْ طَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَسْتَلِمُهُمَا، وَلِهَذَا يَقُولُ أَبُو طَالِبٍ، فِي قَصِيدَتِهِ الْمَشْهُورَةِ:

وَحَيْثُ يُنِيخُ الْأَشْعَرُونَ رِكَابَهُمْ

 

لِمَفْضَى السِّيُولُ مِنْ إِسَافِ وَنَائِلِ

 

وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ، وَفِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ بِالْبَيْتِ، عَادَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ بَابِ الصَّفَا، وَهُوَ يَقُولُ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}، ثُمَّ قَالَ: «أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ». وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ: «ابْدَؤوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ». وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُرَيْجٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ"

«ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ»، «ابْدَءؤوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» يدل على البداءة بالصفا قبل المروة، والثاني يبدأ من المروة، وهكذا حتى ينتهي بالمروة، وأن من بدأ بالمروة قبل الصفا سقط الشوط الأول، ويأتي ببدله، حتى يبدأ بالصفا وينتهي بالمروة.

طالب:...

إيش الذي يمنع، قالها النبي -عليه الصلاة والسلام- فتقال.

طالب: بعضهم يقول قالها من باب التعليم.

كونه -عليه الصلاة والسلام- بدأ والمقتدي به يبدأ، وهو أيضًا تلفظ بها فيتلفظ بها المقتدي ما فيه ما يمنع.

طالب:...

الشوط يُلغى، الشوط الأول يلغى، فيبدأ بالصفا فينعقد من الصفا.

" وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُرَيْجٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُؤَمَّلِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي تَجْرَاةَ قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَالنَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهُوَ وَرَاءَهُمْ، وَهُوَ يَسْعَى حَتَّى أَرَى رُكْبَتَيْهِ مِنْ شِدَّةِ السَّعْيِ يَدُورُ بِهِ إِزَارُهُ، وَهُوَ يَقُولُ: «اسْعَوْا، فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ». ثُمَّ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قال: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ وَاصِلٍ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، أَنَّ امْرَأَةً أَخْبَرَتْهَا أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَقُولُ: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيُ، فَاسْعَوْا». وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ".

موسى بن عبيدة هو الربذي ضعيف عند أهل العلم.

"وَقَدِ اسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى أَنَّ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رُكْنٌ فِي الْحَجِّ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ، وَرِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ. وَقِيلَ: إِنَّهُ وَاجِبٌ، وَلَيْسَ بِرُكْنٍ فَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا جَبَرَهُ بِدَمٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَبِهِ يقُولُ طَائِفَةٌ، وَقِيلَ: بَلْ هو مُسْتَحَبٌّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَابْنُ سِيرِينَ، وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَحُكِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ".

نعم العُتبية كتاب مشهور عنده. البيان والتحصيل ما هو بشرح العتبية؟

طالب: هنا مقدم الياء.

ماذا؟ لا ما هي عتيبة، العتبية مشهور عند المالكية من متونهم المشهورة القديمة، لكن البيان والتخصيل لابن رشد ما هو بشرح العتبية؟ نعم؟ شرح العتبية، نعم.

"قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا}".

الآن الحنفية حينما يستدلون بالآية على عدم وجوب السعي من قوله: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ} ويوجبون قصر الصلاة مع أنه جاء فيه: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ}، لماذا لا يقولون في هذا مثل ما قالوا في السعي؟ مع أن السعي جاء فيه ما هو أقوى مما جاء في قصر الصلاة.

"وَقِيلَ: بَلْ مُسْتَحَبٌّ. وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَرْجَحُ؛ لِأَنَّهُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- طَافَ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ: «لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ». فَكُلُّ مَا فَعَلَهُ فِي حَجَّتِهِ تِلْكَ وَاجِبٌ لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهِ فِي الْحَجِّ، إِلَّا مَا خَرَجَ بِدَلِيلٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «اسْعَوْا فَإِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ السَّعْيَ». فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الطَّوَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ، أَيْ: مِمَّا شَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى لِإِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ فِي مَنَاسِكِ الْحَجِّ.

 وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ مَأْخُوذٌ مِنْ تَطْوَافِ هَاجَرَ وَتَرْدَادِهَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي طَلَبِ الْمَاءِ لِوَلَدِهَا، لَمَّا نَفِدَ مَاؤُهَما وَزَادُهَما حِينَ تَرَكَهُمَا إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- هُنَالِكَ، ولَيْسَ عِنْدَهُمَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، فَلَمَّا خَافَتِ الضَّيْعَةُ عَلَى وَلَدِهَا هُنَالِكَ، وَنَفِدَ مَا عِنْدَهَما قَامَتْ تَطْلُبُ الْغَوْثَ مِنَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، فَلَمْ تَزَلْ تَتَرَدَّدُ فِي هَذِهِ الْبُقْعَةِ الْمُشَرَّفَةِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ مُتَذَلِّلَةً خَائِفَةً وَجِلَةً مُضْطَرَّةً فَقِيرَةً إِلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، حَتَّى كَشَفَ اللَّهُ كُرْبَتَهَا، وَآنَسَ غُرْبَتَهَا، وَفَرَّجَ شِدَّتَهَا، وَأَنْبَعَ لَهَا زَمْزَمَ التِي مَاؤُهَا طَعَامُ طَعْمٍ، وَشِفَاءُ سُقْمٍ، فَالسَّاعِي بَيْنَهُمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَحْضِرَ فَقْرَهُ وَذُلُّهُ وَحَاجَتَهُ إِلَى اللَّهِ فِي هِدَايَةِ قَلْبِهِ وَصَلَاحِ حَالِهِ وَغُفْرَانِ ذَنْبِهِ، وَأَنْ يَلْتَجِئَ إِلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-؛ لِيُزِيحَ مَا بِهِ مِنَ النَّقَائِصِ وَالْعُيُوبِ، وَأَنْ يَهْدِيَهُ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَأَنْ يُثَبِّتَهُ عَلَيْهِ إِلَى مَمَاتِهِ، وَأَنْ يُحَوِّلَهُ مِنْ حَالِهِ الذِي هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي، إِلَى حَالِ الْكَمَالِ وَالْغُفْرَانِ وَالسَّدَادِ وَالِاسْتِقَامَةِ، كَمَا فَعَلَ بِهَاجَرَ -عَلَيْهَا السَّلَامُ-".

طالب:...

الذي هو الركنية الركنية.

طالب:...

من هو؟ أين قال واجب؟

طالب:...

يشتركان، الوجوب والركنية يشتركان في المعنى الأعم، لكنه نصّ على أنه ركن، القول الأول وقد استدل بهذا الحديث على مذهب من يرى أن السعي بين الصفا والمروة ركن، ثم قال: والقول الأول أرجح هذا هو قوله.

قصة أم إسماعيل طلبها الغوث مرّت بأحاديث متعددة الأسانيد، ومنها ما هو في الصحيحين وغيرهما، ومضى الكلام عليها هناك، وأشرنا إلى أنه، إلى أن السعي الذي هو الشدة والإسراع في الجري كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يفعل في الحديث السابق، وأن رداءه أو إزاره يدور فوق ركبتيه -عليه الصلاة والسلام- من شدة السعي، فعله -عليه الصلاة والسلام- هو الأصل في تقرير المسألة، لكن السعي كله إنما مبدؤه من سعي هاجر أم إسماعيل، والعلماء كما قرروا ذلك أن المرأة لا تسعى، ما معنى ما تسعى؟ ما تُسرع سرعة شديدة، بخلاف الرجل؛ للمحافظة على ستر عورتها، وإن كان أصل المشروعية بدأ من فعل امرأة، ولذا الشوكاني كأنه يميل إلى أنها إذا لم تكن بحضرة رجال أنها تسعى سعيًا شديدًا كما كانت أم إسماعيل تسعى، والعلماء يطلقون أن المرأة الأصل فيها الستر، وأن السعي الشديد يكشف كما كان إزاره -عليه الصلاة والسلام- يكشف عن ركبتيه، فلا يُشرع في حق المرأة، والمحافظة على سترها أولى من المحافظة على هذه السُّنَّة.

طالب:...

أين؟

طالب:...

نفد عندي، نفد، ونفد ما عندهما، نفد. نفس الطبعة التي مع الشيخ؟

"وَقَوْلُهُ: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} قِيلَ: زَادَ فِي طَوَافِهِ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْوَاجِبِ ثَامِنَةً وَتَاسِعَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَقِيلَ: يَطُوفُ بَيْنَهُمَا فِي حَجَّةِ تَطَوُّعٍ، أَوْ عُمْرَةِ تَطَوُّعٍ".

من المعلوم أن السعي ما فيه تطوع، ليس فيه تطوع عند أهل العلم، فلا يُشرع للإنسان أن يسعى في غير نُسُك، فما معنى قوله -عز وجل-: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} بعضهم يقول: يزيد على السبع، ومعروف أن مثل هذه الزيادة على القدر المحدد شرعًا يخرج العمل من السُّنَّة إلى البدعة، ولكن يطوع خيرًا يعتمر عمرًا، ويحج حجاتٍ يدخل فيها السعي، ويوجد فيها السعي التطوع، يشكل على هذا أنه إذا دخل في النسك لزمه إتمامه فلا يكون حينئذٍ تطوعًا، قيل: زاد في طوافه بينهما على قدر الواجب ثامنة وتاسعة ونحو ذلك، وقيل: يطوف بينهما في حجة تطوع أو عمرة تطوع، لكن إذا دخل في الحج أو في العمرة لزمه الإتمام، وصارت جميع أعماله واجبة، يأثم بتركها، وتلزمه الفدية ولو كان الحج تطوعًا أو العمرة تطوعًا بترك شيء من الواجبات.

 ولذا قيل: المراد تطوع خيرًا في سائر العبادات، ومثل هذا ما جاء في بعض الأذكار المحددة بمئة كالتهليل، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا من قال وزاد وزاد، قالوا: زاد على المئة مئة وعشرة، مئة وعشرين، مئة وثلاثين وهكذا، وقال بعضهم: زاد في المئات هذه مئة محددة، يليها مئة ثانية محددة، ومعلوم أن الأعداد المحددة شرعًا الزيادة عليها تُخرج العمل من السُّنَّة، يستثنى من ذلك ما استثني في قوله: «أو زاد» بعضهم يقول: إن الزيادة مطلوبة في جميع الأعمال الصالحة، «من قال: سبحان الله وبحمده مئة مرة حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر» لو قال مئة وعشرة أفضل من مئة؛ لأنه زاد وهكذا، والحديث في التهليل دليل على ذلك، لكن الاقتصار على موارد النصوص هو الأصل.

طالب: هل يجوز السعي ثامنة وتاسعة؟

لا؛ لأنه زيادة على ما جاء به النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"وَقِيلَ: يَطُوفُ بَيْنَهُمَا فِي حَجَّةِ تَطَوُّعٍ".

وخيرًا أعم من كونه سعيًا، من تطوع خيرًا نكرة في سياق الشرط فتعم الخير كله، ولذا القول الأخير تطوع خيرًا في سائر العبادات.

"وَقِيلَ: يَطُوفُ بَيْنَهُمَا فِي حَجَّةِ تَطَوُّعٍ، أَوْ عُمْرَةِ تَطَوُّعٍ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ تَطَوَّعَ خَيْرًا فِي سَائِرِ الْعِبَادَاتِ. حَكَى ذَلِكَ الرَّازِيُّ، وَعَزَى الثَّالِثَ إِلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ: {فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} أَيْ: يُثِيبُ عَلَى الْقَلِيلِ بِالْكَثِيرِ، {عَلِيمٌ} بِقَدْرِ الْجَزَاءِ فَلَا يَبْخَسُ أَحَدًا ثَوَابَهُ، وَ{لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}[النِّسَاءِ: 40].

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ. إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ. إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ} [159-162] هذا وعيد شديد لمن كتم ما جاءت به الرسل من الدلالات البينة على المقاصد الصحيحة والهدى النافع للقلوب، من بعد ما بيَّنه الله تعالى لعباده من كتبه التي أنزلها على رسله".

في كتبه.

"في كتبه التي أنزلها على رسله، قال أبو العالية: نزلت في أهل الكتاب، كتموا صفة محمد- صلى الله عليه وسلم-، ثم أخبر أنهم يلعنهم كل شيء على صنيعهم ذلك، فكما أن العالم يستغفر له كل شيء، حتى الحوت في الماء والطير في الهواء، فهؤلاء بخلاف العلماء فيلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون. وقد ورد في الحديث المسند من طرق يشد بعضها بعضًا، عن أبي هريرة وغيره أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من سئل عن علم فكتمه، ألجم يوم القيامة بلجام من نار»".

هذا إذا تعيَّن عليه، إذا تعيَّن عليه، وإذا كان في البلد من يكفيه أمر الفتيا فقد كان السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم يتدافعون الفتوى، يرد الوافد من خارج المدينة ويسأل الصحابة وكلٌّ يرده إلى الآخر، وليس هذا من كتم العلم؛ لأنه يوجد من يقوم بالواجب، أما إذا لم يوجد من يقوم بهذا الفرض، فرض الكفاية فيدخل في الحديث.

"والذي في الصحيح عن أبي هريرة أنه قال: لولا آية في كتاب الله ما حدثت أحدًا شيئًا: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} الآية. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا عمار بن محمد، عن ليث بن أبي سليم، عن المنهال بن عمرو، عن زاذان أبي عمرو عن البراء بن عازب قال: كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في جنازة، فقال: «إن الكافر يُضرب ضربة بين عينيه، فيسمع كل دابةٍ غير الثقلين، فتلعنه كلُّ دابة سمعت صوته، فذلك قول الله تعالى: {أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} يعني: دواب الأرض». ورواه ابن ماجه عن محمد بن الصباح عن عامر بن محمد به".

عن عمّار بن محمد، سبق في السند. عمار هو الدهني.

طالب: عن عامر عندنا.

ماذا عندك؟

طالب: عن عامر بن محمد.

لا هو عمار بن محمد الذي تقدم في السند، حدثنا حسين بن عرفة قال: حدثنا عمار بن محمد حتى عندك عمار بن محمد.

طالب:...

السند فيه ليث، لكن عمار هذا..

طالب:...

هو عمار ما فيه إشكال عمار في الموضعين هو هو، عمار بن محمد. عمار بن محمد إيش؟

طالب:...

الدهني، هو؟ ماذا؟ لا أنا أبغى أحدًا يبحث، معكم الآلات، وهذا موضع اختبار.

طالب:...

هو عمار في السند ما عندنا إشكال، حتى الذي عنده عامر في الموضع الثاني، وهو في الموضع الأول عمار قطعًا خطأ. ما أحد يشتغل؟ وجدت شيئًا؟

طالب:...

نعم، الجوالات الحديثة.

طالب:...

ما أبغي أبحث عن عامر، أنا ما عندي إشكال في كونه عمارًا، لكن أقول هل هو الدهني أم هو غيره؟ هذه الذي نسأل عنه، أنا ما سألت عن عامر.

طالب:...

الثوري؟

طالب:...

أبا عبد الله، أين أنت؟

طالب: ما أعرفه يا شيخ.

ما تعرفه! يعني يصير مجهولًا؟

طالب: بالنسبة لي مجهول.

أبو حاتم الرازي هو الذي يقول مجهول، أي لا أعرفه. تفضل يا شيخ. على كل حال الحديث مضعف بدونه، الليث بن أبي سليم ضعيف.

"وقال عطاء بن أبي رباح: كل دابة والجن والإنس. وقال مجاهد: إذا أجدبت الأرض قالت البهائم: هذا من أجل عصاة بني آدم، لعن الله عصاة بني آدم. وقال أبو العالية، والربيع بن أنس، وقتادة: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} يعني تلعنهم ملائكة الله، والمؤمنون.

وقد جاء في الحديث: أن العالم يستغفر له كل شيء حتى الحيتان، وجاء في هذه الآية: أن كاتم العلم يلعنه الله والملائكة والناس أجمعون، واللاعنون أيضًا، وهم كل فصيح وأعجمي إما بلسان المقال، أو الحال، ألّو كان له عقل، ويوم القيامة، والله أعلم".

أو؟

طالب:...

بلسان المقال أو الحال أو كل من كان له عقل يوم القيامة، والله أعلم.

طالب:...

ماذا؟

طالب: عندنا يا شيخ: ألو كان.

ما تجيء، إما بلسان المقال إذا كان ممن يتكلم، أو بلسان الحال يعني إذا كان من البهائم ونحوها، أو كل من كان له عقلٌ يوم القيامة، والله أعلم، أن لو، أن لو كان له عقل..

طالب:...

نعم؟

طالب:...

حتى العاصي يلعن نفسه؟

طالب:...

نعم؟

طالب:...

واللاعنون أيضًا وجاء في هذه الآية أن كاتم العلم يلعنه الله والملائكة والناس أجمعون واللاعنون أيضًا، يعني عطفهم على الناس، وهم كل فصيح أعجمي إما بلسان المقال أو بلسان الحال أو بلسان الحال أو كل من كان له عقل يوم القيامة، والله أعلم، على كل حال الأمر سهل، نسأل الله العافية، الآية واضحة، ثم استثنى.

"ثم استثنى الله تعالى من هؤلاء من تاب إليه فقال: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} أي: رجعوا عما كانوا فيه وأصلحوا أعمالهم وأحوالهم، وبينوا للناس ما كانوا يكتمنوه {فَأُولَٰئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}"

يعني من شرط قبول توبتهم الإصلاح والبيان، شرط قبول توبتهم الإصلاح والبيان، بيان ما كتموه، وإصلاح ما أفسدوه بكتمانهم؛ لأن كتمان الحق يترتب عليه فساد ذريع، فلا بد من الإصلاح في مقابل هذا الإفساد، ولا بد من البيان في مقابل الكتمان، الساكت عن الحق -كما يقال- شيطان أخرس.

طالب:...

في مثل هؤلاء، مثل هؤلاء الذين ترتب على فعله فساد.

"وفي هذا دلالة على أن الداعية إلى كفر، أو بدعة إذا تاب إلى الله تاب الله عليه".

إذا أصلح وبيَّن كما في الآية إذا أصلح وبيَّن كما في الآية. يعني الذي معصيته وذنبه قاصرٌ ضررها عليه أمره أسهل ممن يتعدى ضرره إلى غيره.

"وقد ورد أن الأمم السابقة لم تكن التوبة تقبل من مثل هؤلاء منهم، ولكن هذا من شريعة نبي التوبة ونبي الرحمة -صلوات الله وسلامه عليه-. ثم أخبر تعالى عمن كفر به واستمر به الحال إلى مماته بأن {عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) خَالِدِينَ فِيهَا} أي: في اللعنة البالغة لهم إلى يوم القيامة ثم المصاحبة لهم في نار جهنم التي {لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ} فيها، أي: لا ينقص عما هم فيه، {وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ} أي: لا يفتر عنهم ساعة واحدة، ولا يغير، بل هو متواصل دائم، فنعوذ بالله من ذلك. وقال أبو العالية وقتادة: إن الكافر يوقف يوم القيامة فيلعنه الله، ثم تلعنه الملائكة، ثم يلعنه الناس أجمعون.

فصل: لا خلاف في جواز لعن الكفار، وقد كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ومن بعده من الأئمة يلعنون الكفرة في القنوت وغيره، فأما الكافر المعين فقد ذهب جماعة من العلماء إلى أنه لا يُلعَن؛ لأنا لا ندري بما يختم الله له".

جاء في الموطأ أن أنهم كانوا يعني السلف من الصحابة والتابعين كانوا يلعنون الكفرة من أهل الكتاب بعامة بعامة، وإن كان بعضهم يقول: لا يُلعن إلا الظالم، لا يُلعن إلا الظالم، ولكن ما جاء عن السلف أنهم كانوا يلعنون، فهو مستحق للعن في حال كفره، والخواتيم والعواقب الله يعلمها، ولعن النبي -صلى الله عليه وسلم- من أسلم فيما بعد، لكن حال كفره.

طالب:...

أليس بملعون في كتاب الله؟ ألا تلعن من لعنه الله؟

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

نعم إذا قُرن بسبب إذا سقط فلُعن قيل هو الذي أسقطه تعاظم.

" ذهب جماعة من العلماء إلى أنه لا يُلعَن؛ لأنا لا ندري بما يختم الله له، واستدل بعضهم بهذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}".

يعني مقيد: {وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ}، بالقيد، يعني من مات على كفره، والحافظ ابن كثير –رحمه الله- في تاريخه كثير اللعن للظالمين ولرؤوس البدع، وموجود في تاريخه بكثرة. يقول: وفي هذه السنة قُتل أبو عبد الله البُريدي لعنه الله، وفي هذه السنة وهكذا.

طالب:..

ماذا؟

طالب: الظالم المسلم يُعلن؟

ألا لعنة الله على الظالمين، المعين المسلم الخلاف فيه أقوى، يعني على الجملة لا إشكال، لعن الظالمين بعامة ما فيه إشكال، من المسلمين، ولعن الله السارق، ولعن شارب الخمر، ولعن المتبرجات، وجاء اللعن في نصوص كثيرة جدًّا، لكن لا على سبيل التعيين.

 ب

 

"وقالت طائفة أخرى: بل يجوز لعن الكافر المعين. واختار ذلك الفقيه أبو بكر بن العربي المالكي، ولكنه احتج بحديث فيه ضعف، واستدل غيره بقوله -عليه السلام- في قصة الذي كان يؤتى به سكران فيحده، فقال رجل: لعنه الله، ما أكثر ما يؤتى به، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «لا تلعنه، فإنه يحب الله ورسوله» فدل على أن من لا يحب الله ورسوله يُلعَن، والله أعلم.

اللهم صل وسلم وبارك على محمد.

طالب:...

ماذا؟

طالب:...

تبقى الخمسة وعشرين في المائة.

طالب:...

المهم أن الربح مضمون.

طالب:...

مضمون أن يربح ما يتضرر بخسارة.

طالب:...

إذا مضمون الربح فهو لا يجوز.

طالب:...

الربح المضمون لا يجوز.

طالب:...

حكم غيبة الكافر تقصد ما فيها شيء.

طالب:...

على نية الصرف.

طالب:...

ما هو على نية الصرف، على نية أنها تركها وديعة عنده ما فيه إشكال، مع نية الصرف هذا ما يجوز.

طالب:...

بلاد؟

طالب:...

في كتب في البلدان كثيرة، عندكم في بلادكم. المعجم الشامل للبلاد المصرية المندرسة والحالية خمس مجلدات، في كل بلد لها معجم من هذا النوع.