شرح كتاب التوحيد - 68

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نعم.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمستمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال الإمام المجدد –رحمه الله تعالى-: "باب قول الله تعالى: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [آل عمران:154].

وقوله: {الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} [سورة الفتح:6] الآية.

قال ابن القيم في الآية الأولى: فُسِّر هذا الظن بأنه سبحانه لا ينصر رسوله، وأن أمره سيضمحل، وفُسِّر بظنهم أن ما أصابهم لم يكن بقدر الله وحكمته، ففُسِّر بإنكار الحكمة، وإنكار القدر، وإنكار أن يُتم أمر رسوله، وأن يُظهره على الدين كله، وهذا هو ظن السوء الذي ظنه المنافقون والمشركون في سورة (الفتح)، وإنما كان هذا ظن السوء؛ لأنه ظن غير ما يليق به سبحانه، وما يليق بحكمته وحمده ووعده الصادق، فمن ظن أنه يُديل الباطل على الحق إدالةً مستقرةً يضمحل معها الحق، أو أنكر أن يكون ما جرى بقضائه وقدره، أو أنكر أن يكون قدَره لحكمةٍ بالغةٍ يستحق عليها الحمد".

قدَّره، أو أنكر أن يكون قدَّره.

"أو أنكر أن يكون قدَّره لحكمةٍ بالغةٍ يستحق عليها الحمد، بل زعم أن ذلك لمشيئةٍ مجردة، فذلك ظن الذين كفروا {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} [ص:27].

وأكثر الناس يظنون بالله ظن السوء فيما يختص بهم وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وأسماءه وصفاته، وموجب حكمته وحمده.

فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا، وليُتب إلى الله وليستغفره من ظنه بربه ظن السوء، ولو فتشت من فتشت لرأيت عنده تعنتًا على القدر وملامةً له، وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا، فمستقلٌّ ومُستكثر، وفتش نفسك: هل أنت سالم؟

فإن تنجُ منها تنج من ذي عظيمةٍ

 

وإلا فإني لا إخالك ناجيا

فيه مسائل:

الأولى: تفسير آية آل عمران.

الثانية: تفسير آية الفتح.

الثالثة: الإخبار بأن ذلك أنواعٌ لا تحصر.

الرابعة: أنه لا يسلم من ذلك إلا من عرف الأسماء والصفات وعرف نفسه".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد...

فيقول المؤلف –رحمه الله تعالى-: "باب قول الله تعالى: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [آل عمران:154]".

{يَظُنُّونَ} [آل عمران:154] الظن ما يحتمل النقيض على سبيل الرُّجحان، ما لا يحتمل النقيض يُسميه أهل العلم: العلم، وهو الذي تكون نتيجته القطع بنسبة مائة بالمائة، هذا يُسمونه: العلم، وما يحتمل النقيض وهو الاحتمال الراجح ونقيضه مرجوح هذا يكون هو: الظن، والمرجوح هو: الوهم، والمساوي هو: الشك.

هكذا قسَّم أهل العلم ما عنه الذكر الحُكمي، ما معنى هذا الكلام؟

طالب:........

ماذا؟

طالب:........

العلماء هو حقيقةً مُطابق، ويُؤيده بعض النصوص، وبعض السياقات في كلام أهل العلم، هو ما يختلف فيه أحد، لكن كونه مُلزمًا مائة بالمائة، وتنطبق وتندرج فيه النصوص كلها لا.

فالعلم كما هو مقتضى كلامهم: أنه لا يُطلق إلا على القطع ما لا يحتمل النقيض، يُطلق أيضًا على غلبة الظن، فالأحكام الشرعية مبناها في الغالب على غلبة الظن، فهل نقول: إن الشريعة مبنية على ظنون على حسب هذا التقسيم، وهو الاحتمال الراجح؟ لا نستطيع أن نقول هذا، بل إن أحكامها علم محض بحت، وإن احتمل النقيض، لكن لا نستطيع أن نقول: كلها ظن؛ لأنه يقول لك من يقول بدليلٍ صحيح: {إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [يونس:36]، {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات:12].

لكن بالمقابل يقول لك من يقول: إن الظن يُطلق على القطع {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ} [البقرة:46] هذا يكفي فيه غلبة الظن؟ لا، هذه عقيدة لا بُد فيها من القطع والجزم.

فهذه التقسيمات الاصطلاحية قُسِمت للتيسير على طالب العلم؛ لفهم وتصور ما يُراد تعلمه؛ ولذلك يقولون: ما عنه الذكر الحكمي إما ألا يحتمل النقيض وهو: العلم، أو يحتمل النقيض فإن كان راجحًا فهو: الظن، وإن كان مرجوحًا فهو: الوهم، وإن كان مساويًّا فهو: الشك.

طالب:........

مرادف للعلم؛ لأن العلم نتيجته القطع مائة بالمائة، لكن الفرق بين العلم واليقين في اصطلاحهم: أن اليقين ثبت بأدلةٍ قطعية يقينية علمية، والعلم ثبت بأدلةٍ مجزوم بها نظرية، هذه علمية، وهذه نظرية.

طالب:.......

ماذا؟

طالب:.......

العلم في كلامهم ما لا يحتمل النقيض، العلم في تقسيمهم ما لا يحتمل النقيض، يأتي من يقول: هذه تقسيمات متكلمين، وتقسيمات أصوليين، لكن يحتاجونها في تطبيقاتهم، ولها أمثلة، وعليها أدلة، لكن مع ذلك لا نلزمها لزومًا حتمًا لا نحيد عنها، وإلا فعندنا من العلم ما لا يُغني من الحق شيئًا، الظن ما لا يُغني من الحق شيئًا، والظن أكذب الحديث جاء في الحديث الصحيح «الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ»، وجاء فيه –الذي هو الظن- جاء فيه ما يرتقي إلى اليقين كما في الآية.

فالذي يُناقش المسائل بطريقة النقض ينقض كم شيئًا، والذي يأخذ هذه على أنها أغلبية ويندرج فيها نصوص شرعية، وتندرج تحت أقوال أهل العلم تمشي وإلا {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ} [البقرة:46] لو قال لك واحد مجزوم له بأنه حجة كيف يظنون أنهم ملاقوا ربهم؟ أول ما يرد عليه على نفسه {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات:12].  لو قال لك قائل: إن بعض الظن ليس بإثم، ماذا تقول؟

هو كلام صحيح، البعض الثاني ليس بإثم، لكن فيه المعارضة والمعاندة للنص الإلهي، يقول لك الله –جلَّ وعلا-: {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات:12] وأنت تقول: إن بعض الظن ليس بإثم، ما معنى هذا؟!

ولكنك لو نظرت إلى أن الظن البعض الثاني هذا إثم، وهذا ليس بإثم، لكن ما ينبغي أن يُقال في مقابلة كلام الله- جلَّ وعلا-.

طالب:........

نعم، الاصطلاحي خصُّوه في أقسام المعلوم فيما ينقسم إليه المعلوم، وهم يقولون عنه: الذكر الحُكمي.

طالب:.......

بعضه {إِنَّ بَعْضَ} [الحجرات:12] بعض ما تعني أغلبه.

طالب:.......

كلها من أجل أن يُتعامل مع النصوص على ضوء ما تدل عليه هذه التقسيمات؛ لأن الظن جاء في نصوص كثيرة على سبيل المدح، وجاء على سبيل الذم، ووصل إلى درجة اليقين، ونزل إلى أكذب الحديث، فهذه المسافة كيف تتعامل مع النصوص وأنت تُعطيه حدًّا واحدًا؟ ما تستطيع أن تتعامل مع النصوص إلا أنهم يُعطون الأغلبي والتقسيم النسبي بالنسبة إلى الأقسام الأخرى، وإلا فالأصل كما قال الله –جلَّ وعلا-: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ} [البقرة:46] وفيه قول النبي –عليه الصلاة والسلام-: «أَكْذَبُ الْحَدِيثِ».

"قول الله تعالى: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران:154]".

{ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران:154] يندرج تحت أي الأقسام {ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران:154]؟

طالب:........

ولا وهم.

طالب:........

هنا الظن بالله هنا في مقابل.. هنا إساءة الظن {ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران:154] ظن السوء كما في الآية اللاحقة {ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران:154] هو ظن السوء، وفي مقابله إحسان الظن بالله –جلَّ وعلا-، فالمطلوب من كل مسلم ألا يموت إلا وهو يُحسن الظن بالله، هذا في مقابل هذا.

طالب:........

يعني ما يكفي أنه لا يعرف الله –جلَّ وعلا- لا يعرفون، ويصفونه بما ليس فيه، فيكون جهلهم هذا أو ظنهم الذي أداه إليه جهلهم كما قيل: من باب الجهل المركَّب؛ لأنه لو قال لك: ما رأيك، ما ظنك بالله؟ قال: ما أدري، هذا يُسموه: البسيط، لكن إذا أبدى ظنًّا بالله لا يليق به كما هو {ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران:154] يقولون –وهذا كلام المنافقين- في غزوة أُحد، رجع عبد الله بن أُبي بثلث الجيش، ومن بقي أصابهم ما أصابهم -يعني مِن المسلمين- قُتِل من قُتِل { يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ} [آل عمران:154] فهذا الباب والذي يليه من أعقد الأبواب، ومتصفٌ به فئام من المسلمين.

بعض الناس في الكلام النظري حينما يُنظِّر ويبحث المسائل تجد كلامه ماشيًا كالحديث عن اليقين إذا تحدث عن اليقين في موضع يُصبِّر فيه المُصابين تجده مُبدعًا، لكن لو كانت الإصابة به أو بعزيزٍ عليه أو قريبه تضاءل هذا اليقين.

والظن بالله حينما لا يكون قريبًا منه أو قريبًا ممن يهمه يُحسن الظن بالله، وتجده يُصبِّر الناس ويُوجههم، لكن كما سيأتي في كلام ابن القيم -رحمه الله-.

هؤلاء في غزو أُحد...

طالب:.......

هو في الأصل عنده يقين، لكن لما تأتيه المصيبة ينسى هذا اليقين، وكم من واحد من خيار الناس، ولا عابد، ولا عنده شيء من العلم أو شيء من هذا إذا أُصيب بمصيبة ما تحملها.

طالب:......

عندنا طالب توفي –رحمة الله عليه- طالب علم مُعلِّم، وخيِّر من خيار الناس، ومن العُباد، أُصيب بالسرطان تعالج وشُفي، قالوا له: علاجك سهل وشُفي، أُصيب ثانية فعولِج فشُفي، فقال له الأطباء: إن أُصبت ثالثة فلا علاج لك، لما أُصيب الثالثة يقول: والله ما أدري ما الذي دهاني شق ثوبه، يقول: وصرخ، يقول: والله لا أعلم ما الذي دهاني!

معروفٌ أن الذي يتعرف على الله في الرخاء، ويعرف أن ما أمامه خيرًا له مما وراءه مهما أُصيب، لكن المُخلِّط مثل حالنا الآن، المُخلَّط عنده طلب علم، وعنده نوع عبادة، وعنده شيء، لكن عنده أشياء تخونه في وقت الشدة، عنده أعمال لا يحسب لها حسابًا قد تخونه في وقت الشدة، هذا نحسبه والله حسيبه، يعني لو سُئل عنه أي شخص يُثني عليه خيرًا، لكن مع ذلك المصائب وقعها على القلوب شديد، وتتفاوت هذه المصائب، ويتفاوت أثرها، وينسى الإنسان إحسان الظن بالله في هذه المواضع؛ لأنها تغلبه، وليس هذا تبريرًا، لكن هذا بيان واقع، وسيأتي في كلام ابن القيم أن أكثر الناس على هذا، التي قال لها النبي –عليه الصلاة والسلام-: «اصبري واحتسبي» قالت: فإنك لم تصب بمصيبتي. من هول المصيبة، لكن لما انجلى عنها هذا، جاءت إلى الرسول واعتذرت، والصبر عند الصدمة الأولى.

وكلكم لو فتشتم مر عليكم أشياء، لكن {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم:27] نسأل الله أن يجعلنا منهم.

طالب:.........

الطريق الذي أمامك مخلصًا لربك، ويكون ما أمامك أحب إليك مما وراءك، ثم يستوي عندك، لا نقول: تصل المسألة إلى حد أظن كأبي سليمان الداراني أو أبي يزيد البسطامي لما مات ولده ضحك، الناس يُعزونه وهو يضحك، من أجل ماذا؟ ما يصير في قلبه شيء من الاعتراض على القدر، لا يكون في قلبه شيء من الاعتراض على القدر، لكن هل هذا شأنهم؟ القدوة، الأسوة بكى –عليه الصلاة والسلام-، «الْقَلْبَ يَحْزَنُ، وَالْعَيْنَ تَدْمَعُ، وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى الرَّب- جلَّ وعلا-».

فمن استطاع أن يُوفِّق بين هذه المضايق فهو المقتدي الحقيقي، لكن هذا يقول: أنا ما أقدر أبكي وأنا ما عندي أدنى اعتراض على القدر، يقول: ما أقدر؛ ولذلك ضحك، هذه من المضايق العضال التي ينبغي لطالب العلم أن يتأملها بدقة، وأن يعمل لِما يُثبتها.

عندنا غفلة، عندنا ضياع أوقات بدون فائدة، هذه تخوننا في أوقات الشدة، على الإنسان أن يُحسِّن الظن بربه، ولا يظن به ظن السوء، ولا يقول: لو حصل شيء ليس لنا من الأمر شيء، أو هل لنا من الأمر شيء، لو قعدنا ما قُتلنا هاهنا، اقعد أو اخرج، المكتوب عليك سيصير.

وليس معناه أنك تُهمل الأسباب، عليك أن تبذل الأسباب، وتعرف أن المُسبب هو الله –جلَّ وعلا- أنه هو المُسبب، ما تنفعك الأسباب إذا ما نفعك الله بها.

{يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [آل عمران:154] يعني لما قُتِل من قُتل من المسلمين في أُحد قال المنافقون: رجعنا وسلمنا، وما جاءنا شيء، وهؤلاء انتهوا خلاص، يظنون أن الدائرة لهم على المسلمين، ولن تقوم لهم قائمة، هكذا صرَّح بعضهم.

{قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [آل عمران:154] الأمر سواءٌ بنصر المسلمين كما في بدر أو بإدالة الكفار كما في أُحد كله لله، فعلينا أن نرضى ونُسلِّم ولا نعترض.

"وقوله: {الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ} [سورة الفتح:6]" الكلام يرجع إلى المنافقين والمنافقات، والمشركين والمشركات.

{الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} [سورة الفتح:6] الآن الذي حصل في حروب المسلمين في انتصارات كبيرة جدًّا مع أسباب ضعيفة، لماذا؟ جهة إحسان الظن، وبذل ما يُستطاع من الأسباب، إضافةً إلى التعلق بالله –جلَّ وعلا- وإحسان الظن بالله قبل كل شيء، والتعلق به، وبذل الأسباب الشرعية.

لكن في المواطن الأخرى التي فيها هزائم على المسلمين، وفيها كوارث وحروب شبه إبادة على مر العصور كما يحصل في أيامنا هذه، هل نُحسن الظن في مثل هذه الصور أو لا؟ نُحسن الظن بالله –جلَّ وعلا- ونقول: الحكمة الإلهية ظاهرة.

قد يقول القائل كما قيل قبل: لو كانوا على حق ما نُصِر عليهم الكفار؟ خير أُمة أُخرِجت للناس يُسلَّط عليهم كفار؟! نعم يُسلَّط عليهم، والحكمة الإلهية ظاهرة، قد لا تظهر في الوقت نفسه، لكن نجزم بأن هناك حكمة إلهية، وأن الله لا يظلم أحدًا {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} [النساء:40].

قبل عشرين سنة في حروب في بعض جهات المسلمين، ونحن نتألم ونتوجَّع وننتصر لإخواننا بما نستطيع، وقد قصَّرنا أو خذلنا، وهذا حاصل، كيف تبينت الحكمة الإلهية من هذه الحروب؟ هذا البلد الذي حصل فيه الحرب وسُلِّط فيه الكفار على المسلمين لتمحيصهم، واحد من الدُّعاة يقول: ذهبت إليهم مع مجموعة من الدُّعاة صافين نُصلي كانوا يتفرجون علينا، ما يعرفون ما الصلاة، يتغامزون ويضحكون، والحريم –الله المستعان- وضع النساء.

ومما ذكر هذا الداعية يقول: رأيت شيخًا كبيرًا لحية طويلة ويُكرر لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، يبيع سمكًا وعنده مصحف جوامعي القطعة كبيرة، إذا باع سمكة شد ورقة ولفها وأعطاها للزبون، ماذا عندهم من الإسلام هؤلاء؟ عندهم لا إله إلا الله، لكن بدون...الذي يقول: لا إله إلا الله هذا الشايب ما ندري عن الباقي.

ما النتيجة؟

سُلِّط عليهم الكفار، وقتلوا من قتلوا، وأفسدوا في أعراض المسلمين، وعاثوا فسادًا في البلد، لكن الآن اذهب انظر الحجاب، وانظر الرجوع إلى الدين، وانظر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وانظر الدعوة والدُّعاة، تغيَّرت الأمور تغيرًا جذريًّا، حكمة أم ما هي بحكمة؟ حكمة إلهية ليردهم؛ لأن القوارض الصغيرة التي ما تؤثر تأثيرًا بالغًا قد يكون مردودها غير بالغ، بخلاف القوارض الكبيرة التي تؤثر أثرًا بالغًا في الناس.

العام الماضي يستفتي أهل حلب في قتل بناتهم؛ خشية أن يفجر بها الكفار، يصير الأمر إلى هذا الحد، لكن العاقبة للتقوى وللمتقين، وإن شاء الله تكون الدولة للإسلام والمسلمين، ويرجع الكفار أذلة كما حصل لهم في القرون الماضية.

اقرأ الحروب الصليبية ونتائجها، واقرأ ما حصل في الأندلس وما صار فيها، لكن كل هذا تمحيص من الله –جلَّ وعلا-؛ لأن المسلمين حادوا عن الجادة، وتعلَّقوا بغير الله، بل تنافس المسلمون لإرضاء الكفار على حساب إخوانهم.

فمثل هؤلاء لا يحتاجون إلى قارعة؟ لكن نسأل الله اللطف، الله يلطف بنا، ويردنا ردًّا جميلاً قبل هذا كله، ما أحد يتمنى أنه تأتيه قارعة، لكن هذه سُنن إلهية لا تتغير، ولا تتبدل، ولا تتحول، فعلينا أن ننتبه لأنفسنا.

{عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} [سورة الفتح:6] يظنون بالله ظن السوء، لكن عليهم الدائرة، يعني لو أُديلوا في هذه المرة لحكمةٍ إلهية من أجل أن يرجع المسلمون إلى دينهم، فالدائرة على المشركين والمشركات، وأيضًا المنافقين والمنافقات.

تبقى الدولة والقوة للمسلمين، والشرط {إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ} [محمد:7] بهذا الشرط.

"يقول ابن القيم –رحمه الله- في الآية الأولى" آية آل عمران.

"فُسِّر هذا الظن" {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران:154] فهؤلاء المنافقون يظنون بالله غير الحق.

{ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران:154] يعني: كظن الجاهلية، مثل ظن أهل الجاهلية.

"قال ابن القيم في الآية الأولى: فُسِّر هذا الظن بأنه سبحانه لا ينصر رسوله، وأن أمره سيضمحل، وفُسِّر بظنهم أن ما أصابهم لم يكن بقدر الله وحكمته، ففُسِّر بإنكار الحكمة، وفُسِّر بإنكار القدر" عندنا: قدر، وحكمة، وتعليل، ولابن القيم كتاب من أنفع ما كُتِب في هذا الباب اسمه (شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل) هذا من أفضل ما كُتِب في القضاء والقدر وما يتعلق بهم.

"فُسِّر هذا الظن بأنه سبحانه لا ينصر رسوله، وأن أمره سيضمحل" يعني وينتهي خلاص انتهى ما فيه شيء من الإسلام انتهى، مثل ما يقول بعض الناس، كفار عندهم قواتٍ ما لنا بها طاقة، يعني معناه انتهينا، إما أن نُجاملهم ونُتابعهم، ونسعى لإرضائهم بما يُريدون أو يقضون علينا، نقول: لا، لا يُمكن؛ لأن النصر للإسلام {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف:128] نعم قد يطول التمحيص؛ لبُعد المسافة التي خلَّفوها وراء ظهورهم من الدين، وقد يقصر.

"وفُسِّر بظنهم أن ما أصابهم لم يكن بقدر الله وحكمته، ففُسِّر بإنكار الحكمة، وفُسِّر بإنكار القدر". يقول –رحمه الله-: "فُسِّر هذا الظن بأنه سبحانه لا ينصر رسوله" وتشبثوا بما حصل يوم أُحد؛ لأنه حصل أن قُتِل من المسلمين من قُتل، فظنوا أنه لن تقوم له قائمة، ولا لأتباعه، ولا لدينه.

"وأن أمره سيضمحل، وفُسِّر بظنهم أن ما أصابهم لم يكن بقدر الله وحكمته" إنما حصل عفو هكذا من غير حكمة، ولا تقدير، ولا تعليل، ولا قدر.

ويُشاركهم في هذا غُلاة القدرية الذين لا يعترفون بالتقدير الإلهي، وأن الأمر أُنُف، كما جاء في الحديث الصحيح، في صحيح مسلم من حديث ابن عمر.  

"لم يكن بقدر الله وحكمته، ففُسِّر بإنكار الحكمة" كمن يقول: الله –جلَّ وعلا- هو خالق الخلق، وله أن يُعذِّب من أطاعه مخلصًا له، وأن يُنعِّم من عصاه عمره كله، لكن هل الحكمة تقتضي هذا؟ لا أحد يقول: ليس له ذلك؛ لأنهم خلقه، لكن لا يفعله لحكمته، وهو الحكيم العليم، والذي جعلهم يقولون مثل هذه المقالات عدم إيمانهم بأسمائه وصفاته ومقتضياته، هذه الأسماء والصفات {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:180] لا بُد أن نعرف هذه الأسماء، وهذه الصفات، ونعرف مقتضاها، ونعمل به.

ولذلك من أنفع الأمور التي تزيد في إيمان العبد ويقينه وطمأنينته: العناية بالأسماء والصفات، وما تقتضيه هذه الأسماء والصفات، ودعاؤه –جلَّ وعلا- بهذه الأسماء. 

"ففُسِّر بإنكار الحكمة، وإنكار القدر" هكذا حصل من غير تقدير مفاجئة، العالم كله حصل صدفة عندهم.

وبعضهم يُشدِّد النكير على من يُطلق هذه الكلمة على من التقيا من غير ميعاد، إذا قيل: حضرت في هذا المكان فوجدت فلانًا صدفة، يقول: لا، ما فيه شيء اسمه صدفة، ما فيه شيء إلا مُقدَّر، هذا بالنسبة لله –جلَّ وعلا- ما فيه شيء إلا مُقدَّر، لكن أنت خطّطت، أنت داري أنه سيأتي، وهو داري أنك ستأتي، ماذا يصير هذا؟ صدفة.

فيخلطون بين ما تعلق بالخالق الذي لا تخفى عليه خافية، ولا يحصل شيء بغير مراده وقدره، وبين المخلوق الذي يغيب عنه ما وراء الجدران.      

"وإنكار القدر، وإنكار أن يُتم أمر رسوله، وأن يُظهره على الدين كله".

طالب:.......

لا لا، الحكمة شيء والقدر شيء، الحكمة من هذا المقدَّر من وجود هذا المُقدَّر.

"وهذا هو ظن السوء الذي ظنه المنافقون والمشركون في سورة (الفتح)" {الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ} [سورة الفتح:6].

{السَّوْءِ} [سورة الفتح:6] بالفتح قراءة قُراء البصرة، ومعهم جمعٌ من القراء، وبعضهم يقرأها بالضم (السُّوء) ولكن قالوا: إنه بالفتح من حيث القراءة سبع لا إشكال فيه، متواتر، ومن حيث المعنى اللغوي أولى من (السُّوء) وإن كانت تلك أيضًا سبعية.

"الذي ظنه المنافقون والمشركون في سورة (الفتح) وإنما كان هذا ظن السَّوء؛ لأنه ظن غير ما يليق به سبحانه" الله –جلَّ وعلا- الذي أمر ونهى، وخلق العباد لعبادته {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56] خلقهم لهذه الحكمة، ثم بعد ذلك تقول: ما فيه فرق بين أن يُعذِّب المطيع، ويُنعِّم العاصي، هل هذه حكمته؟ هذا ظن السَّوء به، هذا ظن السَّوء بالله -جلَّ وعلا-.

ولذا يقول: "وإنما كان هذا ظن السَّوء؛ لأنه ظن غير ما يليق به سبحانه" لا يليق بالله –جلَّ وعلا- وبحكمته، وعدله أن يُعذِّب من أطاعه عشرات السنين ولم يعصه طيلة هذا الوقت أو هذه المدة بعكس الذي فعل خلاف ذلك ويُنعَّم، حكمته تأبى هذا.

قد يقول قائل: إن هذا تعبَّد سبعين سنة، والثاني عصى أو فعل الكبائر والجرائم طيلة هذه المدة السبعين سنة، هذا العاصي تاب وحسُنت توبته، في قوله –جلَّ وعلا-: {فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان:70] هل منزلة الاثنين واحدة؟ بمعنى أن حسنات المطيع مضاعفة الحسنة بعشرة أمثالها، وسيئات العاصي التي انقلبت حسنات غير مُضاعفة، هل نقول: إن الحكمة الإلهية تقتضي هذا؟ البدل له حُكم المُبدل عند أهل العلم، والحسنات المبدلة حُكمها حكم أصلها التي هي السيئات فلا تتضاعف، هذا قول معروف عند أهل العلم.

شيخ الإسلام –رحمة الله عليه- يرى أنه ما فيه ما يمنع من مضاعفاتها إلى عشر حسنات وتصير منزلتهما واحدة؛ لأن فضل الله واسع.

نحن ما ندخل في هذا، لكن المسألة على ضوء القواعد العلمية، وما جاء في الكتاب والسُّنَّة، إذا نظرنا على الحكمة الإلهية....

طالب:.........

على كل حال هذا محل الخلاف في هذه المسألة، فمقتضى أن العدد واحد أن الدرجة واحدة، هم ما ينظرون في دقائق الأمور، ينظرون في الإجمال هذا سبعين سنة حسنات مُضاعفة، وهذا سيئات غير مُضاعفة، السيئات لا تُضاعف، صح أم لا؟

انقلبت حسنات هذه السيئات الذي يُجري القواعد على ظواهرها يقول: الحسنة هذه مُبدلة من سيئة، والبدل له حُكم المُبدل، وهذه لا تُضاعف، فيبقى الفرق كبيرًا وواضحًا مُناسبًا للفرق بين عملهما في الدنيا، والتدقيق في مثل هذه الأمور هي التي تُعرض عرضًا علميًّا، والله –جلَّ وعلا- يتولى السرائر، والمسألة كما ترون.

طالب:........

كل شيء له أثره، الصُّحبة لا يعدلها شيء، حتى جاء في الحديث في السُّنن عن الحسن بن أحمد وغيره: «أن لِلْعَامِلِ في آخِرِ الزَّمَانِ أَجْرُ خَمْسِينَ» قالوا: منا أو منهم يا رسول الله؟ قال: «مِنْكُمْ» هل يُظن بهذا العامل في آخر الزمان أنه يفوق أقل الصحابة شأنًا؟ أجر الصُّحبة لا يعدله شيء، وتكون الموازنة بغير ذلك.      

"وإنما كان هذا ظن السَّوء؛ لأنه ظن غير ما يليق به سبحانه، وما يليق بحكمته وحمده ووعده الصادق، فمن ظن أنه يُديل الباطل على الحق" طبِّق على ما ترى "يُديل الباطل على الحق" في كثير من بلدان المسلمين التي تعرضت لهذه الحروب حصل فيها نوع إدالة للباطل على الحق، لكن ما السبب؟

طالب:........

الابتعاد عن دين الله، لكن هل هي إدالة مستقرة دائمة؟ أبدًا.

"يضمحل معها الحق" المنافق الذي لا يؤمن بموعود الله، مثل هذا قد يجزم بأنها إدالة مستقرة دائمة، لكن الذي عنده إيمان، وعنده معرفة بما جاء عن الله، وعن رسوله –عليه الصلاة والسلام- لا يُمكن أن يقول هذا.

طالب:........

يغلب وغلب، لكن ليس بأمرٍ دائم مستقر.

"يضمحل معها الحق أو أنكر أن يكون ما جرى بقضائه" بعض الدُّعاة سمعنا منهم أنه يقول: حتى لو قُتل الداعية فهو منتصر، وفي كلام الشيخ أمين الشنقيطي في (أضواء البيان) نوع إشارة إلى مثل هذا.      

"يضمحل معها الحق، أو أنكر أن يكون ما جرى بقضائه وقدره، أو أنكر أن يكون قدَّره لحكمةٍ بالغةٍ يستحق عليها الحمد، بل زعم أن ذلك لمشيئةٍ مجردة" يعني بدون حكمة الله، أراد كذا وليس وراء ذلك حكمة.

"فذلك ظن الذين كفروا {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} [ص:27] وأكثر الناس يظنون بالله ظن السَّوء فيما يختص بهم" يعني لما تكون المصيبة بهم أو بقريبٍ منهم لما تصير بغيرهم العقول تشتغل، ويتصورون مثل هذا الكلام، لكن لما تصير بقريب به أو بقريبٍ منه ينسى هذا كله، ويغطى على عقله ويتصرف تصرفاتٍ، شايب من شيبان المسلمين أُصيب بمرضٍ ما أراه يعني أكثر من غيره، لكنه جزع قلت له: أيوب –عليه السلام- ما سمعت ما حصل له؟ ماذا به؟ لكن الذي بي ما تدري عنه أنت، والله ما أرى به شيئًا كبيرًا، الله يعفو عنا وعنه توفي.

مثل هذه المواقف يعني الذي إيمانه ما هو بقوي، قد يُعذر بجهل ذاك؛ لأنه جاهل، الله يتولاه، مات.

طالب:........

من الذي يقول؟

طالب:........

أنتظر قليلاً لما نكمل الباب.

"وأكثر الناس يظنون بالله ظن السوء فيما يختص بهم وفيما يفعله بغيرهم" يظنون به ظن السَّوء، وفرق بين أن منشأ الظن إذا كان يختص بهم، ومنشأ الظن إذا كان يختص بغيرهم.

الآن الذي لا يُسلِّم بقضاء الله وقدره فيما يخص نفسه، تجدهم زملاء، وشهاداتهم واحدة، ومؤهلاتهم واحدة، وهذا تيسر له وظيفة بالمرتبة الثامنة، وهذا بالسادسة، وذاك بالخامسة، على حسب المراتب، تجد الأقل يتذمر، وأنه مظلوم، طيب مَن الذي ظلمك؟ إن كان بسبب مخلوق قدَّم هذا عليك أو بخسك حقك فهذا يلقى جزاءه، لكن المُقدِّر هو الله –جلَّ وعلا- لا يتجه إليه لوم، هذا الذي كتبه الله لك على يدِ هذا الشخص وهو آثمٌ في ذلك، ولك أن تتظلم لولي الأمر أن هذا فعل، لكن قلبك بالنسبة لله –جلَّ وعلا- الذي قدَّر لك هذا لا يعتريه أدنى ظن بالله- جلَّ وعلا-.       

"ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وأسماءه وصفاته، وموجب حكمته وحمده" لا بُد أن نتصور هذه الأمور؛ لنسلم مما ذُكِر.

"فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا، وليتب إلى الله وليستغفره من ظنه بربه ظن السوء، ولو فتشت من فتشت لرأيت عنده تعنتًا على القدر" الإنسان قد لا يُصرِّح بما في نفسه، لكن لو فتشت وجدت تعنتًا على القدر، لماذا يُعطى هذا؟ ولماذا ما أُعطى أنا؟ لماذا يُقدَّم هذا؟ ولماذا أتأخر أنا؟

"وملامةً له، وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا" ينبغي أن أكون أنا أُقدَّم عليه، لماذا؟ لأن تقديري أكثر من تقديره، نسبتي أكثر من نسبته.

"وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا، فمستقلٌّ ومُستكثر، وفتش نفسك" لا بُد أن تُفتش نفسك، هل عندك شيء من هذا؟

"هل أنت سالم؟ يقول:

فإن تنج منها تنج من ذي عظيمةٍ

 

وإلا فإني لا إخالك ناجيا

إن نجوت مما ذُكِر في هذا الباب، ومما سيأتي في باب القدر، تقول: إنك تنجو من ذي عظيمةٍ "وإلا فإني لا إخالك" يعني لا أظنك ناجيًا.

يقول: "فيه مسائل:

الأولى: تفسير آية آل عمران" قد تقدم.

"الثانية: تفسير آية الفتح" كذلك.

"الثالثة: الإخبار بأن ذلك أنواعٌ لا تنحصر" ذكرها ابن القيم –رحمه الله- في كلامه، وكلامه أطول من هذا في (زاد المعاد) في الحكم والفوائد المستنبَطة من غزوة أُحد.

"الرابعة: أنه لا يسلم من ذلك إلا من عرف الأسماء والصفات وعرف نفسه".

والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد.