كتاب الطهارة من المحرر في الحديث - 08

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين.

 قال ابن عبد الهادي -يرحمه الله- في محرره:

وعن حبان بن واسع.."

بفتح الحاء حَبان.

"وعن حَبان بن واسع.."

حَبان ابنِ..

"وعن حَبان بنِ واسع أن أباه حدثه أنه سمع عبد الله بن زيد بن عاصم يذكر أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- توضأ، وفيه: ومسح برأسه بماء غير فضل يده وغسل رجليه حتى أنقاهما، رواه مسلم وعن عمرو.."

ما عندك: وغسل يديه؟

وغسل رجليه- يا شيخ- حتى أنقاهما..

ماذا؟

في الصحيح: ورجليه يا شيخ..

كيف؟

في الصحيح ورجليه..

فيه يديه ورجليه، لكن اليدين بين مسح الرأس وغسل الرجلين مناسب؟ يقول: ومسح برأسه بماء غير فضل يديه، وغسل يديهن وغسل رجليه حتى أنقاهما، أظن كلمة يديه قبل مسح الرأس؛ لأن الحديث مختصر، الحديث مختصَر، الذي يظهر أنها قبل ماذا عندك؟

طالب:.........

 ما فيه يديه؟

طالب: ..........

نعم، هو الظاهر أن يديه مقحمة هنا.

طالب: ..........

ماذا يقول؟ على كل حال حتى موضعها هنا يدل على أنها مقحمة، فغسل اليدين قبل مسح الرأس.

"وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلاً أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، كيف الطهور؟ فدعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثًا، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل ذراعيه ثلاثًا، ثم مسح برأسه وأدخل أصبعيه السباحتين في أذنيه، ومسح بإبهامه على ظاهر أذنيه وبالسباحتين الباطن أذنيه، ثم غسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا ثم قال: «هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم أو ظلم وأساء»، رواه أحمد وأبو داود، وهذا لفظه، وابن ماجه والنسائي، وصححه ابن خزيمة، وإسناده ثابت إلى عمرو، فمن احتج بنسخته عن أبيه عن جده فهو عنده صحيح.

 وفي رواية أحمد والنسائي: فأراه الوضوء ثلاثًا ثلاثًا ثم قال: «هذا الوضوء فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم»، وليس في رواية أحد منهم: أو نقص، غير أبي داود، وقد تكلم فيه مسلم وغيره، والله أعلم."

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن حَبان" بفتح الحاء، "ابن واسع أن أباه حدثه أنه سمع عبد الله بن زيد بن عاصم" راوي حديث الوضوء بالتفصيل، الإشارة سبقت إلى أنه غير عبد الله بن زيد بن عبد ربه راوي الأذان، وإن زعم بعض الكبار أنهما واحد.

 "يذكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- توضأ" يعني وضوءًا كاملاً، وجاء في هذا الوضوء: "ومسح برأسه بماء غير فضل يديه، ومسح برأسه بماء غير فضل يديه" نعم؛ لأن مسح الرأس فرض مستقل، فيحتاج إلى ماء جديد كغيره من الأعضاء، وإن خُفف في كيفية تطهيره، فدل على أنه عضو مستقل، بخلاف الأذنين فتمسحان بما يبقى من ماء الرأس، على ما سيأتي؛ لأنهما من الرأس، والخلاف فيهما سيأتي إن شاء الله تعالى.

 "ومسح برأسه بماء غير فضل يديه ماء" غير مستعمل؛ لأنه عضو مستقل، "وغسل رجليه حتى أنقاهما" أنقاهما، تأكد من استيعاب الماء في جميع المحل المفروض غسله من أطراف الأصابع إلى ما فوق إيش؟

 الكعبين، هذا المفروض غسله، فلا بد من استيعابه، وجاء في التشديد بالنسبة للقدمين ما جاء «ويل للأعقاب من النار»؛ لأن القدمين يزاولان مواضع القذر وغيره أكثر من غيرهما، ويعلق بهما من الأتربة والطين ما ليس لغيرهما من الأعضاء، فيبالغ في تطهيرهما، لكن لا يزاد على الحد المشروع على الثلاث، وكثير من الناس يغفل عن العقبين أو ما تحت الكعب أحيانًا ينبو عنه الماء، ولا يتعاهد أو ما بين الأصابع، كل هذا لا بد من إسباغه، لا بد من إسباغه، ولو حصل مع ذلك الدلك؛ ليتأكد أنه غمر المفروض بالماء، ووصل الماء إلى جميع أجزاء الرجل كان أكمل، لكن لو أمر الماء عليهما ثلاث مرات، واستوعب المحل المفروض غسله، كفى عند الجمهور "حتى أنقاهما"يعني نظفهما تنظيفًا تامًّا، وأزال ما بهما مما يعلق بهما من تراب وغبار وما أشبه ذلك، وقد يمر بشيء رطب، وقد يمر بشيء ينبو معه الماء كالزيوت والشحوم وما أشبه ذلك فلا بد من إزالة ما يمنع من وصول الماء إلى المفروض.

 بعد ذلك حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، هذه السلسلة، أولاً عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو العاص، عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، اختلف فيها أهل العلم اختلافًا كبيرًا، ومنشأ الخلاف في مرجع الضمير في قوله: عن جده؛ لأن عندنا ثلاثة رواة: عمرو بن شعيب وأبوه وجده، ثلاثة من الرواة، وعندنا في السلسلة عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو، العاص لا يرد، عندنا خمسة ممن يمكن أن يعاد إليهم، أن يعود إليهم الضمير أو الضمائر، والرواة ثلاثة هذا عمرو طرف بلا شك، شعيب عمرو بن شعيب عن أبيه الضمير في أبيه يعود إلى عمرو أم إلى شعيب عن أبيه؟

طالب: ..........

نعم.

طالب:.........

شعيب؟ يعني يصير عن محمد عن أبي شعيب أم عن أبي عمرو الذي هو شعيب؟

طالب:.........

إذا قلنا: عن شعيب صار عن أبيه يعود إلى عمرو، الضمير في أبيه يعود إلى عمرو، فشعيب أبو عمرو، الآن نفرق بين الراوي وبين مرجع الضمير، الآن إذا قلنا: عن أبيه الراوي هو المضاف أم المضاف إليه؟

طالب:.........

المضاف بلا شك، عن الأب الراوي الأب، الضمير المضاف إليه يعود إلى عمرو أم إلى شعيب؟

طالب: ..........

ما فهمنا، يا إخوان إلى الآن هذه تحتاج إلى سبورة وأقلام ملونة، وتحتاج إلى.. صحيح؛ لأن الأذهان إذا لم تركَّز على المطلوب فما استفدنا، لاسيما أن الضمائر أوجدت خلافًا كبيرًا في الرواية.

 الآن الراوي الأب عمرو بلا شك يعني لا يتردد في كونه طرفًا في الرواية، عمرو عن أبيه إذا قلنا: أبيه الضمير يعود إلى عمرو فالأب شعيب، فيكون عمرو بن شعيب عن أبيه شعيب وإذا قلنا: الضمير يعود إلى أقرب مذكور الذي هو شعيب فأبوه محمد، دعونا نتنزل مع الإخوان الذين قالوا: أقرب مذكور شعيب، هو من حيث الذكر من حيث الخط..

طالب: ..........

كيف محمد؟

طالب: ..........

الآن الراوي عندنا عمرو أم شعيب؟

طالب: ..........

عمرو هذا يروي عن أبيه أم عن أبي أبيه؟

طالب: ..........

الذي يوجد مثل هذا الإشكال أن العدد كبير، العدد أكثر من الضمائر التي معنا، العدد في السلسلة، عدد الرجال أكثر من الضمائر، فأوجد هذا الإشكال، لكن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده ما فيه إشكال، اسم واحد مصرَّح به، وضميران، وهم ثلاثة، خلاص تنقسم بدون باقٍ، لكن هذه القسمة لا بد فيها من باقٍ إذا قسمت خمسة على ثلاثة يبقى اثنان، ماذا تفعل بهم؟

 أنا أقول: الرواية عن عمرو عن أبيه شعيب، فالضمير في أبيه يعود إلى عمرو، والأب يكون شعيبًا، عن جده عندنا ثلاثة أجداد، ثلاثة أجداد، ثلاثة أجداد، عندنا محمد، وعبد الله، وعمرو بن العاص، فإذا قلنا: عن جده جد مَن؟ جد عمرو أم عن جد شعيب؟

إذا قلنا: عن جد عمرو صار محمدًا، ومحمد ليس بصحابي، يكون الخبر مرسلاً، وإذا قلنا: إن الضمير في جده يعود إلى أقرب مذكور، أقرب مذكور عندنا إيش؟

طالب:.........

عن أبيه، هذا الأب يروي عن جده، فيكون الجد مَن؟

طالب:.........

عبد الله بن عمرو بن العاص، وقد جاء التصريح به في بعض الروايات: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص، فإذا قلنا: إن الجد يعود إلى عمرو، الضمير في الجد يعود إلى عمرو يكون المراد بالجد محمدًا، ومحمد تابعي، وعلى هذا يكون الخبر مرسلًا، وإذا قلنا: عن جده يعود إلى أقرب مذكور، وهو الأب المذكور في الإسناد عن أبيه عن جده، يعني عن جد الأب، يكون المراد عبد الله بن عمرو بن العاص، عبد الله بن عمرو بن العاص، وقد جاء التصريح به في بعض الروايات.

 يبقى النظر في شعيب، هل سمع من جده عبد الله بن عمرو؟ هذا أيضًا محل خلاف بين أهل العلم، محل خلاف بين أهل العلم، لكن من ضعفه احتاج إلى أن يقول: إنه مرسل، فالضمير في الجد محمد يعود إلى محمد جد عمرو؛ لتكون الضمائر كلها مرجعها واحد، الضمير في أبيه يعود إلى عمرو، الضمير في جده يعود إلى عمرو، فيكون: عمرو بن شعيب بن محمد وانتهى الإشكال، وحينئذ يكون الخبر مرسلاً، ومن ضعفه يقول: الضمير في جده يعود إلى شعيب، والجد عبد الله بن عمرو بن العاص، لكن شعيب لم يسمع من جده عبد الله بن عمرو، فيكون فيه انقطاع، هذه وجهة نظر من ضعَّف هذه السلسلة.

 من صححها قال: جاء في بعض الروايات ما يدل على المراد، ولا داعي لهذا التردد، فالرواية عن عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وشعيب لقي جده، وأخذ عنه، فالسند على هذا مقبول، إذا صح السند إلى عمرو، أو إذا ثبت السند إلى عمرو عند هؤلاء يكون من قبيل الصحيح.

 ومنهم من قال: نظرًا لوجود مثل هذا الخلاف في هذه السلسلة لا يصل إلى درجة الصحيح؛ لوجود الخلاف، الآن انحسم الخلاف أم ما انحسم؟

ما انحسم؛ لوجود الخلاف لا يصل الإسناد إلى درجة الصحيح، ما جاء من طريقه، لكنه ليس بضعيف ضعفًا يقتضي رده، فيتوسط في أمره، فيكون من قبيل الحسن.

وهنا يقول: "وإسناده ثابت إلى عمرو"؛ لأن السند ما هو كامل، السند ما هو كامل، يحتاج إلى إلى من قبل عمرو ضمن لنا المؤلف من قبل عمرو يقول: "فمن احتجّ بنسخته عن أبيه عن جده، فهو عنده صحيح"؛ لأن المسألة انكشفت كما في بعض الطرق، والجد تعيَّن وتحدد، ما فيه داعٍ للتردد الذي يثار، فإذا ثبت السند إلى عمرو صُحِّح من هذه الحيثية، لكن مثل هذا الخلاف هل يمكن أن يرتفع؟ هل يمكن أن يرتفع؟

طالب:.........

المسألة لغوية، الضمير في أبيه عن جده ضميران يرجعان إلى أشخاص، فتحديد المطلوب إن رجعنا فيه إلى اللغة ينحل الإشكال أم ما ينحل؟

ما ينحل، لكن إذا رجعنا إلى الأسانيد التي تأتي بإزاء هذه الضمائر التي صُرِّح فيها بالأسماء؛ لأننا كيف نستفيد؟ متى يتبين لنا المهمل سواء كان في الأسانيد أو في المتون بالطرق الأخرى بالطرق الأخرى، جاء في بعض الطرق ما يبين لنا هذه الضمائر، وانتهى الإشكال، عند من يصحح.

 لكن لقائل أن يقول- وهؤلاء ممن يجنح إلى التضعيف- يقول: إذا صرح في بعض الطرق التي ليست هي من طرق هذا الحديث، يعني لو صرح ببعض طرق هذا الحديث انتهى الإشكال، لكن كونه يصرح في طرق أحاديث أخرى لا يحل إشكال الحديث الموجود معنا، فيبقى الإشكال مستمرًّا.

 وعلى كل حال القول الوسط في هذه السلسلة هو أنه إذا ثبت السند إلى عمرو فما يروى من طريقه يكون حسنًا، وهذه قاعدة يسلكها بعض العلماء من المتأخرين إذا تعارضت الأقوال في سند، كما هنا، أو في راوٍ من الرواة المختَلف فيهم من غير ترجيح، أو في حديث في تصحيحه وتضعيفه، ولم يستطع الترجيح يتوسط في أمره، فإذا اختلف في إسناد من غير ترجيح كما هنا، اختلف في راوٍ من الرواة المختلف فيهم ولم نستطع الترجيح، اختلف في حديث من الأحاديث صححه قوم وضعفه آخرون، ولم نستطع الترجيح، بعضهم يقول: يجعل في المرتبة المتوسطة، يكون مترددًا بين الصحيح والضعيف، إذًا يكون حسنًا، يتوسط في أمره.

 هذه السلسلة ورد بها أحاديث هي نسخة كتاب، هناك نسخة أخرى تروى من طريق بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، وفيها اختلاف كبير بين أهل العلم، وليس منشأ الخلاف الاختلاف في الضمائر، عندنا عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، الخلاف سببه الخلاف في الضمائر، لكن هناك ما فيه خلاف في الضمائر؛ لأنهم هم ثلاثة بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة، هذا حيدة لا يمكن أن يدخل. معاوية صحابي، وانتهى الإشكال، فهؤلاء الثلاثة ما فيه إشكال من حيث الضمائر كما هنا، لكن الخلاف في بهز هل يصل إلى درجة من يحتج به، أو لا يصل؟ أيضًا توسط فيه أهل العلم فقالوا: ما يروى من طريق هذا الإسناد يكون حسنًا، طيب أيهما أجود ما يروى من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أو ما يروى من طريق بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، أيهما أقوى؟

طالب:.........

بهز لماذا؟ عمرو أوثق من بهز، مفروغ منه.

طالب: .........

هو منشأ الخلاف في قبول هذه السلسلة هذا، ومنشأ الخلاف في قبول بهز بن حكيم عن أبيه عن جده الكلام في بهز، وقلنا: إن القول الوسط عند أهل العلم أن هذا من قبيل الحسن، وذاك من قبيل الحسن، لكن لو جاءنا حديثان متعارضان أحدهما من طريق بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، والثاني من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أيهما المرجح؟

 الإمام البخاري سأله الترمذي عن حديث جاء من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، في التكبير في صلاة العيد، وقال: حديث عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي أصح شيء ورد في هذا الباب، فقواه البخاري، وخرَّج البخاري تعليقًا عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده معلَّقًا، فهل تخريجه تعليقًا أقوى من قوله: أصح، أو قوله: أصح أقوى من تخريجه تعليقًا؟

طالب:.........

 يعني تصحيحه خارج الصحيح أقوى من تعليقه في الصحيح أو العكس؟

طالب: .........

حتى لو جزم البخاري، لو جزم وقال: عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، لو جزم البخاري ينحل الإشكال؟ يرتفع الخلاف في بهز؟ البخاري إذا جزم ضمن لنا من حذف، ويبقى النظر فيمن أُبرِز من رجال الإسناد، يبقى الخلاف قائمًا، لكن كون الخبر يخرَّج في كتاب التُزمت صحته، وتلقته الأمة بالقبول، لا شك أن هذا يدل على أن له أصلاً.

 على كل حال المسألة خلافية، وأيهما أرجح؟ منهم من يرى أن تخريج البخاري ولو تعليقًا في صحيحه أقوى من تصحيحه خارج الصحيح، ومنهم من يقول العكس، مادام الحديث ليس من أحاديث البخاري التي اعتمد عليها واستند إليها من أصول كتابه يمكن أن يرجّح عليه غيره، وعلى كل حال هذا الحديث أقل أحواله أن يكون حسنًا، أقل أحواله أن يكون حسنًا.

 "أن رجلاً أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، كيف الطهور؟" سمع الأدلة المجملة التي تدل على اشتراط الطهارة، وقد يكون سمع أيضًا آية المائدة، سمع آية المائدة، الذي يسمع آية التيمم يستطيع أن يتيمم، أو يتمرغ كما يتمرغ الدابة؟!

طالب:.........

الإشكال أن النصوص التي فيها شيء من إجمال تحتاج إلى بيان، ومَن الذي يتولى بيان الكتاب؟ النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهذا "قال: يا رسول الله، كيف الطهور؟" يعني كيف نتوضأ؟ كيف نتطهر؟ فشرح له النبي -عليه الصلاة والسلام- الطهور بالفعل، "فدعا بماء في إناء" -عليه الصلاة والسلام-، وقلنا: إن ما طريقه المشاهدة أقوى مما طريقه السماع، فالبيان بالفعل أقوى من البيان بالقول. "فدعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثًا"؛ لأنه لو قال له: اغسل كفيك ثلاثًا، اغسل كفيك ثلاثًا، كيفية الغسل تتفاوت من شخص إلى آخر، لكن إذا شاهد النبي- عليه الصلاة والسلام- وهو يغسل كفيه خلاص، رسخت الصورة في ذهنه، ولذا جاء في الخبر: «ليس الخبر كالعيان أو كالمعاينة».

 "فدعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثًا، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل ذراعيه ثلاثًا، ثم مسح برأسه، ثم مسح برأسه" وتقدم أن المسح واحدة كما جاء في حديث علي -رضي الله عنه-. "وأدخل أصبعيه السباحتين في أذنيه" هكذا "ومسح بإبهاميه ظاهر أذنيه" أدخل السباحتين، وهي التي يسبح بها، الأصبع التي بين الإبهام والوسطى، هذه أدخلها في أذنيه، والمقصود أطراف الأنامل {جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} [سورة نوح:7] يعني إلى هذا المطلوب الأطراف، وهنا المطلوب طرف الأصبع داخل الأذنين.

 "ومسح بإبهاميه ظاهر أذنيه" بإبهاميه ظاهر الأذنين هكذا، "وبالسباحتين باطن أذنيه" هكذا المسألة مسألة مسح.

 "ثم غسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا" هل يحتاج إلى أن يكرر ثلاثًا غسل وجهه ثلاثًا ثلاثًا تجيء أم ما تجيء؟

طالب:.........

 ما تجيء، ثم غسل ذراعيه ثلاثًا تجي أم ما تجيء؟ غسل ذراعيه ثلاثًا غسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا إذا قال: غسل ذراعيه ثلاثًا يمكن غسل اليمنى مرتين، واليسرى واحدة، لكن لو قال: ثلاثًا ثلاثًا انتهى الإشكال، يكون غسل اليمنى ثلاثًا، واليسرى ثلاثًا كما قال في الرجلين: ثلاثًا ثلاثًا إذا قلت: أعطيت الطلاب خبزة أو قلت: أعطيت الطلاب خبزة خبزة ما معنى هذا؟ إذا قلت: خبزة فأنت وزعت لهم الخبزة، وزعتها على جميع الطلاب، أنت أعطيتهم خبزة واحدة، لكن إذا قلت: أعطيت الطلاب خبزة خبزة، يعني كل واحد خبزة، فرق بين هذا وهذا، فقوله: ثم غسل ذراعيه ثلاثًا.

طالب:.........

 ما فيه إلا مرة واحدة عندك؟

طالب: .........

كيف؟

طالب:.........

ذراعيه..

طالب: .........

مرة واحدة..

طالب: .........

ما راجعنا الأصل لكن.. راجعته أنت؟

طالب: .........

لكن هل هذا مراد أنه غسل اليمنى ثنتين واليسرى واحدة، أو أنه ثلاثًا ثلاثًا، ويمكن سقطت كما في رجليه ثلاثًا ثلاثًا والفرق بينهما ظاهر.

 "ثم غسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا" يعني كل واحد ثلاث مرات ثم قال «هكذا الوضوء»؛ لأنه قال: كيف الطهور؟ فلما توضأ وضوءًا عمليًّا قال: «هكذا الوضوء»، يعني هذا بيان لما جاء في النصوص المجملة.

 «هكذا الوضوء فمن زاد على هذا» من زاد على الوضوء المذكور عند أبي داود: «أو نقص» من الوضوء المذكور «فقد أساء وظلم»، وعلى هذا التثليث واجب، فمن زاد رابعة أساء وظلم، ومن نقص إلى اثنتين أساء وظلم، فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم أو ظلم وأساء الواو لا تقتضي ترتيب لكن هذا من احتياط الراوي، يعني قال هذا أو هذا.

 الزيادة على التثليث لا شك أنه ظالم، الذي يزيد على ثلاث ظالم وخارج عن حيِّز السنة إلى شيء من الابتداع، هذا ما فيه إشكال، الزيادة سواء زاد في الأعضاء أو زاد في العدد؟ ومن زاد في الكمية كمية الماء توضأ ثلاثًا ثلاثًا بدل من أن يكون وضوؤه بمد توضأ بصاع يتجه إليه قوله: «فمن زاد» أو نقول: يتناوله نصوص أخرى، إنما عندنا هنا أعضاء وأعداد فقط ما فيه كمية للماء؟

 كونه يزيد في الماء، يؤخذ من نصوص أخرى، أما هنا فالمتجه الأعداد ثلاثًا ثلاثًا، وفي الأعضاء المغسولة والممسوحة التي هي أعضاء الوضوء من زاد عليها عضوًا أو نقص منها عضوًا لا شك أنه أساء وظلم، لكن من زاد على العدد عن الثلاث لا شك في كونه أساء وظلم، أما من نقص عن العدد عن الثلاث فلا، لماذا؟

 لأنه ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ مرة مرة، وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه توضأ مرتين مرتين، على ما سيأتي، فكلمة نقص هذه تفرد بها أبو داود، وتكلم فيها مسلم وغيره، ولا شك أنه إن كان المراد بالزيادة والنقص على عدد الغسلات فالذي ينقص عن الثلاث لم يسئ، ولم يظلم؛ لأنه ثبتت بها السنة الصحيحة، وإن كان المراد نقص شيئًا من هذه الأعضاء يعني ما غسل، ما مسح رأسه، أو ما غسل إحدى رجليه، أو ما غسل إحدى يديه هنا لا شك أنه أساء وظلم، فعلى فرض ثبوتها فهي محمولة على الأعضاء، والذي يرى أنها في الأعداد قال: هذه زيادة متكلَّم فيها، تكلَّم فيها مسلم وغيره.

 "رواه أحمد وأبو داود وهذا لفظه، وابن ماجه والنسائي، وصححه ابن خزيمة، وإسناده ثابت إلى عمرو، فمن احتج بنسخته عن أبيه عن جده فهو عنده صحيح".

 وسبق ذكر الخلاف.

 "وفي رواية أحمد والنسائي: فأراه الوضوء ثلاثًا ثلاثًا ثم قال" «هذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم»، يعني من زاد على الثلاث لم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه توضأ أكثر من ثلاث، «فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم»، وذكرنا في درس سبق أنه فيما لو شك هل غسل العضو مرتين أو ثلاثًا قلنا: يبني على الأقل أم على الأكثر؟

طالب:.........

إذا فرغتم فآذنوني، يعني ما ننتهي بهذه الطريقة، يعني الذي استقر عليه في الدرس الماضي، هم في الصلاة من شك هل صلى ركعتين أو ثلاث يبني على الأقل، لكن في الوضوء؛ لأنه لو بنى على الأكثر في الصلاة وبانت الصلاة ناقصة تصير باطلة، تصير الصلاة باطلة، فالآن تردد بين بطلان وصحة، بينما لو بنى على الأقل في الوضوء تردد بين وضوء صحيح ووضوء صحيح، ما فيه بطلان، بينما لو بنى على الأكثر، لو بنى على الأكثر في الصلاة وافترض أنها زائدة سهوًا يمحو أثر هذه الزيادة السجود، لكن هل هناك سجود في الوضوء يمحو أثر هذه الزيادة؟

 ما فيه إلا خروج من سنة إلى حيز البدعة، ولذا المرجح أنه إذا تردد هل غسل مرتين أو ثلاثًا يجعله مرتين، وليس في رواية أحد منهم: أو نقص غير أبي داود، يعني هذه الزيادة لا توجد إلا عند أبي داود، وقد تكلم فيها مسلم وغيره، ولا شك أنه من حيث المعنى محتملة، ويمكن حملها على وجه صحيح، يمكن حملها على وجه صحيح، فإذا أمكن حملها على وجه صحيح يمكن أن تكون محفوظة، وإذا لم يمكن حملها على وجه صحيح حكم بنكارتها، فالوجه الصحيح الذي يمكن أن تحمل عليه من نقص عن هذه الأعضاء نقص عضوًا من هذه الأعضاء أساء وتعدى وظلم، لكن من نقص عن الأعداد فقد ثبتت السنة الصحيحة به.

نعم.

"قال ابن عبد الهادي -يرحمه الله-:

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماءً ثم لينتثر».

 وعنه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاث مرات، فإن الشيطان يبيت على خياشيمه»، متفق عليه."

يقول -يرحمه الله تعالى-: "وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم"- قال: «إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماءً ثم لينثر» إذا توضأ فليجعل، إذا فعل فليجعل، انتبهوا يا إخوان، في قوله -عليه الصلاة والسلام- «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه» إذا صلى، قالوا: إنه في هذا التعبير ما يدل على أن السترة ليست بواجبة، إذا صلى أحدكم، والدفع ليس بواجب إلا بالنسبة لمن استتر، فترك الأمر له إذا صلى، فهل هذا مثله «إذا توضأ أحدكم فلينتثر، فليجعل فيه ماءً ثم لينثر»، يعني لو لم يرد اشتراط الطهارة لقلنا مثله، أنه ما يجب الاستنثار إلا من توضأ، لكن عندنا أن الطهارة تعليق على شرط لا بد من وقوعه، إذًا المعلَّق عليه لا بد من وقوعه.

 دعونا نقارن بين النصين «إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه»، الآن الدفع اللام لام الأمر، يجب عليه أن يدفع، لكن هو عُلِّق على أمر يمكن حصوله، ويمكن عدم حصوله صح أم لا؟

وهنا «فليجعل في أنفه ماء ثم لينثر أو لينتثر» عُلِّق على أمر لا بد من حصوله، وإن كان الأسلوب واحدًا، لكن من أين أخذنا أنه لا بد من حصوله؟ أخذناه من النص الذي معنا؟ لا، من نص خارجي «لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ» «لا تقبل صلاة من غير طهور»، ولو كان ما عندنا إلا هذا النص ما قلنا بوجوب الوضوء، ولا بوجوب الانتثار إلا لمن توضأ، فإذا علق الأمر على أمر لا بد من وقوعه فلا بد من وقوع ما علق عليه، بينما لو عُلق الأمر على شيء يمكن وقوعه ويمكن عدم وقوعه لقلنا: إن المعلق ليس بلازم إلا إذا وجد ما علق عليه، ظاهر أم ليس بظاهر؟ التفريق ظاهر أم ليس بظاهر؟

طالب:.........

طيب عندنا «عليكم من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا» من أهل العلم من قال: يؤخذ منه أن الله -جل وعلا- يوصف بصفة الملل على ما يليق بجلاله وعظمته على القاعدة، طيب الحديث يقول: «لا يمل» صفة منفية، لكنها صفة وإن كانت منفية إلا أنها معلَّقة على أمر لا بد من حصوله الملل من ابن آدم، لا بد من وقوعه، يوجد آدمي ما يمل؟ لا يتصف بصفة الملل؟ فتعليق صفة المولى -جل وعلا- على وقوع، صفة المولى -جل وعلا- على أمر لا بد من وقوعه، إذًا لا بد من وقوع ما عُلِّق عليه، الآن وجه التنظير ظاهر أم ليس بظاهر؟ لأنه قد يقول قائل: كيف نثبت صفة الملل، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: «لا يمل»؟ كيف؟

علق على أمر لا بد من وقوعه، إذًا نقول: لا بد من وقوعه، ويضطر الإنسان أن يثبت صفة الملل لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته طردًا للقاعدة، لكن هذه الصفة باعتبارها مما اختُلف فيه بين العلماء من أهل السنة في إثباتها ونفيها، يعني الخلاف فيه مندوحة، حتى قال بعضهم: إن الله- جل وعلا-، معنى الحديث أن الله -جل وعلا- لا يمل وإن مللتم، فإن الله لا يمل وإن مللتم، نظيره قولهم في مدح خطيب من الخطباء: لا ينقطع حتى ينقطع خصمه، يعني شخص مجادل أو محاج لا ينقطع حتى ينقطع خصمه، هل في هذا صفة مدح له أنه إذا انقطع خصمه انقطع؟ لا، لا ينقطع، وإن انقطع خصمه، ما الفائدة من هذا الكلام؟ يعني مسألة السترة إذا صلى أحدكم، يعني ترك الأمر إليه، إذا صلى أحدكم مفهومه أنه إذا لم يصلِّ صلاته باطلة أم لا؟

صحيحة، إذا صلى أحدكم علق عليه، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفع، مفهومه أنه إذا لم يصلِّ إلى شيء يستره فإنه ليس له أن يدفع، وهل نقول هنا: إنه إذا لم يتوضأ فليس له أن ينتثر؛ لأنه علق على أمر لا بد من وقوعه من أدلة أخرى، ما هو من هذا السياق، من أدلة أخرى، وليس من هذا السياق، «إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماءً ثم لينثر»، وقل مثل هذا في قوله: «إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاث مرات، فإن الشيطان يبيت على خيشومه»، «إذا استيقظ أحدكم من منامه» فالاستنثار معلَّق في النص الأول على أمر لا بد من وقوعه وهو إيش؟

طالب:.........

الوضوء، وفي النص الثاني عُلِّق على أمر لا بد من وقوعه وهو الاستيقاظ من النوم، الأول لا بد من وقوعه شرعًا، والثاني لا بد من وقوعه عادة، ما فيه أحد ما ينام، فلا بد منه.

 هل نقول مثلاً في مثل هذا النص: «إذا توضأ أحدكم فليجعل» اللام لام الأمر «في أنفه ماً ثم لينثر»، هذا من أدلة القائلين بوجوب الاستنشاق والاستنثار؛ لأنه لا يمكن أن ينثر حتى يستنشق، لا يمكن أن يستنثر حتى يستنشق.

 قد يقول قائل: لماذا لا نحمل هذا على غير الاستنشاق، أنه لا بد أن يخرج ما في أنفه، ينثر ما في أنفه، هل يلزمه الاستنشاق؟ هذا الحديث يدل على أنه لا بد من إخراج ما في الأنف إذا توضأ من غير استنشاق، لكن جاءت الأدلة الأخرى تدل على أنه لا بد من الاستنشاق، وقد جاء الجمع بينهما في بعض النصوص حتى إن من أهل العلم من قال: إن المراد بالانتثار هنا هو الاستنشاق؛ لأنه من لازم الانتثار.

 "وعنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم"- قال: «إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاث مرات، فإن الشيطان يبيت على خيشومه».

 النص الأول مقرون بالوضوء، وأن الاستنثار مطلوب في الوضوء على جهة الوجوب، ومنهم من يقول: أبدًا الواجب توضأ كما أمرك الله، وليس في الآية ما يدل على المضمضة ولا الاستنشاق كما أمرك الله، والله- جل وعلا- ما أمرنا بهذا، نقول: نعم أمرك الله على لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام-، أمرك الله على لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام-، والنبي- عليه الصلاة والسلام- بيَّن الواجب، وبيان الواجب واجب عند أهل العلم.

 طيب "وعنه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «إذا استيقظ أحدكم من منامه» استيقظ من النوم «فليستنثر ثلاث مرات، فإن الشيطان يبيت على خياشيمه» متفق عليه".

 أولاً الشيطان يحرص على مثل هذه المداخل التي يدخل من خلالها إلى البدن كالخياشيم والأذنين، وإذا نام الإنسان عن الصلاة جاء الخبر بأنه بال الشيطان في أذنيه، والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، ووجود الشياطين ومخالطتها للناس لها أسباب، ولها موانع، لها أسباب، ولها موانع، وبالمقابل دخول الملائكة للبيوت لها أسباب، ولها موانع، وهما أعني الملائكة والشياطين متضادان، فالبيت الذي يُذكر فيه الله -جل وعلا- يكثر فيه من ذكر الله- جل وعلا-، وقراءة القرآن، ويسمى، ويُذكر اسم الله على كل شيء، بدءًا من عتبة الباب في الدخول، إلى الأكل والشرب، والنوم، وجميع الأحوال، وذكر الله على جميع الأحوال، هذا لا شك أنه يطرد الشياطين.

 بينما الصور تجعل الملائكة لا تدخل البيت، والبيت الذي لا تدخله الملائكة يكون مرتعًا للشياطين، فإذا أكثرنا من الأذكار، وأبعدنا كل ما يكون سببًا لدخول الشياطين حفظنا الله- جل وعلا- بهذا، ومن أعظم ما يُحفظ به الإنسان الذكر، وجاءت نصوص كثيرة تدل على هذا، فليلزم الإنسان الأذكار بدءًا من استيقاظه إلى بقية يومه، إلى ليلته، إلى نومه، أثناء النوم إذا تعارّ من الليل له أذكار، إذا استيقظ له أذكار، الشرع ما تركنا هملًا، بل لكل شيء من تصرفات الإنسان وظيفة شرعية، في كل شيء من تصرفاته وظيفة شرعية.

 وابن القيم- رحمه الله تعالى- في طريق الهجرتين شرح أو بيّن منهجًا يسير عليه المقربون، ومنهجًا يسير عليه الأبرار، منهجًا مأخوذًا من النصوص، والذي يقرأ منهج المقربين يجزم أنه يتكلم عن نفسه من واقع عمله اليومي، فعلى الإنسان أن يحرص على مثل هذه الأمور، يكثر من ذكر الله -جل وعلا-، لكن من ذكر الله -جل وعلا- وأكثر من الأذكار والأوراد التي جاءت أو جاء ما يدل على أنها تحفظ بدنه أو تحفظ دنياه لا شك أنه يحصل له ما عُلِّق على ذلك، لكن يبقى بالنسبة للأجر والثواب أجره أقل ممن يتقرب إلى الله -جل وعلا- بامتثال هذا الذكر وامتثال هذا الأمر، لا شك.

يعني الذي يقرأ آية الكرسي؛ من أجل أن يُحفظ، ويقرأ ذكر كذا لم يضره شيء، يتصبح بسبع تمرات لا يضره سم ولا سحر، وهكذا، وهدفه في ذلك حفظ دنياه فقط وجسمه أو ماله أو ولده لا شك أنه بالنسبة للثواب أقل بكثير ممن إيش؟

قصد بذلك وجه الله والدار الآخرة، ولو شرّك هذا مع هذا قد يقول قائل: إن هذا تشريك، نعم تشريك، لكنه تشريك مأذون به، يعني لو لم يكن مأذونًا به ما ذُكر في ضمن الثواب؛ لأن هناك ثوابًا آجلًا وثوابًا عاجلًا، لو لم يكن ملحظًا شرعيًّا الثواب العاجل، لو مُنع منه الإنسان ما ذُكر أصلاً، يعني ما هو مجرد للحث أن يقرأ الإنسان آية الكرسي أن يرتب عليه حفظ الإنسان لحثه على أن يقرأ هذه الآية، لا، هذا الأمر حقيقي وواقعي، اقرأ آية الكرسي يحفظك الله- جل وعلا-، وتدين بهذا، وتعبد به، وامتثل أمر الله وأمر رسوله، وينتهي الإشكال، فيحصل لك ثواب الدنيا والآخرة. بخلاف من لم يرفع بأمر الآخرة رأسًا، إنما يهمه أمر دنياه، هذا وضعه يختلف.

 على كل حال الشيطان يشارك الإنسان في كثير من الأمور، يشاركه في مبيته، يشاركه في أكله، ويشاركه في جماعه، لكن إذا ذكر الله -جل وعلا- بالأذكار التي جاءت بها النصوص لم يكن للشيطان منه نصيب.

 «إذا استيقظ أحدكم من منامه» يعني هل هذا مقرون بوضوء أو بدون وضوء؟

 الأول بالوضوء، والثاني بدون وضوء، طيب شخص استيقظ من المنام ويريد أن يخرج للعمل ليس متوضئًا، يستنشق أم ما يستنشق؟ منهم من يقول: إنه لا يستنشق إلا للوضوء، لماذا؟ لأنه ليس مستيقظًا الآن، ما فيه استيقاظ في الأصل، يعني في حياته -عليه الصلاة والسلام- والجيل الذي عاش معه، والأصل في المسلم أنه هذا، هو إذا استيقظ، أولاً النوم عماده في الليل، الأصل في النوم الليل، ومن استيقظ من نوم الليل إنما ليقوم صلاة الليل أو ليصلي الفجر على أقل الأحوال فهذا لا بد أن يتوضأ، فهل يكون الأمر بالاستنثار تبعًا للوضوء، ومنهم من يقول: أبدًا، الجهة منفكة، إن توضأ انتثر في النص السابق، إن لم يتوضأ استنشق بهذا النص، وكأن هذا أظهر، كل قائم من نوم ليله يستنثر.

 «إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنثر ثلاث مرات، فإن الشيطان يبيت على خياشيمه»، «إذا استيقظ أحدكم من منامه» هل يدل هذا على التكرار، يعني مجرد ما يستيقظ ينتبه، حرك الباب انتبه نقول له: اذهب للمغسلة واغسل خياشيمك وارجع نم؟ دخل واحد وقال: السلام عليكم، وما دري أن هذا نائم، انتبه، نقول له: اذهب استنثر، أو المراد به إذا استيقظ من منامه تاركًا النوم، منتهيًا من النوم هذا هو الأصل، أما لو كلف الإنسان كل ما فتح عينيه يذهب يستنشق هذه بعدُ مشقة أقول: هذه مشقة، فلعل المراد: إذا استيقظ استيقاظًا تامًّا نهائيًّا فليستنثر ثلاث مرات «فإن الشيطان يبيت على خيشومه أو خياشيمه» الشيطان له مداخل، ويجري من ابن آدم مجرى الدم، ويوسوس للإنسان، ويسول له، ويملي له، لكن عليه بما يطرد الشيطان.

طالب: .........

«فإن الشيطان يبيت على خياشيمه» أي طبعة التي معك؟

طالب: .........

على كل حال هنا الشيطان واضح..

طالب:.........

أين؟

طالب: .........

خياشيمه، هما اثنان، أقل الجمع اثنان.

"قال ابن عبد الهادي -يرحمه الله-:

وعنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا، فإنه لا يدري أين باتت يده»، لفظ مسلم، وعند البخاري: «وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده»، وروى ابن ماجه والترمذي وصححه «إذا استيقظ أحدكم من الليل فلا يدخل يده في الإناء حتى يفرغ عليها مرتين أو ثلاثًا»."

نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعنه، صحابي الحديث قبل السابق وهو أبو هريرة- رضي الله عنه- "عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم"- قال: «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء»، «فلا يغمس يده» اليد مطلقة، اليد مطلقة، وتطلق ويراد بها الكف، وتطلق اليد ويراد بها من أطراف الأصابع إلى المرفقين، وتطلق ويراد بها من أطراف الأصابع إلى الآباط، كلها يد، والنص مطلق، النص مطلق، فهل نقول: إذا غمس الكف غمس يده، أو نقول: لا يصدق عليه أنه غمس يده حتى يبلغ الإبط؛ لأن اليد عندنا مطلقة، وعندنا جأت اليد مقيدة في بعض النصوص، اليد هنا مطلقة، في آية التيمم مطلقة أم مقيدة؟ مطلقة، في آية السرقة مطلقة، في آية الوضوء مقيدة، هل نقول: إنه يحمل المطلق على المقيد، فكل ما جاءنا من يد نقول: يحمل على المقيد إلى المرافق؟

طالب: .........

كيف؟

طالب: السبب..

فيه مطلق، وفيه مقيد، طيب سرق واحد، آية السرقة مطلقة، يقطع من الإبط من هنا من الكتف من المنكب أم من المرفق تقييدًا لآية السرقة بآية الوضوء؟ ننظر إلى السبب والحكم إن اتحد الحكم، إن اتحد الحكم والسبب فهذا إجماع، ما فيه إشكال {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ} [سورة المائدة:3] مطلق قيد الدم في قوله -جل وعلا-: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً} [سورة الأنعام:145] هذا يحمل المطلق على المقيد اتفاقًا، لكن إذا اتحدا في الحكم فقط، والسبب اختلف، الرقبة في آية الظهار مطلقة وفي آية القتل مقيدة بكونها مؤمنة، السبب مختلف، هذا ظهار، وهذا قتل، لكن الحكم واحد، كله يجب العتق، يحمل المطلق على المقيد عند الجمهور، وعكسه بعكسه، إذا اتحد السبب واختلف الحكم لا يحمل المطلق على المقيد عند الجمهور، وحمله بعضهم كما في اليد في آية الوضوء واليد في آية التيمم واليد في آية التيمم، فهل نمسح اليد في التيمم إلى المرفق مثل الوضوء أو أقل ما يطلق عليه اليد وهو الكف، قول الجمهور أنه لا يُحمل المطلق على المقيد؛ للاختلاف في الحكم، وإن اتحد السبب، والسبب الحدث في الموضعين.

 إذا اختلفا في الحكم والسبب فما فيه إشكال. اليد في آية السرقة مع اليد في آية الوضوء لا يحمل المطلق على المقيد، الحكم مختلف، والسبب مختلف.

 هنا هل اليد هنا مثل اليد في آية التيمم، أو هي مثل اليد في آية الوضوء؟ هل نقول: الحكم واحد، كله يجب غسله؟ أم اختلف؟ لا تنظر إلى السبب، ما نظرنا إلى السبب في الرقبة في كفارة الظهار، السبب مختلف عن السبب في كفارة القتل، ما نظرنا إلى السبب، لكن نظرنا إلى الحكم، وهو أنه يجب عتق الرقبة في هذا وفي هذا، فحملنا المطلق على المقيد، وهنا يجب غسل اليد هنا وهناك، فنحمل المطلق على المقيد، ما المانع؟ ما الذي اختلف؟ الحكم واحد كله يجب غسله، أو نقول: إن الحكم وإن كان يشمله مسمى واحد إلا أنه مختلف، كيف مختلف؟ هذا غسله فرض من فرائض الوضوء، وهذا غسله واجب، وليس بفرض، بمعنى أن الوضوء يصح بدونه، يصح الوضوء بدون غسل اليد، يد المستيقظ، وهناك لا يصح.

 نظير ذلك أظن لو استطردنا يقضي الوقت، نظير ذلك «من جر ثوبه خيلاء»، «وما أسفل من الكعبين في النار» كلاهما حرام، يعني الحكم عام يشملهما، لكن الحكم الخاص يختلف ،يختلف الحكم الخاص من أي جهة؟ باعتبار أن هذا بدون خيلاء في النار، ومع الخيلاء الأمر أعظم ما المترتب عليه؟ لا ينظر الله إليهم، فالأمر أعظم، فلا يحمل المطلق على المقيد، فيحرم جر الثوب ولو من غير خيلاء، متوعد عليه بالنار، وذاك يحرم عليه إذا جره خيلاء أعظم فنظرًا للاختلاف في الحكم الخاص ما حملنا المطلق على المقيد، وإن كان الحكم العام التحريم موجود، وهنا يجب الغسل للمستيقظ، ويجب الغسل باعتبار اليد فرضًا من فرائض الوضوء، لكن هذا الحكم الإجمالي، لكن الحكم التفصيلي يختلف، فلا يُحمل المطلق على المقيد، وأيضًا الذي يُحتاج إلى إدخاله في الإناء في هذا الموضع إلى المرفق أم الكف فقط؟ الكف فقط، فالنهي متجه إلى إدخال الكف؛ لأنه هو الذي يحتاج إليه، ونظيره ما ذكرنا في جر الثياب الإسبال واضح أم ليس بواضح؟

فيه إشكال يا إخوان، أم أن التنظير واضح أم ما هو بواضح؟

 إذًا المراد باليد هنا الكف «إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده يدخل يده»، كما جاء في الرواية الأخرى «في الإناء»..

طالب: .........

ما عليه شيء، ما عليه شيء، اليد أقل ما تطلق على الكف، ولذلك جاء في الحديث «أمرت أن أسجد على سبعة أعظم» على الجبهة، وأشار إلى أنفه ويديه»، لو سجد على الأصابع فقط يكفي؟ ما يكفي؛ لأن اليد يطلق هنا على باطنها الراحة مع بطون الأصابع.

طالب: .........

ماذا فيها؟

طالب:.........

لا لا، ما هي بنجاسة، يأتي إن شاء الله.

طالب: .........

تبقى نكرة وهي مضافة؟

طالب: .........

لا، أنت قل: مفرد مضاف، مفرد مضاف فيعم، يعم إيش؟ يعم اليدين، ما يعم جزءًا من اليد، يعم اليدين..

طالب: .........

لا لا، ليس عموم أجزاء، هو عموم أفراد، لو أدخل يمنى، لو أدخل يسرى يعم، كما جاء في الحديث «لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء»، الرواية الأخرى «ليس على عاتقيه»، الرواية الأولى مفرد مضاف يشمل العاتقين، ظهر أم ما ظهر؟

 فلا يغمس يده، يدخل يده في الإناء الذي فيه الماء، ماء الوضوء حتى يغسلها ثلاثًا، فلا يغمس يده في الإناء، يحرم عليه أن يغمس يده قبل إدخالها، فعلى هذا غسل اليد قبل إدخالها في الإناء بالنسبة للمستيقظ من النوم واجب، وهل وجوبه مثل وجوب غسل اليد التي هي فرض من فرائض الوضوء؟

طالب: .........

لا، يعني لو خالف وغمس يده وضوؤه صحيح أم غير صحيح؟ صحيح مع الإثم، كما أنه لو خالف وصلى ومنكبه مكشوف فصلاته صحيحة مع الإثم، فرق بين الإيجاب وبين الاشتراط، بين الإيجاب وبين الاشتراط، وفرق بين الواجب والركن، فرق بين الواجب والركن.

 «فإنه لا يدري» هذه العلة، اللام ناهية «فلا يغمس»، ومقتضى النهي التحريم، والعلة هل نقول: إن النهي مصروف من التحريم إلى الكراهة، والصارف العلة، الصارف العلة، لماذا؟ «فإنه لا يدري أين باتت يده» لا يدري يعني كونه لا يدري اليد طاهرة بيقين، فهل ترتفع هذه الطهارة بالشك الذي طرأ عليه أثناء نومه «فإنه لا يدري»؟ تبقى اليد حكمًا طاهرة؛ لأن الشك لا يزيل اليقين، اليد طاهرة، وإذًا مادامت طاهرة والعلة مشكوك في تحققها، ألا يمكن أن يصرف النهي من التحريم إلى الكراهة؟

يعني الصرف بالعلة معروف عندهم أم ما هو معروف؟ الصرف بالعلة، أُمرنا أن نخرج العواتق والحيض وذوات الخدور إلى العيدين يشهدن الخير ودعوة المسلمين، يعني العلة إيش؟ يشهدن الخير ودعوة المسلمين، هل شهود هذا الخير بالنسبة للمرأة ودعوة المسلمين واجب؟ طالب:.........

نعم صرف الأمر من الوجوب إلى الاستحباب بالعلة، كما يقول الأكثر، فهل نصرف هذا النهي بالعلة؟ «فإنه لا يدري أين باتت يده»، "لفظ مسلم، وعند البخاري «إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده»" اللام لام الأمر.

 «قبل أن يدخله في وضوئه، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده»، «إذا استيقظ أحدكم من الليل فلا يدخل يده في الإناء حتى يفرغ عليها مرتين أو ثلاثًا، فإنه لا يدري» العلة موجودة، لا يدري، وقلنا: إن كونه لا يدري شك، كونه لا يدري هل يورث يقينًا، علمًا؟ لا، يورث ظنًّا؟ لا، يورث شكًّا مستوى الطرفين، نعم قد يترجح جانب، وقد يترجح أحيانًا الجانب الآخر، لكن يبقى أن الأصل في كونه لا يدري شك، ويده طاهرة بيقين، اليد ما تزال طاهرة؛ لأن الشك لا يزيل اليقين على القاعدة، لكن الغسل هل هو واجب أو ليس بواجب؟ هل يصرف من الوجوب إلى الاستحباب والغمس من التحريم إلى الكراهة بالعلة كما يفعلونه أحيانًا أو نقول: يبقى تعبدًا، يجب، يعني لو نظرنا إلى العلة، لو نظرنا إلى العلة قلنا: ما يلزم شيء من الأصل، ما يلزم شيء؛ لأن اليد طاهرة، ولا أثر لها في الماء، اليد طاهرة، ولا أثر للطاهر في الماء، هذا الأصل الشك لا يزيل اليقين، لكن نقول: من باب التعبد يجب غسل اليد، قبل غمسها في الإناء.

 «فإنه لا يدري أين باتت يده» باتت يقولون: إن الأصل في المبيت أنه النوم بالليل، الأصل في المبيت أنه هذه السنة، السنة الإلهية في الليل أنه سكن، والنهار معاش، وكثير من الناس انقلبت عنده الموازين، وتغيرت المفاهيم، فصار الليل كله سهرًا، والنهار كله نومًا، هذا ليس بعبرة، ولا يغير من الواقع شيئًا، لكن يبقى قوله: «فإنه لا يدري أين باتت» خاصًّا بالمستيقظ من نوم الليل.

 ولذا قال: "في رواية ابن ماجه والترمذي وصححه: «إذا استيقظ أحدكم من الليل»"، ولذا يرى بعض أهل العلم أن هذا الغسل لا يجب إلا في حق من استيقظ من نوم الليل، ومنهم من يطرد يقول: نوم الليل من صفته الاستغراق والطول، فإذا وجدت هذه الصفة في نوم النهار ألحق به حكمًا، ألحق به حكمًا.

 وعلى كل حال كل من استيقظ وتحققت فيه العلة إذا كان لا يدري أين باتت يده يتجه إليه هذا الأمر، وعند البخاري: «وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده»، طيب لو قال شخص: أنا أدري أين باتت يدي، لفها بخرق وأتقنها وضبطها وقال: أنا أدري، لن يطرؤ عندي شك، ولا الشك الذي هو محتمل من الحديث، لن يطرق، دعونا من مسألة الاعتراض على السنة، لكن يقول: إن الشارع علل بهذا، وأنا أدري.

طالب: .........

كيف؟ يدور مع علته؟ ومع ذلك لا يدري أين باتت ولو ربطها ولو أحكمها، لا يدري، أما بالنسبة لمن عاند، بالنسبة لمن عاند وخالف السنة ونازع النبي -عليه الصلاة والسلام- في كلامه فهذا معرِّض نفسه للعقوبة، وقد قال قائل: إنه يدري أين باتت يده أين تروح، ما راحت ولا جاءت، فقام من نومه، فإذا بيده إلى كوعه في دبره داخله، وهذا من شؤم مخالفة السنة، وذكر ابن كثير وغيره من المؤرخين أن شخصًا استاك في دبره، استعمل السواك في دبره، نسأل الله السلامة والعافية، فقال: أُصيب بألم في بطنه استمر معه وصار بطنه ينتفخ ينتفخ إلى الشهر التاسع وضع قطعة لحم، فصارت هذه القطعة تصرخ بصوت مرتفع، وأزعجتهم حتى جاءت البنت فرضخته بحجر فانقطع الصوت، هذا شؤم المخالفة ومعارضة السنن والعناد مع الشرع.

 الرجل الذي قال لما سمع حديث «فإن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع» وضع المسامير في نعاله، ودخل حلقة الدرس، فساخت به الأرض، خُسف به، فالأمر ليس بالسهل.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

"