التعليق على تفسير القرطبي - سورة الرعد (02)

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.

 قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى-: "قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ}.

 قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ} أَيْ لِلَّهِ مَلَائِكَةٌ يَتَعَاقَبُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فَإِذَا صَعِدَتْ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ أَعْقَبَتْهَا مَلَائِكَةُ النَّهَارِ. وَقَالَ: مُعَقِّبَاتٌ وَالْمَلَائِكَةُ ذُكْرَانٌ لِأَنَّهُ جَمْعُ مُعَقِّبَةٍ، يُقَالُ: مَلَكٌ مُعَقِّبٌ، وَمَلَائِكَةٌ مُعَقِّبَةٌ، ثُمَّ مُعَقِّبَاتٌ جَمْعُ الْجَمْعِ. وَقَرَأَ بَعْضُهُمْ: "لَهُ مَعَاقِيبُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ". وَمَعَاقِيبُ جَمْعُ مُعْقِبٍ، وَقِيلَ: لِلْمَلَائِكَةِ مُعَقِّبَةٌ عَلَى لَفْظِ الْمَلَائِكَةِ وَقِيلَ: أُنِّثَ لِكَثْرَةِ ذَلِكَ مِنْهُمْ، نَحْوُ نَسَّابَةٍ وَعَلَّامَةٍ وَرَاوِيَةٍ".

نعم، جمع التكسير يسند إليه بالتذكير وبالتأنيث، فإن أُريد الجمع ذُكِّر، وإن أريد الجماعة أُنِّث، والملائكة جمع تكسير، قال بعضهم: إن (التاء) هذه للكثرة، والمبالغة، كما يُقال: فلان هذا راوية وعلامة ونسَّابة إلى غير ذلك، نعم.

"قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ. وَالتَّعَقُّبُ الْعَوْدُ بَعْدَ الْبَدْءِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ} أَيْ لَمْ يَرْجِعْ، وَفِي الْحَدِيث: «مُعَقِّبَاتٌ لَا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ  أَوْ  فَاعِلُهُنَّ» فَذَكَرَ التَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ وَالتَّكْبِيرَ. قَال َأَبُو الْهَيْثَمِ: سُمِّينَ "مُعَقِّبَاتٌ".

 سُمِّينَ،  سُمِّينَ

 "سُمِّينَ "مُعَقِّبَاتٌ" لِأَنَّهُنَّ عَادَتْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ".

لأن بعض الجمل يعقب بعضًا، فالتسبيح يعقب التحميد، والتكبير يعقب التسبيح، وهكذا، فهي معقبات من هذه الحيثية؛ لأن بعضها يعقب بعضًا.

"فِعْلُ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا ثُمَّ عَادَ إِلَيْهِ فَقَدْ عَقَّبَ. وَالْمُعَقِّبَاتُ مِنَ الْإِبِلِ اللَّوَاتِي يَقُمْنَ عِنْدَ أَعْجَازِ الْإِبِلِ الْمُعْتَرِكَاتِ عَلَى الْحَوْضِ".

بمعنى أنهن يأتين عاقبهن، فالتي عند عجز الأخرى جاءت بعدها وعقبها.

"فَإِذَا انْصَرَفَتْ نَاقَةٌ دَخَلَتْ مَكَانَهَا أُخْرَى. وَقَوْلُهُ: { مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ} أَيِ الْمُسْتَخْفِي بِاللَّيْلِ وَالسَّارِبِ بِالنَّهَار.{يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْحِفْظِ، فَقِيلَ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَوْكِيلُ الْمَلَائِكَةِ بِهِمْ لِحِفْظِهِمْ مِنَ الْوُحُوشِ وَالْهَوَامِّ وَالْأَشْيَاءِ الْمُضِرَّةِ، لُطْفًا مِنْهُ بِهِ، فَإِذَا جَاءَ الْقَدَرُ خَلَّوْا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ".

وعلى هذا تكون (من) بمعنى (الباء)، {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} يعني بأمر الله.

"قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-. قَالَ أَبُو مِجْلَزٍ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ مُرَادٍ إِلَى عَلِيِّ فَقَالَ: احْتَرِسْ فَإِنَّ نَاسًا مِنْ مُرَادٍ يُرِيدُونَ قَتْلَكَ، فَقَالَ: إِنَّ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مَلَكَيْنِ يَحْفَظَانِهِ مَا لَمْ يُقَدَّرْ، فَإِذَا جَاءَ الْقَدَرُ خَلَّيَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَدَرِ اللَّهِ، وَإِنَّ الْأَجَلَ حِصْنٌ حَصِينَةٌ، وَعَلَى هَذَا".

لا شك أنه إذا جاء القدر فلا رادَّ له، فقول قائل وقد قيل: إن شخصًا يحافظ على الأوراد، يصلي الفجر في جماعة، وهو محافظ على الأوراد والأذكار التي تقال في الصباح والمساء، وبعد أن جلس بمجلسه إلى أن أشرقت الشمس، خرج من المجلس وحصل له حادث، صدمته سيارة فمات، نقول: كيف وهو في ذمة الله حتى يمسي؟! إذا جاء القدر فلا راد له، وليس معنى هذا أن الذي يصلي الصبح في جماعة، ويصلي العشاء في جماعة أنه في ذمة الله يعني ما يموت!

طالب: غير صحيح.

نعم، ليس معنى أنهم يحفظونه حتى من القدر، القدر لا راد له، نعم الأوراد والأذكار وصلاة الصبح وصلاة العشاء مع الجماعة أسباب، تحفظ بإذن لله، ولا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، فإذا جاء القدر نفذ على أي كائنٍ من كان، فهي أسباب قد تتخلف هذه الأسباب لمعارضٍ أقوى، وقد تتخلف لوجود مانع، وهكذا.

طالب:...........

نعم.

طالب: .......

هو إما أن يجاب، الدعاء إما أن يجاب إلى مطلوبه، وإما أن يُدخر له يوم القيامة أعظم منه، وإما أن يُصرف عنه من الشر والبلاء ما هو أعظم منه، ما يلزم أن يجاب بعين، الإجابة حاصلة، {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر:60]، الإجابة لابد منها، لكن هل يجاب إلى ما طلب، أو يُدخر له لاسيما ما هو أعظم منه، أو يُدفع عنه من الشر ما هو أشد منه؟

طالب:.......

كيف؟

طالب:.................

هو قُدِّر موقوتًا، قُدِّر إن لم يفعل هذا السبب، مثلما جاء في الحديث الصحيح أن الصلة، صلة الرحم تزيد في الأجل، وتزيد في الرزق، والأجل والرزق مقدران، لكن هذه أسباب يوقف عليها القدر والأجل، فإذا وجدت هذه الأسباب اندفع الأجل بأمر الله، وما عند الله لا يتغير.

طالب: هذه الحالات الثلاثة التي ذكرتها........ لأنه قد لا يستجاب له أصلًا بوجود مانع، حالات الإجابة: إما أن يستجاب له في الحال، أو يدفع عنه.

هذه كلها الحالات الثلاثة كلها إجابة.

طالب: نقول فيه حالة ثانية: عدم الإجابة أصلًا لوجود مانع كما ورد في الحديث: «وغُذي من حرام، فأنى يستجاب له»، «مطعمه حرام، ومشربه حرام، وغُذي بالحرام، فأنى يستجاب له».

ما أشرنا لهذا؟ ما قلنا: إنه قد لا يستجاب لوجود مانع أو لمعارض أقوى من هذا السبب؟

وَعَلَى هَذَا، {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} أَيْ بِأَمْرِ اللَّهِ وَبِإِذْنِهِ، فَ "مِنْ" بِمَعْنَى الْبَاءِ، وَحُرُوفُ الصِّفَاتِ يَقُومُ بَعْضُهَا مَقَامَ بَعْضٍ. وَقِيلَ: مِنْ بِمَعْنَى عَنْ، أَيْ يَحْفَظُونَهُ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ، وَهَذَا قَرِيبٌ مِنَ الْأَوَّلِ، أَيْ حِفْظُهُمْ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ لَا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ، وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ، تَقُولُ: كَسَوْتُهُ عَنْ عُرْيٍ وَمِنْ عُرْيٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ-: {أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ}[قريش:4] أَيْ عَنْ جُوعٍ".

الآن مقتضى كلامه أن الحرف "من" ضُمِّن معنى (الباء) أو معنى (عن)، لماذا لا يُضمن الحفظ معنى فعل آخر يحفظونه، يُضمن معنى فعل آخر يتعدى بالباء أو بـ (عن) ؟ يُضمن الحفظ، {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}، نأتي بفعلٍ يتعدى بالباء يقوم مقام يحفظون، تعرفون شيخ الإسلام -رحمه الله- يرجح تضمين الفعل لا تضمين الحرف، فيكون معنى {يَحْفَظُونَهُ}؟

طالب:...................

{مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}؟

 لا، نريد أن نبقي من، ونضمِّن يحفظون معنى فعل يتعدى بـ (من)، ويستقيم الكلام، الأول ما الداعي، ما الذي حمل شيخ الإسلام -رحمه الله- أن يقول: بأن تضمين الأفعال أولى من تضمين الحروف؟

لا شك أن المبتدعة دخلوا من باب التأويل للنفي ما يريدون نفيه، فمن يأتِي بمثال أولَّوا فيه المبتدعة حرف بحرف ووصلوا فيه إلى مرادهم؟

طالب:........................

لا، أريد حرفًا بحرف، تضمين حرف مكان حرف.

طالب:............

عليها جزء من النقد، قالوا:

طالب: {الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ}[القصص:30].

نعم.

طالب:.............

نعم.

طالب:...............

ماذا قالوا؟

طالب:...........

 إلى بمعنى إيش؟

طالب: .......

 ممكن هذا؟

تعرفون كلام شيخ الإسلام -رحمه الله- في هذه المسألة صاغها في مقدمة التفسير وفي مواضع أخرى من كتبه، تضمين الفعل أولى من تضمين الحرف، وهنا المفسر جرى على تضمين الحرف، وتضمين الحروف جرى عليه أئمة اللغة، وحكموا بأن الحروف تتقارب وينوب بعضها مناب بعض، لكن إذا لم نستطع أن نضمن الفعل فلا مفر من تضمين الحرف، {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}[طه:71]، كيف تضمن التصليب ليتعدى بـ (في)؟ لأن (في) ظرفية، ومقتضى الظرف أن يكون حاويًا للمظروف، محيطًا به، {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}[الملك:16]، لماذا يقول هنا: {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ}؟

طالب:..............

(في) بمعنى على، {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} يعني على جذوع النخل، هل نستطيع في مثل هذه الصورة أن نضمن الحرف، ولا نضمن الحرف؟ نعم، ما يمكن، ما يمكن، لابد أن نضمن الحرف، لكن فتح الباب تضمين حرف مكان حرف لا شك أنه يجر إلى فتح الباب على إطلاقه، لكن إذا لم يمكن، كيف يصلبهم في جذوع النخل؟ يريد أن ينحت جذوع النخل ويدخلهم في أجوافها؟!

مستحيل.

طالب:........................

هذا ما فيه شيء.

طالب:................

هذا يمشي عند من يقول بهذا المذهب.

طالب:...................

أبدًا أبدًا ما فيه شيء.

طالب:............

ولا شيء أبدًا.

طالب:.................

يجيء أم ما يجيء؟

طالب: .......

 ممكن؟

الآن الذي عندنا {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} من أمر الله، يتضمن حفظه على الوقاية، فيحفظونه من أمر الله، وما المانع أن يكون المعنى يحفظونه من قدر الله الذي يضره؟ فلا نحتاج إلى تضمين، نعم، مما كُتب عليهم من قدر الله الضار بالنسبة له فتكون (من) على وجهه ما تحتاج إلى تضمين، ولا نحتاج أيضًا إلى تضمين الفعل.

طالب:......................

ماذا؟

طالب:....................

نعم.

طالب:................

هو لابد من تقدير المحفوظ، يحفظونه من إيش؟ من أمر الله، ماذا يعني؟

طالب:................

لابد من تقدير المحفوظ، يحفظونه بأمر الله من أي شيء؟

طالب:.............

لابد من التقدير، سواء ضمَّنا أو لم نضمِّن، التقدير لابد منه.

طالب:...............

أجاب عنها، راجع كلام ابن القيم في الصواعق.

طالب:...............

راجع كلام الشنقيطي في مذكراته على روضة الناظر.

طالب:......................

نعم.

طالب:.............

لا شك أن بعض المواضع يبقى مشكلًا، ويبقى أنه يمكن أن يضمن الفعل، ويمكن أن يضمن الحرف، لكن إن أمكن تضمين الفعل فهو أولى من تضمين الحرف.     

"وَقِيلَ: يَحْفَظُونَهُ مِنْ مَلَائِكَةِ الْعَذَابِ، حَتَّى لَا تَحِلَّ بِهِ عُقُوبَةٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ مِنَ النِّعْمَةِ وَالْعَافِيَةِ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ بِالْإِصْرَارِ عَلَى الْكُفْرِ، فَإِنْ أَصَرُّوا حَانَ الْأَجَلُ الْمَضْرُوبُ وَنَزَلَتْ بِهِمُ النِّقْمَةُ، وَتَزُولُ عَنْهُمُ الْحَفَظَةُ الْمُعَقِّبَاتُ.

وَقِيلَ : يَحْفَظُونَهُ مِنَ الْجِنّ،  قَالَ كَعْبٌ: لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ وَكَّلَ بِكُمْ مَلَائِكَةً يَذُبُّونَ عَنْكُمْ فِي مَطْعَمِكُمْ وَمَشْرَبِكُمْ وَعَوْرَاتِكُمْ لَتَخَطَّفَتْكُمُ الْجِنُّ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، وَخَصَّهُمْ بِأَنْ قَالَ: {مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُعَايَنِينَ، كَمَا قَالَ: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} أَيْ لَيْسَ مِمَّا تُشَاهِدُونَهُ أَنْتُمْ. وَقَال َالْفَرَّاءُ: فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، تَقْدِيرُهُ، لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ، وَهُو مَرْوِيٌّ عَنْ مُجَاهِدٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَالنَّخَعِيِّ، وَعَلَى أَنَّ مَلَائِكَةَ الْعَذَابِ وَالْجِنِّ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ لَا تَقْدِيمَ فِيهِ وَلَا تَأْخِيرَ.

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: إِنَّ الْمَعْنَى يَحْفَظُونَ عَلَيْهِ عَمَلَهُ، فَحَذَفَ الْمُضَافَ. وَقَالَ قَتَادَةُ :يَكْتُبُونَ أَقْوَالَهُ وَأَفْعَالَهُ. وَيَجُوزُ إِذَا كَانَتِ الْمُعَقِّبَاتُ الْمَلَائِكَةَ أَنْ تَكُونَ الْهَاءُ فِي لَهُ لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- كَمَا ذَكَرْنَا، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلْمُسْتَخْفِي، فَهَذَا قَوْلُ. وَقِيلَ: { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ} يَعْنِي بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيْ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَحْفَظُهُ مِنْ أَعْدَائِهِ، وَقَدْ جَرَى ذِكْرُ الرَّسُولِ فِي قَوْلِه: {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} أَيْ سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ".

وهذا القول يدل عليه آية أخرى {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}[المائدة:67].

 "أَيْ سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ فِي أَنَّهُ لَا يَضُرُّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَلْ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ يَحْفَظُونَهُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، وَيَجُوزُ أَنْ يَرْجِعَ هَذَا إِلَى جَمِيعِ الرُّسُلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَالَ: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَاد} ٍ أَيْ يَحْفَظُونَ الْهَادِيَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ.

وَقَوْلٌ رَابِعٌ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ السَّلَاطِينُ وَالْأُمَرَاءُ الَّذِينَ لَهُمْ قَوْمٌ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ يَحْفَظُونَهُمْ، فَإِذَا جَاءَ  أَمْرُ اللَّهِ لَمْ يُغْنُوا عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ، وَكَذَلِكَ قَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ السُّلْطَانُ الْمُتَحَرِّسُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، الْمُشْرِكُ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ نَفْيًا مَحْذُوفًا، تَقْدِيرُهُ: لَا يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.

 قَالَ الْمَهْدَوِيُّ: وَمَنْ جَعَلَ الْمُعَقِّبَاتِ الْحَرَسَ فَالْمَعْنَى: يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ عَلَى ظَنِّهِ وَزَعْمِهِ. وَقِيلَ: سَوَاءٌ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ فَلَهُ حُرَّاسٌ وَأَعْوَانٌ يَتَعَاقَبُونَ عَلَيْهِ فَيَحْمِلُونَهُ عَلَى الْمَعَاصِي، وَيَحْفَظُونَهُ مِنْ أَنْ يَنْجَعَ فِيهِ وَعْظٌ، قَالَ الْقُشَيْرِيُّ: وَهَذَا لَا يَمْنَعُ الرَّبَّ مِنَ الْإِمْهَالِ إِلَى أَنْ يُحِقَّ الْعَذَابَ، وَهُوَ إِذَا غَيَّرَ هَذَا الْعَاصِي مَا بِنَفْسِهِ بِطُولِ الْإِصْرَارِ، فَيَصِيرُ ذَلِكَ سَبَبًا لِلْعُقُوبَةِ، فَكَأَنَّهُ الَّذِي يُحِلُّ الْعُقُوبَةَ بِنَفْسِهِ، فَقَوْلُهُ: { يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}  أَيْ مِنَ امْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ: الْمُعَقِّبَاتُ مَا يَتَعَاقَبُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَضَائِهِ فِي عِبَادِهِ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَمَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ فَفِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: { يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}  وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يَحْفَظُونَهُ مِنَ الْمَوْتِ مَا لَمْ يَأْتِ أَجَلٌ، قَالَهُ الضَّحَّاكُ.

 الثَّانِي: يَحْفَظُونَهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْهَوَامِّ الْمُؤْذِيَةِ، مَا لَمْ يَأْتِ قَدَرٌ، قَالَهُ أَبُو أُمَامَةَ وَكَعْبُ الْأَحْبَارِ، فَإِذَا جَاءَ الْمَقْدُورُ خَلَّوْا عَنْهُ.

 وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْمُعَقِّبَاتِ الْمَلَائِكَةُ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَابْنُ جُرَيْجٍ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَاخْتَارَهُ النَّحَّاس، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ الْحَدِيثَ»، رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ. وَرَوَى الْأَئِمَّةُ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَرَأَ: "مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَرُقَبَاءُ مِنْ خَلْفِهِ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ يَحْفَظُونَهُ" فَهَذَا قَدْ بَيَّنَ الْمَعْنَى".

 نعم، يتعاقبون فيكم ملائكةٌ بالليل، وملائكة بالنهار، هذا يستشهد به أهل النحو على اللغة القليلة، لغة البراغيث، يتعاقبون فيكم ملائكة، والاستشهاد إنما يجري إذا قلنا: ملائكةٌ فاعل يتعاقبون، أما إذا قلنا: فاعل يتعاقبون الواو، وملائكة بدل من الواو... بهذا يقول الجمهور. لكن إذا قلنا: الفاعل ملائكة صار فيه دليل لهذه اللغة.

 وعلى كل حال هي لغية، وليست بلغة.

طالب: على لغة الجمهور الملائكة ...

تصير بدلًا من الواو.

طالب: وعلى لغة البراغيث

... نعم.

وَقَالَ كِنَانَةُ الْعَدَوِيُّ:

طالب:.............

نعم، كلها.

وقال.

"وَقَالَ كِنَانَةُ الْعَدَوِيُّ: دَخَلَ عُثْمَان- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَخْبِرْنِي عَنِ الْعَبْدِ كَمْ مَعَهُ مِنْ مَلَكٍ؟ قَالَ: مَلَكٌ عَنْ يَمِينِكَ يَكْتُبُ الْحَسَنَاتِ، وَآخَرُ عَنِ الشِّمَالِ يَكْتُبُ السَّيِّئَاتِ، وَالَّذِي عَلَى الْيَمِينِ أَمِيرٌ عَلَى الَّذِي عَلَى الشِّمَالِ، فَإِذَا عَمِلْتَ حَسَنَةً كُتِبَتْ عَشْرًا، وَإِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً قَالَ الَّذِي عَلَى الشِّمَالِ لِلَّذِي عَلَى الْيَمِينِ: أَأَكْتُبُ؟ قَالَ لَا؛ لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تَعَالَى أَوْ يَتُوبُ إِلَيْهِ، فَإِذَا قَالَ ثَلَاثًا، قَالَ: نَعَمِ، اكْتُبْ أَرَاحَنَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ فَبِئْسَ الْقَرِينُ هُوَ، مَا أَقَلَّ مُرَاقَبَتَهُ لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- وَأَقَلَّ اسْتِحْيَاءَهُ مِنَّا، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}[ق:18]، وَمَلَكَانِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْكَ وَمِنْ خَلْفِكَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} وَمَلَكٌ قَابِضٌ عَلَى نَاصِيَتِكَ، فَإِذَا تَوَاضَعْتَ لِلَّهِ رَفَعَكَ وَإِذَا تَجَبَّرْتَ عَلَى اللَّهِ قَصَمَكَ، وَمَلَكَانِ عَلَى شَفَتَيْكَ وَلَيْسَ يَحْفَظَانِ عَلَيْكَ إِلَّا الصَّلَاةَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَمَلَكٌ قَائِمٌ عَلَى فِيكَ لَا يَدَعُ أَنْ تَدْخُلَ الْحَيَّةُ فِي فِيكَ، وَمَلَكَانِ عَلَى عَيْنَيْكَ فَهَؤُلَاءِ عَشْرَةُ أَمْلَاكٍ عَلَى كُلِّ آدَمِيٍّ يَتَدَاوَلُونَ، مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ عَلَى مَلَائِكَةِ النَّهَارِ؛ لِأَنَّ مَلَائِكَةَ اللَّيْلِ لَيْسُوا بِمَلَائِكَةِ النَّهَارِ، فَهَؤُلَاءِ عِشْرُونَ مَلَكًا عَلَى كُلِّ آدَمِيٍّ، وَإِبْلِيسُ مَعَ ابْنِ آدَمَ بِالنَّهَارِ وَوَلَدُهُ بِاللَّيْلِ .ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ".

منكر، اللفظ منكر، خرجه عندك؟

طالب:.........

منكر، منكر، ظاهر، ظاهر، ظاهر النكارة، خرج عندك؟ ماذا يقول؟

طالب:.......................

معروف، معروف، نعم.

طالب:...................

ما ذكر، الخلاف فيما لا أجر فيه ولا إثم؛ هل يُكتب أو لا يكتب؟ الخلاف بين أهل العلم فيما لا أجر فيه ولا إثم، يعني هل مَلك اليمين يكتب الحسنات، وملك الشمال يكتب السيئات، وما لا حسنة فيه ولا سيئة لا يكتب، أو يكتب كل شيء؟ {لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً}[الكهف:49].

طالب: لكن يكتب في الحسنات أم في السيئات؟

المهم يكتب، يكتب، فإذا جاء الحساب يُحاسب، وما لا ثواب فيه ولا عقاب يُلغى.

 وعلى كل حال الخلاف ما له أثر إلا أنه ينبغي على الإنسان أن يحفظ لسانه، ويحفظ بقية جوارحه، فإذا أراد أن يتكلم، ويعمل عملًا يحسب حسابه، إن كان مما ينفعه في الآخرة فليكمل، وإن كان مما يضره فليحجم، وإن كان مما لا خير فيه «فمن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»، نعم.  

 "قَالَ الْحَسَنُ: الْمُعَقِّبَاتُ أَرْبَعَةُ أَمْلَاكٍ يَجْتَمِعُونَ عِنْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ. وَاخْتِيَارُ الطَّبَرِيِّ: أَنَّ الْمُعَقِّبَاتِ الْمَوَاكِبُ بَيْنَ أَيْدِي الْأُمَرَاءِ وَخَلْفَهُمْ، وَالْهَاءُ فِي "لَهُ" لَهُنَّ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ الْعُلَمَاءُ- رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ-: إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ أَوَامِرَهُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: قَضَى حُلُولَهُ وَوُقُوعَهُ بِصَاحِبِهِ، فَذَلِكَ لَا يَدْفَعُهُ أَحَدٌ وَلَا يُغَيِّرُهُ. وَالْآخَرُ: قَضَى مَجِيئَهُ وَلَمْ يَقْضِ حُلُولَهُ وَوُقُوعَهُ، بَلْ قَضَى صَرْفَهُ بِالتَّوْبَةِ وَالدُّعَاءِ وَالصَّدَقَةِ وَالْحِفْظِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّهُ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يَقَعَ مِنْهُمْ تَغْيِيرٌ، إِمَّا مِنْهُمْ أَوْ مِنَ النَّاظِرِ لَهُمْ، أَوْ مِمَّنْ هُوَ مِنْهُمْ بِسَبَبٍ، كَمَا غَيَّرَ اللَّهُ بِالْمُنْهَزِمِينَ يَوْمَ أُحُدٍ بِسَبَبِ تَغْيِيرِ الرُّمَاةِ بِأَنْفُسِهِمْ، إِلَى غَيْرِ هَذَا مِنْ أَمْثِلَةِ الشَّرِيعَةِ، فَلَيْسَ مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّهُ لَيْسَ يَنْزِلُ بِأَحَدٍ عُقُوبَةٌ إِلَّا بِأَنْ يَتَقَدَّمَ مِنْهُ ذَنْبٌ، بَلْ قَدْ تَنْزِلُ الْمَصَائِبُ بِذُنُوبِ الْغَيْرِ، كَمَا قَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَقَدْ سُئِلَ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ». وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

نعم، وهذا إما أن يكون بسبب سكوتهم عن الإنكار، أو لأن العقوبات إذا نزلت عامة، ثم يبعثون على نياتهم ويحاسبون، ويجزون بأعمالهم، لا شك أنهم يهلكون إذا قضى الله الهلاك، يهلكون، يهلكون، يهلك فيهم الصالح والطالح، إذا كان الغالب هو الخبث، إذا كثر الخبث وانتشرت المعاصي وظهرت، فإنهم لابد من قارعة تردهم إلى دين الله، وإلى حظيرة الدين، فيهلك الصالح والطالح، والكوارث والمصائب التي حلت بالأمة شواهد، أحوال لهذه الأخبار، التتار اجتاحوا الأمة في منتصف القرن السابع، قضوا على الرطب واليابس، قضوا على الطيب والخبيث، وذلكم لظهور وفشوا المعاصي وكثرتها، والأمة في هذه الظروف لاشك أنها تنتظر القارعة، فالمنكرات والمعاصي والكبائر والصغائر كلها منتشرة، والمقابل ضعيف، الإنكار ضعيف، يوجد ولله الحمد في بعض البلدان، لكنه ضعيف.

 لكن نسأل الله سبحانه وتعالى أن يلطف بالمسلمين وإلا فمجامع المسلمين وأسواقهم ومحافلهم وبيوتهم، ولو قيل: حتى في مواطن العبادة توجد المنكرات ما بعدت، لكن نسأل الله سبحانه وتعالى أن يلطف بالمسلمين.

 فيهلك فيهم الصالح، والطالح، ثم يبعثون على نياتهم، وكل أحد يجازى بعمله، والله المستعان، نعم.

 "قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا} أَيْ هَلَاكًا وَعَذَابًا. {فَلَا مَرَدَّ لَهُ} وَقِيلَ: إِذَا أَرَادَ بِهِمْ بَلَاءً مِنْ أَمْرَاضٍ وَأَسْقَامٍ فَلَا مَرَدَّ لِبَلَائِهِ. وقيل: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا أَعْمَى أَبْصَارَهُمْ حَتَّى يَخْتَارُوا مَا فِيهِ الْبَلَاءُ وَيَعْمَلُوهُ، فَيَمْشُونَ إِلَى هَلَاكِهِمْ بِأَقْدَامِهِمْ، حَتَّى يَبْحَثَ أَحَدُهُمْ عَنْ حَتْفِهِ بِكَفِّهِ".

نعم، إذا مسخت القلوب، إذا مسخت القلوب، فلا تفيد الآيات، ولا تغني النذر، فإذا أراد الله البلاء والعقوبة هيأ الأسباب وضعفت الموانع التي ترد هذه العقوبة. يوجد العقلاء، يوجد الحكماء، يوجد العلماء، لكن لا راد لقضاء الله، يوجد، لكن لا تغني الآيات حينئذٍ، فطمس البصائر والقلوب إذا وُجد فالأمر مشكل، فجاء في عقوبات آخر الزمان من الخسف والمسخ ما جاء، وجاء في الخبر أن الرجلين يمشيان إلى معصية فيمسخ أحدهما خنزيرًا، فهل يرجع الثاني عن معصيته؟!، يمضي إلى معصيته، هو يرى صاحبه الممسوخ.

 والشاهد موجود، أمة من الأمم تُخرج من بلادها بقارعة حلت بهم، وعادوا إلى بلادهم أسوأ مما أُخذوا، مثل الشخص الذي مُسخ خنزيرًا ومضى صاحبه في المعصية، يعني هل اتعظوا؟ هل ازدجروا؟ هل رجعوا عما كانوا عليه من المعاصي والمنكرات؟ لا، صاروا أشر مما كانوا عليه، ويأتي في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ}، هو الآن معنا، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ}، من صيغ العموم، فإن كانت حالهم سيئة لا تتغير أوضاعهم السيئة، حتى يغيروا حالهم إلى حُسن، فيغير الله ما بهم إلى حُسن، والعكس بالعكس. إذا كانت حالهم صالحة، فتغيروا إلى حالةٍ سيئة تغيرت أحوالهم وأوضاعهم وظروفهم إلى أسوأ، نسأل الله العافية.

"حَتَّى يَبْحَثَ أَحَدُهُمْ عَنْ حَتْفِهِ بِكَفِّهِ، وَيَسْعَى بِقَدَمِهِ إِلَى إِرَاقَةِ دَمِهِ. {وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ}". 

نعم إذا لم يكن عونٌ من الله للفتى فأول ما يقضي عليه اجتهاده، يسعى بقدمه إلى إراقة دمه، ويبحث عن حتفه بكفه، إذا تخلت عنه العناية الإلهية فحدث ولا حرج من سوء الحال، وضيق النفس، والتعاسة -نسأل الله العافية-، حتى يبحث عن حتفه، وإذا كان العون من الله سبحانه وتعالى والعناية الإلهية بالمرء فحدِّث ولا حرج من البركات والخيرات والله المستعان.

طالب:................

بالاعتصام بالكتاب والسنة.

طالب:.........................

نعم.

الضيق نسبي، قد تجد الشخص في القصور، وفي المراكز وفي الأموال، وهو أسوأ الناس حالًا، وتجد الشخص في السجن أو في الفقر المدقع أو في الجوع الشديد، ومع ذلك هو أطيب الناس حالًا. والله سبحانه وعد من آمن وعمل صالحًا أن يحييه الله حياة طيبة، ما سمعت ماذا يقول شيخ الإسلام وهو في السجن؟ نعم، ما سمعت ماذا يقول من يكابد قيام الليل وصيام الهواجر؟ نعم.

طالب:.................................

 هذا لا تقوم له الدنيا كلها بأثرها مثل هذه اللذة، ما هي باللذة أن تكون سيارتك من النوع المريح الفاخر، أو مركوبك، أو زوجتك، أو منزلك، لا، أو وضعك الاجتماعي، ما ينفع، قد يكون الناس يحتفون بشخص ويشيرون إليه بالأصابع: ما أعقله! ما أحلمه! وهو ماذا وضعه عند الله؟ لا يزن عند الله إيش؟ جناح بعوضة، هو يزدري الناس، وبعض الأشخاص رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب، لو أقسم على الله لأبره، فالمقياس شرعي.

طالب:..... أنا أقصد أن الإنسان يقدر، هل يكون هذا نوع من الابتلاء؟

هو ما فيه شك أن الفقر ابتلاء، الغنى ابتلاء، هل يصبر الفقير ويحتسب؟ هل يشكر الغني ويبذل؟

طالب: ما الفارق -أحسن الله إليك- بين الابتلاء، وبين الغضب من الله؟

هو إن كان هذا الابتلاء قد وافق معصية، وقع على عاصٍ؛ فهو لا شك أنه غضب وتكفير في الوقت نفسه، وإن لم يوافق معصية؛ فهو رفع درجات، والثانية غير مأسوف عليها.

طالب: يعني هل يا شيخ إذا وافق الأمر ... نتكلم مثلًا أمور ضيقة وملخبطة .... سبحانه وتعالى واعتصم به، وفقه الله وفتح عليه أبوابًا ما كان يحلم، ولا كانت في تفكيره أصلًا، هل هذا يقول: إن من أسباب اعتصامه ومن نتائج اعتصامه بالله أن يسر له أمره؟

بلا شك، وقد يعتصم بالكتاب والسنة ولا يتيسر أمره في الدنيا ويُدخر له في الآخرة.  

  "{وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} أَيْ مَلْجَأٍ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلُ السُّدِّيِّ. وَقِيلَ: مِنْ نَاصِرٍ يَمْنَعُهُمْ مِنْ عَذَابِهِ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:

مَا فِي السَّمَاءِ سِوَى الرَّحْمَنُ مِنْ وَالٍ

 وَوَالٍ وَوَلِيٍّ كَقَادِرٍ وَقَدِيرٍ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ} أَيْ بِالْمَطَرِ. السَّحَابُ جَمْعٌ، وَالْوَاحِدَةُ سَحَابَةٌ، وَسُحُبٌ وَسَحَائِبُ فِي الْجَمْعِ أَيْضًا. {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ}  قَدْ مَضَى فِي "الْبَقَرَةِ" الْقَوْلُ فِي الرَّعْدِ وَالْبَرْقِ وَالصَّوَاعِقِ فَلَا مَعْنَى لِلْإِعَادَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْآيَةِ بَيَانُ كَمَالِ قُدْرَتِهِ، وَأَنَّ تَأْخِيرَ الْعُقُوبَةِ لَيْسَ عَنْ عَجْزٍ، أَيْ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ فِي السَّمَاءِ خَوْفًا لِلْمُسَافِرِ، فَإِنَّهُ يَخَافُ أَذَاهُ؛ لِمَا يَنَالُهُ مِنَ الْمَطَرِ وَالْهَوْلِ وَالصَّوَاعِقِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَذًى مِنْ مَطَرٍ}،  وَطَمَعًا لِلْحَاضِرِ أَنْ يَكُونَ عَقِبَهُ مَطَرٌ وَخِصْبٌ، قَالَ مَعْنَاهُ قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَ الْحَسَنُ: خَوْفًا مِنْ صَوَاعِقِ الْبَرْقِ، وَطَمَعًا فِي غَيْثِهِ الْمُزِيلِ لِلْقَحْطِ".

ولا شك أن الصواعق محدثة للخوف والرعب، وقد تنزل بالضرر، وحصل في الأيام القريبة ما حصل، صوت الرعد والصواعق، شخص يكلم آخر على تليفونه الجوال ماذا حصل له؟

طالب: .......

 تُوفي.

طالب:..................

نعم، وقريبًا بين مكة وجدة نزلت صاعقة فأكلت أو أحرقت من الأعلاف ما أدري كم قالوا؟ كم؟ طالب: .......

خمسين ألف بالة، ربطة من الأعلاف بين جدة ومكة نزلت، وكله كان في الصحف، فهذه ذُكرت في الصحف، هذه لا شك أنها قوارع يخوِّف الله بها عباده.

طالب:....................

الله المستعان، الله المستعان.

"{وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ} قَالَ مُجَاهِدٌ: أَيْ بِالْمَاءِ. { وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ}  مَنْ قَالَ: إِنَّ الرَّعْدَ صَوْتُ السَّحَابِ فَيُجَوِّزُ أَنْ يُسَبِّحَ الرَّعْدُ بِدَلِيلِ خَلْقِ الْحَيَاةِ فِيهِ، وَدَلِيلُ صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ قَوْلُهُ: {وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ} فَلَوْ كَانَ الرَّعْدُ مَلَكًا لَدَخَلَ فِي جُمْلَةِ الْمَلَائِكَةِ".

ومع هذا لا ينفي هذا التركيب أن يكون ملكًا، وقد قيل، إنه مَلك يزجر السحاب، فيكون من عطف العام على الخاص، {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ}[النبأ:38]، الروح تجري، يسبح الرعد بحمده والملائكة، فيكون من عطف العام على الخاص هذا على القول بأن الرعد ملك، والصواعق صوته، وهو يزجر السحاب، وقد مضى هذا في أوائل البقرة.

طالب:..............................

{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}[الإسراء:44]،

طالب: حتى الجمادات؟

حتى الجمادات، حتى العصا الذي شقه النبي -عليه الصلاة والسلام- لنصفين، ووضعهما على القبر، ومن خفف العذاب عن صاحبه ما لم ييبسا، قالوا: إن الرطب هذا يسبح.

طالب:......................

نعم.

طالب:........................

كل شيء يسبح، تسبيح كل شيء بحسبه.

"وَمَنْ قَالَ إِنَّهُ مَلَكٌ قَالَ: مَعْنَى. مِنْ خِيفَتِهِ مِنْ خِيفَةِ اللَّهِ، قَالَهُ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ خَائِفُونَ مِنَ اللَّهِ لَيْسَ كَخَوْفِ ابْنِ آدَمَ، لَا يَعْرِفُ وَاحِدُهُمْ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ وَمَنْ عَلَى يَسَارِهِ، لَا يَشْغَلُهُمْ عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ طَعَامٌ وَلَا شَرَابٌ".

نعم، خائفون من الله ليس كخوف ابن آدم، تجد ابن آدم خائف، ومع ذلكم يلتفت يمينًا وهو مع خوفه يزاول بعض المعاصي، هذا خوف حقيقي أم كاذب؟ الخوف الحقيقي هو الذي يكف عن المعاصي، ما فائدة الخوف والرجاء؟ الرجاء هو الذي يبعث على العمل، ما يبعث على الكسل! والخوف هو الذي يبعث عن العمل، ولا يؤدي إلى القنوط، هنا يقول: خائفون من الله، ليس كخوف ابن آدم لا يعرف واحد من على يمينه، ومن على يساره، هذا الخوف الحقيقي.

"وَعَنْهُ قَالَ: الرَّعْدُ مَلَكٌ يَسُوقُ السَّحَابَ، وَإِنَّ بُخَارَ الْمَاءِ لَفِي نُقْرَةِ إِبْهَامِهِ، وَإِنَّهُ مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يُؤْمَرُ، وأنَّهُ يُسَبِّحُ اللَّهَ، فَإِذَا سَبَّحَ الرَّعْدُ لَمْ يَبْقَ مَلَكٌ فِي السَّمَاءِ إِلَّا رَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّسْبِيحِ، فَعِنْدَهَا يَنْزِلُ الْقَطْرُ، وَعَنْهُ أَيْضًا كَانَ إِذَا سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ قَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي سَبَّحْتُ لَهُ. وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ قَالَ: سُبْحَانَهُ الَّذِي يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا وَعِيدٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ شَدِيدٌ. وَقِيلَ: إِنَّهُ مَلَكٌ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَعَنْ يَمِينِهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِذَا أَقْبَلَ عَلَى يَمِينِهِ وَسَبَّحَ سَبَّحَ الْجَمِيعُ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ، وَإِذَا أَقْبَلَ عَلَى يَسَارِهِ وَسَبَّحَ سَبَّحَ الْجَمِيعُ مِنْ خَوْفِ اللَّهِ. 

{وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ} ذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَمُجَاهِدٍ: نَزَلَتْ فِي يَهُودِيٍّ قَالَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ رَبُّكَ، أَمِنْ لُؤْلُؤٍ أَمْ مِنْ يَاقُوتٍ؟ فَجَاءَتْ صَاعِقَةٌ فَأَحْرَقَتْهُ.

 وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي بَعْضِ كُفَّارِ الْعَرَبِ،  قَالَ الْحَسَن كَانَ رَجُلٌ مِنْ طَوَاغِيتَ الْعَرَبِ بَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَفَرًا يَدْعُونَهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْإِسْلَامِ، فَقَالَ لَهُمْ: أَخْبِرُونِي عَنْ رَبِّ مُحَمَّدٍ مَا هُوَ؟، وَمِمَّ هُوَ؟ أَمِنْ فِضَّةٍ أَمْ مِنْ حَدِيدٍ أَمْ نُحَاسٍ؟ فَاسْتَعْظَمَ الْقَوْمُ مَقَالَتَهُ، فَقَالَ: أُجِيبُ مُحَمَّدًا إِلَى رَبٍّ لَا يَعْرِفُهُ! فَبَعَثَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْهِ مِرَارًا وَهُوَ يَقُولُ مِثْلَ هَذَا، فَبَيْنَا النَّفَرُ يُنَازِعُونَهُ وَيَدْعُونَهُ إِذِ ارْتَفَعَتْ سَحَابَةٌ فَكَانَتْ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ، فَرَعَدَتْ وَأَبْرَقَتْ وَرَمَتْ بِصَاعِقَةٍ، فَأَحْرَقَتِ الْكَافِرَ وَهُمْ جُلُوسٌ، فَرَجَعُوا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَاسْتَقْبَلَهُمْ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: احْتَرَقَ صَاحِبُكُمْ، فَقَالُوا: مِنْ أَيْنَ عَلِمْتُمْ؟ قَالُوا: أَوْحَى اللَّهُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. {وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ}. ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ عَنِ الْحَسَنِ، وَالْقُشَيْرِيِّ بِمَعْنَاهُ عَنْ أَنَسٍ، وَسَيَأْتِي.

تخريجه؟

طالب: .......

 خرَّج؟

طالب:.......................

نعم، لكن القشيري رواه عن أنس ما يصير مرسلًا،

طالب:................

ممكن، نعم.

طالب:..................

نعم، تعرف القشيري كتبه مطبوعة.

طالب:..........................

نعم.

طالب:.................

ماذا؟

طالب:......................

نفس الموضع؟ نفس الموضع الذي سيأتي؟

"وَقِيلَ: نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي أَرْبَدَ بْنِ رَبِيعَةَ أَخِي لَبِيَدِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَفِي عَامِرِ بْنِ الطُّفَيْلِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاس: أَقْبَلَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ وَأَرْبَدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْعَامِرِيَّانِ يُرِيدَانِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ جَالِسٌ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَدَخَلَا الْمَسْجِدَ، فَاسْتَشْرَفَ النَّاسُ لِجَمَالِ عَامِرٍ وَكَانَ أَعْوَرَ، وَكَانَ مِنْ أَجْمَلِ النَّاسِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ قَدْ أَقْبَلَ نَحْوَكَ، فَقَالَ: «دَعْهُ فَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يَهْدِهِ»، فَأَقْبَلَ حَتَّى قَامَ عَلَيْهِ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مَا لِي إِنْ أَسْلَمْتُ؟ فَقَالَ: «لَكَ مَا لِلْمُسْلِمِينَ، وَعَلَيْكَ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ». قَالَ: أَتَجْعَلُ لِيَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِكَ؟ قَالَ: «لَيْسَ ذَاكَ إِلَيَّ، إِنَّمَا ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ يَجْعَلُهُ حَيْثُ يَشَاءُ». قَالَ: أَفَتَجْعَلُنِي عَلَى الْوَبَرِ وَأَنْتَ عَلَى الْمَدَرِ؟ قَالَ: «لَا». قَالَ: فَمَا تَجْعَلُ لِي؟ قَالَ: «أَجْعَلُ لَكَ أَعِنَّةِ الْخَيْلِ تَغْزُو عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ». قَالَ: أَوَلَيْسَ لِي أَعِنَّةُ الْخَيْلِ الْيَوْمَ؟ قُمْ مَعِي أُكَلِّمْكَ، فَقَامَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ عَامِرٌ أَوْمَأَ إِلَى أَرْبَدَ  إِذَا رَأَيْتَنِي أُكَلِّمُهُ فَدُرْ مِنْ خَلْفِهِ وَاضْرِبْهُ بِالسَّيْفِ، فَجَعَلَ يُخَاصِمُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيُرَاجِعُهُ، فَاخْتَرَطَ أَرْبَدُ مِنْ سَيْفِهِ شِبْرًا ثُمَّ حَبَسَهُ اللَّهُ  فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى سَلِّهِ، وَيَبِسَتْ يَدُهُ عَلَى سَيْفِهِ، وَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ صَاعِقَةً فِي يَوْمٍ صَائِفٍ صَاحٍ فَأَحْرَقَتْهُ، وَوَلَّى عَامِرٌ هَارِبًا وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! دَعَوْتَ رَبَّكَ عَلَى أَرْبَدَ حَتَّى قَتَلْتَهُ، وَاللَّهِ لَأَمْلَأَنَّهَا عَلَيْكَ خَيْلًا جُرْدًا، وَفِتْيَانًا مُرْدًا، فَقَالَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: «يَمْنَعُكَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ وَأَبْنَاءُ قَيْلَةَ»، يَعْنِي الْأَوْسَ وَالْخَزْرَجَ ، فَنَزَلَ عَامِرٌ بَيْتَ امْرَأَةٍ سَلُولِيَّةٍ".

ما استفاد، ما استفاد من هذه المصيبة التي حلت بصاحبه، دَعَوْتَ رَبَّكَ عَلَى أَرْبَدَ حَتَّى قَتَلْتَهُ، وَاللَّهِ لَأَمْلَأَنَّهَا عَلَيْكَ خَيْلًا جُرْدًا، وفتيانًا مردًا. ما قال: تدعو علي.

طالب:...........

الله المستعان، نعم.

"فَنَزَلَ عَامِرٌ بَيْتَ امْرَأَةٍ سَلُولِيَّةٍ وَأَصْبَحَ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَئِنْ أَصْحَرَ لِي مُحَمَّدٌ وَصَاحِبُهُ، يُرِيدُ مَلَكَ الْمَوْتِ، لَأَنْفَذْتُهُمَا بِرُمْحِي".

يعني برز إلى الصحراء.

"فَأَرْسَلَ اللَّهُ مَلَكًا فَلَطَمَهُ  بِجَنَاحِهِ فَأَذْرَاهُ فِي التُّرَابِ، وَخَرَجَتْ عَلَى رُكْبَتِهِ غُدَّةٌ عَظِيمَةٌ فِي الْوَقْتِ، فَعَادَ إِلَى بَيْتِ السَّلُولِيَّةِ وَهُوَ يَقُولُ: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ، وَمَوْتٌ فِي بَيْتِ سَلُولِيَّةٍ، ثُمَّ رَكِبَ عَلَى فَرَسِهِ فَمَاتَ عَلَى ظَهْرِ» وَرَثَى لَبِيَدُ بْنَ رَبِيعَةَ أَخَاهُ أَرْبَدَ فَقَال:َ

يَا عَيْنُ هَلَّا بَكَيْتِ أَرْبَدَ إِذْ قُمْنَا وَقَامَ الْخُصُومُ فِي كَبَدِ 

أَخْشَى عَلَى أَرْبَدَ الْحُتُوفِ وَلَا أَرْهَبُ نَوْءَ السِّمَاكِ وَالْأَسَدِ

فَجَعَنِي الرَّعْدُ وَالصَّوَاعِقُ بِالْفَارِسِ يَوْمَ الْكَرِيهَةِ النَّجِدِ

وَفِيهِ قَالَ:

إِنَّ الرَّزِيَّةَ لَا رَزِيَّةَ مِثْلُهَا

فِقْدَانُ كُلِّ أَخٍ كَضَوْءِ الْكَوْكَبِ

يَا أَرْبَدَ الْخَيْرِ الْكَرِيمِ جُدُودُهُ

أَفْرَدْتَنِي أَمْشِي بِقَرْنٍ أَعْضَبِ

 

وَأَسْلَمَ لَبِيَدٌ بَعْدَ ذَلِكَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-.

مَسْأَلَةٌ: رَوَى أَبَانُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لَا تَأْخُذُ الصَّاعِقَةُ ذَاكِرًا لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-»".

مخرج؟

طالب:.....................

فقط؟ ماذا عندك؟

طالب:.......................

نعم، وقال.

"وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ يَقُولُ: «سُبْحَانَ»"

الشيخ : ..............

«سُبْحَانَ َمنْ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ، فَإِنْ أَصَابَتْهُ صَاعِقَةٌ فَعَلَيَّ دِيَتُهُ». وَذَكَرَ الْخَطِيبُ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ عُمَرَ فِي سَفَرٍ فَأَصَابَنَا رَعْدٌ وَبَرْدٌ، فَقَالَ لَنَا كَعْبٌ: مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الرَّعْدَ: سُبْحَانَ مَنْ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ثَلَاثًا عُوفِيَ مِمَّا يَكُونُ فِي ذَلِكَ الرَّعْدِ، فَفَعَلْنَا فَعُوفِينَا، ثُمَّ لَقِيتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّاب- رِضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَإِذَا بَرَدَةٌ قَدْ أَصَابَتْ أَنْفَهُ فَأَثَّرَتْ بِهِ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا هَذَا؟ قَالَ بَرَدَةٌ أَصَابَتْ أَنْفِي فَأَثَّرَتْ، فَقُلْتُ: إِنَّ كَعْبًا حِينَ سَمِعَ الرَّعْدَ قَالَ لَنَا: مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الرَّعْدَ سُبْحَانَ مِنْ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ثَلَاثًا عُوفِيَ مِمَّا يَكُونُ فِي ذَلِكَ الرَّعْدِ، فَقُلْنَا: فَعُوفِينَا، فَقَالَ عُمَرُ: أَفَلَا قُلْتُمْ لَنَا حَتَّى نَقُولَهَا؟ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى فِي "الْبَقَرَة".

طالب:.......................

لا لا، حديث كَانَ النَّبِيُّ -عليه الصلاة والسلام- إِذَا سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ يَقُولُ:.. لا، مرفوع ضعيف جدًّا موقوف على ابن الزبير، نعم.

طالب:.........................

هو موقوف على الزبير، ماذا عندك؟

طالب:...................................

نعم.

طالب:..................................

كلها ضعيفة.

طالب:................

 لا لا، ذكرت في التفسير.

طالب:.........................

هو من قول الزبير صحيح، يثبت عن الزبير، نعم.

طالب:..................

كيف؟

طالب:.................

أنت تتلو الآية، وتلاوة الآية في مناسبتها شرعي أم غير شرعي؟ في المناسبة؟ يعني إذا مررت بشيء ذكّرك بهذه الآية، تذكر هذه الآية.

طالب:...................

أو يحتاج إلى أن الشرع قال ذلك في هذا الموطن؟

طالب:.................

الكلام مشى عليه، على أن الشيء يُذكر في القرآن، فإذا جاء ذكر هذا الشيء تذكر الآية من أجله، أو ما تذكر الآية في موطن خاص إلا ولك به سلف؟

طالب:......................

كلهم أم واحد منهم وما قاله الباقي؟

طالب:......................

يأتي مثل هذا عند من أراد أن يصلي ركعتي الطواف، هل يُشرع له أن يقول: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}[البقرة:125]؟ من صعد على الصفا قال: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ}[البقرة:158]؟ هذا قاله النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن في المواطن الأخرى، يعني من انصرف..

طالب:.......................

من انصرف من عرفة إلى المزدلفة هل يُشرع أن يقول: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ } [البقرة:198]، يقرأ الآية، دع الأمر بالذكر مشروع، لكن هل يتلو الآية؟

طالب:............................

نعم.

طالب:........................... امرأة ماتت وخرج ابنها منها حيًّا....

أنت حينما تسبح، أنت تتعبد، أنت تتعبد، وعلى كل حال هو عن الزبير ثابت، والمرفوع ضعيف جدًّا.

طالب:.......................

لا، ما يأخذ الحكم؛ لأنه لعله اجتهد مثلما تذكرون، كأن ذكرنا الرعد بالتسبيح فنسبح.

طالب:........................

ما تُذكر إلا إذا ثبت فيها عن الشارع شيء.

طالب:..........................

هذه مثل ما يذكرون عن امرأة كانت تتكلم في أدنى مناسبة تأتي بآية، ومثل تلاوة الآيات التي تمر مناسبتها في الخطبة، خطبة الجمعة، خطيب الجمعة يتحدث عن موضوع، وفي الموضوع يأتي بآيات، فهل يقرأ الآيات في الصلاة؟ كونه يقرأها في الخطبة لا إشكال فيه، لكن هل يقرأها في الصلاة؟

طالب:......................................

يعني كون الشيء يُقرأ أحيانًا أو يُذكر أحيانًا لا بأس، ما فيه إشكال، لكن الإشكال على اعتياده وربطه بهذا السبب، ربطه بهذا السبب.

طالب:.........................

كيف؟

طالب: ما الإشكال؟

وقت عبادة لم يوقتها الشارع.

طالب:......مثل ما يفعل أئمة الحرم...

هذا دليل؟

طالب: لا أنا أسأل عنه..

يستدل به أو يستدل له؟

طالب: يستدل له ... كثير من الأئمة يقرءون مثلًا آيات آل عمران في يوم كذا و... وآيات الحج في أيام الحج، من باب ربط الآيات..

وفي هذه المناسبة أيام عاشوراء يقرءون قصة موسى وهلاك من فرعون، هذا اجتهاد، لكن كونه يُعتمد ويصير ديدنًا وعادة يحتاج إلى دليل.

طالب:.. ما رأيكم في قضية الخطبة أو الخطابة عن نفس الموضوع إذا جاءت مناسبته...؟

هذه مناسبات، والخطب جُعلت للمناسبات، وتذكير الناس كل ما يحتاجونه في الوقت.

طالب: هذه لا إشكال فيها.

ما فيه إشكال.

طالب:............................

باستمرار؟

طالب: .......

 يعني باستمرار كل خطبة يقرأ في الصلاة ما يناسبها من الآيات؟

طالب: غالبها.

تحتاج إلى توقيف نعم.

طالب:............................

بمثله، ما أرى فيه شيئًا، ما فيه شيء..

طالب:...........................

كيف؟

طالب:.........................

نعم.

طالب:.....................

 لا، لا، بنفس الصلاة لا في ... غالبًا، لا لا صلِّ بـ (ق) و(اقتربت) في مناسبة  ما يمنع، ولا تلازم بينهم؛ لأنه قرأها على ...

"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ} يَعْنِي جِدَالَ الْيَهُودِيِّ حِينَ سَأَلَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى: مِنْ أَيُّ شَيْءٍ هُوَ؟ قَالَهُ مُجَاهِدٌ.

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: جِدَالُ أَرْبَدَ فِيمَا هَمَّ بِهِ مِنْ قَتْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ { وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ} حَالًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعًا. وَرَوَى أَنَسٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ إِلَى عَظِيمٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَدْعُوهُ إِلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ: أَخْبِرْنِي عَنْ إِلَهِكَ هَذَا؟ أَهُوَ مِنْ فِضَّةٍ".

قوله: "يجوز أن يكون حالًا" { وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ}  وهم حال كونهم يجادلون، هذا قول يجوز أن يكون قوله: { وَهُمْ يُجَادِلُونَ} حال، ويجوز أن يكون قولهم منقطعًا، فتكون (الواو) استئنافية وليست (واو) الحال.

"أَخْبِرْنِي عَنْ إِلَهِكَ هَذَا؟ أَهُوَ مِنْ فِضَّةٍ أَمْ مِنْ ذَهَبٍ أَمْ مِنْ نُحَاسٍ؟ فَاسْتَعْظَمَ ذَلِكَ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَأَعْلَمُهُ، فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ فَادْعُهُ فَرَجَعَ إِلَيْهِ وَقَدْ أَصَابَتْهُ صَاعِقَةٌ، وَعَادَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ نَزَلَ: {وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: الْمِحَالُ الْمَكْرُ، وَالْمَكْرُ مِنَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- التَّدْبِيرُ بِالْحَقّ. قال النَّحَّاسُ: الْمَكْرُ مِنَ اللَّهِ إِيصَالُ الْمَكْرُوهِ إِلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ".

المكر والكيد من الصفات التي يثبتها أهل السنة والجماعة لله –عز وجل- على ما يليق بجلاله وعظمته من غير أن نتعرض لتأويلها ولا لتفسيرها، ما نقول: إن المراد بالمكر هو التدبير بالحق، والمكر هو إيصال المكروه وما أشبه ذلك، الكيفية مجهولة.

طالب:............................أنها في البشر صفة ذم.....

{سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ }[التوبة:79]، {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ}[البقرة:15].

طالب: .......

قد تكون الصفة في المخلوق ذمًّا، وفي الخالق مدحًا، والعكس، والعكس، فالعُقم بالنسبة للمخلوق ذم، والله سبحانه وتعالى {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}[الإخلاص:3]، مدح، فلا تلازم بين صفات الخالق وصفات المخلوق، ما جاءنا عن الله وعن رسوله يلزمنا إثباته، ولا نتعرض لتأويله، مكر الخالق ليس مثل مكر المخلوق.

طالب: .......

 نعم.

طالب:................................

يعني مقابلة، {شَدِيدُ الْمِحَالِ} شديد المكر، شديد المكر، {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ}[الأنفال:30]، هذا عندما قلنا: في المقابلة، ما تثبت إلا في باب المقابلة، لكن ما المانع أن تثبت على إطلاقها، وعلى ما يليق بالله سبحانه وتعالى وعظمته؟

طالب:...............................

نعم.

طالب:..............................

خدَعة؟

طالب: .......

 نعم لا بأس.

"وَرَوَى ابْنُ الْيَزِيدِيِّ عَنْ أَبِي زَيْدٍ {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} أَيِ النِّقْمَةِ. وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْمِحَالُ أَيِ الْقُوَّةُ وَالشِّدَّةُ. وَالْمَحْلُ: الشِّدَّةُ، الْمِيمُ أَصْلِيَّةٌ، وَمَاحَلْتُ فُلَانًا مِحَالًا أَيْ قَاوَيْتُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَيُّنَا أَشَدُّ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الْمِحَالُ الْعُقُوبَةُ وَالْمَكْرُوهُ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ:  الْمِحَالُ الْجِدَالُ، يُقَالُ: مَاحَلَ عَنْ أَمْرِهِ أَيْ جَادَلَ. وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَيْ شَدِيدُ الْكَيْدِ ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْحِيلَةِ، جُعِلَ مِيمُهُ كَمِيمِ الْمَكَانِ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْكَوْنِ، ثُمَّ يُقَالُ: تَمَكَّنْتُ.

وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ  غَلِطَ ابْنُ قُتَيْبَةَ أَنَّ الْمِيمَ فِيهِ زَائِدَةٌ، بَلْ هِيَ أَصْلِيَّةٌ، وَإِذَا رَأَيْتَ الْحَرْفَ عَلَى مِثَالِ فِعَالٍ أَوَّلُهُ مِيمٌ مَكْسُورَةٌ فَهِيَ أَصْلِيَّةٌ، مِثْلُ  مِهَادٌ وَمِلَاكٌ وَمِرَاسٌ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْحُرُوفِ. وَمِفْعَلٌ إِذَا كَانَتْ مِنْ بَنَاتِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ يَجِيءُ بِإِظْهَارِ الْوَاوِ مِثْلَ: مِزْوَدٌ وَمِحْوَلٌ وَمِحْوَرٌ، وَغَيْرُهَا مِنَ الْحُرُوفِ، وَقَالَ: وَقَرَأَ الْأَعْرَج "وَهُوَ شَدِيدُ الْمَحَالِ" بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَجَاءَ تَفْسِيرُهُ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ الْحَوْلُ، ذَكَرَ هَذَا كُلَّهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ، إِلَّا مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ.

  وَأَقَاوِيلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ بِمَعْنَاهَا، وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ:

 أَوَّلُهَا: شَدِيدُ الْعَدَاوَةِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاس وَثَانِيهَا: شَدِيدُ الْحَوْلِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا. وَثَالِثُهَا: شَدِيدُ الْأَخْذِ، قَالَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

 وَرَابِعُهَا: شَدِيدُ الْحِقْدِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَخَامِسُهَا: شَدِيدُ الْقُوَّةِ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ  وَسَادِسُهَا: شَدِيدُ الْغَضَبِ، قَالَهُ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ.

 وَسَابِعُهَا: شَدِيدُ الْهَلَاكِ بِالْمَحْلِ، وَهُوَ الْقَحْطُ، قَالَهُ الْحَسَنُ أَيْضًا. وَثَامِنُهَا: شَدِيدُ الْحِيلَةِ، قَالَهُ قَتَادَةُ. 

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَمَعْمَرٌ: الْمِحَلُ وَالْمُمَاحَلَةُ".

 الْمِحَالُ.

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَمَعْمَرٌ: الْمِحَالُ وَالْمُمَاحَلَةُ الْمُمَاكَرَةُ وَالْمُغَالَبَةُ، وَأَنْشَدَ لِلْأَعْشَى:

فَرْعُ نَبْعٍ يَهْتَزُّ فِي غُصْنِ الْمَجْ

دِ كَثِيرُ النَّدَى شَدِيدُ الْمِحَالِ

  وَقَالَ آخَرُ:

وَلَبَّسَ بَيْنَ أَقْوَامٍ فَكُلٌّ

أَعَدَّ لَهُ الشَّغَازِبَ وَالْمِحَالَا

وَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ:

لَاهُمَّ إِنَّ الْمَرْءَ يَمْ

نَعُ رَحْلَهُ فَامْنَعْ حِلَالَكَ  

لَا يَغْلِبَنَّ صَلِيبُهُمْ وَمِحَا

لُهُمْ عَدْوًا مِحَالَكَ

قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ}  أَيْ لِلَّهِ دَعْوَةُ الصِّدْقِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ، فَدُعَاؤُهُ دَعْوَةُ الْحَقّ. وَقِيلَ: إِنَّ الْإِخْلَاصَ فِي الدُّعَاءِ هُوَ دَعْوَةُ الْحَقِّ.

 قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَقِيلَ: دَعْوَةُ الْحَقِّ دُعَاؤُهُ عِنْدَ الْخَوْفِ، فَإِنَّهُ لَا يُدْعَى فِيهِ إِلَّا إِيَّاهُ. كَمَا قَالَ: {ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ}  قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهُوَ أَشْبَهُ بِسِيَاقِ الْآيَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ}". 

لأنه ماذا بعد الحق إلا الضلال؟ فإذا كان من يُدعى سوى الله -سبحانه وتعالى- قد ضل، فالله -سبحانه وتعالى- هو الحق.

"لِأَنَّهُ قَالَ: {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ} يَعْنِي الْأَصْنَامَ وَالْأَوْثَانَ. {لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ} أَيْ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ دُعَاءً، وَلَا يَسْمَعُونَ لَهُمْ نِدَاءً. {إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ} ضَرَبَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- الْمَاءَ مَثَلًا لِيَأْسِهِمْ مِنَ الْإِجَابَةِ لِدُعَائِهِمْ، لِأَنَّ الْعَرَبَ تَضْرِبُ لِمَنْ سَعَى فِيمَا لَا يُدْرِكُهُ مَثَلًا بِالْقَابِضِ الْمَاءَ بِالْيَدِ، قَالَ:

فَأَصْبَحْتُ فِيمَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا

مِنَ الْوُدِّ مِثْلَ الْقَابِضِ الْمَاءَ بِالْيَدِ

وَفِي مَعْنَى هَذَا الْمَثَلِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أحدها: أَنَّ الَّذِي يَدْعُو إِلَهًا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَالظَّمْآنِ الَّذِي يَدْعُو الْمَاءَ إِلَى فِيهِ مِنْ بَعِيدٍ يُرِيدُ تَنَاوُلَهُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِلِسَانِهِ، وَيُشِيرُ إِلَيْهِ بِيَدِهِ فَلَا يَأْتِيهِ أَبَدًا؛ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يَسْتَجِيبُ، وَمَا الْمَاءُ بِبَالِغٍ إِلَيْهِ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ. 

الثاني: أَنَّهُ كَالظَّمْآنِ الَّذِي يَرَى خَيَالَهُ فِي الْمَاءِ وَقَدْ بَسَطَ كَفَّهُ فِيهِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ، لِكَذِبِ ظَنِّهِ، وَفَسَادِ تَوَهُّمِهِ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. 

الثَّالِثُ: أَنَّهُ كَبَاسِطِ كَفِّهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَقْبِضَ عَلَيْهِ فَلَا يَجْمُدُ فِي كَفِّهِ شَيْءٌ مِنْهُ. وَزَعَمَ الْفَرَّاءُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَاءِ هَاهُنَا الْبِئْرُ؛ لِأَنَّهَا مَعْدِنٌ لِلْمَاءِ، وَأَنَّ الْمَثَلَ كَمَنْ مَدَّ يَدَهُ إِلَى الْبِئْرِ بِغَيْرِ رِشَاءٍ، وَشَاهِدُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

فَإِنَّ الْمَاءَ مَاءُ أَبِي وَجَدِّي

وَبِئْرِي ذُو حَفَرْتُ وَذُو طَوَيْتُ"

(ذو) بمعنى الذي، ذو بمعنى الذي.

"قَالَ عَلِيٌّ  -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: هُوَ كَالْعَطْشَانِ عَلَى شَفَةِ الْبِئْرِ، فَلَا يَبْلُغُ قَعْرَ الْبِئْرِ، وَلَا الْمَاءُ يَرْتَفِعُ إِلَيْهِ، وَمَعْنَى {إِلَّا كَبَاسِطٍ} إِلَّا كَاسْتِجَابَةِ بَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ، فَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ إِلَى الْبَاسِطِ، ثُمَّ حَذَفَ الْمُضَافَ، وَفَاعِلُ الْمَصْدَرِ الْمُضَافِ مُرَادٌ فِي الْمَعْنَى وَهُوَ الْمَاءُ، وَالْمَعْنَى: إِلَّا كَإِجَابَةِ بَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ، وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: {لِيَبْلُغَ فَاهُ} مُتَعَلِّقَةٌ بِالْبَسْطِ، وَقَوْلَه: {وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ} كِنَايَةٌ عَنِ الْمَاءِ".

الضمير يعود إلى الماء.

"أَيْ وَمَا الْمَاءُ بِبَالِغٍ فَاهُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ كِنَايَةً عَنِ الْفَمِ، أَيْ مَا الْفَمُ بِبَالِغٍ الْمَاءَ. {وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} أَيْ لَيْسَتْ عِبَادَةُ الْكَافِرِينَ الْأَصْنَامَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ؛ لِأَنَّهَا شِرْكٌ، وَقِيلَ: إِلَّا فِي ضَلَالٍ أَيْ يَضِلُّ عَنْهُمْ ذَلِكَ الدُّعَاءُ، فَلَا يَجِدُونَ مِنْهُ سَبِيلًا، كَمَا قَالَ: { أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا}،  وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ أَصْوَاتُ الْكَافِرِينَ مَحْجُوبَةٌ عَنِ اللَّهِ فَلَا يَسْمَعُ دُعَاءَهُمْ".

هنا يا إخوان تنبيهات: الأول أن الدرس غدًا ويوم الاثنين بعد صلاة العصر إن شاء الله تعالى، غدًا ويوم الاثنين من أجل الصيام، غدًا ويوم الاثنين بعد صلاة العصر إن شاء الله تعالى، والمغرب ما فيه شيء.

هذا يقول: لو ذكرتم بفضل صيام عاشوراء وأنه يوم الأحد.

    لا شك أن صيام العاشر يكفِّر َسنة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- صامه وحث على صيامه، وقال: «لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع»، يعني مع العاشر، فلا يفوتنكم هذا الفضل العظيم.

وهنا يقول: نرجو منكم تذكير الإخوان بحكم الغيبة؛ لأني رأيت بعض الإخوان قد قطع شوطًا طويلًا بغيبة أحد الإخوان مع العلم... إلى آخره.

أقول: الغيبة أمرها عظيم، وهي تأكل الحسنات، وهذا مثل المفلس الذي يأتي بالحسنات والأعمال الكثيرة، ثم يوزعها على غيره، وفي الغالب أن الشخص المغتاب غير مرغوب فيه بالنسبة للمغتاب، فيحرص الإنسان على حفظ ما جناه وما كسبه من أجر بسبب الأعمال الصالحة، فلا يوزعها على من لا يحبه ولا يريده، فإذا كان لا يعطي أمه ولا أباه ولا حسنة واحدة عند الحاجة إليها، فكيف يعطي بطوعه واختياره من هم أبعد الناس وأبغض الناس إليه؟

 والله المستعان. والنصوص الواردة في تحريم الغيبة معروفة عندكم، والله المستعان.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.