المقدمات في شرح المقنع ونظمه (03)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

فانتهينا من شرح مقدمة الأصل المقنع، ونشرع –إن شاء الله- في شرح النظم، وقبل ذلك هذا النظم رغم أهميته وإمامة مؤلفه من الحنابلة، والنظم فريد في بابه، ولا نظير له في هذا الباب جمع فأوعى، وذكر الروايات، ورجَّح، ونقل من أمهات كُتب المذهب، فهو كتابٌ ميزته أنه نظم، والنظم يثبت إذا حُفِظ، ولكن دون حفظه مصاعب ومتاعب لطوله، فالنظم طويلٌ جدًّا، وليس من البحور السهلة التي مثل الرجز يُحفظ، لكنه ماتع من أبدع ما يكون فيه مقدمات الأبواب، يعني الكلام الذي يحتوي عليه هذا النظم يُدرك من كتب المذهب المنثورة، لكن مقدمات الأبواب التي يلفت فيها الناظم طالب العلم القارئ إلى شيءٍ يُلين قلبه هذا لا يُوجد عند غيره، والنظم لطوله لم أرَ أحدًا تعرض لشرحه لا في الكتب من الأصحاب ولا في الدروس من الشيوخ الذين يشرحون كُتب العلم.

الشيخ/ عبد الرحمن بن ناصر السعدي –رحمه الله- له محاولة شرح أو مشروع شرح، لكنه عدل عنه، فكتب على أوائل الكتاب على أبياتٍ يسيرة منه، وكتب على أبياتٍ أيضًا كذلك من كتاب الحج، وأخرى من كتاب النكاح علَّق عليها، وهو في هذه المواضع ينقل من (كشاف القناع، وشرح المنتهى) هذه مصادره، ثم رأى أن يصرف النظر عن الشرح والتعليق إلى نقل الشرح من كتاب (الإنصاف) للمرداوي.

الإنصاف شرح للمقنع على طريقة الأصحاب، وذكرنا أن بعضهم انتقد صاحب الإنصاف بأنه عارٍ عن الدليل والتعليل، وأن الأحاديث فيه نادرة جدًّا؛ حتى قال الشيخ وهو من جِلة الشيوخ: أنه ليس فيه –صلى الله عليه وسلم- إلا أربع مرات، وإنما يعتني بذكر الأصحاب؛ قال أبو فلان وفلان وفلان وفلان، ثم يسرد الكتب كُتب المذهب، ويذكر الوجوه والروايات، ويستطرد ويستوعب- صاحب الإنصاف-، ولكنه ليس مثل (الشرح الكبير) الذي اقتفى أثر الموفَّق في ذِكر الأدلة أو مثل (المُبدِع) الذي فيه الدليل، وفيه التعليل وبعض الروايات، لكنه ميزته (الإنصاف) استيعاب الروايات، ومن قال بهذه الروايات من الأصحاب والكُتب التي وُجِدت فيها هذه الروايات من كُتب الأصحاب.

ولذلك لما عدل الشيخ عن شرح الكتاب إلى كتابة الإنصاف، فهو يكتب الأبيات من النظم، ويكتب تحتها ما يُقابلها من الإنصاف؛ لأن النظم نظم المقنع، والإنصاف شرح المقنع فكأنه شرحٌ له، شرح مواضع يسيرة، وعدل عن الشرح –وبكلامه- إلى الاقتصار على كتاب الإنصاف.

والملاحظات التي لوحِظت على الشرح باعتبار شرح الشيخ ابن سعدي هي ملاحظات على الإنصاف.

فأنا أعتقد أن منهج الشيخ ابن سعدي يختلف تمامًا -يعني بعد نُضجه- يختلف تمامًا عن منهج صاحب الإنصاف، وكُتبه تشهد بذلك، متى عدد ابن سعدي أو تلميذه ابن عثيمين –رحمة الله على الجميع- عددوا الأصحاب قال أبو فلان، وفلان وعدلوا عن التعليل والدليل؟ هذا ليس منهجهم، لكن يشفع لذلك أن الشيخ كتبه في أوائل شبابه، فرغ منه كله سنة ألف وثلاثمائة وتسع وثلاثين، الشيخ مولود سنة ألف وثلاثمائة وسبعة، متى كتب أحد عشر مجلدًا هذه؟! عمره اثنان وثلاثون لما فرغ من كتابه –رحمه الله-، ولا شك أنه لو قرأنا كلامه في مقدمته، والذين يترجمون للشيخ يقولون: جمع بين النظم والإنصاف، ومتى يكون للجمع أثر؟ إذا كان الجمع بين كتاب متن ومتن، المسألة تُوجد في هذا وهذا تُحذف من هذا أو ذاك، كما في كُتب الجمع (منتهى الإيرادات في الجمع بين المقنع مع التنقيح وزيادات) (والتوضيح) للشويكي، والغاية (غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى) وكُتب كثيرة جمع ما تجد كلمة مكررة أو جملة مكررة أو حُكمًا مكررًا يُنقل من هذا ومن هذا، بينما الجمع بين النظم وشرحه الكلام مكرر، كل الكلام الذي في النظم موجود في الشرح، وليس بشرحٍ تحليلي في الكلمات الغامضة التي تُشكل على طالب العلم.

يقول: يُمكن إجمال الملحوظات على الكتاب في أن المؤلف اقتصر على النقل من كتاب الإنصاف، ولم يخرج عنه إلا في مواضع نادرة نص عليها في مواضعها، ويمكن تلخيص أهم هذه الملاحظات: قلة الاستدلال بالنصوص. الأصل المنقول منه ما فيه استدلال بالنصوص.

إغفال الحدود والتعريفات. لأن الأصل ما فيه.

الخطأ في نسبة بعض الأقوال إلى أصحابها.

المقصود أن مثل هذه الأمور توجَّه لشرحٍ يحمل اسم الشيخ؟ ما هو مناسب، والشيخ عُرِف بعنايته بالدليل، والاجتهاد، وينبذ التقليد.

وإذا فتحت الشرح هذا يقول ابن سعدي مثلًا: الصحيح من المذهب اشتراط التراب في غسل نجاسته مطلقًا، وعليه الجماهير والأصحاب، وعنه استحباب التراب، ذكرها ابن الزاغوني، نقلها في (الفروع والفائق) وقال: هو ضعيف، وقيل: إن تضرر المحل سقط التراب، وتبعه في (مجمع البحرين) وابن عبيدان وهو الأظهر، وقيل: تجب... كلام ابن سعدي؟ كلام صاحب الإنصاف، وكل الكتاب على هذا، في المواضع النادرة التي علَّقها الشيخ، ونص على أنها من شرح المنتهي وشرح الإقناع الكشاف.

فمثل هذا لو أن الشيخ مع أنه –رحمة الله عليه- ألَّف مؤلفات نافعة ومفيدة جدًّا، وسهلة ومتينة في الوقت نفسه، لو أننا بدل هذه المجلدات الإنصاف اثنا عشر مجلدًا وحده، والنظم مجلدان، لو بدل هذه المجلدات أخرج لنا كتابًا في ثلاثة مجلدات يذكر بيتين أو ثلاثة من النظم، ويُعلق عليهما بأسلوبه المختصر، ويعطينا من علمه ما نريد علم غيره، علم أصحاب ولا... كله موجود، لكان أنفع لطلاب العلم، والذي يشفع للشيخ أنه في أوائل شبابه كتب هذا الكتاب.

ثم بعد ذلك –رحمة الله على الشيخ وعلى الناظم وعلينا جميعًا- انظر "وعليه معظم الأصحاب وقطع به كثيرٌ منهم، قال القاضي: قال أصحابنا: لا يجوز إزالة النجاسة بمائعٍ غير الماء، أومأ إليه في رواية صالح، وعبد الله، وعنه ما يدل على أنها تُزال بكل مائعٍ طاهر كالخل ونحوه، اختاره ابن عقيل، والشيخ تقي الدين، وصاحب الفائق ذكره في آخر الباب... إلى آخره".

ذكروا مصادر الشيخ في شرحه، مصادره في الكتاب، أجزم أن كثيرًا منها ما رآه الشيخ؛ لأنها ما طُبِعت ولا رأوا المخطوط، لكنها موجودة في الإنصاف الأصل، فلا شك أن مثل هذا قد يُزري بالشيخ، وقد يتطاول بعض الناس على الشيخ إذا قرأ الكتاب؛ لأن منهج الشيخ غير منهج صاحب الإنصاف، لكنه رأى أن الجمع بين الكتابين هذا شرح، وهذا نظم، كأنه يسر له المصادر بين يديه، منزلة الشيخ أعظم من هذا، ومؤلفاته تشهد بذلك، وأمنيتي أن لو مثل ما ذكرت، يذكر الشيخ الأبيات، ويُعلِّق عليها بأسلوبه، والكلمات الغامضة يشرحها مما علمه الله كان أنفع لطلاب العلم، والإنصاف موجود مطبوع بين أيدينا.

طالب: ...........

لا نقول شيئًا، خمس وأربعون رسالة علمية ماجستير.

طالب: ...........

.... من طلاب الشيخ يقول في ترجمته أنه جمع بين النظم والإنصاف.

طالب: ...........

مقدمة يسيرة في صفحة وبيَّن أنه شرع في شرحه، وعدل عنه إلى الإنصاف.

طالب: ...........

يمكن نسخه لنفسه، لكن التسمية (تيسير الكريم الواحد في شرح عقد الفرائد وكنز الفوائد).

طالب: ...........

قد يكون للمذاكرة، لكن ما أحمِّل الشيخ على منزلته العظيمة الجليلة فهو فقيه من فقهاء الإسلام لا أقول: من فقهاء المذهب، ومع ذلك...

طالب: ...........

ما شرح الشيخ، جرَّد القواعد من أمثلتها وفروعها ليستذكر هذه القواعد.

طالب: ...........

ما شرح، ليس بشرح هذا، يعني الحذف شرح؟!

"وقد قام الشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي –رحمه الله- بشرحها في كتابٍ سمَّاه (تيسير الكريم الواحد في شرح عقد الفرائد) إلا أن هذا الشرح لا يزال مخطوطًا مما يستوجب إخراجه -هذا كلام الشيخ ابن عقيل، وهو من طلابه-، وقد أُعجب به شيخنا العلامة عبد الرحمن بن سعدي –يعني النظم- واستحسنه وعزم على شرحه، بل شرع فيه فعلًا، ثم بدا له أن يكتفي بالجمع بينه وبين كتاب الإنصاف الذي هو شرحٌ للمقنع أيضًا، وقام بنسخ الكتابين بيده، بخط يده، وبذل وسعه في تصحيحهما وتنقيحهما؛ ليخرجا في كتابٍ واحد.

وذكر في مقدمة الجزء الأول: أما بعد...

فإن نظم ابن عبد القوي من أَجل الكُتب قدرًا، وأعظمها نفعًا، قد جمع من العلم والأحكام ما يبلغ به اللبيب غاية المرام، بل هو مهيمنٌ على كُتب الأصحاب المتقدمين نظم به المقنع، وزاده من الكُتب ما حصل به المَقنَع، ولكنه يحتاج إلى شرح يوضِّح مشكلاته، ويظهر خفياته، ويُبين وجوهه ورواياته، فوضعت عليه هذا التعليق المبارك الذي فيه تبيينٌ للطالبين، وتنبيهٌ للراغبين، ومساعدة للمحصلين، وتذكرة للعلماء المبرِّزين، وأذكر جملةً من أبياتٍ متقاربة المعنى، ثم أن أضع عليه ما يتعلق به من الإنصاف؛ لكونه شرحًا للمقنع الذي هو أصله".

طالب: ...........

في تنصيص.

طالب: ...........

كلام الشيخ نعم.

قبل خمسين سنة في أوائل الطلب كنت أقرأ تفسير ابن كثير على شيخنا الشيخ علي بن إبراهيم المشيقح الذي هو ناسخ الكتاب، هذا ناسخ النظم هو الناسخ، يقول: إن الشيخ ابن سعدي سنة أربعة وستين أو ثلاثة وستين أرسل لي الجمع بين النظم والإنصاف، وأشرت عليه أن يشرح الكلمات الغامضة، فهي أولى من كتابة الإنصاف مع النظم؛ لأن فيه كلمات، كثير من طلاب العلم لا يُدركها.

 وعلى كل حال هذا الحاصل، لكن أنا أقول: مقام الشيخ أعظم من هذا، وهذا الجمع لا يعجز عنه أحد إلا في الزيادات التي زادها في المواضع الثلاثة الذي هو ذكر، ونص على أنه أخذ من شرح الإقناع وشرح المنتهى.

والنسخة من النظم التي مع ما يُسمى بالشرح تُفيدنا في أن الشيخ نسخها بيده، ويغلب على الظن أنه لن تمر عليه الأخطاء الموجودة في الكتب في النسخ المخطوطة؛ لأن النُّسخ كلها متأخرة، كلها في الثالث عشر والرابع عشر.

نسخة الشيخ قرناس نسخها سنة ألف ومائتين... متأخرة جدًّا التي طُبِع عنها الكتاب في المكتب الإسلامي، سنة ستة عشرة ومائتين بعد الألف.

ونسخة الشيخ عبد الله بن عايض ألف ومائتين واثنين وتسعين الظاهر أنها هي هذه.

وعن نُسخة الشيخ ابن عايض نسخ شيخنا الشيخ علي المشيقح سنة ألف وثلاثمائة وست وستين، كلها نُسخ متأخرة، ولا يُوجد له نُسخ قديمة إلا نُسخة محفوظة صورتها في مكتبة جامعة الإمام مصوَّرة عن شيستربيتي بأيرلندا نُسخة قديمة من القرن الثامن، لكن تصعب قراءتها؛ لضعف الخط، وكثرة الطمس، وقراءتها صعبة جدًّا؛ ولذلك ما حرص عليها المحققون ليطلعوا عليها.

طالب: الأصل الذي نقل عنه الشيخ ابن قرناس؟

ما أدري، الشيخ ابن سعدي يمكن أنه نقل عن ابن قرناس أو عن شيخه ابن عايض، عبد الله بن عايض من علماء عنيزة، وذكرنا أنه توفي في المقبرة خرج يُشيع شخصًا ومات هناك –رحمة الله عليه- وخطُّه جميل، وعندي خطاب من الشيخ محمود شكري الألوسي شيخ عندنا ببريدة ينسخ الكُتب أرسل له خطابًا يقول: يصلك نسختي من (نقض التأسيس) مخطوطة، وفيها خَرم ونقص كمِّله سدده من نسخة الشيخ عبد الله بن عايض بعنيزة، وخطُّه جميل ابن عايض.

طالب: ولا ذكر الأصل الذي نقل عنه يا شيخ؟

ابن عايض؟ لا ما ذكر شيئًا ولا قرناس.

طالب: ..........

فيه زيادات تأتي في المقدمة.

نعم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه.

قال الناظم –رحمه الله تعالى-:   

بحمدك اللهم ما دمت أبتدئ

 

فحمدك فرضٌ لازمٌ كل موجدِ

تعاليت عن مثلٍ وعن ولدٍ وعن

 

شبيهٍ وعمَّا يفتري كل ملحدِ

نُقر بلا شكٍّ بأنك واحدٌ

 

ونؤمن بالداعي إليك محمدِ

رسولك أزكى من بعثت إلى الورى

 

وخير من استخرجت من خير محتدِ

أقمت بما صوَّرت في الكون مُنعمًا

 

أدلة توحيدٍ لكل مؤيدِ

بدأت بإحسانٍ فسويت خلقنا

 

ومن عدمٍ أخرجتنا غير مقتدِ

ضربت لنا الأمثال فضلًا مقربًا

 

لكل طريقٍ للهداية مرشدِ

خلقت لنا نطقًا وعقلًا مكرمًا

 

نروح به في الكائنات ونغتدي

فتُدرك كلياتها وترى الذي

 

تُصرِّفه فيها فمن شئت يهتدي

وليس لمن أضللته الدهر مرشدًا

 

فسبحانك القهار والمتفردِ

بقبضته ضُر العباد ونفعهم

 

ومنه جميع الأمر يُنهى ويبتدي

بعثت برسلٍ قاطعًا كل حُجةٍ

 

وأيدتهم بالمُعجِز المتأيدِ

فبلَّغ كلّ منهم ما أمرته

 

فمن شاكر النعما ومن متمردِ

ختمتهم بالهاشمي مشرِّفًا

 

وأول من يُدعى ويشفع في غدِ

وأول مفتوحٍ له باب جنةٍ

 

وأول محبوبٍ بغير ترددِ

أول محبوب؟

طالب: كذا.

بدون باء.

وأول مفتوحٍ له باب جنةٍ

 

وأول محبوٍ بغير ترددِ

جليت دياجير الظلام بنوره

 

فكان إلى سُبل الهدى خير مرشدِ

كفاه سموًا بالوسيلة رتبةً

 

ورفع لواءٍ تحته كل أمجدِ

وحوضٍ بماء الكوثر امتد ماؤه

 

كثلجٍ وشهدٍ ناقعًا غُلة الصدي

ومخترق السبع الطباق بجسمه

 

إلى العرش والكرسي أعظم مقصدِ

وتكليمه للرب والرؤية التي

 

تقاعس عنها في الدُّنا كل مهتدِ

خرقت له حُجب الجلال مقربًا

 

وخلَّفت أملاك السماء بمرصدِ

تقاصر إدراك العقول عن الذي

 

أنالك في الدنيا به بَله في غدِ

عليك صلاة الله ثم سلامه

 

صلاة لنا تقضي بفوزٍ مؤبدِ

وكل نبيٍّ للأنام وضوعِفت

 

لأشرف مخلوقٍ بأشرف محتدِ

بخير كتابٍ جاء من خير مرسلٍ

 

إلى خير مدعوٍ من الناس أحمدِ

وأصحابه والغُر من آل هاشمٍ

 

ومن بهداهم في الأعاصير يهتدي

وأشهد أن الله لا رب غيره

 

وأسأله عفوًا وإتمام مقصدِ

بخاتمةٍ حُسنى تُنيل الفتى الرضى

 

وتُبلغه في الفوز أشرف مقعدِ

ونحمده حمدًا يليق بِطَولِه

 

ونسأله الإخلاص في كل مقصدِ

وكيف بلوغ الشكر والشكر نعمةٌ

 

وآلاؤك اللهم تترى لمحتدِ

طالب: لمحتدِ عندك يا شيخ؟

نعم لمحتدِ.

طالب: ألا تظن أنها لمهتدي وأنها تحرَّفت؟

أو لمجتدِ، تترى لمجتدِ.

حفظت لنا الذكر الحكيم وزدتنا

 

بخير حديثٍ بالتسلسل مسندِ

فما زال فينا كل عصرٍ أئمةٌ

 

يذبون عن دين الهدى بالمهندِ

فينفون تحريف الغواة ويظهروا

 

الصحيح من المعلول في كل مشهدِ

فأربعةٌ في أول الأمر عمدةٌ

 

وأربعةٌ في آخر الأمر قلدِ

فكلٌّ أتى في الدين أقصى اجتهاده

 

وأحمدهم في النقد مذهب أحمدِ

لفرط اتباعٍ للنبي وصحبه

 

فمن أجل ذا لم يستجب لمعددِ

دعوه إلى قول الضلال فلم يُجب

 

ورد عليهم رد خيرِ مسددِ

وجاد لنصر الحق بالنفس صابرًا

 

على الجلد والتهديد من كل معتدِ

فباء بحمد الله بالنصر والهدى

 

وباؤوا بخسرانٍ وذُلٍّ مؤبدِ

ومازالت العقبى لكل من اتقى

 

كذلك وعد الله في الذِّكر فاهتدِ

فإياك عن آراء كل مزخرفٍ

 

مقالته فالسُّم في ضمنها الردي

فقد مات خير الناس والدين كاملًا

 

غنيًّا عن التبيين من كل ملحدِ

طالب: هكذا كاملًا يا شيخ؟

نعم، والدين كامل.

طالب: أليس كاملًا؟

الجملة الحالية، قال: "مات خير الناس والدين كاملًا".

فطالب دين الحق في الرأي ضائعٌ

 

ومن خاض في علم الكلام فما هُدي

كفى بهم نقصًا تناقض قولهم

 

فكلًّا يقول الحق عندي فقلدِ

ولو كان حقًّا لم يكن متناقضًا

 

ولم ينتقل ربه ذا تلددِ

طالب: هكذا يا شيخ؟

أنا أدور ما لقيته.

طالب: ينكسر البيت.

والدين كاملٌ.

طالب: كاملٌ، نعم أحسنت، إذًا وغنيٌّ.

غنيٌّ.

طالب: يعني جعلها كاملًا غنيًّا؟

غنيٌّ عن التبيين.

طالب: بعد ثلاثة أبيات "ولم ينتقل" يا شيخ.

نعم.

طالب: "ولو كان حقًّا لم يكن متناقضًا".

ما تجيء "ولم ينتقل" أو يتنقَّل.

طالب: ...........

عندي يتنقَّل.

طالب: عندي ينتقل، إذا قلنا: يتنقَّل استقام البيت.

فهي يتنقَّل حتى مطبوعة.

ولو كان حقًّا لم يكن متناقضًا

 

ولم يتنقَّل ربه ذا تلددِ

وما الحق إلا ليله كنهاره

 

يزيد ضياءً خاليًّا من ترددِ

به يطمئن القلب غير مروعٍ

 

ولا خائفٍ بل آمنٍ من تنكدِ

فمن قلَّد الآراء ضل عن الهدى

 

ومن قلَّد المعصوم في الدين يهتدِ

فما الدين إلا الاتباع لما أتى

 

عن الله والهادي البشير محمدِ

كذلك قال الشافعي وغيره

 

من الناصرين الحق من كل مهتدِ

ومحض التلقي والقبول له بلا

 

تأول أو تشبيه أو رد جُحَّدِ

فكيف يُرجي بالعقول الهدى امرؤٌ

 

وأكثر دين الحق محض تعبدِ

يُعرِّفك المعقول وحدة خالقٍ

 

وصدق رسولٍ بالدليل المؤيدِ

ويكفي ارتسامٌ للدليل بعقله

 

ومن بعد ذا فاعزله والرسل قلدِ

وعدنا إلى ما قد نحونا بيانه

 

نُكمِّل إن شاء الإله الذي ابتدئ

وما زال في أتباع أحمد في الورى

 

نجومٌ بهم من ضل يا صاح يهتدي

كحبرهم القاضي وأعلام صحبه

 

فمن بعدهم من كل حبرٍ مُجوِّدِ

ولولا أذى التطويل عددت بعضهم

 

وما صنَّفوا من كل فنٍ مُنضَّدِ

وشهرتهم تُغني لمن كان عالمًا

 

وها أنا يا هذا أعود لمقصدِ

وقفت على نظمٍ ليحيى بن يوسف

 

على الخرقي المنتقى مع تفرُّدِ

طالب: طبعًا هنا مكتوب عندنا "مع فرَّدِ" هكذا، لكن يبدو أن صوابها تفرَّد.

فُرَّدِ، فُرَّد جمع فريد وفريدة، هذا الصرصري.

طالب: ...........

الصرصري في نظمه على الخرقي.     

فشوقني لما تدبرت نظمه

 

فكنت لسمعي نظمه مثل من حُدي

له فيه فضل السبق والأس أسه

 

ونحن على ما سنَّ نبني ونقتدي

فنظَّمت مع نزرٍ له باستخارةٍ

                       

على مُقنع الشيخ الإمام المُجددِ

الممجدِ.

فنظَّمت مع نزرٍ له باستخارةٍ

                       

على مُقنع الشيخ الإمام الممجدِ

موفَّق دين الله حقًّا وحبره

 

ألا ذاك عبد الله أعني ابن أحمدِ

تصانيف تجلو للقلوب عن الصدى

 

بها كل معنىً شائعٍ غير مُبعدِ

فجازاه دون الحسنى على حسن سعيه

 

برضوانه تترى يروح ويغتدي

تلقيته عنه بواسطة الذي

 

تُشد إليه اليعملات لقصدِ

إمام الهدى شمس الشريعة والهدى

 

أبي عمر قطب الزمان محمدِ

لقد يسَّر المطلوب في شرح مُقنعٍ

 

وقرَّب للطلاب كل مُبَّعدِ

وأغنى عن المغني بتسهيل مطلبٍ

 

لمن يبتغي تحصيل مذهب أحمدِ

يدل على المنطوق أقوى دلالةٍ

 

ويحمل في المفهوم حمل مؤيدِ

فلا زال محروس الجناب مؤيدًا

 

على رغم أعداءٍ تمالوا وحُسدِ

إذا ما اعتراه طالب العلم والندى

 

تهلل مثل البدر وجهٌ له ندي

فيا لك أصلًا قد تثبَّت في التُّقى

 

ويا لك فرعًا قد سما فوق فرقدِ

أضاء لنا شمسًا فأطلع أنجُمًا

 

بهم نهتدي عند الخطوب ونجتدي

بدأت بذا أولى جُمادين سادسًا

 

وسبعين والست المئين فعدِّدِ

رجاء دعاءٍ من كريمٍ كفيته

 

مؤنة حفظ الشاسع المتبددِ

وتحصيل نفعٍ وادخار مثوبةٍ

 

إذا انقطعت أعمال بِرٍّ بملحدِ

وعلمًا بأن النظم يسهل حفظه

 

وإحضاره في القرب في كل مشهدِ

وسميته عقد الفرائد فانظمن

 

بعقلك مع كنز الفرائد فاقصدِ

أسوق الذي فيه فمهما فقدته

 

ففكر ففي النظم البيان لمن هُدي

وقد أكتفي في ضابطٍ بعمومه

 

وأجمع ما بين النظائر فاهتدِ

سمى الكتاب عقد الفرائد وكنز الفوائد هذا اسم الكتاب.

طالب: نعم.

لكن الفرائد مرتين ما تجيء "وسميته".

وسميته عقد الفرائد فانظمن

 

بعقلك مع كنز الفرائد فاقصدِ

الفوائد؛ لأن تسمية الكتاب هكذا عقد الفرائد وكنز الفوائد.

وسميته عقد الفرائد فانظمن

 

بعقلك مع كنز الفوائد فاقصدِ

أسوق الذي فيه فمهما فقدته

 

ففكر ففي النظم البيان لمن هُدي

وقد أكتفي في ضابطٍ بعمومه

 

وأجمع ما بين النظائر فاهتدِ

لقصد اختصارٍ أو لإيضاح مُشكلٍ

 

فرُبَّ امرئٍ بالشيء للشيء يهتدي

وزدت عليه ما تيسر نظمه

 

وقيدت فيه بعض ما لم يُقيدِ

زاد على المقنع هو اعتمد المقنع ونَظَم المقنع، لكن زاد عليه من كُتب المذهب ما سيذكره.

وزدت عليه ما تيسر نظمه

 

وقيدت فيه بعض ما لم يُقيدِ

وسُقت زيادات المحرر جُلها

 

وما قد حوى من كل قيدٍ مُجوَّدِ

فما فوق مرقى المجد في العلم مرتقى

 

وغايته القصوى على رغم حُسدِ

يعني: محرر المجد ابن تيمية "فما فوق مرقى المجد".

طالب: ...........

لو رأيتم أن تُشرح نرجع إليها تُشرح فهو أفضل وأتم، ولو رأيتم أنها إذا شُرِحت تحتاج إلى وقتٍ طويل فالأمر إليكم.

طالب: ...........

نرى إذا كان فيه مُشكل بينته الدرس القادم -إن شاء الله- والذي يقرأ ويُشكل عليه شيء يسأل عنه.

طالب: ربما المقدمة هي التي قد تحتاج إلى شرح أما نظم المتن فشرح المتن شرح النظم إلا إذا كان هناك زيادات.

نظم المتن هو الأصل؛ لأنه لن يُطوَّل فيه المسائل تُدرس في المتن ويُمر عليها إمرارًا لن يُعاد الكلام في المسائل الفقهية مرة ثانية.

فما فوق مرقى المجد في العلم مرتقى

 

وغايته القصوى على رغم حُسدِ

وما قد حواه مذهب المُذهب الذي

 

أبو الفرج الجوزي أملاه فاقتدِ

كلها موجودة ومطبوعة ومتداولة.

بنجم هدىً في كل فنٍ مبرِّزٍ

 

لقد فاق في ترتيب ذا كل موردِ

وما قد حوى الإقناع للعالِم الذي

 

بقبضته التحقيق غير مقلدِ

الإقناع لابن نصر الله، ما هو للحجاوي هذا متأخر عن النظم عن الإقناع الموجود.

علي بن عبد الله ذاك ابن نصرهم

 

أبو الحسن المشهور في كل مشهدِ

وشيئًا من المستوعب الجامع الذي

 

أبان عن الفضل الفريد المسددِ

من هو صاحب المستوعب؟

مطبوع، السامُري.

وشيئًا من الكافي الكفيل ببغيةٍ

 

وشيئًا من المغني المحيط بمقصدِ

في بعض النسخ الغني بمقصدِ، الكافي كفيل المُغني غني، لكن الذي عندنا المحيط، نرى النُّسخ.

طالب: ............

المحيط حتى هنا.

طالب: ............

ما تقدر أن تقول غير مقلدِ، وغير مُقلَّد ما هي بمدح.

طالب: ............

لكن يُقلدون، ما خرجوا عن المذهب.

وضمَّنته من غاية المجد نُبذةً

 

وذلك في شرح الهداية فاقصدِ

وقد يتأتى نظم بابٍ جميعه

 

وربتما آتي بحكم مُزيدِ

وثنتان أو قولان عن أحمدٍ ترى

 

ووجهان كنى عنهما بالتردد

وأقوى اجعلن وجهًا وأولى روايةً

 

كذا القصد في المنصور ثم المسدد

كذا قولي اختر ذا أو انصره واعضدن

 

وأَظهَر وأشهِر مثل أولى وأوكدِ

طالب: أَظهِر أو أَظهَر؟

كذا قولي...

طالب: "كذا قولي اختر ذا أو انصره واعضدن".

أو انصره واعضدن وأُظهِر... أَظهَر.. أَظهَر وأشهر القولين أو الروايتين.

وقولان فيما فيه قولٌ بأوكدٍ

 

ووجهان فيما فيه قولٌ بأجودِ

ومعطوف بل وجهٌ إذا ما حكيتها

 

ومعطوف أو قولٌ أوان التعددِ

ولا أدري اجعلن وجهًا إلا...

 

 

طالب: إلا روايةً عندنا مكتوبة إلا وهي رواية "هي" مقحمة؟

مكتوبة؟

طالب: نعم ينكسر بها البيت.

اجعلن وجهًا والأوهى روايةً؛ لأن هنا الأردى.

طالب: ..........

والأوهى روايةً، الأردى والأوهى بهذا النص.

طالب: والأردى اجعلن وجهًا؟

نعم. 

والأردى اجعلن وجهًا والأوهى روايةً

 

ونحو بأولى البا كفى فيه فاعددِ

وترجيح ما رجَّحت إما لكثرة

 

المقوين أو تصريح حبرٍ بمقصدِ

وتضعيف قولٍ حين آتي بأبعدِ

 

وتضعيف وجهٍ فيه آتي بمبعدِ

وواهٍ مع المشهور سوف تراهما

 

وقد سُطِّرا في أوطدٍ أو مؤطدِ

وغالب ألفاظ الأوامر واجبٌ

 

وحظرًا يُفيد النهي عند التجردِ

ومهما تأتى الابتداء براجحٍ

 

فإني به عند الحكاية أبتدي

الراجح إذا قدر وطاوعه النظم أن يجعله مقدمًا قدمه.

فإما ترى عيبًا به فاسترنه

 

بحلمك أو فأصلح تُثابن وتُحمد

وأغضِ عن الإيطاء فهو ضرورةٌ

 

مراعاة رمز الاختلاف المقيدِ

ولا تُنكرن لفظًا غريبًا رأيته

 

بنظمي ولا استعمال ما لم تَعودِ

ولا تقل همزًا أو ضرورة شاعرٍ

 

فإن اتساع النظم عذرٌ لموردِ

وقصد اجتناب الحشو والجمع موجبٌ

 

لقلة تحسين القريض المنضَّدِ

وعاود على ما اعتاص في النظم فهمه

 

أصولًا ذكرناها تُصب وتُسدَّدِ

وخُذ علم ما استغربته من صِحاحه

 

ومُجملهم والمُحكم النظم تُرشدِ

يعني: من كُتب اللغة، خُذ ما استغربته من الألفاظ من كُتب اللغة: كالصِّحاح، والمُجمل، والمُحكم.

طالب: الصِّحاح أم الصَّحاح يا شيخ؟

يُقال هذا وهذا، ضبط النُّسخ القديمة بالضبطين.

ومن جامع الأفعال لابن طريفهم

 

وأشباههم من كل حبرٍ مقلدِ

وهب بعض ما فيها لإحسان جُلها

 

ولا تتبع عوراتها وتفقدِ

فكم من جوادٍ قد كبا وهو سابقٌ

 

وكم يوم روع قد نبا من مهندِ

وكم عائبٍ قولًا صحيحًا لجهله

 

وذا العلم يبغي عذر واهٍ ومُفسدِ

فسبحان من لم يخل من وصمةٍ

 

ومن معابٍ سواه جلَّ من متفردِ

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد.

"