كتاب الأيمان من المحرر في الحديث

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

"الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين يا رب العالمين.

 قال المؤلف -رحمه الله-: كتاب الأيمان

 عن ابن عمر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أدرك عمر بن الخطاب في ركب وعمر يحلف بأبيه، فناداهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت».

 وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من حلف منكم فقال بحلفه باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك فليتصدق»، متفق عليهما، واللفظ لمسلم.

 وعنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يمينك على ما يصدقك به صاحبك»، وفي رواية: «اليمين على نية المستحلف»، رواه مسلم.

 وعن عبد الرحمن بن سمرة -رضي الله عنه- قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها، وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها فكفر عن يمينك، وآت الذي هو خير»..".

وأْت وأْت..

أحسن الله إليكم.

"«وأْت الذي هو خير»، متفق عليه.

 وفي لفظ للبخاري: «فأْت الذي هو خير، وكفِّر عن يمينك»، وفي لفظ: «إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها فكفِّر عن يمينك، ثم ائت الذي هو خير»، رواه أبو داود، واللفظ له، رواه أبو داود، واللفظ له، والنسائي وإسناده صحيح.

 وعن أيوب عن نافع عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من حلف على يمين فقال: إن شاء الله، فلا حنث عليه»، رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وهذا لفظه، وحسنه، والنسائي وابن ماجه وابن حبان، وقد روي موقوفًا، وقال الترمذي: لا نعلم أحدًا رفعه غير أيوب السختياني، وقال الدارقطني: تابعه أيوب بن موسى عن رافع، وقال الدارقطني: تابعه أيوب بن موسى عن نافع.."

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "كتاب الأيمان، كتاب الأيمان"، وكثير من المؤلفين يضيف النذور؛ للاتفاق بين الأمرين في الكفارة، النذر يشبه اليمين، ويحمل على اليمين في بعض صوره، وهو إلزام للنفس بغير لازم من جهة الشرع، فيلزمه الوفاء به كاليمين، هذا الأصل، من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن حلف على شيء فكما سيأتي إن وفى وأتى بما حلف عليه فلا شيء عليه، وإن أراد أن يترك؛ لأن الترك أرجح، ورأيت غيرها خيرًا منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير، المؤلف- رحمه الله تعالى- قدَّم الأيمان، وإلا فالأصل أن الأيمان مع كتاب القضاء؛ لأنها بيِّنة؛ لأنها البيِّنة على المدَّعِي، واليمين على من أنكر، هذه هي القاعدة الشرعية في القضاء الذي لا بينة له يقوِّي دعواه باليمين إذا كان مدعيًا عند من يقول برد اليمين على المدعي، وأما المدَّعَى عليه فيبرأ من الدعوى إذا حلف إذا لم توجد البينة في جانب المدعي، وهنا قدم الأيمان؛ لمناسبة الإيلاء بمناسبة الإيلاء؛ لأنه يمين، والآلية الحلف، الآلية الحلف، والإيلاء أن يحلف الرجل ألا يطأ زوجته أكثر من أربعة أشهر كما تقدم، وهنا جاء أردف ذلك بكتاب الأيمان؛ لأنها يُحتاج إليها في هذا الباب، والمولي إذا أوقف بعد مضي الأربعة أشهر وقد حلف على أكثر من أربعة أشهر، إذا أوقف فرجع عن يمينه تلزمه الكفارة، كما هو معلوم، نعم.

 على كل حال هذه مناسبة، وإن كان تأخيره إلى كتاب القضاء كما فعله أكثر المصنفين أولى؛ لأن الأيمان هناك أحرى، وإن كان الأحاديث المذكورة ليست خاصة بالقضاء، ليست خاصة بالدعاوى.

 على كل حال يقول المؤلف: "عن ابن عمر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أدرك عمر بن الخطاب، عن ابن عمر عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه أدرك عمر بن الخطاب"، فالحديث من مسند ابن عمر، من مسند ابن عمر، وفي بعض الروايات أنه من مسند عمر نفسه عن ابن عمر، عن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أدركه في ركب إلى آخره.

 وعلى كل حال سواء كان من مسند الابن وقد حضر القصة أو سمعها من أبيه، أو كانت من مسند عمر فلا إشكال في أن السند متصل؛ لأن بعضهم يرى أنه إذا روى الراوي بعن وكان من مسند المروي عنه يختلف عما إذا حكى القصة ولم يروها عن صاحبها، ويقولون: إن حكم عن يختلف عن حكم أنَّ، والجمهور على أن حكم عن هو حكم أنّ، وأنها محمولة على الاتصال بالشرطين المعروفين في السند المعنعن، وذكر ابن الصلاح عن أحمد بن حنبل ويعقوب بن شيبة أن الحكم يختلف؛ فعن للاتصال، وأنَّ للانقطاع؛ لأنهما قالا في حديث محمد بن الحنفية عن عمار أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال كذا، عن عمار صاحب القصة قالوا: متصل، وفي رواية عن محمد بن الحنفية أن عمارًا أدركه النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال له قالوا: منقطع، كذا قالا؛ لأن الصيغة صيغة الأداء اختلفت، هكذا فهم ابن الصلاح، ولم يصوِّب صوبه كما قال الحافظ العراقي- رحمه الله تعالى-.

 يعني ليس مرد الانقطاع والاتصال اختلاف الصيغة فقط، إنما مرد الاتصال والانقطاع إلى أن محمد ابن الحنفية يحكي القصة عن صاحبها حينما قال: عن فلان، عن عمار، وفي الصيغة الثانية أن عمارًا، ابن الحنفية يحكي قصة لم يشهدها، ولم يحضرها، ولم يدركها، فهي منقطعة لهذا السبب وإلا فالقصة واحدة، ولو كان ابن الحنفية مدركًا لهذه القصة لما قيل بالانقطاع، لكن حينما رواها عن صاحبها صارت متصلة.

............................

 

 

 

وحكم أنَّ حكم عن فالجلُّ

 

سووا وللقطع نحى البرديجي

 

 

حتى يبين الوصل في التخريج

 

ثم قال: حكى عن يعقوب بن شيبة وأحمد بن حنبل كذا له، يعني ابن الصلاح، ولم يصوب صوبه، يعني ما أدرك سبب التفريق بين الصيغتين، ما أدرك السبب، سبب التفريق، وهنا ابن عمر مدرك القصة، وإن لم يدركها فقد رواها عن أبيه صاحب القصة.

 وعلى كل حال ابن عمر صحابي، ما هو مثل محمد ابن الحنفية تابعي، حتى مرسل الصحابي عند أهل العلم مقبول ومتفق عليه بينهم.

أما الذي أرسله الصحابي

 

 

 

فحكمه الوصل على الصوابِ

 

"أنه أدرك عمر بن الخطاب في ركب" ركْب جمع راكب، كصحْب جمع صاحب، وعمر الواو واو الحال، الجملية حالية.

 "وعمر يحلف بأبيه، وعمر يحلف بأبيه" وأبي، وأبي يكرر ذلك كما جاء في إحدى الروايات، "فناداهم النبي -صلى الله عليه وسلم-"، وجاء بلفظ عام يشمل الجميع ما خص من سمع يحلف بأبيه؛ لأن الحكم حكمه حكم الجميع، «ألا إن الله ينهاكم»، ألا للتنبيه، «إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم»، والأصل في النهي التحريم، الأصل في النهي التحريم، «فمن كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت»، الحلف بغير الله جاء فيما صح عنه -عليه الصلاة والسلام- أن «من حلف بغير الله فقد أشرك»، وفي رواية: «فقد كفر»، قلنا: إن الأصل في النهي التحريم، وهذا الشرك لا شك أنه عند أهل العلم شرك أصغر، والكفر دون كفر، فلا يخرج من الملة بذلك، وهذا القول الصحيح في حكم الحلف بغير الله أنه حرام، والحكم عليه بأنه شرك أو كفر يدل على أنه من كبائر وعظائم الأمور، ويشمله على قول: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} [سورة النساء:48]، مادام حكم عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- بأنه شرك فإنه لا يغفر، لكن لا يخلد صاحبه كصاحب الشرك الأكبر.

 من أهل العلم من يقول: إن الحلف بغير الله مكروه كراهة تنزيه؛ لأنه ثبت في صحيح مسلم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «أفلح وأبيه إن صدق» فيكون صارفًا للنهي من التحريم إلى الكراهة، لكن أجاب أهل العلم عن الحديث بأنه قبل التحريم، قبل التحريم، كما كان عمر يحلف، لا شك أنه قبل أن يبلغه التحريم، وذكر السهيلي أنه رأى في نسخة صحيحة عتيقة من صحيح مسلم أنها بدل «وأبيه» «أفلح والله إن صدق، أفلح والله إن صدق» فصُحِّفَت والله صارت: وأبيه قال: فقصُرَت اللامان من الله، إذا قصرت اللام الأولى واللام الثانية صارت وأبيه لاسيما في العهد السابق ما كانوا ينقطون.

 على كل حال الحلف بغير الله حرام بلا شك، وملحق بالكبائر؛ لأنه موصوف بأنه شرك أو كفر، ولا شك أن هذا من باب الزجر والتغليظ، والتعظيم من شأنه وإن لم يكن شركًا مخرجًا عن الملة أو كفرًا كذلك «فمن كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت»، يسكت لا يحلف، الصحابي يقول: لأن أحلف بالله كاذبًا خير من أن أحلف بغيره صادقًا؛ لأن الحلف بغير الله شرك، والحلف بالله معصية، والحلف بالله كاذبًا معصية، لكن جميع المعاصي وإن كبرت لا توازي الشرك، ولا تقاربه، ولا تدانيه؛ لأن الشرك أمره عظيم، وشأنه خطير.

 ثم قال -رحمه الله-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من حلف منكم فقال في حلفه باللات والعزى، من حلف منكم فقال في حلفه باللات والعزى»" والحلف لا شك أنه تعظيم للمحلوف به، فإذا اقترن من يراد تعظيمه بأحد الحروف الثلاثة الواو والباء والتاء، والله، وبالله، وتالله، وكله من حروف الجر، إذا اقترن ذلك بالمراد تعظيمه فلا شك أن هذا ظاهر في أنه شرك، ولا يحلف إلا بمن يعظَّم، جرت بذلك العادة، إذا حلف باللات والعزى وهو مسلم فما الدافع له إلى ذلك؟

إما أن يكون حديث عهد بالإسلام وهو ممن كان يعبد اللات والعزى، هذا متصوَّر، لكن مسلم ولد بين أبوين مسلمين، وفي بيئة مسلمة يقول باللات والعزى، هذا خطر عظيم، ولذلك قال -عليه الصلاة والسلام-: «فليقل: لا إله إلا الله»، كأنه دخل في الإسلام الآن أشرك في مثل هذه الحالة يحلف باللات والعزى يعني ما.. ليس له وجه، وليس له تأويل، كيف يحلف باللات والعزى؟ «فليقل: لا إله إلا الله»، مما يدل على أنه على خطر من الخروج من الدين بهذه اليمين، نسأل الله العافية، فلذلك أمر بأن يقول: لا إله إلا الله.

 الناس كثير منهم من عامة الناس لاسيما في بعض الجهات وبعض الأماكن التي ينتشر فيها الجهل والتساهل يتداولون كلمات مفادها عظيم وخطير، وُجِد من يسب الله ويشتم ويزعم أنه مسلم يصلي ويصوم مع الناس، وهذا موجود في بعض الأقطار المنتسبة للإسلام، ووجد من.. الحلف بغير الله هذا على ألسنة كثير من المسلمين وشائع وذائع ومنتشر، نسأل الله العافية، يتساهلون في هذا وأمره خطير.

 «فمن حلف وقال بحلفه باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله» هذا في الصحيحين، «ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك فليتصدق» أقامرك كيف مضبوطة؟ بأي شيء؟

طالب: .........

ماذا عندك؟

طالب: ............

بالضم، طبعة ثانية..

طالب: ............

ماذا عليها؟ كلها بالضم؟

طالب: ............

عندك بالسكون؟

طالب: .........

 أي طبعة؟

طالب: ............

من المحقق؟

طالب: ............

تعال أقامرْك..

طالب: ............

ماذا؟

طالب: ............

على أي شيء؟

طالب: ............

في مثل هذه الحالة يلزم التسكين؛ لأنه جواب طلب، جواب طلب أو جواب شرط مقدَّر، إن تجئ أقامرْك، صح؟

طالب: .........

 طيب {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً  يَرِثُنِي} [سورة مريم:5-6] ما قال: يرثْني، لماذا؟

طالب: ............

في يرثُني..

طالب: ............

نعم، وليست جوابًا الطلب، لكن الأصل إذا جاءت في مثل هذا السياق جوابًا للطلب أو وقعت في جواب شرط مقدَّر فإنها تجزم كما هنا «ومن قال لصاحبه تعال أقامرْك فليتصدق»؛ لأن لفظ القمار، لأن القمار محرَّم، القمار محرَّم، فهو يدعوه إلى شيء محرم، كفارة ذلك أن يتصدق؛ لأن القمار موضوعه المال، فإذا تصدق بشيء يكفر عنه هذه الكلمة التي دعا فيها إلى شيء محرم. افترض أنه ما هو قمار، بيع وشراء وقال: تعال أقامرك، هو يريد أن يبيع عليه ويشتري منه يتشبه بالمحرم ولو بلفظه لا يجوز له ذلك، ولذلك يحرم أهل العلم شرب الماء أو العصير أو شيء على هيئة شراب الخمر، يحرمون ذلك؛ لأن التشبه بالفساق والفجرة هذا لا يجوز، التشبه معروف وضعه، «من تشبه بقوم فهو منهم».

 ولو أراد أن يبيع عليه أو يشتري وقال: تعال أقامرك، نقول: أنت متشبه بمن يفعل المحرم، فعليك أن تتصدق بما يكفر عنك هذا التشبه، ولذلك قال: «ومن قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق».

 يقول المؤلف: "متفق عليهما" على الحديثين، "واللفظ لمسلم، واللفظ لمسلم"، والبخاري يكون له حينئذ المعنى كما هو مفهوم.

 "وعنه" أي عن أبي هريرة صحابي الحديث السابق.

 "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يمينك على ما يصدقك به صاحبك»، وفي رواية: «اليمين على نية المستحلف»، رواه المسلم" إذا طلبت اليمين، واتجهت على مدعى عليه بمال، ولم تكن هناك بينة للمدعي، وطلبت اليمين وقال: والله ما عندي له شيء، وهو يقصد في هذا المكان، ما عندي شيء، يقبل أم ما يقبل؟ اليمين على ما يصدقك به صاحبك، وعلى نية المستحلِف، يعني هذا في حال القضاء إذا طلبه الحاكم أو نائبه فإنه يكون حينئذ على نية المستحلِف، والمسألة تدور على الظلم وجودًا وعدمًا، فالمظلوم تنفعه التورية، والظالم لا تنفعه التورية بحال، فإذا كان مظلومًا وليس عنده شيء في حقيقة الأمر، وحلف قيل له: احلف أنه ما عندك شيء، وادعي عليه بأن عنده مبلغًا من المال دينًا في ذمته، والمدعى عليه يعرف أنه ما عنده شيء في الفعل ليس بينه وبينه معاملة، لكن هذا الحاكم جار مع المعتدي وقال: والله ما عنده شيء، وله أرصدة في البنوك، المدعى عليه قال: ادفع لهذا المدعي، ادفع له، ألزمه بالدفع قال: والله ما عندي شيء أدفعه، ما عندي شيء، يريد بذلك الدفع دفع الظلم عن نفسه، وله أرصدة في البنوك، ينفعه ذلك ويقول: ما عندي شيء، يعني في هذا المكان، أو ليس في يدي شيء، أو ليس بين يدي شيء، وهكذا فالمظلوم تنفعه التورية، والظالم لا تفيده شيئًا، الظالم يمينه على ما يصدقه به صاحبه.

 ثم قال -رحمه الله تعالى-: "وعن عبد الرحمن بن سمرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يا عبدَ الرحمن، يا عبدَ الرحمن بن سمرة، يا عبدَ الرحمن بن سمرة»" عبد منادى مضاف منصوب، وابن.. لأنه مضاف، لكن لو كان مفردًا يا معاذُ بنَ جبل، يا معاذُ بنَ جبل، وهنا يا عبدَ الرحمن؛ لأنه مضاف، ومعاذ منادى مفرد يبنى على الضم في محل نصب.

و"ابن" على حقيقتها تابع لمنصوب حقيقة أو تقديرًا، تقول: يا معاذُ بنَ جبل؛ لأنه منادى مفرد يبنى على الضم في محل نصب، وهنا مضاف يُنصَب، ما فيه إشكال، يا عبدَ الرحمن بنَ سمرة، يا فاطمةُ بنتَ محمد، وهكذا.

 «لا تسأل الإمارة، لا تسأل الإمارة»، لا هنا ناهية، وتسأل مجزوم بلا الناهية، ومجرور؛ للتخلص من الساكنين؛ لأن ألف الوصل هذه ساكنة، لا تسألِ الإمارة وإلا فالفعل لا يدخله الجر ما يدخله الجر، الجر من علامات الأسماء، وهنا إنما لجأ إليه؛ للتخلص من الساكنين، طيب لماذا لا يلجأ إلى غير الجر الذي يمنع في الفعل مطلقًا ولا يدخل الأفعال إلى نلجأ إلى غيره من الحركات، لا تسألَ، لا تأسلُ، عرفنا أن السكون ممتنع؛ لالتقاء الساكنين، والرفع والنصب كلاهما ممتنع، لماذا؟

لأن الرفع يلغي عمل العامل لا، يرجع الفعل إلى ما كان عليه قبل دخول العامل، فلا يصار إليه، والنصب لا تسألَ هذا ليس عمل لا، النصب فحينئذ يصار إلى الجر؛ لالتقاء الساكنين، وهكذا {يَرْفَعِ اللَّهُ} [سورة المجادلة:11] جُرَّ؛ هربًا من التقاء الساكنين، كما هو معروف.

 «لا تسأل الإمارة» الإمارة كما جاء في الأثر «نعمت المرضعة، وبئست الفاطمة»، فلا يسألها الإنسان، بل يطلب السلامة والعافية، وقل مثل هذا في جميع الوظائف إلا أن بعضها أخف من بعض، وإلا فكلها لا تسلم من مسؤولية، لا تسلم من مسؤولية، وجاء التحذير من تولي القضاء وغيره من الولايات؛ لأنها مزلة قدم، مظنة لأن يجور الإنسان أو لا يحقق ما أنيط به، أو يقصِّر فيه، نسأل الله العفو، فالسلامة لا يعدلها شيء لاسيما في حق بعض الناس الذي لا تتوافر فيه الشروط أو جُبِل على أمر لا يستطيع أن يقوم بالعمل كما جاء في أبي ذر؛ «إني أراك رجلاً ضعيفًا، فلا تتولين مال يتيم، ولا تقضين بين اثنين».

 إذا كان الرجل يعرف من نفسه أنه ضعيف لا يقوم بالأمر فهذا لا يجوز له أن يدخل فيه، ومع ذلك يتهافت الناس لما رخصت الذمم على هذه الوظائف وهذه الأعمال، ويقدمون الوسائط والرشاوى المحرمة، وبعضهم يقدم قرابين، ولو كانت بالتنازل عن أمر من أمور الدين، نسأل الله العافية، بعضهم يبادر بأمور، والتساهل بأشياء من أجل أن يُحسَن الظن به، ويرى أنه يناسب في هذه المرحلة كما يقول بعضه:م الدين هو هو، الدين واحد، لا يتغير الدين من أن شرعه الله- جل وعلا- ببعثة محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى قيام الساعة واحد، لكن هي فتنة الدنيا وفتنة المال، الناس يريدون الحصول على هذا المال وهذا الجاه، كثير منهم بأي وسيلة، وفي الحديث: «ما ذئبان جائعان أرسلا في زريبة غنم بأفسد لها لدين المرء من حب الشرف والمال».

 هذا تطلَّع واشرأبت نفسه إلى حب الشرف والرئاسة، تجده يتنازل عن الكثير، عن أمور كثيرة في دينه، وكذلك إذا كان مجبولاً على حب المال تجده كذلك، ومنهم من يجمع الأمرين، يحب الشرف، ويحب المال، ويفتن بهما، هذه فتنة، وقد يكون محبًّا للشرف والمال، لا يهمه، يتنازل عنه ويدفع من جيبه؛ لحصول هذا الشرف، وبعضهم بالعكس.

 على كل حال شرحه الحافظ ابن رجب بكلام نفيس جدًّا ينتفع به كل مسلم، وعلى وجه الخصوص طلاب العلم، وهو مطبوع مفردًا، ومطبوع مع جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر في أسفل الصفحات.  الحديث مهم معرفته، ومعرفة شرحه لابن رجب.

 «لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها عن مسألة وُكِلْتَ إليها» وُكِلْت إلى نفسك، ووكلت إلى هذه الأمور، وقد يحصل لك أمور لا تستطيع التخلص منها إلا بإعانة الله -جل وعلا-، وفي هذه الحالة إذا أنت طلبتها فإن الله لا يعينك، إنما توكل إلى نفسك، وتوكل إلى هذه الإمارة، ومن وكل إلى نفسه وكل إلى عجز وضعف إذا لم يعنه الله.

إذا لم يكن عون من الله للفتى

 

 

 

فأول ما يقضي عليه اجتهاده

 

«فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها»، يعني إذا كان الإنسان لا يريد هذا العمل، ولا سعى إليه، ووسط الوسائط للتخلص منه، فألزم به، فهذا يعينه الله -جل وعلا- عليه، وإن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها.

وإذا حلفت على يمين فهذا هو الشاهد من حديث الباب، «وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها فكفر عن يمينك وأْت الذي هو خير»، كفر عن يمينك وأت الذي هو خير، والرواية الأخرى واللفظ الآخر: «فائت الذي هو خير وكفر عن يمينك»، والعطف بالواو في الموضعين لا يقتضي ترتيبًا، لكن اللفظ الذي يليه «إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرًا منها فكفر عن يمينك ثم ائت الذي هو خير»، كفر عن يمينك وأْت الذي هو خير، ائت الذي هو خير وكفر عن يمينك، ائت الذي هو خير ثم كفر عن يمينك ثم ائت الذي هو خير، هل تكون الكفارة قبل الحنث أو بعده؟

الأحاديث تدل على أنه يجوز هذا وهذا، أحاديث الباب يجوز هذا وهذا، يجوز أن تكفر قبل أن تحنث، ويجوز أن تحنث ثم تكفر، والقاعدة إذا كان هناك سبب وجوب ووقت للوجوب لا يجوز الفعل قبل السبب والوقت اتفاقًا، ما تقول: أنا والله الآن سآتي بدراهم سأشتري كيس رز وأدفعه كفارة لثلاثة أيمان مستقبَلة يمكن أحلف في وقت ما عندي شيء، يصح أم ما يصح؟ لا يصح؛ لأنه قبل سبب الوجوب يمين ما انعقدت أصلاً فلا يجب، لماذا؟ لأنه قبل السبب، وهذا محل اتفاق بين أهل العلم، ويجوز بعدهما اتفاقًا، بالاتفاق يجوز بعد انعقاد اليمين وبعد الحنث أن تكفر بالاتفاق عند أهل العلم.

 لا يجوز اتفاقًا قبلهما، ويجوز اتفاقًا بعدهما، لكن بين السبب والوقت هو محل الخلاف؛ الجمهور على الجواز، والأدلة ظاهرة من أحاديث الباب، والحنفية يقولون: لا، الحنفية يقولون: لا يجوز إلا بعد الحنث، ويستدلون بقوله تعالى: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [سورة المائدة:89]، ويقدرون بعد ذلك فحنثتم؛ لأنه قبل الحنث ما تجب كفارة {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [سورة المائدة:89]، ويقدرون فحنثتم ذلك إذا مع أنه قد تحمل الآية على تقديرهم أنه إذا أريد ذلك إذا أريد الحنث لا إذا وقع الحنث بالفعل.

 على كل حال أحاديث الباب صريحة في جواز ذلك، وما استدل به الحنفية ليس بنص على المنع، وما قال به الجمهور من جواز تقديم الكفارة على الحنث هو قول أربعة عشر من الصحابة، هو قول أربعة عشر صحابيًّا.

طالب: ............

ماذا؟

طالب: ............

على ماذا؟

طالب: ............

يعني إذا حلف على شيء، حلف ألا يزور فلانًا مثلاً؛ لأنه قيل له: إن عنده منكرًا، قيل له: إن عنده منكرًا، وتأكد ذلك من أكثر من جهة، ثم تبيَّن له أنه في شك من ذلك أو رأى أنه يزوره ولو كان عنده منكر من أجل أن يبذل له نصيحة رأى أن ترك اليمين خير، رأى أن ترك اليمين خير، هو عنده منكر، حلف ألا يزوره، ثم رأى أن الخير في زيارته من أجل نصيحته يجوز أن يكفر ثم يزوره ويجوز أن يزوره، ثم يكفِّر عن يمينه، لكن إذا قيل له: إن هناك ثَم منكرًا عند فلان، فحلف ألا يدخل بيته، وتبين أن الذي قال له ذلك كاذب تنعقد اليمين أم ما تنعقد؟ حلف ألا يزوره من أجل بلاغ كاذب ما تنعقد؛ لأن هذا كالشرط العرفي، كالشرط العرفي كأنه علق يمينه على وجود هذا المنكر وقالوا فيمن قيل له: إن امرأتك زنت فقال: هي طالق، فتبين أن الكلام ما هو بصحيح تطلق أم ما تطلق؟

ما تطلق، فالمالكية عندهم أقوال ثانية يمكن عندكم شيء ثانٍ ما تطلق؛ لأن هذا كالشرط العرفي؛ لأنه قال: إن كانت زانية فهي طالقة.

 "رواه أبو داود واللفظ له والنسائي وإسناده صحيح.

 وعن أيوب عن نافع، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من حلف على يمين فقال: إن شاء الله» استثنى «فلا حِنْث عليه من على يمين فقال: إن شاء الله فلا حنث عليه» لأن هذا استثناء؛ لأنه إن ارتكب ما حلف عليه تبيَّن أن الله -جل وعلا- لم يشأ هذا الأمر وإن استمر في تركه تبيَّن أن الله شاء له ذلك، فالتعليق بالمشيئة يرفع الحنث.

 "رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وهذا لفظه وحسَّنه" الترمذي، "والنسائي وابن ماجه وابن حبان، وقد روي موقوفًا" على ابن عمر هنا مرفوع عن ابن عمر- رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: وقد روي موقوفًا عليه من قوله.

 "وقال الترمذي: لا نعلم أحدًا رفعه غير أيوب السَّختياني، غير أيوب السختياني" وقال ابن علية: كان أيوب يرفعه تارة، وتارة لا يرفعه، يعني مترددًا، أحيانًا يرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وأحيانًا يقفه على ابن عمر، وقال البيهقي: لا يصح رفعه إلا عن أيوب على أنه شك فيه، يعني أنه مرة يرفع، ومرة لا يرفع، ولا شك، ولا ريب أن أيوب بن أبي تميمة السختياني ثقة، حافظ، وتوبع على رفعه، هناك قال: لا نعلم أحدًا رفعه غير أيوب السختياني، هذا كلام الترمذي.

"وقال الدارقطني: تابعه أيوب بن موسى عن نافع" يعني تابعه على رفعه فهو متابع عليه لم يتفرد برفعه بوقفه أو برفعه، لم يتفرد بالرفع، لكنه متابَع، وأيضًا تابعه غير أيوب بن موسى عبد الله العُمَري وموسى بن عقبة وكثير بن فرقد وحسان بن عطية كلهم عن نافع مرفوعًا، فهو مرفوع بلا شك، ومن وقفه قصَّر فيه، وكون الراوي ينشط أحيانًا ويرفع الخبر ويستعجل أحيانًا فيلقيه هكذا، هذا أمر مشاهد أحيانًا تقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنما الأعمال بالنيات»، وأحيانًا لا تقول ذلك تقول: «إنما الأعمال بالنيات» من دون رفع ماذا يصير؟ يختلف الأمر؟

لأن الإنسان أحيانًا ينشط فيذكر السند أو يذكر طرفًا منه، ويرفع الخبر للنبي -عليه الصلاة والسلام-، وأحيانًا يقتصر عليه من دون ذكر لإسناده أحيانًا يستعجل وأحيانًا ينشط، وهذا موجود، كما أن الراوي قد يذكر الخبر، الحديث كاملًا وأحيانًا يقتصر على بعضه يستعجل فلا يذكره كاملاً، وهذا يجوز عند أهل العلم حذف أو اختصار الحديث بشرط ألا يكون المذكور يتعلَّق فهمه على المحذوف لا بد أن يُذكَر جملة مستقلِّة يفهم معناها من غير حاجة إلى ما حذف، يعني كما يجوز اختصار الآية، يجوز من باب أولى اختصار الحديث. لو أن شخصًا يتحدث عن الأمانة ويقول: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [سورة النساء:58]، هل يلزمه أن يأتي ببقية الآية أو يتحدث عن الحكم ويقول: {وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ} [سورة النساء:58]، لا يلزمه أن يأتي بأولها، فإذا جاز ذلك في القرآن جاز ذلك بالحديث من باب أولى، لكن بالشرط الذي قرره أهل العلم بأنه لا يتوقف فهم المثبَت على المحذوف، ولا يكون شرطًا فيه ولا استثناء، يعني لا يتوقف عليه يجوز ذلك، واشترط بعضهم أن ترتفع منزلة الراوي عن التهمة، كيف؟

 بحيث إذا رواه تامًّا قد يقول قائل: إنه زاد فيه، نحن سمعناه منه مرة يقول كذا، كيف زاد هذه الجمل إذا كان في منزلة بحيث يتهم بأنه زاد أو يتهم بأنه نقص مثل هذا لا يجوز له أن يختصر، والاختصار جرى عليه الأئمة، وصحيح البخاري وصنيعه من أكبر الشواهد على ذلك، تجده يذكر الحديث مطولاً، ثم يقتصر منه على جملة، ثم يقتصر منه على جملة أخرى في موضع ثانٍ، وهكذا يقطعه في كل موضع بحيث يناسِب الترجمة.

 وصحيفة همَّام بن منبِّه مشتملة على مائة وثلاثين جملة مسرودة سردًا واحدًا في مسند الإمام أحمد مسرودة في مسند الإمام أحمد، واستلت من المسند، وطبعت في كتاب اسمه صحيفة همام بن منبه عن أبي هريرة. البخاري ومسلم هذه الجمل المائة والثلاثين ينتقون منها ما يريدون، ويقتصرون على جملة واحدة، ويضعونها في مكانها المناسب، وبعضهم يشير إلى أنها مقتطعة من صحيفة كبيرة، وبعضهم ينقل ما جاء في أول هذه الصحيفة، ثم يعطف عليها ما يريد من الجمل، عن عمار عن أبي هريرة: نحن السابقون، نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، ثم يأتي بالجملة التي يريدها هذه أول جملة في الخبر: نحن الآخرون، يعني في الزمن، أمة محمد آخر الأمم السابقين يوم القيامة، وبعض طلاب العلم يشكِل عليه وجود هذه الجملة في كثير من الأبواب، ما علاقتها بالباب، وهو ما يعرف السبب الذي من أجلها ساق البخاري -رحمه الله - هذه الجملة مع ما يريد لينبه أنه قطعة من ذلك الحديث الكبير أو الصحيفة الكبيرة.

 على كل حال هذه الحديث صحيح مرفوعًا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- في قوله- جل وعلا-: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَداً  إِلاَّ أَن يَشَاءُ اللَّهُ} [سورة الكهف:23-24] يدل على أن الاستثناء مطلوب ومرغَّب فيه.

 بعضهم يقول: للتبرك باسم الله ومشيئته، وبعضهم يقول: ليخرج من العهدة؛ لأنه إن وقع على خلاف ما أراد يكون الله- جل وعلا- ما أراده فيكون مستثنيًا، والكلام في هذا الاستثناء والتعليق بالمشيئة في مسألة الإيمان، والخلاف في ذلك معروف، ومنهم من يحرِّمه؛ لأن فيه نوع تردد، فلا يجوز أن تقول: أنا مؤمن إن شاء الله، ومنهم من يقول: المانع من ربطه بالمشيئة، ويكون ذلك من باب التبرك، وليس من باب التردد، بل الإيمان مجزوم به؛ لأن العقيدة لا بد أن تكون عن جزم ويقين، ما يحصل فيها التردد.

 يقول ابن العربي في عارضة الأحوذي: أجمع المسلمون بأن قوله: إن شاء الله يمنع انعقاد اليمين. أجمع المسلمون بأن قوله- يعني الحالف-: إن شاء الله يمنع انعقاد اليمين بشرط أن يكون متصلاً، والله لأفعل كذا إن شاء الله ، والله لأفعلن كذا إن شاء الله، بشرط أن يكون متصلاً.

يقولون: ولو جاز منفصلاً كما قال بعض السلف: لم يحنث أحد؛ لأنه إذا احتاج أن يخالف هذا اليمين قال: إن شاء الله، ولو جاز منفصلاً كما قال بعض السلف لم يحنث أحد، واختلفوا في هذا الاتصال فقال الجمهور: يقول: إن شاء الله متصلاً باليمين من غير سكوت، ولا يضره التنفس، يعني لو تنفس احتاج إلى التنفس أو سعل أو عطس وحمد الله وشمته من بجواره، ورد عليه ما يضر هذا ثم قال: إن شاء الله؛ لأن هذا في حكم المتصل، وهو الذي تدل عليه الفاء في قوله: «فقال: إن شاء الله»؛ لأن الفاء للترتيب والتعقيب.

 وقيل: ما لم يقم من مجلسه ينفعه الاستثناء التعليق بالمشيئة ما لم يقم من مجلسه وقيل: يعني قال: قدر حلب الناقة وقيل: أربعة أشهر، كل هذه لا دليل عليها، لا دليل عليها أربعة أشهر قياسًا على المولي، ما دخل هذا بهذا؟!

وقال ابن عباس: له الاستثناء أبدًا حين يذكره، وهذا الذي قيل فيه: إنه لا يمكن أن يحنث حالف قال: كلام ابن عباس- رضي الله عنه وأرضاه-، وهل يقاس على اليمين في نفع الاستثناء بالمشيئة غيره كالظهار هي عليه كظهر أمه إن شاء الله ينفع أم ما ينفع؟ والنذر إن شفى الله مريضه صام شهرًا إن شاء الله، والعتق والطلاق مسألة خلافية بين أهل العلم معروفة، وهل ينفع الاستثناء بالنية فقط؟

 والله لأفعلن كذا أو لا أفعل كذا، وقال في قرارة نفسه: إن شاء الله هل ينفعه ذلك أو لا ينفعه؟ الحديث فقال: فقال يدل على أنه لا بد أن يلفظ به؛ لأن القول معروف أنه ملفوظ به، فالجمهور على أنه لا ينفع؛ لأنه عُلِّق بالقول، وترجم البخاري -رحمه الله تعالى-: باب النية في الأيمان، وأورد حديث عمر بن الخطاب باب النية في الأيمان، فعلى هذا الكلام عند الإمام البخاري أنه ينفعه، ينفعه الاستثناء ولو بالنية.

والله أعلم.

 وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طالب: .........

نعم.

طالب: .........

يعني نترك المجال للإخوان في آخر وقت من عصر الجمعة يدعون الله -جل وعلا- لأنفسهم وأهليهم وأمتهم، عل الله أن يستجيب من الجميع.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.