شرح مختصر الخرقي - كتاب البيوع (12)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذا يسأل عن أطفال الأنابيب.

بعض المجامع الفقهية أفتت بجوازها، بشروط والذي عندي أن الإنسان يرضى بما قدر الله له والخيرة فيما يختاره الله جل وعلا.

طالب: ..............

والله أنا هذا الذي عندي يرضى بما قدر الله له.

طالب: ..............

غير مأمونة ولا مضمونة وغير ما فطر الله الخلق عليها.

يقول: لو قرأتم فتح الباري الجزء الخامس باب الشروط في البيع وكذلك حديث بريرة في نفس الجزء.

هذا أيضًا: من الفروق للكرابيسي كتاب الأشربة لا بأس ببيع العصير ممن يتخذه خمرًا هذا كلامه، وكُره بيع السلاح في أيام الفتنة، والفرق أن تحريم الخمر لأجل المرارة والشدة ولا فعل له فيها وإنما يجريها الله تعالى فيه فلم يكن نفس البيع إعانة على محظور فجاز وليس كذلك السلاح؛ لأن الكراهة لأجل استعماله من فعل المشتري فصار بتمليك السلاح معينًا له على استعمال المحظور والإعانة على المحظور محظور فكُره، والفرق أن السلاح لو كان ملكًا له يحال بينه وبينه في أيام الفتنة فتزال يده على أن يحال بينه وبينه إذا لم يكن ملكًا له من باب أولى وليس كذلك الخمر؛ لأن العصير لو كان في يد من يتخذه خمرًا لا يحال بينه وبينه لأنا لو منعناه لم يقدر أحد أن يتخذه خلاً لأنه لا يصير خلاً ما لم يصر خمرًا، فإذا ملكه لأجل ذلك التصرف لم يكن له ذلك كما لو يعلم أنه أو يُعلم أنه يتخذه خمرًا.

الفروق هذه ما تنهض لإجازة بيع العصير ممن يتخذه خمرًا، إذا غلب على الظن أن هذا يتخذه خمرًا فلا شك أن هذا من التعاون على الإثم والعدوان.

يقول: كيف أتغلب على نفسي لكي أقوم الليل؟

طالب: أحسن الله إليك قول الكرابيسي أن تخمر العصير ليس من فعل العبد لكن ترك العبد للعصير هذه المدة حتى يتخمر هذا فعل...

تركه في جو معين.

طالب: هذا فعل.

لا شك أنه تعاون على الإثم والعدوان.

كيف أتغلب على نفسي لكي أقوم الليل؟

معروف أن هناك أسباب وهناك موانع، لا بد من بذل الأسباب ولا بد من انتفاء الموانع، ومن أعظم الموانع ما يقيِّد العبد عن العبادة وهو المعصية مع الاسترسال في المباحات، والسائل إن وجد حلاً مناسبًا لمن حاله مثل حالنا فليذكره لنا جزاه الله خيرًا.

يقول: في قوله- جل وعلا- فَلَا تَضۡرِبُواْ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡثَالَ } النحل: ٧٤  احتج بها أحد الإخوة على آخر أنكر عليه التجمل في اللباس عند حضوره للمسجد حيث قال: لو أنك ستقابل أميرًا أو وزيرًا للبست أحسن الملابس، فاحتج الأخ بهذه الآية وقد رجعت الذي أنكر عليه أنكر على من قال لو أنك تقابل أمير أو وزير.

يعني الإنسان إذا وقف أمام ربه ومثل بين يديه يتصرف تصرفات غير مرضية ولا لائقة ولا يمكن أن يتصرفها عند أوساط الناس فكيف بعلية القوم يمكن أن يردع بمثل هذا، هذا يقول فَلَا تَضۡرِبُواْ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡثَالَ } النحل: ٧٤ هذا الكلام ليس بصحيح، هذا من باب التأنيب وبيان عظمة الله جل وعلا وأنه أعظم من هؤلاء كلهم، ومع ذلك يكون تعظيمك لهؤلاء المخلوقين مع ضعفهم أعظم من توقيرك لله- جل وعلا- وتعظيمك لشعائره.

نكمل ما بدأنا به في الدرس الماضي من كلام ابن القيم- رحمه الله- في تهذيب السُّنن في شرح حديث النهي عن البيع بيعتين في بيعة وهو شرط ولا شرطان في بيع، أطال ابن القيم كما أن الخطابي أيضًا أطال إذا حصل البيع مع تضمنه لشرطين فأكثر، يقول عن أحمد في هذه المسألة ثلاث روايات، إحداهن: صحة البيع، والثانية: فسادهما، والثالثة صحة البيع وفساد الشرط، ورضي الله عنه إنما اعتمد في الصحة على اتفاق عمر وابن مسعود على ذلك ولو كان هذا هو الشرطان في البيع لم يخالفه لقول أحد على قاعدة مذهبه، فإنه إذا كان عنده في المسألة حديث صحيح لم يتركه لقول أحد، ويعجب ممن يخالفه من صاحب أو غيره هذا التفسير، التفسير الثالث: هو أن يشترط أنه إن باعها فهو أحق بالثمن وأن ذلك يتضمن شرطين، ألا يبيعها لغيرها يعني في غيره وأن تبيعه إياها بالثمن فكذلك أيضًا، فإن كل واحد منهما إن كان فاسداً فلا أثر للشرطين، وإن كان صحيحًا لم تفسد بانضمامه إلى شرط صحيح مثله كاشتراط الرهن بالضمين واشتراط التأجيل والرهن ونحو ذلك، قوله في رواية المروزي وفي معنى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- «لا شرطان في بيع» ليس تفسيرًا منه صريحًا بل تشبيه وقياس على معنى الحديث، ولو قدر أنه تفسير فليس بمطابق لمقصود الحديث كما تقدم، وأما تفسير القاضي في المجرد فمن أبعد ما قيل في الحديث وأفسده؛ فإنّ شرط ما يقتضيه العقد أو ما هو من مصلحته كالرهن والتأجيل والضمين ونقد كذا ونقد كذا جائز بلا خلاف إذا تعددت الشروط أو اتحدت، فإذا تبين ضعف هذه الأقوال فالأولى تفسير كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- بعضه ببعض، فنفسر كلامه بكلامه، فنقول نظير هذا نهيه -صلى الله عليه وسلم- عن صفقتين في صفقة، وعن بيعتين في بيعة، فروى سِماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صفقتين في صفقة، وفي السنن عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- «من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا» وقد فُسرت البيعتان في البيعة بأن يقول: أبيعك بعشرة نقدًا أو بعشرين نسيئة هذا بعيد عن معنى الحديث من وجهين، أحدهما: أنه لا يدخل الربا في هذا العقد، يعني على أن يفترقا دون أن يحسم الثمن إذا افترقا دون أن يحسم الثمن ترك الأمر لهم على هذا التردد، أما إذا حسم الثمن قبل ثبوت البيع فلا إشكال فيه. الثاني: أن هذا ليس بصفقتين إنما صفقة واحدة بأحد الثمنين وقد ردده بين الأوليين أو الربا ومعلوم، كيف بين الأوليين؟! فله أوكسهما أو الربا يعني أوكس الثمنين يعني الأقل من الثمنين، وعلى هذا إذا قال له أبيعك بعشرة نقدًا وبعشرين نسيئة فليس له إلا العشرة أوكسهما وإن أخذ العشرين فهو الربا ومعلوم أنه إذا أخذ بالثمن الأزيد في العقد لم يكن ربا فليس هذا معنى الحديث، وفسر بأن يقول خذ هذه السلعة بعشرة نقدًا وآخذها منك بعشرين نسيئة وهي مسألة العينة بعينها، خذ هذه السلعة بعشرين نقدًا وآخذها منك بعشرين نسيئة، مسألة العينة أو عكس العينة؟

طالب: ..............

عكس العينة وحكمها حكم العينة عند الأكثر، خذ هذه السلعة بعشرة نقدًا وآخذها منك بعشرين نسيئة وهي مسألة العينة بعينها وهذا هو المعنى المطابق للحديث، فإنه إذا كان مقصوده الدراهم العاجلة بالآجلة فهو لا يستحق إلا رأس ماله وهو أوكس الثمنين فإن أخذه أخذ أوكسهما، وإن أخذ الثمن الأكثر فقد أخذ الربا فلا محيد له عن أوكس الثمنين أو الربا، ولا يحتمل الحديث غير هذا المعنى وهذا هو بعينه الشرطان في بيع، يعني هو بيعتان في بيعة وشرطان في بيع، يعني سياق الحديث للجملتين يؤيد هذا أو ما يؤيده؟ ما يؤيده سياقهما معًا في الحديث يدل على أنهما مسألتان متغايرتان وهذا هو بعينه الشرطان في بيع فإن الشرط يطلق على العقد نفسه لأنهما تشارطا على الوفاء به فهو مشروط والشرط يطلق على المشروط كثيرًا كالضرب يطلق على المضروب، والخلق على المخلوق، والنسخ على المنسوخ، فالشرطان كالصفقتين سواء، فالشرطان في بيع كصفقتين في صفقة، وإذا أردت أن يتضح لك هذا المعنى فتأمل نهيه -صلى الله عليه وسلم- في حديث ابن عمر عن بيعتين في بيعة، وعن سلف وبيع رواه أحمد ونهيه في هذا الحديث عن شرطين في بيع وعن سلف وبيع، فجمع السلف والبيع مع الشرطين في البيع ومع البيعتين في بيعة كل هذا يدل على أن الجمل الثلاث متغايرة، وسر ذلك أن كلا الأمرين يؤول إلى الربا وهو ذريعة إليه، أما البيعتان في بيعة فظاهر فإنه إذا باعه السلعة إلى شهر ثم اشتراها منه بما شرطه له كان قد باع بما شرط له بعشرة نسيئة، ولهذا المعنى حرم الله ورسوله العينة، وأما السلف والبيع فلأنه إذا أقرضه مائة إلى سنة يعني هل يقال إن العينة حُرِّمت لأنها ذريعة إلى الربا وحيلة إلى الربا؟ قد يقول قائل التورق كذلك، ولا فرق بين أن تبيعها على نفس البائع عليك أو على شخص آخر المقصود الدراهم.

طالب: ..............

لا، الزيادة من أجْل الأجَل، الفرق بين العينة والتورق أن العينة يعود عين المال إلى صاحبها الأول، والتورق يعود إلى شخص ثالث، تعود السلعة أو عين المال يعود إلى طرف ثالث هذا الفرق، والتورق جائز عند الأئمة الأربعة كلهم وأتباعهم، ما حرمه إلا نفر يسير، ابن عباس، وعمر بن عبد العزيز، وشيخ الإسلام، أما من عداهم من الأئمة كلهم على جواز مسألة التورق وهي الحل لحاجات كثير من الناس الذين لا يستطيعون الحصول على قرض ولا على السلم، ما عندهم حل إلا هذا أو الربا الصريح، مع أننا سمعنا من يقول بأن الربا الصريح أسهل من التورق، سمعت من يقول بهذا؛ لأن الربا الصريح حرام ويعترف أنه حرام ويتوب منه، والتورق ربا وحيلة سبحان الله!! أئمة الإسلام كلهم على جوازه ونقول الربا المجمع عليه؟! حرب لله ورسوله أسهل منها؟! يعني مثل من يقول إذا أراد الإنسان الزواج بنية الطلاق لا يتحايل زنا صريح أسهل من هذه الحيلة، مع أن جماهير أهل العلم على جوازه- يعني التورق- أقول هذه فيها جرأة على ارتكاب المجمع على تحريمه في مقابل السواد الأعظم من الأئمة، في مقابل من يقول بجوازه السواد الأعظم من الأمة.

وأما السلف والبيع فلأنه إذا أقرضه مائة إلى سنة ثم باعه ما يساوي خمسين بمائة فقد جعل هذا البيع ذريعة إلى الزيادة في القرض الذي موجبه رد المثل، ولولا هذا البيع لما أقرضه، ولولا عقد القرض لما اشترى ذلك لأنه قرض يجر نفعا، فظهر سر قوله -صلى الله عليه وسلم- «لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع» وقول ابن عمر نهى عن بيعتين في بيعة وعن سلف وبيع واقتران إحدى الجملتين بالأخرى لما كان سُلَّمًا إلى الربا، ومن نظر في الواقع وأحاط به علمًا فهم مراد الرسول -صلى الله عليه وسلم- من كلامه ونزّله  عليه وعلم أنه كلام من جُمعت له الحكمة وأتي جوامع الكلم فصلوات الله وسلامه عليه، وجزاه أفضل ما جزى نبيا عن أمته، وقد قال بعض السلف اطلبوا الكنوز تحت كلمات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولما كان موجب عقد القرض رد المثل من غير زيادة كانت الزيادة ربا، قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية فأسلف فلا شك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا، وقد روي عن ابن عن ابن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس أنهم نهوا عن قرض جر منفعة، وكذلك إذا شرط أن يؤجره داره أو يبيعه شيئا لم يجز لأنه سلم إلى الربا؛ ولهذا نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- ولهذا منع السلف- رضي الله عنهم- من قبول هدية المقترض إلا أن يحتسبها المقرض من الدَّين، وروى الأثرم أن رجلاً كان له على سِمَاك عشرون درهمًا فجعل يهدي إليه.. أو سَمّاك؟ فجعل يهدي إليه السمك ويقوّمه حتى بلغ ثلاثة عشر درهمًا، فسأل ابن عباس فقال: أعطيه سبعة دراهم لعله سمّاك لأنه يهدي إليه السمك، وروي عن ابن سيرين أن عمر أسلف أبي بن كعب عشرة آلاف درهم فأهدى إليه أُبي من ثمرة أرضه فردها عليه ولم يقبلها فأتاه أبي فقال: لقد علم أهل المدينة أني من أطيبهم ثمرة وأن وأنه لا حاجة لنا فلم منعت هديتنا ثم أهدى إليه بعد ذلك فقبل، فكان رد عمر لما توهم أن تكون هديته بسبب القرض، فلما تيقن أنها ليست بسبب القرض قبلها، وهذا فصل النزاع في مسألة هدية المقترض، وقال زر بن حبيش: قلت لأبي بن كعب إني أريد أن أسير إلى أرض الجهاد إلى العراق، فقال: إنك تأتي أرضًا فاشٍ بها الربا فإن أقرضت رجلاً قرضًا فأتاك بقرضك ليؤدي إليك قرضك ومعه هدية فاقبض قرضك واردد عليه هديته ذكرهن الأثرم، وفي صحيح البخاري عن أبي بردة بن أبي موسى قال: قدمت المدينة فلقيت عبد الله بن سلام فذكر الحديث وفيه ثم قال لي إنك بأرض الربا فيها فاشٍ فإذا كان لك على رجل دَين فأهدى إليك حمل تبن أو حمل قتٍّ أو حمل شعير فلا تأخذه فإنه ربا، قال ابن أبو موسى، قال ابن أبو موسى يمكن لعله قال أبو موسى أو ابن أبي موسى مثل الوثيقة وثيقة خيبر وكتب علي بن أبي طالب.. ابن أبو طالب كتب علي بن أبو طالب، وذكرها ابن كثير في تفسيره وفي البداية والنهاية مستدلاً بذلك على بطلان هذه الوثيقة؛ لأن عليا- رضي الله عنه- لم يكن يلحن، ومع الأسف أن الذين طبعوا التفسير والبداية والنهاية كتبوها على الجادة فضاع وجه الاستشهاد منها، ابن كثير أوردها ليبطل الوثيقة؛ لأن عليا لم يكن يلحن، صححوها حتى بعض الطبعات التي ادُّعِيَ تحقيقها قال لعله أبو موسى، ولو أقرضه قرضًا أو ابن أبي موسى الذي هو أبو بردة ولو أقرضه قرضًا ثم استعمله عملاً لم يكن يستعمله مثله قبل القرض كان قرضًا جر منفعة فالأول استضاف..

طالب: أليس ابن أبي موسى صاحب الإرشاد؟

يوجد من الحنابلة ابن أبي موسى معروف، لكن الذكر قريب عن أبي بردة بن أبي موسى، يعني عوده إلى أقرب مذكور.

ولو استضاف غريمه ولم تكن العادة جرت بينهما بذلك حسب له ما أكله، احتج له صاحب المغني بما روى ابن ماجه في سننه عن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إذا اقترض أحدكم قرضًا فأهدي إليه أو فأهدى إليه أو حمله على دابته فلا يركبْها ولا يقبلْه إلا أن يكون جرى بينه وبينه قبل ذلك" واختلفت الرواية عن أحمد فيما لو أقرضه دراهم وشرط عليه أن يوفيه إياها ببلد آخر ولا مؤونة لحملها، فروي عنه أنه لا يجوز، وكرهه الحسن وجماعة، ومالك والأوزاعي والشافعي، وروي عنه الجواز يعني تحويل بالصراف، أقرضه بالرياض والآن موجود بمكة قال حولها بالصرّاف فيه مؤونة؟ يحولها بالصرّاف له بالرياض ما صار لها مؤونة، وفي هذه المسألة إذا شرط عليه أن يرجعه ببلد آخر، في كلام صاحب الزاد والشارح والحاشية والشراح من المتأخرين اضطراب كبير جدًا، الشارح خالف الماتن والمحشِّي خالف الشارح، وشيوخنا لما شرحوا الجملة أحد أيد الماتن وأحد أيد الشارح، وفي معناها خفاء وهذا الذي جعلهم يضطربون إن لم تكن ببلد القرض أنقص أو أكثر؟

طالب: ...........

نعم.. تحضرها لنا؟

طالب: ...........

نعم جزاك الله خيرا.

طالب: ...........

ولا مؤونة لحملها فروي عنه أنه لا يجوز، وكرهه الحسن وجماعة ومالك والأوزاعي والشافعي، وروي عنه الجواز نقله ابن المنذر لأنه مصلحة لهما فلم ينفرد المقترض بالمنفعة، وحكاه عن علي، وابن عباس، والحسن بن علي، وابن الزبير، وابن سيرين، وعبد الرحمن بن الأسود، وأيوب، والثوري، وابن إسحاق، واختاره القاضي، ونظير هذا لو أفلس غريمه فأقرضه دراهم يوفيه كل شهر شيئًا معلومًا من ربحها جاز؛ لأن المقترض لم ينفرد بالمنفعة، أقرضه ألف ريال ثم أفلس قال هذا ألف ثاني اشتغل به بع واشتر وأعطنا من كسبك، هل نقول أن هذا نفع ليسدده القرض الأول أو نقول الكل منتفع؟ قال: ونظير هذا ما لو أفلس غريمه فأقرضه دراهم يوفيه كل شهر شيئًا معلومًا من ربحها جاز؛ لأن المقترض لم ينفرد بالمنفعة عكس هذا، ما لو أفلس المقترض ثم طالب المقرض بسجنه من المستفيد؟

طالب: ...........

كلهم متضررون، اللهم إلا إذا كان بالضغط عليه يُظهِر ما كان يخفيه فهذا يمكن تجريبه بهذا، لكن إذا تبين أنه صادق مفلس مثل هذا ليس فيه منفعة لأحد، ونظيره ما لو كان عليه حنطة فأقرضه دراهم يشتري له بها حنطة ويوفيه إياها، ونظير ذلك أيضًا متى يستفيد الطرفان؟ إذا أقرض لو كان عليه حنطة خمسمائة صاع، فأقرضه دراهم يشتري بها إذا كانت بنفس القيمة ما استفادوا شيئا، كلهم لم يستفيدوا شيئا، وإذا كانت قيمة الحنطة في هذا الوقت وقت الإقراض أنقص استفاد الطرفان، يأتينا واحد يقول أكثر مثل مسألة الزاد والشارح ونظير ذلك أيضًا إذا أقرض فلاحه ما يشتري به بقرا يعمل بها في أرضه أو بذرًا يبذره فيها ومنعه ابن أبي موسى هذا غير ذاك، هذه بلا شك واحتمال أيضًا أن يكون الأول هو هذا الفقيه والصحيح جوازه وهو اختيار صاحب المغني؛ وذلك لأن المستقرض إنما يقصد نفع نفسه ويحصل انتفاع المقرض ضمنًا، فأشبه أخذ السفتجة به وإيفاؤهم إياه في بلد آخر من حيث إنه مصلحة لهما جميعًا، السفتجة معروفة؟

طالب: ...........

صورتها.

طالب: ...........

يستدين أو يقترض؟ أو كلاهما؟ المقصود أن الوفاء يكون في غير بلد القرض أو الدين، الآن سهل الأمر جدًا، أول كانت الدراهم تُحمل على الدواب لثقلها، تحمل على الدواب ويؤجر عليها، وعرضة لأن تسرق وحراستها تحتاج إلى عناء شديد، الآن لا تحتاج شيئا، لكن هل التحويل يقوم مقام القبض أو ما يقوم؟ يعني مجرد ما يتم التحويل يحسم المبلغ من مال المحول، لكن هل يدخل فورًا في مال المحال إليه المحوَّل عليه؟

طالب: ...........

ما يلزم لا.

طالب: ...........

أحيانا ليس دائما.

طالب: ...........

لا، المقاصة تختلف تحتاج إلى وقت.

طالب: ...........

لا، هو قيمة التحويل أيضًا بعض البنوك يأخذ قيمة الصرف.

طالب: لكن أحسن الله إليك إذا اتحد البنك ألا يعتبر البنك في هذه الصورة وكيلاً عن الطرفين؟

نعم لكن قبض عن طرف ولم يقبض عن الطرف الثاني، يعني أخذ من المحوِّل فورًا وما أعطى المحوَّل عليه، ويبين أثر ذلك في بيع الربوي بجنسه ذهب بدراهم، يعني تقف عند صاحب الذهب وعنده مكينة سحب يحسم منك ولا يدخل في حسابه فورًا.

طالب: ...........

هو لم يقبض إلى الآن، يعني مازالت في حساب، هي في منزلة ليست في حساب المحوِّل ولم تصل إلى حساب المحوَّل عليه.

طالب: ...........

والله إن المسألة فيها ما فيها.

طالب: ...........

هذا إذا لم يعتريها ما يعتريها من خلل في الحساب؛ لأنه قد يكون الحساب ما يغطي مثلاً وهذا يحتاط فيما إذا كان الثمن والمثمن من الربويات التي لا يجوز بيع بعضها ببعض نسيئة، فضلاً عن الشيك المصدق، يقولون مصدق يروح لمحل الذهب ومعه شيك مصدق وخلاص ما يبرأ من العهدة بهذا.

طالب: ...........

والبضاعة مما يباع به نسيئة؟ لا يشترط فيه يعني التماثل والتقابض.

طالب: ...........

ما فيه شك، إذا كان له دين ثمانمائة ألف يقول خذ البيت الذي يساوى مليونا وننتهي؟! ما الذي يمنعه؟

طالب: ...........

لكن ما هي الصورة التي تريد؟

طالب: ...........

كله واحد.

طالب: ...........

نعم يقول بعها وكالة عني هذا شيء ثاني إذا قَبِل الأمر لا يعدوه.

طالب: ...........

ما أثر هذا؟ أليس أراد تحويل المبلغ؟

طالب: ...........

أنت تريد أن أقول: أنا لا أستطيع أن أحمل الدراهم لا بد ولا مفر إلا بهذه الوسيلة.

طالب: ...........

المهم أنك لا تقبض الذهب حتى تجزم أن القيمة وصلت.

طالب: ...........

والله لا أدري يعتريه ما يعتريه.

طالب: ...........

لا ، ليس بلحظة.

طالب: ...........

بنفس اليوم ليس بنفس اللحظة.

طالب: ...........

على كل حال إذا كان إذا كانت المعاملة فيما لا يجوز بيعه به نسيئة لا بد من الاحتياط.

طالب: .............

لا ما يلزم أن يكون اتفاقية محل عادي.

طالب: .............

على كل حال يدًا بيد، هذه حاسمة للموضوع.

طالب: .............

إذا وصلت إلى حساب الطرف الثاني خلاص.

طالب: .............

دخلت في حسابه إذا وصلته الرسالة أنها دخلت في حسابه خلاص يستلم الذهب، أما قبل ذلك فلا، حتى هذه الرسائل أحيانًا تأتي فورًا وأحيانًا تتأخر، إذا سحبت أو سحب من حسابك في أيام نزول الرواتب ما تأتيك الرسالة إلا بعد وقت.

 والمنفعة التي تجر إلى الربا في القبض هي التي تخص المقرض كسكنى دار المقترض وركوب دوابه واستعمالها وقبول هديته فإنه لا مصلحة له في ذلك، بخلاف هذه المسائل فإن المنفعة مشتركة بينهما وهما متعاونان عليها، فهي من جنس التعاون والمشاركة، وأما نهيه -صلى الله عليه وسلم- عن ربح ما لم يضمن فهو كما ثبت في حديث عبد الله بن عمر حيث قال له: إني أبيع الإبل بالبقيع بالدراهم وآخذ الدنانير وأبيع بالدنانير وآخذ بالدراهم فقال: "لا بأس إذا أخذتها بسعر يومها وتفرقتما وليس بينكما شيء" فجوّز ذلك بشرطين، أحدهما: أن يأخذ بسعر يوم الصرف لئلا يربح فيها وليستقر ضمانه، والثاني: ألا يتفرقا إلا عن تقابض؛ لأنه شرط في صحة الصرف لئلا يدخله ربا النسئية، والنهي عن ربح ما لم يضمن قد أشكل على بعض الفقهاء علته من محاسن الشريعة، ما لم يضمن يعني ما لم يثبت ضمانه من قبل بائعه، يعني كالسلعة في زمن الخيار، مثلاً السلعة في زمن الخيار ما تضمن ما ثبت البيع فإنه لم يتم استيلاؤه ولم تنقطع علق البائع عنه، فهو يطمع في الفسخ والامتناع من الإقباض، إذا رأى المشتري قد ربح فيه وإن أقبضه إياه فإنما يقبضه على إغماض وتأسف على فوت الربح فنفسه متعلقة به لم ينقطع طمعها، منه ما لم يضمن أظن بيع المرهون الذي يتداوله الناس أو كثير من الناس من غير نكير، الآن تجد البيت مرهونا بصندوق التنمية يباع ويشتريها الطرف الثاني ويستمر على اسم الطرف الأول وهو خاضع للغرم والغنم، إما أن تتضاعف قيمته تزيد أو تنقض كثيرًا، ثم يأتي الطرف المتضرر يدعي أنه بيع مرهون ولا يجوز بيعه، هذا غير مضمون لأنه عُرضة لأن يفسخ وهذا معلوم بالمشاهدة، من كمال الشريعة ومحاسنها النهي عن الربح فيه حتى يستقر عليه ويكون من ضمانه فييئس البائع من الفسخ وتنقطع علقه عنه، وقد نص أحمد على ذلك بالاعتياض عن دَين القرض وغيره إنما يعتاض عنه بسعر يومه لئلا يربح فيما لم يضمن، فإن قيل هذا ينتقض عليكم بمسألتين..

طويل الكلام جدًا، نكمّل أو خلاص؟

يقول: فإن قيل هذا ينتقض عليكم بمسألتين، إحداهما: بيع الثمار بعد بدوّ صلاحها فإنكم تجوزون للمشتري أن يبيع على رؤوس الأشجار وأن يربح فيها ولو تلفت بجائحة لكانت من ضمان البائع فيلزمكم أحد أمرين: إما أن تمنعوا بيعها وإما ألا تقولوا بوضع الجوائح كما يقول الشافعي وأبو حنيفة، بل تكون من ضمانه فكيف تجمعون بين هذا وهذا؟ المسألة الثانية: أنكم تجوزون للمستأجر أن يؤجر العين المستأجرة بمثل الأجرة وزيادة مع أنها لو تلفت لكانت من ضمان المؤجر فهذا ربح ما لم يضمن، قيل: النقص الوارد إما أن يكون بمسألة منصوص عليها أو مجمع على حكمها، النقض الوارد إما أن يكون بمسألة منصوص عليها أو مجمع على حكمها وهاتان المسألتان غير منصوص عليهما ولا مجمع على حكمهما فلا يردان نقضًا، فإن في جواز بيع المشتري ما اشترى من الثمار على الشهر كذلك روايتان منصوصتان عن أحمد؛ لأنه في باب المناظرة لا بد أن تكون المسألة المحال عليها متفقًا عليها بين الطرفين، ويمثِّلون لهذا فيما إذا احتج شافعي أو حنبلي على مالكي بعدم جواز الرمي بالحصى الذي سبق أن رمي به قياسًا على الماء المستعمل، الخصم ما يوافق يقول أنا ما أمنع الماء المستعمل، لكن للحنبلي أن يعترض على شافعي لأنه يوافق على الأصل فإن في جواز بيع المشتري ما اشتراه من الثمار على الشهر كذلك روايتان منصوصتان عن أحمد، فإن منعنا البيع بطل النقض، وإن جوزنا البيع وهو الصحيح لأن الحاجة تدعو إلى ذلك فإن الثمار قد لا يمكن بيعها إلا كذلك، فلو منعناه من بيعها أضررنا به، ولو جعلناها من ضمانه إذا تلفت بجائحة أضررنا به أيضًا، فجوزنا له بيعها أحيانًا الرخصة يأتي بها نص ويأتي من الظرف الذي يقتضي الترخيص ما هو أشد على الرخصة المنصوص عليها، ومع ذلك ما يقال بالرخصة في غير ما نُصَّ عليه، الآن قصر الصلاة في السفر، والجمع بين الصلاتين، والفطر في رمضان قد يكون الإنسان في بلده عليه مشقة أعظم من السفر كالشيء المنصوص عليه ما يدخل في هذه الأقيسة ولا يقاس عليه حتى إذا قلنا إن العلة هي السفر انتهى الإيراد، وإلا إذا قلنا الأصل في السفر المشقة فالعامل الذي يكدح من طلوع الشمس إلى غروبها تحت الشمس أسهل أو شخص سافر على طائرة مكيفة ونزل في فندق مريح قد يكون سفره أفضل من إقامته، هناك أشياء كثيرة، يعني هل المحافظة على الجماعة في صلاة الخوف أولى من الإخلال بصورتها والإتيان بمبطلاتها؟! يعني في النظر ليست أولى صلاة الجماعة واجبة ونحن تنازلنا عن أركان وارتكبنا مبطلات، لكن ما ورد به النص لا يجوز الإيراد عليه، قال فلو منعناه من بيعها أضررنا به ولو جعلناه من ضمانه إذا تلفت بجائحة أضررنا به أيضًا فجوزنا له بيعها لأنه في حكم المقبوض بالتخلية بينه وبينها، العرايا مستثناة من ربا محقق حرب لله ورسوله مع أنه يمكن التصرف بما هو دون ذلك، لكن جاء بها النص ما لأحد كلام، تصرف بما لا يقتضي معارضة المجمع عليه المنصوص عليه بالنص القطعي، لكن مادام جاء النص عليه ما لأحد كلام، الذي منع هو الذي أباح، فجوزنا له بيعها لأنها في حكم المقبوض بالتخلية بينه وبينها وجعلناها من ضمان البائع بالجائحة لأنها ليست في حكم المقبوض من جميع الوجوه؛ ولهذا يجب عليه تمام التسليم بالوجه المحتاج إليه، فلو كانت مقبوضة من وجه غير مقبوضة من وجه آخر رتبنا على الوجهين مقتضاهما وهذا من ألطف الفقه، وأما مسألة الإجارة فاختلفت الرواية عن أحمد في جواز إجارة الرجل بما استأجره بزيادة على ثلاث روايات، إحداهن المنع مطلقًا؛ لئلا يربح فيما لم يضمن وهذا وعلى هذا فالنقض مندفع، والثانية أنه إن جدد فيها عمارة جازت الزيادة وإلا فلا؛ لأن الزيادة لا تكون ربحًا بل هي في مقابلة ما أحدثه من العمارة وعلى هذه الرواية أيضًا فالنقض مندفع؛ لأنه لا ربح؛ لأن الربح الموجود في مقابل الزيادة في العمارة، والثالثة: أنه يجوز أن يؤجرها بأكثر مما استأجرها مطلقًا وهذا مذهب الشافعي وهذه الرواية أصح، فإن المستأجر لو عطل المكان وأتلف منافعه بعد قبضه لتلف من ضمانه؛ لأنه قبضه القبض التام، ولكن لو انهدمت الدار لتلفت من مال المؤجر لزوال محل المنفعة فالمنافع مقبوضة، يعني لو استأجر دكانا مدة سنة وأغلقه سنة لا يضمن صاحب المحل شيء، لكن لو تهدم المكان لصار من ضمان المالك؛ ولهذا له استثناؤه بنفسه وبنظيره وإيجارها والتبرع بها ولكن كونها مقبوضة مشروطة من بقاء العين فإذا تلفت العين زال محل الاستيفاء فكانت من ضمان المؤجِّر، وسر المسألة أنه لم يربح فيما لم يضمن وإنما هو مضمون عليه بالأجرة وأما قوله -عليه الصلاة والسلام- «ولا تبع ما ليس عندك» فمطابق.. إلى آخره والله أعلم.

تفضل..

المؤذن يؤذن.

الجزء الخامس من الفتح لو كان قريبا عندك.

طالب: ...............

الخامس من فتح الباري بهذا الدولاب المفتوح.

يقول الإمام- رحمه الله تعالى- بابٌ إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز، ثم ذكر قصة جابر في بيعه جمله على النبي -عليه الصلاة والسلام- واشتراط الحملان إلى المدينة، قوله: "بابٌ إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز" هكذا جزم بهذا الحكم لصحة دليله عنده وهو مما اختلف وفيما يشبهه كاشتراط سكنى الدار وخدمة العبد، فذهب الجمهور إلى بطلان البيع؛ لأن الشرط المذكور ينافي مقتضى العقد، قال الأوزاعي وابن شبرمة وأحمد وإسحاق وأبو ثور وطائفة: يصح البيع ويتنزل فيه الشرط منزلة الاستثناء؛ لأن المشروط إذا كان قدره معلومًا صار كما لو باعه بألف إلا خمسين درهمًا مثلاً، ووافقهم مالك في الزمن اليسير دون الكثير، وقيل حده عنده ثلاثة أيام، وحجتهم حديث الباب، وقد رجح البخاري فيه الاشتراط كما سيأتي في آخر كلامه، وأجاب عنه الجمهور بأن ألفاظه اختلفت فمنهم من ذكر فيه الشرط، ومنهم من ذكر فيه ما يدل عليه، ومنهم من ذكر ما يدل على أنه كان بطريق الهبة وهي واقعة عَين يطلقها الاحتمال، وقد عارضه حديث عائشة في قصة بريرة ففيه بطلان الشرط المخالف لمقتضى العقد كما تقدم بسطه في آخر العتق، وصح من حديث جابر أيضًا النهي عن بيع الثنيا -يعني ما لم تعلم- عن بيع الثنيا، أخرجه أصحاب السنن وإسناده صحيح، وورد النهي عن بيع وشرط، وأُجيب بأن الذي ينافي مقصود البيع ما إذا اشترط مثلاً في بيع الجارية ألا يطأها، في الدار ألا يسكنها، وفي العبد ألا يستخدمه، وفي الدابة ألا يركبها، أما إذا اشترط شيئًا معلومًا لوقت معلوم فلا بأس به، وأما حديث النهي عن الثنيا ففي نفس الحديث إلا أن يُعلم يعني تُعلم الثنيا، فعُلم أن المراد أن النهي إنما وقع عما كان مجهولاً، وأما حديث النهي عن بيع وشرط ففي إسناده مقال وهو قابل للتأويل وسيأتي مزيد بسط لذلك في آخر الكلام- إن شاء الله تعالى- أما بالنسبة للنهي عن بيع وشرط فهذا لا إشكال فيه؛ لأن الحديث فيه كلام، الإشكال الشرطين ولا شك أنه مشكل وكل من تكلم على الحديث استشكل معناه؛ لأن هناك من الشروط ما هو من مصلحة الطرفين ولا ينافي مقتضى العقد، شروط معلومة وليس فيها غرر وكل من الطرفين محتاج إليها وسمعنا كلام الخطّابي وكلام ابن القيم، ويقول: وسيأتي بسط لذلك في آخر الكلام على هذا الحديث- إن شاء الله تعالى- قال أبو عبد الله وهو المصنِّف: الاشتراط أكثر وأصح عندي يعني حديث جابر خرجه البخاري- رحمه الله تعالى- في عشرين موضعا من صحيحه، وهذه المواضع متفاوتة فيها من الاختلاف ما فيها من الاشتراط وعدمه، واختلاف الثمن، لكن الإمام البخاري رجح رواية ومما يدل على أنها هي الثابتة عنده ثم المحفوظة، وقال: أبو عبد الله- قال أبو عبد الله وهو المصنف- الاشتراط أكثر وأصح عندي أي أكثر طرقًا وأصح مخرجًا وأشار بذلك إلى أن الرواة اختلفوا عن جابر في هذه الواقعة، هل وقع الشرط في العقد عند البيع، أو كان ركوبه للجمل بعد بيعه إباحة من النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد شرائه على طريق العارية، وأصرح ما وقع في ذلك في رواية النسائي المذكورة، لكن اختلف فيها حماد بن زيد وسفيان بن عيينة، وحماد أعرف بحديث أيوب عن سفيان، والحاصل أن الذي ذكروه بصيغة الاشتراط أكثر عددًا من الذين خالفوهم وهذا وجه من وجوه الترجيح فيكون أصح، ويترجح أيضًا بأن الذين رووه بصيغة الاشتراط معهم زيادة وهم حفاظ فتكون حجة وليست رواية من يذكر الاشتراط منافية لذكر من ذكره؛ لأن قوله لك ظهره وأفقرناك ظهره تبلغ عليه لا يمنع وقوع الاشتراط قبل ذلك، وقد رواه عن جابر بمعنى الاشتراط أيضًا، أبو المتوكل عند أحمد ولفظه فبعني ولك ظهره إلى المدينة لكن أخرجه المصنف في الجهاد من طريق أخرى عن أبي المتوكل فلم يتعرض للشرط إثباتًا ولا نفيًا، ثم قال: وما جنح إليه المصنف من ترجيح رواية الاشتراط هو الجاري على طريقة المحققين من أهل الحديث لأنهم لا يتوقفون عن تصحيح المتن إذا وقع فيه الاختلاف إلا إذا تكافأت الروايات لأنها إذا تكافأت الروايات يكون اضطرابا، أما إذا أمكن ترجيح بعضها على بعض انتفى الاضطراب، إلا إذا تكافأت الروايات وهو شرط الاضطراب الذي يُرد به الخبر وهو مفقود هنا مع إمكان الترجيح، لكن الإشكال في الروايات المرجوحة مع وجودها في الصحيح من أهل العلم من يقول من الشاذ ما هو شاذ صحيح، يعني مرجوح وهو صحيح إلى من نُسب إليه، صحيحة نسبته إلى من نُسب إليه، يعني مثل حديث ابن عباس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- تزوج ميمونة وهو محرم هذا في الصحيح، وفيه من حديثها أنه تزوجها وهو حلال، المرجَّح أنه تزوجها وهو حلال لكن هل حديث ابن عباس غير صحيح لأنه مرجوح وشاذ نعم نسبته إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- شاذة ومرجوحة، لكن نسبته إلى ابن عباس الذي تكلم به صحيحة وعلى شرط البخاري فيتنبه لمثل هذا لأن هذه من مراتع المغرضين الذين يطعنون في السنة وهم لا يفقهون فيها شيئا، قال ابن دقيق العيد: إذا اختلفت الروايات وكانت الحجة لبعضها دون بعض توقف الاحتجاج بشرط تعادل الروايات، أما إذا وقع الترجيح لبعضها بأن تكون رواتها أكثر عددًا أو أتقن حفظًا فتعين العمل بالراجح إذا الأضعف لا يكون مانعًا من العمل بالأقوى، والمرجوحية لا يمنع التمسك بالراجح، وقد جنح الطحاوي إلى تصحيح الاشتراط لكن تأوله بأن البيع المذكور لم يكن على الحقيقة لقوله في آخرها أتراني ماكستك؟ أصلاً ليس عقد بيع النبي -عليه الصلاة والسلام- لم ينو أن يشتري الجمل، إنما نوى أن يعطيه هذا المبلغ وجعل هذه القصة ذريعة لأن يعطيه هذا المبلغ دون غيره من الصحابة، قال: فإنه يشعر بأن القول المتقدم لم يكن على التبايع حقيقة وردّه القرطبي بأنه دعوى مجردة وتغيير وتحريف لا تأويل، قال: وكيف يصنع قائله في قوله بعته منك بأوقية بعد المساومة، وقوله: قد أخذته وغير ذلك من الألفاظ المنصوصة في ذلك، واحتج بعضهم بأن الركوب إن كان من مال المشتري فالبيع فاسد؛ لأنه شرَط لنفسه ما قد ملكه المشتري، وإن كان من ماله ففاسد؛ لأن المشتري لم يملك المنافع بعد البيع من جهة البائع، وإنما ملكها لأنها طرأت في ملكه، الآن الشروط في البيع هل تكون بعد إبرام العقد أو قبله؟ قبل إبرام العقد.

طالب: ...............

أو في أثنائه في مدة الخيار.

طالب: ...............

مسألة الرضى مسألة ثانية، لكن يبقى أن الشروط في الأصل قبل إبرام العقد بعضهم يقول لا، كيف يشترط شيئا في أمر لم يثبت له، وفي هذا قال من قال بأن الزواج الذي يسمونه المسيار مع التنازل عن بعض الحقوق قالوا إنها تنازلت عن شيء لم تملكه بعد، كل الشروط في العقود من هذا النوع، أين؟

طالب: ...............

إذا اتفقوا ثبت، لكن في حال المفاوضة مثل الاختلاف في الثمن.

وإن كان من ماله ففاسد؛ لأن المشتري لم يملك المنافع بعد البيع من جهة البائع وإنما ملكها لأنها طرأت في ملكه، وتعقب بأن المنفعة المذكورة قدرت بقدر من ثمن المبيع ووقع البيع بما عداها، يعني لو قدر بأوقية بأربعين درهما وكم يُحمَل مثل جابر من مكان البيع إلى المدينة؟ بخمسة دراهم يكون البيع بخمسة وثلاثين، فتكون القيمة الحقيقية بخمسة وثلاثين، ووقع البيع بما عداها ونظيره من باع نخلاً قد أُبرت واستثنى ثمرتها والممتنع إنما هو استثناء شيء مجهول للبائع والمشتري، أما لو علماه معًا فلا مانع فيُحمَل ما وقع في هذه القصة على ذلك، وأغرب ابن حزم فزعم أنه يؤخذ من الحديث أن البيع لم يتم؛ لأن البائع بعد عقد البيع مخير قبل التفرق فلما قال في آخره أتراني ماكستك؟ دل على أنه كان اختار ترك الأخذ، وإنما اشترط لجابر ركوب جمل نفسه فليس فيه حجة لمن أجاز الشرط في البيع، ولا يخفى ما في هذا التأويل من التكلف، وقال الإسماعيلي: قوله ولك ظهره وعد قام مقام الشرط؛ لأن وعْده لا خُلْف فيه وهبته لا رجوع فيها لتنزيه الله تعالى له عن دناءة الأخلاق؛ فلذلك ساغ لبعض الرواة أن يعبِّر عنه بالشرط ولا يلزم أن يجوز ذلك في حق غيره، وحاصله أن الشرط لم يقع في نفس العقد وإنما وقع سابقًا أو لاحقًا فتبرع بمنفعته أولا كما تبرع برقبته آخرا، ووقع في كلام القاضي أبي الطيب الطبري، يعني كون أحد الطرفين لا ينوي البيع والطرف الثاني ينويه، يعني إذا قلنا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال له هذا الكلام وفي نيته أن يتركه له، ليس نيته أن يشتريه منه، ونيته أن يعطيه الجمل والثمن هل يخرجه عن صورة البيع؟

طالب: ...............

لا يخرجه عن صورة البيع ؛ لأنه في الظاهر بين الطرفين وكل من يحضر يشهد عليهما شهادة عن علم أن هذا قال بعت وهذا قال اشتريت، هذا قال بعتك بكذا وقال قبلت واشتريت بالثمن المذكور، أما في النوايا فلا أثر لها في العقود. وقال الإسماعيلي: قوله ولك ظهره وعد قام مقام الشرط لأن وعده لا خلف فيه، وحاصله أن الشرط لم يقع في نفس العقد وإنما وقع سابقًا أو لاحقًا فيتبرع بمنفعته أولاً كما تبرع بنفقته آخرًا، ووقع في كلام القاضي أبي الطيب الطبري من الشافعية أن في بعض طرق هذا الخبر فلما نقدني الثمن شرطت حملاني إلى المدينة، استُدل به على أن الشرط تأخر عن العقد لكن لم أقف على الرواية المذكورة وإن ثبتت فيتعين تأويلها على منع، نقدني الثمن أي قرره لي واتفقنا على تعيينه؛ لأن الروايات الصحيحة صريحة في أن قبضه الثمن إنما كان في المدينة، وكذلك يتعين تأويل رواية الطحاوي أتبيعني جملك هذا إذا قدمنا المدينة بدينار؟ الحديث بمعنى أتبيعني بدينار أوفيكه إذا قدمنا المدينة، وقال المهلب: ينبغي تأويل ما وقع في بعض الروايات من ذكر الشرط على أنه شرط تفضل لا شرط في أصل البيع، يوافق رواية من روى أفقرناك ظهره وأعرتك ظهره، وعُبِّر ذلك وغير ذلك مما تقدم، قال: ويؤيده أن القصة جرت كلها على وجه التفضل والرفق بجابر، ويؤيده أيضًا قول جابر هو لك قال لا، بل بعنيه فلم يقبل منه إلا بثمن رفقًا به، وسبق الإسماعيلي بنحو هذا وزعم أن النكتة في ذكر البيع أنه -صلى الله عليه وسلم- أراد أن يبر جابرًا على وجه لا يحصل لغيره طمع في مثله، فبايعه في جمله على اسم البيع ليتوفر عليه بره ويبقى البعير قائمًا على ملكه، فيكون ذلك أهنأ لمعروفه قال: وعلى هذا المعنى أمْرُه بلالاً أن يزيده على الثمن زيادة مبهمة في الظاهر، فإنه قصد بذلك زيادة الإحسان إليه من غير أن يحصل لغيره تأميل في نظير ذلك، وتُعُقِّب بأنه لو كان المعنى ما ذُكر لكان الحال باقيًا في التأميل المذكور عند رده عليه البعير المذكور والثمن معه، وأجيب بأن حالة السفر غالبًا تقتضي قلة الشيء بخلاف حالة الحضر فلا مبالاة عند التوسعة من طمع الآمر، وأقوى هذه الوجوه في نظري ما تقدم نقله عن الإسماعيلي من أنه وعد حل محل الشرط، وأبدى السهيلي قصة جابر مناسبة لطيفة غير ما ذكره الإسماعيلي ملخصها أنه -صلى الله عليه وسلم- لما أخبر جابرًا بعد قتل أبيه بأُحد أن الله أحياه وقال ما تشتهي فأزيدك أكّد -صلى الله عليه وسلم- الخبر بما يشتهيه فاشترى منه الجمل وهو مطيته بثمن معلوم ثم وفّر عليه الجمل والثمن وزاده على الثمن كما اشترى الله من المؤمنين أنفسهم بثمن هو الجنة ثم رد عليهم أنفسهم وزادهم كما قال ۞ لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَةٞ } يونس: ٢٦. 

اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك...

طالب: ...............

 يمكن أن يقال وإن كان مرجوحا إلا أن إسناده صحيح...

 

"