تعليق على تفسير سورة البقرة (76)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نعم.

طالب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

قال الإمام ابن كثير -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [البقرة: 221]، هذا تحريم من الله -عزَّ وجلَّ- على المؤمنين أن يتزوجوا المشركات من عبدة الأوثان. ثم إن كان عمومها مرادًا، وأنه يدخل فيها كل مشركة من كتابية ووثنية، فقد خص من ذلك نساء أهل الكتاب بقوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} [المائدة: 5]. قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221]، استثنى الله من ذلك نساء أهل الكتاب. وهكذا قال مجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، ومكحول، والحسن، والضحاك، وزيد بن أسلم، والربيع بن أنس، وغيرهم.

وقيل: بل المراد بذلك المشركون من عبدة الأوثان، ولم يُرد أهل الكتاب بالكلية، والمعنى قريب من الأول، والله أعلم".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد، ففي قول الله -جَلَّ وعَلا-: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221]، يُبحث في هذه الآية من جهتين: من جهة موافقتها ومعارضتها لقول الله -جَلَّ وعَلا-: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} [النور: 3]، والله -جَلَّ وعَلا- يقول: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221]، ومعلوم أن الزاني مسلم لا يُحكم بكفره إلا إذا استحله. فكيف الزاني المسلم ينكح المشركة، والزانية من المسلمات ينكحها المشرك؟ بنص الآية. من أهل العلم من يرى أن هذا في الزاني المستحل والزانية المستحلة للزنى؛ لأنه خرج بذاك عن دائرة الإيمان، فصار في حكم الكفار والمشركين. ومنهم من يقول: إن هذا على سبيل التغليظ، ولا يراد به حقيقته. ومنهم من قال: إن هذا منسوخ بالآية التي معنا.

وعلى كل حال الآية محكمة وصريحة في المراد في كون المسلم لا ينكح المشركة، والمشرك لا ينكح المسلمة.

من جهة ثانية: أهل الكتاب من اليهود والنصارى هل هم مشركون، فنحتاج إلى الجمع بين نكاح نسائهم وبين الآية؟ نكاح نساء أهل الكتاب مباح؛ لقول الله -جَلَّ وعَلا-: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5]، فهل هم مشركون بحيث نحتاج إلى جمع وتوفيق بين الآيتين، أو هم فيهم شرك؟ فإذا قلنا: مشركون احتجنا إلى التوفيق، وإذا قلنا: هم في الأصل موحدون، لكن فيهم شرك، ما نحتاج إلى إخراجهم.

أشار المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: ثم إن كان عمومها مرادًا، بمعنى أنه يدخل فيه نساء أهل الكتاب، فقد جاء التخصيص، خُص من ذلك نساء أهل الكتاب بقوله تعالى، وإن كان العموم غير مراد فلا نحتاج إلى توفيق، ولا نحتاج إلى مخصص من العموم الذي أريد به الخصوص، أو نقول: هم لا يدخلون في الآية أصلاً؛ لأنهم ليسوا بمشركين، وإنما فيهم شرك. هم يعبدون مع الله غيره، وهذه حقيقة الشرك الأكبر، اليهود يعبدون عزيرًا ويقولون: إنه ابن الله، والنصارى يعبدون المسيح ويقولون: إنه ابن الله، وهذه حقيقة الشرك الأكبر. بعضهم يقول، وهذا ما قرَّره الحافظ ابن رجب في شرح البخاري، أنهم يقولون: هم فيهم شرك، ولا تنطبق عليهم أحكام المشركين؛ بدليل أن الله أباح نساءهم، وأباح ذبائحهم، ولو كانوا مشركين ما أبيحت نساؤهم وذبائحهم. وفرق بين أن يقال: فلان مشرك أو فيه شرك، فلان مبتدع أو فيه بدعة، فلان جاهلي أو فيه جاهلية، كما قال النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- لأبي ذر: «إنك امرؤ فيك جاهلية»، ما فيه أحد يقول: أبو ذر جاهلي، لا. ومن وافق المبتدعة في خصلة من خصالهم يكون فيه بدعة، ولا يقال: إنه مبتدع حتى يعمل بأصول المذهب كاملة، كان معتزليًّا أو أشعريًّا أو جهميًّا أو غيرها من طوائف البدع.

أما من وافقهم في شيء وخالفهم في الباقي، فهذا لا يقال له: إنه مبتدع بالمعنى الأعم الذي يطلق، قد يُغلظ عليه، ويشدد عليه، ويقال: فلان مبتدع؛ من أجل التنفير، وهذا كان في أول الأمر جاريًا على لسان الأئمة وسلف الأمة، وشددوا على من فيه شوب بدعة؛ من أجل أن تُجتث البدعة من أصلها وجذورها في أول الأمر.

الجهمية الذين قالوا بخلق القرآن كفَّرهم أكثر من خمسمائة عالم، وهذا في أول الأمر؛ من أجل التشديد عليهم. لكن مثل الزمخشري وهو معتزلي يقول بخلق القرآن، نقول: مكفر بخمسمائة عالم؟ لا، ففرق في الحكم على الشيء في أول أمره؛ من أجل أن يُمحى ويُسحق ويمحى من الوجود، وبين ما إذا مشى عليه الناس، ودرج عليه الناس، وألفوه، وكثر في الناس وجوده، يختلف.

يعني في قضايانا المعاصرة نحن نرى في بعض الجهات من المخالفات التي جروا عليها من عشرات السنين ليست في مثل ما يراد له الآن، يختلف، يعني هل إنكار الناس للاختلاط في التعليم الآن مثل إنكارهم للاختلاط في الصحة مثلاً؟ يختلف الأمر، وفي مثل هذا ما يقال فيه: عمت به البلوى.

يعني الكلام مثلاً على الزمخشري لا تقول: كفَّره خمسمائة عالم، الكلام في أبي حنيفة والإرجاء الوارد في كتاب السنة لعبد الله ابن الإمام أحمد، هل يقال به الآن؟ ألفاظ صريحة في تكفيره، وتكفير القائل بقوله. لكن أبو حنيفة الآن هو الإمام الأعظم، ولا أحد ينكر هذا، لو قيل لآحاد المسلمين في الشرق والغرب: من الإمام الأعظم؟ ما يختلفون في أنه أبو حنفية. ومثل هذا عندنا كفر اليهود والنصارى محل إجماع، قال أهل العلم: ومن شك في كفرهم كفر إجماعًا، ليس هذا من باب التهوين من شأنهم، وإنما لتقرير الأحكام والتعامل مع النصوص. ابن رجب لما يقرر أنهم ليسوا بمشركين، يعني لا يدخلون في النصوص العامة في المشركين، وإنما فيهم شرك، وهم كفار بالإجماع، من أجل مثل هذا التعارض الذي عندنا، والخلاف شبه اللفظي سواء قلنا: إنهم مشركون، ودخلوا في الآية، جاءت الآية المخصصة من العموم المخصوص، وإذا قلنا: إنهم ليسوا بمشركين، وهم كفار بلا شك، وفيهم شرك، ما نحتاج إلى جمع بين الآيتين.

طالب: .......

لا لا لا، الكافر بالنص ما فيه مجال للاجتهاد.

طالب: .......

الكفر صريح من فهم الأدلة.

طالب: .......

ما هو بمسألة تغير فتوى، مسألة تبلور مذاهب، في أول الأمر رأوا أن المخالفة للنصوص صريحة وكذا، وحكموا بكفرهم. لكن فيما بعد وجدت الحجج، ووجدت الشبه، وُجدت شبه يتعلقون بها.

طالب: هذا هو المستند أنه فيه شبهة أو .......

أن فيه شبهة. على كل حال هذا الذي درج عليه الأئمة، ما فيه أحد يقول: إن الزمخشري كفَّره خمسمائة عالم.

طالب: .......

يبقى الخلاف. نعم.

طالب: "فأما ما رواه ابن جرير، قال: حدثني عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقلاني، قال: حدثنا أَبي، قال: حدثنا عبد الحميد بن بهرام الفزاري، قال: حدثنا شهر بن حوشب، قال: سمعت عبد الله بن عباس يقول: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أصناف النساء، إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات، وحرم كل ذات دين غير الإسلام، قال الله -عزَّ وجلَّ-: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} [المائدة: 5]. وقد نكح طلحة بن عبيد الله يهوديةً، ونكح حذيفة بن اليمان نصرانيةً، فغضب عمر بن الخطاب غضبًا شديدًا، حتى هَمَّ أن يسطو عليهما. فقالا: نحن نطلق يا أمير المؤمنين، ولا تغضب! فقال: لئن حل طلاقهن لقد حل نكاحهن، ولكني أنتزعهن منكم صغرة قمأة. فهو حديث غريب جدًّا. وهذا الأثر عن عمر غريب أيضًا".

هذا الأثر كما ترون في إسناده شهر بن حوشب، وعامة أهل العلم على تضعيفه، فالخبر ضعيف، لا يُعتمد عليه. أما كون عمر -رَضِيَ اللهُ عنهُ- ينكر على من يتزوج كتابية، فهذا جارٍ على أصوله وما يستند إليه؛ لأنه يخاف على المسلمين وعلى ذراري المسلمين من تريبة الكفار، تربية أهل الكتاب، صحيح أن الأصل الحِل، لكن الأحوال والظروف والبلدان والأشخاص يختلفون، حتى الزوجة بعض الأزواج يخشى على نفسه، يخشى عليه أن يتنصر أو يتهود، فضلاً عن تربية الأولاد وما يلتحق بذلك. فكون الشيء يحل ويترتب عليه مفاسد يُمنع من أجلها.

 الرسول -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- منع من أكل ثومًا أو بصلاً أن يقرب المسجد، وقيل له- عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- كما في الحديث الصحيح: أحرام هما يا رسول الله؟ قال: «أنا لا أحرم ما أحل الله». فهو من جهة المفسدة يُمنع، ومن جهة الحل والحرمة والنص، الأصل أن النص هو الحاكم على التصرفات، النص يبيح، ما فيه نص يحرِّم الثوم والبصل لذاته باعتبارهما شجرتان كما جاء في الحديث الصحيح، لكن الأذى المترتب على ذلك يُمنع أكلهما من أجله. ومثله اليهودية والنصرانية، الأصل الحل، والنص صريح في القرآن، ما يقال: والله يحتمل أو لا يحتمل.

 {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: 5]، المحصنات بمعنى العفيفات؛ لأنهم فيهم الفجور، وفيهم العهر بكثرة، ولا شيء من الذنوب أعظم من الكفر، التي تسجد للصليب تأمنها على عرضك؟ ما تُؤمَن، لكن مع ذلك يبقى الأصل كما جاء في الآية النص الصحيح النص القطعي الحل، ويبقى أن الإنسان، بعض الناس يثق من نفسه ومن قوته وقوة شخصيته وقوة إيمانه أيضًا ويتزوج، وظروف الناس تختلف، من يتوقع منه الإنجاب وكثرة الأولاد وحاجة إلى تربيتهم وهو مشغول بدنياه وبأموره الأخرى، مثل هذا يعرض نفسه أولاً ونسله للفتنة. وإذا كان الخوارج وجمهور السلف ما حكموا بكفرهم فهل تأمن على نفسك أن تتزوج خارجية؟ أو حتى جهمية أو معتزلية أو .......؟

 عمران بن حطان، وذكرنا هذه القصة مرارًا تزوج امرأة من الخوارج، والأصل لجمالها، وجاء بالحجة التي يحتج بها الناس، اليوم الشباب يقولون: إن الجمال أهم شيء؛ لأن غير الجمال يأتي بالتدريج وبالتربية وبالدعوة وبكذا وكذا، الجمال ما تقدر  أن تجيء به بالدعوة، ما تستطيع أن تجيء بجمال بالدعوة، لكن غيره يأتي بالدعوة، وما الذي صار؟ عمران بن حطان صار من رؤوس الخوارج ودعاتهم، نسأل الله العافية. فالإنسان يحتاط لنفسه ولدينه ولنسله، ولذا جاء في الحديث: «تُنكح المرأة لأربع» إلى أن قال: «فاظفر بذات الدين تربت يداك».

طالب: .......

من غير تحريم.

طالب: .......

نعم، المصلحة ما فيها.

طالب: .......

حتى عمر -رَضِيَ اللهُ عنهُ- منع.

طالب: .......

لا لا لا، من أجل المصلحة والمفاسد المترتبة على ذلك.

طالب: ....... ما يصح.

الخبر الذي معنا ما يصح، لكن القصة مشهورة عن عمر.

طالب: نعم.

القصة معروفة عن عمر من طرق كثيرة، لكن الخبر الذي عندنا ضعيف، نعم.

طالب: .......

يُخرَّج على أنه كفر دون كفر، يُخرَّج على هذا. والتشديد معروف، لو تقرأ في كتاب السنة لعبد الله ابن الإمام أحمد عرفت كيف يتعامل السلف مع المبتدعة، وهذا الذي جعل بعض طلاب العلم يتطاول على الكتاب وعلى مؤلف الكتاب وقالوا فيه كلامًا شنيعًا ورد عليه بردود قبيحة من الكوثري وأمثاله.

طالب: .......

على كل حال المسألة واضحة ما تحتاج إلى .......

طالب: .......

طيب شيخ الإسلام هل كفَّر رءوس المبتدعة؟

طالب: .......

أنا رأيته يعتذر عنه، سئل عن رءوسهم فأنصفهم، حتى قال في الرازي الذي هو أضر المبتدعة على طلاب العلم في تفسيره، سئل عنه، قال: وأما أبو عبد الله بن الخطيب الرازي، أبو عبد الله الرازي المعروف بابن الخطيب، فيطعن كثير من الناس في قصده. وأنت إذا قرأت كلامه والله تشك أنه عن إصرار. يقول: وألف في أعضاء الله شخص يُدعى محمد بن إسحاق بن خزيمة، في أعضاء الله! كتابًا سماه كتاب التوحيد، والأولى أن يُسمى كتاب الشرك، وكلام كثير، يعني في أئمة السلف وفي أقوالهم، ومع ذلك يقول شيخ الإسلام: كثير من الناس يطعن في قصده، والذي أراه أنه ينصر ما يراه الحق. الشيخ الذي عانى منهم ما عانى، وتآمروا عليه، وألَّبوا عليه الولاة، وسجن بسببهم، يعتذر عنهم. لكنه الدين، الإنصاف.

طالب: .......

كلام الأئمة معروف، ترى أهل السنة أهل إنصاف، فالورع إذا أطلقوا الكلمة حسبوا لها ألف حساب؛ لأن كل إنسان مسئول عما يقول.

طالب: .......

لا لا، فيه التشديد على من يتزوج كتابية، ما فيه أكثر من هذا.

طالب: .......

ماذا فيه؟

طالب: .......

كلها في النار، إما كانوا من باب التخليد فحسب ما يراد بالحديث، فهم خرجوا من النار، وإن كان لأجل أن يعذبوا على بدعهم ومعاصيهم فالحكم على الكبائر.

طالب: "قال أبو جعفر بن جرير -رَحِمَهُ اللهُ- بعد حكايته الإجماع على إباحة تزويج الكتابيات: وإنما كره عمر ذلك؛ لئلا يزهد الناس في المسلمات، أو لغير ذلك من المعاني، كما حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن إدريس، قال: حدثنا الصلت بن بهرام، عن شقيق قال: تزوج حذيفة يهوديةً، فكتب إليه عمر: خَل سبيلها، فكتب إليه: أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها؟ فقال: لا أزعم أنها حرام، ولكني أخاف أن تعاطوا المومسات منهن".

لأنه كثير فيهن الزنا والفجور، كثير وليس بمستغرب؛ لأنه ما بعد الكفر ذنب، وإذا أقدم الإنسان على الزواج من نساء يكثر فيهن هذا الأمر فقد يقع فيهن.

طالب: .......

لا لا، الموجود الآن من التحريف للدين موجود وقت نزول القرآن.

طالب: "وهذا إسناد صحيح، وروى الخلال عن محمد بن إسماعيل، عن وكيع، عن الصلت نحوه. وقال ابن جرير: حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: حدثنا محمد بن بشر، قال: حدثنا سفيان بن سعيد، عن يزيد بن أبي زياد، عن زيد بن وهب قال: قال عمر بن الخطاب: المسلم يتزوج النصرانية، ولا يتزوج النصراني المسلمة. قال: وهذا أصح إسنادًا من الأول.

ثم قال: وقد حدثنا تميم بن المنتصر، قال: أخبرنا إسحاق الأزرق عن شريك، عن أشعث بن سوار، عن الحسن، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا». ثم قال: وهذا الخبر -وإن كان في إسناده ما فيه- فالقول به لإجماع الجميع من الأمة عليه. كذا قال ابن جرير -رَحِمَهُ اللهُ-".

عندنا بين قوسين: (على صحة القول).

طالب: .......

ما هو؟

طالب: .......

صحة القول بزواج المسلم الكتابية، هذا إجماع.

طالب: .......

لا ما يمكن.

طالب: .......

لا، أنت اقتطعت المقال: وهذا الخبر وإن كان في إسناده مقال، ما هو بالإجماع على هذا؛ الإجماع على الآية التي فيها زواج المسلم بالكتابية.

طالب: .......

ما يبنى على ظاهره، لكن لا بد له من أصل، قد لا نقف على هذا الأصل فنجزم على أن له أصلاً.

طالب: .......

على حسب الحكم عليهم، إذا قلنا: هم مسلمون فلا مانع، وإذا قلنا: خرجوا من دائرة الإسلام بما يعتقدونه من مكفرات هذا شيء آخر.

طالب: "وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، قال: حدثنا وكيع، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر: أنه كره نكاح أهل الكتاب، وتأول {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221]. وقال البخاري: وقال ابن عمر: لا أعلم شركًا أعظم من أن تقول: ربها عيسى. وقال أبو بكر الخلال الحنبلي: حدثنا محمد بن هارون حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، وأخبرني محمد بن علي".

ما عندك حاء؟

ح وأخبرني؟

طالب: لا.

طالب: .......

نعم. ح وأخبرني.

طالب: .......

أين؟

طالب: .......

ما الطبعة التي معك؟

طالب: .......

كلكم عندكم؟

طالب: .......

ولا أولاد الشيخ.

طالب: "ح وأخبرني محمد بن علي، قال: حدثنا صالح بن أحمد: أنهما سألا أبا عبد الله أحمد بن حنبل عن قول الله: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221]؟ قال: مشركات العرب الذين يعبدون الأصنام.

وقوله: {وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} [البقرة: 221]، قال السدي: نزلت في عبد الله بن رواحة، كانت له أَمة سوداء، فغضب عليها فلطمها، ثم فزع، فأتى رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فأخبره خبرها. فقال له: «ما هي؟»، قال: تصوم، وتصلي، وتحسن الوضوء، وتشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. فقال: «يا عبد الله، هذه مؤمنة». فقال: والذي بعثك بالحق لأعتقنها ولأتزوجنها. ففعل، فطَعن عليه ناس من المسلمين، وقالوا: نكح أَمته. وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين، وينكحوهم؛ رغبةً في أحسابهم، فأنزل الله: {وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} [البقرة: 221]، {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} [البقرة: 221].

وقال عبد بن حميد: حدثنا جعفر بن عوف، قال: حدثنا عبد الرحمن بن زياد الأفريقي، عن عبد الله بن يزيد، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تنكحوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تنكحوهن على أموالهن فعسى أموالهن أن تُطغيهن، وانكحوهن على الدين، فلأمة سوداء جرداء ذات دين أفضل». والأفريقي ضعيف".

نعم. جمهور أهل العلم على تضعيفه، الأفريقي، وهو من مجموعة وثَّقهم الشيخ أحمد شاكر، ولكن عامة أهل العلم على تضعيفه.

طالب: "وقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها؛ فاظفر بذات الدين تربت يداك»".

نعم.

طالب: .......

«فلأمة سوداء خرماء».

طالب: .......

ما عندنا خرماء، ماذا عندك؟

طالب: «جرداء».

ماذا؟

طالب: .......

ما هو؟ يعني مجردة من كل ما يدعو إلى نكاح.

طالب: .......

هذا دليل على أنها .......

طالب: .......

خرقاء؟

طالب: .......

ماذا؟

طالب: .......

يعني ما وضعها؟ ما وضعها؟

طالب: .......

نعم.

طالب: "ولمسلم عن جابر مثله. وله عن ابن عمرو: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة».

وقوله: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221]، أي: لا تُزوجوا الرجال المشركين النساء المؤمنات، كما قال تعالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10].

ثم قال تعالى: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} [البقرة: 221]، أي: ولرجل مؤمن -ولو كان عبدًا حبشيًّا- خير من مشرك، وإن كان رئيسًا سَريًّا. {أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} [البقرة: 221]، أي: معاشرتهم ومخالطتهم تبعث على حب الدنيا واقتنائها وإيثارها على الدار الآخرة، وعاقبة ذلك وخيمة. {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ} [البقرة: 221]، أي: بشرعه وما أمر به وما نهى عنه، {وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [البقرة: 221]".

نعم. في الجملة يعني مصاحبة قرناء السوء آثاره وخيمة على القرين، بخلاف صحبة الأخيار فإنها خير للمصاحب والقرين في دينه ودنياه، والله المستعان.

طالب: "قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [البقرة: 222، 223].

قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس: أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوها في البيوت، فسأل أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأنزل الله -عزَّ وجلَّ-: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة: 222] حتى فرغ من الآية".

{عَنِ الْمَحِيضِ} هو ظرف، ويحتمل أن يكون ظرف زمان، يعني في وقت المحيض، وظرف مكان يعني مكان الحيض.

طالب: "حتى فرغ من الآية، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح». فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يَدع من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه! فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر فقالا: يا رسول الله، إن اليهود قالت كذا وكذا، أفلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى ظننا أن قد وجد عليهما، فخرجا، فاستقبلهما هدية من لبن إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأرسل في آثارهما، فسقاهما، فعرفا أن لم يجد عليهما. رواه مسلم من حديث حماد بن سلمة به. فقوله: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] يعني الفرج؛ لقوله: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح»؛ ولهذا ذهب كثير من العلماء أو أكثرهم إلى أنه تجوز مباشرة الحائض فيما عدا الفرج.

قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا حماد، عن أيوب، عن عكرمة، عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-: «كان إذا أراد من الحائض شيئًا، يلقي على فرجها ثوبًا».

 وقال أبو داود: حدثنا القعنبي، قال: حدثنا عبد الله -يعني ابن عمر بن غانم- عن عبد الرحمن -يعني ابن زياد- عن عمارة بن غراب: أن عمةً له حدثته: أنها سألت عائشة قالت: إحدانا تحيض، وليس لها ولزوجها فراش إلا فراش واحد؟ قالت: أُخبرك بما صنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: دخل فمضى إلى مسجده -قال أبو داود: تعني مسجد بيتها- فما انصرف حتى غلبتني عيني، فأوجعه البرد، فقال: «ادني مني». فقلت: إني حائض. فقال: «اكشفي عن فخذيك». فكشفت فخذي، فوضع خده وصدره على فخذي، وحَنَيْتُ عليه حتى دفئ ونام -صلى الله عليه وسلم-".

طالب: .......

نعم، هو ضعيف الحديث.

طالب: .......

الحديث مضعف. نعم.

طالب: "وقال أبو جعفر بن جرير: قال: حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الوهاب، قال: حدثنا أيوب عن كتاب أبي قلابة: أن مسروقًا ركب إلى عائشة، فقال: السلام على النبي وعلى أهله. فقالت عائشة: مرحبًا مرحبًا. فأذنوا له فدخل، فقال: إني أريد أن أسألك عن شيء، وأنا أستحيي".

طالب: .......

من أين جئت بهذا؟

طالب: .......

بنسخة: ابن عائشة.

طالب: .......

نعم، عندنا: في نسخة ابن عائشة، وإذا أردنا أن نلفق كلها صحيحة، كنية أبو عائشة وأم عائشة، أم المؤمنين عائشة ما الذي يمنع؟

طالب: .......

لا يا أخي، هذا ما فيه معارضة، أولاً الحديث ضعيف، الأمر الثاني أنه يمكن في وقت عنده فراشان، وفي وقت ما عنده شيء.

طالب: .......

لا لا لا، فعله -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- قاضٍ على غيره.

 اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك.

طالب: "فقالت: إنما أنا أمك، وأنت ابني. فقال: ما للرجل من امرأته وهي حائض؟ فقالت: له كل شيء إلا فرجها. ورواه أيضًا عن حميد بن مسعدة، عن يزيد بن زريع، عن عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن، عن مروان الأصفر، عن مسروق قال: قلت لعائشة: ما يحل للرجل من امرأته إذا كانت حائضًا؟ قالت: كل شيء إلا الجماع. وهذا قول ابن عباس، ومجاهد، والحسن، وعكرمة.

وروى ابن جرير أيضًا، عن أبي كريب، عن ابن أبي زائدة، عن الحجاج، عن ميمون بن مهران، عن عائشة قالت: له ما فوق الإزار. قلت: ويحل مضاجعتها ومواكلتها بلا خلاف. قالت عائشة: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمرني فأغسل رأسه وأنا حائض، وكان يتكئ في حجري وأنا حائض، فيقرأ القرآن. وفي الصحيح عنها قالت: كنت أتعرق العَرَق وأنا حائض".

العَرْق: الذي عليه لحم، «والذي نفسي بيده لو أن أحدهم يجد عَرْقًا سمينًا أو مِرماتين حسنتين»، حديث صحيح.

طالب: .......

فيقرأ القرآن، كان يتكئ في حجري وأنا حائض فيقرأ القرآن. قال بعض أهل العلم إن فيه دليلًا على أن الحائض لا تقرأ القرآن، ولو كانت تقرأ القرآن ما احتاجت إلى تنبيه، هي تقرأ القرآن، ما المانع من أنه يقرأه هو؟

طالب: "فأعطيه النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيضع فمه في الموضع الذي وضعت فمي فيه، وأشرب الشراب فأناوله، فيضع فمه في الموضع الذي كنت أشرب. وقال أبو داود: حدثنا مُسدَّد، حدثنا يحيى، عن جابر بن صُبْح، سمعت خلاسًا الهَجْري".

الهَجَري.

طالب: الهَجَري؟

نعم، من هَجَر.

طالب: "سمعت خُلاسًا الهَجَري، قال: سمعت عائشة تقول: كنت أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- نبيت في الشعار الواحد، وإني حائض طامث، فإن أصابه مني شيء، غسل مكانه لم يَعْدُه، وإن أصابه -يعني ثوبه- شيء غسل مكانه لم يعده، ثم صلى فيه. فأما ما رواه أبو داود: حدثنا سعيد بن عبد الجبار، قال: حدثنا عبد العزيز -يعني ابن محمد- عن أبي اليمان، ثم أم ذرة".

عن أم ذر.

طالب: "ثم أم ذرة" هنا.

طالب: .......

أو ذرة؟

طالب: ذرة.

عن أم ذرة.

طالب: "عن أم ذرة، عن عائشة: أنها قالت: كنت إذا حضت نزلت عن المثال على الحصير، فلم نقرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم ندنُ منه حتى نطهر. فهو محمول على التنزُّه والاحتياط".

طالب: المثال؟

مثل السرير.

طالب: "وقال آخرون: إنما تحل له مباشرتها فيما عدا ما تحت الإزار، كما ثبت في الصحيحين، عن ميمونة بنت الحارث الهلالية قالت: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يباشر امرأةً من نسائه أمرها فاتزرت وهي حائض». وهذا لفظ البخاري. ولهما عن عائشة نحوه".

لا شك أن مثل هذا من باب الاحتياط، يعني بعضهم منع ما بين السرة والركبة، جعل ما عدا الفرج من باب الحمى الذي يُتقى، من باب اتقاء الشبهة، لكنها منصوص عليها، وهو المفهوم من الآية أن المجتنب الفرج فقط، وما عداه يجوز الاستمتاع به.

طالب: .......

الذي تقدم؟

طالب: .......

هذا مضعف نعم، لكن ما بيّن سبب التضعيف.

طالب: "وروى الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه من حديث العلاء بن الحارث، عن حزام بن حكيم، عن عمه عبد الله بن سعد الأنصاري".

حزام أم حرام؟

طالب: .......

لا لا، ما يجيء، حزام بن حكيم صحابي.

طالب: .......

حرام، ماذا؟

طالب: .......

نعم، هذا أنصاري.

طالب: .......

حزام؟

طالب: .......

نعم، فيه حرام بن عثمان الذي قيل فيه: الرواية عن حرام حرام، لكن تصحح.

طالب: "عن عمه عبد الله بن سعد الأنصاري، أنه سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: «لك ما فوق الإزار». ولأبي داود أيضًا، عن معاذ بن جبل قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عما يحل لي من امرأتي وهي حائض. قال: «ما فوق الإزار، والتعفف عن ذلك أفضل». وهي رواية عن عائشة -كما تقدم- وابن عباس، وسعيد بن المسيب، وشريح.

 فهذه الأحاديث وما شابهها حجة من ذهب إلى أنه يحل ما فوق الإزار منها، وهو أحد القولين في مذهب الشافعي -رَحِمَهُ اللهُ- الذي رجَّحه كثير من العراقيين وغيرهم. ومأخذهم أنه حريم الفرج، فهو حرام؛ لئلا يُتوصل إلى تعاطي ما حرَّم الله -عزَّ وجلَّ- الذي أجمع العلماء على تحريمه، وهو المباشرة في الفرج. ثم مَن فعل ذلك فقد أثم، فيستغفر الله ويتوب إليه.

وهل يلزمه مع ذلك كفارة أم لا؟ فيه قولان؛ أحدهما: نعم؛ لما رواه الإمام أحمد، وأهل السنن، عن ابن عباس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الذي يأتي امرأته وهي حائض: «يتصدق بدينار، أو نصف دينار». وفي لفظ للترمذي: «إذا كان دمًا أحمر فدينار، وإن كان دمًا أصفر فنصف دينار»".

هذه كفارة، والحديث ضعيف.

طالب: حرام يا شيخ.

ماذا؟

طالب: حرام .......

حرام؟

طالب: حرام .......

نعم، هذا الذي عندنا.

طالب: "وللإمام أحمد أيضًا، عنه: «أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جعل في الحائض تُصاب دينارًا، فإن أصابها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل فنصف دينار». والقول الثاني، وهو الصحيح الجديد من مذهب الشافعي، وقول الجمهور: أنه لا شيء في ذلك، بل يستغفر الله -عزَّ وجلَّ-؛ لأنه لم يصح عندهم رفع هذا الحديث، فإنه قد رُوي مرفوعًا كما تقدم وموقوفًا، وهو الصحيح عند كثير من أئمة الحديث، فقوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] تفسير قوله: {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222]، وهي عن قربانهن بالجماع ما دام الحيض موجودًا، ومفهومه حِلّه إذا انقطع".

"ونُهي عن قربانهن بالجماع ما دام الحيض موجودًا، ومفهومه حِله إذا انقطع"، لكن الطهارة غير التطهر {حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [البقرة: 222]، المراد به الغسل، والطهارة {حَتَّى يَطْهُرْنَ} ينقطع الدم.

طالب: "ومفهومه حله إذا انقطع، وقد قال به طائفة من السلف. قال القرطبي: وقال مجاهد وعكرمة وطاوس: انقطاع الدم يحلها لزوجها، ولكن بأن تتوضأ. قال الإمام أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل فيما أملاه في الطاعة: وقوله {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} [البقرة: 222]، فالطهر يدل على أن يقربها، فلما قالت ميمونة وعائشة: كانت إحدانا إذا حاضت اتزرت ودخلت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شعاره، دل ذلك على أنه إنما أراد الجماع".

الشِّعار اللباس الذي يلي شعر البدن، هذا هو الشعار، وما فوقه يسمى الدثار.